جدّد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم في جنيف ولاية الخبير المستقل المعني بحالة حقوق الإنسان في السودان لعام آخر، مع إعادة السودان تحت البند العاشر الخاص بتقديم العون الفني وبناء القدرات، وذلك خلال الإستعراض الدوري الشامل الخاص بمناقشة تقارير حكومة السودان والخبير المستقل وتقرير الظلّ أو البديل والمقدم من منظمات المجتمع المدني العاملة في مجال حقوق الإنسان خلال الدورة رقم (33).
لقد كان من المتوقع أن يعود السودان للبند العاشر الخاص بتقديم العون الفني وبناء القدرات، مع تجديد ولاية الخبير المستقل لعام آخر، ليس بسبب التحسن في حالة حقوق الإنسان ولكن بسبب تكتل المجموعات العربية والإفريقية والآسيوية والمساومات السياسية الأمريكية الأوربية مع تلك المجموعات، والتي تسعى لتخفيف لغة القرار الصادر من المجلس على السودان مع المحافظة على وضعه تحت البند العاشر المتعلق بتقديم العون الفني وبناء القدرات، بدلاً من البند الثاني الذي تبنته أمريكا والمجموعة الأوربية والخاص بالمراقبة..
صدر ماكان متوقعاً وضع السودان تحت البند العاشر وهو مايتوافق مع رغبة السلطات السودانية، لكن في ظل ظروف وتحديات كثيرة بينما تشهد حالة حقوق الإنسان تراجعاً تعد الأسواء في حالاتها، في حين تعتبر السلطات السودانية القرار بمثابة إنتصار للدبلوماسية السودانية حسب تصريحات المتحدث الرسمي، ولكن كل ذلك لايغطي على حقيقة الأوضاع الداخلية والتي أقل ماتوصف بأنها كارثية والتي من الممكن أن تؤدي لإنهيار مريع في ظل حالة الإحتقان السياسي والتدهور الأمني والظروف الإقتصادية السيئة التي تعيشها البلاد، بينما تتصاعد وتيرة إنتهاكات حقوق الإنسان في كل السودان، والأكثر في مناطق النزاعات المسلحة في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق، مع إستمرار السلطات السودانية في إستخدام الأسلحة المحرمة دولياً لإبادة المدنين العزّل كما ثبت من خلال التقرير الذي بثته منظمة العفو الدولية، بينما تستمر عمليات القصف الجوي على مواقع المدنين، في ظل ظروف النزوح الجماعي على المعسكرات في الداخل واللجوء لدول الجوار، في حين ترتكب المليشيات المدعومة من السلطات السودانية جرائم القتل وحرق القرى وإغتصاب الفتيات والنساء، في ظل غياب كامل للقانون بل وتقدم السلطات السودانية الحماية والدعم لمنتهكي حقوق الإنسان للإفلات من المحاكمة والعقاب، وعدم إنصاف الضحايا وحرمانهم من الوصول للقضاء،مع إستمرار سياسة القمع ضد المتضررين من بناء السدود في كل من أمري وكجبار ودال والشريك، والمزارعين في مشروع الجزيرة والنيل الأبيض ومعاناة الأهالي بشرق السودان.
بينما تنعدم الحريات العامة وحرية الرأي والتعبير وتمتد سلطات الأمن للصحافة، بفرض الرقابة القبلية "قبل الطبع" على الصحف ومصادرتها بعد الطبع، مع حرمان الصحفيين من الحصول على المعلومة وحظر النشر لبعض القضايا ومنع بعض كتاب الرأي من الكتابة، والتضييّق على مراسلي الصحف ووكالات الأنباء العالمية والفضائيات.
وتتواصل الهجمة الشرسة على منظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية المعارضة، وإستهداف كوادرهم بالإعتقال والملاحقات القضائية وحرمانهم من إقامة أنشطتهم ومنعهم من السفر للخارج وإغلاق دورهم ومصادرة ممتلكاتهم، ولم تسلم من تلك الإنتهاكات حتى المؤسسات الثقافية والفنية التي تم حل وإغلاق دورها والتضييق على بعض دور النشر، إضافة إلى منع دخول بعض المطبوعات إلى البلاد كما حدث في دورات معرض الكتاب الدولي بالخرطوم،
وتواجه تجمعات الطلاب والشباب أقسى أنواع العنف داخل الجامعات بإستخدام القوة المفرطة من الشرطة والأمن لتفريق تجمعاتهم كما يتعرضون للإعتقال التعسفي، والإختفاء القسري جراء الخطف من الشوارع ومن داخل الجامعات والقتل خارج نطاق القانون كما حدث في جامعتي شمال كردفان والأهلية.
إن التحالف العربي من أجل السودان إذ يرحب بهذا القرار رغم كل ما سبق ذكره من تردي في حالة حقوق الإنسان في السودان، إلا أنه يعتبر تجديد ولاية الخبير المستقل لعام آخر خطوة موفقة من إعفائه إذ مازال السودان في حاجة إلى مراقب، بيد أن هذا القرار يضع السلطات السودانية أمام مسؤولياتها القانونية والأخلاقية ومدى إلتزامها بالمواثيق الدولية التي وقعت عليها وتعهداتها أمام مجلس حقوق الإنسان بإنفاذ توصيات الدورة رقم (30) ويوضح التحالف العربي من أجل السودان الآتي:
أولاً: يخشى التحالف العربي من أجل السودان من أن تستأثر السلطات السودانية على التمويل والعون الفني دون أن تقوم ببناء القدرات وتحسين أوضاع حقوق الإنسان.
ثانياً: يؤكد التحالف العربي من أجل السودان على دعمه وتعاونه مع الخبير المستقل، عبر منظمة الكرامة التي تنشط في مجال حقوق الإنسان بجنيف، ومن خلال فرق العمل الثلاث الخاصة بمكتب الخبير المستقل والمعنية بالقتل خارج نطاق القانون، الإختفاء القسري والإعتقال التعسفي. كما سبق أن إعتمد الخبير المستقل في تقريره الذي قدمه في الدورة الأخيرة رقم (33)على خمسة إنتهاكات إنطبقت عليها الحالات الثلاث المذكورة، رصدها التحالف العربي من أجل السودان ومنظمة الكرامة.
ثالثاً: يحي التحالف العربي من أجل السودان جهود منظمات المجتمع المدني العاملة في مجال حقوق الإنسان وصمودها بالرغم مما تتعرض له من قيود ومضايقات، ودورها الفاعل في تعزيز ثقافة حقوق الإنسان ومواجهتها لترسانة القوانين المقيدة للحريات والمتعارضة مع الدستور، كقانون الأمن والحصانات الممنوحة لأفراده وقانون الأجراءات الجنائية لسنة 1991م وقانون النظام العام وغيرها، أوعبر ممارسات أجهزتها الأمنية ومليشياتها، ويدعوها لمواصلة نضالاتها والتنسيق ووحدة العمل الحقوقي لمناهضة تلك القوانين ووقف إنتهاكات حقوق الإنسان.
رابعاً: يجدد التحالف العربي من أجل السودان دعوته لوقف حملات الإعتقال على أساس سياسي وعرقي، ومنع كآفة صنوف التعذيب النفسي والجسدي وإطلاق سراح المعتقلين وسجناء الرأي في نيرتتي وجنوب كردفان والنيل الأزرق، مع وقف وإلغاء المحاكات السياسية إستناداً على بلاغات كيدية الشاكي فيها جهاز الأمن في تهم تصل عقوبتها الإعدام، وذلك في مواجهة نشطاء حقوق الإنسان من موظفي تراكس وإثنين من القساوسة وبعض الشباب والطلاب.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة