( الحقيقة ) ترسم بروفايل لحاج ماجد الطالب السابق الذى اعتدى على عميد الكلية

Quote: حاج ماجد سوار..(المحارب) الذي أضحي وزيراً للشباب إعداد: محمد عبد العزيز التشكيل الوزاري صادف مونديال جنوب أفريقيا، وفي زحمة خروج الكبار ومفاجآت الصغار، التفت أحد الرياضيين إلى زميله الذي يراقب (ست الشاي) الحسناء, وهو يثقل عليها كل مرة طالباً إضافة المزيد من السكر أو نعناع أو أي شيء، لا يهم طالما هي مشغولة به، و(ست الشاي) لا تتضجر ظاهرياً.. يهزه زميله وهو يصرخ في وجهه: (يا وهم.. خلي بالك معاي).. أقرا الخبر دا، قالها وهو يشير لصدر إحدى الصحف السياسية، اندهش وكاد أن يشتمه، فلا يعقل أن يشغله عن حسنائه بخبر سياسي، وهو يعلم جيداً أنه لا يميز بين المؤتمر الوطني والشعبي، قبل أن ينبهه صاحبه إلى أن حاج ماجد سوار أصبح وزيراً للشباب والرياضة، لم يبدُ على الآخر أدنى اهتمام قبل أن يقول: (يعني شنو؟.. حيقدر يجازف مع زولنا دا)!، إلا أن صاحبه أشار له إلى أن الوزير الجديد يختلف عن الآخرين، فهو (دباب) سابق معروف بصرامته وقوة شكيمته وشدته في معالجة الأمور، مما يؤهله جيداً للمنازلة. بدا أنه غير مقتنع بكل ما قيل له، فقد أشار لـ(ست الشاي) طالباً كوباً آخر، قبل أن يهمس في أذن مرافقه ويقول: (دباب شنو البقدر على شداد؟ تعرف يا فردة بلاتر ده ما بلعب فى الحاجات دي)، ابتلع ريقه بعدها وواصل الاستمتاع بالشاي و(ستو). في الجهة الأخرى وقبالة شارع النيل كان حاج ماجد سوار يتسلم أعباء منصبه وزيراً للشباب والرياضة، شعر بنقلة كبيرة في حياته فها هو يتسلم أعباء الوزارة لأول مرة، ولا أحد يدري إلى أين ستمضي به عجلة الأيام. اِتكأ قليلا على مقعده الوثير في الطابق الأعلى للوزارة، قبل أن يتذكر ميلاده بعروس الجبال مدينة كادوقلي، وتربيته الصوفية التي تأتت من والده شيخ الطريقة التيجانية بالمنطقة، لتتزامن نشأته مع صعود الحركة الإسلامية التي استهوته فانضم لصفوفها، منذ مراحله الدراسية الأولى، وكان من سياسييها ومصادميها الأشداء أثناء الجامعة, ولا يزال الجميع يذكر مشادته الكلامية مع د.يوسف فضل مدير جامعه الخرطوم آنذاك في إحدى الندوات، وشجاره واعتداءه على عميد كلية القانون بعد أن عرقل إقامة منشط للتنظيم في ذلك الوقت مما أدى لتوقف الدراسة، علاوة على استخدامه القوة المفرطة لمنع عرض مسرحية سقوط الباستيل على خشبه المسرح في نادي الأساتذة بجامعة الخرطوم. غير أن ثمة مياهاً كثيرةً جرت أسفل الجسر, فالطالب المشاكس العنيف، بات سياسياً مرموقاً يتولى حقيبة وزارية. ويروي معاصروه في الجامعة أن حاج ماجد سوار تمتع بقدرات سياسية وتنظمية عالية جداً، فهو كادر معلوماتي من طراز خاص، ويحيط نفسه بشيء من الغموض, فمواقفه تكون غير متوقعة، ولا يمكن لأحد مهما كان قريباً منه التنبؤ بخطوته القادمة أو رد فعله، فهو يرسم غلالةً على وجهه تجمع بين البرود والشدة، يصعب معها معرفة ما يدور في خلده، علاوة على ذلك فإن حاج ماجد يعمد لإدارة الملفات في أصغر حيز وأصغر دائرة، وفوق ذلك فهو لا يهتم بالتفاصيل الدقيقة بقدر اهتمامه بالنتائج. وتقول سوسن بابكر أمينة الإعلام بأمانة الشباب إبان تولي سوار: إن حاج ماجد في العمل العام يعمد لإعطاء من حوله مطلق الصلاحية للتصرف، ولا يتدخل في صلاحياتهم، مع إعطائهم مساحة للإبداع والابتكار. وتضيف سوسن أن سوار يقيم العمل بعد انتهائه. وتشير سوسن في ذات الوقت إلى أن سوار يتمتع بسعة البال في تعامله مع من حوله، ولديه كاريزما قيادية نجحت في تحويل قرابة الـ90% من الشباب من الوطني للشعبي بعد المفاصلة. وتعتبر المفاصلة مرحلة مهمة في مسيرة حاج ماجد الذي كان يمسك بقطاع الطلاب في ذلك الوقت، فتعامل مع الأمر بحكمة وترك للجميع مطلق الحرية في حسم خياراتهم، وتحديد وجهتهم (وطني-شعبي)، ولما فرغ من أمره يمم وجهه تلقاء المنشية، الأمر الذي جر عليه الاعتقال والمضايقات الأمنية في تلك اللحظات الحرجة. ويروي أحدهم أن لحظات اعتقال حاج ماجد كانت رهيبة بالنسبة للكثيرين، فقد تراجع الأفراد المكلفون باعتقاله، وهم يجترون شريط الذكريات مع (المطلوب), وهو من قاتل معهم بشراسة أعداء النظام بالداخل، كيف يجسرون على الوقوف في وجهه لاعتقاله، ووضعه في خانة الأعداء، فالأمر بدا أصعب عليهم من أي شيء مضى، ولكن ما باليد حيلة، وهم يدركون ذات المبادئ التي تعلموها من بين يديه في الحروب, يجب أن تكون قاسياً مع أعدائك مهما كانوا، كما يجب أن يلتزموا بالتعليمات ويكونوا منضبطين إلى أقصى حد, فهو شخص (ما عندو حاجة لي بكرة)، وقد تسبب اعتقاله في تظاهرات قوية من الطلاب الشعبيين. وبالعودة لانحياز سوار لمعسكر المنشية بادئ الأمر, ثمة جدل لا ينتهي حول حقيقة ما حدث, فهناك اتجاه يرى أن الصفوف لم تكن واضحة عند المفاصلة، فالبعض فهم الأمر على أنه انقسام بين السياسيين والعسكريين، وعلى ذلك جاء انحياز سوار، ولما استبان له الأمر عاد للوطني. غير أن اتجاهاً آخر يرى أن سوار كان انحيازه تلقاء الشيخ الترابي وفكرة المشروع، ولما وجد أن الأمر ماضٍ به أو بغيره، رأى أن يستمر حتى لو كان الأمر أشبه ببيعة المكره, خاصة وأن السياسي بعد الأربعين يصبح أكثر واقعية وعقلانية، وربما يفسر هذا بعض التغيير الذي ضرب حياة حاج ماجد. إلا أن ثمة أمراً مهماً لابد من الالتفات إليه, وهو أن حاج ماجد داخل المؤتمر الشعبي لعب دوراً مقدراً في عدم حدوث صدام بين الإسلاميين، وفقاً لرؤية تقوم على عدم منح النظام مسوغ لاتخاذ إجراءات متعسفة بحق د.حسن الترابي عراب الحركة الإسلامية والأمين العام للشعبي، إلاّ أنه ومن الملاحظ أن 90% من التيار الذي تبنى رؤية حاج ماجد المهادنة مع الوطني انضموا تدريجياً للأخير. وفي سبيل ذلك خاض سوار معارك ضارية ضد المتشددين بالشعبي الأمر الذي جعله يخسر الكثير، خاصة بعد أن أوقع ذلك التيار بينه وبين الترابي وغلق عليه أبواب الأمين العام، ووفقاً لذلك شعر سوار بأنه بات غير مرغوبٍ فيه، بعد أن نجح مناوئوه في تشويه صورته وتصويره للترابي بمنظار عضو مزروع من الوطني (غواصة). إلا أن البعض يرى أن ثمة انتهازية بعد خروجه من الشعبي للوطني، خاصة بعد أن ضاقت الأرض بسوار جراء المضايقات والملاحقات الأمنية والاقتصادية، مما جعل الأبواب تغلق في وجهه. ويقول مقربون من الرجل إن حاج ماجد بعد أن أرسى اللبنات الأساسية للعمل التنظيمي للشعبي، شعر بأن الترابي لوحده لا يمكن له إنجاز ما يؤمنون به، وقد عصف به ظلم ذوي القربي (شعبي ووطني), لا سيما بعد أن حدثت الوقيعة بينه والترابي، تجدر هنا الإشارة للمكانة الكبيرة التي كان يحظى بها عند الشيخ الذي كان يرى فيه خط التعقل والنضج السياسي لدى شباب الحركة الإسلامية، علاوة على الإمكانات التنظيمية والسياسية التي يحظى بها، فهو يوصف بأنه (ذاكرة الحركة الإسلامية الحديثة). ويرى مراقبون أن المفاصلة حظيت بتقديرات مناطقية، الأمر الذي فرض على سوار الخضوع لرغبات جماهير الحركة الإسلامية بكردفان التي ارتأت أن مصلحتها تكمن في الانحياز للوطني. غير أن يوسف عبد المنان (الكاتب الصحافي بآخر لحظة), يقول إنه ومنذ سنوات الإنقاذ الأولى عُرف عن حاج ماجد سوار الاهتمام بنزع الاحتقانات المفضية للنزاع.. وعندما اختار صف المؤتمر الشعبي بعد المفاصلة الشهيرة استهدف من قبل الوطني دون سائر قيادات الشعبي في سنه أو فوقها بقليل أو كثير.. وفي جلد وثبات افترش أرض سجن كوبر، ويمضي في منافحته عن الرجل ويضيف: (لما خرج سوار من السجن لفضاء السياسة المعلنة والسرية.. قاوم كل محاولات زرع الذخائر والقنابل في كردفان.. واجه د. خليل إبراهيم وخلايا حركة العدل والمساواة الناشطة والخاملة التي كانت تخطط لتفجير كردفان من الداخل). ويزيد: (ذات الموقف دفعه بعد مفاوضات قادها د. مجذوب الخليفة ود. مطرف صديق «انتقلوا» من الخرطوم حتى كادقلي من أجل اثنين فقط من قيادات الشعبي كان أحدهم حاج ماجد سوار، وتكللت جهود عودة القيادات الفاعلة من الشعبي للوطني وفي مقدمتهم حاج ماجد سوار، الذي بخروجه من الشعبي فتحت عليه نيران رفقاء وأصدقاء أمس وتبدت أهميته من خلال هذين الموقفين). والمتابع لمسيرة سوار يلحظ انحيازه الكامل للشباب، وهو ما يرشح دفعه لكوادر شبابية لإدارة الوزارة التي تولاها حديثاً، وفقا لرؤية جديدة. وهنا لابد من الاشارة الى أن سوار ما زال يحتفظ بامانة التعبئة السياسية بالمؤتمر الوطني مما يعني انه سيتحمل اعباء تنفيذية وتنظيمية ثقيلة، الا أن الامر يمكن النظر له من زاوية اخرى مفادها تكامل الادوار، وهو النهج الذي سار عليه الوطني مؤخرا لتفادي أي تضارب في الادوار، او تنازع في السلطات. ومن اللافت للانظار ان حاج ماجد لعب دور امين التعبئة السياسية بفاعلية، ومثل راس حربة للهجوم على القوى السياسية واطلاق التصريحات القوية بحقها، وهو ما اعاده لذكريات الجامعة لما كان كادراً خطابياً وسياسياً، وهنا فالرجل قاد صراعاً محتدماً قبل الانتخابات بقليل ضد والي شمال كردفان محمد أحمد أبو كلابيش, قاد لإبعاد الأخير عن سدة الولاية. و تعود تفاصيل الأزمة بين أمين التعبئة بالمؤتمر الوطني حاج ماجد سوار ووالي شمال كردفان السابق محمد طاهر أبوكلابيش, إلى خلفية حديث سوار في الحفل الذي نُظّم على شرف عودة قيادات حركة العدل والمساواة بكردفان، والذي أوضح فيه بأنهم ظلوا يرصدون كل التحركات والتفاعلات التي تعمل من أجل تهيئة كردفان للحرب، وقال: للتاريخ إنه ذات السيناريو الذي اُتبع في الضغط مع يوسف كوة وجعله يتمرد. ويضيفون أيضاً أن بالرغم من كل ذلك فإن سوار حصل على الوزارة بقدراته وإمكاناته الخاصة رغم كل الحواجز التي وضعت أمامه، بل يلفتون إلى رفضه لمنصب ولائي بالخرطوم لاعتبارات تتعلق بأن المنصب أقل من إمكاناته, ويزيدون أن سوار ما زال يمتلك أوراق لعب مهمة بكردفان الكبرى الأمر الذي جعل المركز يتقي شره بتوظيفه في الجهاز التنفيذي، وفي ذات الوقت يتوقعون أن يحدث صدام في وقت قريب بينه وبين مراكز القوى داخل المؤسسات الرياضية وعلى رأسهم د.كمال شداد رئيس اتحاد كرة القدم، ويشيرون في هذا السياق إلى أن سوار استغرقته المعارك وفي معركته في الوزارة ليس لديه ما يخسره، ويلفتون إلى أن حاج ماجد يتمتع بقدرات عالية في الاستشراف والتحليل, لكن تلك القدرات تمت إثارتها عبر سلسلة من الصدامات وفي كل الاتجاهات, الأمر الذي تسبب في الآونة الأخيرة أن تلسع بتقدير وبدونه، في وقت خبر فيه أعداؤه كل مفاتيحه وطرائق تفكيره. كثير من الملفات تنتظر سوار على طاولة وزارته، وسط مجموعة من مراكز القوى تسيطر على العوالم الرياضية ربما تفشل سوار في مهمته مثلما حدث لقبله من الوزراء، لكن ما يجعل سوار متميزاً أنه يتمتع بتجربة سياسية ستجعله يتحرك بـ(تقية) محاولاً تفادي الصدامات ما أمكن, خاصة في الأيام الاولى، وعندما يستعد لها فلكل حادث حديث.