|
ملف في ذكرى أسبوع على رحيل الشاعر محمد عفيفي مطر:حافظ على استقلاله ودفع ثمن موقفه المناوئ للسلط
|
حافظ على استقلاله ودفع ثمن موقفه المناوئ للسلطة ملف في ذكرى أسبوع على رحيل الشاعر محمد عفيفي مطر:
7/7/2010
القاهرة ـ 'القدس العربي' ـ من محمود قرني مساء الاثنين الثامن والعشرين من حزيران (يونيو) رحل الشاعر الكبير محمد عفيفي مطر عن دنيانا، بعد أن أسلم روحه إلى بارئها إثر معاناة مع مرض الكبد دامت أكثر من عشر سنوات. وبهذا يكون الشعر المصري قد فقد واحدا من الأركان الأساسية التي نهضت بمشروع الحداثة الشعرية في مصر منذ نهاية خمسينيات القرن الماضي. فرغم الظهور المتأخر نسبيا لمطر خلف أحمد عبد المعطي حجازي وصلاح عبد الصبور، إلا أن فرادة مشروعه الشعري سرعان ما وضعته وسط الجوقة المؤثرة والفاعلة في هذه الشعرية. وقد حازت تجربة مطر هذه الفرادة لما امتلكته من خصوصية على مستويات عدة. ففيما كانت تجربة عبد الصبور تنحو إلى احتذاء النموذج الأكثر هشاشة على مستوى اللغة والأكثر قربا من ضجيج العامة على مستوى الوعي وانتقال التجربة ـ فيما بعد - إلى مستوى من مستويات التأمل الذي دعاه إلى التحدث مطولا عن الوظيفة الإنسانية للشعر، بدت التجربة القشيبة لحجازي أقرب إلى تصور كل من لويس عوض ومحمد مندور حول الوظيفة الاجتماعية للإبداع. في مقابل ذلك بدت تجربة محمد عفيفي مطر الأكثر قربا للشعر الخالص. لذلك نجد شعرية مطر وقد التصقت بمفهوم أكثر قربا من التركيب الشعري والفكري والفلسفي على نحو خاص. وقد شهدت الى جانب ذلك قدرة متصاعدة على التكثيف اللغوي واستنبات الشعرية في تربة بدت ـ في وقت ما - مهجورة من قواميسها، ورغم الاتهامات التي لاحقت تجربة مطر بالغموض، إلا أنها ظلت التجربة الأكثر تأثيرا في الأجيال اللاحقة لا سيما في شعرية جيل السبعينيات والتجربة اللاحقة لها. في الوقت نفسه ظل مطر ـ على المستوى الفكري والسياسي - يمثل حالة ناتئة حال مقارنته بالثقافة المؤسسية التي حاولت أن ترسخ لها الشمولية العربية في ظلال حكم أقرب إلى النماذج الفاشية. ورغم انضواء مطر في فترة من حياته تحت لواء أفكار البعث العراقي إلا أنه ظل يملك موقفا شديد الاستقلال عن أية مؤسسة ولم يراهن على شعرية تنقله من آفاق التركيب إلى آفاق المباشرة خدمة لموقفه السياسي. ونتيجة لهذا الموقف ألقت السلطات المصرية بمطر في غياهب السجن، غير أنها عادت وكرمته بمنحه جائزتيها التشجيعية ثم التقديرية.
ولد محمد عفيفي مطر عام 1935 في محافظة المنوفية، وعاش حتى رحيله في قريته 'رملة الأنجب'. تخرج في كلية الآداب ـ قسم الفلسفة، حصل على جائزة الدولة التشجيعية في الشعر عام 1989، ثم جائزة الدولة التقديرية عام 2006. كما حصل على جائزة سلطان العويس عن مجمل أعماله عام 2000. أصدر مطر أكثر من ستة عشر ديوانا شعريا من بينها: 'من دفتر الصمت' 1968 ، 'كتاب الأرض والدم' 1972، 'احتفاليات المومياء المتوحشة'، 'فاصلة إيقاعات النمل'، 'رباعية الفرح'، 'أنت واحدها وهي أعضاؤك انتثرت'، 'يتحدث الطمي'، و' النهر يلبس الأقنعة'، 'شهادة البكاء في زمن الضحك'، 'رسوم على قشرة الليل'، 'الجوع والقمر'، 'ملامح من الوجه الأمبيذوقليسي'، 'مجمرة البدايات'. وقد صدرت أعماله الكاملة عن دار الشروق عام 2000، وكانت الهيئة المصرية العامة للكتاب قد تعاقدت مع مطر على طبع أعماله الكاملة في عام 1998 غير أنها تراجعت عن ذلك تحت الضغوط الأمنية. وهي مطالبة الآن بالتصحيح الفوري لهذا الخطأ. وفي هذا الاستطلاع حاولنا الابتعاد بمحدثينا عن الأجواء التأبينية إلى مضامين أكثر التصاقا بالتجربة المهمة للشاعر الراحل، وهو ما فعله تقريبا كل المشاركين، وذلك لأننا نرى أن هذا هو ما يجعل التجربة المتدفقة لمطر مجالا ً حيويّاً للسجال، وهذا هو ما سيبقى منه. أما وجعي الخاص بفقد أب روحي فأدخره لمقال مستقل، كي لا أثقل على من يرغبون في التعرف إلى تجربة مطر عبر أصوات شعراء ونقاد كبار يمثلون حصاد هذا الاستطلاع.
|
|
|
|
|
|