الكوليرا الخرطوم:الايام بشكل متسارع أصبحت حالات الاصابة بمرض الكوليرا تتزايد يوما بعد يوم بشكل مخيف فالارقام الواردة من الاقاليم ومن العاصمة الخرطوم حول الوباء وسرعة انتشاره وأعداد المهددين بالاصابة به، من دون القدرة حاليا او في المستقبل المنظور على التحرك لوقف هذا الخطر المنتشر أو الحد من تمدده،هذه الاحصائيات قرعت ناقوس الخطر للأوضاع الصحية المنهارة بالبلاد التي تكرس غالبية ميزانيتها للامن والدفاع،وفيما سارع الحزب الشيوعي السوداني بالمجاهرة باكرا محذرا من تلك الأوضاع التي وصفها بالكارثية أيدت القوي السياسية الاخري خطوة الشيوعي وانخرطت تلك القوي السياسية في حملات توعوية وتضامنية واسعة بالعاصمة والاقليم،ليالي الشهر الفضيل هذا العام لم يكن كسابقيه،وقبل أن ينتصف الشهر الكريم ارتفعت مكبرات الصوت في الندوات التوعية بأحياء العاصمة الممتدة والتي تعاني من شح كبير في مياه الشرب النقية في ظل تراكم الاوساخ والنفايات بشكل ملحوظ بالطرقات،قوي المعارضة سارعت لتكوين لجنة قومية لمحاربة المرض الذي ظلت الحكومة تتستر عليه وتقلل من انتشاره قبل ان تنفجر الاوضاع بشكل مخيف،ويعتبر مرض الكوليرا الذي ارتبط في الأذهان بظهوره كوباء أنهى حياة الكثير من البشر في مراحل مختلفة من التاريخ يعتبر المرض أحد الأمراض المعدية الخطيرة التي تتسبب في حدوث إسهال حاد، ويقول الاطباء والمختصون ان الكوليرا غالبا ما ينتشر بسبب غياب النظافة ويصيب في معظم الأحيان الأشخاص الذين يعانون من قلة التغذية والضعف العام. وتعيش البكتيريا المسببة للمرض في المسطحات المائية في درجات حرارة تزيد على عشر درجات مئوية.وفي ولاية القضارف أكدت تقارير وفاة ثمانية أشخاص وأصابة أكثر من مائة شخص بالكوليرا في معسكر أم قرقور للاجئين الإرتريين منذ الخميس الماضي بينما سجلت قرية كركورة المجاورة للمعسكر ثلاث حالات إصابة. في وقت تم فيه اخلاء مستشفى المعسكر من المرضى المصابين بغير الكوليرا وتحويل عنابره إلى عنابر للعزل الطبي الخاص بالكوليرا. وقالت مصادر طبية أن السلطات الصحية اضطرت لنصب خيام لاستقبال حالات الإصابة المتزايدة. وفي داخل مدينة القضارف توفي شحصان على الأقل بالكوليرا وأصيب نحو (50) آخرين يتلقون العلاج حاليا بمستشفى القضارف، اما منطقة الفرشاية بولاية جنوب كردفان فقد توفي 11 شخص بالمرض واصابة 89 اخرين، ،ويومي السبت والاحد الماضيين توفي شخص بمنطقة الحاج يوسف شرقي العاصمة الخرطوم جراء الاصابة بالمرض بينما سجل مستشفي ألبان جديد بشرق النيل (9) حالات إصابة جديدة بالكوليرا وقال مصدر طبي بمستشفى البان الجديد لـ"راديو دبنقا" إن من بين الحالات التسعة الجديدة هناك حالتان إصابتهما خطرة وأوضح المصدر أن عدد الحالات المنومة بالمستشفى (30) حالة لم تتماثل بعد للشفاء. وقال المصدر إن المرضى بالمستشفى يتم اخراجهم قبل أن يتماثلوا إلى الشفاء الكامل ووصف المصدر بأنه خطير جدا. وبالسوق المركزي بالخرطوم نفذت السلطات الصحية بمحلية الخرطوم أكبر حملة لإبادة الخضروات والفاكهة والسلع الفاسدة بالسوق المركزي بالخرطوم، وأبادت (10) أطنان من الخضروات والفاكهة قالت إنها مخزّنة بصورة عشوائية في الشوارع وقرب منهولات الصرف الصحي خارج حظيرة السوق المركزي بالخرطوم بعد أن اعتبرتها خطراً علي صحة وسلامة المواطنين وعنصرا مساعدا في انتشار الأوبئة والأمراض،وأكد الفريق ركن احمد علي عثمان أبوشنب معتمد المحلية عقب تنفيذ حملة إبادة السلع الفاسدة بان العمل جاء ضمن البرنامج الوقائي لمكافحة الإسهالات المائية عبر خطة محكمة تعني بمراقبة سلامة وصحة الأغذية بالأسواق لافتا بأن السلع الفاسدة والتي تمت إبادتها تقدر بعشرة أطنان من الخضروات والفاكهة والتي كانت تخزن بصورة عشوائية في الشوارع وقرب منهولات الصرف الصحي خارج حظيرة السوق المركزي مما يشكل خطرا علي صحة وسلامة المواطنين وانتشار الأوبئة والأمراض،ولفت المعتمد إلي اتخاذ المحلية لإجراءات فورية ضد المخالفين لقوانين الصحة والذين ثبت تجاوزهم للاشتراطات الصحية في التعامل مع الأغذية وفي ذات الوقت وجه المعتمد جميع مديري الوحدات الإدارية والضباط الإداريين بعدم التهاون في صحة المواطنين وضرورة العمل الميداني في نظافة وترقية البيئة بالأسواق ومكافحة نواقل ومسببات الأمراض والتشديد علي عمل جميع مواقع بيع المواد الغذائية والخضر والفاكهة وفقا للشروط الصحية،أما الهيئة القومية لدرء الوبائيات، فقد كشفت عن جملة الإصابات بالاسهالات المائية الحادة خلال الإسبوع المنصرم والتي بلغت أكثر من (6) آلاف حالة، تركز أغلبها في النيل الأبيض، في وقت بلغ عدد الوفيات (١٩٧) حالة وفاة، ولفتت الهيئة إلى ان معظم الوفيات تحدث قبل الوصول للمستشفيات نتيجة لضعف الوعي الصحي عند المواطن، بالإضافة لإصابات ووفيات غير مرصودة في المناطق التي لم تتم تغطيتها من قبل الهيئة،وجددت الهيئة مطالبتها لوزارة الصحة بالإعلان عن الوباء وترك التكتم، خاصة وأن المرض آخذ في الانتشار مع تردي صحة البيئة في وقت بلغت جملة الإصابات بولاية جنوب كردفان (62) إصابة و (8) حالات وفاة أغلبها من منطقة الفرشاية،وأكد تقرير صادر من لجنة الأطباء المركزية وجود نقص حاد في المحاليل الوريدية وإجراءات السلامة للكادر الطبي، بالإضافة الى نقص في الكوادر العاملة بالمستشفيات، وانتقدت اللجنة ضعف أداء وزارة الصحة في مواجهة المرض،وقالت اللجنة في تعميم لها انها عقدت اجتماعات مع بعض العاملين في المبادرات الطوعية، ورفعت قائمة بالاحتياجات،وفيما حذر ناشطون ومواطنون من انتشار المرض بشكل اوسع مع بداية العام الدراسي الجديد المتزامن مع فصل الخريف أوصد البروفيسور مأمون حميدة وزير الصحة بولاية الخرطوم الباب نهائيا أمام أي احتمالية لتأجيل بداية العام الدراسي بالولاية بسبب انتشار مرض الكوليرا،لكن حميدة أعترف باصابة 870 شخص بالمرض، قال إن 15 شخص منهم لقوا حتفهم، بعدما كان ينكر وجود المرض كلياً،وتراجع حميدة عن قرار منع استقبال المرضى المصابين بالكوليرا في مستشفى "يستبشرون" المملوك له، وسمح باستقبالهم أخيرا، بعدما وجد نفسه أمام عاصفة من الانتقادات، لان حرمانه لمرضى الكوليرا من العلاج في المستشفى المملوك له يتناقض مع مسؤوليته، حيث انه يفترض ان يسهر على راحة المرضى، وان يوجه باستقبالهم في كل مرفق صحي، بدلا من طردهم،وقال حميدة في برنامج (العاشرة صباحا) بقناة الخرطوم، إنه لا يرى سببا وداعيا لاغلاق المدراس او تاجيل الدراسة، مؤكدا أن الاصابة بالمرض لم تصل مرحلة الوباء وأنه يمكن السيطرة على الحالات المرصودة وعلاجها، وحصر انتشار المرض في الأحياء العشوائية التي تعاني من مشاكل المراحيض واستعمالها، وفي المناطق الطرفية التي تصعب فيها كلورة المياه،واعتبر الوزير النفايات عاملا أساسياً أيضا في انتشار والاصابة بالمرض، داعيا الدوله والمجتمع لبذل مجهود أكبر في فصل الخريف لمعالجة مشاكل المياه الراكدة والنفايات،وقال حميدة، يمكن تأجيل الدراسة في بعض المدارس الطرفية التي انهارت مراحيضها أو تلك المهددة بالانهيار جراء الخريف حتى يتم اصلاحها وصيانتها،وسمي الوزير مستشفيات امدرمان وبحري والبان جديد ويستبشرون لاستقبال حالات الاصابة، مؤكدا أن حالات الاصابة بلغت حتى الآن 870 حاله منها 15 حالة وفاة، ونهار الاحد نفّذ ناشطون ومتطوعون وقفة احتجاجية أمام وزارة الصحة، وأمام مكاتب منظمة الصحة العالمية بالخرطوم، للضغط على الحكومة من أجل إعلان وباء الكوليرا بالسودان. وذلك بعد يوم واحد من المذكرة التي رفعها الأمين العام للمؤتمر الشعبي الدكتور علي الحاج لرئيس مجلس الوزراء الفريق اول بكري حسن صالح، لإعلان وباء الكوليرا رسمياً بالسودان، بناء على دراسة علمية وعميقة قال الحاج إن حزبه أجراها، وتأكد من خلالها أن الكوليرا وصلت مرحلة الوباء،وكانت قوى نداء السودان قد طالبت الحكومة بإعلان السودان منطقة موبوءة بالكوليرا، وشددت على انها سوف تقوم بمخاطبة الجهات والمنظمات العالمية المعنية الصحية بخصوص الكوليرا في السودان وانتقدت المعارضة تباطؤ الحكومة في التعامل مع المرض، ولا سيما اصرارها على تصنيفه في خانة الاسهالات المائية، هروبا من الواقع المر الذي يبرهن على أن الوباء هو كوليرا وليس اسهالات،وكان الحزب الشيوعي السوداني قد أعلن قبل أسبوع عن تشكيل لجنة قومية لمحاربة وباء الكوليرا الذي اجتاح مدناً وقرى واسعة من السودان من بينها العاصمة الخرطوم. وطالبت د. آمال جبر الله عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي بالضغط على الحكومة لتحمل مسوؤلياتها لإعلان كارثة الكوليرا. واعتبرت آمال وصف الحكومة للمرض بأنه إسهال مائي استهتاراً. وانتقدت رفض بعض المستشفيات بالخرطوم استقبال حالات مصابة بالكوليرا وقالت إن ما حدث من بعض المستشفيات ممنوع قانوناً. وأكدت أن التصدي للكوليرا يتطلب إرادة سياسية من الحكومة والمعارضة وزيادة ميزانية الصحة فضلاً إعلان الوباء بالبلاد لتلقي المساعدات. وأعربت عن استحالة محاربة الكوليرا ما لم تحل مشكل مياه الشرب، من جهتها أكدت قوى الإجماع الوطني أنها ستبذل ما في وسعها ضمن المنظمات الشعبية والهيئات النقابية ومنظمات المجتمع المدني في العمل على دحر وباء الكوليرا الذي تفشى في البلاد وتقديم التوعية الضرورية اللازمة بمخاطر الوباء وطرق الوقاية والعلاج. في بيان بعنوان "الوطن في دياجير الكارثة" دعت المواطنين لمواجهة ما أسموه النظام الدكتاتوري وحمله للقيام بواجباته ومسؤولياته في تأمين حياة المواطنين والإعلان عن وباء الكوليرا والاستعانة بإمكانيات المنظمات الدولية لتقديم الخدمات الطبية والعلاجية اللازمة وعلى وجه السرعة،وفي السياق أطلق حزب المؤتمر السوداني حملة للتوعية بوباء الكوليرا غطت محليات ولاية الخرطوم السبع. وقال نائب رئيس حزب المؤتمر السوداني المهندس خالد عمر إن الحملة شملت تنظيم مخاطبات وتصميم بوسترات التوعية الجدارية وتوزيع مطبقات للحد من انتشار الكوليرا، وانتقد خالد اعتقال ثلاثة من أعضاء حزب المؤتمر السوداني بالخرطوم الذين أطلق سراحهم لاحقاً، على خلفية تنظيم فعاليات للتوعية بوباء الكوليرا بالحاج يوسف وأوضح أن المعتقلين هم الفريق المكلف بفعاليات التوعية بوباء الكوليرا وسط الجمهور. واعتبر خالد الاعتقالات انتهاكاً صريحاً لدستور البلاد وإهداراً لحقوق الإنسان ومحاولة للتغطية على تفشي المرض.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة