|
حوار صحفي مع المسيحي الكاثوليكي يوسف جورج الذي حاور زعيم الجمهوريين وصادقه!
|
الميدان تحاور تجربته مع الشهيد محمود محمد طه ،، (الأولى) المسيحي الكاثوليكي الذي حاور زعيم الجمهوريين وصادقه!. يوسف جورج ،، من تراتيل الجيش المريمي إلى إنشاد الجمهوريين العرفاني!. دلفت لحوار الأستاذ يوسف جورج من صالون الصديق الشاعر عاطف خيري بالعاصمة الأسترالية ،، وبحساسية ومحبة جمعت بناتاً وأولاداً، تفرعت الدردشة وامتدت حتى رمال الشاطئ الذهبي لمدينة " Surfers Paradise " السياحية، لتنتج هذه الحوارية الحميمة. كان يوسف جورج في الأصل مسيحياً كاثوليكياً قبل أن يلتقي الشهيد محمود محمد طه، ويجالسه ويحاوره طويلاً، وقبل أن يرق قلبه العامر بالمحبة الانسانية إلى الاسلام وسماحته، فيسلم وينطق بالشهادتين سراً، ويمشى بمودة مع الأستاذ ومريديه الجمهوريين في طريق الفكرة، وذلك بعد أن تخلى بسلاسة عن مواقعه ومناصبه التي كان يتبوأها في الكنيسة الكاثوليكية بالخرطوم دون عداء أو كراهية. وحول هذا يقول أنه اكتشف عوالم جديرة بالانتماء لها وبشراً جديرين بالمحبة لهم، وفي نهاية هذا الحوار المطول أودع يوسف جورج رسالة مؤثرة وجهها لجميع أؤلئك الذين ساهموا بشكل مباشر أو غير مباشر، في تصفية الأستاذ محمود جسدياً، طالباً فيها منهم مراجعة مواقفهم من الأستاذ وفكره وفرية ردته، وفي ذات الوقت طالباً لهم المغفرة والرحمة، قائلاً لهم " كيف تكفرون مسلماً درًج وأدخل مسيحياً مثلي إلى مراقي الاسلام ونطق بالشهادتين "، مؤكداً أن الدوافع كانت الأبعد عن الاسلام وسماحته، وكانت أقرب إلى الصراع السياسي المكشوف والتهافت على السلطة؟!. الجدير بالذكر أن هذه تعد أول مناسبة يعلن فيها الأستاذ يوسف جورج عن إسلامه علناً، كما تعد أول مرة ينطق فيها بالشهادتين على الملآ، وحسب وجهة نظره فقد آن الأوان لفعل ذلك، حيث شعرت أثناء حواري معه بفيض من المحبة العامرة للجميع وبلسان مبين يعبر عن إسلام شعبي مسامح ومتسامح، ولم المس منه أي عداءات سواء تجاه الكنيسة أو المتأسلمين ، سلفيين كانوا أو أي جهة أخرى، ومن الجانب الآخر أحسست بأن يوسف جورج كان أيضاً بمثابة المحاور لي لرغبته واهتمامه بمعرفة آرائي وانطباعاتي حول إفاداته التي أكرمني بها ،، فإلى الحوار:- حاوره بأستراليا: حسن الجزولي في بداية الحوار عاوزين نعرف نشأتك وولادتك كمدخل للحديث؟ + أبدأ بقصة جدودي لأنو ليهم أهمية في حياتي ،، فوالد أبوي الله يرحمه اسمه ميخائيل سليمان الياس رفقة، واخترنا اسم العائلة سليمان في أستراليا هنا ، ولد في الشام في دمشق، وهو التاني في العائلة وكان وعمره حوالي 16 سنة، ولا نعلم حصل شنو بالضبط، حصل خلاف أو حصل إشكال أو مجرد إنو عاوز يسافر، المهم سافر وترك العائلة ، وسافر في أعوام ما بعد المهدية بقليل ، وصل مصر ، هناك قابل ناس قالو ليهو إنهم قبل هروبهم من المهدية في السودان دفنو كنز هناك، ووصفو ليهو المكان وهو قريب لمدينة أم درمان. قرر جدنا الحضور للسودان حوالي عام 1899علشان يجد الكنز ولم يكلم أي شخص ، وجاب حمار وسلة وأدوات حفر وبدأ التفتيش في المكان الموصوف بحثاً عن الكنز، أخد فترة طويلة وليالي ولم يجد الكنز، ففضل عايش في السودان حوالين الخرطوم واشتغل، كان زول كبير وضخم ، بس قيل إنو كان بدخن كتير ، بسجر كتير جداً، آخيراً أتزوج أمرأة من الشام أيضاً اسمها سلمى وأنجب أبوي وهو أول أولاده، ثم أتنين تانين ، في الولادة التالتة اتوفت الأم بعد الولادة واتوفى الطفل ،، والتاني اللي كان عمرو سنة أو سنة ونص ، كمان ما لقى رعاية كافية واتوفى ، جدي ترك أبوي مع ناس عشان يهتمو بيهو، لأنو ما عاوز يخسر الولد التالت وهو أبوي ، أبوي كان إسمو جورج، نشأ أبوي، وجدي كان بيروح يشتغل وكده، وفيما بعد وضع أبوي في داخلية الارسالية الأمريكية وفيها مبشرين أمريكان وكده، فنشأ أبوي فيها ، كمل المدرسة كويس وبعدين اشتغل في مشروع الجزيرة وبعدين اشتغل في بورتسودان وعدن ومشوا نيجيريا بعد زواجه. جدي توفى وأبوي عمره حوالي 18 سنة، أنحنا ما شفناه. نجي لجدي والد أمي الله يرحمو ، إسمو يوسف فارس من بيت مرعي في لبنان، وأنا مسمى على إسمو، وإسمي لو لاحظت يوسف ، أصلو ما كان جوزيف، هو من جبل لبنان، أنا ما بعرف لبنان كويس بس جدي كان من قرية صغيرة هناك إسمها كفر زغاب، جاء عمه أو خاله، المهم أحد أقربائه وتعين في السودان، وكان جدي يحبه ، في الفترة ديك عمر جدي كان حوالي 9 سنوات، ده كان سنة 1908 أو 1909 ،، جدي أبو أمي قرر الحضور مع قريبه للسودان ، الأولى في السودان وكان بالمناسبة ينتمي لطائفة الموارنة، تم تعيين قريب جدي لأمي من قبل الانجليز كحلقة وصل ما بين الانجليز وأهل السودان نسبة لمعرفته العربية والانجليزية، في تلك الفترة أتى للسودان مباشرة من لبنان بالقطار من مصر، ولم تكن إسرائيل في تلك الفترة موجودة ووصل مباشرة للخرطوم. جدي قرر مرافقة عمه، فاختبأ تحت مقعد القطار وعندما قطع القطار مسافة كبيرة ظهر لعمه من بين حقائب السفر!، عمه لم يرق له مرافقه الصغير معه في هذه السفرية، ولكنو فيما بعد وأمام الظرف اللي فُرض عليه قرر إبقاء الصغير معه فألحقه بمدرسة إرسالية يديرها قساوسة، في المدرسة الداخلية ، وبعد سنتين قرر عمه أنجاز مهمة شخصية تتعلق به، ولعلها مناسبة زواجه أو شئ من هذا القبيل، فعاد إلى لبنان، وترك الصغير مع القساوسة، فوجد رعاية واهتمام من ادارة الارسالية، وبعد انقضاء عام كامل لم يعود قريبه من لبنان، فبقي الصغير بالارسالية وواصل دراسته ووفرت له الارسالية وظيفة يعتاش منها أثناء دراسته، وبعد أن أكمل دراسته لمدة 3 سنوات، تخرج وعمره حوالي 13 سنه، فاشتغل في عدة مهن ، حتى تزوج من جدتي لأم أمي وإسمها سلمى – كذلك أم والدي إسمها سلمى أيضاً - أمي من جدتي كانت الكبيرة ، أمي إسمها جوزفين، وفيما بعد أنجبوا تسعة أولاد وبنات إتنين كلهم تلاتة ،، وبعد دراستهم إنضم الآولاد معه في متجره في الأبيض وبدأوا العمل معه، وبعد انقضاء حوالي 30 سنة تأهب والدهم لزيارة أهله في لبنان الذين انقطعت أخبارهم عنه فشد الرحال إلى هناك بعد أن جمع ثروة معتبرة قوامها 300 جنيه، وهي ضخمة بمعايير تلك الفترة!. ده كان بعد الحرب العالمية الأولى، وعندما وصل لبنان لم يعثر على مكان لأهله وفي نهاية الأمر علم أن مجاعة ضربت منطقة أسرته وعشيرته فارتحلوا إلى مكان آخر وعند عبورهم جسراً فوق أحد الأنهر ووجهوا بوابل من الرصاص الذي أباد جميع أفراد العائلة بما فيه عمه الذي رافقه للسودان ولم يبقى أحد من أفراد العائلة سوى بنت صغيرة إسمها (فهدة) كان عمرها سنة في ذلك الوقت ، وغالباً أن جنود السلطة العثمانية في تلك الفترة هم من أبادوا العائلة!. فأخذ جدي معه البنت الصبية وعاد بها للسودان، وهذه البنت ترعرعت في السودان وتزوجت فيما بعد وانجبت ذرية، يوجدون حتى اليوم هنا في استراليا وفي أمريكا وفي أماكن أخرى. عندما تتبع هذه الرواية وتتمعن في وقائعها يتضح لك حدوث أشياء غريبة فرضت نفسها وهي أقدار شاء ربنا سبحانه وتعالى أن تحدث دون تدبير من بشر، في البداية يأتي جدي لأبي بحثاً عن كنز فلا يجده ولكن يطيب له البقاء بالسودان، ثم يأتي جدي لأمي في ظروف غريبة ويمكث أيضاً بالبلاد، رغم أن جدي لأبي لم يجد ذلك الكنز ولكني أقول بتأكيد جازم إني تحصلت على الكنز المفقود ده فيما بعد ( يصمت أستاذ يوسف جورج لفترة طالت مع تأثر بالغ واهتزاز في جسده لبرهة قصيرة ثم يواصل قائلاً)! :- :- زي ما قلت ليك يا حسن ،، في شئ فوقنا ،، في شئ ما من تدبير الناس ،، فوق كل شئ ،، وكأنو في مهمة خاصة بالنسبة لي ،، وما وجدته أنا هو السودان اللي أصبح بالنسبة لي أهم من كونو مجرد محل،، كأنو فيهو تركيز الارادة الالهية والرحمة الالهية ،، ده معنى السودان بالنسبة لي !. ده موضوع أهلي ودي قصة أهلي ،، كيف جينا وكيف بقينا. * طيب ،، حا نرجع ونقيف في موضوع الكنز ورمزيته وكيف لقيتو وبقى يمثل ليك شنو ،، لكين خلينا نواصل في جذور الأسرة ،، يعني ممكن يا يوسف نقدر نقول إنو إنتمائكم الديني هو مسيحي بحت؟!. + تمام . * حسع ،، يا ريت تفصل لينا شوية في موضوع الانتماء الديني ده ،، عرفنا بجذور العائلة الدينية؟. + أشرت ليك إنو جدي أبو أمي كان موراني من الموارنة وهم قلة كاثوليكية ،، وجدي أبو أبوي كان حسب علمنا من الروم الأرتوذوكس. بس أبوي تربى مع الارسالية الأمريكية وتشرب بعض المفاهيم الدينية المسيحية من البروتستانت!،، وعندما نشأنا ونحن صغار ، تعلمنا في مدارس الكاثوليك، وجمعنا ما بين الروم والكاثوليك والموارنة. ما كان في كنيسة روم أرثوذوكس في السودان، لكين كان في كنيسة روم كاثوليك ،، القصة زي ما شايف طويلة وفيها تفاصيل ،، بس المهم نشأنا بتعاليم الكنيسة الروم الكاثوليك في السودان ،، كلنا تعلمنا في مدارس الكومبوني ومدارس الراهبات للبنات . * المرحلة الجامعية درستها وين يا يوسف؟. + درست وتخرجت في جامعة الخرطوم، دخلت عام 1966 وتخرجت عام 1971 من كلية العلوم قسم ياضيات وفيزياء "وبعض الكيمياء". * من بين دفعتك اللي عاصرتها في الجامعة خلال السنوات اللي أشرت ليها ،، بتقدر تتزكر منو من الذين برزوا في المجتمع السوداني على كافة الأصعدة ، سواء سياسياً أو ديبلوماسياً أو خدمة مدنية أو رياضية أو خلافه؟!. + في الواقع تركنا السودان في أواخر 1972 لذلك لا أستطيع أن أتذكر ماذا حدث لكثير من الناس لأنو غير مواكب ،، بس بعرف إنو من دفعتنا هناك من أصبحوا وزراء وديبلوماسيين وسفراء بس ما بتذكر الأسماء. * طيب على مستوى الأساتذة من الذين عاصرتهم في الجامعة؟. + أيوة ،، بتذكر النذير دفع الله ،، بتذكر د. عبد الله الطيب ،، وعدد أخر من أساتذة أجلاء إن أحياء فالله يكرمهم وإن توفوا الله يرحمهم. * عشتو وين في الخرطوم ،، في ياتو أحياء؟. + في أكتر من حي ،، الخرطوم غرب ، عشنا في بيت قريب من السينما الوطنية واستاد الخرطوم ،، وعشنا في الخرطوم شرق قريب لشارع الجمهورية قرب عدد من السفارات زي الهندية والنيجيرية ،، وكان هناك فوال أبو العباس أمامنا ،، إنتقلنا أيضاً لفترة في الخرطوم إتنين وأتزكر كنت بتنقل للمدرسة وحتى الجامعة نفسها ببسكليت. في الحقيقة كنا بنأجر منازل وما كان عندنا بيت ملكنا ،، الوالد كان بعمل في شركة إسمها الأوتومبيلات وكانت تستورد عربات التاونس حتى فترة تأميمها وحدوث النكبة في فترة مايو والرئيس نميري ،، وفي الواقع النكبة عمت كل البلد ،، وحدث تخريب للشركة دي وأفلست بسبب سوء الادارة المايوية ،، في فترة تنقلنا لعدة منازل كنت أحياناً أكون بالداخلية بالجامعة وأحايين أخرى أسكن مع أسرتي بتلك المنازل. * هل بتفتكر إنو النكبة التي أشرت ليها فترة مايو والنميري هي التي دفعت بالأسرة لمغادرة السودان؟!. + بالضبط وكانت سبب مباشر لهجرتنا مع عدد كبير من الأسر في تلك الفترة ،، خاصة الشوام الأقباط والأرمن والأغاريق وغيرهم من الجاليات أو قول الأقليات والطوائف العرقية والدينية!.
|
|
|
|
|
|