|
بعد جفاء ال15 عاما اسرار عودة الترابيّون الى البيت الكبير تقرير منى البشير
|
افردت الصحف المحلية والأقليمية ووكالات الأنباء العالمية مساحات واسعة للقاء شيخ الترابى بالرئيس البشير ذلك ان هذا اللقاء جاء بعد قطيعة وجفوة استمرت زهاء ال15 عاما منذ المفاصلة الشهيرة العام 1999 والتى نصب بعدها الشيخ نفسه معارضا شديد البأس للأنقاذ ولم يرى غضاضة فى التحالف مع أعداءه التاريخيين من الشيوعيين والبعثيين ضد أبناءه فى التنظيم بعد ان اظهروا له عقوقا بيناً ذهب معه وقار الشيخ وهو يعتلى المنابر ويسخر من سياسات النظام الذى يعلم هو قبل الجميع انه من صنع يده فحق عليه القول بان (يداك وكتا وفوك نفخ) . لقاء الجمعة الميمون جاء بعد تردد الشيخ على المعتقلات مرات عديدة ولشهور طويلة تتدهور فيها صحته فى كل مرة ، ولكنه كان مقتنعا ومقنعا من حوله بأن هذه ضريبة النضال والوقوف فى وجه الظلم فليسجن اذن او ليعدم حتى طالما كانت هنالك قضية سيسعى من اجل حلها حتى آخر رمق . لقاء الجمعة جاء بعد ان بح صوت الشيخ وأتباعه بأن لاحوار مع الانقاذ وان اسقاط النظام هو الخيار الوحيد فماذا حدث أذاً ؟؟؟ . بحسب مراقبين أن تغيير موقف الترابى وحزبه من قبول الحوار الوطنى مبعثه الأول هو الحرب التى يواجهها الاسلاميون فى العالم العربى والهزيمة الماحقة فى مصر وتصنيفهم كجماعة ارهابية ، كل هذه القضايا جعلت الشيخ يتعالى على جراحه ويغض الطرف عن عقوق الآبناء ويقبل بالحوار منفردا ويتجاوز بذلك موقف احزاب التحالف الذى هو جزء منها . ، فيما يرى آخرون غير ذلك وان الانقاذ هى من يحتاج الترابى ولذلك سعت لاقناعه بالحوار وربما قبل لكن بشروط لم يعلن عنها . البشير والترابى بعد الغياب :- الأبتسامات الوضيئة والوجوه الباشة كانت تشى بان لقاء البشير والترابى ليس كماهو معلن انه يأتى ضمن لقاءات الحزب الحاكم مع الاحزاب الأخرى ، لكن سيتضح لاحقا ان لقاء الترابى سيكون مختلفا عن زعماء آخرين سيلتقيهم الرئيس لجملة اعتبارات اهمها على الأطلاق ان الترابى كان رب البيت وان كل الموجودين فى القاعة هم ابناءه الذين تعلموا منه مايتعلمه الابن من أبيه .، اضف الى ذلك ان الأبناء فى الأنقاذ ضعفوا ووهنوا واصبحوا عرضة لحصار داخلى وخارجى باتت لاتجدى معه المكابره والمحاورة هذا بجانب الصراع داخل الحزب نفسه والذى كانت نتيجته المباشرة خروج غازى صلاح الدين وتكوين حزب جديد ، بعض المراقبين يرى ان الانقاذ خشيت من تحالف غازى مع الترابى فسارعت اليه وان دعوة الحوار المفتوحة لكل القوى السياسية انما المقصود منها فقط المؤتمرالشعبى وفيما دون ذلك فلا حاجة للأنقاذ به . الترابى رجل ذكى لاشك فى ذلك هو يفهم الآن ماذا يفعل ويدرك ان الحوار معه انما الهدف منه مساعدة الابناء القدامى للخروج من مازقهم ولكنه لن يفعل ذلك دون فاتورة سياسية باهظة سيدفعها الابناء عن يد وهم صاغرون . انظر الى الدكتور بشير آدم رحمة القيادي بحزب المؤتمر الشعبي وهو يقول : أن اللقاء تطرق لآليات الحوار والقوى المشاركة فيه وأن تكون الدعوة مفتوحة لكل القوى السياسية وحاملي السلاح وقوى المجتمع المدني والشخصيات الوطنية المستقلة والمرأة والشباب والطلاب. وأضاف رحمة أن آليات الحوار ومداه وموضوعاته يجب أن يتم الاتفاق عليها في لقاء يضم كل الاحزاب السودانية بلا إستثناء مؤكداً أن المؤتمر الشعبي كان قد لبى الدعوة لحضور خطاب رئيس الجمهورية في يناير الماضي ولبى الآن دعوة رئيس الجمهورية لهذا الاجتماع لقراءة حزبه للواقع المحلي والاقليمي والدولي وما يواجه البلاد من مخاطر مبيناً أن حل مشاكل السودان لاتتم إلا بالتوافق عبر الحوار مشيراً الى ان فشل ذلك سيكون جريمة في حق السودان واجيال المستقبل القادمة مؤكداً إقتناع حزبه بجدوي الحوار وحل مشاكل السودان دون تدخل جهات خارجية. فى هذا اللقاء وبحسب كتاب صحفيين تناسى الترابيون شعاراتهم السابقة ورفضهم للحوار ودعوتهم المستميتة لاسقاط النظام ، ولذلك برر القيادى بالحزب قبول الحوار بسبب قراءة الحزب للواقع المحلي والاقليمي والدولي وما يواجه البلاد من مخاطر . وحدة الأسلاميين مرة اخرى :- فى ظل الظروف الراهنة التى تعيشها الجماعة الاسلامية ككيان والانقاذ كنظام حكم لايستبعد مراقبون سعي الأنقاذ لتوحيد الاسلاميين مرة أخرى لسببين الأول لمواجهة الضغوط الداخلية المتمثلة فى الاوضاع الاقتصادية السيئة والمواجهات المسلحة مع حملة السلاح والتى ربما يستطيع الشيخ الترابى ان ياتى فيها فعلا ايجابيا باقناع حركات دارفور المسلحة بوضع السلاح والانخراط فى عملية سلام شاملة وواسعة تحت اشرافه المباشر ، السبب الثانى هو الاستهداف الذى تواجهه الجماعات الاسلامية والحرب التى تتعرض لها وتصنيفها بانها جماعة ارهابية واغلب الظن ان الترابى لن يرضى بهكذا نهاية لتنظيم افنى عمره فى تاسيسه وتمكينه من مفاصل الحكم فى العالم العربى والاسلامى ، ولذلك فى هذا الظرف تعتبر وحدة الاسلاميين غاية فى ذاتها غض النظر عن اى شىء آخر فالمحافظة على الكيان واجب يمليه الضمير . الأمام الصادق المهدى زعيم حزب الأمة القومى استبق لقاء الاسلاميين بقوله : ان وحدة (الإخوانيين) - على حد تعبيره - نحكم عليها من خلال مواقفهم العملية المنتظرة، فإذا كانت تعني العودة الى سياسياتهم في سنوات الانقاذ الاولى، أي العودة لنهج محاولة عزل الاخرين والبطش بهم فاننا سنعارضهم، فقد كانت أسوأ فترة عندما كانوا معاً في سنوات الانقاذ الاولى، أما إذا جاءت للتجاوب مع الأجندة الوطنية والانضمام للقوى الشعبية الاخرى من اجل سلام عادل شامل وتحول ديمقراطي حقيقي فاننا سنرحب بذلك . لكن واقع الحال يكذب حوار المستقبل مع بقية القوى السياسية ذلك ان حديث الرئيس فى بورتسودان أكد انه لاتغيير ولا حكومة انتقالية وبهذا تلقائيا تبقى انه لامعنى للقاء الرئيس البشير بالأحزاب السياسية الاخرى الا فى اطار السلام وتبادل التحايا هذا باستثناء المؤتمر الشعبى طبعا لأنه سيكون رفيق المرحلة المقبلة ، وقد تم التمهيد لذلك بأطلاق صحيفة راى الشعب لسان المؤتمرالشعبى والتى تم ايقافها عن الصدور فى يناير من العام 2012 ، ثم اعادت الانقاذ عجلة التاريخ الى العام 1999 عندما اخرج الترابى من البرلمان لتكون البداية الجديدة فى 2014 من البرلمان نفسه لأن زيارة الترابى للبرلمان كانت لها دلالتها ومغازيها وجاءت فى اطار مبادرة اهل الله لانهاء قضية دارفور وهذا بالضبط وبحسب محللين احد الجوانب الذى تريد الانقاذ الاستعانة بالشيخ فيه أنظر الى تصريحات الترابى من داخل البرلمان حيث اعتبر أن احتشاد التيارات الإسلامية تحت مظلة مبادرة "أهل الله للحد من الصراعات القبلية"، محاولة لتحقيق الترابط من جديد، مؤكدًا أهمية الطرق الصوفية في وحدة المسلمين وحقن الدماء. وقال الترابي : "لقد انشرح صدري اليوم وأنا أدخل البرلمان بعد أن أقصيت منه قبل أكثر من عشر أعوام، وما قدرت يوما قط أنني سأعود فهذه رحمة من الله تجلت في بركة أهل الذكر". وشدد على ضرورة وحدة الإسلام ونصرة الدين وتجاوز المحن والفتن لمواجهة التحديات التي تواجه البلاد. وبحسب تقارير صحفية فقد أثار وصول زعيم المؤتمر الشعبي حسن الترابي لمباني البرلمان ، علامات استفهام عديدة، وربط مراقبون الخطوة بحالة التطبيع التي وسمت علاقة "عراب الإنقاذ" السابق وتلاميذه الحاكمين، بعد موافقة الزعيم الإسلامي على الحوار دون أي شروط، ناسخا دعواته السابقة لإسقاط النظام. الترابى والأنقاذ والمعارضة :- وجود حزب المؤتمرالشعبى بين الأحزاب المعارضة كان يثير فضول كثير من المراقبين اذ لاقواسم مشتركة تجمع بين الشعبى وبقية احزاب المعارضة التى معظمها احزاب يسار وتعتبر عدو تاريخى للاسلاميين فى السودان . والآن بعد تقارب الاسلاميين ومبادرة المؤتمرالشعبى بقبول الحوار منذ الوهلة الأولى تقافزت اسئلة عديدة فى مقدمتها لماذا قبلت احزاب المعارضة اليسارية بالمؤتمرالشعبى فى صفوفها وهى تعلم من هو الترابى ؟؟ اغلب الظن وبحسب محللين ان كل طرف كان يريد الطرف الآخر مطية لأهدافه ولكن هاهو الترابى يصل اولاً . وهاهى احزاب المعارضة تعلن موقفها من دعوات الحوار التى دعا لها الرئيس البشير فى يناير الماضى حيث أجمعت قوى سياسية سودانية معارضة على رفض الحوار مع الحزب الحاكم «المؤتمر الوطني»، ورفضت المشاركة في اللقاءات التي أعلن أن الرئيس عمر البشير واشترط تحالف قوى الإجماع المعارض، وهو تحالف يضم الأحزاب السياسية الرئيسة في البلاد ومن بينها المؤتمرالشعبى ، للدخول في حوار مع الحزب الحاكم، أهمها اتخاذ إجراءات لبناء الثقة، وإلغاء القوانين المقيدة للحريات ووقف الحروب، وتكوين حكومة انتقالية تعقد مؤتمرا دستوريا وتعد لانتخابات حرة نزيهة. ورغم قبول حزب الأمة بالحوار الا انه اشترط ضم كل القوى السودانية مدنية ومسلحة حول مائدة مستديرة أسوة بتجربة الأوديسا بجنوب افريقيا وهدد الحزب فى حال فشل المائدة المستديرة بالاعداد لمذكرة التحرير بهدف التعبئة العامة لاسقاط النظام سلميا . لكن المفارقة كانت فى موقف المؤتمرالشعبى الذى قال منذ الوهلة الأولى أنه على إستعداد للإنخراط فى حوار غير مشروط مع المؤتمر الوطني ، وقال الترابى لسفراء الاتحاد الاوربى فى وقت سابق " نريد أن نتحدث مع الآخر ونريد أن نعالج معه خلافاتنا بالتي هي أحسن مهما كان خلافي معه لعله يتذكر أو يخشي". ولفت إلى تعثر القضايا فى دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق، مشددا على أن تلك القضايا لا تحل الإ فى الإطار القومي. وحث الترابي الأحزاب الإتيان برؤيتها بشأن الوضع الإنتقالي، وأشار الى أن هنالك مظالم يتفق حولها الجميع. واردف سبق في أكتوبر 1964 أن أتينا بالمتمردين من الخارج ومنحناهم الأمان وانه ليس ما يمنع أن يؤتي بالمتمردين للحوار". شبهات حول العلاقة بين الشعبى والوطنى :- رغم التباعد بين الوطنى والشعبى والجفوة التى امتدت زهاء ال15 عاما الا ان علاقة الحزبين لم تعدم من يقول فى حقها ان هذه الجفوة كانت مجرد فابريكانو وتشبه الى حد كبير مقولة (أن اذهب الى القصر رئيسا وسأذهب الى السجن حبيسا ) ، وان مايحدث اليوم هو سيناريو لا أكثر لعودة العلاقة الى واجهة الأضواء . «حركة الإصلاح الآن» المنشقة عن الحزب الحاكم، ويتزعمها القيادي الإسلامي غازي العتباني، قللت من دعوات الحوار وقالت في بيان ان الدعوات كانت «ثنائية انتقائية» مع بعض القوى، بما يعزز شبهات صفقات ثنائية حول الحوار . ويتفق محللون سياسيون مع حركة الاصلاح الآن فى ان الحوار مجرد صفقة سياسية اريد بها المؤتمرالشعبى وحده ولكن جمعت بقية القوى السياسية كذر للرماد فى العيون ولأن الترابى يفهم الشفرة فقد بدا فعليا فى نفض يده من المعارضة واصبح مستعدا للأنخراط من جديد فى مهام البيت الاسلامى .
|
|
|
|
|
|