|
( لحن الحياة ) .. الشفيع و ود القرشي في منتدى دال الثقافي
|
قالت الناس كان ما غنا الشفيع ده ما كنا عرفنا طعم " للقعدة " . و هكذا , جاء زمنٌ كان فيه كل من أرخى سمعاً للشفيع , جذبه الرجل بالتطريب و الغناء المسحور و ترتيب فوضى الروح . فأينما و ما التأم نفرٌ يفرزون لليل خيوطه و يعيدون غزلها , منحهم الشفيع ( إبرتين من العبير و خيط ماء ) , فارتصّ الليل حلواً منمنما . يقول أحدهم : إيه حكاية الشفيع مع سلاما ؟؟ فأنظر .. أجد الشفيع يغني لحن الحياة فتفرهد الناس حين يصل طربه حد الطلاقة الطلاوة في : ( و فيمَ الملامة يا حبيبي // و كلي هياما يا روحي . و يا من تعامى يا حبيبي // سلاما سلاما يا روحي ) ثم في أخرى يزجج عين الغناء بكحله المبصوم .. فيقول في القطار المرّ : ( السلامة سلاما .. يا ليل سلامة سلاما ) .. و أخرى فيها يدغدغ مفردة سلاما فيعجنها بصندل الليل , و بالسادة العاشقين و أخوتهم من ذوي الحنين و الشجن .. و حتى في البلاد الأجنبية يكون الشفيع مُتبتباً للخلق السودانيين ذوي الغربة و أهل البكاءات على الدار و الأهل و الوطن . أسماه العامة و الرجال في الأزقة و النسوة في عشقهن السري و العلن , و أسمته البيوت المتسربلات بالهوى السوداني .. تلك المنسدحة مدّ البلاد .. أسموه ( مغني الأرباب الجميلة ) .. فلقد غنى لرب الجمال .. رب السعادة .. رب الشعور .. و كان رباً هو لديار الطرب و خازناً لأسرار الساكنيها من أهل الهوى و الصب المشبوب و الصبابة الحرّى . و في كل ذلك كان خدنه ود القرشي . القرشي الجميل ( أب عمة و شعور حية ) . دوزن الرجلان خطونا الموسيقي حينا , ففعلوا به الأفاعيل .. إذ صارت الناس تلتئم - على حِس - الشفيع و مفردة القرشي الجزلى في حميمتها .. الطولى في الدخول إلى حيث بيت القلب و مخدعه . و ما كان كلاماً غريباً فريا .. بل كان منضوماً من لُحمة أهل البلاد و همها , فنهج في الناس , و فيهم تجذر فبقى .
........ ( تذرف عيوني بحور أقضي الليالي قيام // ما بين شوق وهيام ارعي النجوم في سحور ... وفؤادي آه منحور مقتول بغير سلاح // وأقول بكل صراح سببي العيون الحور ... فيك الكمال محصور أكظمت كل حسود // حسنك مقامه يسود علي كل جيل في عصور ... طرفك لحاظه تريع أسدا شجاع وهصور فيك نفرة الغزلان // مع جبرة الفرسان في هيبة المنصور ... أهيف رشيق متبور تتهادي تيه ودلال // ما بين غرف وظلال نعمة وترف وحبور ... سهمك علي مهبور أيه ذنبي غير هواك // انا يا جميل بهواك من قلبي ما مجبور ... يا البي العفاف مشهور نيدك عبير فياح // وقوامك المياح أينع ثمار وزهور ... بي حبي دمعي جهور أنا في دجاك يا ليل // نجمك بقالي خليل فارقت نومي دهور ... أنا من زمان مأسور هجراني ما هماك // يا الليَ قاسي لماك من طول جفاك محسور ... وحياة خديدك وجيدك وطريفك المكسور أنا شعري ما بيوفيك // مهما أبالغ فيك منظومي والمنثور ... أنا من صفاك مسحور بالله انت ملاك // ولّلا من حسان الحور يا ناعس الاجفان
من يغني مثل هذا الكلام الكلام .. من هدهد أحزاننا و جعل من عنت الملاواة لهذه ام قدود هينا .. من حضنا على العشق و الهوى و الحب و الجمال .. من ذهب حلو السيرة بين المخاليق حتى غيبه الغياب الكبير لهو جديرٌ بالأحتفاء به .. و تفعلها دال في منتداها الثقافي بعد غد .
|
|
|
|
|
|