|
الأهالي لا يستفيدون منها وتخرب المياه والبيئة "لعنة" الماشية التي تفوق عدد سكان جنوب السودان
|
بقلم تشارلتون دقي/وكالة إنتر بريس سيرفس
فرد من قبيلة المنداري مع الماشية في تركاكا، جنوب السودان، حيث تتجاوز الماشية عدد السكان. Credit: Jared Ferrie/IPS
جوبا, مايو (آي بي إس) - تأوي دولة جنوب السودان نحو 11.7 مليون من الأبقار، و 12.4 مليون من الماعز، و 12.1 مليون من الأغنام، في حين يبلغ تعداد سكان البلاد 13 مليون نسمة، وفقا لاحصاءات وزارة الزراعة والغابات والسياحة والثروة الحيوانية ومصايد الأسماك.
ولكن علي الرغم من هذه الثروة الحيوانية الهائلة، يقول مستشار إدارة الموارد الطبيعية إسحاق وجوا، أن "الماشية في جنوب السودان لعنة... فهي مورد لا يستفيد الناس منها.. ويربونها أساسا لكسب السمعة والهيبة".
ويشرح لوكالة إنتر بريس سيرفس أن قيمة الثروة الحيوانية في جنوب السودان تقدر بنحو 2.2 مليار دولار -أي بأعلي نصيب للفرد الواحد في كل القارة الأفريقية- لكن كل هذه الماشية لا تدار بأسلوب مستدام وإنما تتسبب في ندرة المياه وتدهور البيئية.
ويضيف "الناس يريدون فقط الحصول على العديد من الماشية لضمان احترامهم في مجتمعاتهم بفضل إمتلاك أكبر عدد ممكن من المواشي في المنطقة. هذا هو السبب في ندرة المياه والمراعي في موسم الجفاف".
ويذكر أن الأهالي يبجلون الماشية في جنوب السودان، وأن مجتمعات الرعاة لا تفكر ولا حتى في ذبح بقرة واحدة من أبقارها لتناول لحمها. وبالتالي تضطر البلاد لإستيراد الماشية، ومعظمها من أوغندا، لذبحها للأكل.
يفيد بنك التنمية الأفريقي أن 80 في المئة من أهالي جنوب السودان يعيشون في مناطق ريفية، ويعتمدون على الزراعة والغابات ومصائد الأسماك لكسب عيشهم. وفي العديد من المجتمعات في جنوب السودان، تستخدم الأبقار في الغالب لدفع مهر العروس وأيضا كتعويض في حالات القتل أو الزنا.
وتقول جوستين مين -من وكالة التنمية الهولندية- أن "رعاة الماشية يفخرون بالكم وليس بنوعية الماشية ... وهذا يؤدي إلى الرعي الجائر على الأرض". وتضيف لوكالة إنتر بريس سيرفس، أن هذا يتسبب أيضا في سوء إستخدام الموارد المائية.
وتشرح أن "الناس يأتون إلى المسطحات المائية لسقاية الماشية ويضرون مجاري الأنهار. كما تبرز الحيوانات والرعاة أيضا في المياه، مما يلوثها". فيضيف مستشار إدارة الموارد الطبيعية، إسحاق وجوا، أن الرعي الجائر وتآكل التربة الناتجة عنه، هي أيضا قضية مثيرة للقلق.
عن هذا، توضح خبيرة وكالة التنمية الهولندية أن إدارة الموارد الحيوانية بشكل مستدام، يتطلب وضع قواعد وقوانين لتحديد عدد الحيوانات يمكن أن يمتلكها الرعاة في قطعة معينة من الأرض.
وتضيف أن "الأسلوب الأكثر استدامة هو خفض عدد الحيوانات وإدخال وسائل الزراعة المستقرة. على سبيل المثال، إذا كان لديك مزرعة، يمكنك أن تبقي ثروتك الحيوانية على قطعة محدودة من الأرض ... لكنه يمكنك في نفس الوقت حصاد العشب لجعل القش لإستخدامه في فترة عدم توفر العشب الحية".
يشاطر مستشار الموارد الطبيعية هذا القول، ويضيف أنه لضمان الاستدامة ينبغي تنظيم كيفية إستخدام قطعة محددة من الأرض لرعاية الماشية.
وكمثال، "إذا كان لديك قطعة كبيرة من الأراضي المشاع يجب أن تكون قادرا على تقسيمها إلى مراعي بحيث يتسنى لك معرفة أنك ترعي هذا العام على هذه القطعة وأنك سوف تتغذي العام القادم على قطعة أخرى من الأرض".
ويضيف: "اذا أمكن إدارة الماشية بطريقة مربحة لأصحابها، سيكون من شأن هذا أن يقلل من حالات الصراع على الماء والكلأ، وسوف يسبب الحد الأدنى من الضرر على البيئة، ويحسن نوعية الثروة الحيوانية".
ومن جانبه، يقول أستاذ دراسات التنمية في جامعة جوبا، لوبين نلسون مورو، أن الإستغلال غير المنظم للأرض يرجع جزئيا إلى عدم وجود سياسة واضحة من قبل الحكومة.
وأوضح أنه تم التركيز بصورة مبالغ فيها على استخراج النفط -الذي يمثل 98 في المئة من عائدات جنوب السودان- وكذلك علي الضغط السكاني الناتج عن عودة أعداد كبيرة من السودانيين الجنوبيين من المنفى بعد استقلال البلاد.
ثم أضاف: "نحن بحاجة إلى التخطيط والسياسات المناسبة. ينبغي أن نحدد ما هي الموارد الطبيعية المتوفرة لدينا وإعداد سياسات جيدة لتوجيه كيفية إستخدامها لمصلحة الأجيال الحالية والقادمة من خلال خطة وطنية". وشدد علي أنه يجب على الحكومة أيضا إشراك الجامعات لإجراء دراسات حول كيفية إدارة موارد البلاد بأسلوب أفضل موارد البلاد من أجل تجنب الاستغلال.(آي بي إس / 2014)
|
|
|
|
|
|