|
العنصرية في دول الاسلام السياسي (4) بقلم :- تاور ميرغني علي
|
مقدمة
حول اشكال الهوية عند دول الاسلام السياسي
يبدع الاسلام السياسي في استنباط انماط وانواع من السلوك التنظيمي هدفها الحكم والسلطة فقط بكافة أشكاله وشروطه الممكنة وغير الممكنة كالتزوبروالمحسوبية والفساد الاداري والاخلاقي و ذلك لأن التشكيك بصناديق الاقتراع سيُعدّ تشكيكا بالمنظومة الديمقراطية التي تطمح اليها كافة شعوب العالم من القوي السياسية الحديثة وإن الرسالة التي يجب أن يفهمه تيار واحزاب الإسلام السياسي هو الاستماع إلى العالم الآخر عند نقد الأوضاع في السودان علي وجه التحديد من ملاحظات وانتقادات والاستفادة من تلك الهفوات الخطيرة التي برزت في مشروع فاشل جرعليهم النغمة والوبال خاصة عند سؤال الهوية في صيغة من نحن ومن هو الآخر ولا ننقله إلى صيغة كيف نحن وكيف هو الآخر. والسؤال في الصيغتين هو سؤال الهوية لكن الصيغة الأولى تحيل على الماهية والجوهر. أما الثانية فتحيل على الواقع والتاريخ، الصيغة الأولى تدعو إلى التأمل وإعمال الفكر، أما الثانية فتدعو إلى العمل لان التجديد والاصلاح في هذا المشروع ايضا اصبح لا يجد اذنا صاغية من الاصلاحين لان تقييم المشروع الحضاري يعني مزيدا من اراقة الدماء في والوضع الاستهلاكي للدولة... التي قامت على تهميش فئات الشعب المستضعفة وتدمير المجتمع المدني والخدمة المدنية وتخريب الاقتصاد فكيف له الاندماج في النظام الرأسمالي العالمي بدون استصحاب اليات الحوكمة الرشيدة للاستعانة بها في الحكم وإذا كان سؤال الهوية لا يزال مطروحاَ بهذه القوة ومحملاَ بمرارة الآمال الخائبة والأحلام المهيضة للشعب المستضعف والمهمش، فلأن " الانسان قد أشكل عليه الإنسان " كما قال ذات مرة أبو حيان التوحدي. أي لأن الإنسان لم يمتلك ذاته ولم يتصالح مع نفسه بطريقة عملية ملموسة تتجسد سياسياَ واجتماعيا وتتجسد في نظام إخلاقي معاش على أرض الواقع وفي نظام اقتصادي يقوم على العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص، فالقهر والاستلاب بأشكالهما المقدسة وغير المقدسة ينموان طرداَ مع تركز الثروة والسلطة و " الإحتكار الفعال للقوة " إلا أن عقدة الهوية التي تعبر عن نفسها بتوكيد الخصوصية وبالدعوة إلى الأصالة والتمسك بالتقليد وتقديس اللغة والتراث والتاريخ ليست مفصولة ميكانيكياَ عن إشكالية الهوية، وإلا وقعنا في نزعة مثالية ذاتوية تستنفد التعارضات والصراعات الاجتماعية- السياسية في الصراعات الأيديولوجية وتحصرها في ميدان الثقافة. فماذا نعني بإشكالية الهوية وعلى أي مستوى تتموضع هذه الإشكالية فالتنظيم الدولي للاخوان المسلمين(الارهابي) الذي لا يلتزم بالحدود الجغرافية وبدون رؤية كونية ووعي تاريخي، تضمر في ثقافتها وممارستها العناصر اللأنسية أو اللإنسانية واللاعقلانية، فإنها لا تنتج إلا عقدة الهوية وتفتيت المجتمع. إن عقدة الهوية تنمو في مجتمع متأخر، تابع ومستباح توقف تاريخه الداخلي وتعطل فيه آليات الانتظام، وفي ضوء ذلك نستطيع التمييز بين صيغتين او رؤيتين للهوية احداهما نحصرها في مجال الفكر والثقافة بل في التراث و " الثقافة الشعبية " والتراث الانساني فيتحول لديه مفهوم الهوية الى مفهوم الجوهر الثابت والسرمدي، والثانية تضعها في مجال التاريخ و الصيرورة الاجتماعية،وتاريخ إنتاج البشر لوجودهم الاجتماعي. فيرتبط لديها مفهوم الهوية بالفاعلية الإنسانية الحية وبفكرة التاريخ والتغير ومفهوم التقدم وللتمييز بينهما نسمي الصيغة الأولى تقليدية والثانية حديثة مع الوعي بأن أية تسمية في هذا المجال تنطوي على شحنة أيديولوجية قد يحد من سلطانها وهي حقيقة أن كلاً منهما تحدد الأخرى وتتحدد بها.
العُرْوبة وَمظاهْر الإنتمَاء والهوية في حكومات السودان المتعاقبة
الدستور السوداني: بعد أن نص الدستور السوداني في المادة /10/ على أن اللغة العربية هي اللغة الرسمية عاد فأكد هذا المعنى في المادة /139/ لدى الحديث عن مجلس الشعب، فجعل مداولات هذا المجلس وأعمال لجانه ومكاتباته باللغة العربية "على أنه يجوز استعمال غير اللغة العربية بإذن من رئيس المجلس أو من رؤساء اللجان". مثل هذا الاستثناء مفهوم على ضوء طبيعة الأمور في السودان.
وعلى سبيل الختام يمكن القول أن الأسباب التي دفعت "للإشراك" في اللغة العربية تنقسم إلى قسمين، فثمة أسباب عارضة من الممكن والمتوقع تجاوزها كما في لبنان والجزائر، وثمة أسباب تتعلق بطبيعة التركيب السكاني كما في موريتانيا والعراق والسودان.
ويشير دستور السودان إلى انتماء يتجاوز جمهورية السودان حين ينص في المادة الأولى منه أن "جمهورية السودان هي جزء من الكيانين العربي والأفريقي". ويلاحظ في هذا النص أنه لم يستعمل تعبير الأمة العربية أو القومية العربية ولا تعبير الأمة الأفريقية أو القومية الأفريقية، بل ادخل تعبيراً جديداً وهو الكيان. وبالمقابل، يرد في ديباجة الدستور تعبير "أمتنا"، وهي إشارة أقرب إلى الأمة السودانية منها إلى الأمة العربية حيث أن الديباجة تنص على أنه "استلهاما لتاريخ نضالنا ضد الاستعمار واهتداء بقيم أمتنا ومثلها..." أما تعبير القومية فلا يرد مباشرة في الدستور بل يرد ضمن بعض النصوص كالمادة /12/ الخاصة بالنشيد القومي، ومن الواضح بالطبع إن الإشارة في النصين السابقين هي للنشيد السوداني والاقتصاد السوداني. كذلك يرد تعبير "القومي" في المادة /20/ وهي الخاصة بالتعليم إذ أن الدولة تشرف على التعليم "وتوجهه لخدمة الأهداف القومية". وفي هذا التعبير يصح أن يكون المقصود هو الأهداف السودانية كما يصح أن يكون غيرها، كالأهداف القومية العربية أو الأهداف القومية الأفريقية وإن كان ظاهر المعنى ينصرف إلى التفسير الأول برع واضعي الدساتير في السودان في التلاعب بالالفاظ والكلمات الهلامية والزئبقية.
إلى جانب هذه التعابير القومية تعابير أخرى كثيرة تستغفل الشعب السوداني، والوطن السوداني والاقتصاد الوطني والواجب الوطني، وهو ما ينصرف إلى واقع السودان. فإن دستور السودان ينص في مادته الأولى على أن جمهورية السودان "جزء من الكيانين العربي والإفريقي". ولا يورد دستور السودان تعبير الأمة العربية ولا تعبير الأمة السودانية، ولكن ديباجته أقرب إلى تعبير الأمة السودانية هكذا هو حال التلاعب وخم الشعب السوداني الاصيل الذي بات يحتاج الي طبيب نفساني وليس لدينا في الواقع اي مصادر حقيقية أخري غير الاصرار علي ما ورد في الكتاب والسنة بشأن نبذ العنصرية بكل اشكالها ولم يعد هناك من حل الا بسن القوانين الرادعة التي يمكن أن تحد من هذه الظاهرة المدمرة للمجتمع وفي نفس الوقت ينبغي دعم ونشر ثقافة التعايش السلمي والاعتراف بالآخر وقبول الاخرين والبحث عن الذات وهويتها المفقودة والاعتراف بها كما هي بكل مزاياها وعللها ادركت بعض الدول العربية مدي تخبط هذه الدولة الهجين والذي قد يورطها توجهها في مساندة العنصرية وهي لديها بين مواطنيها سحنات سوداء وافليات دينية متعددة واقليات غير العربية.
ان صعوبة التكيف مع تعدد الاحزاب جعل من هذه الاحزاب تعمل علي اساس جهوي لتحقيق اهداف جهوية ،فقد كتب صديقنا محمد عبد المجيد أمين (عمر براق)عدة مقالات جيدة في هذا المضمار ويجب ان نشيد ونشهد له بذلك(هناك أربعة عناصر اساسية في تحديد اشكال العنصرية في مجتمعنا هي : العرق والدين واللغة والثقافة.)وعلي سبيل التزكير اذكر من هذه المقالات: (بين عنصرية القبيلة وعنجهية الحزب).
أن العنصرية عندنا يمكن أن تكون حالة مرضية من حالات الأمراض النفسية التي تصيب الهجين العربي وغالبا ما نراه يتسلح بأسلحة ( العرق ، الدين ،اللغة ، الثقافة) شعرا او خطابا واذاعة وتلفزيونا وصحفا يمجد فيه عرق قبيلته واصوله ودينه وثقافته لاغيا بذلك اصول الاخرين ودينهم وثقافتهم لانه يراها هو من الأسباب الكفيلة بالتمايز علي الآخريين داخل محيطه المجتمعي والقطري ليصطدم بحاجز التاريخ مع استغلال تام لكل الاعلام الموجه وغير الموجه لتكريس هوية ليست هويته الحقيقية اذ يعد تأصيل الهوية الثقافية من أهم سبل تشكيل الشخصية القومية فاين قوميتنا في ظل هذا الاستلاب والابادة المستمرة لانسان السودان الاصلي واهل الهامش السوداني.
يجب ان يقرأ الاخوة القراء هذه المقالات بتمعن دقيق حتي لا يلتبس عليهم المعاتي بالتشبيهات البليغة والله من وراء القصد.
نواصل.........
|
|
|
|
|
|