|
بيان من التحالف الديمقراطي للمحامين
|
بسم الله الرحمن الرحيم
تمر البلاد بمرحلة حرجة من تاريخها، الشيء الذي يستدعي استنفار كل السودانيين لاستشعار عمق الأزمة الحالية و خطورة الوضع الماثل سعياً لايجاد الحلول التي تُمكِن البلاد من تجاوز هذه المرحلة الحرجة من أجل الاستقرار و مستقبل ديموقراطي للجميع. لا يخفى عليكم الوضع الحقوقي الماثل كما لا تخفى عليكم أوضاع حقوق الإنسان التي أصبحت في مهب الريح والهيمنة الصارخة على حرية التعبير ومصادرة و إغلاق الصحف وتكميم الأفواه. هذا فضلا عن الضائقة المعيشية و الغلاء الطاحن و الفساد المتفشي. كل هذه القضايا ظلت جاثمة على صدر الشعب السوداني، وجاءت الأحداث الأخيرة والتي كانت بمثابة ثالثة الأثافي لتقضي على ما يسمى بهامش الحريات التي بدأ يتنفس عبيرها الشعب السوداني منذ يناير من هذا العام. فالخرق الذي أصاب حقوق الإنسان في مقتل إصدار حكم بالردة على السيدة/ مريم إبراهيم، هذا الحكم الذي جاء تطبيقاً للمادة "126" من القانون الجنائي لسنة 1991 هذه المادة تخالف الدستور الإنتقالي لسنة 2005 المادة(38) منه نصاً وروحاً، حيث اُسس حكماً قضائياً بإدانتها بالزنا، وتفريقها من زوجها، استناداً على الحكم عليها بالردة. و الحكم بالردة يخالف الشرع الذي جاء صريحاً في آيات قرآنية قاطعة الدلالة حول حق حرية الدين و المعتقد. وير التحالف ان أمر هذا الحكم يعالج بطريقين لا ثالث لهما، أولاها التقرير بعدم إنطباق المادة التي حُكمت بها السيدة/ مريم على عدم ثبوت اسلامها ابتداءً، وأن الأمر الثاني هو أن تتصدي المحكمة الدستورية لمسئولياتها في إعلان عدم دستورية المادة المشار إليها ومخالفتها للشرع و الشرعة الدولية التي انضم اليها السودان و التي تؤكد حرية العقيدة وإعلانها وممارسة شعائرها، بالاضافة لحكم المادة(27/3) من الدستور الانتقالي لسنة 2005 التي تتضمن وثيقة الحقوق التي تلزم السودان بكل ما يرد في المواثيق و العهود الدولية التي يصادق عليه السودان و منها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية صادق عليه السودان منذ 1986. ما زاد من دهشة الرأي العام المحلي والأقليمي والدولي وأدخل البلاد في نفق مظلم ،اعتقال السيد/ الصادق المهدي لممارسته حقه الدستوري المشروع في التعبير عن رأيه من منطلق مسئوليته كإمام للأنصار و رئيس حزب و كمواطن سوداني له حقوق مكفولة بموجب الدستور وبموجب الشرعية الدولية التي إلتزم بها السودان فالسيد/ الصادق المهدي بصفاته المذكورة يعتبر مسئولا مسئولية وطنية وتاريخية للتصدي لكل ما من شأنه الإضرار بمصالح الوطن و المواطن في معاشه ومعاده وحرياته وحقوقه الأساسية و ذلك من باب النصيحة السياسية والمواطنة الحقة. بعيداً عن محاولات خلط الماء بالزيت والسياسة بالقانون، فمادة الإتهام التي قصد بها تبرير اعتقال السيد/ الصادق المهدي لا مجال لتطبيقها عليه مطلقاً. كما أن إستمرار اعتقاله بدعوى أن التهمة الموجهة له عقوبتها الإعدام أو السجن المؤبد أمر مرفوض قانوناً فالقانون لا يجيز تنفيذ حكم بإعدام أو سجن شخص بلغ السبعين من العمر، و عليه ينتفي السبب من إستمرار إحتجازه و ينبغي إطلاق سراحه فوراً أو تقديمه لمحاكمة علنية أمام قاضيه الطبيعي بعد إطلاق سراحه بالضمان وفق قانون الإجراءات . أما إستمرار أحداث العنف بجامعة الخرطوم - التي أصبحت مسرحاً للعمليات- استعرضت فيها كل صنوف القوة بما فيها قوة السلاح، بينما ظلت القوانين واللوائح التي تحكم النشاط الطلابي حبيسة الأدراج، بل ظل القانون الجنائي وإجراءاته وقانون تشكيل لجان التحقيق في إجازة جبرية وظل من ماتوا بدم بارد يتململون في قبورهم، نتيجة عجز الدولة عن القبض على من اختطف شبابهم - هؤلاء الضحايا- وهم يتطلعون للحرية ويستشرقون غداً واعداً في بلاد تسع الجميع. إن التحالف الديمقراطي للمحامين يذَكر النظام الحاكم أنه وإيماناً منه بوصولها لطريق مسدود أن دعا للحوار الوطني، هذه الدعوة تقتضي مستحقات وأياد بيضاء ممتدة، تشمل ولا تقتصر على تنقية الأجواء المشحونة وذلك ببسط الحريات وفتح الزنانين والمعتقلات والسجون وإطلاق سراح سجناء الرأي والضمير سواء كانوا معتقلين سياسيين مباشرة وتحت اسم القانون، وإلغاء كافة القوانين المقيدة للحريات حتى لا تكون الحريات مِنح بل حقوقاً مصانة ومحترمة من قبل الجميع. أخيراً يرى التحالف ان الدعوة المزعومة للحوار لها شروط ومقتضيات تبدو عصية على النظام الحاكم و الا لما كانت هذه الانتهاكات و التناقضات، لقد طفح الكيل و آن أوآن التغيير و سيادة حكم القانون و الحكم الديموقراطي.
التحالف الديموقراطي للمحامين الخرطوم يونيو 2014
|
|
|
|
|
|