صور ووقائع تأبين فقيد البلاد الدكتور جيلي مصطفى فرح

كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-12-2024, 04:54 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
اخبار و بيانات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-02-2018, 03:26 AM

عبدالوهاب همت
<aعبدالوهاب همت
تاريخ التسجيل: 04-27-2014
مجموع المشاركات: 15

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
صور ووقائع تأبين فقيد البلاد الدكتور جيلي مصطفى فرح

    03:26 AM April, 01 2018

    سودانيز اون لاين
    عبدالوهاب همت -
    مكتبتى
    رابط مختصر

    ..لندن
    جيلي فرح (إرون جنل قُبالا فيا)
    كانت روح فقيدنا العظيم د.جيلي فرح ترفرف في سماء قاعة مدرسة سانت أوغستينوس في لندن أمسية أمس السبت 31 مارس 2018 والتي إحتشدت بالمئات من السودانيات والسودانيين الذين تدافعوا للحضور والمشاركة في تأبين رجل شامخ باذخ العطاء ورمز من رموز الوفاء، تدافعوا بدوافع الوفاء والعرفان بالجميل إحتفاء بقامة وطنية ممتدة كما النيل شامخة كما تهراقا راسخة كما جبال توتيل.
    جاءوا من كل المدن البريطانية وبعض الدول الأوربية والعربية.
    لم ينحصر الحديث عنه بالعربية فكانت اللغة الانجليزية حاضرة ولم تتوقف المشاركات عندها ، وكانت النوبيه موجودة مجسدةً في قصيدة نوبية دقيقة كأدق مايكون الوصف وبلسان نوبي سلس من الشاعر معتصم قناوي والذي مزج فيها مابين التراث النوبي العتيد وألياذة النوبيين(أسمر اللونا).
    جاء السويسري البروفيسور هيرمان بيل المدله بالتراث والذي يتحدث النوبيه بطلاقه وفاءً لجيلي رمز الوفاء.
    ليتك ياصديقي جيلي لو كان بالامكان الحضور لبضع ثوان لتشاهد بأم عينيك كان هام الناس بحبك يابحر الجود والكرم وباذل النفس والوقت والمال.
    تم إفتتاح الأمسية بآيات من الذكر الحكيم وكلمة رئيس اللجنة القومية للتأبين الاستاذ إدريس نوري والذي عزى اسرة الفقيد وقدم شكره للبروفسير هيرمان بيل المتخصص في التراث النوبي وتحدث عن الفقيد معدداً مأثره في النبل وحسن القيادة مساهماً في تأسيس العديد من المنظمات والتنظيمات وأن الفقيد سخر كل حياته للعمل العام وأعلن عن قيام مركز ثقافي يحمل اسمه في جزيرة موركي التي شهدت ميلاده وطالب الجميع بالمساهمة في هذا العمل الضخم.
    الاستاذ الصادق الرضي قدم قدم كلمة دكتور كريسني من جامعة لندن والتي تحدثت عن عظمة الفقيد وإستعداده الدائم لتقديم الخدمات للاخرين فخورةً باللحظات الجميلة التي قضتها معه وتمنت أن يكون اليوم غير حزين بالنسبة للمشاركين.
    تلى ذلك الدكتور بكري محمد علي من أصدقاء الفقيد وقال نحتفل اليوم بميلاده وإنجازاته الطويلة ولابد لي أن أنحني أمام إنجازات الراحل وإسهاماته الإقتصادية والسياسية في مجالات حقوق الإنسان والناهض والمبادر في سبيل إحياء الإرث النوبي، وأقول له أنك لا زلت بيننا ،وعلاقتي بالراحل أكبر من الحدود السياسية قد عرفته أكثر من 34 عاماً فهو من أصدق الأصدقاء وأشرف الشرفاء رغم انه كان يعمل في صمت لكنه أحد رموزنا الحقيقية، عملت معه في تنظيم التقدميين السودانيين وكنت ممثلاً للحزب الشيوعي ساهم في تأسيس الكيان النوبي في السودان، وأشكر الذين كرموه في حياته وهو كان يرى في لندن مركزاً ثقافياً سياسياً وضرورة الإستفادة القصوى من كل الوثائق والأوراق والتاريخ الموجود في المتحف لابريطاني حول الحضارة النوبية وغيرها ويكفي انه كان عضواً فاعلاً في كل التنظيمات التي إنتمى إليها.
    الاستاذ الفاتح أبومدين قدم كلمة المدرسة السودانية ناعياً الفقيد والتي يعتبر من الرواد الأوائل المؤسسين للمدرسة السودانية وظل يدفع بمسيرتها منذ أوائل التسعينيات. وتعتز مدرستنا بتفوق أبنائه أكاديمياً وأخلاقياً كما نعزي الرابطة النوبية وكل أهله وأصدقائه.
    الاستاذ راشد سيد أحمد عن لجنة مناهضة السدود أرسل تحية خاصة في مناسبة خاصة لإنسان معطاء مميز وإستثنائي كان منحازاً للغد المأمول، وظل حقيق بالفعل الإيجابي المفيد لقضايا النوبيين والوطن وحيثما وجدها مد كفه بالعطاء بلا حدود وشهدنا تميزه الساطع وفعله للخيرات إنتمى لهموم الكادحين والمظلومين وصار صوتا لما لا صوت له وظف كل خبراته وكان كتفاً يتكى عليه وحنجرة صادحة ضد الظلم وكان صارماً فكرياً وسياسياً، عطوفاً رقيق الحاشية. كريماً سخي الكف تميز بالتفاؤل والمثابرة متفائلاً بإنتصار الخير مهما طال الزمن، يبقى معقده خالياً من جسده لكن هذا المقعد سيظل متروساً بروحه الملهمة، دفناك وكأننا نزرع نخلة.
    الاستاذ الشاعر قناوي قدم قصيدة دقيقة ومعبرة باللغة النوبية مزج فيها ما بين التراث النوبي القديم مستشهداً بالإلياذة النوبية (أسمر اللونا) دامجاً ورابطاً ما بين مواقف الفقيد والواقع النوبي بشكل دقيق.
    دكتور حسين عبد المولى شكر الحضور وقال ما كنت أتوقع أن ارثيه وحديثي هذا عن بنفسج آخر، كان يختلف عنا في كل شئ مثل البساطة والحق والخير كان دائماً وكما قال درويش كعشاء الفقراء باراً باصدقائه واهله بإبتسامته المميزة يأتي سريعاً ويذهب سريعاً، كان وطنياً بل كان الوطن، والوطن كان عنده من حلفا شمال الوادي لأقصى جنوب الوادي إمتاز بخفة الظل وسرعة البديهة لدي مواقف طريفة وكثيرة معه. وتناول كذلك مشاركة
    د.احمد حسب الله من أصدقاء الفقيد والذي قال لاأستطيع أن أقول بأن جيلي قد ذهب وقدم قصيدة باللغة الانجليزية وأن جيلي شخصية خارقة ما أقدم على شئ الا وأنجزة بشكل كامل وأن ماقدمه للمنبر الديمقراطي إبان تكوينه كان ناجحاً نجاحاً منقطع النظير ، وأن جيلي أحد أهم المساهمين في إنجاح المؤتمر التأسيسي لحركة القوى الجديدة (حق) . وختم حسب الله:في مكان ما سأكون سوياً وسوف يستمر الذي مابيننا الى مابعد الموت.
    بروفسير هلمان بيل الباحث والمنقب عن التراث النوبي قال يعتبر جيلي من أجمل من قابلت في حياتي وشكر الشاعر قناوي وقال جميل أن اسمع منك أسمر اللونا لكنك في قصيدتك هذه نسيت صوت الساقية والتي عمرها يزيد عن الالفين عام قد كنت هناك منذ ستين عاماً وقد سجلت في ابندان صوت تربال يركب في الساقية وصوت الساقية الحنين الذي يعادل صوت القرب في اسكتلاند. قبل 15 شهر زرت موركي مكان ميلاد جيلي والذي قال لي تمنيت لو كنت هناك لاستقبلك الاستقبال الذي يليق بك. ذهبت إلى المدرسة التي درس فيها الجيلي وهناك أشياء كثيرة في حياته مهمة نريد أن يكون لدينا مترجمين يفهموا هذه الثقافات والمشاريع الكبيرة التي أعمل فيها واي واحد منكم يمكن أن يكون مترجماً ممتازاً يجب أن نفهم النوبية وموسيقاها الأغنى وهذا ما كان جيلي يطمح للعمل فيه دعونا ننجز هذا العمل وقبل أن أقول اي شئ النوبيون أعطونا وردي وسعاد أبراهيم أحمد وجيلي وفي اخر ايميل كان قد كتب لي مثلاً شعبياً قوياً.
    الاستاذ الصادق الرضي قال نجتمع لتأبين أحد رموزنا رجلاً تقدم في كل شئ نهل من النبع النوبي وسيظل تميزه شاخصاً تميز بالمشاركة والإنتماء بعيداً عن التزمت الايديلوجي يقف تاريخه في العمل العام شاهداً على ذلك تميز بالروح العالية والتصالح وتحكيم العقل والإرتقاء فوق الضغائر وبقدر ما نتذكر عطاء جيلي واريحيته نشعر بفداحة فقده والعزاء أن روحه السمحة ستظل بيننا.
    الدكتور أحمد عباس أناب عنه في تقديم كلمته الاستاذ طارق التجاني والذي قال نقف حيث يمتزج الحزن في ذكرى إنسان نموزجي بدأ تاريخه المشرف بقيم الحق والعدل والمساواه نفتقده في زمن فاجع وواقع مرير كان معبراً ومهموماً بقضايا الوطن من أجل العدل والإنصاف بوصفه إنسان في المجال الأول تعرفت عليه في أوائل ثمانيات القرن الماضي وكان الصراع على أشده بين تحالف المايويين والأخوان والصراع حول مقاعد اتحاد الطلاب في بريطانيا والتهديد بقطع المنح الدراسية وبالتالي الإرجاع إلى السودان وعندها لم يقف جيلي على رصيف المتفرجين واختار المواجهة دون تردد صلباً قوياً متسامحاً مستمعاً جيداً إكتسب إحترام كل من عرفه. خاض مناقشات واسعة ورصينة بعيداً عن الاستقطاب والتجريم كام من المؤسسين لتنظيم الديمقراطيين السودانيين كان في إتساق تام لقناعاته ومؤسساً للمنبر الديمقراطي ولحركة القوة الجديدة الديمقراطية حق، سيبقى كتهراقا ونهر النيل.
    الاستاذ تامر عبد المجيد عن النوبة المصريين قال كان الراحل في قمة التواضع مدافعاً عن أهله وأرحامه الذين تعرضوا للتهجير موثقاً لإنتهاكات حقوقهم، إلتقين به العام الماضي وقال لي الاخوة في الرابطة النوبية في مصر أنك بمجرد إتصالك به سيأتيك مباشرة وقد فعل وقد أطلعني على كتيب من أجل النوبة ولفت نظري انه كان دقيقاً فيه كان صادقاً وحكيماً في كل كلمة قالها لي وشعرت بأنه قد حملني أمانة للدفاع عن أهلنا ونحن سنحمل هذه الوصية ونسير بها وفاء له.
    الاستاذة فريدة شورة تحدثت عن الراحل بانه نجم هوى من سماوات بلادي وأن الحديث عنه موسوم بالتقصير مهما فعلت، بماذا ستبدأ ايها القلم الحزين الجامع بين الفرقاء الموحد بينهم، جيلي وفاء وآخاء أمانة وفداء ونكرات للذات والحب لكل من حوله المستعد لخدمة أهله المتيم بحب السودان عمل دونما كلل أو ملل جعل من داره مزاراً ومتكأ، هواللغة الرصينة والاسلوب الشيق هو المرجع والتاريخ والركيزة والهمة والخطوط الدفاعية ضد مخربي الأوطان. هو النخلة والتبلدية وغابة الابنوس هو مركز إشعاع هل أوفيناه حقه في هذه العجالة جيلي لم يمضي لأنه لا زال بيننا بحضوره وعطاءه.
    الاستاذ كامل دهب وقد أناب عنه في تقديم كلمته الاستاذ رضا بدر
    تلى كامل سيرة كاملة عن الفقيد منذ المرحله الاوليه ونبوغه المبكر وأنه كان أول من أصدر صحيفه حائطيه في المدرسه أسماها النخيل وفي المرحلة الثانوية كان على رأس القائمين بأمر الجمعية الأدبية وفاز بمقعد سكرتير ثقافي وحرك سكون المدرسة كما كان عضواً فاعلاً في نادي اللقاء في عطبرة، وعندما إنتقلنا إلى جامعة الخرطوم تمددت صداقاته وكان من أبرز الطلاب وقبل أن يكمل دراسته الجامعية عمل مدرساً للغة الإنجليزية والتي أتقنها بشكل ممتاز وعندما جاء وقت الامتحان أرسل رسالة إعتذار شديدة الرقة إلى إدارة المدرسة وقد تأثرت تلميذاته بفقدانه كثيراً.
    الاستاذ عبد الملك العبيد عن تحالف القوى السياسية قال جيلي النوبي الأصيل دعني اناديك جيلي الناشط السياسي والعالم الاقتصادي السوداني إمتلأ بفهم عميق ووطن خير متعدد ملئ بالخيرات والخبرات كان يدرك بحسه الوطني أن قوة الظلم تسعى لطمس هويتنا عبر مسح مناطق الآثار لم يكتفي بمعرفة تلك المخططات بل سعى مع اخرين لمجابهة ذلك كان ناشطاً سياسياً منذ أوائل الثمانيات وعضواً مؤسساً في تحالف القوى السياسية عرف بالجدية والصرامة ودقة الإلتزام بالمواعيد كان رمزاً للعطاء والاسهام لم يماطل ويتخلف عن أداء المهام توفرت فيه مزايا نادراً ما تكون في شخص واحد ولم يخرج على اي قرار إتخذناه وكان صادقاً فيما يؤمن به.
    كلمة الاستاذة (رشا قاسم)
    قدمت كلمة خريجي جامعة الخرطوم بالمملكة المتحدة
    د. جيلي من المؤسسين لرابطة خريجي جامعة الخرطوم بالمملكة المتحدة وقد لعب دوراً كبيراً في إنجاح المؤتمر التأسيسي والذي إنعقد بمقر الجاليه السودانية ، وساهم بقوة في دفع نشاطات الرابطة ومنها الوقفة الاحتجاجية ضد قرار بيع أراضي جامعة الخرطوم لاحد المستثمرين . وقبل ذلك فهو من أوائل المؤسسين لروابط الطلاب السكوت والمحس في جامعة الخرطوم إبان دراسته فيها.
    كان اليد الحانيه والممتدة على الدوام للقادمين الجدد من خريجي جامة الخرطوم في إرشادهم وتقديم النصح والمشورة لهم
    في الحصول على مقاعد للدراسة ،أو في إيجاد فرص للعمل رئيس الجالية الاستاذ محمد الفاتح الذي عدد مزايا الفقيد ومشاركاته اللا محدودة ومبادراته الدائمة في العمل الجماعي وإستعداده الدائم لتقديم يد العون والمساعدة وطرح الأفكار الخيرة والمتجددة الجالية برحيله تفتقد ركناً من أركانها وأحد الذين ظلوا على الدوام يقدمون لها الكثير.
    كلمة الكيان النوبي قدمها الاستاذ عبد عبد الوهاب الرسول وقال جيلي رجل ستبقى ذكراه عل مر التاريخ كريماً جواداً كباسقات النخيل، كان يؤمن بالعمل الجاد لا ينحني أمام العواصف صاحب مدرسة جيلي فرح في العمل العام والذي عملت معه في دروبه وكان كالمرشد والدليل صابراً صامداً وهو ركن من أركان الكيان النوبي وأحد واضعي لبناته الاولى كان مهموماً بالحفاظ على التراث النوبي قام الفقيد بعدة رحلات تنويرية في سبيل قيام الكيان النوبي مبشراً به وبأهدافة كانت محطته الاولى القاهرة والثانية أسوان في النوبة السفلى وإستمرت لأرض الحضارات حلفا وتنقل بين القرى النوبية سكوت ومحس داعياً لأهمية قيام الكيان النوبي ووصل إلى الخرطوم وتعرض لمضايقات شديدة من جهاز الامن وبأشكال مختلفة حتى لا يقوم الكيان النوبي لكن هيهات لهم وفي فريك أرض البطولات شمخ أول كيان نوبي إلتقى فيه النوبليون من كل أصقاع الدنيا مبدين إستعدادهم لنهوض والحفاظ على هذا الكيان وقدم جيلي كلما هو ممكن أعماله الجليلة وطيبته بلا حدود ستبقى أثراً له إذ كان يجد المتعة في إسعاد الاخرين متجاهلاً من يسيئون إليه بل مبتسماً في وجوههم.
    داليا جيلي إبنة الراحل الكبرى إرتجلت كلمة بسيطة معبرة مؤثرة مما أدى إلى إدخال الحضور في نوبة بكاء مستمر تحدثت حديثاً من القلب إلى القلب عددت مأثر والدها في انه كان على إستعداد دائم لإستقبال ضيوفه في إي لحظة وقالت شقتنا ضغيرة تتكون من غرفتين وصالة واسرتنا مكونة من أب وام واختين واخوين نفترش الأرض في صالتنا أو نبحث عن مكان للمبيت مع بعض الصديقات أو الأصدقاء وكان والدنا دائماً ما يذهب إلى المطار مستقبلاً القادمين إلى العلاج وهو يستمتع بذلك إيما إستمتاع. كان يقرأ كلما يعثر عليه حتى وهو في عيادة الطبيب ويدون ملاحظاته على اي شئ يقرأه كان يحثنا على القراءة والإطلاع ويشجعنا على ذلك بمقابل مادي كان يبتسم على الدوام ويضحك لم أراه يبكي إلا ثلاثة مرات في يوم لذكرى الإستقلال وكان يقول لنا شاهدوا كيف وصل بنا الحال الآن والمرة الثانية كان مريضاً عقب تخرجي من الجامعة وكنت في طريقي إلى السودان فبكى بكاءً حاراً واخر مرة رأيته يبكي في وفاة والدته وكان يحبنا حباً شديداً.
    وقالت أن والدها كان شديد الحساسية ولايريد أن يتعب الناس، وكان دائماً مايخفي مرضه ويزور المرضى، وإعتذرت عن عدم إبلاغ الناس بمرض والدها الاخير لأنه لم يكن يريد ذلك حتى لايزعج الناس بالحضور،وذكرت واقعة أغضبت والدها كثراً وهي في سرير المرض عندما تم منع العم عبدالوهاب عبدالرسول من الدخول والرجل قد قطع مشواراً للوصول وتذكرة لسيارته وطالب على الفور بضرورة السماح له بالدخول لمقابلته.
    وكان الاكثر إيلاماً في حديثها (أننا لم نكن نعلم أنها المرة الاخيرة والتي لن يعود منها الى البيت مرةً أخرى، أنا أشكركم جميعاً فقد آزرتمونا ووقفتم الى جانبنا وقفة مشرفة ونحن نعجز عن شكركم فرداً فكونوا معنا والواجب يحتم علينا أن نقف معكم) وختمت بالترحم على روح والدها.
    أعقبها عرض مسرحي من تأليف الاستاذة تماضر حمزه وهي مسرحية تجسد آلام التهجير وطفلة يعلو صوتها وهي تبحث عن ماذا تحمل معها هل تحمل حقيبتها أم ما موجود في البيت أم أشجار النخيل والتراث النوبي الممتد الجذور هل أترك ذلك التاريخ وإلى أين وكيف اسير وكان الشعار المرفوع عن شهداء كجبار.
    وجاءبالغناء الثوري الفنان ياسر وردي والذي تغنى بالأناشيد الوطنية للفنان محمد وردي و تجاوب معه الحضور بشكل كامل بعد أن قام بنقلهم من الجو الحزائني المؤثر.
    تلاه الاستاذ عبدالغفار محمد سعيد عن الرابطة النوبية والذي قدم شكره لمواقع الراكوبة وسودانيزاونلاين والتحرير والروابط المهنية والاقليمية والذين ساهموا في نشر الاعلان الخاص بالفعالية والحضوروتناول بالحديث دور الفقيد وعلاقاته المتنوعه والمتميزة ودوره بربط التنظيمات النوبية ووحدتها.
    ومضى يقول على المستوى الشخصي عملت معه لثلاث دورات ولم أرى منه الا كلما يدعو للفخر وقد كان نموذجاً للالتزام الصارم والوطني اللامحدود وعدم تلكؤه ومبدئيته الكامله وبسالته وإستعداده للدفاع عن قضايا الوطن ومن كل الزوايا.
    الاستاذ شهدي مصطفى فرح شقيق الراحل المقيم د.جيلي قدم سيرة كاملة عن حياته الشامخة المتشعبة الوافرة بالخير والعطاء . وكان الخبر الذي أثلج صدور الحضور هو أن العمل في مركز جيلي الثقافي قد بدأ بوضع حجر الاساس وسوف يبدأ العمل قريباً.
    وشارك بارسال كلمته مكتوبه صديقه د. الباقر العفيف
    سلام على الجيلي في العالمين


    يا جَيْلانِيُّنا .. هكذا كنت أحب أن أناديه كلما هاتفته.. وهي مناداة مستمدة من قصيدة عِرْفَاِنِيَّة ينشدها الجمهوريون.. يطلبون فيها المدد الروحي من الولي الصالح الشيخ عبد القادر الجيلاني. ومطلع القصيدة يقول:
    جَيْلانِيُّنا قد شَدَّ نحو خِيامِنا الخَيْلَ فيا قَدَم الهُدَى والنُّورِ كِلْنَا سَيِّدي كَيْلا
    وكان الجيلي كلما ناديته بهذا الاسم يرد علىَّ بضحكته القصيرة المتقطعة.. هه.. هه.. هه.. ثم يسألني عن الأسرة والصحة ومتى وصلت لندن، وكيف نلتقي.. ثم سرعان ما يدلف للحديث في الهم العام..
    كنت أناديه بذلك الاسم لأني كنت أرى فيه شيئا من سَمِيِّهِ.. كنت أرى فيه شفافية وروحانية طاغية.. كنت أرى فيه تواضعا وزهدا وقناعة.. كنت أرى فيه تضحية وبذلا وصبرا ... وهذا هو معنى التصوف... هذا هو معنى الولاية. فالجيلي، عندي، وَلِيٌّ بطريقته الخاصة..
    منذ أن التقيته لأول مرة، في إطار العمل العام، أوائل التسعينات، لفت نظري قلقه وحساسيته بقدر ما لفت نظري إخلاصه وتجرده.. كان أبرز ما يطالعك منه هي حالة القلق الشديد التي تنتابه على أحوال البلد، وأحوال العمل المعارض عموما. أضاف على ذلك، منذ منتصف التسعينات، قلقه على أحوال حركة حق. ثم أضاف على ذلك قلقه على أحوال مركز الخاتم عدلان منذ أن دخل في أزمته الشهيرة عام ٢٠٠٩، وحتى إغلاقه في العام ٢٠١٢.
    كان شديد القلق، شديد الهم، شديد الحساسية. ليس عندي شك في أن تراكم القلق على عقله مما كان يرى من أحوال الشعب المتردية، وتراكم الهموم على قلبه مما كان يرى من أحوال المعارضة المحبطة، وتراكم الضغط على أعصابه مما كان يرى من خيانة الصديق، وغدر القريب، وفساد الأمور كلها، هي السبب الأساسي في رحيله المبكر.. لم يَعُدِ العقلُ يَقْدَر.. لم يَعُدِ القلبُ يَقْوَى.. لم تَعُدِ الأعصابُ تَحْتَمِل.. فكأننا نتمثل أبيات الشاعر نزار قباني في رثاء جمال عبد الناصر:
    قتلناك نحن بكلتا يدينا
    وقلنا: المنية
    لماذا قبلت المجيء إلينا
    فمثلك كان كثيرا علينا
    ما رأيت مثل الجيلي إخلاصا وتجردا في العمل، ولا مثله حبا للبلد والناس.. ولا وفاء للأصدقاء. عاش حياته كلها من أجل البلد ومن أجل الآخرين. كان يعطي بلا حدود. يعطي جهده، ووقته، وماله. يعطي بأريحية وحب.. يعطي بلا انتظار مقابل، حتى ولو كانت كلمة شكر. يعطي ويمضي في سبيله، دون أن يلتفت وراءه.
    كان الجيلي إنسانيا لأقصى مدى.. لم يكن يؤذيه شيء مثل تمريغ كرامة إنسان بسبب من حاجة أو فاقة.. أذكر أنه اتصل بي ذات يوم وهو في حال من الحزن شديد، وقال لي هل قرأت رسالة صديقنا فلان لفلان؟ قلت له نعم. قال لي: "كان قاسيا في المطالبة باسترداد دينه من الرجل. لابد من أن نقضي هذا الدين عن هذا الرجل فورا. وأنا قررت أن نتقاسمه أنا وانت وصديق آخر سماه باسمه. لا يجب أن يُذَلّ إنسان تحت سمعنا وبصرنا لأنه لا يملك ما يقضي به دينه،".. وهذا ما كان.
    أما موقفه من أزمة الحركة فكان موقف المُتُثَّبِّت من الأمور، الواقف على الحياد، غير المنحاز، المنهمك في محاولات التوفيق والاصلاح. وعندما تعذر ذلك تقدَّم باستقالته مُوَقَّعَة بالطريقة الجيلانية: رسالة عنوانها "باي باي".. فكنت أراه بعين الخيال ملوحا بيده وعلى وجهه ابتسامة حزينة. غادر الجيلي"الحركة" ولكنه لم يغادر العمل العام.. ولم يحدث تغييرا في هدفه الأساسي.. فقط أعاد ترتيب أولوياته وغَيَّر مقارباته.. أعاد النظر في مداخله، آلياته وأدواته.. ظلت ديناميته تنتقل بين العام والخاص، وبين الكلي والجزئي.. أضاع عمرا في العام والكلي، وفي النهاية ألقى بكل ثقله وطاقته في الخاص والجزئي، عسى أن يحدث فيها أثرا وتغييرا يؤدي إلى التغيير في القضية الكلية وهي قضية التغيير الشامل في السودان.
    والتَّثَبُّت كان أيضا موقفه إبان أزمة المركز. كان ضمن لجنة الوساطة الأخيرة التي انعقدت بالدوحة. والتي كانت مَحَكّا عُرِفَت فيه أقدار الرجال والنساء.. فعندما اتضحت الأمور للجميع كوضوح الشمس في قارعة النهار، لم يتعامى الجيلي عن الحق كما فعل البعض.. بل كان هو جَيْلانِيُّنا الذي نعرف، وقوفا مع الحق حيث كان، واستقامة في الموقف وتعبير عنه بِرُقِّيٍ وتَحَضُّر.. لي مع الجيلي حوارات في قضايا الحركة والمركز أرجو أن ترى النور قريبا.
    فيا جَيْلانِيُّنا،
    نم قرير العين.. فقد أدَّيتَ أمانتك، وأخلصت سعيك، وقُمتَ بواجبك. سِرْتَ في رحلة الحياة كأحسن ما يكون السير.. وعندما حانت لحظة الرحيل خرجتَ من هذه الدنيا الفانية نظيفا طاهر الجناب، مخلفا وراءك سيرة عطرة، نتمنى لو نستطيع أن نُخَلِّفَها وراءنا أسوة بك، وتركت في قلوب الناس حبا هو زادك في رحلتك الأبدية التي تَغُذُّ السير فيها الآن.. فما أروعك من إنسان..
    وشارك الاستاذ محجوب بابا من البحرين بكلمة مسجلة عبر الفيديو ولكن لرداءة الصوت لم يتمكن الحضور من سماعها.

    وقدم قدم المبدع ياسر وردي الفاصل الختامي كأفضل مايكون الختام.
    شارك في تقديم الامسية الاستاذ الشاعر الصادق الرضي والشاعرة بالعربية والنوبية الاستاذة سارة فضل وقد ساهما في إخراج الفعالية كأفضل مايمكن من إخراج.
    كما قدمت اللجنة القومية للتأبين خدمات الضيافة والاستقبال بشكل ممتاز فلها شكراً تستحقه على حسن صنيعها.























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de