في تقديمه لاضاءت حول الكوميديا السودانية يعبر الناقد المسرحي السر السيد الحدود ويقول بأنه آن أوان أن يعتزل الكوميديان الرقم عادل إمام فالسنوات قادرة علي أن تسحب رصيد التميز السابق، كان مفارقاً المطالبة بإعتزال نجم نجوم الكوميديا العربية عادل إمام في ليلة البحث عن أزمات الكوميديا السودانية. بين الضحك النابع من القلب ومرارة الواقع إرتسمت تفاصيل ليلة الكوميديا التي إستضافتها خيمة الصحفيين التي تنظمها مؤسسة طيبة برس ترعاها شركة سوداني وعدد من الشركات الوطنية وفي المسرح المعتاد بفندق ريجنسي بالخرطوم أمس الأول وانقسمت الليلة بين حالة من الفرح صنعها الكوميديان (جنكيز ولؤي محترم) وهم يقدمان فاصل من المعالجات للقضايا الإجتماعية في قالب كوميدي وتحت لافتات المجموعات الجديدة. وفي إضاءت إتسمت بدرجة كبيرة من الوعي قدمها الناقد السر السيد الليلة التي غني فيها أيضا الفنان طارق النحاس. كعادتهم قدم جنكيز النكات ثم غادروا المسرح. وهو الأمر الذي يعيد للأذهان قضية ظلت حاضرة وهي الإتهامات بأن تقديم النكات بهذا الشكل يهشش البنية الإجتماعية في السودان بحسب ما قال الشاعر عبد المنعم الكتيابي وكعادته ظهر عمر عشاري في النقاش وهو ما حمل بما أسماه سعي المجموعات لخلق حالة من (التنميط) في المجتمع السودانى، تنميط سيقودنا لدفع فواتير أكثر من التي ندفعها يتهم عمر من يسوقون لنكاتهم بأنهم يحاولون تنميط مجموعات معينة في مواقف معينة وهو أمر من شأنه أن يفاقم من الإشكاليات الموجودة بين السودانيين عمر يقول إن إلتقاء (السخرية مع الحرب) في شكل النكتة من شأنه أن يؤثر سلباً، لكن في المقابل فانه يعترف بأدوار إيجابية لهذه المجموعات في سبيل التعاون من أجل إنجاز تغيير إجتماعي في المستقبل. تحول الكوميدين إلي مجرد مرددي (نكات) وهو أمر من شانه أن يؤثر علي المسرح وعلي الأنشطة الأخري، يقول الكتيابي إن حديثهم هذا لا يمثل حاله هجوم علي مجموعات النكات لكنه في المقابل يطرح سؤال رئيس يتعلق بإنخراط خريجي كلية الدراما والمسرح في هذا النشاط علي حساب الأنشطة الإبداعية الأخري. بالنسبة للسر السيد فإن إزدياد نشاط هذه المجموعات لا يمكن أن يكون علي حساب المسرح باي شكل من الأشكال ويشير إلي أنه في هذا الجانب فإن أهل المسرح كثير ما إستعانوا بنجوم الكوميديا في عروضهم والذين إنخرطوا في تأدية أدوار مميزة ويضيف السيد أن هذه المجموعات وفي عروضها التي تقدمها إستطاعت أن توظف جل تقنيات العرض في إيصال فكرتها كما أنها كانت أكثر جراءة في مناقشة قضايا عجز عن مناقشتها المسرح الرسمي (المعسم) ويمكن القول بأن أصحاب هذا التيار إستطاعوا أن يوظفوا المتاح لتقديم أفكارهم ومشاريعهم ويقول إن مناقشة قضاياهم في شكلها العام لا تتم إلا بالنظر إلي مجمل التعقيدات المحيطة بالمشهد السوداني برمته، ويؤكد علي أنه لا يمكن لشخص سوي أن يدعم مشروع الإضحاك علي حساب التقليل من الآخرين لكن الأمر نفسه يجب مناقشته في إطار إشكاليات الخطاب الكوميدي السوداني وهو خطاب لا ينفصل عن مجمل إشكاليات الخطاب السوداني في مستوياته المتعددة وأن الأمر لا يمكن التعامل معه في سياق هذا التبسيط هو يحتاج لدراسات أعمق. ولا يستبعد السيد دخول عوامل سياسية مثل نظرية المركز والهامش ببعدها السياسي كأداة من أدوات تقييم النكتة أو غيرها من أشكال الإبداع المقدم، ويعترف السيد لهذه المجموعات بأنها ساهمت بشكل كبير في سد بعض الفراغات في المشهد السوداني دون أن يعني هذا الأمر أنها إستطاعت أن تكون بديل متفق حوله ومحسوم. السر السيد وفي ليلة الاضاءت حول الكوميديا لا يترك كي يغادر المنصة دون الإجابة علي سؤال هل ما زال عادل إمام هو عادل إمام وفيه يقول إن الزعيم فقد جزء من أراضيه ولم يعد عادل إمام هو عادل إمام الذي نعرف وعليه أن يغادر المسرح الآن وفي سياق آخر فان أحدهم يضع في المنصة هذا السؤال (لأي مدي يمتلك الممثلون السودانيين القدرة علي تحديد الحد الفاصل بين القدرة علي الإضحاك والعوارة؟) بالنسبة للسيد وبصراحة متناهية يقول إن ما يُفعل الآن في الغالب عوارة وحتي بعيداً عن التمثيل وفي الإستضافة فان الممثلون السودانيين يصرون علي الظهور (العبيط) إنتهت ليلة الكوميديا إلي إتفاق جماعي أن ثمة ضرورة لوجودها في مجتمعاتنا وأن أدوار كبيرة ينتظر أن يلعبها المبدعون في هذا المجال في صنع حالة من التحولات الإجتماعية الإيجابية وتحويل حالة الهشاشة هذه إلي مشروع يمتلك قوة الإستمرارية ويصنع وطن للمستقبل .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة