|
موعد مع الـوالـــي
|
(كلام عابر) موعد مع الـوالـــي المهندس الجيولوجي والبروفيسور حاليا في مرفق بحث مرموق في إحدى الجامعات الخليجية، ونشير إليه بحرف (س)، رجل مسكون بحب الوطن ومهنة الهندسة الجيولوجية. عمل قبل أكثر من ثلاثة عقود في شتى بقاع السودان وكان يترك بصماته أينما يذهب. كان أول من اقترح مد بورتسودان بمياه النيل في دراسة قدمها عام 1974م للمسئولين. اغترب في الخليج مثل كثيرين غيره من أبناء نفس المهنة حتى اجتذبه قبل سنوات قليلة ذلك المرفق البحثي الخليجي المرموق الذي يعمل فيه حاليا والذي يتمتع المسئولون فيه بأنوف خبيرة تميز رائحة النابغين أينما كانوا . ورغم أن (س) يحمل إجازات علمية رفيعة من السودان وأستراليا والمملكة المتحدة إلا أن مصدر فخره دائما هو عدد الآبار التي قام بحفرها في كل مناطق السودان التي تعاني من العطش. ويبدو أن (س) أحب منطقة القضارف أكثر من غيرها، ففيها قام بحفر أول بئر في حياته المهنية الطويلة وحفر آبار أخرى في كجرا، دوكة، باسندة، قلابات، الهشابة، السرف الأحمر، حمداييت وغيرها من مناطق ولاية القضارف. والمعروف أن مدينة القضارف تستهلك يوميا ثلاثين ألف متر مكعب من المياه، توفر 70% من محطة مياه الشواك على نهر عطبرة ، وهي قد شيدت منذ أكثر من ثلاثين سنة بطاقة إنتاجية يومية قدرها 28000 متر مكعب ، وتوفر 16% من الإستهلاك من آبار (أبوالنجا) ويتبقى نقص يبلغ 14% (ربما تكون الأرقام الفعلية للإستهلاك والفجوة الإنتاجية أعلى من هذه الأرقام بكثير). ويبلغ سعر برميل المياه في القضارف أكثر من 10000 جنيها في ذروة شح المياه. وتعمل حكومة الولاية حاليا على تشييد محطة ضخ مياه جديدة في خشم القربة بتكلفة ثلاثين مليون دولار شبيهة بمحطة الشواك التي تعاني من مشكلة ترسب الطمي الذي يسد المواسير الساحبة والناقلة بسبب موسمية نهر عطبرة وكميات الطمي التي يجيء بها الفيضان، وكأننا نكرر نفس الخطأ القديم .
نعود مرة أخري للبروفيسور (س) الباحث عن المتاعب الذي ظل في مهجره يتسقط أخبار المياه في القضارف رغم همومه التي تكفيه وزيادة . إتصل الرجل هاتفيا بوزير دولة سابق من معارفه والذي قام بدوره بالإتصال بوالي القضارف ونقل له مقترح (س) لحل مشكلة مياه القضارف حلا جذريا بناء على الدراسات التي أجراها (س) والخبرات المتراكمة التي يتمتع بها ، وعرض (س) بتقديم محاضرة في القضارف عن مقترحه وأن يقوم بالإشراف على الطاقم المنفذ للحل إذا اقتنع به من يهمهم الأمر وتدريب ذلك الطاقم بلا مقابل. رأى (س) أن يستغل علاقته الشخصية بذلك الوزير السابق حتى يكون صوته مسموعا أكثر لدى الوالي وتجنبا للتعقيدات التي قد يخلقها روتين الإتصال. رحب الوالي على الهاتف بهذا العرض المجاني الكريم واتصل هاتفيا بالبروفيسور (س) داعيا إياه للحضور للقضارف عندما يجيء للسودان في إجازته السنوية التي عادة ما تكون في شهري يوليو وأغسطس من كل عام. جاءت الإجازة وجاء (س) للسودان حيث أمضى بضعة أيام في بلدتهم التي تقع جنوب الخرطوم ثم التفت لنداء الواجب فاتصل هاتفيا بمكتب والي القضارف للتحية ولتحديد موعد لبدء العمل، ولكن الموظف المختص في مكتب الوالي الذي كان يتولى الرد على مكالماته الهاتفية كان في كل مرة يرد عليه بأن الوالي في اجتماع أو أنه على سفر أو أنه مشغول بأمر ما، حتى نفذ صبر (س) رغم ما عرف عنه من "طول بال" وتمهل في الأمور . في آخر محاولة للتواصل مع الوالي رد نفس الموظف على العالم الجليل بقبح شديد ولا مبالاة قائلا: (ياخي أحسن تركب البص وتجينا في القضارف وبعد كدا نشوف ليك ميعاد مع الوالي). وهنا طاف بذهن البروفيسور (س) مثل ذلك يدس المحافير من الذين أتوا لمساعدته في حفر قبر أبيه، فدب اليأس في نفسه،أي البروفيسور(س)، وقرر أن يخصص إجازته لقضاء أموره الخاصة المتشعبة والتواصل مع الأهل والعشيرة في الخرطوم والجزيرة وهم كثر بفضل الله، وصرف النظر عن القضارف، وقد كان.
ترى من يبلغ والي القضارف أن البروفيسور (س) ما زال،رغم كل شيء، ينتظر وهو يتأبط أوراقه لتقديم معرفته وخدماته المجانية لأهل القضارف ، وهي معرفة وخدمات يعتقد أنها ستوقف هدر الجهد والوقت والمال العام؟
قبل الختام: تلقيت رسالة شفهية من الأخ أبو الحسن محمد أبوالحسن ، الدمام، المملكة العربية السعودية يقترح فيها تكوين مجلس أو لجنة متخصصة من ذوي المعرفة والتخصص لتقوم باختيار ضيوف برنامج "أسماء في حياتنا" التلفزيوني ووضع إطار عام للأسئلة التي ستطرح عليهم في البرنامج ، وإن أممكن تحديد هذه الأسئلة، بدلا ترك الأمر لمزاج وأفق السيد عمر الجزلي نظرا لأن البرنامج توثيقي هام وحساس ويبث من جهاز يفترض أنه قومي التوجه والملكية، كما اقترح الأخ أبوالحسن أيضا أيضا أن يستضيف البرنامج المذكور الأستاذ الكاتب الكبير حمدنا الله عبدالقادر. (وقد أسمعت إن ناديت حيا).
(عبدالله علقم) Khamma46@yahoo.com
|
|
|
|
|
|