الرجل الاسود المتوسط !!!

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-27-2024, 05:14 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الأول للعام 2007م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-22-2006, 08:58 AM

Abuelgassim Gor
<aAbuelgassim Gor
تاريخ التسجيل: 10-28-2006
مجموع المشاركات: 4630

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الرجل الاسود المتوسط !!!

    الرجل الاسود المتوسط!!!
    قصة فلطوسية

    عندما أعلن ألسيد الوزير إقالة (الرجل الأسود المتوسط)، جاء الإعلان مفاجئا وسيئا ومرعبا خاصة انه ضرب المنضدة بشدة بقبضة يده ذات الأصابع المربعة القصيرة. أصابع الوزير مثل (القلاويز) ،أشبه بمطارق حديدية صغيرة تم تركيبها بصعوبة على راحتيه التخينتين. كثيرا ما تخيلته وهو يتخلص من أصابعه قبل نومه مثل تخلص عجوز دنماركى عفن من طقم أسنانه الاصطناعى فتبدو أياديه مثل أعمدة برؤوس مفلطحة. أخيرا تخلص السيد الوزير من آخر زفراته الجهنمية وفحيحه الثعبانى المرعب كتنين خرافي آسيوي.شيئ عجيب. . كلما رأيت هذا الوزير أحس باننى أمام تنين ، بسبع رؤوس ، سبعة ألسن ،و ذيل ضخم. رمى بالملف المثقل بالذنوب على المنضدة العتيقة. ثم أحدث جلبة اختلطت فيها أصوات احتكاك أرجل المقعد بالبلاط وصوت فرقعات هوائية أسفنجية للمقعد تحته، ثم قفذ بجهد جهيد تاركا قاعة الاجتماعات تغرق فى صمت مخيف.ظل المجتمعين متسمرين فوق مقاعدهم ، والهلع ينط من أعينهم مثل تلاميذ صغار ينظرون الى أستاذهم الشرس وهو يبحث عن هراوة ليعاقبهم بلا شفقة. لم يكن السيد الوزير وزيرا عاديا أو تكنقراطا لكنه فى الأصل كان جنرالا اشتهر بالحماقة، والطيش والانفعالات، و القرارات الثورية الشاطحة. كان يصدر القرارات تلو ألقرارات كرد فعل لأشياء طفطيفة بل ساذجة.ذات مرة من المرات أصدر قرارا ثوريا بشأن اعفاء سائق . . تخيلوا!! كما انه يشغل مكانة مرموقة فى الحزب. ظل المجتمعون متسمرين فى امكانهم وهم ينظرون الى السيد الوزير يعبر القاعة الكبيرة نحو مكتبة مثل ثور هائج ومن خلف عجيزته المهولة تحدث رجفات جيلية-من جلى- كان كل شيئ يسقط خالف باضطراب ترددى.كانت الأشياء تسقط خلف عجيزته بانتظام وهو لا يعيرها أدنى انتباه فخفت أن أسقط ميتا دون أن يحس بى.لقد كنا نعيش أيام سقوط الأشياء خلف المسؤلين.كانت صلعته تنظر خلفه بتركيز بائن واسترابة مخيفه. صلعة الوزير صغيرة جدا لكنها براقة ولامعة مثل عينيه اللامعتين اللتين لا تستقران على حال. قلت ربما تلك هى عينه الثالثة. فمثل هذا الكائن لابد له من عين ثالثة شيئ أشبه ببطل رواية ( كثبان النمل على التل ) للكاتب النيجيري شينوا أشيبى.
    تخلصنا بهدوء من مقاعدنا بعد أن ألتصقت بمؤخراتنا بذنب حر الخرطوم ، ثم تسللنا بهدوء تلصصي الى مكاتبنا المتباعدة، كان اليوم العملي قد انتهى ، لكن بلاشك ظلت أرجاء الوزارة ترتج بترنح من هول القرار الكارثة. نظرت الى (الرجل الأسود المتوسط) فوجدته متماهيا مع نظيره البحر البحر الأبيض المتوسط. فهو الرابط الوحيد أوالفاصل الأساسى بيننا وبين السيد الوزير .أشبه بالبحر الأبيض المتوسط الفاصل الوحيد أو الرابط بين الشرق الأوسط وأوربا. نظرت اليه من على نافذتى فرأيته باساما هادئا يخفى كل حيتانه فى قاعه المهيب.قلت فى نفسى يا له من رجل أطلسى بالغ البررودة.أحسست لأول مرة منذ خمسين عام عرفته فيها من أيام الأولية انه اليوم سعيد غاية السعادة.كأن شيئا لم يحدث أو ربما كان مهيئا للقرار.إحساس غريب ، كان من المتوقع أن يكون أكثرنا خوفا وهلعا و ( جرسة) ، فأمثاله من الموظفين الذين يتم فصلهم فى زماننا بتلك الطريقة الثورية العنترية يصابون بانهيارات عصبية ، وانكسارات نفسية ، فيقبعون داخل منازلهم فترات طويلة ، يتلقون فيها تعازى الأصدقاء بصورة سرية. كان ذلك فى أول يوليو من عام 1978 م ، الدنيا حر، وحزب الاتحاد الاشتراكى يعانى تقلصا فى المصران الغليظ أدت الى تشنجات عصبية شديدة وغازات بالغة الحموضه. منتصف القرن الماضى لا زالت الخدمة المدنية تحتفظ بشيئ من خيرها وبريقها كنت فى درجة دى اس . أما الرجل الاسود المتوسط كان فى الدرجة الثانية. تسع سنوات حسوما مضت على انقلاب مايو الذى أدعى الثورية ( ثورة مايو).ثورة مايو التى أعلنت الأشتراكية ، جاءت بأعصايرها ، ورياحها ، وأغانياها ، وأناشيدها وشعرائها وملحينها وادعت ثورية محروسة باشتراكية لتملأ الأرض عدلا بعد أن ملئت جورا. مثل كل البلدان الافريقية والعالم المتخلف عندما يستولى جنرالات الجيش على السلطة فى بلادهم يطلقون على مثل هذه العملية اسم الثورة.فيصير كل شيئ ثوريا ، حتى الأطفال الذين يولدون فى مثل تلك الايام الكالحة يطلق عليهم اسم (ثورة) خاصة ان جاء المولود انثى ، ولكأن الثورة لم تكن ذكرا فى يوم من الأيام. لكن سرعان ما أكتشف الشعب السودانى ان مايو لم تكن ثورة بل كانت انقلابا عسكريا. كان شعب كاملا قد تمت خدعته ثم بدأت ثورةمايو تكنس آثارها حينما انقلبت على نفسها ، فتمت تصفيت الحزب الشيوعى فى مطلع السبعينات. فشاهد الشعب السودانى لأول مرة عمليات الاعدام رميا بارصاص ، والشنق حتى الموت. فأصبحت صفة شيوعى صفة للموت.
    عند المساء ، كانت الشمس تغيب بهدوء ، والظلال تتمدد بكسل ، كان النيل فاترا وليس ثوريا بأية حال من الأحوال ، لدرجة انه غاب بين ضفتيه بحسرة ،فصار جرفا عميقا متقطعا ، لم يعد النيل نيلا فى ذلك العام بل شيئ أشبه بمجموعة من البرك المتتالية ، فوقها نبتت بعض الأعشاب ، والنباتات والطحالب ، فبدأ النيل غذرا للغاية ثم صارت النباتات الصفرا فوقه أشبه بجزر الصخر الطافحة. تذكرت مقالة أوجينو بابربا ( الصخور الطافحةFloating Stones ) فى كتابه ( ( Theatre Solitude , Craft, Revolt . كنت أتلصص مواقع قدماى بحذر باحثا عن منزل الرجل الأسود المتوسط ، كان يسكن فى منزل جالوصى طرفى بمدينة أمدرمان ،منزل من الطوب الأخضر . زيران تحت شجرة النيم التى صارعت الزمن بصورة بلوطية ، ومقعد بلاستيكى ، وبرش للصلاة . وقفت هناك باحساس متشرد سودانى اصيل أمام المنزل ، مائة عين أمنية مايوية تنظر الى بهدوء غادر وخلسة ماحكة، سأكون الرجل الثانى مرفوتا غدا. تلك هى آثاره آثار الرجل الاسود المتوسط. لم تكن علاقتى بالرجل الأسود المتوسط علاقة عمل فقط ، بل علاقة ترجع لنحو خمسين سنة مضت. جئت اليه ، متفقدا حاله ، وما يمكن أن أقدمه له من مساعده. نقرات خفيفة على الباب ، خرجت مريم، حرمه بكامل بسمتها القروية. . تمددت القرية من أطرافها فبانت قطاطى قريتنا يحفها القمر جالس بلا فناء ، مريم بنت قريتنا. هى مريم ذاتها منذ أن خلقها ألله لم تتغير ، لم تتبدل، أبنة عم الرجل الأسود المتوسط الذى غطى قدحه هروبا من بنات الجلابة.هرب الرجل الأسود المتوسط من الجلابيات لكنه سقط فى براثن الوظيفة كمشروع جلابى برجوازى صغير.مريم ليس لها هم أو غرض فى ما يقوله الرجال، ولا تدرى عن ذلك شيئا ولا ترغب فى ان تدرى شيئا. دخلت فوجدت الرجل الاسود المتوسط مستلقيا ، وبجانبه شاى المساء. نوع من الشاى نسميه بلغة أهلنا الغرابة ( السليقة) وهو اضافة الحب الأسود واللبن ثم النار مباشرة ليغلى حتى يفور ، ثم يصب هكذا داخل الكوب من دون سكر. مريم ناولتنى كوب من السليقة .مريومة كانت تعرف حبى لهذا النوع من ألشراب قالت: كيف حالك يا ابو أحمد . . مريم هى ذاتها لم تتغير . قام الرجل الاسود المتوسط بهدوء، ثم قلت له ماذا أنت فاعل؟ لم يجب ، أو كأن شيئا لم يحدث فكررت السؤال. خرجت أبنته سعاد . . . كانت لقد أكتملت انوثة والتف عودها. سعاد بنت أمس كبرت بسرعة قالت لى بضحكة أكثر حداثة من ضحكة أمها : ابوى مسافر ابو ظبى.
    كانت أبوظبى فى ذلك الزمان مثل آخر الدنيا.الذى يذهب الى أبى ظبى دهرئذ مثل من وقع خارج الكرة الأرضية. ثم قال الرجل الاسود المتوسط : ليس منطقيا أن تظل تعمل فى مؤسسه يديرها سياسة حمقاء. تلفت بطريقة دائرية. أحدثت رقبتى دورة كاملة أشبه ببكرة ذات تروس، فرأيت مائة عين أمنية مايوية تتلصص علينا من الحيطان الجالوصية من تحتها ومن فوقها، ثم شاهدت العين الثالثة للسيد الوزير عين (مرآوية) لامعة بلنق . . . بلنق . بلنق تحت الجالوص.العين الثالثة للسيد الوزير بين حوائط الجالوص. زاد الرجل الاسود المتوسط الطين بله فقال بصوت عال : مهمتى هى أن انصحه فى شأن المال العام. هذا المال هو مال الشعب . قلت له بهدوء وصوت راجف خائف : يا خى الشعب بخير وأمواله بخير ، كل شيئ بخير ، أرجوك أخفض صوتك . أنت مالك والشعب. هذه لغة سياسية. منذ أن عرفتك فى ثلاثينات هذا القرن كنت تفر من السياسة ولا تقتربها .اليوم تتحدث عن الشعب.يا أخى الشعب يطير.ماذا انت فاعل لو قالوا عنك شيوعى ؟
    ثم تمر الايام عجلى لكنها حبلى بالأحداث والمفاجآت، تلك شيمها . . . الأيام ، اليوم يحك اليوم ، الأسبوع يجر الاسبوع . . ثم شهر وشهرين ، سافر الرجل الاسود المتوسط الى أبى ظبى وحظى بوظيفة كبيرة هناك ، ثم لحقت به زوجه مريم وأبنته سعاد .فحل محله موظف آخر جشع ، غول ، بهلوان ، كرهه كل الموظفين والعمال بالوزارة ، كان رجلا مداهنا ، نمام زميم ، فصار مقربا للوزير. لكن الايام حبلى بمتغيراتها ، كل يوم جديد له طعم جديد ورائحة جديدة .غاب السيد الوزير عن العمل ، وفى غيابه دائما تزداد السعاده بيننا، الكلام ، والتنبؤات تترى . . تحت. . . تحت قالو مريض فى رحلة اسشفاء خارج الوطن بلندن ثم تحت . . تحت قالوا رفوه داخل الحزب الحاكم ، الاتحاد الأشتراكى، الكذاب (أبو نعيلات) جاب الخبر فعلمنا حقيقة قد تم رفته . انتهت حكاية الوزير و أصابعه الغلوزية المربعة و حكاية عينه الثالثة وصلعته اللامعة. اللهم لا شماته ، البعض قال حدث ذلك بذنب غضب الرجل المتوسط. تلك أيام عصيبه ، كانت حكومة مايو تصدر القرارات الثورية عبر راديو تلفزيون أمدرمان ، صدر قرار بحل مجلس الشعب ، ثم صدر قرار فيه تعديلات كبيرة متلاحقة حدثت لعدد من الحقائب الوزارية, وتعيين مستشارين كانت نهيات السبعينات ، قد تبدل لون حكومة مايو تدريجيا بعد أن انتقلت من خانة المصالحة الوطنية الى خانة الشراكة يمينا. ثم ظهرت رموز الحركة الاسلامية على المسرح السياسى ، فشهد الشعب السودانى مهرجانات ابادة الخمر، ثم حدثت تشريعات دستورية ، دخلت الدوله بعدها مرحلة الشريعة الاسلامية.
    كان المنتدى الصغير الذى يجمعنا قد تناقص ، وتضاءل ، هاجر الرجل المتوسط ، ولحق به عاصم ، ثم لحق بهما ياسين ، ظللت وحدى علامة فارقة فى الزمان والمكان. كان ليل امدرمان خميلا ، لكن كل شيئ به سكون ، سكون عجيب لم نشهده من قبل.قال بعضهم انه السكون الذى يسبق العاصفة، كنت أقول أى نوع من العواصف. . . لقد رأينا كل شيئ فى عقد واحد من الزمان ولم يتبقى لنا غير شيئ واحد لو نره وهو الشيطان الرجيم ، لقد شهدنا تحولات الدولة من أقصى الشرق الى أقصى الغرب ، من أقصى اليسار الى أقصى اليمين .تبدلت الفصول ، وعلامات الأشياء، ولون المياه ، وكبرت الحيتان فى المحيطات وسفينة مايو تقترب من جبل الجليد. مائة وعد تاتنيكى للشعب لكن المحيطات هى الأخرى حبلى بجبال الجليد .تم نقلى بصورة مفاجأة الى الضعين بغرب السودان ، ثم من الضعين تم نقلى الى برام ، ومن برام الى عد الغنم الذى صارت بقدرة قادر عد الفرسان، ثم الى الفاشر . . من جنوب دار فور الى شمال دارفور.كان كل شيئ يتم بصورة أعتيادية ز لقد تعودت التحولات والمفاجآت وأدمنتها مثل شخصية مورسوه بطل رواية ( الغريب) لالبير كامو . شخصية مورسوة أستوت داخلها الأحاسيس فتعادلت نفسيا مع الاحباطات والمتغيرات والمفاجآت من الوجود الى العدم من الايمان الى الشك. لم يكن مورسوه يعط بالا لشيئ ما مهما بلغت درجة فداحته أو بساطته لدرجة انه ظل باسما هادئا وهو يسمع النطق فى حقه بالأعدام . . كأن شيئا لم يحدث.لقد تعودتنى الاشياء. ثم فجأة تم نقلى من الفاشر الى بورتسودان.كانت تلك نقلة ماكوكية، قطعت فيها الفين كيلومتر من أقصى الغرب الى أقصى الشرق. من الصحراء فى شمال دارفور الى زرقة البحر الأحمر فتذكرت الرجل الاسود المتوسط ببكائية فينيقية المنتهى المبتدأ.من الرمال ونجوم تسير على الرمل بشمال دافور الى الصخر والبحر وزرقة أرخبيلية ترج الموج وتحتها أسماك بلون الزبرجد والمرجان. من أنا ؟ لست غير موظف مغضوبا عليه مايويا. فى بدايات الثمانينات كانت الرمال تتحرك بشدة تحت حكومة مايو ، تحولات كبيرة ظلت تجرى، فتمت عمليات التطهير الوظيفى، ازداد نشاط الاستخبارات الأجنية فى البلاد، ثم كثرت التزمرات وسط الشعب ، كانت المظاهرات تخرج بصورة مستمرة يختلط فيها الأحمر والأزرق ، الأبيض والأسود الحركة الاسلامية ، حزب الأمة و اليسار بكل اطيافه. شهدت البلاد حالة من الفقر ، وازداد شح المواد الغذائية ، من سكر ، وخبز ، والوقود فازدادت طوابير السيارات ، ثم صار ليتر البنزين مثل قطعة الأكثير ،وعشنا تاريخ السوق الأسود ، والفساد الابيض والأسود.انتشرت المحسوبية بصورة سرطانية وسط دواوين الحكومة. كان العالم يتغير بسرعة فى الثمانينات، بينما ظل السودان يتحوصل فى مشاكله الأولية ، انهيار اتفاقية أديس أبابا الذى دفعت بحركة التمرد الى طور جديد وتطور الحرب، كان العالم يطوى العقد الأخير من القرن العشرين ، مهيئا لتحولات استراتيجية وعسكرية قطبية فى مطلع القرن الحادى و العشرين، لكن السودان لا زال عرضة لخطورة التاريخ.ومفاجآت عيد الفطر. ثم جاءت انتفاضة أبريل فأطاحت بحكومة مايو بصورة سلمية.تلك شيمة من شيم السودانيين. ذهبت حكومة مايو دون نصب للمشانق ، والأعدامات أو الثأرات. أمة عجيبة نحن ، لنا مقدرة هائلة على الغضب والعفو . هذا هو (الرابط العجيب) بين الشعب السودانى . الغضب والغليان والوعيد ثم السكون والعفوالمفاجيئ. ذهبت مايو برياحها، وأعاصيرها، وأناشيدها، وملحنيها، ,أغانيها، فأختفى الوزير ذو الأصابع المغلوزة المربعة الى مزبلة التاريخ. لكن حسب علمى ان مزبلة التاريخ ليست هى نهاية المطاف فى حركة التاريخ السودانى فكثيرا ما عاد الناس من تلك المزبلة فتتم لهم عملية غسيل اجتماعى وأحيانا غسيل سياسى. كانت انتفاضة أبريل 1985 م أشبه بالماء الطلق لا لون لها ولا رائحة لكنها طاهرة وطهورة. وظهر على المشهد السياسى رجال حكماء، الدكتور الجزولى دفع الله الذى أشتهر بطريقة حديثه النبضيةPulse التى تنم عن ذكاء منقطع النظير ، والمشير سور الذهب بهدوئه وتركيزه ووقاره الذى يملأ شاشة التلفاز وقلوب الناس طمأنينة. عدت الى الخرطوم ، كنت أتجول بين الأطلال وبقايا الاشياء ، ومراتع الأصدقاء. ساقتنى قدماى بصورة عشوائية بعد المغيب الى جانب النهر، أعين السمك تلمع ، كان أحساس غريب ، حتى السمك فى جوف النيل حس الأمل فلمعت عيناه فرحا. أمل الديمقراطية. بالنسبة لجيلنا لم يعرف الديمقراطية ، فأقسمنا ان هى جاءت – الديمقراطية- الى السودان لنلبسنها جلابية وتوب وسروال ومركوب ( مع الاعتذار لمحمد وردى بوصفه حالة ابداعية يصعب تكرارها) . . محمد وردى كظاهرة كونية. . كلما أستمعت اليه ـاكدت ان الالحان مثل الافكار فهى من عند الله على حيب رأى اينشتاين ( لكن فقير الدور محقور) كما يقول المثل البقارى. كنت أسير بطريقة (سبرنية) ، قدماى تجر عقلى وعواطفى. فوقفت بصورة طبيعية تحت شجرة النيم العتيقة. شيئ عجيب لا زالت شجرة النيم هى ذاتها لم تتغير، تتغير الأشياء ، وتمر السنون ويغيب الناس ، يشرقون أو يغربون بذنب الغبن السياسى ، والبحث عن اللقمة الكريمة لكن تظل الأشجار هى الأشجار ، ومن مات منها يموت اقفا ، صح الأشجار تموت واقفة. التزام عجيب بقدسية الوطن وتربته فهل أنا شجرة. ذات الزيران ، ينضحان ماءا ، وضوء القمر الخميل يترقرق فوق وبين الصفق (فيبرقع) ضوء القمر بظلال باهته رمادية ، انها لحظة تعبيرية. ثم بسم الله الرحمن الرحيم هذا هو الكرسى البلاسنيكى ، وبرش الصلاة فى نفس المكان دار الزمان دورة فى خاطرى، فتغير كل شيئ ، رجعت سبعة سنين ، ذات الليلة التى تفقدت فيها الرجل الاسود المتوسط ليلة رفته، نفس الآثار ، والعلامات، طرقت الباب بهدوء، دون أن أتلفت خائفا من عيون مايو أو العين الثالثة للسيد الوزير ، سمعت وقع أقدام تفترب من الباب ، قلت أعرف الساكن الجديد ، كانت مفاجأة ، مريم تفتح الباب ، مرحب ابو أحمد . تغير الزمان والمكان أنا فى حلم أم فى علم ؟ هل أنا محيميد بندر شاه للروائى الطيب صالح لكن محيميد كان أكذوبة ، دخلت وجدت الرجل الأسود المتوسط نفسه على ذات السرير . قال وصلنا من أبى ظبى منذ أسبوع . جلست بهدوء. نفس كوب السليقة . كيف حالك يا أبو أحمد. لم تغير أبوظبى ظفرا واحدا من أظفار مريم ، هى ذاتها لا يهمها شيئ من أمور وعمل الرجال ، ولا تريد أن تعرف ذلك.علمت عن ابنتهم سعاد لا زالت بأبى ظبى تقرأ الطب لم حالة فترة الامتحانات عن مجيئها معهم. أخبرتهم ان أحمد ابنى هو الآخر فى السنة الثالثة بكلية الآداب يدرس الأدب الأنجليزى. لم يكن الرجل الأسود المتوسط متفائلا . قلت له ، أطرح جبينك يا أخى ثم ابديت أداءا فراحيا لتذويب حالة السكون، قلت نحن نعيش عصر ديمقراطى ، والمستقبل واعد. قلت له بصورة دعابية : طبعا أنا أنصارى على السكين. قال : بصورة ساخرة ، كن أنصاريا أو كيفما تحب لنفسك لكن أبتعد عن السكاكين. تلك هى طبيعته ، ومقدراته فى الردود السريعة الساخرة. واصلت معه المسخره فقلت : والله انصارى على السكين ، عندك شك . . والله جدودى شربو البحر فى معركة كررى وتركو السمك. . . قال بسرعة: السكين والعصا كلها أسلحة بدائية متخلفة. لم أكن اضع حسابا عنيفا لمفردة سكين ، عندما قلتها فى سياق ( أنا انصارى على السكين).قال بعد أن شاهد ذهولى وانبهاتى : ستأتى الديمقراطية ثم تذهب. ثم يأتيكم انقلاب عسكرى آخر. قلت يا أخى كن متفائلا. نحن خلاص انطلقنا ، نحن سلة غذاء العالم ، سوف تنتهى الحرب الى الأبد.انتهى تاريخ الانقلابات. قال بهدوء : الشيطان فى التفاصيل.
    قلت لنفسى ، هذا رجل ساحر ، ربما شاهد تفاصيل التاريخ وجزيئاته فقرأ المستقبل ، سوف لن أصدق أى كلمة من كلاماته ، ما يهم هو ان البلد فى ديمقراطية، و سوف تبدأ الانتخابات قريبا ، فنحظى بحكومة ديمقراطية تعددية حزبية.كنت قد جذبت الباب خلفى بهدوء بعد أن ودعته وأنا أشق بطن الليل البهيم. النجوم عند ضوحى أمدرمان تسير على الأرض مثل النساء، والظلال تستطيل ، والكلاب تنبح بدلع ديمقراطى سلمى وحساسية نوعGender sensitivity ، وكل القطط تسلقت الحوائط الجالوصية وهى معكوفة الأذيال بصورة أوسكارية احتفاءا بالتعددية الحزبية والديمقراطية القادمة فهل حقيقة الشيطان فى التفاصيل . . بسم الله الرحمن الرحيم
    مضت ايام الحكومة الانتقالية وهى لا تخلو من تهديدات الطامعين فى الحكم ، كان الشعب يعض عليها بالنواجز والاضراس الخلفية والقوارض والأمامية، ومنهم شيوخ عضوها باللثة.كل الحسابات والآمال المزهرة والبراعم النرجسية الحجرية تحلم بالديمقراطية.وعندما جاءت الديمقراطية ، ظلت السماء بذات اللون الازرق ،والماء بلالون وبلاطعم، كل شيئ ظل كما هو بداية بشكل الرغيفة نهاية بالنقد البنيوى. لم تغيير الاشياء والناس هم الناس ، فنظرنا الى أنفسنا نبحث عن الديمقراطية فى ذاتنا ، فازداد الجدل بين المثقفين ، بينما أعلن اليسار منهم بان الديمقراطية شيئ موضوعى ، قال أهل اليمين انها شيئ ذاتى ونسبى. فاتهمهم اليسار بالميتافيزيقية الديمقراطية أما الوسطيون زعموا انها جمع بين ماهو ذاتى وما هو موضوعى فاتهمهم أهل اليمين بالسلبية. أذكر كنا قد كتبنا مذكرة الى رئيس مجلس الوزراء نشير فيها الى غياب الديمقراطية وعدم تحققها على أرض الواقع بشكل موضوعى، فما كان منه الا أن رد علينا بمذكرة فاحمة ، كثيرة الحواشى ، ذات اشارات فكرية ومرتكزات فلسفية ، وأصول تاريخية وسياسية وأدبية ، وصفنا فى مذكرته وشبهنا بحكاية المستقبليين الروس الذين ظلوا يغنون ، ويحثون الشعب على الثورة ثم جاءت الثورة لكنهم ظلوا هكذا ، فانتهت حكاياتهم الى الشتات والغربة ومنهم من انتحر حسرة واحباطا. اكتمل النادى الصغير ، وعدنا الى حلقة الشطرنج،قال ياسين : أين الديمقراطية . ضحكنا. الرجل الأسود المتوسط بصمته وأصابعه الملساء الجرداء أشبه بنشال حريف يحرك عساكره بهدوء وخفة فوق رقعة الشطرنج. عندما تم التقاط الصورة التذكارية لأعضاء الجمعية التأسيسية قال الرجل المتوسط وهوينقل حصانه فوق رقعة الشطرنج : بنهاية الفلاش سقطت هذه الجمعية.قلت تلك فترة لا يمكن عدها أو حسابها هى برهة تقاس بسرعة الضوء قال: قال نهايايت ضوئية ثم أردف مباشرة ( دبل جيك)رمقته بنظرة فاشلة ثم عدت بنظرة عمودية أخرى الى رقعة الشطرنج. بدأت أضرب أخماس فى أسداس . أصول وأجول بين عساكرى وهى مرصوصة بصورة رتيبة ، أفيالى تقبع بحكمة ووق ظلالها ثم أمر على الرخ الأبيض أو الأوسود ينتهيان الى لا شيئ.أما خيولى قد ترادفت. الرجل الأسود المتوسط يجيد لعبة الشطرنج قال : مات الملك . قلت له مبرروك . ثم وقفت متثاقلا .جلس محلى عاطف فكان نصيبه ( نابليون) كل عساكره تعلن عن نهاية الملك. كان ذلك فال شؤم . بعد أسبوعين صدرت الصحف عن نبأحكومة اتلافية ( حزب الأمة والاتحادى الديمقراطية) أما ( الجبهة الاسلامية ) التزمت المعارضة. فاشتد وطيس الجدل حول الدستور. ثم بدأت الانشطارات بين الكتل البرلمانية ، تم اسقاط الشريعة الاسلامية، وظهرت ائتلافات كثيرة ، كان كل ائتلاف يقود الى معارضة جديدة، فيتم فكه وحله ليحل محله أئتلاف آخر.وازدادت الخطب العصماء، خطب يتبارى فيها البرلمانيون فى توليد غريب المفردات فسمعنا لأول مرة ( من الميس الى الميس) ، ومرة من المرات تحدث أحدهم عن المرأة فقال حتى لا تشبه شخصية ( نورا ) فى مسرحية بيت الدمية!!. كنت قد قرأت تلك المسرحية ، وأعرف حكاية نورا ، فقلت هذا رجل مثقف ما الذى رمى به وسط السياسين. ثم ازادادت الحرب فى الجنوب المدن تسقط المدينة تلو المدينة على يد الحركة الشعبية لتحرير السودان ، والشعب يئن من الديمقراطية كانت الديمقراطية تدخل على الشعب من {اس الدولة ثم تخرج من قواعده ولا أحد يقوى على رؤيتها ، انها ديمقراطية فينيقية ، ازداد الاحباط، قال صديقى ( هذه ديكتاورية فاقدة كاكى). ثم هبتٍ رياح المجاعة ، لم يبق للناس شيئ غير أن يأكلوا ورق النيم والاشجار ومن يومها جاء المثل السودان ( تاكل نيمك)، فأزدادت الهجرة من الريف الى العاصمة. العميان شايل المكسر. طبعا عندما يشيل العميان المكسر ، هناك مهمة يقوم بها المكسر وهى الرؤية ، هى حالة تكافلية بين العميان والمكسرSolidarity أعلنت الحكومة بشفافية عن المجاعة فتأثر المجتمع الدولى فاصبح مطار الخرطوم محط طائرات الأغاثة من كافة انحاء العالم ثم غنينا مع العالم ( وى آر ذى ورلدWe are the world). لم تكن الديمقراطية الثالثة محظوظة ، أو بالاحرى لم نكن نحن محظوظين ، عندما جاء عام الفيضانات عام 1998 م طفحت العاصمة بالماء ، والذباب ، وأزدادت الأوبئة ، والحميات. وعانى سكان العاصمة من شح المواد الغذائية ، والماء ، والكهرباء . كان الليل بهيم ، والنجوم ساخرة و( القمر جالس فى فناء داره)، ثم خرج أحدهم رافعا عقيرته بالغناء فى سخرية بائنة ( يا جمال النيل والخرطوم بالليل) بينما كانت الخرطوم تغرق فى الظلام و نقيق الضفادع . لم نشهد فى حياتنا ضفادع بمثل تلك الكثرة . ضفادع تطير من الشباك الى الغرف المجاورة ، تفتح علبة الساردين تجد ضفدع.تحت الازيار، تحت قعور الأشجار . فى تلك الفترة ظهرت قصة (الطفابيع) للقاص السودانى الساخر التشيخوفى الدكتور بشرى الفاضل. ثم ظهر ناقد جهول ثرثار يحمل اسفاره على ظهره زعم ان الطفابيع هى الضفادع !! فوصفه شاعر وقور بانه ( ناقد ببرزعة) أى انه حمار . لأنه كالحمار يحمل أسفارا. . . ثم دقت المزيقه !!
                  

12-22-2006, 09:48 AM

محمد سنى دفع الله
<aمحمد سنى دفع الله
تاريخ التسجيل: 12-10-2005
مجموع المشاركات: 10986

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الرجل الاسود المتوسط !!! (Re: Abuelgassim Gor)

    كل عام والجميع بخير
    عام جديد واماني متوهجة
    لك كل النجاح والتوفيق
    في عامك القادم
    واصل ونحن نتابع معك وجميل العمل التوثيقي التاريخي لفترة مهمة من عمر امتنا
    والجميل انو الشيطان في التفاصيل !!
    نتابع
    مودتي
                  

12-22-2006, 12:50 PM

Abuelgassim Gor
<aAbuelgassim Gor
تاريخ التسجيل: 10-28-2006
مجموع المشاركات: 4630

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الرجل الاسود المتوسط !!! (Re: محمد سنى دفع الله)

    الاستاذ السنى
    كل سنة وأنت طيب.دوام العافية والصحةوالعودة الى الوطن.خانتك تند عن الأمة. ذلك هو الجزء الأول من رواية قصيرة من ثلاثة أجزاء بعنوان ثلاثية الرجل الاسود المتوسط ، الجزء الأول بعنوان قصة فلطوسية ، الجزء الثانى بعنوان قصة بطلموسية، أما الجز الثالث والأخير بعنوان قصة الطلاميسس.وهى كما اشرت تبحث عن توثيق روائى لفترات ماضية ، وفترات آنية ، وفترات قادمة. ثلاثية الرجل الاسود المتوسط ، نموذج من الرواية السياسية نوعها معروف فى الرواية الغربية لكن قل نوعها فى الرواية العربية . شكرا لمرورك على البورد، وشكرا لتشجيعكم.
                  

12-22-2006, 09:48 AM

محمد سنى دفع الله
<aمحمد سنى دفع الله
تاريخ التسجيل: 12-10-2005
مجموع المشاركات: 10986

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الرجل الاسود المتوسط !!! (Re: Abuelgassim Gor)

    كل عام والجميع بخير
    عام جديد واماني متوهجة
    لك كل النجاح والتوفيق
    في عامك القادم
    واصل ونحن نتابع معك وجميل العمل التوثيقي التاريخي لفترة مهمة من عمر امتنا
    والجميل انو الشيطان في التفاصيل !!
    نتابع
    مودتي
                  

12-22-2006, 12:29 PM

Abdulbagi Mohammed
<aAbdulbagi Mohammed
تاريخ التسجيل: 12-12-2006
مجموع المشاركات: 1198

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الرجل الاسود المتوسط !!! (Re: محمد سنى دفع الله)

    Slamat Ya Usatz Gassim as normal i like the way you squeeze the ideas to give us a narated juice,or juiced naration,but are we going to see more after the music or the drums hit?h
    ,keep on stay wel man
                  

12-22-2006, 12:57 PM

Abuelgassim Gor
<aAbuelgassim Gor
تاريخ التسجيل: 10-28-2006
مجموع المشاركات: 4630

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الرجل الاسود المتوسط !!! (Re: Abdulbagi Mohammed)

    Dear Mr.Mohmmed
    I hope it is delicious , pleasant and sweet juice not asdic . This is part one . In part tow some signs after dumps hits could be seen.
    Peace,
    Gor
                  

12-22-2006, 01:26 PM

Abdulbagi Mohammed
<aAbdulbagi Mohammed
تاريخ التسجيل: 12-12-2006
مجموع المشاركات: 1198

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الرجل الاسود المتوسط !!! (Re: Abuelgassim Gor)

    Dear Gassim
    sorry i don't have Arbic in my PC neahter the lab top ,but i did like and digested it , and truely glad to hear that there is more other two parts , go a head man, it is documentation and more than that ,real art, could you pls send me the other parts to my email, hopfully you have it .stay wel man we will discuss more when i get back to Khartuom on January, thanks again
                  

12-22-2006, 07:29 PM

Abuelgassim Gor
<aAbuelgassim Gor
تاريخ التسجيل: 10-28-2006
مجموع المشاركات: 4630

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الرجل الاسود المتوسط !!! (Re: Abdulbagi Mohammed)

    Up
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de