|
|
 !!! ما تنخلعوا !!!
|
للرجال فقط ...(ما تنْخلعوا)
خلَع، يخلعُ، خلعاً فهو مخْلوع، خلع تعني فيما تعني (نزع،ملص) كما في قولهم نزع ملابسه أو قول المثل (زي ملصة النعال) ،ويعنون أنه سهل وفي غاية البساطة.
وهو لعمري كذلك فأنت حين تغير ثيابك مثلاًَ غالباً ما ترميها كيفما أتقف في أقرب مكان دون ترتيب، ثم تأتي أمك،أختك،زوجتك أو الشغالة كما يحدث الآن عند البعض،و تأخذها للغسيل والمكواة وإعادة ترتيبها.
أما خلع (قلع) الضرس فهو أمر شاق لا يعرفه إلا من جربه،ولا ادري لماذا تذكرني هذه الكلمة بقلع القطن،حيث تستخدم الكجّامة لقلع القطن من جذوره.
وخلع تعني منح، خلع عليه حلة أو جائزة أو منحه لقباً أو وساماً، كان هذا في السابق عند شعراء المديح وفي بلاط الملوك والأمراء.
وتأتي خلع بمعنى(أخاف) وهي أن تفاجئ أحداً وتخيفه فيقال أنك خلعته أو أخفته،والكلمتان الدارجتان باللهجة السودانية (قلع، ملص) يستعملها أهلنا عوضاً عن خلع وكما ترى لهما نصيب كبير من الفصاحة بل هما فصيحتان لكن طريقة لفظنا لهما أكسبتهما عمومية دارجة، والقلع كذلك هو أخذ الشيء عنوة أو إيدية، وخلعاً هي توكيد لفظي ومخلوع هي المصدر الميمي لخلع، كقولك الرئيس المخلوع.علماً بأن كل هذه المعاني التي وردت ليست مأخوذة من المعاجم مع الاعتذار للآنسة قواعد وصديقها السيد قاعد بن قعيد القعود.
نرجع لموضعنا الرئيسي فقد كان الرجال حتى وقت قريب يسترقون النساء كما تزعم شرائح عريضة من جماهير النساء، كان يعتقد البعض أن الزوجات مربوطات بأمراس كتان أو حبال عشميق أو حبال البلاستيك الجديدة،فهي على كل حال ثلاثة حبال فقط لا غير، و لا فكاك للمرأة منها إلا برضاء الزوج وعلى كيفه و بالطبع العصمة أو عقدة النكاح بيد الزوج،وعلى الرغم من أن الدين قد شدد على حسن المعاملة وطيب المعاشرة أو السراح الجميل، كانت التجاوزات كثيراً ما تحدث بحق الزوجة،وتعاد إلى بيت الطاعة بقوة القانون إذا عصت أو طلبت الطلاق.
وقد مارس بعض المشايخ والعلماء تعتيم شديد على حق المرأة في الخروج عن هذا (القفص الذهبي) كما يطلق عليه قبل الدخول فيه، ثم يتحول إلى روضة من رياض الجنة أو حفرة من نار أو ربما منطقة وسطى بين ذلك، حسب ممارسة المودة والرحمة و التعايش السلمي وعلاقات حسن الجوار في بعض الأحيان.
ولكن المرأة هذه الأيام في مسيرتها نحو الإنعتاق من الاسترقاق للرجال كما يزعمن، بدأت تجاري الرجل في كل الميادين حتى على المستطيل الأخضر، ألم تتابعوا كأس العالم لكرة القدم للسيدات التي جرت مؤخراً، فقد قدمن مستويات عالية من الفن الكروي وكذلك أثبتن أنهن ليس أقل شأن في ممارسة العنف القانوني وغير القانوني،وكذلك في المصارعة والملاكمة وكمال الأجسام،أصبح لهن اتحادات وأندية ألا ترى العنصرية في تسمية برامجهن للنساء فقط وكلام نواعم،وامتدت المنافسة لتشمل مجالات العلم المختلفة فقد أحرزن فيها تقدماً لافتاً وما نتائج الشهادة السودانية في الأعوام الأخيرة ببعيدة عن الأذهان، ففي النتائج الأخيرة كانت الأولى غالباً ما تكون طالبة و من بين المائة الأوائل نيف و سبعين طالبة فقط لا غير.
وعلى المستوى العربي فقد تمت إجازة قانون الخُلع في أكثر من دولة عربية والبقية تأتي، وقانون الخلع هو قانون قديم جداً ولكن الأثر بين يدينا يشير إلى أنه قد استخدم مرة واحدة فقط في صدر الإسلام حيث خالعت امرأة زوجها دون أن تتهمه في دين أو بسوء معاملة،لكنها لم تألفه، وهي أسباب نفسية وعاطفية كما نقول الآن، وخافت الفتنة في ألاّ تقوم بواجبه كما ينبغي وردت عليه بستانه،في سورة المجادلة قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله،والله يسمع تحاوركما،إن الله سميع بصير).
ولكن القانون الجديد الذي تهلل له جماهير النساء الآن،والذي لم يجف مداده قد أتاح للعشرات حتى الآن خلع أزواجهن، ويبدو أنه سيتم استخدام هذا الحق بكثافة في مقبل الأيام، هذا مع تبادل الاتهامات والشتائم يعني ميته وخراب ديار.
علماً بأن الخلع مرة واحدة فقط بينما الطلاق ثلاث مرات يعني توجد فرص لتصحيح الأوضاع إذا كان ذلك ممكناً،ولست هنا بصدد المقارنة بين مزايا أحدهما على الآخر فكلاهما تشريع وراءه حكمة.
وقد قيل إن الشيخ فرح ودتكتوك جأته إحدى بناته تشكو من زوجها وتطلب تطليقها منه، وقال لها: انتظريني قليلاً واخذ إبريقه المصنوع من الفخار وخرج إلى الخلاء ثم عاد يبكي ولما سألته ابنته عمّا يبكيه قال إن إبريقه قد أنكسر، وقالت له: ما هو آلا إبريق يمكن أن تأخذ غيره فقال: كيف ذلك وهو قد صحبني سنيناً عدداً وألفني وألفته وأطلع على عورتي وأطلعت على عورته أيرضيك أن يطلع على عورتي إبريق مختلف في كل مرة، فقالت لهأشكرك جزيل الشكر الرسالة وصلت) وفهمت المغزى الذي أراده وعادت أدراجها لبيت زوجها.
وقد قالت أحد الزميلاتالرجال كلهم جِزم لكن بس مقاسات مختلفة)، و في رواية أخرى(الرجال جزم بس ما بنقدر نمشي حفيانين)، وعلى الرغم من التشبيه السيئ، فالتحدي هو أن يثبت جماهير الرجال لهذه التي تستجير بهم من الرمضاء انهم برداً وسلاماً وليس نار الله الموقدة، وقد انتهى زمان ضلّ راجل ولا ضلّ حيطة والأمثال التي كانت ترضي غرور الرجال وتخلع عليهم حللاً من الأهمية.
والآن يا جماهير الرجال أعملوا حسابكم ما تنخلعوا فالخلعة حارة،ألا ترون حال الرئيس المخلوع التي لا يكون فيها تعيساً فقط بل ربما مطارد أيضاً.
الطيب الشيخ
[email protected]
|
|
 
|
|
|
|
الطيب الشيخ
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست