ومن دخل بيت التربيون فهو آمن !! سيد القمنى

كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-11-2024, 03:58 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الأول للعام 2007م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-13-2007, 03:54 PM

jini
<ajini
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 30720

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
ومن دخل بيت التربيون فهو آمن !! سيد القمنى

    Quote: ومن دخل بيت التربيون فهو آمن !!

    عندما كنت أطالع كتاب تاريخ الخلفاء للإمام جلال الدين السيوطي قرأت شأناً سبق و أن قرأته في كل مصادر التراث ؛ لكنه هذه المرة أثار أكثر من سؤال ؛ يقول السيوطي مردداً ما هو متواتر عند الجميع علي اتفاق : " أخرج بن مردويه عن مجاهد قال: كان عمر يرى الرأي فينزل به القرآن .. و أخرج بن عساكر عن علي قال : إن في القرآن لرأيا من رأى عمر .. وأخرج بن عمر مرفوعاً : ما قال الناس في شيء وقال فيه عمر؛ إلا جاء القرآن بنحو ما قال عمر" .
    و أخرج الشيخان عن عمر قال : " وافقت ربي في ثلاث ؛ قلت يا رسول الله لو اتخذنا مقام إبراهيم مصلى ؛ فنزلت } و اتخذوا من مقام إبراهيم مصلى /125/البقرة{ و قلت يا رسول الله يدخل علي نسائك البر و الفاجر فلو أمرتهن يتحجبن ؛ فنزلت آية الحجاب ؛ و اجتمع نساء النبي في الغيرة ؛ فقلت عسى ربي أن يطلقكن و أن يبدله أزواجاً خيراً منكن .. فنزلت كذلك ".
    هنا يقف العقل لا يتزحزح عن طرح السؤال الذي ربما كان عند البعض محرماً : لماذا قبل الله من عمر و لم يقبل من بقية الرعية ؟ و هلا يترك ذلك انطباعاً عند المسلمين لشبه قدسية تنال عمراً أو لوجه الحق قدسية تمامية ؟ ثم هلا يعني ذلك ترويض الناس علي أن رأيهم لا يؤخذ به لأن هناك مختارين ربانيين هم فقط من يؤخذ برأيهم ؟ ؛ و أن هذا الشأن القدسي قد نال الراشدين والمبشرين بالجنة و أمهات المؤمنين ؛ ثم تم تعميمه من بعد في المذهب السني علي " كل من رأى الرسول ولو لساعة " و ساعة في بلاغة زمنها تعني " ولو لحظة " ؛ ثم سكبه المشايخ و كل من ادعى الإسلام الدعوى علي نفسه سكباً .
    إن مثل هذه الأسئلة ما كان ممكناً طرحها في ذلك الزمان ؛ لأنه يفترض حقوقاً متساوية لم يكن البشر في جزيرة العرب قد اكتشفوها و عرفوها بعد.
    إن هذه الأسئلة المجهولة عندما تطرح اليوم تكون فرز مفاهيم اليوم بعد رحلة تطور للبشرية منذ زمن عمر و حتى الآن .
    بعقلية الآن ممكن أن نتمنى و نتحسر في آن معاً ؛ كنا نتمني لو رأى عمر رأياً في تداول السلطة و تنظيم الدولة وآليات مراقبة الحكام أو أن يرى ما يراه عامة الشعب ؛ أو أن يرى للمسلمين كلهم حقاً في الترشيح والانتخاب بإقامة مجلس شيوخ ؛ أو حتى جمعية عمومية مثل تلك التي أقامها الروم في القرن الخامس قبل الميلاد بعد كفاح طويل حصل بعدها الشعب على حقوقه السياسية ؛ و أن يكون له في الاقتراع صوت مؤثر ؛ و أن يشارك فيما تسنه الدولة من قوانين بالاستفتاء على القوانين ونتحسر لأن عمراً لم ير ذلك ؛ وما نطرحه هنا من أسئلة هو أسئلة اليوم ؛ و لن تجد لها إجابة مرضية في طيات الماضي العربي . لكن تجربة الرومان تفرض نفسها علينا لنرى الإنسان في سعيه نحو الحرية و ما حققه عبر ذلك السعي .
    حددت دولة روما معنى المواطنة و حقوق المواطن وواجباته ؛ وكان المواطنون هم نسل القبائل الثلاث الأصلية في البلاد ؛ أو من حالفوهم أو تبنوهم . إضافة إلى منح حق المواطنة للغرباء الذين تمنحهم روما المواطنة لما قدموه لها من إخلاص . و مع هذا التاريخ البعيد لم يشهد العالم دولة حرصت على مواطنيها و حقوقهم قدر ما حرصت روما .
    كان المواطن محصناً ؛ له حصانة من التعرض لأي قهر أو عسف أو ظلم أو إرهاب أو إرغام ؛ لأنه كان بإمكانه أن يرفع شكواه ضد أي موظف أو أي سلطة إلى الجمعية الوطنية العمومية .
    كان المواطن عضواً في مجلس مئوي ؛ وكل مائه لها رئيس منتخب ؛ و مجموع الرؤساء يشكل أعضاء الجمعية الوطنية ؛ هم من يختارون الحكام ؛ و ينظرون في الإجراءات التي يعرضها الموظفون أو مجلس الشيوخ لتجيزها أو ترفضها ؛ لأنها كانت هي كل الشعب .
    و مع الاهتمام بالمواطن تقرر أن تكون هي الناظر الوحيد في أي حكم بالإعدام يصدر ضد مواطن ؛ كانت هي من يعلن الحرب و يعقد الصلح ؛ وكان من يدعوها إلى الاجتماع القنصل الملقب بلقب ( التربيون ) .
    طالب الشعب بمزيد من الديمقراطية والحريات ؛ طلبوا أن تكون القوانين مدونة وواضحة ومحددة بدقة شديدة ؛ وأن يتم إعلام الشعب كله بهذه القوانين . ووافق مجلس الشيوخ عام 454ق. م . فأرسل لجنة من ثلاثة قانونيين إلى أثينا لمقابلة فقهاء القانون فيها و علي رأسهم ( سولون) المشهور ؛و كتابة تقرير عن قوانين اليونان للاستفادة بما عندهم ؛ و لم يعتبروا ذلك غزواً ثقافياً بل هم من سعى سعي المتحضرين إلى المتحضرين مثلهم ليتعلموا منهم و ينقلوا عنهم .
    وعاد سفراء القانون بتقرير تم وضعه بيد عشرة قانونيين لروما . وتمت الكتابة لأول دستور قانوني في التاريخ بيد الشعب و بعلم الشعب و بمشاركة الشعب و بقرار من الشعب ؛ و تم عرضه في اثني عشر لوحة علي الجمعية العمومية فعدلت بعض القوانين ؛ ثم أمرت بتثبيت الألواح في السوق العامة حتى لا يكون المواطن الروماني جاهلاً بالقانون الذي يحكمه ؛ لأنه مواطن محترم ؛ ولأنه هو روما نفسها .
    لو حاولنا المقارنة هنا مع ما كان يحدث في جزيرة العرب فعلينا أولاً استبعاد الزمن النبوي لأنه فوق أي مقارنة من أي لون ؛ لكن من جاءوا بعده كانوا بشراً لا أنبياء ؛ ولأنه كان خاتم اتصال السماء بالأرض ؛ فكل فعل و كل أمر تم الأمر به و كل قاعدة تم وضعها ؛ كلها فعال بشر لا علاقة لهم بالسماء ؛ و أنه مادام قد تم وضعها بيد بشر فهي كلها وضعية حتى البخاري و مسلم و كتب السيرة والتاريخ الإسلامي ؛ كلها يؤخذ منه و يرد عليه ؛ كلها وضعي مثل قوانينا الوضعية تماماً اليوم ؛ التي يرفضها أهل الدين بخديعة رديئة لجماهير المؤمنين باحتساب ما بأيديهم ( من عمل الفقهاء و سلوك الصحابة و قرارات المبشرين بالجنة بعد موت الرسول ) ؛ هي مقدسات لا تمس ؛ وهي لم تكن يوماً سوي وضعية من وضع البشر .
    لنبدأ بأبي بكر ؛ الذي احتكر الخلافة لقريش من بعده بحديث كان وحده من رواه" الخلافة في قريش" مستبعداً عن ذلك الأنصار و بالطبع كل مسلم في البلاد المفتوحة . قبيلة واحدة احتكرت سلطان الإمبراطورية بيدها وحدها من بعد بموجب هذا الحديث وحده .
    قال أبو بكر للمسلمين حسبما روت كتب الأصحاب و السير و الأخبار و الحديث أنه سيحكمهم بالكتاب و السنة ؛ لكن ما يطرحه العقل هنا ولا يتزحزح سؤال شديد المنطقية ؛ كيف حكم أبو بكر المسلمين بالكتاب و السنة بينما لم يكن قد تم جمع الكتاب ولا تدوين السنة ؛ و من ثم كانت معظم آيات الكتاب و جل الأحاديث غير معلومة لعامة المسلمين الذين ستطبق عليهم أحكام القرآن و السنة ؛ فتم حكم الأمة بكتاب لم يجمع بعد من اللخاف والأكتاف و العظم و الأحجار و العسيب و الرق ؛ لأن ذلك لم يتم إلا في زمن عثمان الذي أرسل لكل مصر بعد ذلك مصحفاً واحداً .
    كان القانون الذي ستحكم به الأمة التي هي محل تطبيق هذا القانون ؛غير معروفاً من الأمة . وهو السبب الرئيسي الذي أعطى الفرصة للوضّاعين والمفتين و الرواة للدس في القانون الإسلامي من باب تحقيق مصالح آنية شخصية للشيخ أو للسلطان لا فرق ؛ و أصبحت اليوم قوانين مقدسة تتفنن في إذلال المسلمين .
    في روما الوثنية كان الشعب مصراً على تحقيق أعلى المكاسب ؛ كان في روما طبقتين متميزتين هما الأشراف ورجال الأعمال ؛ وكان الشعب بالتساوي بالطبقتين ونال مراده في عام 356 ق.م.و تم تعيين أول شخصية من العامة حاكماً ؛ ثم أصبح العامة يشغلون وظائف الرقباء على الحكام و من هؤلاء العامة كانت تلك الشخصية الكبيرة ؛ القنصل العام الملقب ب ( التربيون).
    كانت أخر خطوات المساواة كأسنان المشط و نيل الحقوق المدنية عام 287ق. م . عندما اكتسبت أحكام الجمعية الوطنية الرومانية قوة القانون حتى لو عارضت في ذلك قرارات لمجلس الشيوخ .
    أما التربيون ممثل الجماهير فقد كان وحده من يملك حقاً عرفه التاريخ بعد ذلك باسم حق الفيتو أي الاعتراض باسم الجماهير ضد أي قرار و كان يعني " أنا أحرم veto ".
    عند هؤلاء الوثنيين لم يبحثوا عن أي رب يكون مسئولاً عن الدولة أو القانون و آليات لتنفذ القانون و رعايته ؛ كان التربيون و بيته و ما حوله مقدساً قدسية مدنية ؛ حصيناً باتفاق الشعب كله على حمايته ؛ لأنه هو من كان يحمي الشعب من أي جور حكومي ؛ باب بيته مفتوح أربعاً و عشرين ساعة ؛ يلجأ إليه كل مواطن ليضمن محاكمة عادلة أو يقدم شكوى عادلة ضد الحكومة .
    إن توفير الآليات التي تشرف علي حماية القانون و إعلام الناس به و السهر علي تنفيذه بمساواة لم تتوفر في دولة الإسلام ؛ لذلك ضل الجانب النظري الجميل طريقه وظل نظريا ، من قبيل: متى استعبدتم الناس و قد ولدتهم أمهاتهم أحراراً ؛ اضرب بن الأكرمين .
    بما فهمنا ما يحدث في روما تعالوا نقرأ هذه الحكاية عن عمر قبل أن يكون خليفة ؛ ذهب صحابيان إلى النبي يختصمان في شأن لا علاقة له بشأن ديني أو تعبدي ؛ إنما هي خلافات دنيا و مكاسب ؛ فحكم النبي لأحدهما علي الأخر ؛ فلم يرض المضار من الحكم و طلب أن يوفدهم إلى عمر ؛ فلم يزجره النبي و لم ينزعج ؛ بل أرسلهما إلى عمر ؛ فحكيا له الحكاية ؛ فقام إلى سيفه و أطاح برأس من لم يرضى بحكم النبي و قال : " هكذا أقضي لمن لم يرض بحكم الله و رسوله ".
    لو كان هذا القتيل في روما ربما أمكنه أن يرفع أمره إلى الجمعية العمومية أو إلى التربيون قبل قتله . لم يكن هناك قانون سماوي لإدارة الأرض ؛ لو كان المطبق في الأرض في الجزيرة قانوناً سماوياً لكان عهد عثمان أكثر عهد الدولة أمناً و رضاء ؛ لأن في زمنه جاءت غنائم الفتوحات بشراً وسبايا و أموالاً و جواهر ؛ ولأنه هو نفسه ذو النورين الذي استحت منه الملائكة ؛ و هو ما كان يجب أن يكون مسبباً للأمن بالضرورة مع قانون سماوي بالفرض ؛ و لكن ذلك لم يحدث ؛ ولم يكن باب عثمان محصناً لعدم وجود أي آليات أو قوانين واضحة في شأن الموقف الجديد المتأزم ؛فتم قتل عثمان على أيدي الصحابة شر قتلة ؛ بينما لم يكن التربيون آمناً وحده فقط ، بل أيضا بيتة ومحيط بيتة؛ بل أن من دخل بيت ( التربيون ) كان آمناً .
    ليس المقصود من هذه المقارنة إبراز تفوق شعب على شعب ؛ أو قانون على قانون ؛ لكنها بالقطع لإبراز تفوق الآليات الحقوقية الرومانية ؛ مع انعدامها تقريباً في جزيرة العرب .
    فماذا يمكن أن نستنتج من ذلك؟ ماذا يمكن أن نستنج من قول كتب السير و الحديث أن أبا بكر قرر الحكم بالكتاب و السنة بينما لم يكن هناك كتاب معلوم ولا سنة مدونة معلنة ؟؟
    النتيجة هنا مع علمنا بمكانة أبي بكر و موقعه في الدعوة أن الفهم الواجب هو أنه كان يحكم بضميره الشخصي كأكبر صحابة الرسول و صديقه المصدق ؛ لأنه لم يكن هناك قانون ؛ النتيجة الثانية هي أن الله لم يهب الدولة الإسلامية دستورا ًو قانوناً لنظم حكمها و إداراتها عن عمد ؛ كما سكت عن كثير من الشئون ليتركها لنا مساحة حرة طليقة نفعل فيها ما نشاء وقتما نشاء بالطريقة التي نشاء ؛ لكن قناصي التاريخ و شذاذ الآفاق تمكنوا مبكراً من السطو علي معظم المساحات الحرة التي تركها لنا الله نفكر و ندبر وننتقي أي النظم في الحكم أنفع لمصالحنا .
    إن كل فتوى كانت تصدر ومازالت تحمل في بعضها تحريماً جديداً ؛ و كل تحريم هو اقتطاع لجزء من حريات الناس لضمها تحت عباءة المقدس و أصحابه ؛ هذا رغم أن فتاواهم تلك بدورها وضعية فلا يأتي الوحي أياً منهم مهما كبر شأنه علينا ؛ لقد انتهت أيام وضع الحديث بموت القادرين علي الاختراع و الوضع من الصحابة والتابعين لأنهم كانوا صحابة وتابعين ؛ لذلك حلت الفتوى محل الحديث الموضوع ؛ تدخلت في كل شأن حتى اعتاد المسلم أن يستفتي في شئون تشير أحياناً إلى طلاسم من غباء متراكم ؛ و أحياناً إلى نفس هانت على نفسها فصارت عبدة ؛ و أصبح الاستفتاء خضوعاً لحديث نبوي ؛ فكلاهما يشغل الأخر و يشتغل به " لا خاب من استشار ولا ندم من استخار " .
    عندما طلب الرب من بني إسرائيل أن يذبحوا بقرة ؛ و سكت ؛ كان عليهم استثمار مساحة الحرية المتروكة لهم ويأتوا بأي بقرة ؛ لكنهم كانوا لزجين يتمسحون بالدين أكثر مما هو مطلوب منهم ؛ و يتقربون إليه بأكثر مما يطلب منهم ؛ و يلحفون في الفتوى بحثاً عن مزيد من القيود و ضياع المساحات الحرة ؛ فسألوا ربهم عن لونها و شكلها و سنها ؛ اليهود فعلوا ذلك عندما كانوا في التيه
    ضائعين ؛ و هو ما يفعله المسلمون اليوم . وهم في قاع العالم الثالث نائمين .
    هكذا تقدست عند المسلمين أساليب و أفكار و أشخاص و آراء شخصية بتقديس الصحابة دون احترام للأمانة التاريخية و العقلية ؛ الأمانة التي هي خاصية الإنسان بين كل مخلوقات الله ؛ لأنها اختياره ؛ لأنها حريته ؛ و لأن الله يعلم معني هذه الحرية و تلك المسئولية فقد خلق لها الإنسان و كلفه بها و لم يكلف لا الجن ولا الملائكة .هذه الأمانة سُرقت منا منذ فجر التاريخ الإسلامي عقب انقطاع الوحي بسويعات ؛ عندما استلم البشر شأننا و عاملونا ليس بحسباننا رعية ؛ لكن بحسباننا عبيد الله ؛ الذين هم وكلاؤه؛ لذلك كان لابد أن تفشل الدولة في حماية خلفائها ؛ وأن تفشل في درء الفتنة و التصدي لها ؛ وتفشل في خلق آليات تحمي الكعبة من الضرب بالمنجنيق و من الحرق ؛ لأنها صادرت ما كان مساحة حرية ربانية ممنوحة للناس بسكوت الوحي عنها .لذلك كان باب الدولة الإسلاميا نهباً للفتن ؛ و لذلك بيت التربيون لمن دخله كان آمناً .
    إنهم يشيعون بين البسطاء أنه لا يجوز التخلي عن الدستور السماوي والاتجاه للقانون الوضعي ؛ و يجعلون ذلك إنكاراً لمعلوم من الدين بالضرورة . رغم أن كل فقهنا بل كل مدوننا وضعي عدا القرآن وحده .
    الغريب أن الإخوان المسلمين ظلوا على هذا المبدأ طويلاً " الإسلام ديننا والقرآن دستورنا" ؛ ثم تخلوا عنه بكل يسر و سهولة و هم " المسلمون " اتجاهاً نحو الديمقراطية الوضعية وقوانينها الوضعية ؟ ألا يعني ذلك أن هناك دسيسة تاريخية في المسألة ؛ ثم بموجبها استبدال " القرآن دستور ديننا " ب " القرآن دستورنا" .
    نعم القرآن دستور ديننا ؛ لكنه لم يقل لنا يوماً طريقة الحكم التي بموجبها يكون هو دستورنا . و هل بهذا المعني الذي يسببه إرباك الإخوان وإخوانهم من مدعي الدعوة للناس البسطاء أن يكون القانون الديمقراطي الوضعي هو الإصلاح لقانون رباني ؟ .
    ألا يعني ذلك أن الوضعي أصبح الأرقى و القيم علي الرباني ؟ بينما عندما نعترف أن السماء قد تخلت عمداً عن وضع أي قوانين للسياسة أو الحكم أو الاقتصاد أو غيرها من شئون الحياة ؛ و تأكد ذلك عندما لم يسم النبي خليفة له من بعده ؛ لأنه لو حدده ما حدث اجتماع السقيفة فقط لاختيار الحاكم ؛ دون اختيار حتى نظام بعينه للحكم . بدليل اختلاف الراشدين الأربعة في طريقة تولي كل منهم للحكم ، عندما نعترف بذلك نحترم انفسنا و ديننا و دنيانا .
    إن تجنيب القرآن مناطق المصالح والزلل السياسية و تفاصيل إدارة الدولة هو الإخلاص الحقيقي للقرآن للارتقاء به عن مناطق مزالق ملغومة تاريخياً و حالياً ؛ كان الله يعلم أن الدنيا تتطور و أنه ستكون هناك أمريكا و أوروبا ؛ و لم يضع لنا خططاً بشأن ذلك و لم يحدثنا عنهما ولا عن تلك الأحداث ؛ لأنه كان مستقبلنا ؛ مستقبل البشرية الذي تركه لها الله لتصنعه حتى تكون مسئولة عنه ؛ كما ترك لنا ذات الشئون بأيدينا ؛ و شئوننا تختلف يوماً عن يوم و تتعقد يوماً بعد يوم؛ و تظل كلمة ربك الثابتة الواحدة كريمة مصانة بعيداً عن عبث العابثين و استثمار الإنتهازيين .
                  

02-14-2007, 01:46 AM

Sabri Elshareef

تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 21142

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ومن دخل بيت التربيون فهو آمن !! سيد القمنى (Re: jini)

    شكرا جني

    القمني رجع واتابع سلسلة مقالاته

    واطبعها واوزعها
                  

02-14-2007, 01:57 AM

Sabri Elshareef

تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 21142

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ومن دخل بيت التربيون فهو آمن !! سيد القمنى (Re: jini)

    لقد عادوا بنا الي العصر الحجري / سيد القمني




    بينما كنت أقرأ إعلانا بصحيفة الأخبار القاهرية عن توافر ألبان الجمال وأبوالها طازجة بخدمة توصيل إلى المنازل ( دليفرى ) ، لعلاج كل الأمراض المكتشفة والأمراض التى لم تكتشف بعد، وأسأل نفسى عن رقابة الدولة على هذه الأدوية المباحة، على الأقل لعدم غش بول الجمل بأبوال أخرى لا تحمل علاجا، بل ربما مرضا مستطيرا، لمحت الخبر العاجل على تليفزيون العربية، وأدرت القنوات فوجدته على قناة الجزيرة، كان آخر الأخبار التى نود سماعها مرة أخرى بعد أن اكتوينا بالإرهاب الإسلامى.
    ساعة وأنا أنتظر قول مصر وتلفازها حتى قالت قنواتنا بينما المصيبة منها فى الجوار، وداخل الوطن وليست فى الصين ولا فى بلاد السند، ساعة حتى قالت قنواتنا وأنا أحبس أنفاسى حتى لا تقول إنها أنبوبة غاز كما قالت بشأن طابا لتعود منكسة الرأس لتروى الحادث بعد أن رواه كل العالم وعرفه كل العالم، كان موفد الفضائية المصرية لخان الخليلى يبعثر أى كلام كتب له «رجال الأمن مسيطرون على الوضع خالص، وفيه واحد أمريكى مات اسمه مايكل، أما الذين سيتعرضون للقتل من الجرحى فعددهم كذا»، ولم أفهم العبارة الأخيرة فى كلامه حتى هذه اللحظة التى أكتب فيها مقالى هذا!
    هل مثل هذا الإعلام أو الإعلان والعقل الذى يقف وراءه بقادر على فرز غير هذا الانتحارى؟! هل إعلان كالذى نراه باسم الإعلام أو نقرأه فيما يسمى بالصحف القومية يمكنه أن يؤسس لجيل غاضب ومغيب الوعى والمواطنة غير دفعه إلى الإرهاب دفعا؟! إن كل مشهد فى إعلامنا المرئى أو فى صحافتنا الغراء يغذى إرهابيا جديدا بالزاد الفكرى لتأكيد يقينه بالجنة، وتكون النتيجة مشاهد الدم والقتل والحرق فى الوطن، إضافة إلى ما يظهره هذا الإرهاب من ضعف للدولة، ويظهر مفهوم الاستقرار على أنه فقط استقرار إعلامى.
    أهلى أهل مصر، إنى أدعوكم للاعتراف بأن الإرهاب لم يتم القضاء عليه، ولن يتم القضاء عليه، لا باتفاقات ولا بتبادل التنازلات، ولا بقدرة وزارة الداخلية وحدها، لأننا فى هذا الحال نحملها ما لا طاقة لها به، فتتفرغ له، وتترك الشارع سداحا مداحا بعد ذلك بلقعاً إلا من البلطجية والمرور الحر الطليق بلا ضابط ولا رابط .
    يجب أن نعرف ونعلن ونعترف أن أرض مصر قد استوطنها الفكر المولد والمغذى للإرهاب عن جدارة ونجاح، لأن الواضح لكل عقل صاحٍ أن الخطاب الدينى الحنبلى بتجديده الوهابى هو المسيطر والمتوطن فى أجهزة الإعلام والتعليم فى بلادنا، وأن الاستمرار فى الحديث عن الفئة الضالة التى لا تفهم صحيح الإسلام المدسوسة علينا من الخارج «لا نعلم من دسها بالضبط؟ وهم لا يقولون لنا؟!» هو حديث لزج مريض كاذب وكلنا يعلم أنه كاذب، وأننا نجابهه بالجهاد الصوتى بإعلام وتعليم يقوم على الخرافة ويروج للرجعية والتخلف يركبه الإسلامجية، ويشعل الحرائق فى بلادنا وبلاد الآخرين فى العالم، ويؤجج مشاعر بربرية وهوسا دينيا بلا مثيل فى أى مكان فى الدنيا ولا نظير، إلا البلاد العربية المسلمة على طريقتنا.
    بعد الحادث الأليم فى حضن الأزهر وبين حنايا الحسين، وعبق مصر الإسلامية بالتحديد وبالذات، قام المشايخ يشجبون وينددون بالجريمة النكراء، رغم أن هذا الصبى الإرهابى المنتحر هو ضحية المشايخ رقم «واحد»، هو ضحية حكومة تهاونت مع هذا الفكر فتهاون معهما المجتمع كله، هذا المنتحر لم يتم إنتاجه فى تايوان، ولا فى سنغافورة، إنه منتجنا نحن، إنه يشير إلى عيوب فادحة فى صناعتنا المحلية للتنمية البشرية، هو ليس فئة ضالة لأنه يتكرر ويضرب فى كل مكان، نحن لدينا عيب مدمر فى المصنعية، خاصة لو أخذنا بحسباننا فى قراءة المشهد أن المنتحر ليس مأجورا بدليل أنه انتحر، وأنه لم يقبض مالا لن يفيده بعد أن ينتحر، هذا شاب ذهب ليموت بمحض اختياره، وأضاف إلينا فضلا فقد أخذ معه إلى الجنة زمرة من المصريين الشهداء، ألم يفتِ قرضاوى أن من يموت من المسلمين فى العمليات الإرهابية سيذهب إلى الجنة حتما؟! كانوا زمان يسوقون الناس إلى الجنة بالزواجير، واليوم تطوروا فأصبحوا لا يسوقونهم، بل يأخذونهم معهم وفورا، لكن بالتفاجير.
    يجب أن يشكر المشايخ هذا الإرهابى المنتحر لأنه طبق فكرهم الذى يغطى كل تعليمنا وإعلامنا، وأن نوقره أيضا، لأن دافعه كان الإيمان مع الزهد المطلق فى الدنيا، فضحى بنفسه بينما أى شيخ ممن علموه أو حرضوه لا يملك لا زهده ولا شجاعته ولا إيمانه، لأنه فجر نفسه وأثبت بموته أنه الأكثر إيمانا. لقد صنعنا هذا المتفجر وحببناه فى ربه فأحبه، وأحب أن يلقاه شهيدا، فلماذا يعترض المشايخ عليه وهو التطبيق العملى الصادق لثقافتهم وفكرهم؟! إن هذا القتيل المنتحر أضاف إلينا أفضالا أخرى، ألم يخلصنا من ثلاثة من الكفرة دفعة واحدة، مما يضيف لرصيد المسلمين ويزيد فى خسائر أعدائهم من أى بلد كان، فكلهم كفرة فسقة عرايا فجرة يتبعون الطواغيت؟!
    تعالوا يا أهلى نقرأ معا وصف قرضاوى لمثل هؤلاء المتفجرين بعد أن التقاهم وجالسهم حتى يلتقى المعلم بتلميذه ويمنحه البركة ويدعو له بالتوفيق، يقول قرضاوى بعد هذا اللقاء من بين لقاءات أخرى عديدة: «وأشهد ، لقد خالطت هؤلاء الشباب فى أكثر من بلد إسلامى، وعرفت الكثير منهم عن كثب، فلم أر منهم إلا قوة فى دين، وصلابة فى يقين، وصدقا فى قول، وإخلاصا فى عمل، وحبا للحق، وكراهية للباطل، ورغبة فى الدعوة إلى الله وبراءة من الدعوة إلى الطاغوت، وإصرارا على الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، رأيت فيهم قوام الليل وصوام النهار، والمستغفرين بالأسحار والمستبقين إلى الخيرات». كتابه «الصحوة الإسلامية بين الجحود والتطرف ص 113». فهل هناك قول بشأن الجهاديين أكرم من هذا يقدمه لهم الرجل المقدم والمرجع البحر الفهامة لكل فرقهم؟!
    إن هذا الشاب القتيل لاشك قد توضأ وصلى ركعتين بالحسين شكرا لله الذى هداه لهذا، وما كان ليهتدى لولا أن هداه الله، كما ولا ريب أنه طلب من ربه التوفيق والنجاح فى مهمته المقدسة طالبا الفوز برضاه، وأنه فعل ما فعل وقتل من قتل من أبرياء، وهو هادئ سعيد قوى القلب والأعصاب لأنه يعتقد أن الرب معه وأنه سيثبت أقدامه يوم الزحف، وأنه سيعززه ساعة إتمام المهمة العظمى، وأنه سيكون من خيرة شباب الجنة، التى سيحسده عليها كل رفاق سنه فى المدارس والمعاهد يتعلمون نفس النظرية تعليما وإعلاما، ويتمنون علامة أو حلما كإشارة لاختيار إلهى بالتنفيذ، فلم يعد مهماً أن يكون المنتحر ضمن جماعة منظمة، لأنه يستطيع أن يذهب الآن وهو فرد إلى الجنة ضمن جماعة من المسلمين الشهداء رغم أنوفهم تستقبلهم الملائكة بالدفوف تزفهم إلى الفردوس زفا، لأنهم صدقوا ما عاهدوا الله عليه، أليس هذا ما نعلمه لهم ونبثه لهم ونسطره لهم بصحفنا وفى كل سطر قنبلة؟!
    إن هذا القتيل المتفجر ليس من عبدة الشيطان، ولم يتلق تعليمه على يدى إبليس الملعون، ولم يكتسب ثقافته لا من المغضوب عليهم ولا من الضالين، بل إنه تثقف بثقافة أقنعته فآمن بها كغيره من ملايين، بعضهم يعمل طبيبا يستطيع أن يقتل من شاء وقتما شاء تقربا إلى الله وبعضهم طيار يستطيع أن ينتحر بطائرته وقتما شاء، وبعضهم يعمل فى المصانع ولا يعلم إلا الله ماذا يضعون لنا فيما يصنعون، وبعضهم أستاذ جامعة ينفخ فى عقول الصبية فقه القتل، لكن هذا القتيل الانتحارى كان الأشجع لأنه امتلك جرأة فعل الإيمان العلنى، وفعل بعد أن قدمت له دولته هذه الثقافة، فهو لم ينشأ خارج مصر، بل تربى على ترابها ومات متصورا أنه المخلص الوحيد لربه!. إن هذا الانتحارى لم يتعلم على مناهج الطاغوت الأمريكى ولا على علم مستورد من إسرائيل، إنما هو صنعنا وهو زرعنا وهو لم يأتنا قافزا من المريخ، وهو ليس نبتة شيطانية، بل هو فرد ضمن ثمار ترعرعت ورعاها مجتمع بأكمله، هم إنتاجنا ومدموغون بخاتم ثقافتنا.
    هذا المتفجر كانت فى عقله وقلبه نماذج بطولة إسلامية درسها فى مدارسنا مثل خالد بن الوليد ومحمد بن القاسم وعمرو الفاتح والقعقاع، وامتدادهم البطولى حتى اليوم عبر إعلام يقول أن تفجيرات العراق مقاومة، فيصبح بن لادن كالقعقاع وابن الزرقاوى كابن الوليد، ومنهم أبطال أخر ميامين كابن هويدى وابن قرضاوى وابن عاكف، لا يقاتلون إنما يعلمون وينظرون ويفتون ويحللون ويحرمون ويدربون الأرواح ليطاردوا الخونة والكفرة والعلمانيين والمتحللين من عرايا الفرنجة، إنهم بلغة زماننا «مضيفات» الطريق إلى الجنة أو مضيفون يزنون فى عقول أطفالنا فيعتادون هذا اللون البشع من الزنى الفكرى، ويتبعون أسوأه، وعند الصبا وفورة الشباب مع فورة الغضب ينفذون، بينما يستمتع الزناة بعقول أخرى جديدة يتم تأهيلها .
    إذن ما العيب فى شابنا المتفجر إن صدق الكتاب المسلمين واستجاب لهم واستبق للفوز بالخيرات، لتخليص البشرية وتطهيرها من بعض الكفار؟! لقد قتل ثلاثة، ولو استطاع لقتل ثلاثةالاف كما حدث فى سبتمبر 2001، ولو استطاع لقتلثلاثة ملايين حتى يكون ثوابه أكبر، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها، إنها كوميديا سوداء تدمى الكبد وتحرق القلب وتحشرج النفس ألما ووجعا على مصر وشبابها الذين هم وحدهم رصيدها ولا رصيد غيرهم، فإن ذهبوا فقد ذهبت معهم مصرنا، واللهم لا حول ولا قوة إلا بك يا حنّان يا منّان. «أنظر لمصر بشفقة».. هذا كان نداء المصرى القديم لربه فى الملمات.
    إن هذا الشاب المتفجر وياويلتنا على أهله وعلى أمثاله من شباب كنا ننتظرهم منجزين منتجين مخترعين مكتشفين مبهجين، قد قرر اختصار الطريق واللحاق بسابقيه من شهداء الحادى عشر من سبتمبر وشهداء الفلوجة وشهداء السعودية واليمن والشيشان وكشمير وأفغانستان وقطر والمغرب، أراد أن يحضر الزفة السماوية جماعة، وهم إن ذهبوا فرادى، أو ذهبوا جماعات فكلهم حافظ للقرآن ومن خير التقاة، مصل متوضئ، كلهم يؤمنون بأن ما يفعلون هو فى سبيل الله، وأنه كلما كان عدد القتلى أكبر كان رضى الرحمن أعظم، وكانت سعادته أكثر. إن هذا المتفجر هو ثمرة فى شجرة يقولون له أن أصلها ثابت وفرعها فى السماء، هو إنتاج ثقافة هدفها الأوحد إرضاء الله حتى لو شربوا البول تصديقا وإثباتا لهذا التصديق، هدفها إرضاء الله بموجب فقه الجهاد بسفك الدماء البريئة، بعضنا شارك فى صنع هذه الثقافة بصمت الخصيان، وبعضنا شارك فيها بالصمت السعيد مشاركا، ولكن بتقية تساند بالقلب وتستنكر فى العلن، فالمتفجر شارك بيده، والمفكر الإسلامى يشارك بقلبه ولسانه إن أمكن، أو الاكتفاء بالقلب وهذا أضعف الإيمان، حتى لا تسمعه أمريكا والعالم الحر فيخسفون به الأرض خسفا، هو ومن يؤويه، وصاحبته وبنيه.
    إن أمريكا لا تمانع فى القتل، ولكن من غير شعبها، وفى سبيل مصالح شعبها ومكاسبه، أو فى سبيل نشر الديمقراطية كى لا تفرز لها شعوبنا إرهابا، ولكنه فى النهاية كله قتل، وكله فى سبيل المصالح، لكن أمريكا أو أية دولة فى العالم الحر ترفض أن تقتل فى سبيل الله، لأنها ترفض تلويث الطريق إلى الله بدم عباد الله، إنها لا ترى مشكلة فى أن يكون الطريق إلى الديمقراطية والحرية مخضبا بالدماء، فقد قال التاريخ وأكد أنه الثمن الضرورى للحرية، إنه سفك دماء فى سبيل الدنيا ولهوها وسعادتها وترفها وفرحها، لكنهم لا يقتلون أبدا فى سبيل الله، لأن سبيل الله بالضرورة لابد أن يكون طاهرا وغير ملوث بدماء الأبرياء، لأن الله ليس رب دماء، فالاعتقاد برب يتم التقرب إلية بالدماء ، كان اعتقاد إنسان العصر الحجرى، وما قبله من عصور، وكان اعتقاد تلك الكـــائنات البدائية أن الله لا يرضى عنهم إلا بأضاحٍ بشرية منهم تقدم إليه مذبوحة أو محروقة ليهدأ غضبه، وكان آخر ذبح من هذا اللون هو زمن أبى الأنبياء إبراهيم، الذى أعلن الله من خلال تجربته مع ولده أن اليوم ليس كالأمس الوثنى، وتم الدرس فى فداء ولد إبراهيم بالكبش إعلانا عن إنهاء زمن الأضاحى البشرية.
    لقد تعلم هذا المتفجر ثقافة الفتح والقتل والسبى وركوب النساء دنيا وآخرة فى متعة أبدية، تعلم هذا فى بلاده، علمه له التليفزيون، علمه له الكتاب فى المدرسة، علمه له المسجد، لكن بلاده غاب عنها أن تعلمه ما كان فى وعائها الحضارى القديم، عندما كان المصرى يبتهل إلى ربه قائلا: «إنى لم أتسبب فى بكاء أى إنسان. إنى لم أرتكب القتل. إنى لم أحرض على القتل. إنى لم أسبب التعاسة لأى إنسان. إنى لم أرتكب الزنى». لم تقل ثقافة المصرى لشبابها وهى تعلمهم هذه النصوص ان هناك فروقا بين البشر ، بل جمعت الناس كلهم فى عبارة متكررة «أى إنسان». واستبشعت القتل مع «أى إنسان»، بينما المتفجر تعلم ثقافة تفرق بين دم المسلم وغيره، وتحرضه على القتل وتبيحه له مع من خالفنا مذهبا أو دينا، ولم تقل «إنى لم أرتكب الزنى» على إطلاقه لأنه من الزنى ما هو مباح مع نساء الأعداء. أين ترون مشايخنا قد ذهبوا بنا؟ لقد ذهبوا بنا إلى زمن أبعد إلى الوراء من الزمن الفرعونى، لقد ذهبوا بنا إلى زمن الأضاحى البشرية للآلهة الوثنية التى لا ترضى إلا بالدم، لقد ذهبوا بنا إلى العصر الحجرى.
                  

02-14-2007, 09:24 AM

Mustafa Muckhtar
<aMustafa Muckhtar
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 547

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ومن دخل بيت التربيون فهو آمن !! سيد القمنى (Re: Sabri Elshareef)

    الأخ جني

    ما أجملك و أنت في سعيك الدؤوب لنشر الضوء و تبدبد الظلام

    أتابع بشغف كل الاشراقات التي تسعد بها عقولنا

    والتحية لك أخي صبرى و التقدير لكل ما تكتب

    مصطفى


                  

02-14-2007, 10:01 AM

jini
<ajini
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 30720

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ومن دخل بيت التربيون فهو آمن !! سيد القمنى (Re: Mustafa Muckhtar)

    صبرى ومصطفى
    من الود أصدقه
    ما أحوجنا لأمثال المستنيرين من أمثال القمنى لخراجنا من هذا النفق المظلم لنلحق بركب اخوتنا فى الانسانية الذين سبقونا بمئات القرون!
    جنى
                  

02-14-2007, 01:24 PM

doma
<adoma
تاريخ التسجيل: 02-04-2002
مجموع المشاركات: 15970

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ومن دخل بيت التربيون فهو آمن !! سيد القمنى (Re: jini)

    شكرا جزيلا يا جني وصبري الشريف
                  

02-14-2007, 02:05 PM

atbarawi
<aatbarawi
تاريخ التسجيل: 11-22-2002
مجموع المشاركات: 987

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ومن دخل بيت التربيون فهو آمن !! سيد القمنى (Re: Sabri Elshareef)

    up
                  

02-14-2007, 02:57 PM

Sabri Elshareef

تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 21142

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ومن دخل بيت التربيون فهو آمن !! سيد القمنى (Re: jini)

    كهنة دولة الظلم

    وقد أجمع العلماء على أن من أنكر معلوما من الدين بالضرورة.. فإنه يكفر بذلك ويمرق من الدين، وعلى الإمام أن يطلب منه التوبة والإقلاع عن ضلاله، وإلا طبقت عليه أحكام المرتدين». هذا النص الفاشي بامتياز هو من أقوال قرضاوي في كتابه «الإسلام والعلمانية» ص134. ورغم هذه الفاشية المتطرفة فإن قرضاوي يعلن للعالم المتحضر تمسكه بمبادئ الديمقراطية وقيمها وإيمانه بها، وهو عارف عن يقين بالأسس التحتية للبناء الديمقراطي المتمثلة في حقوق للإنسان التي يجب أن يسلم بها من يقبل الديمقراطية منهجا، وأول هذه الحقوق وأهمها هو حق الاعتقاد حرا مطلق السراح من أي شروط، لأنه علاقة الإنسان بضميره حيث المساحة التي لا يمكن دخولها أو قهرها، كذلك حق الاختلاف وإعلان الرأي المختلف على الناس بكل الوسائل السلمية المتاحة والممكنة. ومع ذلك فإن قرضاوي الديمقراطي يقرر علينا شيئا اسمه حد الردّة، وهو المسمى والمعنى والشكل والمحتوى الذي لا يعرفه صحيح الإسلام البكر، ولا وجود له في دين المسلمين حتى وفاة النبي «ص» وانقطاع الوحي.


    ومن العبارة القرضاوية لا يطبق هذا الحد فقط على من قرر وفق حق الاعتقاد الحر أن يخرج من الإسلام إلى ما يقبله قلبه ويرتاح إليه ضميره في دين آخر أو إلى لا شيء، لا فرق، بل إنه يطبق بالأساس على المسلم الذي يلتزم أوامر ونواهي دينه، ويحترم هذا الدين ويرجو له السلامة، لكنه يختلف مع سدنة الدين الذين عينوا أنفسهم كهنة للمسلمين وسموا أنفسهم بالعلماء دون وثائق ثبوتية تفيد موافقة المسلمين على هذا التعيين، خاصة إذا كان هذا الاختلاف متعلقا بفهم شأن من شئون الإسلام التي قررها السدنة وليس الله على العباد، لأنهم قرروا فهمهم للنصوص المقدسة فهما وحيدا هو الصح المطلق وعداه باطل مطلق. وتكون أي محاولة تفكير أو إعادة فهم أو إعلان رأي جديد من الشأن الديني خروجا على المستقر عبر تاريخنا بغض النظر عن كون هذا المستقر من صلب دين المسلمين، أو عن كونه إضافات بشرية من نوع مكسبات الطعم واللون والرائحة المضافة، لصالح فئات دون فئات، ولمصالح دنيوية محض، تحولت بالتقادم إلى مقدسات مضافة إلى الإسلام البكر الأول.


    ومن ثم يتم دفع أي محاولة فكرية جديدة في قراءة النصوص بالمروق والزيغ على القاعدة التي يقولون أنها إسلامية وهى «الخروج عن معلوم من الدين بالضرورة»، رغم أنها ليست بقاعدة وليست بإسلامية.. ووفق هذه القاعدة المبتكرة في زمن دولة الظلم الإسلامية تصبح عقوبة التفكير بفهم جديد أو إعلان رأي مختلف هي الموت!. لقد جمع قرضاوى في هذه العبارة كل مقومات الفاشية الإسلامية دفعة واحدة، في كتاب لا يقرأه إلا المتهم بالكتاب القرضاوي، ومن ثم فهو يعلن لقرائه هؤلاء التزامه بقواعدهم، لكنه على الجانب الآخر يعلن لنا من دولة قطر تحت أزيز طائرات العم سام ونعال جنود المارينز إيمانه التام واليقيني بقيم العم سام، ولأن وجود هذه القوة العظمى في منطقتنا لم يعد سامحا بأي مغامرات للوصول إلى الكرسي الأعظم، ولا بأي أشكال انقلابية، ولم يعد ممكنا سوى سلوك الطرح الأمريكي بقبول الديمقراطية لأنها أصبحت من الآن السبيل الوحيد والأقوم للوصول إلى الكرسي الكبير في الوطن. لكن عبارة قرضاوي هنا مع موقفه المعلن للديمقراطية وأصلها تكشف عن الوجه الحقيقي للفاشية، حتى لو اختفى هذا الوجه وراء ألف قناع، وهو اكتشاف يشير إلى مساحة في الضمير الرديء والتقية الخبيثة في إخواننا الإخوان ورجلهم المقدم قرضاوي، الذي هو مرجعية الجميع ممن يسجل موقفه بالقلم تقيةً إلى من يسجل موقفه بالرشاش صراحة. وقد سبق لصاحب هذا القلم ولمفكرين آخرين أن قدموا أدلتهم الشرعية الدامغة على عدم وجود شيء في دين المسلمين اسمه حد الردة (ارجع لكتابنا شكرا بن لادن من ص197).. ورغم ذلك فإن قرضاوي وكل القرضاويين يصرون على إدخال الإسلام ما ليس فيه، وهو موقف قد يبدو في ظاهره غير مفهوم إذا كانوا يطلبون الإسلام وربه وليس متاع الدنيا ومكاسبها، لكنه سيكون مفهوما تماما لو كان الغرض هو هذا المتاع تحديدا أو تلك المكاسب بالذات. خاصة أن هذه المكاسب ستكون من أردأ ألوان المكاسب وأسوأها دينا وخلقا، لأنها ستكون عائد التجارة بديننا وتزييفه على المسلمين البسطاء الطيبين، طلبا لمكاسب وعوائد وبلهنية عظيمة عاش فيها فقهاء دولة الظلم والطغيان طوال عصورها، فكانوا الكاسب العظيم من التجارة بالله وبالناس، لأنهم دوما كانوا اللاعب الأوحد في الساحة.


    إذن قرضاوي يقرر علينا حد الردة وهو الحد الذي يشير إلى عدم الإيمان بأبسط حقوق الإنسان ناهيك عن بقية الحقوق التي تفترضها الديمقراطية مثل إبداء الرأي المختلف، وهو أيضا الممنوع قرضاويا إذا تعلق بشأن إسلامي مستقر، رغم أن هذا المستقر بكل كتبه التي تملأ أرفف المكتبة الإسلامية هو إضافات بشرية لا علاقة لها بالسماء. وبالذات هذا الذي يسميه حد الردة الذي لم يعرفه الإسلام والمسلمون إلا مع زمن الخليفة الأول أبى بكر، وذلك لشأن سياسي تاريخي معلوم لكافة من اطلع ولو يسيرا على تاريخ تلك الفترة في جزيرة العرب، وتم وضعه لتحقيق شأن سياسي لصالح خلافة أبى بكر وبهدف القضاء على المعارضين لخلافته باسم الإسلام، والإسلام مما حدث براء. ويربطون حد الردة بقاعدة الخروج عن معلوم من الدين بالضرورة الذي هو بدوره قاعدة فقهية بشرية لا علاقة لها بزمن النبوة، خاصة أن هذا المعلوم بالضرورة شيء مطاطي يتسع لكل التهم الممكنة والتي تبدأ عادة بطاعة أولى الأمر منا، وأولو الأمر هم حلف السلطات والفقهاء في الدولة الإسلامية، وهو حلف يقوم على مبدأ يقوله قرضاوي فصيحا «ومن لا يستشير أهل العلم والدين من الحكام فعزله واجب، ذاك ما لا خلاف عليه/ ص120». ومن قبيل التهم المعرّفة بالخروج على هذا المعلوم بالضرورة ما جاء عند الإخوانجي الأشهر السيد سابق في كتابه فقه السنة، في تهمة لا تشكل معلوما ولا هي ضرورة في دين المسلمين، ألا وهى «إنكار رؤية الله يوم القيامة».


    لذلك فمن أراد أن يقرأ نصوص القرآن بتأويل يترفع بالله إلى مستوى كماله فلا ينزله منزلة الحس المرئي وينكر عليه التجسد لما فيه من نقص، يكون قد أنكر معلوما من الدين بالضرورة عند السدنة الكهنة. ويتضح هنا مدى الاتجار بالدين استقواء بالسياسة حيث فيها تبادل المنافع التحالفية مع السلطان، إذ إن الإصرار على تجسيد الله هو مذهب أهل السنة وحدهم خاصة فرعها الحنبلي وتجديده الوهابي، وهو ما تخالفهم فيه معظم فرق المسلمين طوال تاريخ المسلمين. ولكن لأن المذهب السني هو كان رفيق السلطان في دولة الإسلام، وهو الذي انتصر على بقية المذاهب بانتصاره للسلطان ومنطق القوة، فقد قرر أن يجعل من رأيه في شأن كهذا دينا وعقيدة مفروضة، من ينكرها يكون قد أنكر معلوما من الدين بالضرورة. انظر في ذات الكتاب مثالا آخر لمثل تلك الإنكارات المؤدية إلى الذبح. أن ينكر المسلم الصراط الذي هو شعرة كالسيف يتسع للمؤمن ويحتد لغيره فيسقط في الجحيم، وهي قصة تنكرها كثير من الفرق والتفاسير لعدم اتساقها مع باقي تفاصيل مواقف مشهد البعث والحساب حسب الرؤية الإسلامية. لكن إنكار هذا الشأن الفسيفسائي في مشهد كبير من مشاهد لم تأت بعد، بل إنها من شئون الغيب المجهول، هذا الإنكار يؤدي بالمسلم إلى الموت، رغم أن المسلمين لم يتفقوا يوما على التسليم بهذه الروايات اللهم إلا السنة الحنبلية المنتصرة وحدها، والتي فرضت على المسلمين مفاهيمها دينا. ثم يظل السؤال يلح على الإصرار على حد رهيب كحد الردة وهو ليس من الدين في شيء؟ بالطبع لابد من العودة هنا إلى زمن حرب دولة المسلمين في الزمن البكري للمعارضين الذين منعوا الزكاة عن العاصمة وتم وصمهم بالردة، ولأن أبا بكر أمر بقتالهم وقتلهم فكان الاستنتاج هو أن تكون عقوبة الردة هي القتل، نسبة للفعل البكري. ومن الطبيعي أن يتساءل المسلم: هل كان أبو بكر شخصا مقدسا يمكن أن يضع للمسلمين شرائع جديدة وحدودا جديدة؟ ألا يعني ذلك أن الرسول قد قصر في تبليغ كامل رسالته فجاء بعده من يستكملها، وهو ما لا يستقيم مع مفهوم أي رسالة، وبالطبع لا يستقيم بالمرء مع قرار القرآن بختم اتصال السماء بالأرض بوفاة النبي الخاتم. هنا كانت مهمة فقهاء الحلف لتسويغ الفعل البكري بعد أن أثبت فعاليته في قمع المعارضة بالسيف، وضرورة التسويغ لهذا الفعل الكبير كانت ضرورة لازمة لتأكيد شرعية الخليفة في الحكم رغم هذا الفعل الذي رفض فيه مشورة كبار الصحابة وعلى رأسهم ابن الخطاب وحارب مسلمين لم يتنكروا لإسلامهم وقاتلهم وقتلهم ومثل بهم، هنا لم يكن باليد من حل سوى تقديس شخص الخليفة حتى تتقدس أفعاله ويصبح فعله شريعة إسلامية، وهنا يقول قرضاوي بحسبانه استمرارا لذات المدرسة السياسية الإسلامية: «فما أجمله القرآن من أمور بينته السنة النبوية.. وأكدته سنة الراشدين المهديين، الذين اعتبرت مواقفهم في فهم الإسلام وتطبيقه من السنن الواجب إتباعها لأنهم أقرب الناس إلى مدرسة النبوة/ 18، 19». وهو ما يعني تقديس أشخاص الراشدين الأربعة، ومن ثم تقديس فعالهم التي تحولت إلى شرائع وحدود أضيفت للإسلام وتم تقديسها، ومن ثم تصبح مصادر الإسلام لدى حضرات الكهنة هي القرآن وسنة نبيه وسنة الراشدين المهديين؟!.

    وليس هذا فقط بل سنة الكهنة بدورهم الذين قاموا باستثمار الوضع في إمكانية الإضافة لدين المسلمين فأضافوا بدورهم وجعلوا من فهمهم وتفسيرهم الذي تراكم على مر الأزمان إسلاما آخر غير ما بدأ، والمسكوت عنه هنا في مصادر الإسلام مصدر رابع هو سنة الكهنة. وهكذا توطد الحلف عبر التاريخ ليعطى لدولة الإسلام شروط قيامها الشرعية، وينعم الطرفان بنعيم الدنيا. وحسب تفاسيرهم أيضا هم أول من سينعم بنعيم الآخرة، أما نحن وباقي خلق الله من المسلمين فلنا الصبر في الدنيا وربما في الآخرة أيضا، ودون سلوان بالتأكيد. وليس غريبا على خطابهم المخاتل مع علمهم بتاريخ المظالم في الدولة الإسلامية التي يتغنون بها ويريدون استعادتها رغم كل ما حدث فيها من أهوال أن يقول لنا قرضاوي عسى الغناء يعيدها «إن المسلمين التزموا بالشريعة قرونا طويلة، فاستطاعوا أن يقيموا دولة العدل والإحسان، وأن يشيدوا حضارة العلم والإيمان، وأن ينشروا الإسلام في الآفاق في فارس والروم ومصر/ 144». ويشهد الله أن كل كلمة قالها فضيلته هنا هي زور وبهتان وتزوير على المسلمين الطيبين المصدقين لما يقوله الشيخ، فقط من أجل تجييش الناس طلبا لعودة هذه الدولة، فلا هي التزمت خلال تاريخها الطويل بالشريعة، بل ولا من فجرها مع حروب الردة، ولا هي أقامت دولة العدل والإحسان، ولا هي أقامت حضارة. فالحضارات لو سقطت تبقى منجزاتها مستمرة وفاعلة، لكنها فقط ومضت ومضة أو ومضتين في زمن خلفاء مستنيرين كالمأمون وليس بسبب سادتنا الفقهاء ولا لأن الدولة كانت إسلامية، إنما لتفاعل ثقافات شعوب الحضارات المفتوحة، وهو ما تشهد عليه إضافات العرب لتلك العلوم التي كانت نقلا وترجمة. أما الإضافات الحقيقية فكانت من غير بني يعرب، ولم يحدث ذلك لأن الشريعة كانت مطبقة، لأنها لم تكن مطبقة، ولأن الدولة لم تكن دولة العدل والإحسان بل دولة الظلم والطغيان والقهر لآدمية الإنسان وإذلال كرامة الناس والشعوب المقهورة منذ بدء الفتوحات حتى سقوط آل عثمان. فإن واجه قرضاوي هذه المعضلة صاغ اعترافه باللغة المراوغة القائلة: «وأنا لا أنكر أن هناك من أساء إلى الشريعة على امتداد التاريخ (لاحظ: على امتداد التاريخ هذه) فهما وعملا، لكن هذا ليس ذنب الشريعة فهي منه براء/ 145». جميل.. يعنى الشأن شأن بشر حكموا بشرا بالظلم والقهر باسم الشريعة، وهكذا كانت الشريعة مطبقة، وهكذا كانت الشريعة بريئة، فمن المسئول عما حدث للعباد في دولة الإسلام الذهبية؟ يكرر قرضاوي «إن أخطاء المسلمين وانحرافاتهم على مدار التاريخ (لاحظ مرة أخرى: على مدار التاريخ) إثمها على أصحابها، ولا يتحمل الإسلام وزر شيء منها/ 23». جميل مرة أخرى، لكن هل هكذا تكون الدولة الإسلامية المطلوب استعادتها دولة العدل والإحسان؟ وهل هكذا تم رد الحقوق والمظالم لأصحابها؟ قرضاوي مشغول بالدفاع عن الشريعة وليس الناس، لأن أسلافه في الوظيفة كانوا هم القائمين عليها، أما لو كان الإخلاص هو المقصد فلابد أن يلحق قرضاوي اعترافه باعتراف آخر: بأنها كانت دولة الظلم والطغيان وليست العدل والإحسان، وأن عليه وعلى أمثاله كي يجدوا احتراما بين الناس أن يعلنوا هذه الأخطاء ويعتذروا لكل الأبرياء في تاريخنا وتاريخ من مسهم شرنا في الدنيا، اعتذارا تاريخيا يجمعون عليه، بدلا من خطابهم المراوغ المخاتل عن دولة العدل والإحسان التي امتلأت ظلما وجورا بتعبير عمر بن عبد العزيز لأنها طبقت الشريعة.. لكن الشريعة من ذلك براء؟! ابدأوا بالاعتذار أولا كخطوة تقربكم من الصدق يا سادة عما حدث لبنى يربوع على يد خالد بن الوليد لعلكم ترحمون، اعتذروا يا سادة عما حدث من مجازر ومحارق في فتوح العراق وفلسطين ومصر والشام مع ذل الرجال بهتك عرض النساء. لكن ما لإخواننا مشايخ الإخوان وظلم العباد وقهر الرجال، وذل النساء المذبوحات على موائد السبي بالاغتصاب العلني مادام كل شيء بالنسبة للفقيه على ما يرام وكل أهدافه ومصالحه متحققة، انظر ما يقوله إخوانجي آخر هو الشيخ محمد الغزالي في كتابه «مائة سؤال عن الإسلام»: «إن الخلفاء والملوك الذين ولوا أمر المسلمين بطريقة غير صحيحة، أعلنوا ولاءهم للإسلام.. واستأنفوا الجهاد الخارجي، وتركوا للفقهاء حرية الحركة.. وأن العلم الديني مضى في طريقه يوسع الآفاق ويربي الجماهير ويقرر الحقائق الإسلامية كلها من الناحية النظرية (لاحظ مسألة: من الناحية النظرية تلك). وهكذا عند سادتنا لا مشكلة في دولة المسلمين، لأنها وإن حكمها خلفاء غير شرعيين وبغير حتى شريعة الإسلام إلا أن هؤلاء الخلفاء قد أعلنوا ولاءهم للإسلام، أي ولاءهم لسدنة الإسلام.. فماذا نريد أكثر من هذا؟ ثم إنهم استأنفوا الجهاد الخارجي.. يعنى مزيدا من الذبح والقتل للمسلمين وغير المسلمين كي يصب نهر الغنائم في قصر الخليفة ذهبا وفضة. فماذا نريد أكثر من ذلك مجدا وسؤددا بين الأمم؟ ثم إن هؤلاء الحكام الظلمة الفسقة الفجرة تركوا لرجال الدين حرية الحركة، وهو بالطبع الغرض والمشتهى، فهل بعد ذلك النظام السياسي الجميل نظام؟ لا، بل إن هذا النظام سمح للإسلام كي يمضي في تربية الجماهير على يد رجال الدين ويقيم على الناس وصاية دولة الظلم بكل التبريرات الدينية الممكنة. أما الدين في ذاته فقد أمكن تقرير حقائقه ولكن فقط من الناحية النظرية!! أبشروا يا مسلمون.. هذه دولتكم المرتجاة المنتظرة، وهذا مكانكم فيها ومكان دينكم فيها، فأنتم ودينكم موجودون نظريا فلا أحد يأمن على نفسه من الاختفاء من الوجود بدون سبب، في دولة الإسلام والشريعة ويسمونها «الدولة الإسلامية» وما أكثر ما ظلمنا الإسلام. أترون أين يريد سادتنا السدنة الكهنة أن يأخذونا؟ هل ترون مدى صدقهم في إعلان ديمقراطيتهم؟ المشكلة أنه إذا كان ذلك قد حدث وانتهى في أزمنة مخيفة ماضية سلكت المسلمين في سكة الندامة فانتهى بهم الحال إلى ما هم فيه، فإن التفكير، مجرد التفكير، في استعادة هذه الدولة غير المأسوف عليها، يسلكنا إلى سكة «اللي يروح ما يرجعش»!!
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de