|
لم يكن متفقها فى الدين ولا راعيا لطائفة -عليه الرحمة
|
اليوم قد مر عام على وفاة والدى رحمة الله نغشاه-وعندما نعى الناعى والدى فى مثل هذا اليوم من العام الماضى فعلت ما فعله ابو الطيب المتنبى حين جاءه خبر وفاة اخت سيف الدولة-فزعت فيه بامالى الى الكذب-- الرثاء مديح الميت بما لم يفعل والنفاق مديح الحى بما ليس فيه هذا فى التعميم اما فى التخصيص فبعض البشر يستحقون المدح فى حياتهم والرثاء فى مماتهم وهم قلة ومن هذه القلة اخى وصديقى ووالدى حماد ادريس ود كنان تقبله الله بواسع رحمته--عطر حياتنا بالتفاؤل والدعابة والفرح مضى كالطيف كسحابة صيف -كان حقا سحابة من الخير المحض كالنسيم وكالنسمة وكانه عناهكالربيع تحبه للحسن الذى فيه ويغيب عنك فتشتهبه-كان رقيق الروح كان نسيجا وحده قاسى القسمات وجهه يقول الكثير بلا نعب باد-حمل اتقاد النفس وخصب المشاعر تعامل مع الجميع بتواضع وحب--كتفاه انحنتا الى الامام كانه فى لهفة الى طرح سؤال او كانه فى ادب جم منتظرا جواب --اذا تكلم فهو هامس واذا حاور فهو جاد ومتواضع واذا فاوض فهو صبور ودود ومتعاطف واذا اخفق فهو لا يتعب واذا نجح فهو متحمس --رغم ما بلغ الزمان من رداءة فان ابى لم يتغير ولم يتبدل كان اشبه بشىء ثابت وسط عالم متغير بسرعة --زاهدا ومستعصما بالقناعة والرضى والوئام النفسى -كان تاثيره فينا كبيرا نحن الاقربين اليه لمل تحلى به من خصال عظيمة وسجايا كريمة شكلت فى مجملها رجلا مملوءا بالحياة والنبل ومكارم الاخلاق --كان انسانا مثاليا نادرا يحمل نفسا نقيا صافيا وقلبا زكيا وهمة عالية وكرامة موفورة بالاباء والشمم راقى الكلم مهذب الحديث ذو رقة نادرة وتواضع جم اصيل -هادىء النفس مطمئن السريرة حسن السيرة تعلو وجهه دوما ابتسامة نضرة وجبين متهلل صبوح لا يعرف الكذب او النفاق لا يكابر صادق القول لم اسمعه فى حياتى قط يذكر احدا بسوء او ينتقص من قدر الاخرين --كان حب ابى لنا نفحة صوفية حبا سماويا يهينه التصريح وتستبيحه الكلمات --لم يحدثنا يوما عن مخاوفه علينا وقد اصبحنا رجالا مستغلين باسرنا بل عجبت كيف هذا الحب عبر كل مراحل حياتنا -ضحى بكل حياته ليجنبنا بعض مشقة --كنا حياته وهدف وجوده يضطرب فؤاده اذا تاخر احدنا عن موعده ويطير شعاعا اذا تجمعت الغيوم والسحب على التخوم فى الجانب الشرقى او الجنوبى من القرية وبرق المكادة والعبادى والقبلى شال ورزم رعده وكنا غائبين عن المنزل فى الوردة او السربة --كان حبا ثابتا كما ثبتت فى الراحتين الاصابع وراسخ كما رسخت على الخدين الشلوخ كان صافيا كاللبن ونظيفا عادم البتتابة--كان ابى يردد لى دائما اننا باذن الله من اهل الجنة لاننا من سلالة اهل السودان القديم الذين قال عنهم الرسول الكريم عليه صلوات الله-ثلاثة فى السودان من اهل الجنه الحكيم والنجاشى وبلال المؤذن-- لم يكن ابى متفقها فى الدين ولا راعيا لطائفة دينية ولا اماما لفيالق جهادية ولا شيخا لجبهة اسلامية ولا سكرتيرا لحزب طليعى ولا امينا لحزب وطنى ولكنه فهم الدين على انه حب الرعية والعباد والبلاد والتفانى فى خدمة الغير والايثار وحسن معاملتهم وتربية ابناءه بالحلال ما استطاع اليه سبيلا-- ان موت الكبار -وابى قد شارف التسعين عاما-لايعنى فقط انتهاء لحياة فرد بل يعنى فى الاطار الاجتماعى الريفى انهيار لصروح من المعرفة وحريق لارشيفات زاخرة بالمعانى والقيم والمعارف الشعبية التى تغوص عميقا فى تاريخ المجتمع المحلى وفى تاريخ الاسرة -وترددت كثيرا وتكررت فى مؤلفات المستشرقين ان موت شخص كبير فى افريقيا يعنى ان مكتبة كبيرة قد احترقت--
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: لم يكن متفقها فى الدين ولا راعيا لطائفة -عليه الرحمة (Re: abubakr)
|
الاخ / الشفيع --سلام الله عليك وحمد الله على سلامتك وكل سنة وانت طيب وكيف حال الاهل فى الحاج عبد الله وما جاورها من الساكر والقرى --والحجة مبروكة على ابوك وربنا يتقبل منه ونسال الله ان يرده سالما الى ديرته--شكرا على المرور
الاخ /فاروق حامد الاخ/ ابوبكر سيد احمد مروركم وكلماتكم المعطرة اثلجت صدرى وازالت همى وكدرى واعدتانى الى الصعيد وان اليافع الصغير حبيسا للماضى مستنسخا فى داخله التاريخ ومتقمصا شخوصها الفاعلين من عشائر القربى وها هو والدى ينتقل امامى يمشى ويتحرك حازما مثل عسكرى ودائم الابتسام مثل امير يدرك فى كل خطوة وفى كل عمل ان الرجولة والجدعنة وكل مكارم الاخلاق يجب ان تصان لا ان تورث فقط ولا بد من تفعيلها--كان يحدثنى عن البطولة والتضحية والايثار والشجاعة حتى كنت اخاله يريد ان يعدنى لكنازلة عنترة ابن شداد وحدثنى عن الكرم واغاثة الملهوف وحب العشيرة والاهل حتى خلت انه يعدنى لمنافسة حاتم الطائى--الاخوان فاروق وابو بكر تحية من القلب اليكم وما فى القلب نحوكم كثير لايسعه الا القلب يا اخوانا الكبار
| |
|
|
|
|
|
|
|