المدعي العام السابق لمحكمة الجنائية الدولية ظهر الي الواجهة بعد إصداره مذكرتي توقيف بحق الرئيس عمر البشير في عام 2009 و2010 ومذكرات توقيف بحق وزير الدفاع السابق عبدالرحيم محمد حسين في العام 2012 وأحمد هارون والزعيم القبلي علي كوشيب في العام 2007. أوكامبو تسلم منصبه كمدع عام للمحكمة في العام 2003 وغادره في العام 2012 لتخلفه الغامبية فاتو بن سودا.
مذكرات التوقيف بحق المسؤولين السودانيين أثارت ردود أفعال واسعة على المستويين الدولي والمحلي. الحكومة السودانية أعلنت رفضها القاطع التعامل مع المحكمة ووصفتها بأنها تطبق أجندات سياسية لجهات معادية وأصدرت بناءا على ذلك قرارات عديدة من بينها طرد المنظمات الإنسانية العاملة في دارفور.
عبدالمنعم مكي التقي السيد أوكامبو على هامش المؤتمر الدولي لمناقشة قضايا العنف ضد المرأة والإبادة في القرن الواحد والعشرين في العاصمة الأميريكية واشنطن فكانت حصيلة اللقاء التالي:
عبدالمنعم مكي: مرحبا بك السيد لويس مورينيو أوكامبو في إذاعة عافية دارفور:
أوكامبو: شكرا جزيلا وأنا سعيد بالتحدث إليك
عبدالمنعم مكي: أولا: لقد غادرت منصبك كمدع عام للمحكمة الجنائية الدولية بعد أن وضعت قضية دارفور في دائرة الضوء ، ماذا تعمل الآن؟
أوكامبو: أنا أعمل الان محاميا في نيويورك إلى جانب عملي كباحث وأستاذ بجامعة هارفارد، وبالإضافة الي أنشطتي المتعددة في مساعدة الضحايا الكولومبيين والإيزيديين، اسعى لاستكشاف سبل مساعدة ضحايا النزاع في دارفور، عندما كنت مدعيا للمحكمة رأيت الكثير من الأشياء، ولكن بحكم منصبي لم اتمكن من التحدث بشأنها ولكنني الان أنا حر وبإمكاني فعل الكثير لأهل دارفور.
عبدالمنعم مكي : الرئيس البشير لا يزال يتحرك بحرية على الرغم من مذكرتي التوقيف الصادرتين بحقه، ماذا تقول في هذا الجانب؟
أوكامبو: إنه رئيس هارب، كيف يفتخر بأنه لا يزال حرا ! لقد فر كاللص من جنوب افريقيا. لا يمكن لأي شخص أن يفتخر بهروبه من العدالة، هذا امر مخز، ليعلم البشير أنه رجل هارب ومهما طال الزمن فإنه سيقع في شباك العدالة. في غضون عام أو عامين إنها فقط مسألة وقت.
المشلكة الأساسية الان ليست في الرئيس البشير وإنما في وقف الابادة الجماعية والانتهاكات التي ما زالت مستمرة بحق المدنيين في دارفور. بالطبع هذا هو الامر الاهم في الوقت الراهن. صحيح أن الناس باتوا لا يهتمون كثيرا لمأساة أهل دارفور ولكن أنا مهتم بذلك.
عبدالمنعم مكي: ماذا تقول لحكومة جنوب افريقيا التي سمحت للبشير بمغادرة أراضيها دون اعتقاله؟
" هذا موقف مهم، لكن المثير ان الضحايا والمنظمات غيرالحكومية احالوا القضية الى القضاة، والقضاة اتخذوا القرار الصائب باعتقال البشير، لكنه تمكن من الهرب، وباعتقادي، هذا يظهر ان ذلك لن يجدي نفعا حتى في حال ابرام اتفاقات سياسية، لان مذكرة الاعتقال الصادرة بحق البشير لها تأثير عليه فهو ينزف الان بسببها، وسوف يعتقل يوما ما"
عبدالمنعم مكي: بعض الناس يعتقدون أن مذكرة التوقيف التي أصدرتها بحق البشير أزمت الوضع في دارفور؟
أوكامبو: من قال ذلك.
عبدالمنعم مكي: بعض الناس يقولون ذلك، لأنهم يعتقدون أن قرارك بإيقاف البشير دفعه مثلا الى اتخاذ قرارات اضرت بالوضع في الإقليم مثل طرد المنظمات الإنسانية العاملة هناك؟
أوكامبو: طرد المنظمات الإنسانية يؤكد نوايا الإبادة الجماعية لدي حكومة البشير. الحقيقة الواضحة التي علينا مواجهتها الان هي أن البشير ارتكب ابادة جماعية وينبغي لنا ايقافه، والمشكلة الأساسية هي اننا لا نملك الآليات الكافية لفعل ذلك، المخز ان يرتكب البشير ابادة جماعية وان يتجاهل العالم ذلك، هذا يصيب الضحايا باليأس والتشويش
أرمينيا كمثال، تناضل لأكثر من مئة عام لانتزاع اعتراف من المجتمع الدولي بأن ما حدث فيها كان إبادة جماعية وهذا بالتأكيد لن يحدث في دارفور. لان الإبادة الجماعية التي ارتكبها البشير هي قرار قضائي.
عبدالمنعم مكي: بعض الناس يعتقدون أن المدعية الحالية للمحكمة الجنائية الدولية فاتو بن سودا هي ليست بذات القوة التي تمتعت بها أنت إبان توليك لمنصب المدعي العام في المحكمة.
أوكامبو: لا ذلك غير صحيح. بن سودا هي أفضل مدع عام على الإطلاق إنها تبذل قصاري جهدها لتحقيق العدالة للضحايا. ولقد كانت واضحة منذ البدء بشأن قضية دارفور. لقد أخبرت مجلس الأمن أن مسألة اعتقال البشير تعود إليهم. وأن المحكمة ليست بحاجة الي مذكرة توقيف جديدة لأن البشير قد أدين سلفا فماذا تبقي بعد ذلك. البشير أدين بتهمة الإبادة الجماعية وكذلك عبدالرحيم محمد حسين ثاني أهم رجل في الدولة أدين بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وكذلك أحمد هارون ثالث أهم رجل في الدولة أدين كذلك. فماذا بوسع بن سودا أن تفعل بعد كل هذا. هي فقط تنتظر اعتقالهم.
عبدالمنعم مكي: معلوم أن المحكمة لا تملك سلطة اعتقال الاشخاص المتهمين كالرئيس البشير لكن بعض الناس يحملون المحكمة الفشل في اعتقاله ماذا تقول في هذا الجانب:
أوكامبو: ليس هناك قاض في العالم يملك شرطة خاصة به. القضاة يصدرون القرارات والشرطة تنفذ. مثلا رئيس جنوب افريقيا هو رئيس الدولة وكان بإمكانه اعتقال البشير لأنه يملتك السلطة والقوة لكنه كان مترددا بشأن ذلك لأن له مصالح اقتصادية وسياسية وتلك لعبة سياسية ولكن برغم ذلك كان البشير على مشارف الاعتقال.
عبدالمنعم مكي: هل ما زلت منخرطا في قضية دارفور؟
أوكامبو: لقد انتهت فترتي كمدع عام للمحكمة ولكني دائما مع ضحايا دارفور. سأكون معهم ما بقيت حيا
عبدالمنعم مكي: ماذا تود القول لأهل دارفور؟
أوكامبو: أقول لهم إنهم ضحايا الإبادة الجماعية وأنهم بحاجة الى دعمنا في محنتهم. إنهم الان في المعسكرات في السودان عاجزين عن فعل أي شئ. وذلك يحتم علينا بذل قصاري جهدنا من أجلهم. أقول لهم إنني معهم وسأكافح من أجلهم الي آخر لحظة في عمري. وأتمني أن تكون هذه الرسالة بمثابة بارقة أمل بالنسبة لهم وليعلموا أنهم بحاجة الي الحماية والاهتمام بدلا من التجاهل والاهمال.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة