|
أحمد سعد عمر:مولانا رجل حكيم ولن يتخذ قراراً ليس في مصلحة البلاد
|
الوزير أحمد سعد عمر.. في حوار ما لم يُكشف عن الانسحاب: أسباب مشاركتنا في الحكومة مازالت قائمة مولانا رجل حكيم ولن يتخذ قراراً ليس في مصلحة البلاد تمت مشاورة الحزب ولم يتم تجاوزنا في الإصلاحات الاقتصادية حاوره: فتح الرحمن شبارقة رغم مرور نحو أسبوع على الحديث عن انسحاب الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل من الحكومة، إلا أن هذه القضية مازالت تسيطر على نقاشات الاتحاديين ومجالس المهتمين في المدينة، فقد قال أنصار الانسحاب من قيادات الحزب كلمتهم حتى ظن البعض أن خروج حزب الوسط العريض من الحكومة للمعارضة مسألة وقت لا أكثر. لكن الأمر ليس كذلك فيما يبدو. حيث ترى قيادات اتحادية من العيار الثقيل خلاف ذلك، وتؤكد أن الأسباب التي دفعتهم للمشاركة مازالت قائمة، وأن الشراكة في الحكومة بخير، وأنه لا نهج إقصائي أو تجاوز في الإصلاحات الاقتصادية ولا يحزنون. ومن تلك القيادات العصية على التجاوز في معادلات الحزب، الأمير أحمد سعد عمر، وزير مجلس الوزراء الذي يعتبر من أقرب الاتحاديين إلى مولانا الميرغني، فماذا قال أحمد سعد عمر بعد أن كسر صمته الطويل واستجلى الكثير من المواقف في أول حوار يجريه مع صحيفة منذ المشاركة على الأقل؟: *كانت هناك صياغات تحريرية مربكة في صحف الخرطوم لما أفضى إليه اجتماع اللجنة الحزبية الأخير بشأن الانسحاب من الحكومة.. دعنا نستجلي ابتداءً, الموقف الذي أسفر عنه ذلك الاجتماع؟ - أولاً، الاجتماع الذي تم هو اجتماع للجنة التسيير للمؤتمر العام للحزب وقد كلفت بدراسة الوضع السياسي الراهن والإصلاحات الاقتصادية التي سبق أن قدم الحزب الاتحادي الديمقراطي فيها رؤية إلى السيد وزير المالية بعد زيارته إلى مولانا وتقديمه لرؤية الإصلاحات الاقتصادية، وردّ السيد الوزير عليها بمذكرة حوت كل التفاصيل. الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل عندما شارك في الحكومة، شارك بعد اجتماعات كثيرة وحوارات طويلة مع لجنة مكلفة من المؤتمر الوطني قرابة العام تقريباً، وهذه اللجنة توصلت إلى بعض الاتفاقيات بالنسبة لمشكلة دارفور وبالنسبة للشأن الاقتصادي والتعديلات الدستورية بعد الانفصال. * ما هو الهدف الذي حاورتم وشاركتكم من أجله؟ - الهدف الذي حاورنا وشاركنا من أجله هو الوطن والمواطن، فنحن مازلنا عند موقفنا بأن البلد تحتاج إلى تكاتف الجهود وتحتاج إلى وفاق وطني شامل سبق أن نادى به مولانا لمقابلة التحديات الموجودة ومنها التحديات الاقتصادية والأمنية والتنموية. ومازالت التحديات موجودة، وكلفت هذه اللجنة ورفعت توصية إلى مولانا، ومولانا قد يدعو الهيئة القيادية العليا التي وافقت على المشاركة بأغلبية ساحقة عدا قلة قليلة هى التي تحفظت. *يفهم من حديثك أن التوصية بالانسحاب من الحكومة لم ترفعها الهيئة القيادية للحزب التي سبق واتخذت قرار المشارك،ة وإنما رفعتها لجنة أخرى؟ - نعم، فالهيئة القيادية العليا انبثقت من المكتب السياسي وهى التي كانت تدير الأمر كله مع مولانا، وهى التي قررت المشاركة في ديسمبر 2011م. ولكن اللجنة التي رفعت التوصية الأخيرة هى لجنة التسيير. *هل هى أقل شأناً من الهيئة القيادية؟ - أنا لا أقول هي أقل، ففي عضويتها عدد كبير من أعضاء الهيئة القيادية والمكتب السياسي. *دراسة الانسحاب من الحكومة هل جاء بمبادرة من لجنة التسيير أم بتكليف من مولانا ربما؟ - مولانا كلف هذه اللجنة بدراسة الوضع العام ورفع توصيات. لكن مولانا لم يكلفها بأن تقر بأن يكون هناك انسحاب. *في حيثيات اللجنة ولتبرير رفع التوصية بالانسحاب قيل إن الحكومة لم تستجب لرؤية الحزب في الإجراءات الإقتصادية الأخيرة ولم تأخذها مأخذ الجد؟ - والله نحن طرحنا رؤية الحزب الاتحادي الديمقراطي وكلفنا لجنة للذهاب والحوار مع وزير المالية برئاسة وزير الأوقاف والشؤون الدينية السيد الفاتح تاج السر وعضوية د. جعفر أحمد عبد الله وزير الدولة بالزراعة والسيد طه علي البشير والسيد خضر فضل الله، ذهبوا وقدموا مذكرة للسيد وزير المالية، والسيد وزير المالية وعد بدراسة المذكرة وبالفعل رد على مولانا بمذكرة تحوي كل الردود. *وما الذي حدث بعد تلك المذكرة؟ - بعدها حصل اجتماع لمجلس الوزراء وطرح وزراء الحزب رؤية الحزب داخل المجلس، ومجلس الوزراء أخذ علماً بمذكرة الحزب الاتحادي الديمقراطي. *عفواً السيد الوزير، هل كان هناك تفهم أم تجاوز لرؤية الحزب في الإجراءات الاقتصادية؟ - وزير المالية قام بطواف على كل الأحزاب السياسية المشاركة في الحكومة والمعارضة بما فيها الشعبي والشيوعي والأمة القومي، وليس هناك تجاوز فقد شاور الحزب في إطار التشاور. * لكن التشاور لم يتبعه أخذ بالمقترحات فيما يبدو؟ - هنالك بعض المقترحات تم الأخذ بها. * قرار الانسحاب النهائي من الحكومة.. هل هو عند مولانا أم عند جهة أخرى؟ - مولانا رجل ديمقراطي وعندما شاركنا استشار الهيئة القيادية العليا للحزب وجلس معها الساعات الطوال وأعطى فرصة لكل أعضاء الهيئة القيادية ليبدوا رأيهم، وفي النهاية خلص الاجتماع للمشاركة وقد تمت. وإذا كان هناك انفضاض من المشاركة سوف يرجع مولانا أيضاً إلى الهيئة القيادية العليا فهي أيضاً مشاركة لمولانا في القرار. * قرأت تصريحاً صباح اليوم منسوباً للأستاذ علي محمود حسنين مفاده أن الحزب لم يشارك في الحكومة، وأن الذين شاركوا يمثلون أنفسهم فقط لأن دستور الحزب يحرم ذلك؟ - هذا قد يكون رأي السيد علي محمود حسنين، وهو حر في رأيه. لكن المشاركة كانت بقرار من الحزب وهيئته القيادية العليا ومولانا أصدر قرار بمشاركة أعضاء الحزب وشاركنا في الحكومة بموافقة رئاسة الحزب وقيادته، ولم تكن المسألة شخصية. *حسنين قال كذلك إن قرار انسحاب الاتحادي الأصل من الحكومة جاء في هذا الوقت بناءً على اقتراب زوال الإنقاذ؟ - والله نحن الأسباب التي دفعتنا للمشاركة مازالت قائمة.. فهناك وطن مستهدف، وهناك مواطن محتاج إلى مساعدة، ونحن دخلنا من أجل الوطن والمواطن، ومازلنا. *ألا ترى أن مبعث حديثك الآن عن وجود ذات الأسباب التي دفعتكم للمشاركة قد يكون فقط لأنك مشارك في الحكومة؟ - لو كنت مشاركاً أو لم أكن مشاركاً هذه تحديات موجودة، ومازالت هناك قضية في دارفور محتاجة لسلام واستقرار ومازالت هناك حرب في جنوب كردفان والنيل الأزرق، وهنالك صراعات قبلية وتفلتات وهنالك تنمية وتطوير لأشياء كثيرة في البلد تحتاج لأن نضع يدنا مع الآخرين لإنقاذ البلد. * البعض في الحزب تحدث عن أن الانسحاب من الحكومة يعتبر قراراً نافذاً من تاريخه لذلك ربما جاء الإستغراب من مشاركتكم في جلسة مجلس الوزراء يوم الخميس الماضي؟ - نحن حزب مؤسسي ونمشي حسب النظم المعروفة للكل، وحزب ديمقراطي يسمح لكل رأي يقوله ويستمع إليه حتى لو كان مخالفاً لرأينا ورأى قيادتنا، لكن في النهاية لا يصح إلا الصحيح، فنحن دخلنا بإرادة الحزب وقيادة الحزب وإذا هنالك خروج فسنخرج بنفس الطريقة. وقد يكون القرار نافذاً لصاحبه لكن ليس نافذاً بالنسبة لنا نحن. * مشاركة الحزب في الحكومة ظلت توصف من بعض قياداته بأنها ضعيفة وتمومة جرتق.. هل تراها أنت كذلك أم أن في هذا التقييم للمشاركة شيء من الإجحاف ربما؟ - أرجو أن تسمح لي بأن أقول إن في هذا كثيراً من الإجحاف وبعيداً عن الحقيقة، فاليوم السبت وهو عطلة رسمية يفترض أن أكون مرتاحاً في بيتي ولكنك تُجري معي هذا الحوار في مكتبي وهنالك عدة ملفات، وإذا كنت (تمومة جرتق) كان يمكن أن آخذ إجازة أكثر من يوم (جمعة وسبت واحد) وآتي في نهاية الأسبوع لأحضر اجتماع مجلس الوزراء، فهذا فيه إجحاف كبير. وكل زملائي الحمد لله يعملون بجد، فالأخ وزير الأوقاف الآن في المملكة العربية السعودية يشرف على كل إجراءات الحجيج، والأخ وزير التجارة الآن كان مشاركاً في اللجنة المكونة برئاسة السيد نائب رئيس الجمهورية لمتابعة تنفيذ الأصلاحات الإقتصادية، ونحن لا نتحدث عن أنفسنا والحمد لله نقوم بواجبنا على أكمل وجه، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا ويجعل فيما نقوم به خيراً للوطن ولأهلنا في السودان قاطبة. * بعد تداعيات الإجراءات الاقتصادية الأخيرة، هناك قيادات رأت من الأفضل أن ينفض الحزب يده ويعمل في قيادة المعارضة وسط الجماهير لكسب الانتخابات المقبلة، في المقابل ماذا ترى أنت؟ - رأيي ليس للحزب فقط، إنما لكل القوى السياسية أن تصل إلى كلمة سواء وإلى الحد الأدنى من التعاون والتوافق من أجل المصلحة العليا للبلد. *سفر مولانا محمد عثمان الميرغني إلى لندن بالتزامن مع الاحتجاجات طرح العديد من علامات الاستفهام، ماهى أسباب سفره الأخير على وجه الدقة؟ - سبق وأن صرحت بأن سفر مولانا كان طبيعياً، مولانا كان حريصاً كل الحرص أن يكون في السودان في كل الظروف خاصة في الظروف الأخيرة لكن لارتباطه ببعض الأطباء لإجراء الفحوصات نحن طلبنا منه أن يغادر. *من واقع معرفتك بمولانا ما هو القرار الذي تتوقع أن يتخذه بشأن التوصية التي رفعتها له اللجنة بشأن الانسحاب من الحكومة؟ - مولانا رجل موضوعي وزعيم ذو قامة، وما عندي شك في أنه سيدعو الهيئة القيادية العليا للحزب في أسرع وقت ممكن للبحث في هذا الأمر، ومثلما ذكرت لك بعد المؤسسة والهيئة القيادية سيقرر البقاء أو المغادرة. فهدف مولانا الأول والأخير هذا الوطن وهذا المواطن، فإذا وجد إن خدمة الوطن والمواطن بالبقاء سيتخذ قراراً بالبقاء، وإذا رأى أن خدمة الوطن والمواطن بالابتعاد فسوف يبتعد. *وهل هناك سقف زمني لعقد مولانا لاجتماع الهيئة القيادية العليا للحزب لاتخاذ قرار في هذا الأمر؟ - ما في سقف زمني فقد يكون اليوم وقد يكون غداً وقد يكون بعد أسبوع. *نلاحظ في بعض الأحيان أن مولانا يترك بعض الأمور بدون حسم، هل يمكن أن يترك هذا الوضع هكذا؟ - مولانا رجل يقدر الظروف جيداً ودائماً وأبداً يوصينا بالحزم والحكمة، فهو رجل حكيم ويحزم في نفس الوقت. *هل أنت مطمئن للقرار الذي سيتخذه مولانا في النهاية أم أنك تستشعر قلقاً من القرار المحتمل؟ - مثلما ذكرت لك، فإن مولانا رجل حكيم وله بعد نظر، وبعيد كل البعد أن يتخذ قراراً يكون فيه أي تدمير للبلد أو أي قرار لا يكون في مصلحة البلد. ومولانا حريص كل الحرص أن يرى السودان آمناً مطمئناً ومستقراً وفي سلام وكذلك الوطن والمواطن. *يؤخذ عليكم السيد الوزير أنكم لا تترافعون عن موقفكم من المشاركة بينما الفريق الآخر داخل الحزب يعبر بصوت عال عن موقفه ضد المشاركة؟ - نحن لا نحب الدخول في مساجلات مع آخرين، ونقول إن أداءنا ومشاركتنا في حكومة القاعدة العريضة يكفي للرد على الآخرين. *الآخرون تحدثوا بوضوح عن نهج إقصائي يمارسه عليكم المؤتمر الوطني في الحكومة.. هل لمستم من خلال الشراكة مع الوطني شيئاً من ذك؟ - والله أنا شخصياً لم ألمس أي شيء من ذلك على الإطلاق، بل قلنا رأينا بحرية تامة، وأنا مؤدي قسم بألا أبيح بما دار داخل مجلس الوزراء، لكن مضابط مجلس الوزراء تقول إننا تكلمنا في اجتماعات المجلس بخصوص الإصلاحات الاقتصادية بكل صراحة ووضوح. * يقال تاريخياً إن الحزب الاتحادي لا يكون في خانة فيها الترابي.. برأيك هل تحتمل المعارضة وجود الترابي والميرغني في جسم واحد؟ - نحن قبل ذلك كنا في المعارضة سوياً، وفي معارضة نظام مايو كان هناك الترابي والشريف حسين الهندي والصادق المهدي، عدا الحزب الشيوعي كان مشارك طبعاً. أيضاً في التجمع الوطني الديمقراطي كان هناك الصادق والحزب الشيوعي والبعثي ومولانا كان رئيس التجمع وجون قرنق كان موجوداً. فنحن حزب عنده رأي وعنده فكره ومؤسساته التي يعتمد عليها في كل شيء، ونحن ممكن حتى لو أصبحنا معارضة نكون معارضة بذاتنا وشخصيتنا. * لخلفيتك الإسلامية ربما يتهمك خصومك بخدمة أجندة المؤتمر الوطني خاصة عندما تتحدث عنه بصورة إيجابية.. كيف تنظر لمثل هذه الاتهامات؟ - والله ما يقال كثير لكن أنا لا يهمني ذلك على الإطلاق، فأنا عندي هدف أسعى إلى تحقيقه وهو خدمة وطني. ومن أجل ذلك هاجرت وعارضت نظام نميري وعندما صالح شيخ الترابي أنا عارضته، وعندما صالح السيد الصادق المهدي رئيس الجبهة الوطنية وقتها كنت آخر من عاد للسودان بعد سقوط جعفر نميري، ووقتها كان حسن الترابي مستشاراً لرئيس الجمهورية والصادق المهدي كان موجوداً في الخرطوم، وكنت أقود المعارضة لوحدي في إثيوبيا بعد وفاة الشهيد حسين الهندي إلى أن عدت بعد الانتفاضة. وأنا هدفي واحد هو هذا الوطن السودان، وأتمنى من الله سبحانه وتعالى أن أبذل كل ما عندي لخدمته، فمن اتفق معي في الرأي فمرحباً به، ومن اختلف معي فهو حسبه.
|
|
|
|
|
|