المحبوب والمفا صلة...والكنفدرالية، الفاضل عبّاس محمد علي

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-07-2024, 05:23 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثالث للعام 2010م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-21-2010, 11:07 PM

Nasr
<aNasr
تاريخ التسجيل: 08-18-2003
مجموع المشاركات: 10839

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
المحبوب والمفا صلة...والكنفدرالية، الفاضل عبّاس محمد علي

    بسم اللّه الرحمن الرحيم

    الفاضل عبّاس محمد علي- أبو ظبي



    المحبوب والمفا صلة...والكنفدرالية



    فرغت اليوم من عمل شاق وهو قراءة كتاب المحبوب عبد السلام عن الثلاثة عقود الأخيرة من تاريخ الحركة الإسلامية السودانية، وكنت أبحث وأنقّب في حقيقة الأمر عن الأسرار (الشمارات) وملابسات المفاصلة التي قيل إنه كشف عنها الستار وأزال الغبار ، فكنت كمن يبحث عن إبرة في كوم تبن ليست به إبرة، وعندما أضع يدي علي ثمة معلومة تبدو منطقية وموثقة عن حقيقة الصراع بين قطبيّ الحركة المتناطحين، الدكتور حسن الترابي ونائبه علي عثمان محمد طه، كأني عثرت على درة ما تنفك تنزلق من بين أصابعي من فرط الحشو والتفاصيل الكئيبة التي تنحرف بك عن موضوع هذا الشقاق وتعود بك لبروبوقاندا الإسلاميين حول نواياهم "الطيّبة" وتنظيمهم " الحصيف " ومجادلاتهم "المتحضرة "، فكأنك في فخ ماكر طعمته شذرات متفرقة عن أسّ المشكلة ، أي الصراع بين القطبين المذكورين ، وحصيلته كميات هائلة من الإدعاءات والفذلكات التاريخية الهادفة لتبرئة ساحة القطب الأكبرالشيخ حسن.

    وحتى عندما يعود بنا المحبوب لهذه العقدة المركزية فإن شهادته مجروحة بعض الشيء لما يربطه بحسن الترابي من أواصر الدم والتنظيم؛ وأثر الشيخ واضح تماماً في الأسلوب والمفردة المتقعّرة وطريقة تبرير المواقف، كأن المحبوب إسما ghost writer تخفّى وراءه الشيخ الأخطبوطي؛ وحتى لو لم يكتب الشيخ هذا الكتاب فلا بدّ أنه أملي جلّه بالهاتف و الإيميل ، أو على الأقل راجعه وصحّحه وأضاف إليه الكثير .

    مهما يكن من أمر، يبقى السّفر المعنيّ من الأهمية بمكان لأنه فعلاً يزيل الغطاء عن الكثير المثير والمستتر في تاريخ الإنقاذ، منذ التحضير لانقلاب 30 يونيو 1989 حتى المفاصلة التي تمت مع نهاية عام 1999، و لابد أنك ستخرج باستنتاج ناصع جدير بالتأمل ، وربما يفيد هذا التأمل فيما بين يدينا الآن من مشاكل لا يعلم مداها إلا اللَه ؛ ذلك الاستنتاج هو أن رئيس الجهاز التنفيذي ـــ المشير البشير ـــ ظل دائماً TABULA RASA سبورة بيضاء من غير سوء يكتب عليها صاحب القدح المعلّى في تنظيم الكيزان ما طاب له أن يكتب. فلقد كان في بادئ الأمر أداة طيعة في يد الشيخ حسن الذي اختاره من بين الضباط الأخونجية ليقود الانقلاب ويرأس المجلس العسكري (مجلس قيادة الثورة )، واتفق معه على أن يذهب أحدهما للقصر الجمهوري والآخر لسجن كوبر للتمويه وإرباك المعارضة والتجسس عليها وزرع الفتنة في صفوفها( منذ صافرة البداية)، وبقدر ما كانت تلك اللمسة مكيدة عبقرية من الشيخ حسن ساهمت بالقطع في بلبلة الرأي العام خاصة في صفوف الجيش، وساهمت بالتالي في تثبيت النظام ، بقدر ما شكّلت بداية للأسفين الذي أخذ علي عثمان يدقّه بين الشيخ والنظام. فلأول مرة نعرف إن الفترة المتفق عليها لبقاء الترابي في كوبر كانت شهراً واحداً، ولكن علي عثمان مدّدها لستة أشهر، وفي أثناء ذلك أمسك علي بخيوط السلطة كلها في يديه، خاصة الأمن وتعيينات الوزراء والمتنفذين وإنهاء خدمات الجيوش الجرارة التي غادرت الجيش والشرطة والخدمة المدنية والجامعات للصالح العام، وأصبح البشير يعتمد عليه في الكبيرة والصغيرة لأنه يملك سلاح المعلومة التي يزوده بما يشاء منها وبالكيفية التي يريدها ، بينما يحجبها كلية عن شيخه الرابض في كوبر ثم المنشية ، ثم أخذ يتراوح بينهما إلى يومنا هذا.

    والمسألة الأخرى التي لا يكاد المرء يصدقها من هولها وفظاعتها إن الشيخ حسن عندما تعرض في كندا لصفعات الكاراتيه علي يد وقدم هاشم بدر الدين وخرَ مغشياً عليه ، أخذ علي عثمان يخطط لاستغلال الكارثة لصالحه بطريقة يقول عنها الفرنجة macabre كمن يشرع في الاستئثار بميراث أبيه المرحوم دون الورثة الآخرين قبل رفع الفراش، فأخذ يعتّم على النبأ ويمنع تداوله، وحال دون ذهاب ابن الشيخ حسن لكندا ليبقى بجانب أبيه، ورتب لبقاء الشيخ لأطول فترة ممكنة في كندا وأوروبا بدعوى الاستشفاء والنقاهة؛ غير أن الشيخ المحنك الذي لا تفوت عليه فائتة عاد فجأة للخرطوم وانخرط في عمله كأن شيئاً لم يكن. ومنذ أيامها الأولى ظلت الإنقاذ مسلسلاً مستمراً من الكيد والكيد المضاد ومؤامرات القصر التي تذكرك شخوصها براسبوتين ويحيى البرمكي وباريا وبهاء الدين محمد إدريس ، ويبدو أن صراعهم الداخلي كان أشد ضراوة ونشاطاً من صراعهم ضد التجمع الوطني الديمقراطي المعارض، ومن الواضح أن البشير كان ولا زال يتقلب يمنة ويسرى حسب مقتضيات الصراع الداخلي وحسبما يهمس به المقربون - وهم مجموعة القصر بقيادة علي عثمان ، وهكذا فقد تدرّج نظام البشير عبر التطورات الواردة أدناه والتي يصعب فهمها إذا وضعناها في إطار تنظيم أصولي جاء للسلطة عنوة وأراد أن يحكّم الشريعة ويوطّد دعائم الدولة الثيوقراطية القرن أوسطية :

    أولاً: سعى النظام للتفاهم مع الجنوبيين وفي سبيل ذلك وافق على ميثاق نيروبي 1993 الذي يعترف بحقوق الإنسان من حرية تعبير وتنظيم، وبألا فرق بين العربي والعجمي ، أو المسلم والمسيحي الجنوبي أمام الدستور والقانون ، وذلك تحول مفاجئ ومذهل (نقلة نوعية) صوب العلمانية وصوب الحل الأمثل لمشكلة الجنوب.

    ثانياً: وافق النظام على حق تقرير المصير في لقائه بفرانكفورت مع الجنوبيين المنشقين عن الحركة الشعبية (د.لام أكول ود. رياك مشار) عام 1993 ، أي قبل مؤتمر القضايا المصيرية الذي نظمه التجمع الوطني الديمقراطي بأسمرا في يونيو 1995 والذي خرج بحق تقرير المصير بالنسبة لجنوب السودان كحجر زاوية في مقررات ذلك المؤتمر التاريخي.

    ثالثاً: حتى بعد مفاصلته للترابي الذي كان ولا زال متمسكاً بالشورى (أي الديمقراطية ) من خلال "التوالي" وبالفدرالية وتوزيع الثروة والسلطة بالنسبة للأقاليم ، تبنّي جماعة البشبر منهج الترابي بالكامل وذهبوا متمنطقين به يفاوضون الحركة الشعبية لعامين في ماشاكوس ثم لعام آخر بنيفاشا، حتى خرجوا باتفاقية نيفاشا 2005 المشفوعة بوثيقة حقوق الإنسان التي أصبحت جزءاً لا يتجزأ من دستور 1998، تأكيداً للتحول صوب العلمانية.

    رابعاً: وعلى ذكر دستور 1998، فهو من صياغة الشيخ حسن ، ورغم ذلك تم إقصاؤه بمجرد إجازة دستوره وسريان الخطوات المترتبة عليه، كأنما الصراع بينهم صراع شخصي محض، أو كأنهم أرادوا أن يمرّروا هذه الأشياء (الدستور واتفاقية نيفاشا ) لمجرد كسب الوقت حتى يلتفوا حولها في الوقت المناسب.

    أين راعي الجيش ورئيس النظام من كل هذه التطورات ؟ لقد خرجت من كتاب المحبوب بأن الرئيس البشير يأتي في المرحلة الثانية بعد علي عثمان ، وأنه مستمع جيد لمن يسعى لديه بالفتنة وإيغار الصدور ، ولدائرة ضيقة من العسكريين والأمنجية ورهطه الأقربين المتكدّسين بالقصر الجمهوري الذين صوروا له الكون باعتباره أفلاكاً تدور حول موضوع واحد: استمراره في رئاسة الجمهورية إلى أن يجعل اللَه أمراً كان مفعولاً؛ أما حكاية إستراتيجية الدولة ـــ شرقية أم غربية ، يحكمها دستور ثيوقراطي أم علماني ، ينفصل الجنوب أم يبقى -- فتلك مسائل لا تهمه كثيراً ، إذ أن الأولوية القصوى هي البقاء في السلطة .

    إذن، شخصية السودان الأولى هي علي عثمان ، فهو كما نستشفّ من كتاب المحبوب المخطط الأول لكل الأحداث الكبرى ، مثل محاولة اغتيال حسني مبارك؛ وهل ياترى لم تكتشف المخابرات المصرية هذا الأمر حتى اليوم ؟ أم تراها تلمّست مدى خطورة هذه الشخصية الرهيبة ففضّلت أن تهادنها وتستأنسها؟ عموماً إن الخوف يجعلك تفكر وتمارس المستحيل، والحاجة أم الإختراع، فالحلبة (الغجر / النَور) يعلمون القرد ضرب الدف والرقص بطريقة عجيبة، فإذا تمنّع القرد أو تمرّد يأتون بجدي ماعز (سخل /عتود) ويضربونه ضرب غرائب الإبل ثم يذبحونه، فيهبط القرد من أعالي الشجرة التي تسلقها ويأخذ الطبل (الرق) ويعزف عليه بمهارة فائقة كأنه معلم قديم. وأحسب أن المخابرات المصرية (دخلتها خوفة) من محاولة الاغتيال بالمرتفعات الإثيوبية في يونيو 1995، فآثرت أن تكفي شر النظام السوداني وتظاهرت بالتعقّل والتسامح في محاولة لإخفاء ما أصابها من جزع، وبالفعل أقدم النظام المصري علي استئناس نظام البشير ملقياً بثقله وراء مجموعة القصر، وملقياً باللوم في محاولة الاغتيال علي عاتق الشيخ حسن المسكين وهو برئ منها براءة الذئب من دم ابن يعقوب، وفي هذا الأثناء كان الأمن المصري يضيّق الخناق شيئاً فشيئاً علي التجمع الوطني الديمقراطي الذي أنبهم به الرأي وآثر النجوع إلي دولة إرتريا الوليدة منذ عام 1995. واستمر النظام المصري في تحسين العلاقات مع نظام البشير، ثم واتته فرصة جهنمية ليس فقط لتمتين تلك العلاقات، إنما لبسط اليد العليا مرة أخري علي السودان وابتزازه في الصغيرة والكبيرة، وذلك في أعقاب تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر 2001 في نيويورك وواشنطن...عندما أعلنت الولايات المتحدة الحرب علي الإرهاب ، حرباً لا تحول دونها الحدود الدولية ولا السيادة الوطنية لأي بلد ضالع في الإرهاب، وليس لها سقف زمني. في تلك الأيام نشرت (الواشنطن بوست) خبراً مذهلاً سربته لها السي آي إي (أو ربما المخابرات المصرية) مفاده أن الرئيسين الليبي والسوداني أصابتهما حالة رعب هستيري واتصلا هاتفياً بحسني مبارك يطلبان منه التوسط لدي الأمريكان ويبديان استعدادهما للمساهمة في الحرب علي الإرهاب (طالما هي غادي غادي)، ومنذ تلك الحادثة استعادت مصر اليد العليا ، رغم أنها لم تستغلها بعقلية استراتيجية تأخذ في حسبانها المستقبل - فلم تستغلها من أجل التواجد بماشاكوس ونيفاشا، فطبخت اتفاقية سلام الجنوب في غياب كامل للأشقاء المصريين (مع حضور دول أخري مثل جيبوتي وإرتريا وإثيوبيا)، وتطورت مشكلة دارفور منذ عام 2003 عبر بحار من الدم والتهجير الجماعي والتدخل الدولي، ولا زال الإخوة المصريون يسجلون غياباً كاملاً، ولم يتدخلوا إلا عندما حركتهم الغيرة من دولة قطر، فأرادوا أن يلحقوا بالقطار علي عجلة من أمرهم. باختصار، لم تستفد مصر من وضعها المتميز إلا ببسط سيطرتها علي إقليم شلاتين وحلايب دون وجه حق، وبتحقيق بعض الاتفاقيات الاستثمارية الزراعية التي يستحوذون بموجبها علي آلاف الفدادين بشمال السودان.

    وعوداً لموضوع علي عثمان، فهو الكل في الكل حسب تصريحات وتلميحات المحبوب، ولكن دعنا نقفز فوق المراحل التي سردها المحبوب بالتفصيل الممل، ودعنا نتوقف أمام المحطة الراهنة: فترة الستة اشهر التي نعبرها الآن صوب التاسع من يناير 2011 ، يوم الاستفتاء بجنوب السودان؛ هل طرأ جديد علي توازن القوي الذي شخّصه المحبوب؟ هل تدفقت ثمة مياه تحت الجسر بعد المفاصلة؟ من هو صاحب القدح المعلّى؟

    لقد سرت إشاعة قبل عامين حول توتر العلاقة بين البشير وعلي عثمان بسبب تصريح أدلي به الأخير في بروكسل حول كيفية حل مشكلة دارفور، ولا تخلو أجواء القصر من الساعين بالفتنة وإيغار الصدور، ولولا أنهم يخشون بأس علي لأنهم يجهلون ما يمتلك من خيوط في الأمن والقوات المسلحة والمليشيات التابعة للتنظيم....لفعلوا به ما فعلوا بالشيخ حسن، أو ربما لاقي نفس المصير الذي لقيه أبو مسلم الخراساني علي يد أبي جعفر المنصور رغم دوره المفصلي في تأسيس الدولة العباسية. ولكن الشيخ علي فيما يبدو متوهّطاً وواثقاً من نفسه وممسكاً بأعنة السلطة، ويبدو الآن قد وضع يده علي ملف الجنوب، أخطر الملفات، وهنا نتوقف هنيهة.

    فمن الواضح أن الشيخ علي عثمان حريص علي وحدة السودان، فهو الذي جلس بنيفاشا لعام كامل حتى خرج مع الراحل جون قرنق بتلك الاتفاقية التاريخية، ولقد تعرف علي القادة الجنوبيين منذئذ عن كثب وزالت بينهم الحواجز النفسية، وربما أحس الآن بأنه يستطيع أن يدخل معهم في جولة جديدة علها تنقذ ما يمكن إنقاذه، ومن هذا المنطلق توجه الشيخ علي إلي جوبا في الأيام الفائتة علي رأس وفد ضخم من المفكرين والناشطين والأشخاص المقبولين لدي الجنوبيين، وأخذ عدة أيام هناك يقلب الفرص المتاحة لإعادة النظر في اتفاقية نيفاشا، وظهر فجأة مقترح الحل الكنفدرالي الذي قيل إن الشيخ علي تقدم به لصديقه سلفا كير، دون أن نتبيّن ردة الفعل الجنوبية، ثم خفت الأمر وخبا وسكتت عنه الصحافة، أو مرت عليه مرور الكرام.

    علي كل حال، يبدو أن المخرج الوحيد من الأزمة الراهنة ومن الكارثة المحدقة بالسودان هو الكنفدرالية ، إذا وافق عليها الجنوبيون ، وهي بالفعل لمسة عبقرية من جانب الشيخ علي عثمان ، مبنية على حقائق وسوابق علمية تاريخية وعلى حصافة سياسية يمكن أن تلحقنا وتنجدنا في هذا المنعطف الخطير. فالكنفدرالية بدأت في سويسرا عام 1291 واستمرت حتى ثورة عام 1848عندما توحدت تلك الدولة الألبية الجميلة لتصبح فدرالية وتستمر كذلك حتى اليوم . والكنفدرالية وضع يتألف من دولتين أو أكثر يوحد بينها فقط سياسات مشتركة في مجال الدفاع والعملة الموحدة .......الخ (مثل الإتحاد الأوروبي اليوم) ، ولكن بعد طول الممارسة للاستقلالية والسيادة المحلية في إطار الدولة الكنفدرالية الفضفاضة .....تتوحد الرؤى وتطيب النفوس ويسهل التنازل عن السيادة ، فتتحول الكنفدرالية إلى فدرالية ، وهذا ما حدث في كندا ، وما حدث في دولة الإمارات العربية المتحدة التي نشأت في نوفمبر 1971 كاتحاد كنفدرالي يتألف من سبع إمارات كل منها تتمسك بجيشها الخاص ، وبعد ذلك بأ قل من عشرين سنة ذابت كل تلك الجيوش في قوة مسلحة واحدة بما يعني تقنيناً للدولة الفدرالية.......وعلى نفس المنوال بدأت مجموعة مجلس التعاون الخليجي بشكل أقل من الكنفدرالية، ولكنها الآن رفعت حجب الاستثمار والتملك وحرية الحركة، وتتجه نحو العملة الموحدة وشبكة السكة حديد....الخ، مما سيتطور بها نحو الكنفدرالية في بضع سنوات ، والفدرالية في بضع عقود لا محالة بإذن الملك العلام.

    والكنفدرالية مناسبة جداً للسودان ، فهي على الأقل تساهم على المدى القريب في درء المشاكل المترتبة على ترسيم الحدود إذا تم انفصال كامل للجنوب، إذ أن قبائل التماس من جنوب النيل الأزرق شرقاً حتي حفرة النحاس غرباً - علي الحدود مع جمهرية أفريقيا الوسطي - كلها قبائل بدوية رعوية عابرة للحدود خلف أنعامها ولا تعرف ولا تعترف بالحدود، وكلها اليوم تمتلك الأسلحة النارية المتقدمة، كما تساهم الكنفدرالية في حل العديد من المشاكل اللوجستية المصاحبة لصناعة النفط مثل مشكلة الأنابيب التي تشق المسافة من حقوله إلى موانئه على البحر الأحمر ، و90% من تلك المسافة تقع في شمال السودان ، بينما لو قدّر لهذا النفط أن يتجه نحو الموانئ الكينية على سواحل المحيط الهندي فإن ذلك باهظ التكلفة (9 مليار دولار) وكثير المخاطر ، وربما يأخذ عامين أو ثلاثة.

    والكنفدرالية تعني التكامل الاقتصادي ، وتلك إستراتيجية تناضل من أجلها كل الدول المجاورة لبعضها البعض ، آخرها الهند والصين التي أبرمت العديد من الاتفاقات التجارية والصناعية في العامين المنصرمين في سبيل التعاون والتكامل ، وهو حلم ظل يراود انتلجنتسيا مصر والسودان منذ عشرات السنين ، تحول دونه رواسب سايكلوجية وكيمياء غير متفاعلة بسهولة في إطار أنظمة سياسية مشغولة بالبقاء في السلطة وتغيب عنها الشفافية والديمقراطية .

    وهذا يعود بنا لمربط الفرس وهو نظام الحكم الذي يمكن أن تنجح فيه الكنفدرالية وتتطور نحو الفدرالية ، بل نحو الدولة الموحدة في يوم من الأيام كما حدث للولايات المتحدة الأمريكية نفسها التي بدأت بثلة كنفدرالية وتطورت لتصبح إتحاداً فدرالياً لواحد وخمسين ولاية، إذ لا مفر من سيادة القانون في مثل هذه الدولة الكنفدرالية ، واستقلال القضاء فيها ، واستقلال الصحافة وحرية التعبير والتنظيم ، أي دولة مدنية علمانية ديمقراطية كالتي اسماها الراحل جون قرنق (السودان الحديث) ؛ وذلك يعني نقلة نوعية كاملة من النظرة االآحادية الثيوقراطية التي جاء بها النظام الحالي للحكم في 30 يونيو 1989، ولا زال يتسربل بها بعض سدنته، ويعني تبنياً كاملاً لفلسفة الدولة المدنية التعددية الديمقراطية، باعتبار الدولة مجرد مرفق عام يتوافق على استخدامه سكان من مشارب ثقافية ودينية مختلفة، تماماً كشركاء في مؤسسة أو شركة مساهمة تحكمها قوانين معينة لا تفرق بين أصحابها والمساهمين فيها ، غض النظر عن انتماءاتهم العرقية والدينية .

    وإذا اتجهنا صوب هذه النقلة النوعية فإن ذلك نصف المشوار نحو كسب قلوب الجنوبيين، ومن هذا المنطلق يمكن إعادة النظر في اتفاقية نيفاشا ، ولو فقط من أجل تمديد فترة الاستفتاء لسنة أو سنتين .

    بيد أن الحديث عن الكنفدرالية خفّ كثيرا وساد صمت رهيب في أوساط الحكومة وأحزاب المعارضة فيما يتعلق بالبدائل التي يمكن أن تطرح لانفصال جنوب السودان، فيما عدا ما يكتب د. حيدر إبراهيم وود قاسم ونفر قليل آخرون. فهل فكر المثقفون السودانيون في الحل الكنفدرالي هذا؟ وما هو رأيهم دام فضلهم؟ ألا يجوز أن يكون فيه الحل الناجع والمخرج الآمن من هذه المصيبة التي تنتظرنا ؟

    اللهم أهد قومي سواء السبيل ، وجنبهم شر الفتن ....حتى لا نصبح مثل الصومال والكنغو وزمبابوي ورواندا ......والعراق .....وهلمجرًا ....والسلام .

    مقالات سابقة مقالات و تحليلات
                  

07-23-2010, 05:18 PM

Nasr
<aNasr
تاريخ التسجيل: 08-18-2003
مجموع المشاركات: 10839

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المحبوب والمفا صلة...والكنفدرالية، الفاضل عبّاس محمد علي (Re: Nasr)

    up
                  

07-23-2010, 08:51 PM

عادل عبدالرحمن
<aعادل عبدالرحمن
تاريخ التسجيل: 08-31-2005
مجموع المشاركات: 634

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المحبوب والمفا صلة...والكنفدرالية، الفاضل عبّاس محمد علي (Re: Nasr)



    كيفك يا صديق،
    يا حليل الكونفدرالية الطالب بيها الجنوبيون في الزمن الغابر، كان الليلة بقينا بلداً زي الناس.
    وطبعاً هي الآن تمثل حلا مثاليا.. ولكن!

    بعد كل هذه الملاوة للحركة مع النظام، ومعاهم قوى التجمع كمان، لمدة خمسة أعوام لم تستطع "الحركة" أن تنجز من نيفاشا إلا تلك المواد التي تتعلق بضرورات الاستفتاء، و"التجمع" طلع ملوص..
    فليس هناك من أمل كي تغامر الحركة بالدخول في وعود وعهود مع الجماعة ديل وهي عانت ما عانت معهم، خاصة وهم يرون، ومنذ انتهاء "المسخرات" ما يحالون فعله بخلق العراقيل وخلق المشاكل في الجنوب.. ودعوة النظام لأحزاب المعارضة "إياها" ليست سوى مؤامرة، وأحابيل جديدة، يريد أن يشركهم فيها.. وللأسف استجابو له، وهو ليس بالأمر الغريب، بس العجيب فيهو بهدلة عمك نقد معاهم.

    ولكن، لو افترضنا جدلا، بأنهم توصلوا مع الحركة لاتفاق مثل هذاـ كونفدرالية ـ إنو ده حيحل الشمال من شبكة البشير وعمك علي؟!
    ما أظن،
    فدولة الجنوب ذات الدستور العلماني، لا تستطيع، بل ليس من حقها أن تطالب الدولة /الشريك الكونفدرالي بأن تتبنى دستورا مماثلا أو شبيها بها. وهذه هي الكونفدرالية: دولتين، دستوريْن ونظاميْن مختلفين.

    بل أن اتفاقا مثل هذا سيكون في مصلحة النظام ـ سياسيا واقتصاديا:
    سيضمنوا لهم حصّة من البترول، ويُخرجوا الحركة، بثقلها، من اللعبة السياسية في الشمال.

    أقصى ما يتمناه المرء هو عدم عودة الحرب ثانية..،
    وأن لا ينجرّ كهول المعارضة الثلاث لمعاونة النظام في مؤامراته..،
    وربك يستر!


    يا زول مشتاقين،
    ومتشائمين!
                  

07-23-2010, 10:23 PM

بدر الدين اسحاق احمد
<aبدر الدين اسحاق احمد
تاريخ التسجيل: 03-29-2008
مجموع المشاركات: 17127

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المحبوب والمفا صلة...والكنفدرالية، الفاضل عبّاس محمد علي (Re: عادل عبدالرحمن)
                  

07-25-2010, 07:18 PM

Nasr
<aNasr
تاريخ التسجيل: 08-18-2003
مجموع المشاركات: 10839

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المحبوب والمفا صلة...والكنفدرالية، الفاضل عبّاس محمد علي (Re: بدر الدين اسحاق احمد)

    مريت علي البوست يا بدر الدين
    لكن ما حاقدر أعلق إن لم أقرأ الكتاب
    بس خاتيه في البرنامج
    فبرجع ليك بعد داك
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de