|
|
 حالات مثيرة للذعر
|
وفيما السودان يخطو مترنحا عند حافة التفكك والانهيار مازال أهله يبحثون عن هوية لهم !
ليست هناك أدنى مبالغة فيما أقول ، فالحالة السودانية تشبه إلى حد كبير الحالة العراقية، وقطعا هناك حالات أخرى لم تطفو بعد إلى السطح.
وإذا كانت حالة الارتباك والتخبط في العراق قد اتخذت منحي تجاوزت فيه الأمور أفق المعقول إلى اللامعقول في أفلام الرعب إلا أن البعض يجد تفسيرا تشوبه محاولة خجولة لايجاد العذر ،بما أن هناك اجتياحا واحتلالا فكك الدولة ومؤسساتهاوفتح ابواب العراق أمام الأجهزة الغربية والعربية والفارسية لتعمل سرا أو حتى جهرا تحت أغطية “جهادية “، وبالطبع هناك مقاومة وطنية ، ولكن في مثل هكذا “معامع” ، تختفي الخيوط الفاصلة مابين المقاومة والارهاب ومابين الوطني والأممي (الذي باتوا يسمونة اليوم اسلاميا بعد أن كان حتى البارحة ماركسيا). باختصار شديد العراقيون يحثون الخطى باتجاه تضييع هويتهم “العراقية “ بكل ابعادها ومكوناتها الزمانية والمكانية بحثا عن هويات جديدة طائفية وعرقية وجهوية.
قلت أن الحالة العراقية تشبه نظيرتها السودانية والقاسم المشترك في الحالتين - وهذه مسألة لا بد من أن نضعها في الحسبان - هو أن في الحالتين ، الشعب مغيّب أو فلنقل الشعب في واد يبحث عن لقمة عيشه المر خائفا مذعورا فاقدا الأمن والأمان مشردا في ارض الله الواسعة لكل الآخرين إلا هو فيما المثقفون والسياسيون والشيوخ وأهل اللاهوت والفرقان وأصحاب الدال الزائده (واعني بهم الدكاترة الباحثون) في واد آخر منشغلون “آخر انشغال” في البحث عن الهوية واقتسام السلطة والثروة وهلم جرا . . هل نحن عرب أم أعجام ؟ أفارقة أقحاح أم مستعربون أفارقة؟ نوبة أم مساليت؟ مسلمون أم مسيحيون ؟ مهمشون أم جلابة؟ حاكمون أم مشاركون أم معارضون أم (أيه) الي آخر هذا الحديث الممجوج الذي يخوض فيه مثقفو السودان وساسته وصناع مصيره ومشعلو نار الفتنة والاقتتال والافقار والإذلال ، والناس كل الناس لا يعنيها من هذا إلا انها هي من تدفع الثمن الباهظ : قهرا وتشريدا واقتتالا وفقرا .
بعد نصف قرن من الاستقلال والاحتراب ألم نكتشف بعد أن لا هوية لنا إلا أننا سودانيون ، ولا مركب لنا في هذا البحر المتلاطم إلا السودان؟ ألا تكفينا هذه الهوية؟ لما لا نتراضى عليها ، وبعد ذلك فليذهب كل واحد منا يبحث عن خصوصياته داخل هذه الهوية بكل أبعادها الزمانية والمكانية .. العربية والافريقية والانسانية ، الاسلامية والمسيحية ، الفوراية والنوبية والدينكاوية والبجاوية .. وكلما تعددت زيادة خير وإغناء.
ليس هذا ما يعني الناس الذي يعنيهم أن يجدوا في هذا السودان أو ذاك العراق مكانا يعيشون فيه بكرامة ، يتراضون فيما بينهم في شئون حكمهم واقتصادهم وتعليمهم .
غير أن هناك حالة لا يمكن أن تحدث في هذا العالم إلا في منطقتنا وهي الحالة الفلسطينية: حيث تختلف حركتان لم تستكملا بعد انجاز الاستقلال حد الاقتتال؟
هناك الكثير من الأسئلة المزعجة التي يمكن أن يطرحها المرء بشأن هذه الحالات المثيرة للذعر والتي ترسم ملامح حاضر قاتم ومستقبل أكثر قتامة لكل المنطقة.
|
|
 
|
|
|
|
إسماعيل التاج
نجوان
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست