|
ثقافة الحرب تشكل ألعاب العيد للأطفال في مناطق النزاع في السودان
|
07-29-2014 02:00 PM تقرير – عاين
فرحة عيد الفطر المبارك تختلف من مناطق النزاع عن المناطق المستقرة ، ومع ذلك يحاول السكان في مناطق الحرب ادخال البهجة الى اطفالهم رغم القصف الجوي والمدفعي وغلاء الاسعار بشكل فاحش الى جانب فقدانهم ضروريات الحياة خاصة في المناطق التي تسيطر عليها الحركة الشعبية في منطقتي جبال النوبة والنيل الازرق ، ويجد الاطفال انفسهم امام واقع لم يختاروه ولكن تشكلوا معه ، حيث انهم يصنعون العابهم على ذات نسق ادوات الحرب من الطائرات التي تقصفهم والمدافع التي تقض مضاجعهم وتجعلهم يتخذون من " الكراكير " ملجأً ، فيما يعاني الكثيرون في معسكرات النازحين في دارفور الامرين، وفي الخرطوم يواجه المواطنون صعوبة في الحصول على حاجيات العيد التي اصبحت اسعارها غير ممكنة الى جانب الامطار الغزيرة التي شهدتها العاصمة وعدة مناطق اخرى مما قد يلقي بظلاله على فرحة العيد.
وحول استعدادات العيد في المناطق التي تقع تحت سيطرة الحركة الشعبية ، يقول معتمد محلية الدلنج اللازم سليمان لشبكة (عاين) ان الموطنين في المناطق التي تقع تحت سيطرة الحركة الشعبية يستعدون للعيد رغم القصف الجوي كسائر الشعب السوداني ، ويضيف " لأن للعيد ذو دلالات عقدية كنشاط إنساني للمسلمين في الجبال " ، كاشفاً عن أن العيد أصبح مرتبط كغيره من سائر المناسبات الحياتية بالحرب وسواءتها ، ويقول " الاطفال في تلك المناطق يصنعون العاب العيد على اشكال دبابة ومدافع مختلفة ، بدلاً من أن يصنعوا لهواً جميلاً وملهماً ، وحتى المرجيحة اصبحت تـأخذ اسماء الطيران. مثلاً هنالك أطفال يطلقون على مرجحياتهم إسم الميج واخرى القانشب" ، اما فيما يختص بالتجهيزات للعيد يوضح المعتمد إن سائر المواطنين يجتهدون فقط لإسعاد أطفالهم ، وذلك بشراء الكسوة الجديدة، وبعض المقتدرين يعملون على تجهيز الحلويات والخبائز احتفاءاً بهذا اليوم.
غلاء فاحش وقصر ذات اليد
من جانبه قدم المواطن خالد محمد احمد وصفاً لتجهيزات العيد في مدينة كاودا ، حيث يقول إن إرتفاع أسعار سلع العيد ألقت بظلالها علي الناس فمثلاً سعر جوال السكر بلغ (1000 ) جنيه سوداني اما سعر كيلو الدقيق فقط بلغ (15 ) جنيه في عاصمة المناطق المحررة ، ويضيف " هذا سيلقي بظلاله على تجهيزات العيد على المواطنين الذين يعانون من ظروف الحرب القاسية " ، واستدرك قائلاً " رغم كل ذلك هنالك حركة في سوق كاودا تجهيزا للعيد فنجد من اهتم بصنع خبائز العيد بالأشكال المختلفة فالخبائز اصبحت تٌجهز في الافران البلدية المتوفرة بسوق المدينة " ، ويشير الى ان البعض قد اهتم بشراء البلح وهو بلح تم توفيره لمناسبتي شهر رمضان والعيد ، ويقول ان ملابس الأطفال من النادر أن توفرها بسبب شح الإمكانيات وغلاء الأسعار في اسواق المدينة.
معسكرات اللاجئين عيد بلا طعم
تختلف الصورة كثيراً في معسكرات لاجيء النيل الازرق في جنوب السودان فالعيد يدخل على اللاجئين وهم في حالة من التوتر بسبب تدهور الاوضاع الامنية في المعسكرات حيث اصبح التركيز على حماية انفسهم من المخاطر، وتقول المواطنة اميرة لشبكة (عاين) عبر الهاتف إن عيد هذا العام ليس كألاعياد الاخرى ففي السنوات الماضية كانت الأوضاع الأمنية مستقرة والناس يجتهدون لادخال الفرحة الى الأطفال ، وتضيف " كنا نوفر الحلويات ونصنع الخبائز ولكن هذا العام اصبح الدقيق سلعة نادرة غير ارتفاع سعره ان وجد حيث بلغ سعر كيلو الدقيق الى 20 جنيهاً " ، وتقول من الصعوبة ان تستطيع كافة الاسر على تجهيز حاجيات العيد من خبائز وحلويات.
اما فيما يختص بملابس الأطفال اوضحت اميرة أن الأمر لايختلف عن بقية الأشياء والسبب هو الغلاء الفاحش ، وتقول ان ملابس الاطفال تجاوزت ال300 جنيه للطفل اقل من خمسة اعوام ، وتضيف " من له القدرة على ذلك توفير هذه المبالغ اذا كان كل اسرة تضم اكثر من طفل ، وتقول " في حقيقة الامر منذ اندلاع الحرب لم نتذوق طعماً للعيد بسبب التشرد وإنقسام الأسر الى عدة مناطق ، هنالك من بقي في مناطق الحكومة وهنالك من لا يعرف له مكان واصبح من المفقودين " ، وتتابع " نحن لنا مع العيد ذكريات مريرة لان بداية الحرب كانت في يوم العيد لذلك اصبح العيد لاطعم له " ، وعبرت عن امنياتها بتحقيق السلام والاستقرار حتى يحس المواطن خاصة في مناطق الحرب بطعم السلام وفرحة العيد كالاخرين.
عيد آخر يحكيه النازحون من دارفور
في السوق المركزي الواقع جنوب الخرطوم، حيث تزدحم الشوراع بالماره، ويكثر ضجيج السيارات وتعلو أصوات الباعة المتجولين التي ترتفع و تنخفض طلباً لزبائن ، كانت تجلس حواء إسحاق بائعة الشاي في رصيف أحد الطرق على مدخل السوق، على الرغم من وجود أطفالها الثلاثة الذين يعبثون بكل شئ في المكان، لكنها كانت تهتم بتلبية طلبات الزبائن بسرعة فائقة، حتى تستطيع جمع قدر من الامول لتلبية متطلبات العيد حسب حديثها.
وتقول حواء لشلكة ( عاين ) منذ أن غادرت إقليم دارفور قبل خمس سنوات هرباً من جحيم الحرب، وبعد مقتل زوجها في منطقة مهاجرية جاءت الى الخرطوم، حيث يسكن مع اقرباءها في حي مايو الشعبي جنوب الخرطوم، وتضيف" كنت أعمل في المنازل بنظام (اليومية) لفترة طويلة حتى اتمكن من تلبية إحتياجات أطفالي الثلاثة، قبل أن أنتقل للعمل في بيع الشاي بمساعدة أحد اقربائي الذي استطاع أن يوفر لي أدوات بيع الشاي " ، وتشيرا الى انها ظلت تعمل كبائعة لأكثر من ثلاث سنوات
وعن تجهيزات لعيد الفطر تقول حواء ان اسعار ملابس العيد اصبحت تزيد بصورة جنونية وان كل ما أدخرته من أموال استهلكته خلال شهر رمضان، وتضيف " لا أعرف ماذا افعل؟، أسعار ملابس الاطفال مرتفعة جداً والاطفال لا يعرفون سوي تلبية طلباتهم، خاصة ملابس العيد الجديدة، سوف أعمل بكل جهد لتحقيق فرحة العيد لأطفالي".
وقالت ربة المنزل سامية عبدالله، الأم لخمسة أطفال، من مدينة الجنينة "إن عيد هذا العام مختلف عن الاعياد السابقة، بسبب تردي الأوضاع المعيشية في دارفور، وأضافت قائله لـ(عاين) هناك أشياء أساسية يجب أن تتوفر في الأعياد، إلا أن في هذه العيد لم نستطيع توفيرها، بسبب غلاء الأسعارو انعدام بعض السلع، لكن ونحن مضطرون لشراء الحد الادني من احتياجاتنا اليومية فالمعيشة أصبحت لا تطاق، وأشارت في السنين الماضية كان الإستعداد للعيد يشمل صيانة المنزل، و تجهيز الخبائز و الحلويات، و لكن هذا العام لم نستعد سوى بعمل قليل من الخبائز للضيوف، وأوضحت أن أسعار ملابس الاطفال زادت بصورة جنونية، إلا أننا مجبرون لشراء ملابس للاطفال، حتى لا نحرمهم فرحة العيد، و تمنت أن تتغير الأوضاع للاحسن في الاقليم المضطرب، خلال الايام المقادمة.
ووصف النازح بمعسكر (كردنق) شرق مدينة الجنية، و الأب لأسرة تتكون من أربعة أفراد، ادم عمر عيد هذا العام بالصعب على النازحين، خاصة في ظل تدهور الأوضاع المعيشية و استمرار إرتفاع الأسعار، و قال لـ(عاين) إن النازحين في المعسكرات يحتفلون بالعيد بصورة مبسطة، مضيفاً الاحتفال بالعيد مع الأسرة و تهنئة الجيران، حتى الأقارب الذين يقطنون في مناطق بعيد يصعب التواصل معهم في ظل هذه الظروف، مبيناً أن النازحين يهتموا بتلبية احتياجات الأطفال من ملابس و العاب، إلا أنني لم أستطيع شراء الملابس الجديدة لأطفالي هذا العام لقلة دخلي اليومي، قائلاً " أنا أعمل في عربة كارو لنقل المياه، لا أمتلك النقود الكافية لشراء مستلزمات الاطفال في العيد"، وأشار إلى أن المنظمات تقوم بتوفير الاحتياجات الاساسية للنازحين من مواد غذائية، مثل( السكر ، الزيت و الملح).
من جانبها قالت النازحة فاطمة الضو من ذات المعسكر منذ أن قدمنا إلى هذه المعسكر لم نعيش فرحة العيد، كما في فترة ما قبل الحرب و النزوح، حيث كنا نستعد للعيد بعمل كافة الحلويات بكل أنواعها خاصة (العجينة الزرقاء) مضيفة ولكن في المعسكر لم نستطيع عمل الحلويات و الخبائز في الاعياد، نسبة للظروف القاسية التى نعيشها في المعسكر، و اردفت قائلة " الأن في العيد نكتفي بتجهيز البلح و الحلوة لتقديمهم للضيوف"، وأكدت أن العيد صعب شديد المعسكر، وقالت " مازالت أتمني العودة إلى قريتي الاصلية للاحتفال بالعيد في وضع أفصل".
نار الاسعار تحرق فرحة العيد
من جانبه يقول المواطن محمد عبد الله لشبكة ( عاين ) إن أسعار الملابس هذا العام تشهد إرتفاعاً كبيراً وبشكل جنوني وأن سعر القطعة الواحدة للاطفال في الاعمار ما بين (14 الى 15 ) عام تصل إلى نحو مائة جنيه (للبنطال) خلاف أسعار ملابس الاطفال الاصغر سناً ، ويضيف ان الحالة التي يعيشها المواطن في الخرطوم اصبحت بكلمة بسيطة " طالعين من رمضان داخلين العيد وهي مسالة صعبة " ، ويشير الى انه في حاجة الى توفير مبلغ الف جنيه لكي يستطيع شراء احتياجات اطفاله الثلاث لكي يذوقوا طعم العيد ، ويقول " هذا دون الحديث عن الحلويات والخبائز مع هذه الاسعار الجنونية " ، ويضيف ان اسعار الزيوت في ارتفاع منذ بداية شهر رمضان وان سعر جوال السكر زنة (10 ) كليو وصل الى مبلغ (65 ) جنيهاً.
إرتفاع الدولار يرفع اسعار الملابس
وفي متاجر الملابس بالخرطوم، تفاوت أسعار الملابس للاطفال الصغار والكبار سناً وللفتيات، وفي احد المتاجر بسوق الخرطوم بحري، حيث يشهد ازدحاماً عقب افطار رمضان خاصة من النساء والفتيات اللائي يذهبن الى شراء ملابس العيد لهن ولابنائهن ، يقول التاجر محمد عمر أحمد لشبكة ( عاين ) إن أسعار الملابس شهدت ارتفاعاً كبيراً هذا العام مقارنة بالعام الماضي ، وعزا ذلك لارتفاع سعر الدولار حيث تستورد الملابس من الخارج ، وكشف عن احجام من المواطنين عن الشراء حتى مع إقتراب العيد، ويشير إلى أن معظم الرواد في المحل التجاري ياتون لمعرفة الاسعار وان القليل جداً منهم من يشتري ملابس لاطفالهم ، ويضيف أن المواطنين مازالوا يسألون عن الاسعار ، ويقول " في نهاية الامر سيشترون الشراء بهذه الاسعار".
وقطع عمر أحمد بأن نسبة الزيادة في أسعار الملابس بلغت 50% في هذا العام مقارنة بالعام الماضي
وتقول المواطنة نفيسة حامد من سكان منطقة الدروشاب شمال الخرطوم لشبكة (عاين ) أنها جاءت الى السوق لاختيار قطعة مناسبة لابنتها وانها اختارت لها حتى اللحظة قطعة بسعر مناسب ، من جانبه يقول المواطن عبد الحليم عبد الرازق إن أسعار الملابس تتفاوت من مكان الاخر وأنه أختار بالفعل ما يريده لاطفاله الثلاثة بسعر بلغ (660) جنيه
وعلي صعيد أخر أوضح أحمد محمد الخاتم احمد لشبكة (عاين ) بان أسعار الملابس للشباب مرتفعة بشكل كبير ، ويشير الى أنه يحتاج لمبلغ يتراوح ما بين مائة جنيه الى حوالي المائتين جنيها لشراء بنطلون فقط ، و أكد بان سعر بنطلون من نوع جنز فقط يصل الى مائة جنيه ، وأوضح أن أسعار (القمصان) تبدأ من (50) جنيهاً إلى أكثر أما الاحذية فأنه أسعارها تبدأ من مبلغ (120) جنيهاً رغم أن هذا السعر كان يطرح قبل رمضان بفترة
أسعار الحلويات و الخبائز تحرق الايادي
وحول مستلزمات العيد الاخرى من الخبائز أوضح أحد التجار ويدعى حسن أحمد بأن سلعة الدقيق الخاص لمختلف انواع الخبائز متوفر بالاسواق لكن أسعاره مرتفعة (شديد). و يقول لشبكة(عاين) إن سعر عبوة دقيق ( سامولينا) بنحو ( 7 ) جنيهات ، أما الدقيق من نوع (مخصوص) فان سعره يبلغ ( 5 ) جنيهات للعبوة الواحدة
اوضح أن سعر الجركانة الزيت عبوة 9 ارطال يبلغ (80) جنيهاً، مبيناً أن أسعار الزيوت تشهد ارتفاعاً جنونياً رغم أن جميع المدخلات محلية وزاد قائلاً " رغم ذلك فان الارتفاع مستمر ومبالغ فيه" ، وإنتقد إحتكار السلع من زيوت وغيرها لدي تجار محددين وهم من كبار التجار في الاسواق الذين يتحكمون بالاسعار.
|
|
|
|
|
|