|
رسالة مفتوحة من الإمام الصادق المهدي إلى ملوك ورؤساء الدول العربية
|
التاريخ: 24مارس 2014م رسالة مفتوحة إلى ملوك ورؤساء الدول العربية السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد- شهدت البلاد العربية مرحلة استقرت دولها على نظم أحادية الإرادة تحكم في غياب شعوبها، بينما عمت العالم موجات من التحول الديمقراطي، وساد العالم تجاوب عام مع منظومة حقوق الإنسان المتفرعة من خمسة أصول هي: الكرامة، الحرية، العدالة، المساواة، والسلام. هنالك عوامل داخلية وخارجية تبشر بلحاق الدول العربية بثقافة التحول الديمقراطي ومنظومة حقوق الإنسان، لا سيما ودين الأغلبية فيها الإسلام يحث على الشورى أي المشاركة في الأمر العام وبمثلها تبشر المسيحية ديانة مجموعات وطنية كبيرة. موجات "الربيع العربي" التي شهدتها المنطقة حلقة من حلقات اللحاق العربي بسلم التمكين لحقوق الإنسان. ولكن عهود الكبت جمدت التطور السياسي عقوداً من الزمان ما جعل الحرية عندما انطلقت في بلدان الربيع فرصة لإشباع أشواق مكبوتة دون تحضير مناسب لآليات ممارسة الحرية. من كانوا أكثر استعداداً تنظيمياً فازوا بأغلبيات انتخابية دون أن يكونوا مستعدين لإدارة الشأن العام بصورة تراعي التوازنات المطلوبة. الحرية مع عدم وجود آليات لممارستها أيقظت كل التيارات الفكرية والانتماءات الموروثة، وفي كثير من الحالات أدى هذا الحراك إلى عراك. المنطقة تعيش عدداً من التقاطعات أهمها: · تقاطعات داخل الجسم الإسلامي بين سنة وشيعة. · تقاطعات داخل الجسم الإسلامي السني أخوانية وسلفية وقاعدية. · تقاطع طائفي إسلامي مسيحي. · تقاطع إسلامي علماني. · تقاطع قومي بين القومية العربية وقوميات وطنية أخرى. · تقاطع اجتماعي بين الأثرياء والفقراء. من شأن أطراف هذه التقاطعات إذا تركت وشأنها أن تمزق المنطقة إرباً إربا وأن تضع إرادة شؤونها المختفة في أيدي قوى أجنبية. هنالك إستراتيجيات خارجية تستهدف المنطقة بإفراغها من أي انتماء لمشروع نهضوي أو لتفكيكها طائفياً، ومذهبياً، وإثنياً. ما يحدث في المنطقة الآن يحقق بأيدي أصحاب الشأن أغلى أمنيات أعدائهم، الذين يهمهم تحويل هذه الصراعات من أجنداتها المعلومة إلى تحدٍ وجودي. أيها السادة هنالك حقائق لا يمكن لأحد إنكارها هي: أولا: هنالك مصلحة عربية مشتركة. ثانياً: هنالك يقظة شعبية عامة في بلدان الربيع وفي غيرها. ثالثاً: هنالك قوى إقليمية معتبرة تشدها روابط مذهبية نحو بلدان عربية. رابعاً: هنالك رهان أعداء إستراتيجيين على هدف تفكيك الكيانات العربية حتى التشظي. خامساً: الاهتمام الدولي بالمنطقة مستمر، واضطراباتها زادته حرصاً على التدخل المباشر، وغير المباشر. سادساً: الخصومة بين أطراف النزاع المذكورة وبين دول المنطقة بلغت درجة غير مسبوقة، رفعت درجة المكايدة والتآمر المتبادلين. سابعاً: هنالك خطة جديدة للقاعدة وحلفائها للتحرك بشكل عنقودي لاستغلال الاضطرابات. ثامناً: وسائل الاتصالات والإعلام الحديثة تؤجج الحرب الباردة بين أطرافها الحكومية وغير الحكومية إلى ما لا نهاية. أيها السادة إن اجتماعكم في الكويت مناسبة لا لمجرد تبادل المجاملات، وتجنب التطرق للقضايا الملتهبة، وهذا وارد، بل للاعتراف بالحقيقة المأسوية التي تعيشها الأمة، وإيجاد وسيلة غير تقليدية للتصدي لها. في ظروف احتجاب الرؤية قال نبي الرحمة مخاطباً أصحابه: "أَشِيرُوا عَلَيَّ أَيُّهَا النَّاسُ"[1] أناشدكم بالحق الديني، والقومي، والوطني، بل الإنساني أن تتفقوا على اختيار مجلس حكماء يؤهل أعضاءه له الحكمة، والمعرفة، والاستقامة؛ وتفوضوه لتقديم النصيحة المخلصة لكم وللشعوب التي صارت تحصد النار والدمار. وفقكم الله الذي وعد: (وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ) [2]. هذا مع أطيب التحيات والتمنيات للقمة العربية في الكويت. كاتبه الصادق المهدي رئيس حزب الأمة القومي المنتخب (في 2009م) إمام الأنصار المنتخب (في 2002م) آخر رئيس وزراء منتخب في السودان (1986م) رئيس منتدى الوسطية العالمي (منذ 2007م)
[1] السيرة النبوية لابن هشام [2] سورة هود الآية (117)
|
|
|
|
|
|