|
|
 وعند جهينة الخبر اليقين
|
تُسائلُ عن أبيها كُلَّ ركبٍ و عند جهينة الخبر اليقين
مما دفعني لكتابة هذا البوست هو أن ألقت نظر القراء الكرام إلى أن بيننا من يبحث في تاريخ السودان في مناطقه المختلفة ...في تراثه وتاريخه وعلاقا
محمد عثمان العبدلابي
|
|
 
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: وعند جهينة الخبر اليقين (Re: عبدالرحمن الحلاوي)
|
نماذج مما كتب :
إخواني الكرام...
السلام عليكم...
تمر علينا من حين لآخر أسماء لدى تقصينا و بحثنا في الأنساب السودانية، منها من عرف بشيء من التفصيل.
و منها من ذكر شيء من سيرتها دون علم أين عاش و متى.
و منها من لم يعلم إلا الاسم و شيء ما تركه صاحب الاسم، فكان ميراثه المعرفي و الثقافي كفيلاً بحفظ الاسم في صفحات التاريخ الشعبي للأهالي..
و لقد ذكرنا إحدى تلك الشخصيات في موضوعنا السابق، "السلطان حسن كردم،،، السلطان الجد أم الأسطورة.." في الرابط : http://www.darg3l.com/showthread.php?t=8935 ، و حاولنا استكشاف بعض جوانب هذه الشخصية التي وردت في أنساب الجعليين، و توصلنا إلى أن من لم يذكر اسم هذا السلطان في سلسلة نسبه فهو ليس بجعلي، و حاولنا استحضار بعض الأحداث التي قد تكون وقعت في زمانه، بالإضافة لمعرفة فترة حكمه و مقره بالاستناد لما ذكره الفحل في كتابه تاريخ و أصول العرب بالسودان.
و الآن لنحاول سبر أدغال التاريخ مجدداً محاولين تتبع أخبار شخصية السمرقندي، لاستكشاف المنابع التي منها وردتنا أنساب العرب في السودان و منهم الجعليين..
في البداية، نلاحظ ذكراً لهذه الشخصية في عدد من الكتب التي تهتم بأنساب العرب بالسودان، و من تلك الكتب ما جاء في كتاب "الجعليون" عند استعراض مختلف الروايات، حيث ورد ذكر اسم السمرقندي عدة مرات و في عدة روايات، و كأنه مرجع أساسي لأنساب العرب بالسودان و من ضمنهم أنساب الجعليين.
كما جاءت إشارة لهذه الشخصية بكتاب هجرة القبائل العربية إلى وادي النيل لضرار صالح.
و أيضاً في كتاب "العرب –التاريخ و الجذور-" للصديق حضرة (1798-1918).
و كذلك الحال بالنسبة لكتاب السير ماكمايكل "تاريخ العرب بالسودان".
و لعل خير بداية لمعرفة السمرقندي هو ما جاء في ترجمة بسيطة له في كتاب الموسوعة لعون الشريف، حيث قال:
" سمرقندي: نساب مجهول الأصل تنسب إليه محاولة كتابة أنساب القبائل العربية في السودان خاصة جهينة و العباسيين أو الجعليين، و يقال أن عمارة دنقس بعث بهذه الأنساب إلى السلطان سليم العثماني حين هدد بغزو مملكة الفونج بعد غزو مصر عام 1517م، و قد ضاعت و لم يبق منها إلا القليل."
و سمرقند مدينة مشهورة معروفة في جمهورية أوزبكستان –الجمهورية السوفييتية سابقاً-. جاء منها علماء و أدباء كثر، كما أنها كانت حاضرة من حواضر العلوم و الثقافة الإسلامية، التي أضاءت منطقة وسط آسيا و ما جاورها. و تقع بالقرب من مدينة بخارى الشهيرة كذلك، فهذه إذاً نبذة صغيرة عن هذه المدينة الشامخة، التي نسب إليها صاحبنا، و لكن لا نعلم إن جاء مباشرة من هناك أم لا، أو ربما يكون اسماً لعائلته، فمثلاً نعلم أسماء بعض الأسر كالبخاري، و الكردي، و الهندي، و لكنهم استوطنوا بلاد العرب منذ أمد بعيد...
أما بالنسبة للسمرقندي، فأعتقد أن خير من وصف و أخبر عن السمرقندي هو ماكمايكل في كتابه –الجزء الثاني- حيث قال:
"The father of this type of nisba is undoubtedly that renowned but very elusive person, "el Samarkandi". As a writer of parables in the form of genealogies he deserves a considerable meed of praise".
حيث نلاحظ اهتمام الكاتب بهذه الشخصية و إقرار ما قدمته بكتابة الأنساب في السودان.
كما قال في فقرة أخرى:
"A word must be said here as to the "Samarkandi" referred to as the originator of the most typical nisbas. It must be confessed that nothing really definite is known about him at all. All we have to go upon may be summed up as follows: hardly had the FUNG and their Arab allies overthrown the kingdom of Soba in 1504 when they were threatened with invasion by Sultan Selim who had conquered Egypt in 1517. Omara Dunkas therefore thought it well to write to Selim and explain that the inhabitants of his kingdom were Arabs of exalted lineage. "With this letter he sent a book of the pedigrees of the Arab tribes in his kingdom compiled for him by el Imam el Samarkandi, one of the learned men of Sennar; and when this book reached the Sultan Selim its contents delighted him and he renounced the attack on Sennar".
و لقد نقل ماكمايكل الجملة الأخيرة من كتاب نعوم شقير.
و نجد أن المؤرخ محمد صالح ضرار قد ذكر شيئاً مشابهاً لذلك في كتابه تاريخ سواكن و البحر الأحمر، حيث جاء ما يلي:
" و في سنة 910هـ / 1504م أرسل السلطان سليم العثماني خطاباً إلى الملك عمارة دونقس (ملك سنار) يدعوه إلى الطاعة. فأجابه عمارة (( أني لا أعلم ما الذي يحملك على حربي و امتلاك بلادي. فإن كان لأجل تأييد دين الإسلام فإني أنا و أهل مملكتي عرب مسلمون ندين بدين رسول الله –صلى الله عليه و سلم- و إن كان لغرض مادي فاعلم أن أكثر أهل مملكتي عرب بادية. و قد هاجروا إلى هذه البلاد في طلب الرزق. و لاشيء عندهم تجمع منه جزية سنوية)). و أرسل له مع الخطاب كتاب ((أنساب العرب)) جمعه له الإمام السمرقندي (أحد علماء سنار). فلما وصل الكتابان إلى السلطان سليم أعجبه ما فيهما و عدل عن حرب سنار و لايزال هذا الكتاب في خزانة كتب الاستانة(1). و مانت فتوحات الملك عمارة دنقس (2) تناولتها الركبان. و انتشرت أنباء انتصاراته في الشرق و الغرب و امتدت من أقصى منابع النيل إلى ضفاف البحر الأحمر و عبرت أنباء ميلاد دولته الإسلامية البحار النائية و الأصقاع القاصية.
(1) قال شقير بك بحثت عن نسخة من هذا الكتاب في السودان فلم أجدها. و لكن العبد الفقير (مؤلف هذا الكتاب) تحصل على نسخة خطية من هذا الكتاب في مدينة شندي و سننشرها في تاريخ بني عامر و الفضل في في ذلك يعود إلى الهمة العالية التي بذلها الأخ محمد أحمد أبو دهب و الشيخ محمد إبراهيم بك ناظر عموم الجعليين.
(2) كان يلقب بملك الشمس و الظل و قد دام ملكه 42 عاماً."
مع وجود فرق في التاريخ بين رواية ماكمايكل و رواية محمد صالح. و لكن المعنى واحد بين الروايتين.
و لقد بعثت برسالة إلى الأرشيف العثماني بإسطنبول للاستفسار عن وجود أي نسخة لمخطوطة السمرقندي، و لكني لم أتسلم الرد لحد الآن.
أما بالنسبة لنشر المرحوم محمد صالح للنسخة التي تحصل عليها في كتابه "تاريخ بني عامر"، فعلمت أنه توفي دون تحقيق أمنيته. و أتمنى أن نصل إلى ابنه المؤرخ ضرار صالح لمعرفة ما جاء في نسخة كتاب السمرقندي، و أرجو ممن لديه المقدرة على التحرك القيام بذلك مشكوراً..
و نكمل مع صاحبنا السمرقندي و عن أصله، فلربما كان أحد العلماء الذين وفدوا لسنار منذ قيامها، حيث تعلمون القدر العالي الذي أولاه سلاطين سنار للعلماء الذين جاؤوا من مصر و الحجاز و المغرب العربي، و جاء تفصيل عدد منهم في طبقات ود ضيف الله، فيمكن أن يكون السمرقندي قد جاء من إحدى تلكم المناطق، و ذكر ماكمايكل ذلك بقوله:
"Of el Samarkandi nothing more is known. He was probably one of the itinerant fekis who were attracted from Egypt by the fame of the new kingdom founded in the Gezira and the probability that in the vanity and credulity of its rulers some profit might be found for himself. His original work has entirely disappeared and the numerous "exact copies" of it that are periodically reported are never more than garbeld extracts.
أما عن اسمه فقد ذكر ماكمايكل عدة أسماء وردت بعدد من روايات الأنساب التي تحصل عليها و هي: محمود السمرقندي و عبد الله بن سعيد السمرقندي، و كلا الإسمين وردا في مخطوطة واحدة، و لاحظ أن أحدهما دعي بالسمرقندي الكبير أو العظيم، و في مخطوطة أخرى ورد اسم أبو محمود السمرقندي.
و لقد أبدى ماكمايكل مزيداً من الملاحظات حول مدى حقيقة هذه الشخصية، حيث قال:
"It would be unjustifiable, I think, to write him down a myth. His fame must rest on some basis or other of actuality. If one accept the gist of Na'um Bey's account of him it is certainly allowable to remark that at the time of when el Samarkandi composed his work there must have been a fairly large fund of information still available about the circumstances of the entry of the Arabs into the Sudan and their tribal affinities. El Samarkandi would naturally make use of this, and the Arab chieftains of the day would be only too eager to supply him with genealogical details and tradition concerning themselves and their immediate forebear."
و لقد تمعنت هذه الفقرة كثيراً، حيث ذكر ماكمايكل أن الفترة –بداية القرن السادس عشر الميلادي- التي جمع و كتب فيها السمرقندي كتابه كانت تحفل بالمعلومات حول دخول القبائل لأرض السودان، كما أنه لابد أن يكون قد استعان بأعيان و شيوخ تلك القبائل في كتابه، و الجدير بالذكر أن غانم بن حميدان، ثم ابنه جموع بن غانم، ثم أخوه ضواب بن غانم، هم من كان على رأس الجعليين في الفترة التي يفترض فيها كتابة السمرقندي لكتابه، أي تقريباً ما بين سنة 1504م و سنة 1517م ، و الله تعالى أعلم..
أود الإشارة أن موضوع وجود مثل هذا الكتاب لمؤلفه السمرقندي أثار جدلاً بين عدد من المؤرخين و الأكاديميين، فمن بين من نفى وجود مثل تلك المخطوطة كان المؤرخ القدير يوسف فضل، بحسب ما علمت من أحد المقالات التي تحدثت عن الوثائق السودانية، و لكن و من جانب آخر نجد تواتراً ملحوظاً لاسم السمرقندي و كتابه عن أنساب عرب السودان، ما يؤكد وجوده بشكل من الأشكال.
و من ملاحظتي الشخصية، وجدت أن معظم الروايات المحلية لأنساب الجعليين قد ذكرت السمرقندي، و لا أستبعد أن تكون الروايات قد نقلت و نسخت من بعضها البعض، و كلها في نهاية الأمر منسوخة من كتاب السمرقندي، لكن الاختلاف واضح من سلسلة نسب لأخرى، و هذا يدل على عدم الدقة في النقل في كثير من الأحيان، حيث بدلت أسماء و اختلف ترتيب البعض، و سقطت أخرى في حين زيدت أخرى، و الله المستعان..
و أختم بفقرة تشير إلى هذه الفكرة، صرح بها ماكمايكل:
"Where links in the chain were missing no doubt others were supplied by the imagination, and the critical faculty was presumably brought into play as little as possible; but it appears to me that it easy to over-estimate the part played by sheer inventiveness and to under-estimate the general amount of truth underlying statements which as regards the exact form in which they have survived are inaccurate in many details".
هذا و لنا لقاء بحول الله مع سلسلة سأنشرها بعد حين، تتعلق بمعلومات و أمور مهمة وردت بكتاب ماكمايكل...
و دمتم سالمين..
http://www.darg3l.com/showthread.php?t=9042
| |
|
|
|
|
|
|
| |
عبدالرحمن الحلاوي
الطيب شيقوق
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست