دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
فتحي الضو: أجوب شوارع الخرطوم كل يوم
|
03:49 PM Oct, 28 2015 سودانيز اون لاين صحيفة اليوم التالي-الخرطوم-السودان مكتبتى فى سودانيزاونلاين
فتحي الضو: * "أجوب شوارع الخرطوم كل يوم" * عشت في مهاجر ومناف متعددة على مدى ما يقارب الأربعة عقود زمنية.. سلبتني الديكتاتوريات نصفها * رغم التنقل ظللت أحمل الوطن بداخلي * كلما تطاولت غربتي اقتربت من الوطن أكثر 27 اكتوبر 2015 - 10:10
فتحي الضو: * "أجوب شوارع الخرطوم كل يوم" * عشت في مهاجر ومناف متعددة على مدى ما يقارب الأربعة عقود زمنية.. سلبتني الديكتاتوريات نصفها * رغم التنقل ظللت أحمل الوطن بداخلي * كلما تطاولت غربتي اقتربت من الوطن أكثر أتخيل سعادة مفترضة من قبل القراء بهذه المقابلة، فقد قدر لها أن تكون مع ضيف حرمنا منه لزمن طويل، لظروف وملابسات قاهرة.. عن نفسي أمضيت زمنا طويلا لكسر طوق هذه العزلة بعزم وصبر، عل براعمها تتفتح في صحيفتنا (اليوم التالي).. لم أشتك من عسر كبير لولا أن صاحبها لديه تحفظه المعلوم من الإجابات المبتورة.. لم أستسلم فلقد ركضت ملء أنفاسي لأتمها وأزفها عروسا عبر هذه السطور، فهي مقابلة من النوع النادر؛ بإجاباتها بالتأكيد.. هنا فتحي الضو؛ يزور الخرطوم على صدر ورقة بيضاء –طبعاً- ويزينها بالحبر الأسود.. كاتب تملؤه السيرة الذاتية، متى ما حاولت أن تفاجئه بالسؤال عن الثقافة مرة تجد الهناء والشفاء.. لاعب ماهر في مستطيل السياسة بمفرداتها القاسية وسنداتها وشرفائها والمجرمين فيها، تسوره المواقف من كل حدب وصوب كأنه مسبحة متى عددت حباتها المنظومة بلا إفراط.. مفجوع بحب وطنه وشعبه.. لديه جراح وأفراح وابتسامات.. حثيثا اقتربنا من كل أدواته التي يستخدمها في الحياة.. يدنو قليلا من أن يكمل سفره السادس الذي كشف عنه في هذه المقابلة؛ لا قبل ذلك أبداً، ثم تجرى معه هذه المقابلة الأولى طوال سنيه العامرات بالفكر والسياسة والأدب والمؤلفات والأكاديميا، نوستالجي من الدرجة الأولى حينما يتذكر الشجرة، وقرية ود عشيب، وعنيد في نفح لهبه على النخبة بمواقفها واخفاقاتها.. يرقد على سرير من الرفاهية قال إنه لا يحس بها بعيدا عن وطنه.. وهاهو أمامكم.. ينهض عن خزانة ذاتية مملوءة بالقيم والتجارب.. عمل بالصحافة الكويتية بدءاً من أواخر سبعينيات القرن الماضي، وحتى مغادرته الكويت بعد الغزو العراقي في العام 1990. استقر بعدها في القاهرة مواصلاً العمل الصحافي في مكتب صحيفة الوطن الكويتية، إلى جانب مشاركته كمستقل في بدايات تأسيس فعاليات التجمع الوطني الديمقراطي، وبخاصة في مجال الإعلام.. في العام 1993 غادر القاهرة ليفتتح أول مكتب لصحيفة عربية لتغطية منطقة القرن الأفريقي (إثيوبيا، أرترييا، جيبوتي، الصومال، كينيا، يوغندا) من مقره في العاصمة أسمرا. قام بتغطية الحرب الأهلية الصومالية، ثمّ العمليات العسكرية في الجبهة الشرقية بين قوات التجمع الوطني الديمقراطي والنظام في الخرطوم.. قام بتغطية الحرب الإثيوبية الأرتريية الثانية 1998 - 2000 وذلك من الخطوط الأمامية وعلى جبهات متعددة. في العام 2002 غادر أسمرا إلى الولايات المتحدة الأمريكية حيث يستقر الآن بأسرته.. أقام العديد من الندوات في كثير من المدن الأمريكية، وبعض المدن الكندية، وبريطانيا، وأيرلندا، والنرويج، وهولندا، والقاهرة.. يرأس حالياً اتحاد الصحافيين السودانيين الأمريكيين بالولايات المتحدة الأمريكية. * أرهقتني الذاكرة "الغربالية" * أنا كاتب أدبي ضلَّ طريقه إلى الكتابة السياسية * النخب السياسية السودانية انتقائية * مقولة "الخرطوم تقرأ وبيروت تطبع والقاهرة تؤلف" من أكثر المقولات صدقاً وكذباً في آن * الصادق المهدي غزير الإنتاج ولكنه قليل التطبيق.. ينسى كل شيء حالما يجلس على سدة السلطة * بيتي وطن مصغر * الترابي له نشاط وافر في الكتابة الفكرية لكن تفسدها الميكافيلية * منصور خالد مفكر ضخم ولكنه لا يطبق ما يقول * لم أستغرب في زمن الانحطاط المعرفي أن تصبح كلمة بروفيسور ودكتور تنافس كلمة "يا حاج" * تقديراً لك والقراء الكرام أقول إنني أضع اللمسات الأخيرة لمؤلف جديد أتمنى أن يكون "رسالة غفران" * أنا من المتابعين والمدمنين على الاستماع للشعراء الشباب بخاصة مجموعة "ريحة البن" * إذا أردت معرفة الواقع السياسي السوداني فعليك بقراءته ثقافياً.. أما إذا أردت معرفة الواقع الثقافي فما عليك إلا أن تقرأ الفاتحة على روحه!
* في المفتتح؛ أسأل أولاً عن فتحي الضو الغارق في الملفات السياسية والمهمل لدور المثقف؟ - أعتقد أن هذا استهلال جيد لهذا الحوار، وأشكرك عليه لأنه مستفز ويحرض المرء على الدفاع. لكنني لست بصدد الدفاع بقدر ما أريد إقرار حقائق واقعية. الحقيقة أنني ابتعدت في كتاباتي عن تناول الشأن الثقافي، ولكنني لم أبتعد عن المتابعة والقراءات الثقافية المختلفة. والواقع أنني عندما تمضي عليّ فترة زمنية وتصرفني فيها شواغل الدنيا عن القراءة الثقافية تنتابني موجة اكتئاب وأشعر بعسر هضم لكل ما حولي، ولا أستعيد توازني إلا باللجوء إلى قراءة شتى ضروب الأدب من شعر وقصة ورواية. فأنا أؤمن تماماً بأنك إذا أردت معرفة الواقع السياسي السوداني فعليك بقراءته ثقافياً، أما إذا أردت معرفة الواقع الثقافي السوداني نفسه، فما عليك إلا أن تقرأ الفاتحة على روحه. * لماذا كل هذا الانحياز الصارخ للكتابة الجامدة ذات الحيثيات والأرقام والمستندات رغم أن الروائيين حققوا مجداً كاملاً بخيالاتهم وكتاباتهم الرفيعة؟ - نعم، لعل جمود الكتابة السياسية ناتج من اعتمادها على لغة الأرقام والمواثيق والوقائع المجردة. ثانياً على المستوى الشخصي، فأنا ولجت باب الكتابة السياسية أصلاً من باب الأدب، حيث كنت أقرض الشعر وأكتب القصة في بواكير حياتي، ومن هذه الزاوية يمكنك أن تقول عني إنني كاتب أدبي ضلَّ طريقه إلى الكتابة السياسية. وأقول ضلَّ لأن الكتابة السياسية ليست إبداعية كما تعلم. وليس تبرؤا مني ولا دفاعاً عن نفسي، بل لعلني أعبر بشكل واقعي عن كل الكُتّاب الذين يتناولون الشأن السياسي، وأقول إن ذلك قدر مفروض علينا. ما الذي تتوقعه من كُتَّاب بلد مضى على استقلاله نحو ستين عاماً بالتمام والكامل، استهلكت منها الأنظمة الديكتاتورية الثلاثة التي جثمت على صدره خمسين عاماً؟. أما عن الجزء الثاني من السؤال فيؤسفني أن أقول إننا نشكوا فقراً مدقعاً في الكُتَّاب الروائيين بدليل أن جائزة الطيب صالح التي ينظمها مركز عبد الكريم ميرغني لم تتلق سوى تسع روايات في مسابقة هذا العام، وبالتالي لا أعتقد أن مقاييس المجد التي ذكرتها تنطبق علينا! * برأيك هل نحن شعب استهلكته السياسة لهذه الدرجة حتى لم يعد له وقت لخلافها حتى على مستوى المثقفين؟ - نعم. أتفق معك تماماً في أن الشأن السياسي استغرقنا كسودانيين. ما تحادث اثنان إلا وكانت السياسة ثالثهما. ذلك يعود في تقديري إلى أمرين، الأول هو ما ذكرت عن تسلط الأنظمة الديكتاتورية على رقابنا. أما الأمر الثاني فهو يعود إلى البيئة المجتمعية. فالسودانيون شعب منفتح على ثقافات الآخرين وهذا الانفتاح يحتم المتابعة الحثيثة لشؤونهم وفي صدارتها السياسة. لكن أعتقد أنها أصبحت حالة مرضية لن تجد لها علاجاً إلا بتنقيح المناهج الدراسية المختلفة وإصلاح التعليم بشكل عام والعالي بشكل خاص، والاهتمام بالثقافة والفنون، وإطلاق الحريات وأشياء أخرى لن تتوفر إلا في ظل نظام ديمقراطي. ولكن أي ديمقراطية نروم؟ هذا هو سؤال المليون كما يقولون. * حركة الثقافة السودانية تراجعت بشكل تلقائي هل ذلك نتيجة لتقلبات سياسية أم عدم قدرة على العطاء في أجواء غير مواتية؟ - نعم بالطبع تراجعت والذي تراجع في السودان كثير. أنت تعلم أن الأنظمة الديكتاتورية بطبيعتها عدو للثقافة. ولعل مقولة جوبلز وزير الدعاية في عهد هتلر والتي قال فيها (كلما سمعت كلمة ثقافة أتحسس مسدسي) تعبر تماماً عن نظرة الديكتاتورية للثقافة. لكن دعني أكون منصفاً إذ يمكننى أن أستثني الشعر الذي لم يتراجع بل ظلَّ في تقدم وتألق واضح. وأعتقد أن أمة حداتها أزهري محمد علي ومحمد الحسن حميد ومحمد طه القدال ومحجوب شريف وهاشم صديق وآخرون، لا يمكن أن نحكم على الشعر فيها بالتراجع. وواقع الأمر أنا من المتابعين والمدمنين على الاستماع للشعراء الشباب بخاصة مجموعة (ريحة البن). * إفرازات الوضع السياسي وانعكاسه على الفعل الثقافي.. بتره أم كبته؟ خنقه أم إتاحة الفرصة أمامه؟ - بالطبع خنقه وهرسه وفطَّسه. دعني أقول لك حقيقة أرددها دائماً وهي أن هويتنا السودانوية ناتجة عن تحالف الجغرافيا والتاريخ. للأسف الشديد لم نستطع استثمار هذا التميز، بل على العكس فالتعدد الثقافي والإثني الذي تتوق له بلدان مثل أمريكا التي أعيش فيها، أصبح مصدر فرقة وشتات وتناحر واستعلاء وحروب في السودان. أعود وأقول إن تلك من أمهات الخطايا التي ارتكبتها الأنظمة الديكتاتورية في حق الشعوب السودانية. * الحديث عن فشل النخبة السودانية مستمر وكذا إخفاقاتها ومواقفها واستقطابها.. هل انتهى جيل النخب؟ - نعم سيظل الفشل مستمراً طالما أنهم مسؤولون عن صناعة الديكتاتوريات، وطالما بقيت هذه الديكتاتوريات في السلطة بفضلهم. فالنخب السياسية السودانية انتقائية، تجدها دائماً تتمثل بالنماذج السالبة في التاريخ الإنساني. مثلاً أغلبهم لم ير في كل التجارب الإنسانية سوى مقولة المفكر الألماني كارل فون كلاوزوفينتر (الحرب استمرار للسياسة بوسائل أخرى) لكنهم لو قرأوا تولستوي أو فيكتور هيجو أو مكسيم غوركي لعرفوا قيمة الحرية وفداحة الحرب. والحقيقة هذا اهتمام مشترك بين الأنظمة ومعارضيها. بدليل أن النظام الحالي ظلَّ يخصص جزءاً مقدراً من ميزانية البلاد للأمن والدفاع على مدى أكثر من ربع قرن. وحتى إن اختلفنا مع برنامجه الأيديولوجي، لو أنه خصص هذه النسبة للخدمات بصورة عامة لكان قد حقق أهدافه وأحدث تغييرا جذرياً في بنية المجتمع، لكن ذلك أشبه بمن يطلب من السماء أن تمطر ذهباً. على الجانب الآخر فالمعارضة دائما ما ترمي بثقلها على الكفة الحاملة للسلاح. حدث هذا مثلاً في تجربة الجبهة الوطنية في يوليو 1976 المفارقة أن النظام الحاكم كان أحد أضلاعها الثلاثة. وحدث هذا في تجربة التجمع الوطني الديمقراطي في أسمرا 1995 وكانت الحركة الشعبية سنده، ويحدث راهناً في تجربة الجبهة الثورية. والحقيقة تتكرر التجارب رغم أنه معروفة نتائجها التي يدفع ضريبتها الرازحون تحت وابل النيران، لكن النخبة لا تكف عن التجارب حتى لو كانت باهظة الثمن! * في تقديرك أين يكمن الخلل، لماذا الفشل رغم أن هذه النخب مؤهلة أكاديمياً وثقافياً؟ - من أكثر المقولات صدقاً وكذباً في آن واحد، هي مقولة الخرطوم تقرأ وبيروت تطبع والقاهرة تؤلف. صحيح نحن شعب قارئ ولكننا نقرأ للمتعة الذهنية. السيد الصادق المهدي من أكثر السياسيين تأليفاً على المستويين السياسي والفكري، فهو غزير الإنتاج ولكنه قليل التطبيق، ينسى كل شيء حالما يجلس على سدة السلطة. الدكتور الترابي له نشاط وافر في الكتابة الفكرية، لكن تفسدها الميكافيلية التي يتصف بها، لأن الكتابة كما قال ابن خلدون في مقدمته الخالدة (تشذب الأفكار وتهذب النفوس) كذلك الدكتور منصور خالد فهو مفكر ضخم ولكنه لا يطبق ما يقول، فما جدواها إذن؟. أذكر ذات يوم في أسمرا خلال أنس مع الدكتور الراحل عمر نور الدائم، قال لي إن السيد الصادق يوفر عليه قراءة كتاب من 600 صفحة في ست دقائق. وقرأت في حوار مع الرئيس المخلوع جعفر نميري عام 1984 في مجلة التضامن قوله إنه يقرأ أربعة كتب في وقت واحد. وهذا شطط بالنسبة لرئيس جمهورية الذي بالكاد يتوفر له وقت، لكن حتى إن كانت تلك حقيقة فلسوف ينطبق عليه المثل السوداني السائد (القلم ما بزيل بلم)، والحقيقة ما كنت أعتقد أنني سأعيش حتى أعلم أن بعض النخب تطاولت سنواتهم في السلطة ولم يقرأوا حتى آرسين لوبين، وأعرف سياسيين كثرا لم تتعد قراءتهم الصحف والبيانات الحزبية. لذلك فتُطلق الألقاب جزافاً؛ إذ تسمع المفكر والأستاذ لمن لم يصدر مؤلفاً واحداً في حياته. ولذلك نحن كريمون في الألقاب، لم أستغرب في زمن الانحطاط المعرفي الذي نعيشه أن تصبح كلمة بروفيسور ودكتور تنافس كلمة (يا حاج) في ثقافتنا السودانية، وذلك على حد تعبير صديقنا حيدر إبراهيم علي وهو محق بالطبع! * ماذا تتوقع أرفف المكتبة السودانية من إصدارات جديدة لفتحي الضو؟ - ما كنت أود الإفصاح عن هذا، ولكن تقديراً لك والقراء الكرام أقول إنني أضع اللمسات الأخيرة لمؤلف جديد أتمنى أن يكون (رسالة غفران) وشفيعاً لي في غيابي عن قراء المقالات الراتبة. وكما تعلم فأنا أساساً مهتم بالجانب التوثيقي، وإن سألتني لماذا؟ فسأقول لك لقد أرهقتني الذاكرة (الغربالية) إن جاز التعبير التي نتمتع بها، فالنسيان يعد إحدى صفاتنا السالبة، لهذا تتكرر تجاربنا البائسة. * الذي يرى عنفوان شخصية فتحي الضو وهو يدخن السيجارة يراها الآن ذابلة.. الغربة أم هو الغبن أيهما تختار في الإجابة؟ - الحقيقة لست ذابلاً، ربما تراءى لك ذلك، فأنا أرى نفسي في قمة عنفوانها الوطني رغم تساقط السنين. فأنا ما زلت أحلم وأعتقد أن تلك مهمة صعبة في زمن وجدنا فيه القابض على وطنه كالقابض على الجمر. عشت في مهاجر ومناف متعددة على مدى ما يقارب الأربعة عقود زمنية، سلبتني الديكتاتوريات أكثر من نصفها، ولكنني رغم التنقل ظللت أحمل هذا الوطن بداخلي وهي المهمة الأصعب. اكتشفت أنه كلما تطاولت غربتي اقتربت أكثر منه. أما الغبينة فلست ممن يتعاملون بها لأنني أمتثل للمثل السوداني القائل (الفشَّ غبينته خرب مدينته). * أنت من جيل لم يمش كثيراً على شوارع الخرطوم ويشهد تجلياتها الأخيرة بسبب سفرك وغربتك الطويلة.. ماذا تركت لأبنائك من ذكرى وطن؟ - الحقيقة بالمفهوم المعنوي أنا أجوب شوارع الخرطوم كل يوم، طيلة هذه السنوات وأنا أعيش هذا الوطن بكل دقائقه وتفاصيله كل يوم. لدي أربعة من البنين والبنات وجميعهم ولدوا في بلدان مختلفة، ومع ذلك يمكن القول إنني نجحت في تعريفهم بوطن لم يعيشوه ويتعفروا بترابه. لذلك سأكون منصفاً ولا أزعم أنهم يحبونه كما أحبه. فالوطن الذي نتحدث عنه لم يمنحهم شيئاً يذكرهم به، بل على العكس لا شيء يأتي منه يسعد بالنسبة لهم، لا سيِّما وقد ارتبطت الأوطان في أذهانهم بمنطق الحقوق والواجبات. أعتقد أنهم يشفقون عليّ أحياناً من هذا الاستغراق في حضرة من أهوى، ذلك الذي قال عنه الشاعر الراحل محمد الفيتوري (عشقي ينفي عشقي وفنائي استغراق). * هل هم مدركون الآن لتشكل شخصية سودانية في عوالم بعيدة وأخرى؟.. هل يعرفون الكسرة وزحام المواصلات؟ - بالطبع هم أكثر إدراكاً مني نسبة لوسائل المعرفة التي تلقوها. بيتي وطن مصغر، أستطيع أن أقول إنني حافظت على بيت سوداني مائة في المائة، ليس بمنطق الانعزال عن مجتمع نعيش فيه، وإنما بمنطق أننا نضيف له ثقافة جديدة إلى ثقافاته المتعددة. هذه الثقافة تشمل كل جميل في عاداتنا وتقاليدنا وسلوكياتنا وغالباً ما يكون ذلك مصدر دهشة لمعارفنا من الأصدقاء الأمريكيين أو غيرهم. وللإنصاف فإن زوجتي الراحلة لعبت دوراً كبيراً في كل هذا. * كيف وجدت الخرطوم في عودتك الأولى بعد غياب دام سبعة عشر عاماً؟ - سُئل الأديب جيمس جويس بعد عودته من منفاه الاختياري في فرنسا: كيف وجدت إيرلندا؟ فقال وهل غادرتها؟ هذه بالضبط نفس مشاعري في العودتين. الأولى التي ذكرتها كانت في العام 2006 بعد سبعة عشر عاماً، لم أشعر بالدهشة التي تتلبس الناس في مثل هذه المواقف، ذلك لأنني كنت مهموماً برؤية الإنسان وليس العمران. أما الزيارة الثانية فقد كانت في مناسبة غير سعيدة لا أذكر منها شيئاً علق بالذاكرة. * ما الذي اختفى من الشخصية السودانية حتى الآن برأيك في تقلبات العولمة وظهور عوالم الرقمية والهواتف الذكية؟ - هذا سؤال كبير ومهم جداً. المجتمع السوداني ظلَّ في حالة تحولات جذرية، كلنا نعلم أنه في ظلّ الأنظمة الديكتاتورية تظهر المشاعر السالبة من حقد وحسد ومقت وكراهية ونفاق وأنانية واستعلاء وهلموا جرا. هذه التحولات لا تحتاج لمثقفين حتى يرصدوها وإنما تحتاج لمتخصصين في علم الاجتماع. سألت أصدقاء عن عدد الكليات الاجتماعية في الجامعات السودانية، ارتد إليّ سؤالي وهو حسير. عندما رفع النظام الحالي شعاراً نازياً ومستفزاً سماه (إعادة صياغة الإنسان السوداني) ارتعدت فرائص الدنيا كلها إلا نحن لم نول المسألة الاهتمام المطلوب، وكانت النتيجة المؤلمة أن النظام نجح في صياغة البعض وفق مفهومه الأيديولوجي، وهذا ما نرى محصلته في التغييرات العنيفة التي طرأت على المجتمع ويختصرها الناس بالقول المندهش (والله الناس اتغيروا..) من جهة أخرى، نعم الهواتف الذكية قربت المسافات، ولكنني منزعج جداً من سوء استخدام البعض لها، فما لمثل ما نراه صنعت هذه الوسائل. * ألا تحن لجلسة في مدينة الشجرة تستعيد بها بعضا من أيام ماضية وزمن جميل؟ - الحنين – النوستولوجيا – هو جزء من مكونات الشخصية السودانية، لذلك تجدها رغم كثافة الهجرة وتطاول سنواتها لم تندمج بشكل كامل في المجتمعات التي تعيش فيها. أنا بالطبع لا أستثني نفسي من هذا الحنين الذي يجرفني ويغمرني ليل نهار. أنا ولدت في الحماداب التي يطلق عليها أيضاً الشجرة وأحن لتفاصيل الحياة فيها وهي رغم مدينيتها وقربها من الخرطوم إلا أنها ما زالت تتمسك بأخلاق القرية السودانية. وبالقدر نفسه أحن لنصفي الآخر وهو قرية ود عشيب في الجزيرة، وأظن أنني من خلال الاثنتين معاً توسلت حب هذا الوطن العظيم.
فتحي الضو: "2-3" * المعارضة ليست أحسن حالاً من النظام * النظام درج على عدم احترام العهود والمواثيق مع كل الأطراف * الحوار الحقيقي أشبه بــ"رقصة التانغو".. لا يتم إلا بين طرفين 6 ساعات 20 دقيقة مضت حجم الخط: Decrease font Enlarge font فتحي الضو: "2-3" * المعارضة ليست أحسن حالاً من النظام * النظام درج على عدم احترام العهود والمواثيق مع كل الأطراف * الحوار الحقيقي أشبه بــ"رقصة التانغو".. لا يتم إلا بين طرفين * الترابي يحاول أن يسترد كرامته السياسية بعدما أكلت الثورة أباها * أنا من ممن يعولون على الشارع العريض... و"الشعب حبيبي وأبي" * الشعارات لا تبني دولة ولا تصنع أمة * "السودان الجديد" كانت فكرة واعدة ولكنها انتحرت لأنها تمحورت حول شخص قرنق * أصحاب المشروع الحضاري ضربوا رقماً قياسياً في الشعارات البوهيمية * السودان اتخذه الكثيرون ساحة للتجارب كما الفئران في المعامل العلمية * النظام ينظر لمسألة الحوار من باب شراء الوقت * لا أعرف تراجي ولكن الضجة تذكرني بمقولة المهدي إبان مساجلاته مع أبو حريرة: "وجد شطة في الجو فعطس"..! * الترابي يتعامل بمنطق الغبائن ولا يستسلم بسهولة * النظام لم يكن قوياً ولا ذكياً في يوم من الأيام.. وتطاول سنواته في السلطة يعود لضعف المعارضة * معالم الانتهازية في التحالفات الإنقاذية تبدو بامتياز للمراقبين * الإنقاذ برعت في فقه المصلحة وتتخذه وسيلة تغدق بها على المتحالفين * ينبغي للنظام أن ينظر لنفسه ليرى "عوجة رقبته" قبل أن يفعل ذلك عنوةً وقوةً * ما لم يتم تفكيك دولة الحزب الواحد يبقى كل ما يجري مجرد سراب بقيعة يحسبه النظام ماءً
* تنبؤاتك المستمرة عن ليلة السكاكين الطويلة، هل هو توقع مستمر أم مرتبط لديك بقناعة وساعة صفر ربما تأخرت كثيراً؟ - الحقيقة هو تنبؤ مبني على وقائع أراها ماثلة أمامي دائماً. فإن كان لكل شيء مقدمات فلليلة الساكين الطويلة مقدمات. التجارب الإنسانية في هذا المضمار تؤكد دائماً أن خلافات التنظيمات العقدية مهرها الدم. ودونك تاريخ الدولتين الأموية والعباسية، وفي زماننا الحاضر هناك كثير من الأمثلة. هناك حرب خفية تجري بين الإسلامويين أنفسهم ولا علاقة للشعب السوداني بها، هناك غبن وحالة احتقان لمشاعر سالبة حيال بعضهم البعض، هناك تفاوت طبقي وخلخلة اجتماعية، وانتشار حركات متطرفة تحت السطح وتفشي الجريمة كماً ونوعاً وسلاح متوفر بين الأيدي. وبغياب الرؤى أقول نحن مقبلون على ذات الحالة التي كان فيها السودان سلطنات وممالك ومشيخات، أو إن شئت فقل الاتحاد السوفييتي بعد تفككه. نحن فقط نلفت الانتباه قبل ضحى الغد، ومن لم ير غير ذلك فينبغي أن يخرج من دائرة الوهم. * المناورة أصبحت مسيطرة على الأداء السياسي دون أن يصل أي طرف لغايته، سواء معارضة أو حكومة؟ - إذا كان الأمر كذلك، فيجب أن يُسأل النظام أولاً فهو من بيده السلطة. ما الذي يمكن أن تقدمه المعارضة من تنازلات وهي لا تملك شروى نقير؟. هناك حقيقتان ثابتتان بالأدلة، الأولى أن النظام درج على عدم احترام العهود والمواثيق مع كل الأطراف التي أبرم معها اتفاقيات، والثاني أن النظام ينظر لمسألة الحوار من باب شراء الوقت وهو ما درج عليه دائماً. في ظل هاتين المسألتين الاستراتيجيتين ينبغي للنظام أن ينظر لنفسه ليرى (عوجة رقبته) من قبل أن يفعل ذلك عنوةً وقوةً. * هل ترى أي تشكيل جديد أو تغيير في نظام الحكم بكل ما طرحه من صيغ المصالحات مع القوى السياسية؟ - ما لم يتم تفكيك دولة الحزب الواحد لصالح دولة الوطن، يبقى كل ما يجري مجرد سراب بقيعة يحسبه النظام ماءً، والواقع أن النظام لم يطرح صيغ مصالحة أصلاً، هو يريد حواراً يتحكم في أجندته وفي من يدعوهم إليه وفي رئاسته وجغرافيته وكل شيء. وهو في هذه الحالة يصبح خواراً وليس حواراً. هذه (عزومة مراكبية) الحوار الحقيقي أشبه بــ(رقصة التانغو) لا يمكن أن تتم إلا بين طرفين. في تقديري أن أي حلول لا تضع تصوراً واقعياً للجرائم التي ارتكبها النظام على مدى ربع قرن، تعد مجرد إعادة لإنتاج الأزمة، هذه الجرائم لا تسقط بالتقادم. ولا يمكن أن يكون هناك تعافٍ حقيقي في المجتمع السوداني ما لم تضمد جراح المظلومين، ولنا أسوة في دول ضمدت جراح مظاليمها. * كيف تقرأ الأحلاف المتغيرة لنظام الإنقاذ في الداخل والخارج، هل أدت لاستطالة عمر النظام؟ التحالفات التي تبنتها الإنقاذ معالمها الانتهازية تبدو بامتياز للمراقبين. هل يمكن أن يصدق المواطن العادي أن في هذا البلد أكثر من سبعين حزباً. الإنقاذ برعت في فقه المصلحة الذي تتخذه وسيلة تغدق بها على المتحالفين عطاياها. وتبعاً لذلك تحدد معيار ما تغدقه على المتحالفين، الذين هم في الأصل مجرد صفر كبير في الحراك السياسي والاجتماعي. وهذا أشبه بوهم (الراكوبة في الخريف) على حد المثل السوداني الذائع الصيت. * عادت تراجي من أقصى المعارضة المتزمتة وشارك الدقير والترابي.. ألم يمنحوا الحوار ديناميته بعد؟ - المعذرة أنا لا أعرف تراجي، ولكن الضجة التي أثيرت تذكرني بما قاله السيد الصادق المهدي إبان مساجلاته مع الدكتور الراحل محمد يوسف أبو حريرة وزير التجارة في الحقبة الديمقراطية الأخيرة، قال إنه (وجد شطة في الجو فعطس).. أما الدكتور الترابي فهو يحاول أن يسترد كرامته السياسية التي أُهدرت بعدما أكلت الثورة أباها. والترابي كما هو معلوم يتعامل بمنطق الغبائن، وهو رجل لا يستسلم بسهولة، فما بالك إن جاءته الهزيمة من الذين اشتد ساعدهم عليه من حوارييه. عموماً ما آل إليه الحوار لا يحتاج لتعليق فهو واضح للعيان، حاله أشبه بمريض سرطان أُحضر للمستشفى فأعطاه الطبيب حبوب بندول للعلاج. * بقدر ما رفعت المعارضة من برامج لإسقاط النظام منحته مزيداً من القوة والمنعة. أين الإشكال؟ في عقلية وخطط المعارضة أم في ذكاء النظام؟ - الحقيقة لم يكن النظام قوياً ولا ذكياً في يوم من الأيام، وتطاول سنواته في السلطة يعود بالدرجة الأولى لضعف المعارضة. إن شئت فهو صراع الضعفاء، المعارضة ليست بأحسن حالاً من النظام. لكن يجب ألا نذعن للفهم المغلوط القائل إن المعارضة هي القوى السياسة والحركات المسلحة فقط. الواقع أن المعارضة الحقيقية لهذا النظام تكمن في الشارع العريض بكل مكوناته الاجتماعية. ولهذا الشارع مطلوبات أخرى غير المطلوبات السياسية التي تتحدث عنها تلك القوى. أنا من الذين يعولون على الشارع العريض هذا، إيماناً مني بأن هذا الشعب (حبيبي وأبي) كما قال شاعره محمد المكي إبراهيم. * أين السودان الجديد في دعوات الحركة الشعبية وأين السودان الحديث في دولة المشروع الحضاري؟ - دعنا نكون موضوعيين، هذه كلها محض شعارات لا تغني ولا تسمن من جوع. فالشعارات لا تبني دولة ولا تصنع أمة. فكرة السودان الجديد كانت فكرة واعدة ولكنها انتحرت لأنها تمحورت حول شخص الدكتور الراحل جون قرنق. أما أصحاب المشروع الحضاري فقد ضربوا رقماً قياسياً في الشعارات والأفكار البوهيمية لدرجة أصبحت مثار سخرية من الناس. السودان ما زال أمة تحت التكوين، لذلك اتخذه الكثيرون ساحة للتجارب كما الفئران في المعامل العلمية. * الأزمة في دارفور كيف تراها من خلال النظرة الخارجية وانتشارها في الميديا العالمية وهل من أفق للحل؟ - هذه القضية أصابها الكثير من التشويه الذي كان النظام سبباً فيه، فهي من ناحية التوصيف يجب أن يقال عنها أزمة السودان في دارفور وليست أزمة دارفور. فغالبية وسائل الإعلام والمراكز البحثية وقت في خطأ توصيفها بمشكلة دارفور حيث لا يذكر السودان إلا لماماً. إفرازات هذا الخطأ كانت كارثية في تقديري فقد أدى إلى بروز العنصرية بشكل واسع ومطّرد. وللأسف أصبحت قاسماً مشتركاً بين النظام ومعارضيه. الأمر الثاني سياسة النظام في انتقاء بعض النخب الدارفورية خلقت استقطاباً حاداً زاد من تعقيدات الحل. ثالثاً لست متفائلاً بحل في الأفق إلا في إطار حل شامل لكل قضايا السودان، وعلى رأسها قضية الديمقراطية. وأعتقد أنه إلى حين ذلك سيستمر عرض المأساة.
مواضيع لها علاقة بالموضوع او الكاتب
- السودانيون بالمملكة المتحدة يستجيبون لنداء مساعدة شدياب
- وزير الداخلية الفريق عصمت عبد الرحيم: (5500) ضابط تركوا الخدمة خلال (8) أشهر
- سرطان الثدي.الداء الخفي
- تفاصيل جديدة بشأن حبس ضابط أمريكي بالفتيحاب
- الحزب الإتحادي الموحد – سنقاوم إستهداف أهلنا النوبة
- بيان توضيح للشعب السودانى من الجبهة الشعبية المتحدة للتحرير والعدالة
شخصيات فى الخط الأمامى للدفاع عن الرأسمالية العالمية بقلم محمود محمد ياسينخطاب مفتوح من القواعد الي/ عقار..مناوي ..جبريل ..عبدالواحد بقلم مبارك ابراهيمإجتثاث الفساد يبدأ من هنا..!! بقلم نور الدين محمد عثمان نور الدينانقلاب برلماني على الشعب السوداني!! بقلم فيصل الدابي /المحاميالميلشيات جانب کبير من المشکلة بقلم کوثر العزاويسجاد النبوة أم الحوار؟!! بقلم كمال الهِديالأمن الثقافي بدعة الإفتراء على الثقافة!! بقلم حيدر احمد خيراللهبسيطة جداً!! بقلم صلاح الدين عووضةقضية شخصية ..!! بقلم الطاهر ساتيعقدة اللون الأبيض في (السودان)! بقلم الطيب مصطفىالانتفاضة الثالثة انتفاضة الكرامة (18) قراءة في مشروع كيري حول الأقصى بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي مجلس تنسيق قوى المعارضة السودانية فلنتحد لتحويل صرف المجهود الحربي إلى تنمية متكاملة كتابان جديدان للأستاذ فتحي الضوبيان حول مأساة السودان في دارفور: دعوة لوقف التعذيب والاختفاء القسري والقتل علي الهويةاجتماع قيادة تحالف المجتمع المدني من اجل دارفور مع رئيس حزب الأمة السيد / الصادق المهدي الرئيس السودانى: السودانيون يجب أن يعيشوا معزّزين مكرّمين في بلدهماعلان تظاهرة تحالف القوي السياسية السودانية ببريطانيا و ايرلندا في ذكري انتفاضة ٦ ابريل المجيدةندوة سياسية كبرى لقوى نداء السودان بمدينة كاردف / ويلز بالمملكة المتحدة وإيرلندا اجتماع قيادة تحالف المجتمع المدني من اجل دارفور مع رئيس الجبهة الوطنية العريضة القوي السياسية المعارضة والجبهة الثورية بالتنسيق مع لجنة دعم الثورة بهولندا تقيم ندوة سياسية كبري اعلان هام من لجنه نداء السودان بكنداالحزب الشيوعي السوداني بملبورن -استراليا - لقاء جماهيري هام(ندوات قوي نداء السودان (القضارف وكسلا ) (الجمعة والسبتنداء ودعوة هامة لرفع مذكرة احتجاج من تحالف المجتمع المدني من اجل دارفور حرةشبكة الجزيرة تنظم منتداها التاسع مطلع شهر مايو المقبل اعتصام من اجل دارفور لمدة 3 ايام متتالية ينظمه اتحاد دارفور في مدينة لندن ببريطانيابيان هام إنسحاب حركه غاضبون بلا حدود من الجبهه الوطنيه العريضهحركة العدل والمساواة السودانية - هولندا تعلن عن اقامة ندوة بعنوان السودان الى اين؟بيان عاجل البشير يبدأ دعايته الإنتخابية بحملة إنتقامية على الصحافة السودانيةمؤتمر عن قضية دارفور بجامعة أكسفورد بعنوان دارفور فى مفترق الطرق سياسيون سودانيون ينتقدون الاوضاع السياسية ويحملون النظام مسؤولية تدهور الاوضاع الاقتصادية ندوة للاستاذ فتحي الضوء حول حول الأزمة السودانية وتجلياتها بالقاهرةالخلافات تهز شجرة المؤتمر الوطنيمأمون حميدة:انتمائي للحركة الإسلامية لا يعني انني أموت من الجوعفتحي الضَّـو في ندوة بأدمنتون/كندا حول الأزمة السياسية السودانية وسيناريوهات الحلولRe: فتحي الضَّـو في ندوة بأدمنتون/كندا حول الأزمة السياسية السودانية وسيناريوهات الحلولRe: فتحي الضَّـو في ندوة بأدمنتون/كندا حول الأزمة السياسية السودانية وسيناريوهات الحلولRe: أضخم حدث لفعالية سودانية أمريكية في منطقة واشنطن * محاضرات متخصصة* حوارات* قضايا الاندماج والهجRe: Sudanese Sites مواقع سودانية
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: فتحي الضو: أجوب شوارع الخرطوم كل يوم (Re: صحيفة اليوم التالي)
|
فتحي الضو: "2-3" * المعارضة ليست أحسن حالاً من النظام * النظام درج على عدم احترام العهود والمواثيق مع كل الأطراف * الحوار الحقيقي أشبه بــ"رقصة التانغو".. لا يتم إلا بين طرفين 28 اكتوبر 2015 - 10:10 حجم الخط: Decrease font Enlarge font فتحي الضو: "2-3" * المعارضة ليست أحسن حالاً من النظام * النظام درج على عدم احترام العهود والمواثيق مع كل الأطراف * الحوار الحقيقي أشبه بــ"رقصة التانغو".. لا يتم إلا بين طرفين * الترابي يحاول أن يسترد كرامته السياسية بعدما أكلت الثورة أباها * أنا من ممن يعولون على الشارع العريض... و"الشعب حبيبي وأبي" * الشعارات لا تبني دولة ولا تصنع أمة * "السودان الجديد" كانت فكرة واعدة ولكنها انتحرت لأنها تمحورت حول شخص قرنق * أصحاب المشروع الحضاري ضربوا رقماً قياسياً في الشعارات البوهيمية * السودان اتخذه الكثيرون ساحة للتجارب كما الفئران في المعامل العلمية * النظام ينظر لمسألة الحوار من باب شراء الوقت * لا أعرف تراجي ولكن الضجة تذكرني بمقولة المهدي إبان مساجلاته مع أبو حريرة: "وجد شطة في الجو فعطس"..! * الترابي يتعامل بمنطق الغبائن ولا يستسلم بسهولة * النظام لم يكن قوياً ولا ذكياً في يوم من الأيام.. وتطاول سنواته في السلطة يعود لضعف المعارضة * معالم الانتهازية في التحالفات الإنقاذية تبدو بامتياز للمراقبين * الإنقاذ برعت في فقه المصلحة وتتخذه وسيلة تغدق بها على المتحالفين * ينبغي للنظام أن ينظر لنفسه ليرى "عوجة رقبته" قبل أن يفعل ذلك عنوةً وقوةً * ما لم يتم تفكيك دولة الحزب الواحد يبقى كل ما يجري مجرد سراب بقيعة يحسبه النظام ماءً
* تنبؤاتك المستمرة عن ليلة السكاكين الطويلة، هل هو توقع مستمر أم مرتبط لديك بقناعة وساعة صفر ربما تأخرت كثيراً؟ - الحقيقة هو تنبؤ مبني على وقائع أراها ماثلة أمامي دائماً. فإن كان لكل شيء مقدمات فلليلة الساكين الطويلة مقدمات. التجارب الإنسانية في هذا المضمار تؤكد دائماً أن خلافات التنظيمات العقدية مهرها الدم. ودونك تاريخ الدولتين الأموية والعباسية، وفي زماننا الحاضر هناك كثير من الأمثلة. هناك حرب خفية تجري بين الإسلامويين أنفسهم ولا علاقة للشعب السوداني بها، هناك غبن وحالة احتقان لمشاعر سالبة حيال بعضهم البعض، هناك تفاوت طبقي وخلخلة اجتماعية، وانتشار حركات متطرفة تحت السطح وتفشي الجريمة كماً ونوعاً وسلاح متوفر بين الأيدي. وبغياب الرؤى أقول نحن مقبلون على ذات الحالة التي كان فيها السودان سلطنات وممالك ومشيخات، أو إن شئت فقل الاتحاد السوفييتي بعد تفككه. نحن فقط نلفت الانتباه قبل ضحى الغد، ومن لم ير غير ذلك فينبغي أن يخرج من دائرة الوهم. * المناورة أصبحت مسيطرة على الأداء السياسي دون أن يصل أي طرف لغايته، سواء معارضة أو حكومة؟ - إذا كان الأمر كذلك، فيجب أن يُسأل النظام أولاً فهو من بيده السلطة. ما الذي يمكن أن تقدمه المعارضة من تنازلات وهي لا تملك شروى نقير؟. هناك حقيقتان ثابتتان بالأدلة، الأولى أن النظام درج على عدم احترام العهود والمواثيق مع كل الأطراف التي أبرم معها اتفاقيات، والثاني أن النظام ينظر لمسألة الحوار من باب شراء الوقت وهو ما درج عليه دائماً. في ظل هاتين المسألتين الاستراتيجيتين ينبغي للنظام أن ينظر لنفسه ليرى (عوجة رقبته) من قبل أن يفعل ذلك عنوةً وقوةً. * هل ترى أي تشكيل جديد أو تغيير في نظام الحكم بكل ما طرحه من صيغ المصالحات مع القوى السياسية؟ - ما لم يتم تفكيك دولة الحزب الواحد لصالح دولة الوطن، يبقى كل ما يجري مجرد سراب بقيعة يحسبه النظام ماءً، والواقع أن النظام لم يطرح صيغ مصالحة أصلاً، هو يريد حواراً يتحكم في أجندته وفي من يدعوهم إليه وفي رئاسته وجغرافيته وكل شيء. وهو في هذه الحالة يصبح خواراً وليس حواراً. هذه (عزومة مراكبية) الحوار الحقيقي أشبه بــ(رقصة التانغو) لا يمكن أن تتم إلا بين طرفين. في تقديري أن أي حلول لا تضع تصوراً واقعياً للجرائم التي ارتكبها النظام على مدى ربع قرن، تعد مجرد إعادة لإنتاج الأزمة، هذه الجرائم لا تسقط بالتقادم. ولا يمكن أن يكون هناك تعافٍ حقيقي في المجتمع السوداني ما لم تضمد جراح المظلومين، ولنا أسوة في دول ضمدت جراح مظاليمها. * كيف تقرأ الأحلاف المتغيرة لنظام الإنقاذ في الداخل والخارج، هل أدت لاستطالة عمر النظام؟ التحالفات التي تبنتها الإنقاذ معالمها الانتهازية تبدو بامتياز للمراقبين. هل يمكن أن يصدق المواطن العادي أن في هذا البلد أكثر من سبعين حزباً. الإنقاذ برعت في فقه المصلحة الذي تتخذه وسيلة تغدق بها على المتحالفين عطاياها. وتبعاً لذلك تحدد معيار ما تغدقه على المتحالفين، الذين هم في الأصل مجرد صفر كبير في الحراك السياسي والاجتماعي. وهذا أشبه بوهم (الراكوبة في الخريف) على حد المثل السوداني الذائع الصيت. * عادت تراجي من أقصى المعارضة المتزمتة وشارك الدقير والترابي.. ألم يمنحوا الحوار ديناميته بعد؟ - المعذرة أنا لا أعرف تراجي، ولكن الضجة التي أثيرت تذكرني بما قاله السيد الصادق المهدي إبان مساجلاته مع الدكتور الراحل محمد يوسف أبو حريرة وزير التجارة في الحقبة الديمقراطية الأخيرة، قال إنه (وجد شطة في الجو فعطس).. أما الدكتور الترابي فهو يحاول أن يسترد كرامته السياسية التي أُهدرت بعدما أكلت الثورة أباها. والترابي كما هو معلوم يتعامل بمنطق الغبائن، وهو رجل لا يستسلم بسهولة، فما بالك إن جاءته الهزيمة من الذين اشتد ساعدهم عليه من حوارييه. عموماً ما آل إليه الحوار لا يحتاج لتعليق فهو واضح للعيان، حاله أشبه بمريض سرطان أُحضر للمستشفى فأعطاه الطبيب حبوب بندول للعلاج. * بقدر ما رفعت المعارضة من برامج لإسقاط النظام منحته مزيداً من القوة والمنعة. أين الإشكال؟ في عقلية وخطط المعارضة أم في ذكاء النظام؟ - الحقيقة لم يكن النظام قوياً ولا ذكياً في يوم من الأيام، وتطاول سنواته في السلطة يعود بالدرجة الأولى لضعف المعارضة. إن شئت فهو صراع الضعفاء، المعارضة ليست بأحسن حالاً من النظام. لكن يجب ألا نذعن للفهم المغلوط القائل إن المعارضة هي القوى السياسة والحركات المسلحة فقط. الواقع أن المعارضة الحقيقية لهذا النظام تكمن في الشارع العريض بكل مكوناته الاجتماعية. ولهذا الشارع مطلوبات أخرى غير المطلوبات السياسية التي تتحدث عنها تلك القوى. أنا من الذين يعولون على الشارع العريض هذا، إيماناً مني بأن هذا الشعب (حبيبي وأبي) كما قال شاعره محمد المكي إبراهيم. * أين السودان الجديد في دعوات الحركة الشعبية وأين السودان الحديث في دولة المشروع الحضاري؟ - دعنا نكون موضوعيين، هذه كلها محض شعارات لا تغني ولا تسمن من جوع. فالشعارات لا تبني دولة ولا تصنع أمة. فكرة السودان الجديد كانت فكرة واعدة ولكنها انتحرت لأنها تمحورت حول شخص الدكتور الراحل جون قرنق. أما أصحاب المشروع الحضاري فقد ضربوا رقماً قياسياً في الشعارات والأفكار البوهيمية لدرجة أصبحت مثار سخرية من الناس. السودان ما زال أمة تحت التكوين، لذلك اتخذه الكثيرون ساحة للتجارب كما الفئران في المعامل العلمية. * الأزمة في دارفور كيف تراها من خلال النظرة الخارجية وانتشارها في الميديا العالمية وهل من أفق للحل؟ - هذه القضية أصابها الكثير من التشويه الذي كان النظام سبباً فيه، فهي من ناحية التوصيف يجب أن يقال عنها أزمة السودان في دارفور وليست أزمة دارفور. فغالبية وسائل الإعلام والمراكز البحثية وقت في خطأ توصيفها بمشكلة دارفور حيث لا يذكر السودان إلا لماماً. إفرازات هذا الخطأ كانت كارثية في تقديري فقد أدى إلى بروز العنصرية بشكل واسع ومطّرد. وللأسف أصبحت قاسماً مشتركاً بين النظام ومعارضيه. الأمر الثاني سياسة النظام في انتقاء بعض النخب الدارفورية خلقت استقطاباً حاداً زاد من تعقيدات الحل. ثالثاً لست متفائلاً بحل في الأفق إلا في إطار حل شامل لكل قضايا السودان، وعلى رأسها قضية الديمقراطية. وأعتقد أنه إلى حين ذلك سيستمر عرض المأساة.
- الشعب السوداني ما بليد ، الشعب السوداني ولوف!! بقلم فيصل الدابي/المحامي
- اقصر رسالة للرئيس السوداني عن أبشع جريمة... !! بقلم قريمانيات .. بقلم الطيب رحمه قريمان
- لماذا تزال مستشفي الخرطوم من الوجود(2) بقلم عميد( م ) طبيب .سيد عبد القادر قنات
- بـرلمان أكْـل عـيـــش بقلم مصعب المشرّف
- ماذا قال الله ورسوله فى أمثال الانقاذيين بقلم عصام جزولي
- للأجيال القادمة كي لا تنسى عدم شرعية وعد بلفور بقلم د.غازي حسين
- نواب في البرلمان لا يعرفون ( الطريق إلى البرلمان)..! بقلم عثمان محمد حسن
- أين قضايا الفساد؟ بقلم نور الدين محمد عثمان نور الدين
- أصابع الاتهام !! بقلم صلاح الدين عووضة
- ندوات لا تجرح الخاطر ..!! بقلم عبد الباقى الظافر
- الاتصالات الحيطة القصيرة! بقلم الطيب مصطفى
- قناة النيل الأزرق :ايستقيم الظل والعود اعوج!! بقلم حيدر احمد خيرالله
- أي أمن وطني هذا؟ بقلم اسراء الزاملي
- ليه يا جامعة يا عربية بقلم سعيد شاهين
- تصدر تهديد مدير عام وزارة التخطيط العمرانى بولاية شمال بقلم ياسر قطيه
- الانتفاضة الثالثة انتفاضة الكرامة (19) الخليل تتقدم وشهداؤها يتسابقون بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: فتحي الضو: أجوب شوارع الخرطوم كل يوم (Re: بكرى ابوبكر)
|
فتحي الضو: "3-3" * "أوان العودة اقترب وإن طال السفر" * المعارضة لم تستطع حتى الآن الوصول إلى الطموحات المواطن الحقيقية في شتى بقاع الوطن * ما زال الطريق طويلاً أمام النظام لكي يلبي المطلوبات الأمريكية العصية 29 اكتوبر 2015 - 10:10 حجم الخط: Decrease font Enlarge font فتحي الضو: "3-3" * "أوان العودة اقترب وإن طال السفر" * المعارضة لم تستطع حتى الآن الوصول إلى الطموحات المواطن الحقيقية في شتى بقاع الوطن * ما زال الطريق طويلاً أمام النظام لكي يلبي المطلوبات الأمريكية العصية
* الكثير من أرباب الأنظمة المغضوب عليها يظنون أن مجرد تصريح إيجابي عابر لمسؤول أمريكي يعني تحسن العلاقة! * النظام يريد "زواج متعة" مع الإدارة الأمريكية ليست فيه أي واجبات * أشعر بشيء من الشفقة على نظام رفع عقيرته ذات يوم وبشر أمريكا بدنو عذابها.. واليوم ضربته الذل والمسكنة ويريدها أن ترفع عنه عذابها! * لا أستطيع أن اقول إن الربيع العربي فشل أو نجح.. الشعوب في حالة صيرورة دائمة * المنطقة العربية عموماً ومنطقة الشرق الأوسط تحديداً أشبه بالرمال المتحركة * روسيا تتغلغل في حماية حلفائها بعقلية انتهازية واستغلت ضعف إدارة أوباما في السياسة الخارجية * "داعش" جاءت من مساماتنا وغفلتنا وممارساتنا وفهمنا الخاطئ لعقيدة سامية * أشعر بكثير من الأسى عندما أقرأ لبعض الزملاء ممن يمارسون فهلوة الحواة وينسون أمانة القلم! * أعتبر كل من لبى دعوات النظام قد تعاطى الحرام عمداً * تجربتي في أمريكا أرهقتني بالمقارنات وأثقلتني برفاهية لا أجد لها طعماً
* المشاريع المطروحة على مستوى الكتل المعارضة في الجبهة الثورية أم نداء السودان هل ستصل لغايتها وتجد المساندة الشعبية؟ - أي مشاريع لا تحظى بمساندة شعبية واسعة وقوية لن تحقق غايتها. من خلال هذا المنظار يمكن القول إن المعارضة الممثلة في الجبهة الثورية أو نداء السودان لم تستطع حتى الآن الوصول إلى الطموحات الحقيقية التي يتأملها المواطن السوداني في شتى بقاع الوطن. النخبوية ما زالت هي العامل المسيطر على أنشطة هذه القوى، أي وقعت في نظرية ما يُسمى بالهرم المعكوس. أما العامل الثاني الذي يحد من مساندة مشاريع تلك القوى فهو يكمن في التطبيق العملي، إذا نظرت لأطروحات هذه القوى على المستوى النظري تصل لنتيجة مفادها أنها لم تغادر صغيرة ولا كبيرة إلا ووضعت لها حلاً، ولكنها تعجز عن تطبيق ذلك على أرض الواقع. * أمريكا من جانبها تساند النظام يمكن ملاحظة ذلك في جلسات مجلس حقوق الإنسان. وبالمقابل فقدت المعارضة سندها الدولي الذي تعول عليه كثيراً؟ - لا.. لا ليس الأمر بهذه البساطة. ما زال الطريق طويلاً أمام النظام لكي يلبي المطلوبات الأمريكية وهي عصية، ولا أعتقد أن الإدارة الأمريكية يمكن أن تقدم على خطوة كهذه في ظل مناخ الانتخابات الماثل. ماكنيزم القرار في الإدارة الأمريكية معقد جداً، بعض من في السلطة يعتقد أنه من شاكلة (النار ولّعت وأتوطأ فوق جمرها) هناك الكثير من أرباب الأنظمة المغضوب عليها يظنون أن مجرد تصريح إيجابي عابر لمسؤول أمريكي يعني تحسن العلاقة. النظام في الخرطوم يريد (زواج متعة) مع الإدارة الأمريكية ليست فيه أي واجبات. والحقيقة أشعر بشيء من الشفقة على نظام رفع عقيرته ذات يوم وبشر أمريكا بدنو عذابها، واليوم ضربته الذل والمسكنة ويريدها أن ترفع عنه عذابها. * التشكيلات في منطقة القرن الأفريقي حسب تجربتك.. كيف تنظر لها؟ - دعني أقول لك شيئاً، قضيت عشر سنوات متجولاً في كل دول هذه المنطقة، غطيت حروبها ونقلت أنشطتها التنموية والسياسية والثقافية، وأستطيع أن أقول إنها كانت أخصب الفترات في حياتي العملية، استفدت منها حتى في تشكيل شخصيتي المهنية، وورثت منها علاقات إنسانية مع شرائح متعددة من تلك المجتمعات ما زالت مستمرة ومصدر اعتزازي. هذه المنطقة ما تزال بكراً في كل شيء، مأساتها تتمثل في الحروب والديكتاتوريات القابضة على مصائرها. وددت لو أن الصحافيين السودانيين اتجهوا إلى هناك لرصد مجريات الأحداث فلربما أفادوا القارئ واستفادوا معرفةً وتثقيفاً. * الصراع حول المياه وخاصة سد النهضة إلى أين سينتهي برأيك؟ - لا أعرف كبير شيء من الناحية العلمية عن هذا الموضوع، لكنني أثق جداً في ما ظلَّ يطرحه صديقنا خبير المياه الدولي دكتور سلمان محمد أحمد سلمان. لكن ما أود أضيفه هو التأكيد على أن هذا العالم ليس غابة كما يظن البعض، إذا كانت هناك خطورة من هذا السد فهل تعتقد أن ذلك سيكون حصراً على السودان ومصر؟ وهل يمكن للعالم أن يقف مكتوف الأيدى أمام سد يهدد ملايين بانهياره؟ أعتقد أن ما يروجه البعض لا يجد سنداً ولا منطقاً، لذا أتوقع أن يمضي في طريق اكتماله وسيصبح واقعاً ملموساً وفق ما خططت له إثيوبيا، وما على الآخرين سوى النظر في كيفية التعامل مع هذا الواقع بالفوائد والمنفعة المشتركة. * التحالف العربي وأثر الربيع العربي مفردات وطلاسم أين نجد حلها؟ - هي مصطلحات وتسميات عبرت لا وجود لها على أرض الواقع، فلا تحالف يذكر ولا ربيع يذكر أيضاً، وستظل كذلك كجزء من التراث الذي تحب الذهنية العربية الانغماس فيه. أنا لا أستطيع أن اقول إن الربيع العربي فشل أو نجح، لأن الشعوب في حالة صيرورة دائمة للبحث عن النظم التي تتواءم معها. يخطئ بعض المراقبين حينما يحاولون تأطير كل دول الربيع العربي في كتلة واحدة، علماً بأن لكل بلد خصائصه التي تختلف عن الآخر، ولهذا من الطبيعي أن تكون النتائج متباينة. * السعودية صعدت نوعاً ما على حساب مصر وروسيا تغلغلت إلى الآخر في حماية حلفائها بقوة السلاح؟ - المنطقة العربية عموماً ومنطقة الشرق الأوسط تحديداً أشبه بالرمال المتحركة، ذلك ما انعكس على التحالفات التي بدأت تأخذ منحىً جديداً. وفي ذلك يجب التركيز على أن هذا صراع قوى كبرى تظل فيه الولايات المتحدة الأمريكية مع حلفائها الأوروبيين القوة المؤثرة. روسيا تتغلغل بعقلية انتهازية واستغلت ضعف إدارة أوباما في السياسة الخارجية. لكن لا أظن أن ذلك يمكن أن يدوم طويلاً، لأنها في الأساس محاصرة من دول الاتحاد الأوروبي في ما يخص أوكرانيا. السعودية إذا حققت أهدافها في حرب اليمن فلسوف تفرض هيمنتها على دول المنطقة بالتنسيق مع مصر، هذا بالرغم من اختلاف مصالحهما في الملف السوري، ولكن هذا أيضاً لن يستمر طويلاً. إذن نحن أمام واقع متحرك كما ذكرت. * داعش حركة بلا أبوة شرعية ويحتار المراقب في تصنيفها حتى الآن.. هناك من يحتاج أن يراها عبر عدستك؟ - أبوتها يا صديقي تجلس بالقرب منك في الخرطوم. إذا احتار العالم كله فلا ينبغي علينا في السودان أن نندهش أو نحتار. فقد شهدنا الكثير من ممارسات داعش وأكثر. فهي قد جاءت من مساماتنا وغفلتنا وممارساتنا وفهمنا الخاطئ لعقيدة سامية. عموماً تحليل الظاهرة نفسها يطول فيه الحديث ولكن مع كل هذه الضجة المثارة، فأنا أميل إلى أنها حالة طارئة، ستبقى بيننا ردحاً من الزمن، ولكن ستذروها الرياح حتماً. ستبقى مجرد جيوب هنا وهناك مثل القاعدة. * الرفاق والزملاء والأساتذة إخوان الخنادق.. أين انتهى بهم المطاف؟ - هذا سؤال عاطفي مؤثر، بطبعي أنا كائن اجتماعي أحب الناس، وأعتبر أصدقائي وقرائي هم زادي في هذه الرحلة الطويلة، التي صمد فيها من صمد وسقط فيها من سقط ورحل فيها من رحل. ما زلت أعتز بأصدقاء وزملاء يعضون على قضية هذا الوطن بالنواجذ، لا أعرف أحداً خنع من الذين يعيشون في الخارج عدا اثنين أو ثلاثة. أما الذين في الداخل، فأنا أشعر بكثير من الأسى عندما أقرأ لبعض الزملاء من الذين يمارسون فهلوة الحواة وينسون أمانة القلم وأن للتاريخ عينا راصدة. بالقدر نفسه أحيي زملاء آخرين وهم يبذلون فوق طاقتهم رغم الواقع المرير الذي يعيشون فيه. * هل لديك أي اتصالات مع النظام وهل وجهت لك أي دعوة للعودة للخرطوم؟ - لا.. ليست لدي اتصالات، ولم توجه لي دعوة، بل لا أنتظرها، وحتى إن جاءت فهي مرفوضة سلفاً، وأعتبر أن كل من لبى دعوات النظام قد تعاطى الحرام عمداً. مع ذلك فأنا أشعر بأن أوان العودة اقترب وإن طال السفر. * أسالك: ماذا تعلمت من الهجرة والمنافي؟ - قضيت أكثر من ثلثي عمري وأنا أحمل قضية وطني من مهجر إلى منفى.. وهذه قصة طويلة، تعلمت منها الكثير بحسب البيئات التي عشت فيها. فأنا عشت في الخليج وفي مصر وفي منطقة القرن الأفريقي وأخيراً في الولايات المتحدة الأمريكية، وزرت العديد من دول العالم. لكن لو قدر لي أن أذكر عاملاً مشتركاً لقلت إنني استفدت كثيراً من التنوع الثقافي في كل هذه البلدان وكيف أثرى حياتي بالتعامل الإيجابي معه. وتبقى التجربة الأخيرة في أمريكا مهمة جداً لأنها أرهقتني بالمقارنات، حين أرى تعليم أبنائي يقفز ذهني مباشرة إلى الذين ما زالوا يبحثون عن قلم وكراسة، وحينما أذهب مستشفياً لدور صحية تأتيني صور الذين لا يجدون الدواء، بل حتى تجدني حزيناً كلما مارست حقي الانتخابي وحريتي في الاختيار، أتذكر الذين يعذبون لمجرد الإدلاء برأيهم. وهكذا تجدني مثقلاً برفاهية لا أجد لها طعماً. * إذن عن ماذا يبحث فتحي الضو؟ - باختصار أنا أبحث عن من يحب هذا الوطن.. وبالمفهوم السارتري الوجودي أنا أبحث عن ذاتي. وأشكرك أن جعلتني أتحسسها من خلال هذا الحوار، لا كما تحسس جوبلز وزير الدعاية الهتلري مسدسه، ولكن كما يتحسس الطفل ثدي أمه. ولكني أخشى يا عزيزي أننا حينما نجده يكون الوطن قد تلاشى.. والله يكضب الشينة أو كما قيل!
| |
|
|
|
|
|
تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook
|
|