|
|
 الكشف الطبي قبل الزواج .. هل هو الحل الناجع ؟!!
|
الإيدز هذا المرض (النجم) بكل المقاييس ، أصبح كما أسماء نجوم المجتمع ، كلما نطق باسمه التفتت إليه الأنظار ، واحتبست الأنفاس ، لما له من هالة كبيرة ووقع في النفوس ، والسبب يكمن في خطورته ..
فنسمع في هذه الأيام عن هذا المرض كثيراً وعن أرقامه وانتشارها في السودان بالأخص ، والبرنامج القومي لمكافحة الإيدز، وحقيقة أرقامه ، فمن خصائص هذا المرض أنه ينتقل بصورة أساسية بطريقة واحدة ومعروفة للكل ، وهي الأكثر شيوعاً ومن ثم تنفرد بقية الأسباب الثانوية بنقله ، وأن المريض يسعى إليه بنفسه بصورة جزئية كبيرة جداً ، ولكن كما اعتقد أنها الأقل حظاً في نقل هذا الفيروس ، دعونا في الطريقة الأولى في نقل هذا المرض ، ويؤكد ذلك قول المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام : (لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا) .
في هذه الفترة كتب وتحدث الكثيرون عن المرض وكيفية الحد منه ، ولعل أشهرها ما يقال أنه الحل الأنجع لوقف هذا المرض وهو إرفاق كشف طبي قبل عقد القران لإثبات خلو الطرفين من المرض !!!! هل يا ترى هي الوسيلة الأنجع لهذا وإذا ما طبقت سيكون هذا الحل ونقضي على هذا المرض أو الحد منه ؟!! أنا لا اعتقد شخصياً أن هذا هو الحل وبل هناك أضرار كثيرة جداً ستفتتق عن هذا الإجراء !!!
أولاً : من هم مرتادي الرذيلة ؟! أي من هي الفئات التي تمارس هذه الرذيلة ؟؟! هل هم الشباب العزاب الذين يتزوجوا فقط ؟!! حتى نحد بهذه الوسيلة من هذا المرض ؟!! فلنتكلم بصراحة شديدة من غير تجريح وإساءة ؟!! أليس هناك من المتزوجين من يمارسون من كلا الطرفين ؟!! أليس هناك من المتزوجين مثلاً (رجلاً) يفعل الفاحشة من دون علم زوجته ويعيث في الأرض فساداً ثم يأتي آخر النهار ، فيواقع زوجته من دون أن تدري وقد يكون واقع كثير من بائعات الهوى ، فتكون هذه المسكينة قد التقطت هذا المرض وهي شريفة عفيفة !! وقد تنقلب الآية وتكون امرأة !!! فكيف نفعل مع هؤلاء !!!!
بالنسبة لإجراء الكشف الطبي ، فالوقع النفسي مع يقبلون على هذا الأمر الهام جداً في حياتهم (الزواج) فكيف يبدأون حياتهم – ولو بدافع الحرص على سلامتهم – بالتدقيق والخلو من هذا المرض ، ليس كل الناس تتقبل هذه المسألة من دافع أن الحياة الزوجية عندما تبدأ بشكوك من قبيل الفحص من الأمراض وإلى ذلك .. فكيف ستبدأ حياة زوجية وقد تعرضت لكشف وفحص وما إلى ذلك !! وهناك سؤال ماذا لو حدث خطأ طبي – وما أكثر الأخطاء الطبية - وتبدلت النتائج ، وجاءت خطأ لأحد طرفي الزواج بأنه مصاب ؟!! ثم أكتشف لاحقاً هذا الخطأ فهل يتوقع أن يقبل الطرف الآخر ويقبل بإتمام مراسم بكل سهولة ؟!! لا اعتقد ذلك ، ومن ثم هناك امراض مثل السكري والضغط وغيرها يقول الأطباء أنها وراثية وتنتقل إلى الأبناء وحتى الأجيال ؟!! وأيضاً تكون نهايتها الحتمية والسريعة هي الموت وفقدان أرواح عزيزة !!!
فدعونا هنا في السودان ، فنسأل سؤالاً هل العبرة في المرض ذاته أم النتيجة التي يخلفها هذا المرض ؟!!! فإذا كانت النتائج هي المقصودة ، فلنسأل كم مريض يموتون يومياً في الجزيرة وغيرها من ولايات السودان فقط بالدوسنتاريا والملاريا والبلهارسيا دونما أي اهتمام رسمي بهذه الأمراض التي تقتل يومياً ، والسرطان في الولاية الشمالية وقد بدأ يستشري في أغلب أنحاء السودان ، أم السكري والضغط الذي يفعلان ما يفعلان بمرضانا ؟!! أم مرض الكلى ؟؟!! أم التايفويد ؟؟!! أم وفيات النساء في عمليات الولادة يومياً بسبب التتانوس ؟؟!! أم السحائي في الصيف ؟!!! لو أردنا أن نفصل هذه الأمراض ونتائجها من واقع المتوفر من المعلومات فستكون كارثية أكثر من هذا المرض اللعين (الإيدز) ، فحسب المعلوم عن الإيدز أنه مرض يمنح مريضه فرصة من الزمن حتى يقضي عليه ، ويقول الأطباء أن الفيروس يحتاج إلى خمسة سنوات كافية لكي يتمكن من المريض؟! فكم يمهل السرطان مريضه؟! وكم تمهل الملاريا ؟!! وكم تمهل الدوسنتاريا؟!! وكم..؟؟!!!
أنا لا أبخس جهود القائمين ولا من كتبوا عن هذا المرض ولا خطورته ، ولكن أتساءل إن هذا الذي يجري يحدث في الدول التي استطاعت أن تدحر هذه الأمراض وتبقى لها فقط هاجس هذا المرض اللعين .. أما نحن ما زلنا نرزح تحت نير أمراض الفقر والجهل .. ولا أمل قريب يلوح إلا رحمة الله بعباده .
ولعل التحقيق الأخير الذي أجراه الصحفي محب ماهر عن أمراض التغذية والمأكولات.. تؤكد ما ذهبنا ، وإن كانت لا تزال في نظر البعض من الأسباب غير المباشرة في الأمراض؟؟!! وإن كانت هي أس البلاء في كل ما يحدث لنا من كوارث!!
ما نود قوله أن الإيدز مرض خطير ومميت ومهدد لحياة للأمة في أعز ما تملك (الشباب) ، ولو أن هناك من هو أخطر منه ، وهناك أمراض أخطر منه ونتائجها عاجلة جداً ، فإذا كان فيروس الإيدز يحتاج لخمس سنوات لكي يقضي على مرضاه ، فكم تقتل الملاريا والدوسنتاريا والبلهارسيا والسرطان وأمراض الكلى ووفيات الأمهات في الولادة بسبب التتانوس والضغط والسكري في هذه الفترة ؟!!!
لقد عايشت تجربة جميلة ورغم محدوديتها الزمنية وقلة المستفيدين منها ، تجربة للشيخ محمد سيد حاج في شهر رمضان الماضي ، فقد قام بإعداد برنامج لشهر رمضان دعوي وخصص بعد كل صلاة جمعة محاضرة طبية ، لم يفتي فيها هو إنما أطباء مختصون كل في مجالهم ومن الضمن كانت محاضرة عن هذا المرض وقد أفاد المحاضر معلومات جيدة ، ولعل من أهمها أنه رغم ارتفاع نسبة الإيدز في الدول الإسلامية إلا أن منظمة الصحة العالمية قد أثبتت أن المرض مقارنة بالدول غير الإسلامية نسبته منخفضة ، وأرجعت ذلك إلى أن التقاليد الإسلامية ونسبة المحافظة المتبقية في المجتمعات الإسلامية قد ساعدت في الحد منه ، وهذا لا يعني أن المجتمعات الإسلامية خالية من الأمراض الاجتماعية ، وإنما هناك من يساعد في الحد من هذا المرض ، لو ووظف توظيفاً جيداً قد يساعد في انخفاض نسبة الإيدز ..
إن لدينا أكبر تجمع أسبوعي يقام كل يوم جمعة وهو صلاة الجمعة ، ففيها تتجمع أعداد كبيرة ، وفهذا ليس هو المهم ، فالمهم هو الحالة النفسية التي يقبل بها هؤلاء المصلون .. فاللهث وراء احتياجات الحياة اليومية خلال أيام الأسبوع ، جعل الناس لا تكترث ولا تهتم بما يجري غير الهم وراء الحياة ، ولكن لصلاة الجمعة وقع وأثر كبير على نفوسهم وعلى ما يقال من على منبر الجمعة .. فنقول ماذا لو استفيد من هؤلاء الأئمة وتم تأهيلهم وإعدادهم الإعداد الجيد لمكافحة المرض وتنوير المجتمع وغيره من الأمراض بالتعاون مع وزارة الصحة والمنظمات العاملة في هذا المجال ؟!!
ولعل هناك قصة يتداولها عن الأسرة التي أصيبت جميعها بهذا المرض والسبب هو الخادمة التي كانت (تستاك) بفرش الأسنان لهذه الأسرة ، وهي تعلم أنها مصابة بهذا المرض اللعين ، وكانت النتيجة كارثية بكل المقاييس !!!
هناك ألف باب كما نعتقد لهذا المرض يدخل وما أكثرها لدينا هنا في السودان (كمثال : الحلاقة ، فرشاة الأسنان ، تقليم الأظافر بظفارة واحدة يتداولها البعض في المكتب أيضاً ، وهذا خطأ حتى داخل الأسرة الواحدة )حيث لا معايير ولا تدقيق في الأشياء ولا أدني حذر وحرص على سلامتنا ، ففي الفترة الأخيرة وبعد الهجرة إلى العاصمة أصبح كثير من الناس يعيشون حياتهم اليومية بكل تفاصيلها في الشارع العام ، وإن كان بعضهم يتعامل مع نفاياته المنزلية أنها طالما هي خارج منزله فلا ضير في ذلك !! ولا يهمه ما ستفعل به ، وهو لا يدري أنها دورتها ستبدأ من حيث ألقاها هو وتأخذ دورتها كاملة لترجع إليه في النهاية في شكل مختلف ومقنن وتكون مرضاً ينتقل إليه !!!
فليكن كشفاً طبياً للكل من دون تمييز ... متزوج أو غير متزوج !!
يوسف الطيب
|
|
 
|
|
|
|
مهند مامون
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست