ما ان أعلن حزب الأمة القومي في الاحتفال بذكري أكتوبر عن عودة زعيم الأنصار الصادق المهدي قبل نهاية العام حتى انطلقت التكهنات والتوقعات بان عودته لمنصب رئيس الوزراء الشي الذي نفاه الإمام بقوله لا يمكن أن اقبل بعد (27) عاماً رئاسة بالتعيين وقد نلتها بالانتخاب الحر؛ وظللت أرفض للكل من عرض علي منصباً تنفيذياً بالتعيين؛ قلتها للمرحوم جعفر نميري وللرئيس الحالي( أني أرفض حتى منصب رئيس الجمهورية بالتعيين)؛ استنطقت (ألوان) الإمام الصادق المهدي من مقره بالقاهرة في حوار هو حوار الأحداث الساخنة؛ فالى مضابط الحوار:
حوار : مشاعر دراج
هل هناك علاقة بين توقيت عودتك والنشاط الذي يقوم به مبارك الفاضل باسم حزب الأمة حول الموقف من الحوار؟
عودتي للوطن تتعلق بانتهاء المهام التي قمت بها في الخارج وطنياً وإقليمياً ودولياً، كذلك رأينا تنشيط التعبئة السياسية بالداخل سواء لدعم الحوار باستحقاقاته أو للتعبئة من أجل انتفاضة سلمية، أما المذكور فقد درج على التآمر ضد حزب الأمة القومي، فعل ذلك عام2002م وكون حزباً ضراراً، ثم قام بالمزايدة على حزب الأمة القومي بالتوقيع على ميثاق الفجر الجديد، والآن يقوم بدور مخلب قط للمؤتمر الوطني؛ كل هذا صار واضحاً ومكشوفاً وهو من دارج أسلوب المؤتمر الوطني وآلياته مجربة الفشل،وفي هذه الزوابع فإن أجهزة حزب الأمة القومي جعلته ينطح صخرة لم يؤثر على صمودها وحراستها للمبادئ الوطنية. وإذا كان لهذه الزوابع أي معنى فهي مفيدة لنا لأنه: بضدها تتبين الأشياء.
تحدث البشير عن تنازل حزبه عن المناصب لعدد كبير من قياداته ما مدى مصداقية الوطني في ذلك؟
ما معنى مشاركة حكومة ذات سياسات هي نفسها التي أوصلت السودان لما يعاني منه الآن، وما معنى المشاركة في حكومة وكافة أجهزة الدولة بالتمكين خاضعة للحزب الحاكم، والمشاركة في هذه الحكومة تظل اسمية لا تثمر ولا تغني من جوع فمهما كانت نسبة وزرائهم في النهاية مثل شاهد مسرحية عادل إمام (شاهد ما شافش حاجة) المطلوب عملية حوار حقيقي باستحقاقاته تتم فيه الموافقة على سياسات جديدة تماماً ومراجعة أجهزة الدولة لكفالة قوميتها.
هناك أنباء أن عودتك مرتبطة بالتشكيل الوزاري القادم، منصب رئيس الوزراء؟
صحيح تحدث البعض عن أني أعين رئيساً للوزراء، وأنا كذلك بالانتخاب الحر الذي لا يبطله الانقلاب الذي هو إجراء غير شرعي، فلا يمكن أن اقبل بعد (27) عاماً رئاسة بالتعيين وقد نلتها بالانتخاب الحر، وظللت أرفض للكل من عرض علي منصباً تنفيذياً بالتعيين، قلتها للمرحوم جعفر نميري وللرئيس الحالي (أني أرفض حتى منصب رئيس الجمهورية بالتعيين)،لا تسمعي أنني أقبل أي منصب دون انتخاب بموجب دستور شرعي، ولكن إذا اتفق على وضع انتقالي قومي فإنني أرى أن يكون الشخص المختار لمثل هذه الرئاسة شخصاً محايداً حزبياً أي تكنوقراطي، وفي البلاد كثيرون من قضاة وضباط وشرطة وساسة ونقابيين وأكاديميين يمكن أن يختار أحدهم لهذه المهمة، أما أنا فلا.
سبق وعدت من الخارج ولفظت التجمع الوطني الديمقراطي مقابل توقيعك اتفاق مع الحكومة (نداء الوطن) والآن أنت تكرر نفس السيناريو لتعود وتلفظ نداء السودان، ما تعليقك؟ وهل مؤتمر الحوار هو سبب في العودة؟
لم الفظ التجمع الوطني الديمقراطي كما زعمت بل انتقد حزبنا التفاوض بين الحركة الشعبية والحكومة في غيبة التجمع ولكن طرفي التفاوض أصرا على ثنائيته ما جعلنا نقبل الحوار الثنائي. يومئذٍ اتهمونا بأننا فعلنا ذلك للمشاركة مع النظام، ولكننا حاورنا النظام ولم نشاركه وكل الذين اتهمونا هم الذين اشتركوا مع النظام. وكلهم أيدوا اتفاقية السلام (2005م) باعتبارها سوف تحقق الوحدة الجاذبة، والسلام العادل الشامل، والتحول الديمقراطي. ولكننا وحدنا الذين وضعنا الاتفاقية في الميزان وقلنا إنها صفقة ثنائية لن تحقق الوحدة الجاذبة، ولا السلام، ولا التحول الديمقراطي. وقد كان، أرجو أن تراجعي التاريخ الموثق والشهادة لنا بالموقف العقلاني الوطني الصحيح، أما عودتي الآن للسودان فهي في إطار التزام مشترك بنداء السودان، وبتأكيد سعينا الجماعي لتحقيق التغيير المنشود إما عبر حوار باستحقاقاته، أو عبر انتفاضة شعبية موجهة بميثاق وسياسات بديلة وتوافق قومي، ومهما كان موقعنا داخل وخارج الوطن فنحن ضد أية تسوية ثنائية وملتزمون بنداء السودان، وبالتنسيق مع حلفائنا فيه في كل الخطوات، بل ملتزمون بتوسيع قاعدة النداء ليشمل الشعب كله.
ما هو رأيك في ما يقال بأن ثمة اتفاق خفي بينكم والحكومة حول مشاركة أبنائك في السلطة، ولو لم تكن قد أعطيتهما الضوء الأخضر لما تجرأ أي منهما في ذلك؟
عندي ابن واحد شريك في السلطة وقد كان ضابطاً في القوات المسلحة وابلغني رئيس الجمهورية أنه يريد أن يكلف الضابط عبد الرحمن الصادق بمهمة عسكرية في الجنوب، قلت له عبد الرحمن عضو في القوات المسلحة يدفع به حيث توجب المهام العسكرية، ولكن لا أوافق على تكليفه بأية مهمة سياسية فإن كلف بها ووافق على ذلك فهذا اختياره ولا يمثلني ولا يمثل حزب الأمة القومي. وعندما عين مساعداً أعلنت ذلك وهو نفسه أكد هذا المعنى، إن انتماءه لهذا النظام قرار يخصه هو ولا يمثلني من قريب أو بعيد، ولك أن تتحري عن هذه الحقائق من الأسماء التي ذكرتها هنا،الذهنية العشائرية في السودان لا تفهم أن يسمح أب لولده باختيار موقفه دون أن يعلن عقوقه والتبرؤ منه، ولكنني أنشأت أولادي بدرجة من حرية الاختيار لذلك استطاعوا كلهم أن تكون لهم في مناخ حرية الاختيار شخصيات مستقلة لا كما يفعل كثير من الآباء فيصيروا أولادهم نسخاً باهتة لا لون ولا طعم ولا رائحة لهم، سوف تجدين أبنائي وبناتي شخصيات حرة، صحيح أكثرهم متفانين في خطنا السياسي والأنصاري باختيارهم ما يفسر قوة عطائهم، وحتى عبد الرحمن الذي شق طريقاً مختلفاً فإنه شق طريقا مستقلاً من حزب الأمة القومي ومن المؤتمر الوطني ولا يستطيع أحد أن يتهمه بالدور الباهت، فهو حتى في بعده عنا محافظ على استقلاله النسبي.
يعاني حزب الأمة من هشاشة تنظيمية وضبابية في خطه السياسي، وربما يفسر ذلك تفتت الحزب لأكثر من ثمانية أحزاب القاسم المشترك فيها ظهور قيادات من آل المهدي على سدتها، مثل عمك أحمد المهدي، مبارك الفاضل.. الخ، ما هو تعليقك؟
ما أبعد ما قلت من الحقيقة، فحزب الأمة يقود الآن فكراً وسياسة هي «البرنجي» في الساحة الوطنية في السودان، وهو الآن مصنع الأفكار والأخبار، وحضوره الوطني، والإقليمي، والدولي، لا يجارى، وهو تنظيماً يعتمد على سلسلة مؤتمرات عامة لا يضاهيها حزب آخرها السابع والثامن في الطريق، أما الأحزاب المسماة بالأمة فهي كلها نتيجة لمؤامرة بين المؤتمر الوطني والمرحوم القذافي نفذها السيد مبارك في عام 2002م وكل هذه الأحزاب المسماة أمة هم ما تفتت من تلك الجماعة وأهم دليل على تماسك الحزب الشرعي أن كل تلك الحزبيات هي من تفتت الحزب الضرار، أما موضوع اسم المهدي فقد قمنا بثورة هادئة نقلت الممارسة من الأبوية والعائلية التقليدية إلى مرحلة المؤسسية، ففي انتخابات 1986م تقدمت (3) أحزاب يقودها من انتهى اسمه بالمهدي وفي كل دوائر الانتخابات لم يردوا تأمينهم، بينما حقق حزب الأمة القومي الأكثرية، كذلك في حزب الأمة القومي الآن يتنافس الأعضاء وقد يفوز أحدهم دون انتماء للعائلة وحتى في كيان الأنصار بلغ التطور درجة أن حفيد المهدي المباشر يأمر فلا يُطاع، وأن أحد «الغبش» يأمر فيطاع، هذه حقائق موثقة والآن حزب الأمة القومي يحظى باحترام كبير في أحزاب المعارضة. وحتى الحزب الحاكم رغم معارضته يعمل له حساب لشرعيته الشعبية ولعطائه الفكري واجتهاده السياسي، في الواقع أن محاولات الذين يتسلقون العمل السياسي باسم المهدي البائسة إنما تدل أن من ليس له عطاء كما قال الإمام المهدي «من لم يسعفه عمله لن يسعفه نسبه» والحكمة التي حرصت على تربية أولادي بها: إذا أنت لم تحم القديم بحادثٍ من المجد لم ينفعك ما كان من قبل ولكن سيظل أصحاب الأسماء بدون عطاء يعيشون خصماً على أسمائهم.
في ختام مؤتمر الحوار الوطني تمت دعوة مبارك الفاضل أنه ممثل لحزب الأمة القومي ما الغرض من ذلك رغم أن حزبكم تبرأ منه؟
لا أدري لماذا تصرين على ذكر من ليس له وجود إلا في مؤامرات المؤتمر الوطني فأرجو بعد كل التوضيح الإمساك عن هذه الأسئلة، إنه الآن من أدوات المؤتمر الوطني، فقد قالوا لنا عندما أعفوه بضاعتكم ردت لكم قلنا لهم هذه بضاعة زايد يساوي ناقص فامسكوها مشكورين (مسألة البضاعة هذه نقلها لنا عن رؤسائه د. مصطفى عثمان).
في حديث سباق للإمام ربطت عودتك مع حملة السلاح هل معنى ذلك أن هناك حركات مسلحة ستأتي معك للخرطوم؟
نعم قلت أنني سأعود فوراً إذا اتفق على وقف العدائيات ويصحبني زملاء من الجبهة الثورية، ولكن إذا تعذر ذلك فسوف تكون العودة كما قلت من أجل التعبئة وإذا تحقق وقف العدائيات وسائر إجراءات بناء الثقة فسوف يعود ممثلون منهم معي للوطن.
ما مصير قوى نداء السودان بعد دخول المهدي للخرطوم؟ كيفية التنسيق معها؟
نداء السودان مستمر في عمله سواء كنت داخل أو خارج السودان. والتنسيق مستمر بين النداء داخل وخارج السودان بغض النظر عن موقعي.
حزب الأمة في الفترة الأخيرة حاول يبعد الأحزاب ويلعب أدوار منفردة؟ ما هو تعليقك؟
ما هو الدليل على قيام حزب الأمة بأدوار منفردة؟ حزب الأمة يبادر نعم ولكنه يحرص على الموقف الجماعي.
ما موقف حزب الأمة من تجميد قوى الإجماع الوطني للأحزاب التي وقعت خارطة الطريق؟
قوى الإجماع وقعت على نداء السودان، وخريطة الطريق مما يأذن به نداء السودان وهو الحوار باستحقاقاته، والأحزاب التي وقعت على خريطة الطريق على حق فيما فعلت.
الشيوعي حاول لعب أدوار للأحزاب الموقعة على خارطة الطريق كيف تنظر لموقف الحزب الشيوعي؟ و ما هي الاختلافات بينكم وبينهم؟
أهم اختلاف بيننا وبين الحزب الشيوعي بالنسبة للمستقبل فإنه يرفض أن يكون للإسلام دور في الشأن العام ونحن نعتقد أن أصحاب المرجعية الإسلامية إذا التزموا بحقوق الإنسان والمساواة في المواطنة والآلية الديمقراطية لهم حق المشاركة في العمل العام. والاختلاف الآخر أننا نؤيد الحوار باستحقاقاته وهم يرفضون الحوار من حيث هو.
هناك اتفاق بين قوى الإجماع ونداء السودان في إسقاط النظام إذا على ماذا يختلفون؟
نختلف على أن الحوار الوطني باستحقاقاته وسيلة مشروعة لإقامة نظام جديد.
البشير تحدث في آخر حوار معه ان المهدي اكبر من التحالف مع عرمان ومالك عقار؟ لماذا هذا التحول في المسيرة السياسية للإمام الذي ظل ينادي بإسقاط النظام بالاعتصام والعصيان المدني؟
نعم ذكر الرئيس البشير ذلك ولكننا في مرحلة نحتاج أن نضم الجميع إلى معنى أن كل ذرية آدم عليه السلام مكرمة وكلهم لأبوة نبي أشراف، وأقول لك إن مالك معتدل وعرمان اكتسب تجارب مفيدة، وخير لنا أن نعمل على إقامة خيمة واسعة لوطن جامع واعتقد أن دوري في التمهيد لذلك يجب أن يقدر فقد وافقوا جميعاً على عدم محاولة إسقاط النظام بالقوة والتخلي عن تقرير المصير لصالح سودان عادل جامع.
هل مقولة الصادق المهدي التي ظل يرددها على مدى الزمان (من فش غبينتو خرب مدينتو) قد عفى عليها الزمن؟
هذه المقولة من الحكمة (وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا). وقديما قال نبي الرحمة: «مَا كَانَ الرِّفْقُ فِي شَيْءٍ إِلا زَانَهُ، وَلا نُزِعَ مِنْ شَيْءٍ إِلا شَانَهُ». وقالت السيدة عائشة: «مَا خُيِّرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِلَّا اخْتَارَ أَيْسَرَهُمَا مَا لَمْ يَأْثَمْ». وهي مقولة تحكم خياراتنا الحالية (الجهاد المدني)، وتدفعنا إلى تفضيل الحل السلمي المتفاوض عليه، وإذا استكبر النظام إلى انتفاضة شعبية تعيد الأمور إلى نصابها.
كل المؤشرات تؤكد وجود ضغط على حملة السلاح للدخول في عملية السلام وأخيراً تصريح الولايات المتحدة للوسيط الأفريقي بالضغط على الممانعين؟
نعم يمكن أن تمارس ضغوط ولكن لا حل للبلاد إلا بإقامة سلام عادل شامل وتحول ديمقراطي كامل، لقد وقعت (16) اتفاقية حتى الآن لم تحقق ذلك والمطلوب الآن التخلي عن المحاصصات والصفقات للاتفاقيات الإستراتيجية وما دامت كل الأطراف الآن تدرك أنه لا يوجد حسم عسكري للقضايا فهي فرصة لإيجاد مخرج حقيقي للبلاد لا تسويات تسكينية، والممانع الآن هو الطرف الحكومي الذي تنكر لتوقيعه على خريطة الطريق في مارس 2016م وقال في مخالفة لتعهداته فيها إنه اختتم الحوار بشكل نهائي هذا الشهر.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة