محمد أبو عنجة أبوراس: لسنا طلاب سلطة.. نحن صوت مواز.. جئنا إلى السودان للتعامل مع أي شيء موجب يفيد الوطن
خدمة (smc) ** وصل الخرطوم خلال الأسبوع الفائت وفد يمثل قيادات جبال النوبة بالخارج والتي تحط رحالها بعد ثلاث سنوات من زيارتها الأولى في العام 2012م، ويبدو أن هذه الزيارة تحمل أفكارا جديدة من أبناء المنطقة بالخارج تجاه قضايا المنطقة وولاية جنوب كردفان بوجه أخص، فقد جرت نقاشات ومقابلات بالخارج حول هموم المنطقة التي اكتوت بنيران الحرب والحرمان لأكثر من ثلاثة عقود، وشكلت نتائج هذه النقاشات رؤى جاء الوفد يحملها لعلها تجد طريقها للتنفيذ لتشكل بارقة أمل في توحيد رؤية وكلمة أهل المنطقة وصولاً إلى أصل المشكلة ومن ثم الشروع في إيجاد الحلول والمعالجات.. المركز السوداني للخدمات الصحفية التقى عضو الوفد الأستاذ محمد أبو عنجة أبو راس في حوار دار حول أهداف زيارتهم للبلاد ودواعي طرح الحوار النوبي النوبي ونتائج اللقاءات التي عقدت مع حملة السلاح وأبنائهم بالخارج. * ما هي دوافع زيارتكم الحالية للبلاد خاصة وأنها جاءت عقب زيارتكم الأولى قبل ثلاث سنوات، وتحديدا في يوليو 2012م؟ - زيارتنا تأتي للوقوف على المتغيرات التي حدثت بالبلاد، ونحن إن كنا غائبين جسمانيا ولكننا نتابع كل ما يجري في البلاد، خاصة جنوب كردفان التي اشتعلت فيها الحرب أسوة بالجنوب والنيل الأزرق.. ونحن كوفد زرنا سبع ولايات خلال تلك الزيارة، والتقينا فيها بثلاث فئات وجهات رسمية ممثلة والي الولاية وحكومته وسياسية وتتمثل في الأحزاب بالولاية ثم جهات شعبية التقيناها في ندوات. * ماذا كانت محصلة هذه اللقاءات؟ - اطلعنا على الوضع بشكل مباشر وقلنا حديثنا في ذلك الوقت، بأن هناك بعض المتغيرات التي حدثت وعلى رأسها مشاريع التنمية التي بدأت وتصلح كبنية لمزيد من المشروعات.. لكن التنمية في ظل الحرب لن تسير بالشكل المحدد لها. التقينا في 2012م بأهلنا في مواقع التماس والمدن الكبيرة التي نزح إليها المواطنون الذين حاصرتهم الحرب وحدت من حركتهم، وقد كان لسان حال الجميع يقول: نحن نريد السلام. * وبعد هذه السنوات هل تبلورت لديكم رؤية يمكن أن تساهموا بها في حل مشكلات ولاية جنوب كردفان؟ - وعدنا أهلنا أننا سنعمل كل ما في وسعنا لإيقاف الحرب من خلال الاتصال بالطرفين المتحاربين؛ الحكومة من طرف والحركة الشعبية من طرف آخر. وقد وضعنا (7) نقاط أسميناها نقاط تهيئة المناخ لجلوس الطرفين، فيها أربع نقاط أساسية هي فتح ممرات آمنة لدخول الإغاثة، والعفو العام بالتزامن مع وقف إطلاق النار ثم قيام الحوار النوبي النوبي. * حسناً، دار لغط كبير حول الحوار النوبي ما بين مؤيد ومعارض له، حتى قبل أن يطرح من قبلكم، ما هي دواعي قيام المؤتمر وأهدافه؟ - قصدنا بهذا الحوار أن نجمع قبائل جبال النوبة.. وهناك من يفهم أن جبال النوبة بها قبيلة واحدة، لكن هناك (68) قبيلة تقسم إلى عشر أسر لغوية لا تتحدث إلى بعضها، ولها ثقافات وديانات مختلفة، والقاسم المشترك لهذه القبائل هي اللغة العربية.. نحن ظللنا نواجه الاتهام بالتمرد والعنصرية منذ الاستقلال.. لذلك فكرنا أن نجلس إلى أنفسنا لنطرح الأسئلة ونبحث لها عن الإجابات؛ ما هي قضيتنا ومشكلتنا؟ علينا أن نناقش ذلك بشكل واضح، كل من زاويته ومنطلقاته الاجتماعية والسياسية وحتى الدينية.. وما يتمخض عن النقاشات تكون توصيات لمؤتمر الحوار النوبي النوبي. * لكن القضية في جنوب كردفان تمس إثنيات ومكونات أخرى لابد من استصحاب رؤيتها؟ - لا ننسى أننا نعيش في ولاية جنوب كردفان مع إثنيات أخرى تربطنا بها علاقات الدم والرحم. وبالضرورة أن يفهموا أننا نريد أن نجلس إلى أنفسنا لبحث قضايانا.. ومن بعد نبحث عن السبل المثلى للعلاقات مع الإثنيات الأخرى.. وظلت هناك تحالفات قبلية منذ الأزل، وأوجد أجدادنا حياة كان تتسم بالأمن والاستقرار والوضوح والشفافية والتعاون.. لابد أن نتبع وسائل جديدة علمية لنواكب التطور الحادث الذي يدفعنا إلى حياة أفضل. * ماذا تقصد بهذه الوسائل الجديدة؟ - في جانب التنمية مثلا علينا أن نحدد مفهومها.. وهل تعني التطور في المباني أم أنها تتبع التنمية البشرية والتي تشمل التعليم، وفي التعليم نفسه؛ ما هي النوعية التي تواكب احتياجاتنا..؟ كل هذه رؤى وضعناها كي تلتقي جميع الإثنيات في مؤتمر جامع في النهاية. وبالتالي أصبح من حق أي إثنية أن تجلس إلى نفسها ولا غضاضة في ذلك. * هل ستطرحون رؤيتكم للحوار النوبي النوبي على الجهات الرسمية؟ وما هو شكل الدعم الذي تريدونه منها؟ - بعد أن وضعنا هذه النقاط كان من المهم أن نلتقي المسؤولين بالدولة، الذين وجدنا منهم الترحيب بما ذهبنا إليه، وطلبوا منا أن نجلس إلى أبنائنا الآخرين.. إذن لابد لأبناء جبال النوبة أن يتقدموا الصفوف ويقودوا المبادرات، وهذا شيء طبيعي. * لكن الحركة الشعبية تتحدث بفهم مقارب؛ وهي أنها تقود أبناء جبال النوبة لتحقيق مطالبهم؟ - بعد أن انفصل الجنوب، وانقسمت الحركة الشعبية إلى جنوب وشمال، كنا نتوقع أن يتغير فهم الناس للوضع السياسي الذي يجب أن تؤول إليه الحركة، لكن أبناء جبال النوبة وجدوا أن من يقودهم في الحركة أشخاص آخرين لا علاقة لهم بهم، فظلت المشكلة كما هي.. هذه أشياء تحتاج في التعامل معها إلى التفكير الجمعي وليس الفردي حتى نتوصل إلى أشياء تستفيد منها الأجيال القادمة وليس الجيل الحالي فحسب، تماما كما فعل الأسلاف، ذلك وإن كان بطرق تقليدية؛ عن طريق (الجمعية) التي تلتقي فيها الإدارات الأهلية كل عام في منطقة، ويتناقشون حول ما تم في عام ويضعون سياسات للقادم. * قد تكون رؤيتكم استراتيجية، لكن هناك من يتحدث أن الأولوية الآن لإيقاف الحرب؟ - هذه من ضمن أجندتنا.. ولذلك وضعنا في أجندتنا الوصول إلى حملة السلاح والتحدث إليهم.. وهم أيضاَ معنيون بهذا المؤتمر، لنسمع منهم.. ويمكن أن تكون هناك ورقة لقدامى المحاربين بالولاية.. ليوضحوا ما هي رؤيتهم وما هي الأسباب التي جعلتهم يلجأون للسلاح.. وهل حمل السلاح غاية أم وسيلة؟.. ومتى توقف هذه الوسيلة إن لم تكن غاية؟ وهل ستغير هذه الوسيلة بطرق أخرى بعد هذا الزمن الطويل من تجريبها؟.. كل هذه أسئلة تبحث عن إجابات.. لكن هل سننتظر إلى أن يأتي الجميع لطرح رؤيتهم؟. * هناك طرق أخرى تسير الآن مثل المفاوضات.. ألا يعول عليها في وقف الحرب؟ - هناك الكثير يمكن قوله عن المفاوضات، لكن لم يأت زمن الحديث عنه.. * هل حددتم مكان وسقف موعد قيام الحوار النوبي النوبي؟ - نحن ما زلنا في البدايات، ولم نؤسس حتى الآن اللجنة العليا للمؤتمر، لكي تقوم بتحديد الزمن، والمكان، واللجان، والأوراق، التي ستقدم خلاله. ما نقوم به مجهود أولي.. نحن طرحنا الفكرة على أبناء جبال النوبة بالداخل والخارج وساعدتنا وسائل التواصل الإلكترونية على ذلك، واهتدينا بعد مناقشات إلى ضرورة توسيع المشاركة في المؤتمر. * يعني هذا أنكم قمتم باتصالات مباشرة مع قادة الحركة الشعبية؟ - لم تتم اتصالات مباشرة مع القادة لأنهم ليسوا من أبناء جبال النوبة، لكنا اتصلنا بإخوتنا حاملي السلاح. وبالمناسبة هم اشتركوا معنا في النقاشات، وفي الإعداد، وهم يعملون معنا بجد، وأبدوا استعدادهم للمشاركة في المؤتمر أينما ينعقد. * هل سيعقد المؤتمر بالداخل أم الخارج؟ - حددنا ثلاثة خيارات، الخرطوم، أديس أبابا أو كمبالا، ولكن لم يتم اختيار المكان بشكل قاطع، وستقوم لجنة بهذا الأمر بعد تحديد فوائد وجدوى عقده في أي من العواصم الثلاث. * الحوار الوطني الجاري حالياً.. أين أنتم منه؟ - لم نكن في ذلك الحوار من قبل، لكن نسعى أن نوجد أنفسنا في هذا الحوار، خاصة بعد أن التقينا الأمين العام للحوار وتلقينا منه شرحا كاملا عن الفكرة واللجان التي تعمل أي فهمنا الآن وضع الحوار.. ونحن نسعى أن نوجد في الحوار بشكل أو آخر. وأيا كان رأي الناس في الحوار فإنه فرصة لجمع المكونات السياسية والحركات والجلوس والاستماع لبعض، وهذا منهجنا. أما الذين يريدون حل القضايا بالسلاح فنقول لهم إن حمل السلاح له نهاية كما أن لديه آثارا سالبة، وأنت إذا انتصرت في معركة فإن الآخر سينتصر عليك في أخرى، وهكذا. * إذا قدر لكم المشاركة في الحوار.. فما هو الطرح الذي ستقدمونه؟ - نحن البلد الوحيد الذي ليست لديه ثوابت.. بدءا من عدم وجود دستور دائم يجمع عليه الشعب بعد أن يطرح على الاستفتاء، وكذلك يجب توفر أركان وثوابت للدولة يحترمها الجميع، وضرورة وجود المؤسسية التي لا تتأثر بغياب حكومة ما.. نحن اعتدنا أنه عندما تأتي حكومة تلغى آثار التي قبلها، وهو ما ظللنا نتبعه منذ الاستقلال؛ أي قبل ستين عاماً.. الشيء الجيد يجب أن يستمر ويبني الناس عليه والسالب نستبدله بالإيجابي. * هل لديكم أي مقترحات حول فتح الممرات الإنسانية باعتباره مطلبا ملحا؟ - هذه المسألة مهمة أن تنفذ، بغض النظر عن الآلية التي تستخدم.. هناك ثلاث جهات معنية بها وهي الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والجامعة العربية، إضافة للحكومة والحركة الشعبية، هذه الجهات معنية بتنفيذ هذا المطلب والبحث عن الخيارات الأفضل.. والهدف في النهاية توصيل المساعدات لمن يحتاج إليها. * هناك من يقول إنكم تحاولون طرح صوت مواز للمفاوضات؟ - (أجاب في حماس): نعم نحن صوت مواز.. وقبل عدة سنوات التقينا وفد الخارجية الأمريكية وقلنا لهم بشكل واضح إن الذي يجري على الأرض ليس في مصلحة المواطن في شيء.. وهم عبروا عن اندهاشهم لأنهم لأول مرة يسمعون لصوت مغاير للمجموعات التي يقابلونها والتي تتحدث باسم الحركة الشعبية، ويدين هذا الصوت الطرفين في سلوكهما تجاه المواطن، ويدعو للاهتمام بالجانب الإنساني وإعطائه الأولوية.. أريد أن أسأل هنا تحديداً: ما هي علاقة المواطن الموجود في الكهف في جبال النوبة بالحل الشامل لقضايا السودان؟. * لكن الحركة الشعبية تتحدث عن أنها من يتحدث باسم قضية جنوب كردفان؟ - أعتقد أن الذي يجري هو محاولات من جهات سياسية تسعى بعد انفصال الجنوب لاستغلال قوة جبال النوبة ليجعلوها طوع إرادتهم للوصول إلى السلطة.. هذه الجهات بشكل مباشر هي مؤسسة الحزب الشيوعي والذي بذل ما في وسعه لإزالة النظام القائم ولم يستطع، فأراد أن يملأ الفراغ الذي أوجدته الحركة الشعبية والتي ذهبت إلى الجنوب وتركت لهم الشمال. * هناك من يقول إنكم تريدون الوصول للسلطة على ظهر قضية جبال النوبة؟. - (ابتسم): منذ أن تحركنا لم نسلم من هذا الاتهام وظللنا نسمع به.. نحن جئنا إلى السودان للتعامل مع أي شيء موجب يفيد الوطن، وإذا كان الحوار يقود إلى استقرار فسنشارك فيه ونقول رأينا ليكون جزءا من العمل الموجب الذي تحتاجه البلاد.. ليست هناك وظائف أو سلطة توزع الآن، والعمل الذي يجري الآن سيتمخض عنه وضع يشمل الجميع.. لسنا طلاب سلطة وليس لديّ رسالة لهؤلاء، فليقولوا ما يريدون قوله لأننا واثقون أننا نعمل في
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة