من المؤسف والمؤلم والمحزن حقاً أن نسمع ونرى ونقرأ في الأسافير ووسائل التواصل المختلفة ما يدور بين مجموعات أبناء جبال النوبة من خلافات وخصومات بلغت حد الفجور في العداوة، لم يتواني كل طرف إستخدام أبشع ما لديه من وسائل وأساليب القذف والتجريح بغية لحاق أكبر أذي بالطرف الأخر، مما جعل المواطن النوبي العادي يقف حائراً وغاضباً ومحبطاً لما يدور بين الإخوان. حيث لم يعرف عن النوبة طوال تاريخهم أي مشاكل أو إختلافات بهذه الصورة بل كانوا دائما مترابطين ومتعاونين ويعيشون في سلام فيما بينهم ومتوحدين في طرح قضاياهم ومطالبهم. ولا شك أن الخلافات الحالية قد أصابت الكثيرين وحتى من غير أبناء الجبال بالإرباك وأسعد كثيراً أعداء جبال النوبة ومن لا يريد خيراً لجبال النوبة. • خلافات الحركة الشعبية: إن الخلافات داخل الحركة وانشقاق مجموعات، وفصل وعزل قيادات عسكرية وفكرية بالحركة، هو شأن داخلي خاص بمؤسسات الحركة. وقد خرج عدد مسهم الضر بخلافاتهم الداخلية إلى العلن ونشروه على الملأ حتى أدق التفاصيل التنظيمية، وأخذ الجميع بتلابيب وخناق البعض، وامتد الهجوم على قيادات وأفراد بالحركة، و تطاول بعضهم حتى بالتجريح والإساءة للأموات من قادتهم. إن ما يحدث ليس من النخوة في شيء وليس من شيم وأخلاق وأدبيات النضال والمصير الواحد، ولم يرد قي ثقافتنا كنوبة على مدى تاريخنا الطويل، فقد كان من الأجدر محاولة حل تلك الخلافات داخل الحركة الشعبية وإن استعصت الأمور ففراق بإحسان، حيث أن تناول القضايا الخلافية في وسائل الإعلام أو أي وسائل أخرى لن تأتي بحل أو إصلاح. كما تناول الأمور بهذه الصورة وبهذا الإنفعال والإصرار وفي هذا التوقيت من الزمن فضرره أكبر من نفعه للذين يكتبون أنفسهم ولأبناء جبال النوبة عامة ولقضية جبال النوبة بصفة خاصة. • خلافات غير المنضوين للحركة: دخل على خط الخلافات بعض ابناء جبال النوبة أفراداً وجماعات ممن لا علاقة لهم بالحركة الشعبية وليسوا منظمين او منضوين لها، بل أن بعضهم لهم تنظيماتهم الخاصة، الكل يدعي حق تمثيل جبال النوبة والتدخل فيما يدور بالحركة. هؤلاء ما كان لهم التدخل فيما لا يعنيهم، والأولى لهم التركيز على تنظيماتهم وما يمكنهم تقديمه من خلالها لحل قضايا جبال النوبة من مواقعهم وعدم صب الزيت على نار الخلافات بين أبناء جبال النوبة وشغلهم عن القضية الأساسية. بل أن ما يقومون به هو المساعدة في تفتيت وحدة أبناء جبال النوبة والحيلولة دون تكاتفهم والتفافهم حول قضية وحقوق جبال النوبة. • إمتداد الخلافات إلى المجالات الأجتماعية والثقافية: ولقد امتدت الخلافات بين أبناء ومجموعات جبال النوبة وتوسعت حتى شملت المجالات الإجتماعية والثقافية التي يفترض أن لا علاقة لها بالخلافات السياسية، بل تعني بالعلاقات الإجتماعية والشأن الإنساني الذي يربط جميع النوبة ويشملهم دون فرز أو فرق. فظهرت خلافات بين مهرجانات جبال النوبة للتراث والثقافة المختلفة، وكنا نأمل أن تتضافر الجهود ويتم التفاهم والتنسيق بين القائمين على جميع هذه المهرجانات لتكون روافد وإضافة تثري تراث وثقافة جبال النوبة وتظهره على حقيقته وتعكس صورة مشرفة عن تمسكنا بأصالتنا. • خلافات منظمات المجتمع المدنى: وحديثاً تطايرت البيانات بين ما يسمى منظمات المجتمع المدني بالأراضي المحررة وما يسمى بالشبكة الدولية للمجتمع المدني لجبال النوبة مما ينذر بتشتيت النوبة شذر مذر. فقيام شبكة منظمات مجتمع مدنى بالخارج او بالمناطق المحررة او في داخل السودان على العموم، هى مسالة جيدة وضرورية ولكل دورها، ويجب التنسيق والتعاون بين جميع هذه المجموعات لتقديم المطلوب لشعب جبال النوبة بدون التناحر فيما بينها وتشتيت الجهود وخلق نفور وبغض وكراهية وفرقة بين أبناء جبال النوبة، مما يصيب قضية جبال النوبة في مقتل وبالضرر البليغ. فلا يجب استخدام منظمات المجتمع المدنى كمظلة لإثارة أى خلاف فكري، سياسي، تنظيمى او جهوي بين مجموعات النوبة، أو بغرض إدعاء أى شرعية لتمثيل النوبة، أو إستغلالها لتهميش أي طرف من جبال النوبة. من الأوفق والضرورة أن تتوحد جميع هذه المنظمات تحت مظلة واحدة، أو على أقل تقدير الاتفاق على آلية تنسيق فيما بينها تحقيقا للمصلحة العامة لقضية جبال النوبة في أي مكان بدلاً من التناحر والتراشق الإعلامي المدمر للكل. • خلافات حول قضية المفاوضات والحل السياسي لجبال النوبة: إنتقلت الخلافات بكل أسف إلى المحور الأساسي لقضية جبال النوبة وهي الحقوق السياسية والإقتصادية والإجتماعية لشعب جبال النوبة، فقد إختلف الإخوة فيمن يمثلهم في المحادثات، وفي طريقة ومنهج المحادثات والحوار، وفي الحلول والحقوق السياسية، وحول إيقاف الحرب أو إستمرارها؟ ...... وكان على الإخوة وعي وإدراك الحقائق والوقائع التالية التي لا خلاف ولا جدال حولها: - تستند المفاوضات على قرارات الأمم المتحدة والإتحاد الإفريقي وبرعاية الآلية الإفريقية الرفيعة بقيادة ثامبو أمبيكي بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية، ومن ترسله الحركة لقيادة هذه المفاوضات هذا شأنها، المهم أن تفاوض من أجل قضايا وحقوق جبال النوبة وألا تقبل بأي حل لا يحقق طموحات أهل وشهداء جبال النوبة. - من يأنس في نفسه المشاركة في المحادثات ويستطيع أن يقدم أو ينتزع حقوق جبال النوبة فليشارك، ولكن يجب التنسيق والإتفاق بين جميع المشاركين حتى لا يحدث تضارب في المواقف تضيع معها حقوق جبال النوبة. - ضرورة التمسك بآمال وأشواق أبناء جبال النوبة في الحل السياسي وضمان حقوق أهل جبال النوبة ورد المظالم وضمان حقوق حاملي السلاح، ....إلخ. - من الضرورات العاجلة والملحة التركيز على إيقاف الحرب وإنهاء معاناة أهل جبال النوبة. • دور المؤتمر الوطني ومناصريه من أبناء جبال النوبة: هنا لابد أن نذكر دور المؤتمر الوطني وهو المحرك الرئيسي والمؤجج لكل هذه الخلافات، وذلك بفتح وسائل إعلامه لحملة الكراهية والعنصرية ضد النوبة، ورعايته للصراعات بين مجموعات النوبة أو بين النوبة وقياداتهم بزرع الفتن بينهم أو تمييزهم بأن أصولهم ليست من جبال النوبة، .... وتسهيله لبعض أبناء النوبة كيل الشتم والسب لأخوانهم ونشر أسرار تنظيماتهم على الملأ. كما فتح وسهل لهم السبل والوسائل المقروءة والمسموعة والمشاهدة ومدهم بالعلومات والبيانات للإساءة لإخوانهم كيفما شاؤوا، حيث بلغت الجرأة بإحداهن أن هددت بتفجير نفسها ونسف شخصيات من أبناء النوبة. كل ذلك بغرض التفريق بين أبناء جبال النوبة ومنع أي تقارب أو توافق بينهم أو توحيد كلمتهم خلف قضاياهم بقوة وضغط تجبر الظالم على الإذعان لمطالب وحقوق جبال النوبة. وكان لابد من أن نسأل أنفسنا، ماذا أصاب أبناء جبال النوبة؟ وأين قضية جبال النوبة من الذي يحدث بين الإخوان؟ ولماذا ينجر أبناء جبال النوبة ويندفعون دون روية أو تفكير إلي ما هم فيه؟؟؟؟ كل هذه الخلافات وقد نسوا وتركوا المشكلة الأساسية التي حركتهم من الأساس: فقد نسوا مظالم وتهميش جبال النوبة، نسوا حقوق جبال النوبة نسوا مآسي جبال النوبة من جراء الحرب العبثية، نسوا الذين يموتون يوميا بشتى أنواع التقتيل بالمقذوفات الصاروخية وبالقنابل العنقودية والبراميل المشتعلة والكيماويات الحارقة والأسلحة المحرمة دولياً. نسوا إخوانهم الذي يموتون قهراَ وجوعاً وحرماناً من جراء عدم إستطاعتهم زراعة حاجتهم من الغذاء أو حصد ما زرعوه، ومن جراء منع المساعدات والإغاثة عنهم، أو يموتون بالأمراض والأوبئة الفتاكة في ملاجئهم والمعسكرات ومواقع النزوح المختلفة. نسوا أطفال الكراكير والفاقد التربوي، وما يدور في المنطقة من إحلال وإبدال وسياسات الأرض المحروقة، أو تدمير الأرض من جراء التعدين الجائر وإستخدام مواد سامة وضارة بالبيئة والإنسان. نسوا ما يعانيه إبن جبال النوبة بالمدن في معاشه ومن مضايقات في حله وترحاله ومنعه من مزاولة حياته بصورة طبيعية بل ومنعه من الحياة، نسوا أن جبال النوبة تنجر رويداً رويداً إلى الفناء والعدم. ليس هذا فحسب، بل حتى أن ما يجري في السودان حالياً من حراك وترتيب للأوضاع فيما يسمى بالحوار الوطني والمجتمعي .. لا نكاد نرى لهم أثراً في المطالبة أو تثبيت حقوق جبال النوبة. فقد تركوا كل ذلك خلفهم وتفرغوا لإغتيال بعضهم بعضاً مما يقودنا إلي التساؤل مع الشامتين إن كان لهؤلاء القوم فعلاً قضية!!!!. وأزاء هذا المشهد المأساوي المؤسف ونيابة عن المفجوعين والموجوعين من أبناء جبال النوبة، نتقدم بهذا النداء والمناشدة إلى جميع أبناء جبال النوبة بمختلف مشاربهم من أفراد وجماعات و زعماء وأعلام ومفكرين وقياديين، وبمختلف توجهاتهم وتصنيفاتهم الجهوية والفكرية والإجتماعية والسياسية (مدنية أو عسكرية)، وكل من يهمه شأن جبال النوبة أو يعمل من أجل قضية وحقوق جبال النوبة وإلى كل من يسعى أو يرى أنه يناضل من أجل جبال النوبة أو يدعي أنه يمثل جبال النوبة: وذلك بقصد إيقاف التناحر والتقاتل بين أبناء جبال النوبة وتوحيد الكلمة والرؤية خلف قضية جبال النوبة. وهذه المناشدة نريدها أن تكون خارطة طريق واجبة الإلتزام بها من قبل الجميع، وأن تكون خطوط حمراء يلزم عدم تجاوزها عند تناول قضايا جبال النوبة، وهو نداء وصرخة داوية وناقوس ينذر بالخطر المحدق بنا جميعاً، نوجهه لجميع أبناء جبال النوبة في أي موقع وفي أي مكان. وإننا إذ نوجه إليكم هذا النداء ونطرح عليكم هذه المناشدة فهي بمثابة وثيقة شرف نضالي محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من أجل جبال النوبة، ونأمل كما نرجو من الجميع الإلتزام بها، كل حسب ضميره وحبه وإخلاصه لجبال النوبة. وتتلخص المناشدة في النقاط التالية :- 1) ) على الجميع إحترام وتقدير بعضهم بعضاً، ونبذ الفرقة والخلافات وعدم إثارة المشاكل والتركيز على قضية جبال النوبة وحقوق جبال النوبة كل حسب موقعه. 2) ) على الجميع أفراداً وجماعات وقف التراشق الإعلامي في جميع وسائل الميديا والتواصل الإجتماعي بين جميع مكونات مجتمع جبال النوبة من أفراد وتجمعات اجتماعية أو ثقافية أو سياسية ومنظمات حقوقية ومنظمات المجتمع المدني وعدم الهجوم على أي فرد أو مجموعة أو ذكرها بسوء. 3) ) على الجميع الإلتزام والتمسك بأخلاقيات وأدبيات النضال، وبما أقسموا عليه فعلياً أو ضمنياً ومجازاً والتزموا به مع إخوتهم. 4) ) على المجموعات المنظمة الرجوع إلى قواعدها لمحاولة إيجاد حلول ومعالجة مشاكلها وخلافاتها داخلياً حسب النظم المؤسسية المتبعة لديهم. 5) ) علي الجميع عدم التدخل فيما لا يعنيهم من التنظيمات الأخرى لا بالسالب ولا بالموجب والتركيز على تنظيماتهم وما يمكن تقديمه وخدمة جبال النوبة من خلال تنظيماتهم. 6) ) على الأفراد الغير منظمين في تجمعات أو تنظيمات إجتماعية أو سياسية، طرح رؤاهم دون تجريح أو إساءة للغير خاصة لإخوتهم بالتنظيمات الأخرى، بل عليهم السعي بجدية لتقريب وجهات النظر ولتوحيد الرؤى خلف قضايا جبال النوبة، أو إلتزام السكوت. 7) ) على الجميع العمل على تنسيق الجهود نحو الهدف الواحد المشترك ألا وهو حقوق ومطالب ومستحقات جبال النوبة. 8) ) على الجميع التفكير وابتداع طرق وووسائل يمكن من خلالها تجميع أبناء جبال النوبة بمختلف مشاربهم وجعلهم يلتفون حولها والوقوف معها واستخدامها للوصول إلى حقوقهم، مثل إيقاف الحرب وغيرها. 9) ) علينا جميعا التركيز على قضية إيقاف الحرب وعودة السلام إلى جبال النوبة في اقرب وقت، وهذه هي القضية المحورية الآنية التي يجب علينا جميعا العمل عليها والإهتمام بها الآن وتجاوز كل المرارات والخلافات والإختلافات والجراحات من أجلها . إخوتنا الكرام، إننا لا نستطيع، ولن يستطيع أحد، جمعكم جميعا على قلب رجل واحد، ولا نملك حق الوصاية أو فرضها عليكم ولكننا نخاطبكم ونلتمس فيكم إنسانيتكم وضميركم الحي، وما بقي في نفوسكم وقلوبكم من محبة لأهلكم وارضكم وما تبقي في عقولكم من منطق وعقلانية ..... إننا يا إخوة مستهدفون مستهدفون، فلم تعد القضية موضوع حقوق وواجبات أو تذويب وطمس هوية بل بلغ الأمر الحلقوم، ووصل حق البقاء والوجود والحياة، وإن ما تقومون به ليس في مصلحة جبال النوبة ولا يخدم قضية ولا حقوق ومظالم جبال النوبة، والإستمرار فيما أنتم فيه لهو الهلاك بعينه لجبال النوبة وفنائها ومسحها من الوجود..... فهلا عدتم إلي رشدكم ووقفتم مع أنفسكم قليلاً ؟؟؟!!! عاشت جبال النوبة وعاش أبناء جبال النوبة !!! أبناء جبال النوبة بالخليج 14 نوفمبر 2016م
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة