|
المذكرة التي قدمها الحزب للسفراء في اجتماع تم بالدار ظهر اليوم
|
بسم الله الرحمن الرحيم
حزب الأمة القومي
حيثيات اعتقال رئيس الحزب
الإمام الصادق المهدي
1) في مؤتمر صحافي بدار الأمة بأم درمان في 7/5/2014م كانت الكلمة الرئيسية لرئيس حزب الأمة القومي الإمام الصادق المهدي لمخاطبة الإعلاميين بشأن مخرجات الهيئة المركزية للحزب التي انعقدت في أول مايو، وللحديث عن الحوار الوطني. وفي نهاية كلمته جاءت فقرتان إضافيتان حول دارفور وقضايا الفساد. وحول دارفور قال نصاً: (الوضع في دارفور في كثير من المناطق عاد إلى سيرته الأولى في عام 2004م، الاقتتال لا سيما على أيدي قوات الدعم السريع أدى لحرق عدد كبير من القرى، وإلى زيادة كبيرة في النازحين فراراً من الدمار، وإلى نهب الأملاك واغتصاب النساء، وإقحام عناصر غير سودانية في الشأن السوداني. هذا كله مرفوض وسوف يؤدي لنتائج عكسية كما في الماضي، ونطالب بأن يكون حفظ الأمن حصرياً على أيدي القوات النظامية، ونطالب بإجراء تحقيق عاجل في التجاوزات التي وقعت وإنصاف المظلومين وإلا فإن المجتمع الدولي سوف يتحرك ويبسط شبكة عريضة من الاتهامات على الجناة). مكرراً بذلك نفس الدعوة لوقف الانتهاكات والمساءلة عن الجنايات التي أطلقها في 27 يونيو 2004م، والتي حذر فيها من تدخل الأمم المتحدة إذا لم يتم وقف الانتهاكات ومساءلة الجناة، وبالفعل حدث ما تنبأ به وأصدر مجلس الأمن القرار 1593 القاضي بإحالة ملف الانتهاكات في دارفور للمحكمة الجنائية الدولية.
2) الانتهاكات التي ارتكبتها قوات الدعم السريع في إقليمي كردفان ودارفور مسألة معلومة ومدانة من قبل المجتمع المدني ونشطاء حقوق الإنسان في السودان، والمجتمع الدولي، والمنظمات الدولية المهتمة بحقوق الإنسان، بل من قبل بعض المسئولين الحكوميين. إن إدانة الانتهاكات التي ارتكبت في هذا الصدد هو جزء من حملة المناصرة المطلوبة مع الضحايا، والمطالبة بوقف التجاوزات والمساءلة عن أية انتهاكات جرت تحقيقاً للعدالة.
3) فتح جهاز الأمن السوداني ضد رئيس حزب الأمة القومي بلاغاً بالرقم 2402/2014 بتاريخ 12/5/2014م، تم تسليمه له في 14/5/2014م، بموجب المواد 62/66/69/159 من القانون الجنائي لسنة 1991م، وهي بلاغات تتعلق بإثارة التذمر بين أفراد القوى النظامية، ونشر الأخبار الكاذبة، والإخلال بالسلام العام، وإشانة السمعة. وبتاريخ 17/5/2014 ألحقت بالبلاغ المادتان 50/63 من القانون الجنائي، وبيانها كالتالي:
1. المادة (50) تقويض النظام الدستوري، وهي جريمة تصل عقوبتها للإعدام.
2. المادة (63) الدعوة لمعارضة السلطة العامة بالعنف أو القوة الجنائية.
4) هذا البلاغ أدير بطريقة سياسية وكيدية وعبر أجهزة الإعلام قبل أن يدار قانونياً، إذ أنه وبعد مرور أيام عديدة على ما قاله رئيس الحزب في مؤتمره الصحفي المذكور، وفي مساء الثلاثاء 13 مايو نشرت العديد من مواقع التواصل الاجتماعي ومواقع الإنترنت خبر بلاغ موجه من جهاز الأمن ضد الصادق المهدي، وفي اليوم التالي أي الأربعاء 14/5/2014م، صدرت غالبية الصحف المحلية وهي تحمل خطاً عريضاً حول مذكرة ممهورة ب"الإدارة القانونية لجهاز الأمن والمخابرات الوطني" تؤكد فيها أنها فتحت البلاغ المذكور أمام نيابة أمن الدولة. أي أن التأليب الإعلامي سبق الخطوات القانونية، ولم يتسلم السيد الصادق المهدي ما يفيد توجيه بلاغ ضده إلا مساء الأربعاء حيث استلم طلب استدعاء لنيابة أمن الدولة في تمام الساعة 11 صباح يوم الخميس 15 مايو. وفي النيابة العامة جرى معه تحقيق من قبل أشخاص (هم اسماً تابعون للنيابة العامة ولكنهم فعلاً ضباط في جهاز الأمن والمخابرات الوطني). وسمعوا ما قاله إذ لم يزد على تكرار ما قاله في المؤتمر الصحفي بتاريخ 7/5/2014م، ثم سمحوا بإخلاء سبيله بضمان شخصي. وفي منزل السيد الصادق المهدي اجتمع عدد من ممثلي أجهزة الإعلام وسألوه بعد خروجه من النيابة عما حدث، فذكر لهم خلاصة الموقف كما جاء في التحقيق وأضاف أمور، هي: أنه يمتنع عن التعامل بردود الأفعال ولذلك لن يقول رأياً حتى تدرس مؤسسات حزبه الأمر وتصدر قرارها، وأنه لا تراجع عما قاله بل يدعو لالتفاف كافة القوى السياسية والمدنية في إدانة سلوك هذه القوات التي استشهد بأحاديث والي شمال كردفان وأمير قبيلة البديرية في إدانتها، وقال إن جهاز الأمن بحسب الدستور لا يحق له عمل قوات قتالية فتكوينه لتلك القوات انتهاك للدستور، وهو يطالب بمحاكمة عادلة وعلنية سوف تكون وسيلة لإظهار الحق وأنه لم ينتهك القانون بل جهاز الأمن هو الذي انتهك الدستور. ونفى أن تكون له أية نية في تحريض المجتمع الدولي على البلاد بل أكد أن الأسرة الدولية محرضة سلفاً ضد الحكومة السودانية ودوره هو الوصول لحل لا يطيح باستقرار البلاد، كما أكد أنه يريد تبرئة ساحة القوات المسلحة مما ترتكبه تلك القوات المنفلتة. وكرر نفس المعنى في مخاطبة له بقرية الولي بولاية الجزيرة في 17 مايو، مؤكداً ضرورة انضباط جهاز الأمن بالدستور.
6) قام النظام السوداني عن طريق جهاز أمنه في التاسعة إلا ربعاً من مساء السبت 17 مايو، متذرعاً بالقانون، باعتقال الإمام الصادق المهدي بعد عودته من رحلة الولي وتم إيداعه لسجن كوبر العمومي. هذا التوقيف سياسي بدون شك. وسواء أكان ذلك لعرقلة الحوار، أو لأنه لم يعد يطيق انتقادات رئيس حزب الأمة للسياسات والممارسات الظالمة التي درج عليها، أو لأي أسباب سياسية أخرى، فقد قرر إسكات صوت الإمام الصادق المهدي وإبعاده من المشهد السياسي. ولذلك لفق الجهاز تهمة تخول له التوقيف. فأضاف لبلاغه الأول ضد الإمام الصادق المهدي المادتين 50/63، المادة 50 أضيفت لأنها تخول، بحسب قانون الإجراءات الجنائية، القبض على المتهم وحبسه حتى نهاية المحكمة. هذه التهم المتعلقة بتقويض النظام الدستوري والدعوة للمعارضة بالعنف أو القوة الجنائية، تتناقض مع كل ما ظل السيد الصادق المهدي يقوله. وبهذا الحبس الجائر أسكت النظام أقوى الأصوات الداعية للحوار والحل السياسي كأفضل وسيلة لإنهاء أزمات الوطن. وكان القرار الطبيعي لحزب الأمة الصادر عن اجتماع مجلس التنسيق الأعلى مساء 17 مايو، والذي أيده المكتب السياسي للحزب في 24 مايو هو وقف الحوار مع النظام، وانسحبت جبهة الشرق الديمقراطية من طاولة الحوار، بينما عبرت بقية الأحزاب المستجيبة لدعوة الحوار عن رفضها للاعتقال، ورأته الأحزاب المتحفظة على الحوار أسطع دليل على صدق قراءتها من أن النظام لا أمان له وهو غير جاد في دعوته للحوار.
7) لا جدال أنه لا كبير على القانون إذا ما توفرت الحيثيات التي تسوغ لأجهزة تنفيذ القانون تحريك إجراءات جنائية في حق أو في مواجهة أي كان، بعيداً عن كل ما يشي بالغرض والإستهداف والكيد السياسي، وبعيداً عن الاستعداء والتحريض والإيحاء للسلطات والأجهزة المعنية بما يمكن أن يرقى لجريمة التأثير على سير العدالة. ولكن الحيثيات المذكورة أعلاه تؤكد أن ملابسات تقديم الدعوى كيدية. كما حرك النظام جهات عديدة للتأليب ضد الإمام الصادق المهدي. ففي جلسة البرلمان بتاريخ الأربعاء 14/5/2014م تعالت الأصوات داخل السلطة التشريعية بدمغ السيد الصادق المهدي بالعمالة والخيانة العظمى وغيرها من التهم، في حملة تولى كبرها رئيس البرلمان نفسه، وشارك فيها غالبية المتحدثين من رموز النظام. كما هدد وتوعد القائد الميداني لقوات الدعم السريع خلال المؤتمر الصحفي لجهاز الأمن والمخابرات الذي عقد بتاريخ 14/5/2014؛هدد وتوعد الكل بالويل والثبور وعظائم الأمور بعبارات وألفاظ غير مألوفة من أية قوة نظامية أو شبه نظامية أو تنسب لأي منها. كل هذا دون مراعاة أن أمر الاعتقال قيد النظر أمام الأجهزة العدلية الأمر الذي من شأنه التأثير سلباً على حق الإمام الصادق المهدي في محاكمة عادلة دون تأثير من الجهات الرسمية وغيرها، كما أن في ذلك استفزازاً للمشاعر وشحناً للنفوس وخلقاً لأجواء عدائية لا تحمد عقباها إذا ما سارت الأمور على النحو المذكور.
8) السيد الصادق المهدي تجاوز السبعين من العمر، وبالتالي فإن حبسه وتعريضه لتهم تصل للإعدام ينتهك القانون والدستور اللذين لا يخولان الحكم بالإعدام على من يتجاوز السبعين إلا حداً أو قصاصاً، ويحظر القانون الحكم بالسجن على من بلغ السبعين إلا في حد الحرابة. إن استمرار حبسه مع انتهاء التحقيق معه لا مبرر قانوني صحيح له، أما بمنطق السياسة فهو جريرة وتجنٍ ساطع يظهر لأي مدى انهارت دولة حكم القانون في السودان.
مواقف الإمام الصادق المهدي من إحلال السلام والديمقراطية
1) السيد الصادق المهدي زعيم سوداني معروف، لقد حاز على ثقة شعبه في حكمين ديمقراطيين، واختاره معهد الدراسات الموضوعية بالهند ضمن أعظم مائة شخصية مسلمة في القرن العشرين، ومنح جائزة قوسي العالمية للسلام العام الماضي، وانتخبه المنتدى العالمي للوسطية الإسلامية رئيساً له، واختير رئيساً لمجلس الحكماء العربي، وكرمت جهوده للدفاع عن حقوق الإنسان وللديمقراطية العديد من المنظمات، وهو عضو بالعديد من المنظمات والمبادرات الساعية لحل النزاعات في العالم سلمياً أو الداعية للديمقراطية مثل نادي مدريد، وشبكة الديمقراطيين العرب. ولذلك فإن انطباق التهم المذكورة عليه لا يمكن أن يصدقه أحد. بل إن السيد الصادق من فرط حماسته للنهج السلمي والحل المتفاوض عليه قد طالته اتهامات من أوساط كثيرة بأنه باع القضية لصالح النظام، لأن كثيراً من الناس تشككوا في صدق النظام واعتبروا مقولاته مجرد علاقات عامة لكسب الوقت. بهذا الإجراء العدواني أسكت النظام أحد أعقل معارضيه، وقوض استثماره في مشروع الحوار والحل السياسي المنشود. وبفجاجة الاتهامات التي لفقها ضده عرّض نفسه ليحاكمه كل الحقوقيين داخل السودان وخارجه، كما عرّض نفسه لإدانات من كافة منظمات حقوق الإنسان داخل السودان وخارجه.
2) مواصلة السيد الصادق المهدي في التعبير عن أهداف وموقف حزبه السياسية الداعية لتحقيق الديمقراطية والسلام بوسائل مدنية موقف لم يتزحزح عنه ولم يقل بغيره حتى بعد ما تعرض له من استدعاء اعتبره تجنياً ضده، وظل يكرر أن الحل السياسي لأزمات السودان موقف مبدئي ينادي به وهو موقف إستراتيجي لا يتأثر بردود الأفعال. وقد ظل يعبر عن هذا الموقف لأعوام خلت. وفي يوم الثلاثاء 27 أغسطس 2013 زار رئيس الجمهورية رئيس حزب الأمة في منزله بالملازمين، وصدر منهما بيان مشترك يلتزم بأن يكون الحكم والدستور الدائم وعملية السلام في السودان قومية لا تعزل أحداً ولا يسيطر عليها أحد. وعندما أطلق رئيس الجمهورية مبادرة في 27 يناير 2014م بالحوار الوطني، كان رئيس حزب الأمة أول وأهم المتجاوبين مع تلك المبادرة.
3) وعندما زار البلاد السيد رويلف ميير، المسئول عن ملف حوار الكوديسا من جانب الحزب الوطني جنوب الأفريقي، الحاكم في سلطة البيض حينها، بدعوة من سفارة جنوب أفريقيا؛ دعاه السيد الصادق المهدي بمنزله في 14 مايو 2014م، ودعا لمقابلته ممثلين للقوى السياسية والمدنية والإعلامية والأكاديمية السودانية ليشرح لهم تفاصيل تجربة جنوب أفريقيا، وألقى محاضرة ذكر فيها حتمية الحل السلمي المتفاوض عليه على غرار الكوديسا والذي تدفع باتجاهه عوامل داخلية وخارجية. وذكر مواقف الذين حاولوا تعويق الحوار في جنوب أفريقيا بمختلف السبل ولكن خابت مساعيهم، ذاكراً أنه وباعتبار أنه الأشد حماسا بين قادة القوى السياسية للحوار يتعرض لمضايقات على سبيل عرقلة الحل السلمي المتفاوض عليه ويتعرض لتهم جنائية.
4) نعم السيد الصادق المهدي انتقد ممارسات قوات الدعم السريع وطالب بالتحقيق لإجلاء الحقائق، بل أظهر شفقة على أفراد هذه القوات لكيلا يقعوا تحت طائلة مساءلات دولية كما حدث في الماضي، وهي ممارسات استنكرها كثيرون. وأية محاكمة عادلة في أمرها سوف تكشف الحقائق التي شاعت في السودان. أما اتهامه بأنه يدعو لتقويض النظام السوداني بالعنف فمسرحية لا يصدقها حتى مؤلفوها.
لنظام الحاكم في السودان الآن وقيادته متهمة من قبل المحكمة الجنائية الدوليةً، ومعزول دولياً بسبب انتهاكات حقوق الإنسان المستمرة، والتدخل في شئون الآخرين، وواقعة عليه إدانات من الأمم المتحدة ومجلس أمنها بقرارات تحت البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة أي باعتباره مهدد للسلم والأمن الدوليين، وهو مندد به من قبل منظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية، أما المنظمات الوطنية فإنه يعتدي عليها بالإغلاق والشطب من السجل ومنع إعادة التسجيل وغيرها من وسائل التطويع، والمنظمات العالمية يقيد وصولها للسودان. وبفعلته الراهنة باعتقال أحد أهم رموز اللا عنف والحلول السلمية في السودان فإنه يزيد من الإدانات والعزلة الداخلية، والدولية.
المطلوب عمله:
وعلى ضوء الحيثيات أعلاه فإننا في حزب الأمة القومي نهيب بالمجتمع المدني السوداني، وبالمجتمع الإقليمي والدولي، أن يلعبوا دوراً فاعلاً في الضغط على حكومة السودان من أجل:
· إطلاق سراح الإمام الصادق المهدي فوراً، وإسقاط التهم الكيدية الموجهة إليه، وإطلاق سراح سجناء الرأي الآخرين في سجون النظام.
· إجراء تحقيق مهني ومحايد وعادل وشفاف حول عمل قوات الدعم السريع، وإجراء المساءلة والإنصاف المطلوبين حال وجدت أية تجاوزات.
· تحقيق الحريات العامة، وتجميد كل النصوص القانونية والتشريعات التي تقيد الحريات والتي تتناقض مع وثيقة الحقوق المضمنة في الدستور الانتقالي لسنة 2005م، وعلى رأسها قانون قوات الأمن الوطني لسنة 2009، والبدء فوراً في عملية إصلاح قانوني تكون قومية الطابع عبر آلية متفق عليها بين الجميع.
إننا إذ نؤكد على أهمية هذه المطالب لإيقاف تدحرج البلاد الحالي نحو الهاوية السحيقة من العنف والفوضى والتمزق، ندعو كل المدافعين عن حقوق الانسان، داخل البلاد وخارجها، للضغط المتواصل حتى يتم تحقيق ذلك.
حزب الأمة القومي
19/5/2014م
|
|
|
|
|
|