أنعقدت في الرابع عشر من أكتوبر الجاري بقاعة السلام بولاية البحر الأحمر ورشة تقويم الحكم الفدرالي برئاسة السيد / محمد طه عثمان وزير المالية بولاية البحر الأحمر وسط حضور كبير من المختصين بالأمر من جهات سياسية وتنفيذية وأساتذه الجامعات واشتملت الورشة علي ثلاثة أوراقورق بعنوان الحكم المحلي الممارسة والتطبيق إعداد كل من د. موسي عبدالله شعيب أمين الشئون العلمية بجامعة البحر الأحمر والسيد محمد الحسن هيس معتمد محلية حلايب وهي الورق التي تحت بصدد استعراض موضوعها في المقال رغم أن هنالك ورق سبقتها بعنوان التشريعات والهياكل والعلاقة بين أجهزة الحكم في الحكم اللامركزي فموضوع الفدرالية هذا رغم أهميته ظل عرضه للنزاع وعدم الإستقرار لتنازع السلطات بين المركز والولايات وهي ورقة قدمتها د. سلوي عبد العال علي حمد بجامعة البحر الأحمر إذ رأينا أن نتفرج علي الصراع القبيلة هذا وأن نتعرض له بعد إنتهاء معاركهم التي تحكمها المصلحة الزاتية في الظفر بكل السلطة وليس لعيب في نمط هذا الحكم كما يصورون لنا فالمركز ولاسباب محلية وإقليمية ودولية يريد أن يكون له سبق التطبيق للديمقراطيةوالعدالة في قالب الفدرالية ولكن مع ( وقف التنفيذ !!؟؟) عليه نتناول الأمر الثاني والذي يبدو أقل شأناً ولكنه ليس كذلك فهواهم كثيراً وهو الحكم المحلي الذي ظل يعاني من تحول السلطات المركزية بالولاية ومن أهمال المركز الإتحادي لاسباب سياسية فالحكم المحلي في رأينا وكما يقولون هو ( الساس وهو الرأس) وبدونه لن يكون هنالك رضاء شعبي أو حكم يتمتع برضاء الجماهير. ورغم أن الورق أرادت أن تضيف تجارب السودان العديدة لإنماط منذ عهد السلطنة الزرقاء والتركية والمهدية وعهد الإستعمار كتجارب
ثرة في نمط الحكم ذو المشاركة الشعبية إلا إننا نخالفهم هذه النظرة فلم يكن إعتماد حكومات تلك العهود علي الحكم الشعبي الراشد بل محاولات للإبقاء علي الولاء للمركز تحت شعار ( تركناك تحكموا بلدكم) بشرط أن بفوا بالضريبة للحاكم المهيمن علي العاصمة سواء سنار أوالخرطوم ولم يكن حكم المشيخات هذه حكماً متقدماً تسوده القوانين والشفافية ودائماً كان حكماً متخلفاً تسود فيه القبلية ونفتقد الموارد الحديثة وتمضي الحياة فيه علي الزراعة التقليدية والرعي ولا شي غير ذلك فالتجربة التي يحق لنا أن نناقش فيها تجربة حكم محلي متقدم بعض الشئ هي فترة الحقبة الاستعمارية التي طبق خلالها الحكم المحلي في مشروع مارشال في مقتبل الخمسينات. والتي رمزت الي وجود مستويين من الحكم مركزي ومحلي يتمتع فيها كل مستوي بإستقلالية تامة عن الآخر. وله علاقة إنتخابية مباشرة مع سكانة ويتم فيه ترسيخ مستوي حكومات البلديات أو المستوي المحلي في نص الدستور ويجب أن تكون له إيراداته وموارده المستقله. وأن يكون هنالك دعم مركزي وأن تكون السلطات المحلية هيئات شرعية مسئولة أمام الناخبين وأن تكون لهذا الحكم هياكل تعينه وأن يكون قادراً علي تهيئة وتوفير كوادر من موظفين أكفاء. وقد رأي مارشال أن تكون هنالك مجالس الحكم المحلي وصلاحياتها مختلفة من منطقة إلي أخري بالسودان حسب مستويات الوعي والتقدم والتخلف. فيحق لبعض المجالس في المناطق ذات الوعي والمتقدمة إنتخاب رؤسائها . وأن تكون ذات ميزانيات مستقلة. ومجالس أخري في المناطق الأقل وعياً يعين رؤسائها مدير المديرية ومناطق أخري تكون فيها السلطة بيد مفتش المركز ولها مجالس
إستشارية. ومناطق أخري تكون السلطة فيها لمفتش المركز ولها مجالس إستشارية ومناطق تكون سلطة الحكومة المحلية هي مفتش المركز وليس لها ميزانيات وكانت لهذه المجالس التي أنشئت في العهد الإستعماري شخصية إعتبارية إذ يتم رفدها بالكوادر وشخصيات محترمة يتم تعيينها بها بنسبة 10% علي الأقل من الأعضاء ذوي الكفاءة. كما كانت تتمتع بالشفافية والرقابة الشعبية ( أنظر قاعة المجلس القديمة ببورتسودان) إذ توجد مساطب أعلي القاعة بكراسيها يؤمها الجمهور لحضور الجلسات وهي مفتوحة يستمع لكل صغيره وكبيرة تقال بشأن المحلية ويحضر التصويت عليها ويستمع لتفاصيل الميزانيات والموارد والصرف وتطيع بعد ذلك في نشرات تباع بعدة ملالين ليقرأها بحذافيرها من لم يتمكن من الحضور وكانت القرارات مكتوبة ومختومة من رئيس المجلس تسلم للضابط التنفيذي وكان باشكاتب المجلس أحياناً هو المسئول التنفيذي ولم تشهد هذه المجالس هيمنة الإداريين أستمر هذا الحال إلي العام 1960م ( عهد الفريق عبود 7 نوفمبر 1959م) ورأت حكومة إبراهيم عبود أن القوانين المحلية السابقة فيها تركيز للسلطات بيد المستعمر ( مفتش المركز) مما يجعل فجوة بين الحاكم والمحكوم ورات أن تمنح المجالس سلطات تتناسب ودرجة الوعي بها . ولم يحلل الكاتبان د. موسي عبد الله والسيد محمد الحسن طاهر هنييس تجربة حكم الفريق إبراهيم عبود ولكننا نري فيها تجربة فريده أنجبت أقوي وأوعي القيادات ولم يكن فيها تدخل لتزوير الإنتخابات كما نلتمس في الحكومات العسكرية الأخري التي تناوبت علي دست الحكم في بلادنا فتوفرت فرص الترشيح حق للحزب الشيوعي ( الد أعداء حكم عبود وكان الإنتخاب لأعضاء المجالس المحلية جماهيرياً مباشراً ثم يتم تصعيد أعضاء منتخبين من كل مجلس إلي مجلس المديرية ويقوم مجلس المديرية بدوره بإنتخاب أعضاء محددين ليمثلون المنطقة (المديرية) في المجلس المركزي ( والذي كان بمثابة مجلس وطني او مجلس نواب قومي وقد أسفرت هذه التجربة عن إختيار نواب يتمتعون بالوعي والقبول لدي المواطنين لأن أختيارهم يتم بمراحل من خيار إلي خيار. ويذكرنا هذا بتجربة مارشال المتعدده المراحل وهذا أمرعايشناه في تحليلات ومتابعة الكتاب فعند إعلان إختيار وإنتخاب المجالس المحلية عكفت سلطات المديرية بالخرطوم علي تسجيل الناخبين بمئات الآلاف من سكان العاصمة المثلثة إلا أن السكرتير الإداري فاجئهم بزيارة يسآل ماذا تفعلون وعندما علم أنهم يسجلون أي شخص كناخب قال لهم أن هذه تجربة فريدة نقوم بها لأول مرة في السودان كتجربة لإنشاء أربعة مجالس محلية بكل من الأبيض – الخرطوم – مدني – بورتسودان ليعقبها قيام مجالس محلية لكل منطقة فتح الباب لكل شخص ليشارك في أول إنتخابات محلية عمل غير مثمر وغير مفيد لأن الناخبين دائماً يميلون ا لإختيار أشخاص مثيلين لهم يجب أن يكون الناخب من دافعي الضريبةخمسين قرشاً فما فوق ( وهو رقم كان كبيراً جينها مع الخريجيين فقط). وفي عهد نميري ( مايو) صدر في 1971 قانون إنشاء المجالس الشعبية التنفيذية في كل مديرية وصدر بعدها في نفس العهد قانون الحكم الإقليمي 1980م وتوالي صدور القوانين في عهد الإنقاذ مثل قانون الحكم المحلي 1991م تم قانون الحكم المحلي 1995م والذي أسفر عن القانون السابق. وسمح قانون 1998م بإنشاء المجالس حسب عدد السكان المناسب والمتجانس ثقافياً وإجتماعياً وحسب ظروف كل ولاية مع مراعاة تطابق ذلك مع القوانين الإتحادية ونري الخطأ الجسيم في هذا القانون الأخير وهو إطلاق يد الولاة ليقوموا بإنشاء المجالس دون وجود أيه دراسة وأفية ولأسباب قد يكون من بينها الكسب السياسي الشخصي. وأخيراً لا بد من قيام حكم محلي راشد بدل الفوضي التي عمت الولاية حالياً بسبب حل كل المجالس المحلية بقرار من الوالي السابق مجلساً تلو الأخر وصرنا نلحظ في كل محلية أشخاصاً يلتفونن حول المعتمد بقيادة نائبه ( نائب رئيس المؤتمر الوطني للشئون السياسية والتنظيمية إذا كان هذا النائب شخصاً نافذاً وقوياً وإذا لم يكن هنالك نائب قوي كما في هيا فالقيادة للاقوي منه سواء كان نائب مجلس تشريعي أو وطني وهكذا تسير الأمور وفق رغبات الأشخاص الذين يقربهم الوالي (السابق) وهكذا تضيع آمال المواطنين وتتوالي آلامهم. انه في راينا ان تضارب هذه القوانين وحلها محل سابقاتها ليس دليل عافية وإنما هو إضطراب تخلقه الجهات الحاكمة وفق رغبتها في السيطرة والتمكن من الهيمنه واشاعة حالة الفوضي وتبديد الموارد والتلاعب بها فمثلاً محليات مثل هيا أنتجت كميات وفيرة من الذهب يختفي فيها حتي ( البندول) في صيدليات مستشفياتها ولا يجد طلاب ريفها الفقراء أي دعم أو مساندة لأن المال الذي يتم جمعه لا يتم بطريقة شفافية وقانونية بل احياناً ( بالدبل كيت) وعليه نتمني أن تسفر توصيات هذه الورش عن إنشاء حكم محلي رشيد ومتي لم يكن الحكم المحلي رشيداً فلن يكون هنالك حكم فدرالي او ولائي رشيد مع ضرورة التنسيق مع سلطات الولاية لتحديد الموارد المخصصة للمحليات منعاً للتضارب وضرورة تطبيق التحصيل الالكتروني تفادياً للفوضي والتعامل غير المشروع ( بالدبل كيت) وإنتخاب عضوية المجالس إنتخاباً نزيهاً حراً وبكشوفات ناجيين منقحة وصحيحة بعيداً عن الكشوفات الحالية المحشوه بأسماء لا وجود لها. ونشرها للطعون.
والله نسأل التوفيق والسداد الأمين اوهاج - بورتسودان
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة