دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
Re: السودان الجديد (Re: خالد الطيب أحمد)
|
يجري العمل علي قدم وساق بالداخل والخارج للإعلان قريبا جدا عن
حزب السودان الجديد..فالفكرة التي طالما راودت الكثيرين, يجب وينبغي عليها
أن تخرج من حيزها إلي عمل ..وعمل ضخم جدا وشاق وطويل يضم كافة ابناء السودان
رجال ونساء , عمال , مزارعين , طلاب ..فقط من أجل مصلحة (السودان الجديد) الذي يحلم به الجميع.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السودان الجديد (Re: خالد الطيب أحمد)
|
ستتحول قريبا الفكرة السودان الجديد التي توارثتها الأجيال -جيلا بعد جيل- إلي عمل منظم وقوي بعيد المدي. أما عن اختيار الاسم " السودان الجديد " ذلك لأن معظم الشعب السوداني مؤمن منذ بدايات القرن الماضي بهذه الفكرة، وجميع المؤسسين يؤمنون أنهم " سودان جديد " من حيث عملهم و طرحهم القادم بقوة .
كما وستتعدد وسائلهم لتحويل الفكرة إلي واقع وعمل ثوري وطني قوي, وذلك لبث الأمل ونزع حالة اليأس التي يعاني منها معظم أبناء الوطن اليوم نظرا لعدم مصداقيه التجارب الكثيرة التي مر بها الشعب العظيم الصابر , وكذلك تغيير الصورة السلبية المرسومة لدي فئة غير قليلة عن العمل الحزبي والأحزاب بالبلاد .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السودان الجديد (Re: خالد الطيب أحمد)
|
وأما عن اللون الأبيض في الوسط:
فهو رمز للسلام بين أبناء الوطن وكذلك مع بقية شعوب العالم الأخري , وهو أيضا يرمز للتفاؤل والخير والنقاء.
تزينه في الوسط الحمامة رمز السلام والمحبة لتذكرنا دوما بأننا قد عشنا أحلك أيامنا في الحرب التي أخذت منا جميعا بلا إستثناء .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السودان الجديد (Re: خالد الطيب أحمد)
|
يا سلام عليك يا خالد الطيب يا فنان
كلك ذوق وابداع
في السودان الجديد البنحلم بيه
تتساوى الكتوف
ويتحقق العدل
ويحترم البشر بعضهم البعض
يبشر اعلامه بثقافتهم جميعا على قدم المساواة.
ويتعين الناس بكفأتهم وليس بانتماءتهم الحزبيه او الطائفيه او العرقيه.
في السودان الجديد يتعلم طلابنا الصغار عن الديمقراطيه وحقوق الانسان.
وتتغير المناهج لمناهج اكثر عقلانيه وديمقراطيه وحداثه ومواكبه.
في سوداننا الجديد العنف مرفوض تجاه كل البشر ابتداء بالاطفال وختاما
بالنساء وما بينهم من مسنين ومعاقين ومجموعات لها خصوصيتها.
في سوداننا الجديد
ممنوع الضرب في المدارس وممنوع عنف الشرطه وممنوع الاعتقال بغير امر قضائي
وممنوع انتهاك آدمية البشر في التعامل في كل دوائر الحكومه.
في سوداننا الجديد ممنوع مهنة الدعارة لانه اسوء شيئ ان يبيع اي كان
نفسه لاجل لقمة عيش.
في سوداننا الجديد توفير فرص عمل عادله للجميع وتحمل الدوله لتكلفة معيشة
الغير قادرين على العمل.
وتوفير العلاج المطلوب للمحتاج ومجانية التعليم والزاميته لسن الثانوي العالي.
في سوداننا الجديد انضباط اكثر لقوانين المرور واستخراج الرخص وضرورة التزام المواطنين
بقوانين المرور والزامية التأمين على العربات,فحياة المواطنين اهم شيئ.
في سوداننا الجديد نحلم بموظفين يراعون اسرار المهن ,اي طبيب يزيع اسرار مهنته
يمنع من مزاولة المهنه للابد وكذلك اي محامي...باحث اجتماعي....الخ.
في سوداننا الجديد اقتصادنا خليط ما بين الملكيه العامه والحرة وعدالة تشريعات
مشجعه للاستثمار وقروض ميسرة للمحدودي الدخل ,وبعدها حقيقة سنرى انطلاقه جيده للاستثمار
و التنميه.
ولي عوده.
تراجي.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السودان الجديد (Re: Tragie Mustafa)
|
الأستاذة تراجي ..
تحياتي..
Quote:
في السودان الجديد البنحلم بيه
تتساوى الكتوف
ويتحقق العدل
ويحترم البشر بعضهم البعض
يبشر اعلامه بثقافتهم جميعا على قدم المساواة.
ويتعين الناس بكفأتهم وليس بانتماءتهم الحزبيه او الطائفيه او العرقيه.
في السودان الجديد يتعلم طلابنا الصغار عن الديمقراطيه وحقوق الانسان.
وتتغير المناهج لمناهج اكثر عقلانيه وديمقراطيه وحداثه ومواكبه.
في سوداننا الجديد العنف مرفوض تجاه كل البشر ابتداء بالاطفال وختاما
بالنساء وما بينهم من مسنين ومعاقين ومجموعات لها خصوصيتها.
في سوداننا الجديد
ممنوع الضرب في المدارس وممنوع عنف الشرطه وممنوع الاعتقال بغير امر قضائي
وممنوع انتهاك آدمية البشر في التعامل في كل دوائر الحكومه.
في سوداننا الجديد ممنوع مهنة الدعارة لانه اسوء شيئ ان يبيع اي كان
نفسه لاجل لقمة عيش.
في سوداننا الجديد توفير فرص عمل عادله للجميع وتحمل الدوله لتكلفة معيشة
الغير قادرين على العمل.
وتوفير العلاج المطلوب للمحتاج ومجانية التعليم والزاميته لسن الثانوي العالي.
في سوداننا الجديد انضباط اكثر لقوانين المرور واستخراج الرخص وضرورة التزام المواطنين
بقوانين المرور والزامية التأمين على العربات,فحياة المواطنين اهم شيئ.
في سوداننا الجديد نحلم بموظفين يراعون اسرار المهن ,اي طبيب يزيع اسرار مهنته
يمنع من مزاولة المهنه للابد وكذلك اي محامي...باحث اجتماعي....الخ.
في سوداننا الجديد اقتصادنا خليط ما بين الملكيه العامه والحرة وعدالة تشريعات
مشجعه للاستثمار وقروض ميسرة للمحدودي الدخل ,وبعدها حقيقة سنرى انطلاقه جيده للاستثمار
و التنميه.
ولي عوده.
تراجي. |
وأضيف لما ذكرتيه باالأعلي .. السودان الجديد سيسعي إلي إيقاظ روح السلام بين السودانيين -بحكم أنها موجودة أصلا- لكن لأن الظلم الواقع عليهم كان عنيفا للغاية , لذا سادت روح الحرب , فكل سوداني بطبعه محب للسلام ومحب لأخيه في كل مكان في الغرب والشمال , الجنوب والشرق ..وسنسعي كذلك للحفاظ علي السلم العالمي, والإعتراف بكل المنظمات الدولية التي تعمل من أجل حقوق الإنسان .
كما وسيكون من أسمي إلتزاماتنا في الحزب هو احترام كرامة الإنسان السوداني في أي مكان بالعالم.ً
سنحترم كذلك جيراننا فلن نتدخل في شئون أي دولة ما لم تعتدي علينا -وسنحتكم للشرعية الدولية أولا -ذلك لأننا نحب السلام ونكره الحرب مع وجود جيش قوي يدافع عن البلاد إذا ما جابهتها المخاطر .
كما ولا ننسي البيئة , فسنكرس الكثير من البرامج لها ولحمايتها .
وأنتظر عودتك يا تراجي.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السودان الجديد (Re: خالد الطيب أحمد)
|
السودان الجديد، سيعمل بكل عزيمة وإصرار وجدية علي تكريس مفاهيم من بينها إقامة نظام سياسي واجتماعي على اسس جديدة، تقوم على اساس المواطنة فقط، وليس على الانتماء لحزب، او عرقية او منطقة بعينها. ولقد ان الاون أخيرا لظهور حزب السودان الجديد من منطلق الاهداف الجديدة عمليا والقديمة قولا !,ونهدف من خلال هذا الحزب علي خلق دولة حضارية تكون قادرة على التعامل مع المتغيرات الكونية ومفراداتها الجديدة. .دولة تحتكم للقانون وتمارس الديمقراطية فعلا لا قولا, بدلا عن شريعة الغاب والإنقلابات العسكرية. ان مفردة السودان الجديد تقتضي ليس التخلص من هيمنة المركز فقط , بل إعطاء الفرصة للجميع للتنافس السياسي والإحتكام لإنتخابات عــادلة لتداول السلطة, وليس كما كنا نشهد في السودان القديم. ولأن الصراع السياسي أمر طبيعي بين الأحزاب المختلفة، فينبغي كذلك ان يكون صراعا حقيقيا من أجل مصلحة السودان العليا، لاان تكون الممارسة السياسة وبالا وكارثة علي الوطن، لأنها ستقود البلاد إلي ماهي عليهالآن ومن قبل.
مفهوم السودان الجديد يقتضي الانطلاق من ادراك موضوعي وواضح لطبيعة واقعنا السوداني بالأمس واليوم, ومحاولة لقراءة ما سيكون عليه الحال بالغد كذلك.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السودان الجديد (Re: خالد الطيب أحمد)
|
قبل ما تسرح يا حبيب:
السودان الجديد، حتمية لا بد منها! السودان الجديد، يختلف من ذهنية لأخرى، ولكنه حتمية لا بد منها! زمان ناس الجبهة - أو الرائد الذى لا يكذب أهله - مارسوا الإقصاء السياسى بي فكرة إنو إنت لو ما جبهة معناها إنت ما مسلم، يعنى إرهاب فكرى وسياسى (زى البيمارسوهوا ناس وسام وواصل وهبانى).
هسع، ناس حزب الأمة بالإنجليزى (SPLM/A) بقوا عندهم نموذج مبهم المعالم اسموا "السودان الجديد" إنت لو ما معاهم معناهاإنت ما مع السودان الجديد (بنفس طريقة الإقصاء والإرهاب الفكرى والسياسى بتاع الجماعة آنفى الذكر).
السودان الجديد حتمية مليانة أحزاب جديدة، وبالتالى فكرة حزب بأسم "السودان الجديد" معناهو إمّا الفكرة يا داب وقعت ليك؛ أو إنت بتصتاد فى المياه الكدرة. وسوف تصفوا الليالى بعد كدرتها!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السودان الجديد (Re: تبارك شيخ الدين جبريل)
|
الأحباء خالد وتراجي وتبارك....والله ماخليتوا لينا حاجة نقولها....فالسودان الجديد....بغض النظر عن إختلاف معناه ودلالاته من شخص لآخر....هو حلمنا جميعآ....طالما إتفقنا علي الخطوط العريضة ....وإختلفنا في التفاصيل الدقيقة....فهذه محمدة والله.....الحبيب خالد....أقترح أن يرمز اللون الأسود في علم السودان الجديد للقارة السمراء وكذلك للبترول...الذهب الأسود....ودمت..
راشد
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السودان الجديد (Re: Rashid Elhag)
|
الحبيب د.راشد..
تحياتي..
حقا ما ذكرته أنت ..فجميعنا-بالداخل والخارج من المؤسسين- قد إتفقنا علي الخطوط العريضة لحزب السودان الجديد, وكذلك إطلعنا علي معظم الدراسات والبحوث والمقالات التي كتبها أبناء الوطن الحادبين عليه عن (الفكرة الحلم) والتي لن نسمح لها ابدا بالفناء لإرتباطها بنا جميعا كسودانيين.. ها نحن أخي راشد نجسدها في (حزب السودان الجديد)..حزب كل السودانيين الثوار الأحرار.. من أقصي بحار الشرق الحبيب لأقصي وديان الغرب الحبيب..ومن أقصي سحر غابات الجنوب الحبيب لأقاصي نخيل الشمال الحبيب.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ شكرا علي الإضافة المهمة وسيتم حالا التعديل لإدراج الذهب الأسود كجزء من رمزية اللون الاسود.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السودان الجديد (Re: خالد الطيب أحمد)
|
لماذا السودان الجديد؟
إن أحلام و تطلعات الشعب السوداني يجب أن لا توأد أبدا.. فالشعب السوداني يجب أن يرتقي بمكانته بين الأمم .. و" السودان الجديد " كان دائما فكرة تزرع الأمل في نفس كل سوداني , لكنها لم تجد تبني كامل لها حتي تخرج لحيز الوجود كمولود سوداني حقيقي ،إذا فهي " مشروع شعب وأمة بحالها" ينتمي لتراب هذا الوطن ..كما وينحاز للفقراء والضعفاء المتطلعين للغد الأفضل على كل المستويات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية .كما وأننا واثقون تماما بأن ما سيطرحه حزب " السودان الجديد ", و-سيعمل ليل نهار من أجله- سيلبي تطلعات أمتنا السودانية جمعاء.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السودان الجديد (Re: خالد الطيب أحمد)
|
قبل ما تسرح يا حبيب:
السودان الجديد، حتمية لا بد منها! السودان الجديد، يختلف من ذهنية لأخرى، ولكنه حتمية لا بد منها! زمان ناس الجبهة - أو الرائد الذى لا يكذب أهله - مارسوا الإقصاء السياسى بي فكرة إنو إنت لو ما جبهة معناها إنت ما مسلم، يعنى إرهاب فكرى وسياسى (زى البيمارسوهوا ناس وسام وواصل وهبانى).
هسع، ناس حزب الأمة بالإنجليزى (SPLM/A) بقوا عندهم نموذج مبهم المعالم اسموا "السودان الجديد" إنت لو ما معاهم معناهاإنت ما مع السودان الجديد (بنفس طريقة الإقصاء والإرهاب الفكرى والسياسى بتاع الجماعة آنفى الذكر).
السودان الجديد حتمية مليانة أحزاب جديدة، وبالتالى فكرة حزب بأسم "السودان الجديد" معناهو إمّا الفكرة يا داب وقعت ليك؛ أو إنت بتصتاد فى المياه الكدرة. وسوف تصفوا الليالى بعد كدرتها!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السودان الجديد (Re: تبارك شيخ الدين جبريل)
|
أهلا تبارك:
Quote: قبل ما تسرح يا حبيب:
السودان الجديد، حتمية لا بد منها!
|
لم نسرح أبدا..طالما هناك عمل كبير جدا يتم حاليا لوضع اللمسات الأخيرة للإعلان عن حزبالسودان الجديد الحزب الأمل , الذي نتج من فكر عدد ضخم جدا من المفكرين من أبناء السودان , وسيتبلورقريبا جدا إلي عمل سياسي حزبي حقيقي. ولأن جميع القائمين بأمر حزب السودان الجديد الحزب القادم (سنكشف عنهم في حينه) مؤمنين بحتمية السودان الجديد لذا يريدون الإنخراط في عمل حزبي حقيقي تحت راية تحمل إسم السودان الجديد.
Quote: السودان الجديد، يختلف من ذهنية لأخرى، ولكنه حتمية لا بد منها!
|
القائمون بأمر الحزب -وأطلق عليه الحزب الأمل- إتفقوا جميعا علي رؤية محددة للسودان الجديد , وسيتم طرحها كاملة يوم تدشين عمل الحزب قريبا.
Quote:
زمان ناس الجبهة - أو الرائد الذى لا يكذب أهله - مارسوا الإقصاء السياسى بي فكرة إنو إنت لو ما جبهة معناها إنت ما مسلم، يعنى إرهاب فكرى وسياسى (زى البيمارسوهوا ناس وسام وواصل وهبانى).
هسع، ناس حزب الأمة بالإنجليزى (SPLM/A) بقوا عندهم نموذج مبهم المعالم اسموا "السودان الجديد" إنت لو ما معاهم معناهاإنت ما مع السودان الجديد (بنفس طريقة الإقصاء والإرهاب الفكرى والسياسى بتاع الجماعة آنفى الذكر).
|
تأكد يا تبارك إن لم تكن كادرا في حزب السودان الجديد فلن يطلق عليك أحد أعضاء الحزب (سودان قديم)!, ذلك لأننا نحترم الآخر وفكره وقناعاته , فقط عليه أن يحترم أفكار غيره التي يتبنوها.
Quote:
السودان الجديد حتمية مليانة أحزاب جديدة، وبالتالى فكرة حزب بأسم "السودان الجديد" معناهو إمّا الفكرة يا داب وقعت ليك؛ أو إنت بتصتاد فى المياه الكدرة. وسوف تصفوا الليالى بعد كدرتها! |
والسودان الجديد أيضا حتمية وبرنامج يصلح لقيام حزب سياسي يتبني الفكرة التي طالما راودت كل سوداني لأكثر من قرن من الزمان ..
كما ولا يوجد أحد يود الصيد في الماء العكر (الذي تعنيه)..
فلننتظر سويا قادمات الايام..
وهذا الخيط ليس سوي مقدمة سيجيء حتما بعده الكثير.
كن قريبا.. وبخير
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السودان الجديد (Re: خالد الطيب أحمد)
|
الأخ المحترم خالد الطيب أحمد. تحيّه طيبه.لدّي أسئله بتخص هذا الحلم النبيل (السودان الجديّد) قبل أن ندخل في الاسئله المُهمه، لو سمحتم جاوبوني عليّ الآتي! - في أي قاره يقع هذا السودان؟ (جديد ولا قديم) (يكون مش بطال لو أعطيتموني فكره عن القاره والقطر.. ثم ، عدد القارات بهذا الكون). - ما هي الدول المجاوره لـه؟ وكم عددها؟ - ما هي عدد الإثنيات البتقطنو؟ - خطوط الطول والعرض؟ (السؤال دا إختيّاري).
فائق إحترامي.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السودان الجديد (Re: Mohamed Adam)
|
الأخ المحترم محمد آدم
تحياتي..
يمكنك البحث عبر الشبكة العنكبوتية وسوف تجد معلومات كثيرة عن السودان
فضلا أكتب علي شريط متصفحك قوقل google.comأو أي محرك بحث ثم أكتب السودان (بالعربي أو بالإنجليزي) وستجد كل ما تتمناه من معلومات.
تحياتي.
أما عن عدد القارات بالكون, فلا أدري؟
أما بكوكب الأرض فهي ايضا تعتمد علي النظام الذي تعتمده لمعرفتها
يمكنك القول سبعة..ستة..خمسة..أربعة ..
حسب نظام التصنيف الذي تتبعه .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ إذا لم توفق في البحث فيمكنني مساعدتك في كل الأحوال.
تحياتي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السودان الجديد (Re: خالد الطيب أحمد)
|
حتما سيكون حزب " السودان الجديد " ليس الوحيد ولا الأول الذي تبني للفكرة " السودان الجديد ",لكنه سيتميز عمن سبقه بعمله الجاد علي جعل الفكرة هي الهدف الأول والأخير وإخضاعها من ثم إلي حيز التنفيذ الفعلي العملي عبر برامجه وآلياته التي سيستخدمها .
إن حزب " السودان الجديد " القادم ؛ وخلافا للمفاهيم الحزبية الكثيرة التي سبقته - نحو فكرة " السودان الجديد "-, فقد حدد معالمه وأهدافه قبل الإنطلاق بتبنيه لفكرة " السودان الجديد " - وفق طرح واضح المعالم- وسيعمل علي تنفيذها وفق برامج عملية وتفصيلية وممكنة التنفيذ ؛ وباطروحات سياسية ونشاطات وجهود تنظيمية ذات مقدرة وكفاءة عالية ؛ ميقنين أن أزمتنا التاريخية التي طالت فهي لابد لها من مخرج , وزوال ابدي.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السودان الجديد (Re: خالد الطيب أحمد)
|
أهـلاَ بيك يا أبوالخلود. يا خوي أنا لو كنت بعرف أقوقل ولا كنت بعرف أفرق بين الكون والأرض ، أو بقدر أصيغ اسئله منطقيّه كُنت "سـعلتك" شدوا حيلكم وجاوبوني علي أسإلتي "المجومكه دي" وياهو التحت دا كلامكم قلتوهو أو قوقلتوهو... بأنكم تلبوا تطلعاتنا ، بسودانكم الجديد دا:Quote: كما وأننا واثقون تماما بأن ما سيطرحه حزب " السودان الجديد ", و-سيعمل ليل نهار من أجله- سيلبي تطلعات أمتنا السودانية جمعاء. |
مودتي.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السودان الجديد (Re: خالد الطيب أحمد)
|
واثقون أن حزب " السودان الجديد " سيجسد مفاهيم ليست معقدة ولا صعبة الفهم والإستيعاب والتطبيق ,بل وواثقون أنها كانت تحتاج-المفاهيم- فقط لمن يعمل من أجلها هي فقط -دون غيرها- وبكل تجرد وتضحية ونكران ذات..هي مفاهيم معظمها قد إتفقت عليها كل الإنسانية والعالم اليوم بينما غابت عن البعض منا , وأستعصت علي اخرين , بينما تجاهلها البعض الآخر!.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السودان الجديد (Re: خالد الطيب أحمد)
|
وسنواصل في هذه المساحة التبشير بقدوم حزب " السودان الجديد " , وذلك عبر كل ما يقع علي أيدينا من مقالات وموضوعات منشورة كانت قد كتبت عن مفاهيم وفكر " السودان الجديد " هنا وهناك, فهي ستكون زادا ومعينا لنا في رحلة طويلة شاقة .. ستهون من أجل " السودان الجديد " ..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السودان الجديد (Re: خالد الطيب أحمد)
|
ونبدأ بإستعراض ما يقع علي أيدينا من فكر السودان الجديد.
الإلتزام بالوحدة: رؤية " السودان الجديد "
د. جون قرنق دى مابيور
محاضرة ألقيت فى القاهرة 1997 ونشرت ضمن:
"جون قرنق: رؤيته للسودان الجديد، قضايا الوحدة والهُويَّة، ترجمة وتحرير د. الواثق كمير، تقديم د. محمد صبحي ود. ميلاد حنا، الشركة الإعلامية للطباعة والنشر، الجيزة، القاهرة 1998" ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ ـ ـ ـ ـ ـــ ـ
* الوحدة فى التنوع
* التنوع التاريخى
* التنوع المعاصر
* مشكلة السودان وليست مشكلة الجنوب
* الدين والدولة
* الحاجة الى بقاء دولة قومية (أمة- دولة)
الوحدة فى التنوع
أود أن أطرح رؤيتنا، رؤية الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان، الطريق الذى نرى أنه سيقودنا الى الأمام. وأعتقد أنه نفس اتجاه التجمع الوطني الديمقراطي. وسمينا هذه الرؤيَّة رؤيَّة " السودان الجديد ". وهى ترتكز على تحليل علمي للأوضاع وتستند على تقويم متماسك لها فى واقعنا التاريخى والمعاصر معاً. وأنا لا أفتعل هذه الأشياء، فهي حقائق. هذا هو الموجود فعلاً ولا بدَّ من تأسيس " السودان الجديد "على الواقع وليس على الخيال. فى عام 1983 اجتمعنا فى الغابة، بعد حوادث بور، والبيبور، وفشلا، وأيوت، وكان السؤال الذى واجهنا هو: نقاتل من أجل ماذا؟ ما هو هدفنا؟...ومنذ اليوم الأول- وقد أشرنا الى ذلك فى مانفستو الحركة- وقفنا مع وحدة بلدنا. ولكن، كان هنالك تشويش إذ بدا لنا وقتها غريباً لحركة تنطلق من جنوب السودان أن تدعو لوحدة البلاد. ارتبك الجنوبيون وهم يتساءلون: ولكن، كيف نتحد مع الشماليين؟ فهم المشكلة. بينما تساءل الشماليون: كيف يأتي التحرير من الجنوب؟ ونحن نقول ولما لا؟ كما تشكك الشماليون فى معنى هذا التحرير، تحرير ممن "من منو؟" وقد رددنا بدورنا على ذلك: فهو ليس تحرير ممن بل تحرير من ماذا "من شنو؟" لذلك، أود أن أشدد من البداية على أن الحركة ظلت ثابتة على أهدافها الأربعة عشر عاماً الماضية، بالرغم من الاضطراب الذى يطرأ من وقت لآخر نتيجة لما يحدثه الخارجون على هذه الأهداف من بلبلة.
الوحدة التى نتحدث عنها فى الحركة الشعبية، وأتمنى أن يكون هذا ما نتجه نحوه فى التجمع الوطني الديمقراطي، هى نوع جديد من الوحدة. لا يمكن أن نكون قد حملنا السلاح ودخلنا الأحراش فى عام 1983 لنأتي بوحدة تضطهدنا، فهذا ليس طبيعياً، ولم يك ممكناً أن نفعل ذلك. فالوحدة التى ننادى بها مختلفة تماماً، وهى ليست الوحدة نفسها التى يتحدث عنها الآخرون. هنا يكمن مصدر الخلط والتشويش. فلام أكول مثلاً، عندما تحدث الى راديو بى بى سى وطرح سؤالاً بلاغياً (طرحه لمجرد التأثير فى النفوس لا ابتغاء الحصول على جواب): "جون قرنق يتحدث عن الوحدة والبشير يتحدث عن الوحدة، فما هو الفرق بينهما؟" نقول له: هناك عالم من الفرق بين الاثنين، فالوحدة التى نعنيها تقوم على واقعين، أولهما أسميه الواقع التاريخى أو التنوع التاريخى، والثاني أطلق عليه التنوع المعاصر أو الواقع المعاصر. هذان التنوعان أو الواقعان يمثلان عناصر تكويننا وتشكلنا ولا بدَّ من تأسيس الوحدة عليهما. فالأساس الأول للوحدة هو التنوع التاريخى، فكتب العصور القديمة، بما فى ذلك الكتاب المقدس، زاخرة بذكر السودان، إن كان تحت اسم كوش أو السودان أو مصر، وأنا لا أختلق هذه الأشياء.
التنوع التاريخى
هذا هو الكتاب المقدس، وهو بين يدي وليس فى رأسي، فى سفر التكوين، الإصحاح الثانى، الله بحكمته المطلقة خلق كل شئ، "غرس الرب الإله جنة فى عدن شرقاً ووضع هناك آدم الذى جبله، وكان نهر يخرج من عدن ليسقى الجنة ومن هناك ينقسم فيصير أربعة رؤوس. إسم الواحد فيشون، وهو المحيط بجميع أرض الحويلة حيث الذهب، وذهب تلك الأرض جيد، هناك المقل حجر الجزع (العطور النادرة والأحجار الكريمة). واسم النهر الثانى جيحون، وهو المحيط بجميع أرض كوش. واسم النهر الثالث حداقل، وهو الجاري شرقي أشور. والنهر الرابع الفرات". للناس فكرة مبسطة عن جنة عدن إذ يعتقدون أنها قطعة صغيرة من الأرض. فى الحقيقة أن جنة عدن مساحة كبيرة وممتدة من الأرض- فهى تنبسط من قيهون (قحيون) جنوباً الى الفرات شمالاً. وفيهون وفيشون اللذان يجريان فى أرض كوش هما نهرى النيل الأبيض والنيل الأزرق. وتقع كوش، وفقاً لتفسير إحدى الحواشي، فى السودان. فالسودان مذكور بالحرف فى الكتاب المقدس بينما يعتقد الدكتور حسن الترابي أن تاريخ السودان لم يبدأ إلا فى عام 1989 عندما استولى على السلطة.
ذكر السودان أيضاً فى سفر الملوك الثانى، الإصحاح التاسع عشر، "فرجع ريشاقى ووجد ملك أشور يحارب لبنة لأنه سمع أنه ارتحل عن لخيش، وسمع عن تهارقا، ملك السودان، قولاً قد خرج ليحاربك قائداً لجيش المصريين فعاد وأرسل رسلاً الى حزقيا ملك يهوذا". ونلاحظ هنا عمق الروابط التاريخية بين مصر والسودان وأنهما كانا بلداً واحداً. ويذكر سفر أخبار الأيام الثانى، الإصحاح الرابع عشر، أنَّ حرباً وقعت بين الإسرائيليين وجيرانهم، وكان السودان أحد هؤلاء الجيران، "وكان للملك آسا جيش يحملون أتراساً ورماحاً من يهوذا ثلاثة مائة ألف ومن بنيامين من الذين يحملون الأتراس ويشدون القسي مائتان وثمانون ألفا. كل هؤلاء جبابرة بأس. فخرج إليهم زارح السوداني بجيش ألف ألف وبمركبات ثلاث مئة وأتى الى مريشة، وخرج آسا للقائه واصطفوا للقتال فى وادى صفاتة عند مريشة. ودعا آسا الرب إلهه وقال يا أيها الرب ليس فرقاً عندك أن تساعد الكثيرين ومن ليس لهم قوة".
يتضح من ذلك أنه كان لنا حاكم يدعى زارح استطاع أن يعد جيشاً قوامه مليون رجل. إذن، حينما يصرح البشير بأنه سيجهز جيشاً من مليون مقاتل فهو لن يكون أول سوداني يفعل ذلك، فهذا ما تم فعله قبل آلاف السنين. أيضاً، فى سفر زكريا، الإصحاح الثامن عشر، كما يعلم الكثيرون منكم، ورَّد أن الله سيعاقب السودان، ويبدو أن هذا العقاب قد وقع علينا بالفعل. هذا هو تاريخنا وهذا ما صنعنا نحن. لا بدَّ من الرجوع الى الماضى حتى ندرك الحاضر ونمهد الطريق الى المستقبل. فقد ازدهرت حضارات كوش، ومصر الفرعونية، والممالك القروسطية منذ آلاف السنين قبل الميلاد. ومن ثم، ومع بداية الحقبة المسيحية، قامت فى السودان حضارات قوية تمثلت فى ممالك النوبة المسيحية والتى دامت لأكثر من سبعمائة عام. وتبع ذلك، ومع ظهور الإسلام وتدفق المهاجرين من شبه الجزيرة العربية، إقامة ممالك إسلامية قوية. وبعدها جاء الحكم التركي-المصرى، ثم المهديَّة، ثم الحكم الثنائي الإنجليزي-المصري الى أن نال السودان لاستقلاله فى 1956. هذا هو ما أطلق عليه التنوع التاريخى، وهو جزء منا. فالناس الذين ورَّد ذكرهم فى الكتاب المقدس، والذين غزوا يهوذا بجيش مكون من مليون فرد، من ناحية أحفادهم، حاضرون بينكم هنا، فإلى أين تعتقدون أنهم قد ذهبوا؟ فالأرض لم تنشق لتبلعهم بل هم موجودون فى السودان. كذلك هؤلاء الذين أقاموا الممالك النوبية المسيحية، والذين أسسوا الممالك الإسلامية أيضاً، موجودون فى السودان. هذا جميعه ما زال حتى وقتنا الراهن، يشكلنا ويكون جزءاً من هُويتنا. يجب أن نكون فخورين بتاريخنا ويجب أن ننقله لأولادنا، كما يجب تضمينه فى المناهج التعليمية وتدريسه للطلاب لكي ندرك ثقافتنا وثراء ماضينا. فالتاريخ لم يبدأ مع د. الترابي ولكنه يرجع طويلاً جداً الى الوراء. هذا هو التنوع الذى أقصده.
التنوع المعاصر
الشكل الآخر من التنوع هو التنوع المعاصر. يتكون السودان من قوميات متعددة، من مجموعات اثنية متعددة، أكثر من 500 مجموعة تتحدث أكثر من مئة لغة مختلفة، ومن قبائل كثيرة. هذا هو الموجود وأنا لم أختلقه. فالدناقلة ما زالوا يتكلمون "بالدنقلاوى"، والبجة ظلوا يتحدثون "بالبجاوية". وحدث لى شئ غريب عندما ذهبت الى شرق السودان، فى منطقة همشكوريب، لأتفقد قواتنا الموجودة هناك. كنت أخاطب شباب البجة، وهم لا يعرفون العربية إنما يتكلمون لغة البجة فقط، وأنا قادم من الجنوب وأتحدث معهم بالعربية، فكان لا بدَّ لى من الاستعانة بمترجم، كدكتور الواثق وهو معي الآن، ليترجم حديثى من اللغة العربية الى لغة البجة. هذا هو التنوع المعاصر. نجد العديد من القبائل فى الجنوب، مثل الدينكا، والنوير، والشلك، والزاندى، واللاتوكا، والفرتيت، والمورلى وغيرها من القبائل. وفى الشمال أيضاً توجد قبائل كثيرة غير عربيَّة، فهناك النوبةأ والفور، والزغاوة، والمساليت، والعديد من القبائل العربية كالبقارة، والكبابيش، والرزييقات، والجعليين وغيرهم. لدينا كل هذه القبائل وغيرها. هذا هو التنوع، وهو أيضاً هناك ولم أفتعله أنا. ولدينا أديان مختلفة، فهناك المسلمون، وهناك المسيحيون وأصحاب كريم المعتقدات الأفريقية. أما مفهوم الإله الواحد فهو شائع بغض النظر عن دين الفرد. فالدينكا، مثلاً، يؤمنون بإله واحد يسمونه نيالج، ويشيع مفهوم الإله الواحد أيضاً وسط كل القبائل الأخرى، إذ ينطبق هذا على النوير والشلك كما ينطبق على القبائل الأخرى فى جنوب السودان. إذن، لدينا أديان مختلفة كلها متعايشة منذ زمن بعيد، باختصار هى الإسلام والمسيحية والديانات الأفريقية التقليدية.
هكذا، فإن هذا التنوع المعاصر، "قومياً" واثنيا وثقافياً ودينياً، يشكل جزءاً من، وكما أراكم أمامي الآن فأنتم مختلفون ولكنكم واحد، والتحدي الذى يواجهنا فى السودان هو أن نصهر جميع عناصر التنوع التاريخى والمعاصر لكي ننشئ أمة سودانية، نستحدث رابطة قومية تتجاوز هذه "المحليات" وتستفيد منها دون أن تنفى أي من هذه المكونات. إذن، وحدة بلادنا، الوحدة التى نتحدث عنها، لا بدَّ أن تأخذ هذين المكونين لواقعنا بعين الاعتبار حتى نطور رابطة اجتماعية سياسية لها خصوصيتها، وتستند على هذين النوعين من التنوع، رابطة اجتماعية سياسية نشعر بأنها تضمنا جميعاً، وحدة أفخر بالانتماء إليها، وأفخر بالدفاع عنها. يجب أن أعترف بأنني لا أفخر بالوحدة التى خبرناها فى الماضى وهذا هو السبب الذى دفعنا للتمرد ضدها. إذن، نحن بحاجة الى وحدة جديدة، وحدة تشملنا كلنا بغض النظر عن العرق أو القبيلة أو الدين، بحيث انه إذا حضر أى شخص الى الخرطوم، سواء كان قادماً من الجنينة أو من كادوقلى أو من جوبا أو من نمولى، فهو مواطن سوداني جاء الى العاصمة، "وحدث ذات مرة وأنا قادم من جوبا الى الخرطوم، وفى القيادة العامة وكنت وقتها عقيداً ومحاضراً فى جامعة الخرطوم، كلية الزراعة، أن سألني زميلي فى القيادة العامة: جون، متى حضرت الى السودان؟ فالسودان بالنسبة له هو الخرطوم".
مشكلة السودان وليست "مشكلة الجنوب"
نحن ننظر الى السودان بلداً سيظل موحداً وترتكز هُويته على هذين النوعين من التنوع، التاريخى والمعاصر. وهكذا فإنه منذ عام 1983، عندما أسسنا الحركة، قمنا بهذه التحليلات وطرحن هذه القناعة، ثم انطلقنا بعيداً عن النضال التقليدي فى الجنوب من أجل الاستقلال. فهذا ما كان عليه الحال دوماً منذ عام 1955 حين بدأت حرب حركة الأنيانيا والتى جاهرت بأن هدفها هو استقلال جنوب السودان. هذا، بالرغم من أنَّ هذا الهدف لم يتحقق إذ تمت تسويتة فى عام 1972 فى اتفاقية أديس أبابا والتى منحت الحكم الذاتي لجنوب السودان. انتقلنا بعيداً من منظور "مشكلة الجنوب" وحل "مشكلة الجنوب" وماذا نعطى للجنوبيين، وبهذا ينظر للسوداني الجنوبي وكأنه شخص مختلف عن السودانيين الآخرين وله مشكلة خاصة، فمفهوم "مشكلة الجنوب" الذى درج السياسيون والمراقبون على استخدامه يعنى- ولو ضمنياً- أن أهل الجنوب هم وحدهم أصحاب المشكلة، وهذا ليس صحيحاً. فالسودانيون لهم مشكلة فى كل مكان، فى الغرب ، والشرق، وفى الوسط وفى أقصى الشمال.
إذن فتعريف المشكلة وكأنها "مشكلة الجنوب" فقط هو محاولة لتهميش البعض. وقد وقع الجنوبيون بدورهم فى هذا الفخ وأصبحوا يرددون "لنا مشكلة"، مشكلة "جنوب السودان"، ومن هنا يبدأ البحث عن حلول وعما يقدم لهم حتى يصمتوا. انطلقنا بعيداً من هذا الطرح وقلنا بأن السودان ملكنا كلنا وبالتساوي وأننا جميعاً يجب أن نشترك فى تقرير مصيره. إن دعوتنا لوحدة البلاد قامت على هذا الأساس، وكانت هذه مفاجأة للكثيرين فى الجنوب والشمال على حد سواء. ففي الجنوب يقول الناس "إنه من السخف أن نحارب من أجل الوحدة، إذ كيف نحارب من أجل وحدة لا ننتمي إليها". فمن الناحية المنطقية، فإنه من غير الطبيعي أن يتوقع أحد منى أن أقاتل من أجل وحدة لا أنتمي إليها.
هكذا فإننا نقصد وحدة جديدة تقوم على ما أطلقت عليه "التنوع التاريخى" و"التنوع المعاصر". نحن نعتقد بأن الحكومات التى تعاقبت على الحكم فى الخرطوم منذ 1956 قد أقامت وحدة البلاد وتنميتها على أسس ضيقة وعلى تعريف منقوص للسودان استبعد حقائق أساسية فى واقع بلادنا. هذا الاستبعاد هو الذى تسبب فى الحرب، فالسودان كما نعلم، ومنذ 1956، يقوم على شوفينية اثنية ودينية، وأي شكل من الشوفينية يقود الى الفاشية فى كل مكان. مثلاً، الشوفينية الآرية العنصرية فى ألمانيا النازية، والفاشية فى إيطاليا، والشوفينية الاثنية فى جنوب أفريقيا فى شكل أبارتيد وهكذا. والحال دائماً، أن يفضى أي شكل من أشكال الشوفينية الى الفاشية وهذا ما حدث فى السودان، فظاهرة الجبهة الإسلامية ليست بمنقطعة مما سبقها.
وتحضرني هنا واقعة طريفة لها صلة بهذا الموضوع. فعندما صعدت الى قمة الهرم ونزلت، قال لي المرشد المرافق: "الأهرام هى إحدى عجائب الدنيا السبع"، وقلت له "إنما عجائب الدنيا ثمان والمعجزة الثامنة لدينا فى السودان" فسألني :"وما هى؟" فأجبته "رجل معتوه اسمه الترابي" فهذا الرجل يعتقد بأنه شئ خارج هذا العالم، ولكن أوضاعنا هى التى أنتجته، فهو محصلة تراكم وذروة ما تمَّ حدوثه من قبله. وهكذا فهذه هى رؤيتنا. نحن نقاتل من أجل وحدة بلادنا ونرى هذه الوحدة شاملة للجميع، كل قوميات بلدنا من عرب وأفارقة، كل الأديان من إسلام ومسيحية ومعتقدات أفريقية، حتى نستحدث رابطة اجتماعية سياسية سودانية على وجه التحديد تنتفع من الحضارات الأخرى.
ولأولئك الذين يميلون نحو منهج علم الرياضيات، إذا أردت أن أعرف السودان فسأقدمه فى شكل معادلة رياضية بسيطة كالآتي: س = (أ + ب + ج) حيث (س) هى السودان أو الهُوية السودانية وهى دالة مرتبطة بالمتغيرات أ، و ب، و ج. يمثل أ التنوع التاريخى، ويمثل ب التنوع المعاصر، وج تأثيرات الحضارات الأخرى علينا، فنحن لا نعيش فى جزيرة معزولة إنما فى مجتمع إنساني. أما المتغير الثابت (س) والذى يمثل الهُوية السودانية، فهو المحصلة النهائية لهذه المتغيرات أو المكونات.
الخطأ الذى ارتكبناه فى السابق هو تقييد هذه المكونات وحصرها مما أفضى الى تشويه نمونا الطبيعي وإعاقته ودفعنا نحو الفاشية، وفى هذه الحالة فإن فاشية الترابي فى السودان تأخذ اسم الأصولية الإسلامية. نحن نحتاج لتمكين هذه الوحدة حتى نصبح دولة عظيمة، وشعباً عظيماً وحضارة عظيمة، ونتواصل مع الحضارات الأخرى، ومع الشعوب الأخرى خصوصاً شعوب وادى النيل والتى تجمعنا معها روابط تاريخية منذ الأزل. العالم يقترب من بعضه، وهو يتشكل من أسواق وتكتلات مثل الإتحاد الأوربي والذى يطلق عليه الأوربيون الآن "البيت الأوربي"، فى الولايات المتحدة وأمريكا الجنوبية يخلقون سوقاً واسعة، والشئ نفسه يفعلونه فى دول آسيا، فحتى أولئك الذين لا يجمع بينهم شئ مشترك أضحوا يقتربون من بعضهم البعض لكي يخلقوا لأنفسهم قوة تنافسية فى المجال العالمي، ونحن فى وادى النيل نتمتع بفرص أفضل، نسبة لما بيننا من روابط تاريخية تتيح لنا أن نؤسس مجتمعاً رحيباً. ولكن لكي يكون لنا نصيب فى بناء هذا النموذج فإنه من الضروري لنا فى السودان أن نرتب بيتنا من الداخل أولاً إذ لا يمكن، دون ذلك، أن نسهم وبيتنا فى حالة اضطراب.
هذا هو التزامنا بالوحدة، قلنا ذلك فى عام 1983، ونقوله الآن، كما قلناه فى عام 1991 ونحن نمر بظروف عصيبة عندما انشق نفر على الحركة، رياك مشار وآخرون، واستغلتهم الحكومة فى الخرطوم لمصلحتها. رفع هؤلاء شعارات انفصال الجنوب واستقلاله وللتشديد على الأمر كونوا تنظيماً أطلقوا عليه اسم "حركة استقلال جنوب السودان". استغلت الجبهة الإسلامية بانتهازية هذا الموقف وحاولت أن تسحب البساط من تحت أرجلنا باستمالة السودانيين الجنوبيين بالإيحاء لهم بأنها مستعدة لمنحهم كل ما يطلبونه بما فى ذلك الاستقلال. هكذا نحن نعيش الآن حالة شاذة، فبينما نحن الوحدويون فى صدام مع حكومة الجبهة، نجد الانفصاليين "حركة استقلال جنوب السودان" فى تحالف مع الحكومة فى الخرطوم. هذه هى حقيقة وضعنا، وقد ارتبكت قواعدنا مما استوجب علينا الدعوة الى مؤتمر وطني ناقشنا فيه وتحاورنا حول مصير حركتنا لفترة استمرت عدة أيام. وبعد مداولات طويلة توصلنا الى قرار أكدنا فيه وحدة بلدنا. لذلك، حينما أتحدث عن وحدة السودان فأنا لا أنطق عن قناعة فحسب بل من تفويض قواعدنا فى المؤتمر الوطني الأول الذى عقدناه فى عام 1994.[أركامانى:الجدير بالملاحظة أن رياك مشار بعد أن اكتشف عدم جدية حكومة الجبهة الإسلامية عاد للاقتناع بصحة الخط الوحدوي للحركة فكان توقيع الاتفاق فى نيروبي فى 28 مايو 2001 مع الحركة الشعبية بإسم تنظيمه الجديد الذى صار يعرف "بالجبهة الشعبية السودانية للديمقراطية".
هذه هى الوحدة التى نقاتل من أجلها. كان من الصعوبة بمكان على الكثيرين، فى عام 1983، أن يفهموا مقصدنا. كان ذلك صعباً لأن العقول قد تكيفت وفقاً للماضي، وفقاً للتقاليد ووفقاً لما هو معروف فى وقته. ولكن، إن أردنا بناء سودان عظيم ومجتمع عظيم فهذا يستوجب أن يكون لنا تفكير جديد، فلا يمكن أن نستمر فى التفكير بالأسلوب القديم نفسه. فقد حصلنا على استقلالنا فى عام 1956، أي منذ واحد وأربعين عاماً، وشهدت هذه الفترة حربين، حرب الأنيانيا الأولى وحرب الأنيانيا الثانية، إضافة الى الحرب الحالية للحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان والتى انضمت لها باقي فصائل التجمع الوطني الديمقراطي. دامت الحرب الأولى لمدة سبعة عشر عاماً وتدخل الحرب الراهنة عامها الخامس عشر. هكذا فنحن نخوض حرباً مع أنفسنا لمدة واحد وثلاثين عاماً من عمر استقلالنا البالغ واحد وأربعين عاماً. هذا شقاء بالغ إذ ليس من المعقول أن يعرض شعب نفسه لمثله إلا إذا كانت هناك قضايا مصيرية يهددها خطر داهم. وهكذا، فإن هذا الشكل من السودان، القائم على الظلم وعدم العدالة وعلى الاستعباد، هو الذى أفرز الأزمة الراهنة. فالشوفينية، وإقامة وحدة السودان على أسس ومكونات محدودة، هى التى أوقعتنا فى أبارتيد نظام الجبهة الإسلامية الذى يعيشه شعبنا الآن. ويمكن للمرء أن يتخيل ويتصور بعين عقله أنه لو اتبعنا الاتجاه الصحيح فى عام 1956، وكان تطورنا طبيعياً خلال الواحد وأربعين عاماً الماضية، لكان لنا شأن آخر الآن، خصوصاً بما لدينا من موارد مائية، ومعدنية، وزراعية، ونفطية. وبنظام صحيح للحكم، وبقبولنا لأنفسنا سودانيين، وبخلق هذه الرابطة السودانية الاجتماعية السياسية، وبواحد وأربعين عاماً من التنميَّة، كان يمكننا أن نصبح الآن فى مصاف نمور شرق آسيا. ولكن قيدنا أنفسنا وقزمنا نمونا بتأسيس وحدتنا على الاستعباد والعزل.
الدين والدولة
دعونا ننفتح وذلك لأن أي مجتمع يقوم على مكونات مبتسرة لا يمكنه أن يصمد أو يعيش طويلاً. هذا هو ما ينبئنا به تاريخ البشرية، فالمجتمع المفتوح والذى يضم ويستوعب جميع مواطنيه هو القابل للحياة والنمو والقادر على التكيف بسهولة وعلى أن يستمد أسباب القوة لاستمراريته وبقائه، فهناك أشياء صغيرة تفرق بيننا، أشياء ليس من الصعب أن نجد لها حلولاً. ويمكننا أيضاً معالجة الأمور الكبيرة، فهناك، مثلاً، موضوع العلاقة بين الدين والدولة والذى أفضى الى شروخ فى نسيج المجتمع السوداني. الترابي ومن معه يصرون على أن يكون للدولة دين، ونحن نقول، فى ظل ما نتميز به من تنوع، أن ذلك لا يجوز، ولا يمكن أن نتوحد على هذا النهج، فليس كل السودانيين بمسلمين، حتى بين المسلمين أنفسهم لا يوجد اتفاق حول نموذج "الشريعة" التى فرضها نميرى فى عام 1983. وكيف يجوز "لشريعة نميرى" أن تمثل، بأى حال من الأحوال، شيئاً مقدساً؟
مفهومنا فى الحركة الشعبية والجيش الشعبي، إن الإنسان بطبعه روحاني، ولدينا جميعنا معتقدات، وإن اختلف شكلها، سواء كنا مسلمين أو مسيحيين أو نعتقد فى نيالج (الإله الواحد) فهذه هى الروحانية. وبهذا، لا يمكن حظر الأديان من أي مجتمع، فهي جزء من التركيبة الإنسانية. وبالتالي، فإن القضية تتلخص فى كيف يمكننا أن نربط بين الدين وهياكل المجتمع الأخرى.
نحن نقول بأن الدين هو علاقة بين الإنسان وخالقه وأن هذه العلاقة تحكمها التشريعات الدينية. بينما العلاقة بين الإنسان والأشياء التى صنعها بيديه، كالعربة والفندق والدولة، مختلفة. ذلك لأن الدولة مؤسسة اجتماعية سياسية خلقناها نحن، ولم يخلقها الله ولكن الله هو الذى خلقنا نحن. فالعلاقة، إذن، بين أنفسنا وبين ما خلقناه تختلف عن العلاقة بيننا وبين الذى خلقنا، وهو الله. هاتان علاقتان متمايزتان.
دعونا نتحقق من ذلك بضرب بعض الأمثلة المنطقية. لم أر أبداً دولة- الدولة أصفها بالمؤسسة الاجتماعية- مجرد كيان، تذهب للكنيسة فى يوم الأحد، فالفرد هو الذى يذهب للكنيسة يوم الأحد. كذلك لم أر مطلقاً دولة تذهب للجامع فى يوم الجمعة، فالفرد هو الذى يفعل ذلك. لم أر أبداً دولة تذهب الى مكة لأداء فريضة الحج، فالأفراد هم الذين يحجون. وعندما نموت ونقابل الخالق، فالفرد هو الذى يقف أمام ربه ويتم حسابه وفق ما اقترفه من أفعال فى دنياه وليس على ما فعلته الدولة. إذن، لماذا نغرق أنفسنا فى خلط المواضيع ونفرق بين شعبنا نتيجة ذلك. الترابي والجبهة الإسلامية يصرون على أن تكون الشريعة والعرف مصدر التشريع، بينما نقول نحن انه فى مجتمع ديمقراطي- ونحن فى التجمع نسعى الى إقامة مجتمع ديمقراطي- يجب أن يكون مصدر التشريع هو الدستور، وليس الدين، وأن يكون دستوراً ديمقراطياً. هذا أمر فى غاية البساطة، دعونا نعتمد دستوراً يكفل حرية الأديان بحيث نخصص فيه قسماً للدين والعرف. وسيشمل الدستور فصلاً عن الحقوق الأساسية والذى سيتضمن حرية الأديان والعبادة، فيمكن أن يتوافر للمرء أي شئ يرغب فيه، فالجميع يصادفون ترحيباً إن كانوا مسلمين أو مسيحيين أو يؤمنون بمعتقد آخر. هذا هو ما يحدث فى مناطق " السودان الجديد ". فالقائد يوسف كوة (رحمة الله عليه- أركامانى)، مثلاً، مسلم ومتزوج من مسيحية، وهو ليس مثالاً وحيداً أو فريداً.
الحاجة الى بناء دولة قومية(أمة - دولة)
إذن دعونا نتفق على أن هدفنا هو وحدة البلاد وأن هذه الوحدة يجب أن تقوم على حقائق الواقع، فأى وحدة خلافاً لذلك غير قابلة للتطبيق ولا يعوزنا برهان. لهذا السبب ظللنا نقاتل بعضنا البعض لواحد وثلاثين عاماً من سني الاستقلال الإحدى والأربعين. من المهم أن ندرك ذلك، فهناك استياء فى الجنوب والبعض، طبعاً، يعبر عنه بالقول: "د. جون، الوحدة بتاعك ده ما شغال، الجماعة ديل (الشماليين) نحن ما ممكن نقعد معاهم". كان هذا هو الكلام الشائع فى 1983 كما هو شائع الآن. هناك انتقادان موجهان لنا، فالجنوبيون يقولون: لماذا نقاتل من أجل كل السودان "ذنبنا ايه، كدى خلينا نشيل الجنوب بتاعنا ده وخلاص وكفى". بينما الشماليون يقولون: "كيف يمكن للجنوبيين أن يحررونا؟" ولكن هذه بمثابة النظر الى الأشياء بشكل جامد وكأنما الأمور لا تتبدل، وأن الأشياء لا تتغير. وكانت إجابتي دائماً صريحة، فقد قلنا للجنوبيين فى عام 1983، وربما سمع هذا الكثيرون منكم فى راديو الجيش الشعبي وقتها "أنه طالما أنمكم تقاتلون- بالنسبة للجنوبيين- من أجل كل السودان، من أجل بلد موحد، وأنتم بدأتم من الجنوب وأنتم متقدمين شمالاً، وأنكم بدأتم من نمولى، استولوا على نمولى، وعلى ياى، وعلى جوبا، وأنت الانفصالي هذا قاتل بجانبي حتى تصل الى ما تعتقد انه حدود الجنوب وتوقف من ثم عند تلك الحدود، أما بقيتنا المؤمنون بوحدة بلدنا فسنواصل القتال حتى نستولي على الخرطوم ونقيم " السودان الجديد ".
هناك أيضاً الذين يقولون: لماذا نذهب ونموت فى الشمال، لماذا نقاتل من أجل وحدة لا ننتسب اليها؟ .. مرة أخرى، هذه نظرة جامدة وثابتة للأمور. وحينها أقول: عندما تنتقل الحرب الى الشمال فإنها ستستغرق الشماليين أنفسهم والذين سيقاتلون من أجل حريتهم، وليس أنتم (الجنوبيين) الذين ستقاتلون فى الشمال، وهذا هو ما يحدث الآن. وهكذا جيش يوسف كوة فى جبال النوبا جله يتكون من النوبا، وجيش مالك حقار فى جنوب النيل الأزرق يتشكل من أهالي منطقة الأنقسنا. وقد كونا هيكلاً جديداً أسميناه "لواء السودان الجديد" وهو ينسجم تماماً مع وصف البوتقة التى تنصهر فيها كل قوميات السودان. هذه هى الكيفية التى نطور بها أوضاعنا. الآن كل فصائل التجمع الوطني الديمقراطي تحمل السلاح كما نوهت الى ذلك آنفاً. فهناك جيش تحرير الأمة التابعة لحزب الأمة (الذى سحبته قيادته مؤخراً بعد تخليها عن التجمع وعودتها الى الخرطوم- أركامانى)، وقوات الفتح التابعة للحزب الإتحادى الديمقراطي، وقوات التحالف السودانية، وقوات البجة، وقوات التحالف الفيدرالي وغيرها من القوات والتى ستنصهر جميعها فى جيش السودان الجديد. وهكذا، مقاربتنا للمسائل ليست جامدة، فهى تكفل حقوق الجميع، حقوق الجنوبيين، وأهل الوسط، وأهل الغرب، وأهل الشرق والشماليين، وذلك لأنَّ كل هؤلاء سيشتركون فيما يحدث من تغيير، فليس هناك من سيقوم بتحرير الشعب السوداني غير الشعب السوداني نفسه. وهكذا نعتقد أن رؤيتنا علمية لأنها تقوم على حقائق علمية. فهي لا تستند الى تهيؤات وتخيلات أو انتهازية، ولكنها ترتكز على الواقع وهذا هو الطريق الى الأمام. يجب أن نقاتل من أجل وحدة بلادنا ويجب أن نغير الأوضاع جذرياً فى بلادنا. أنا واثق من أننا ستفعل ذلك، وكما قلت فى بداية حديثي فإنني مصمم لأثبت لكم بأننا سننتصر.
نحن لسنا متفردين فى ذلك، فالأمم تتكون نتيجة للتحركات التاريخية للبشر. فالناس يتحركون ويتنقلون لأسباب متعددة، فهم يتحركون للبحث عن فرص اقتصادية أفضل، كما يتحركون هرباً من الاضطهاد الديني، أو حتى بدافع حب الاستطلاع لمعرفة ما يقع خلف التل أو المحيط. فى نهاية الأمر، يجدون أنفسهم فى مساحة جغرافية بعينها يعيشون فيها، فالحياة يجب أن تستمر. تتفاعل هذه المجموعات البشرية فى المجال الاقتصادي، وفى المجال الاجتماعى، وفى المجال السياسي، وفى المجال الروحي.. وبمرور الزمن تنشأ رابطة اجتماعية وسياسية بينهم لها خصوصيتها.
هذا هو ما حدث هنا فى مصر، وما حدث فى أمريكا وما حدث فى كل مكان من العالم. فأنتم المصريون هنا فى مصر، مثلاً، أصبحتم مصريين فى المقام الأول، قبل أن تكونوا أى شئ آخر، أنتم مصريون أولاً وأخيراً. وعندما زرت البانوراما بالأمس شاهدت توثيقاً لحرب أكتوبر والتى اشتركتم فيها جميعاً كمصريين سواء كنتم مسلمين أو مسيحيين. فأنتم تنعمون بالوحدة، فى إطار دولة قومية والتى تحاربون من أجلها وتفخرون بها. أنا أفتقد هذه الأمة-الدولة فى السودان. فالسودان القديم، الذى نال استقلاله فى 1956، عمل على تهميش الآخرين فلماذا، إذن، أقاتل من أجل ذلك السودان؟ وهكذا فإن مهمتنا، وواجبنا، أن نخلق سوداناً ننتسب له كلنا، رابطة اجتماعية سياسية ننتمي إليها جميعاً وندين لها بالولاء الكامل بغض النظر عن العرق أو الدين أو القبيلة أو الجنس حتى يستطيع المرء أن يسهم بفاعلية. هذا هو السودان الذى تهدف الحركة الشعبية الى إقامته ونحن نناشد الشعب السوداني أن يعي أن هذا هو اتجاه المستقبل، لكي نصبح أمة عظيمة وشعباً عظيماً، يجب أن نسير فى هذا الطريق.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السودان الجديد (Re: خالد الطيب أحمد)
|
ونواصل ...
المحتوى الثقافى " للسودان الجديد "!!
--------------------------------------------------------------------------------
اود ان انوه بداية بان ما ساقدمه اليوم ليست محاضرة لها صفتها او قالبها الاكاديمى المعروف ؛ وعذرى فى ذلك ان ظروف النضال فى الغابات وارض الميدان ؛ غير مؤاتية لاجواء التنظير والبحث الاكاديمى . ولكنها محاولة – نتيجة لضيق الوقت – لوضع بعض النقاط فى موضوع الندوة من خلال وجهة نظر عامة ؛ حتى نتيح فرصة اكبر للنقاش والجدل فى الموضوع .
وكما تعرفون ؛ عنوان الندوة هو : "المحتوى الثقافى للسودان الجديد " . ومن الناحية التحليلية ؛ فهو عنوان مركب من موضوعين : الاول ( الثقافة كمفهوم ) ؛ والثانى ( " السودان الجديد ") كمصطلح ظهر راهنا فى ادبيات النقاش السياسى فى السودان .
واحب فى المقام الاول ان اطرح فهمى او تعريفى للثقافة ؛ حتى نستطيع توضيح المعنى الذى على ضوئه ننطلق لتحليل الوضع او الواقع فى السودان . فتعريفى لكلمة "ثقافة" ؛ انها فى مظهرها البسيط ؛ طريقة لحياة شعب معين (It is the way of Life ) . اعنى طريقتهم فى اللبس ؛ الغناء ؛ وطرقهم واساليبهم فى الاحتفال بالاعراس والمناسبات السعيدة ؛ اسلوبهم فى التعبير عن افراحهم واحزانهم وطقوسهم فى دفن موتاهم ... الخ . والثقافة فى اعتقادى من اكثر المفاهيم صعوبة فى التعريف وفى تحديد معنى قاطع لها ..اما مفهوم " السودان الجديد " فهو مفهوم قديم – اصلا- فى تاريخ الحركة السياسية السودانية ؛ ولكن مع ظهور الحركة الشعبية لتحرير السودان ؛ ارتقع شعار " السودان الجديد " ؛ كمشروع ثورى لتغيير الواقع الاجتماعى .
" السودان الجديد " كبديل حتمى :
مفهوم " " السودان الجديد "" فى الفكر السياسى للحركة الشعبية ؛ يقوم على كامل المشروع السياسى الثقافى البديل لعلاقات المجتمع السودانى الحالى ؛ ليس فقط كبديل محتمل ؛ وانما كبديل حتمى ؛ اذا كان على السودان ان يكون ؛ وان يظل كائنا ؛ خاصة فى هذه المرحلة السياسية التى اخذت فيها جميع القوى السياسية السودانية برمتها تعترف بان المجتمع السودانى والدولة السودانية برمتها قد وصلت الى نقطة مفترق الطرق . وكمثال قريب؛ نذكر مقولة الصادق المهدى الاخيرة فى خطبة العيد ؛ عندما قال : " ان السودان اليوم مواجه بان يكون او لا يكون " . وفى ذات المعنى تحدث آخرون وفى اوقات مختلفة ؛ مؤكدين ذات الحقيقة . وفى راى الحركة الشعبية فان " السودان الجديد " هو البديل الحتمى لكينونة السودان . وان السودان بعلاقاته الحالية قد وصلت الازمة فيه الى الدرجة التى تهدد بنهايته .وهذا شئ طبيعى ؛ وما اعتقده – دونما نظرة تراجيدية – هو ان هذا منطق التطور والتاريخ ؛ وان اى ثمرة عندما تنضج ؛ لا بد لها من السقوط الى الارض ؛ لتتفاعل مع التربة وتنقسم فى داخلها ؛ مولدة مشروع الشجرة الجديدة او واقعا جديدا . وبذات القدر فان المشكلة الموجودة فى السودان ؛ تتمثل بان هناك قوة او قوى ؛ تحاول منع نمو الشجرة الجديدة . وهى محاولة يائسة . صحيح انها قد تستطيع عرقلة عملية النمو ؛ او خلق العوائق والبيئة غير المؤاتية ؛ لكنها فى النهاية لن تستطيع ايقاف وتائر الانقلاب التاريخى القادم . وما اقصده من ذلك ؛ هو ان عملية التطور فى المجتمع السودانى ؛ لابد ان تصل الى مرحلتها الجديدة . ولتحقيق ذلك ؛ لا بد ايضا من تهيئة الاجواء المؤاتية لتحول المجتمع السودانى من الوضع الحالى الى الوضه الجديد .
الثقافات المضطهدة ودور الجلابة :
وعلى هذا الاساس ؛ وعندما ننظر الى المشكلة فى السودان ؛ نجد انها من الناحية الثقافية ؛ وبحكم تعددية ثقافاته ؛ هناك هيمنة وسيادة لثقافة محددة باستثناء الثقافات الاخرى ؛ واستعلاء ثقافى يضطهد الثقافات الاخرى .
وهذه العملية تؤدى الى خلق الشقاق والصراعات بين الثقافات المضطهدة والثقافة المهيمنة ؛ والنتيجة هى الصراع الحتمى . ولكن لا بد من الاشارة هنا الى اننى عندما اقول بان هناك ثقافة مهيمنة ؛ لا اعنى العملية الطبيعية لصراع الثقافات فى اى ثقافة قومية ؛ لكن ما اريد التنبيه اليه ؛ هو اننا دائما ما نجد ان هناك ثقافتان ؛ ثقافة الجماهير ؛ وثقافة القئات الحاكمة . وفى السودان اقصد ثقافة الجلابة كقئة اجتماعية حاكمة . وهنا لا بد ان انبه ؛ ان كلمة " الجلابة " لا تعنى بالضرورة الشماليين ؛ او العرب او المسلمين . وهذا التحديد ضرورى حتى لا يساء فهم ما ارمى اليه وما اعنيه . فالجلابة عندى هو مصطلح سياسى؛ لتعريف فئة اجتماعية معينة ؛ ذات رسالة ودور تاريخى معين قامت به وظهرت فى فترة معينة ؛ ولا زالت تقوم به فى المجتمع السودانى . فالجلابة فى رايى ؛ هم قوة اجتماعية ظهرت فى العملية التاريخبة الطويلة التى مر بها المجتمع السودانى ؛ خاصة المجتمع النيلى شمال السودان . وقد وردت كلمة " جلابة " فى المدونات المصرية فى القرن الخامس عشر ؛ وهى ترمز للتجار . وربما اخذت الكلمة من فعل " جلب يجلب الخ .. " ؛ تعبيرا عن حركة نقل البضائع والاتجار من والى السودان . فالجلابة كمجموعة اجتماعية هى مجموعة خليط من الكثير من القوميات ؛ ففيهم الاتراك واللبنانيين والسوريين وبعض المماليك وغيرهم . وكان وصولهم الى السودان بغرض التجارة فى العاج وريش النعام والابنوس ؛ والى حين اكتشاف امريكا وظهور محمد على باشا حيث ظهرت تجارة الرقيق . اسس هذا النشاط التجارى المتنامى مراكز تحارية واسواقا مثل الدويم ؛ ام درمان ؛ كوستى ؛ الابيض وغيرها . واذا نظرنا على سبيل المثال الى كلمة كوستى ؛ فهى فى الاصل اسم ليونانى اغريقى يدعى " كوستا" ؛ وحرف الاسم لينسب الى المدينة الحالية المعروفة . فهذه المراكز التجارية تحولت الى مدن ؛ واصبحت هذه المدن منذ ذلك التاريخ ؛ مراكز اشعاع ثقافى . ونفس هذه المراكز فى مجموعها تحولت الى نقاط ادارة خاصة مع التدخل التركى المصرى فى فترة محمد على ؛ وفترة الحكم الانجليزى – المصرى . فالجلابة هم قوة اجتماعية ؛ حملت نمطا معينا من الحياة وحملت ايضا رسالة ثقاقية معينة ؛ ويمكن القول بانها قامت بدور متقدم جدا ؛ ولعبت دورا مهما فى ما يمكن ان نسميه بالثقافة السودانية النيلية . حيث فتحت الفرصة امام العديد من القبائل التى كانت منضوية تحت الممالك والسلطنات السودانية التى انهارت ؛ لتنضم الى المدن . فتحولت مراكز الجلابة الى مناطق التقاء ومزج ؛ خلق ما يمكن ان نسميه القومية السودانية التى توقفت عند حين معين من نموها . ومن هذا المنطلق يمكن استخلاص ان الجلابة كقوة اجتماعية كانت قد لعبت دورا تقدمبا ؛ لكن فى الوقت نفسه يجب ذكر حقيقة اخرى ؛ وهى ان فئة الجلابة فى عمليتها لخلق مجتمع جديد وسط السودان ؛ قد انجزت هذه العملية بالكثير من الاضطهاد لمناطق الاطراف ؛ من سبى الرقيق واحداث الحرائق بالقرى وخطف البقر الخ .. وكنت اقرا منذ ايام فى كتاب الاستاذ محمد ابراهيم نقد عن الرق ؛ فذكر ان عملية نهب المواشى كانت مستمرة حتى بداية الدولة المهدية .
الفترة الاستعمارية والتطور غير المتوازن :
ومع هذا يجب ان لا نرى الى هذا التاريخ من حيث هو عملية تحول اجتماعى ؛ من ناحية عاطفية . فكل المجتمعات مرت بلحظات تطور تاريخية مريرة ؛ فيها حروب وعنف . حدث ذلك حتى فى ارقى المجتمعات المتمدنة اليوم والحضارات الكبيرة ؛ كالمجنمع الامريكى ؛ الذى انبنى على دماء ملايين الهنود الحمر اصحاب الارض ؛ وكذلك بدماء ملايين الافارقة الذين انتزعوا من اوطانهم وحملوا عبر الاطلنطى لبناء تلك البلاد . وكذلك اوربا ما قبل الحقبة الاستعمارية وما بعدها ؛ ذلك التاريخ الطويل من الاضطهاد والعبودية والاقطاع ؛ تؤكده الثورات العديدة التى حدثت داخل المجتماعات الاوربية . ولهذا فانها عملية تاريخية طبيعية فى تطور المجتمعات ؛ لا بد من القبول بها . ومن هنا فان عملية النمو والتطور فى مجتمعنا ؛ وصلت بنا الى ان الجلابة كقوة اجتماعية ؛ كانت هى القوة الوحيدة القادرة على قيادة المجتمع النيلى بوسط السودان . ومع فتوحات محمد على باشا ( فترة التركية ) ؛ توسعت حدود السودان ؛ وكذلك عند قيام الثورة المهدية ؛ التى سيطرت على اجزاء كبيرة ؛ والحكم الانجليزى المصرى ؛ الذى خلق السودان بحدوده الجغرافية السياسية الحالية .
وهذه عملية تمت دون استشارة لاحد ؛ ولم يخير اى سودانى فى ان يكون سودانيا . لهذا ؛ اذا ما قدر لك ان تذهب الى المناطق الحدودية ؛ الى نمولى مثلا ؛ فانك نجد هناك شخص اصبح سودانيا بالصدفة المحضة ؛ وعلى بعد اميال قليلة منه هناك شقيقه ؛ وقد اصبح اوغنديا ؛ رغم انهما يتحدثان لغة واحدة وثقافتهما ثقافة واحدة . وهذا ما يؤكد على ان هذه الحدود ؛ التى جاءت نتيجة الاستعمار ؛ ما هى الا حدود مصطنعة ؛ الامر الذى انتج ثقافات متباينة ؛ داخل حدود القطر الواحد . فتجربة الانجليز تختلف عما قام به الجلابة الذين اقاموا مراكزهم التى لعبت دورا فى توحيد الناس ؛ فانبثقت فى صيرورة هذه العملية لغة واحدة ؛ هى .. التجارة ؛ ومساهمتها كوسيط للتعامل بين الناس . وتم ذلك كله من خلال اللغة العربية التى تمددت وانتشرت فى اطار شروط عملية التبادل هذه .
فالوحدة الى فرضها الانجليز ؛ قامت على تناقضات كثيرة ؛ منها محاولتهم عزل بعض المناطق ( الجنوب مثلا ) ؛ امام تمدد نفوذ الجلابة ؛ اى توحيد وتقسيم الناس ؛ حتى داخل الحدود الواحدة . وفى سياق مشروع الاستعمار واهدافه الاقتصادية التى تبلورت فى تصدير السلع كالقطن والصمغ .. الخ ؛ لاحتياجات الصناعة فى اوروبا ؛ كان لا بد ان تنشا هذه المشاريع من ناحية اقتصادية فى اماكن اقرب الى مؤانى التصدير ؛ حيث تم اختيار بورسودان كميناء . وحقيقة ان القطن فى مريدى ؛ على سبيل المثال ؛ ينتج اكثر من الجزيرة ؛ ولكن لمثل هذه الاعتبارات تم اقرار قيام المشروع فى هذه المنطقة – الجزيرة - ؛ الامر الذى ادى الى تطور نسبى فى الشمال او فى مناطق الوسط .؛ وتحولها السريع بالتالى الى علاقات اقتصادية حديثة او نمط انتاج حديث ؛ وما تبع هذه العملية من تمركز للرساميل . وهذه العملية فى معناها ومحتواها الجوهرى ؛ كانت عملية استغلال للشمال من قبل المستعمر ؛ اكثر من اى منطقة اخرى . واقتضى ذلك النهب خلق المناخ الذى يساعد على اتمام هذه العملية ؛ فتم انشاء البنوك وفتحت المدارس واقيمت طرق السكك الحديد والمواصلات البرية ... الخ ؛ فقاد ذلك الى حدوث تطور اجتماعى على هامش عملية الاستغلال الاستعمارية . وفى الوقت نفسه ؛ ونسبة لعدم حاجة الاستعمار الى المواد الاقتصادية الاخرى ؛ والتى تتمتع بها مناطق مختلفة فى السودان ؛ مثل البن والشاى فى الجنوب ؛ التى كان الاستعمار يحصل عليها من شرق افريقيا والهند رخيصة وبتكلفة اقل ؛ لذا لم تكن للاستعمار حاجة فى تطوير هذه المناطق . هذا طبعا بالاضافة للعامل الاجتماعى فى اواسط السودان ؛ المتمثل فى وجود الجلابة ؛ وعلاقاتها المتطورة نسبيا ؛ والتى تتفق ومتطلبات وشروط عملية النظام الراسمالى .
لذا فقد كان خلق نظام او علاقات عمل راسمالية فى المناطق الاخرى من القطر ؛ مسالة مكلفة جدا ؛ حيث ان تلك المناطق كانت تتمتع بنظام اقتصادى اكثر تخلفا ؛ وهو نظام الاقتصاد المعبشى ؛ القائم على الاكتفاء الذاتى . فكل هذه العوامل مجتمعة ؛ ادت الى تباين فى التطور الاجتماعى والاقتصادى فى فترة حكم الانجليز ؛ زاد من حدته اغلاق هذه المناطق ( جبال النوبة – جنوب السودان ) امام الجلابة . فبرز الصراع بين الجلابة كقوة اجتماعية تسعى لمد نفوذها ؛ والانجليز كقوة استعمارية امتلكت جهاز الدولة واستخدمته لتمرير مخططاتها للنهب ؛ وتاكيد نفوذها على تلك المناطق .
التباين الثقافى وفشل مشروع الجلابة :
فى رايى ان هذه هى الاسباب الموضوعية التى قادت الى التباين ؛ بالاضافة الى الخلفية التاريخية للصراع فى مضمونه القديم . حيث كانت عملية تطور المجتمع السودانى فى الوسط قد اعتمدت اعتمادا كبيرا او تركزت على نهب ثروات الاقاليم الاخرى ؛ او ما كان يسمى دار الحرب ؛ فى فنرة من الفترات ؛ او الحزام الاسود ؛ وهى مناطق جلب الرقيق . وبعد خروج المستعمر – الانجليز – كان الجلابة من الناحية الاقتصادية والاجتماعية – ولا اعنى الرموز السياسية فقط – هى القوة الاجتماعية الوحيدة المؤهلة تاريخيا لقيادة المجتمع السودانى . فالمشكلة الحالية فى السودان منذ الاستقلال الى اليوم ؛ تتمثل فى ان تجربة الجلابة فشلت فى خلق مشروع وطنى شامل لكل الناس ؛ لانها اعتمدت فى نظرتها لمستقبل السودان ؛ على رسمه وفق صورتها ؛ بدليل ان السودان الحالى ومنذ الاستقلال ظل قائما على ركيزتين ؛ هما حتى الان العروبة والاسلام . فنتج عن ذلك اضطهاد ثقافى وتعالى ثقافى . وتكمن خطورة التعالى الثقافى فى انه يؤدى الى تغييب الواقع وحركته الحية ؛ وتكريس السيادة للافكار المعينة التى تكسب التعالى مضمونه الثابت – الجامد - ؛ رغم عمليات التغيير المستمرة التى تحدث فى الواقع .
وهذه حقائق واضحة يؤكدها القصور فى عملية خلق سودان ديمقراطى شامل لكل الناس ؛ ولكل السودانيين ؛ حتى يحسوا بانهم جزء منه وفيه . هذا القصور يؤكده ايضا اعتراف الجميع به ؛ حتى الاحزاب التقليدية ؛ والتى سجلت اعترافات واضحة بهذا الفشل فى الفترة الاخيرة . ومن هذا المنطلق نقول : اذا كانت المشكلة الحالية فى السودان هى مشكلة اضطهاد ثقافى ؛ مشكلة تبنى ثقافة واحدة معينة ؛ وهى ثقافة القوى السائدة ؛ وتغييب الثقافات الاخرى ؛ فاننا نستطيع بسهولة استخلاص النتيجة التالية وهى ان السودان الجديد كمجتمع مستقبلى ؛ كمشروع سياسى ؛ موضوعا للحل او الخروج من دائرة الازمة الراهنة ؛ او المشكلة الثقافية للمجتمع السودانى تحديدا ؛ لا بد ان يقوم على مبدا الاعتراف بالتباين الثقاقى فعليا ؛ وليس شكليا ؛ كما هو سائد فى اكثر من مناسبة او مرحلة ؛ حيث نجد ان " الكلام شى والفعل شى آخر " !
فالاعتراف بالتباين الثقافى الايجابى ؛ يقوم على اعتبار ان كل هذا التباين هو ثروة غنية وزاهية ؛ بل رصيد حى لبناء مجتمع جديد حقيقى ؛ وبناء ثقافة وطنية جديدة وغتية . وذلك يحتاج الى عملية للتحرر من العلاقات القديمة ؛ التحرر من التعالى الثقافى ؛ ليس فقط من جانب الثقافة السائدة تجاه الاقليات الاخرى ؛ وانما ايضا من ثقافة السلطة ؛ او سلوكيات ثقافة الجلابة ؛ وخصوصا عندما يتبناها ويمارسها افراد ينتمون للثقافات المستضعفة الاخرى .
الديمقراطية الثقافية مضمون " السودان الجديد ":
باختصار ؛ فاننى ارى ان المضمون الثقافى للسودان الجديد ؛ عصبه الديمقراطية والتحرر الكامل من العقد القديمة واللوازم الشكلية ؛ كالاصرار على ان تكون لنا ما يسمى باللغة الرسمية .. لماذا ؟؟ لتن مسالة اللغة الرسمية لا يحسمها البرلمان ؛ وانما السوق وآلياته . ثانيا سوف تسقط ايضا دعاوى التاكيد على مسالة الزى الوطنى او القومى المفروض على انه زى لكل السودانيين (!!) ؛ فهذه واحدة من المفارقات الساذجة للسودان القديم .
فاذا تم التحرر من هذه العقليات ؛ فاننا سنكتشف جمال هذا التعدد وغناه ؛ بل سنسعد حينها ايما سعادة ؛ وكذلك الحال مع الفنون والموسيقى وآلاتها وايقاعاتها المختلفة ؛ وكافة الاشكال الابداعية الاخرى . ففى رايى ان الديمقراطية الثقافية هى المعنى والمضمون الجوهرى ؛ للمحتوى الثقافى " للسودان الجديد ".
باقان اموم
--------------------------------------------------------------------------------
المقال هو تلخيص لندوة قدمها الكوماندور باقان اموم ؛ المسؤول الاعلامى للحركة الشعبية لتحرير السودان وقتها ؛ والسكرتير العام للتجمع الوطنى الديمقراطى حاليا ؛ فى القاهرة فى مارس 1995 . العناوين الجانبية والاقواس من طرف المحرر .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السودان الجديد (Re: خالد الطيب أحمد)
|
ورقة الدكتور الواثق كمير :
السودان الجديد: نحو بناء دولة المواطنة السودانية
د. الواثق كمير [email protected]
مقدمـة:
هناك من بين السودانيين، خاصة في الشمال، من يعتبر أن السودان الجديد مفهوم مبهم أو أحجية غامضة، وربما يعنى أشياء مختلفة لأناس مختلفين. وهناك من انتقد الفكرة ابتداء كفكرة عنصرية ذات توجه معادي للإسلام وتهدف في نهاية الأمر إلى محو الهوية العربية-الإسلامية وإحلال الهوية الأفريقية مكانها. كما يرى فيها آخرون دعوةً مقنعة للانفصال وإقامة دولة جنوب السودان المستقلة. وهنالك أيضا من أدان الرؤية دون تحفظ لمجرد صدورها ممن لم تألفه أفئدتهم وأذهانهم.
وهذا ما جعلني أرجح أن اختيار الأستاذ كمال الجزولي لشخصي تحديداً لمناقشة هذا الموضوع مرده موالاتي للحركة الشعبية لتحرير السودان، التي كان زعيمها الراحل عراب مشروع السودان الجديد والمروج له والمنافح عنه. ولئن كان لا اعتراض لدى على حكمة هذا الاختيار، لكنى كنت أعتقد أنه ربما حققنا قيمة إضافية للحوار لو أن كاتباً آخر (أو كاتبة) من غير المنتسبين (أو المنتسبات) للحركة الشعبية قد دعي لعرض وجهة نظره (أو نظرها) حول رؤية السودان الجديد من منظور مختلف. وقد يكون غريبا أن أثير هذه النقطة! ولكن من الفرضيات الأساسية لهذه الورقة أن ما صاحب رؤية السودان الجديد من سؤ فهم و ما اكتنفها من غموض ولبس عند البعض يعود بقدر كبير إلى الخلط بين السودان الجديد كإطار مفهومي والحركة الشعبية كمروج للمشروع وكتنظيم سياسي بادر في لحظة تاريخية معينة، لتحويل الرؤية إلى واقع ملموس. فعدم الانتماء إلى الحركة الشعبية، بالمعنى التنظيمي، لا يتناقض بأي حال من الأحوال مع اعتناق الرؤية أو الاعتقاد فيها. وحقيقة، أجازف بالقول بأن كل المؤمنين بالرؤية هم "حركة شعبية" بيد أنه ليس كل من هو "حركة شعبية" يؤمن بها!
تهدف هذه المساهمة المتواضعة إلى إذكاء وإثارة النقاش والحوار حول مفهوم السودان الجديد في محاولة لإزالة سؤ الفهم الذي شاب الرؤية وذلك بتسليط الضوء على نشأة الفكرة وأصول تكوينها وتطورها، ورغم ما يعتو رني من شعور قوي بأن الكثير من المجتمعين هنا يقرونها ويؤيدونها. إذ خلافاً لما قد يعتقد المنتقدون والمتشككون فإن مفهوم السودان الجديد لا ينطوي بأي حال على مضامين عرقية أو عنصرية أو إنفصالية. بل هو بالأحرى إطار لمشروع قومي يستهدف بناء دولة المواطنة الحقة والمستدامة والقادرة على استيعاب المجتمع السوداني بكافة تنويعاته العديدة والمختلفة. فالمفهوم يدلّل على إطار مرجعي ذو طبيعة عالميه يتعدى السودان ويمكن تطبيقه في مناطق نزاعات أخرى شبيهة داخل وخارج القارة الأفريقية، مع الأخذ بعين الاعتبار خصوصية كل حالة وفق شروطها الموضوعية. فوق كل ذلك يجب أخذ المشروع في الأساس على أنه إسهام فكري ضمن أدبيات الخطاب السياسي السوداني المستجد والجدل المحتدم في شأن إعادة بناء الدولة السودانية.
رؤية السودان الجديد: الأصول والنشأة
كان وراء فكرة السودان الجديد اهتمام الراحل د. جون قرنق بأزمة الحكم في السودان والحرب الأهلية في الجنوب إلى جانب سعيه الحثيث وبحثه الصادق من أجل الوصول إلى سلام دائم وعادل. وكان إخفاق اتفاقية أديس أبابا، التي كان الراحل د. جون قرنق من ألدّ وأشرس معارضيها، لكونها لا تحقق السلام والازدهار لجنوب السودان، هو الذي دفعه إلى التمحيص وإعادة النظر في طرق وأساليب التعامل مع الأزمة السودانية. ولعله تساءل: لماذا يتمادى السودانيون في الاقتتال فيما بينهم إن لم تكن القضايا المتنازع عليها بالغة الخطورة وترقى إلى هذا الحد من الخصومة؟ وخلص إلى أن التهميش بكل أشكاله والظلم والتفرقة والتبعية تشكل جذور المشكلة وهي الأسباب الرئيسية للنزاع، والتي لا يمكن التعامل معها باجتزاء وبأسلوب منح الصدقات وتقديم التنازلات لصالح المتمردين أو الثوار الساخطين كلما اشتعل النزاع في إقليم معين. فللسودانيين مشاكل في الشرق وفي الغرب وفي الوسط وفي أقصى الشمال. أن تعريف المشكلة بأنها "مشكلة الجنوب" تعد في حد ذاتها دعوة للتهميش! اجتهاد جون قرنق قاده لإعادة تعريف المشكلة على أنها "مشكلة السودان" وليست "مشكلة الجنوب" كما دأبت الأنظمة المتعاقبة على الحكم في الخرطوم تقليديا في الترويج لها. إن الدولة السودانية متمثلة في هيكل السلطة في المركز هي التي تحتاج لإعادة هيكلة جذرية حتى تتمكن من استيعاب الأشكال المتعددة للتنوع السوداني والتعامل مع كافة أشكال الإقصاء والتهميش لشعوبها. فالسمكة تتعفن من رأسها لا من ذيلها!
لم يكن قرنق سياسياً ومقاتلاً من أجل الحرية فحسب بل كان باحثاً ومفكراً عالمياً يسعى لتحقيق نظام دولي جديد. وإلى ذلك فهو لم يكن بمعزل عن التأثر بكل نظريات العالم الكبرى واتجاهات الفكر وعلم الثورات، وعليه فإن مفهوم السودان الجديد يأخذ بقليل من قبس الماركسية ومختلف مدارس الاشتراكية، كما يدين بصورة كبيرة للتراث الفكري الإنساني. فضلاً عن أنه يستصحب بشكل كبير تجارب مشابهة في تكوين الأمم وبناء الدول في كل من أمريكا الشمالية واللاتينية. لا غرو إذن أن البدايات الأولى لرؤية د. قرنق للسودان الجديد كان يشوبها بعض النزوع للاشتراكية. وكان الرأي آنذاك بأن الحل الوحيد لعلل البلاد يكمن في إطار سودان موحد تحت مظلة نظام اشتراكي يراعي الحقوق الإنسانية لجميع القوميات ويكفل الحريات لكل الأديان والمعتقدات والرؤى. وعلى كلِ، فإن الإتكاء على الإشتراكية لا يقدح في ولا ينتقص من مرتكزات مفهوم السودان الجديد. مع ذلك فقد أقر الراحل د. قرنق وشدد بأن مضمون هذه الإشتراكية لا يجوز تقريره ميكانيكياً. بالأحرى فإن "تمثّل وتنزيل الإشتراكية" في السودان سينجلي وتتضح معالمه في سياق تاريخي، ومع استمرار الكفاح من أجل التغيير وتطبيق برنامج التنمية الاقتصادية الاجتماعية أثناء الحرب وبعدها، ووفقاً لشروط السودان الموضوعية. إلى جانب ذلك، فإن آخر ذكر للاشتراكية فيما يتعلق بالسودان الجديد كان في معرض حديث قائد الحركة الشعبية لتحرير السودان في 3 مارس 1984. فالاشتراكية كانت إلهام دفعت به الظروف الموضوعية التي كان لا بد من التفاعل معها والمحيط االسياسى الذي كان قرنق يعمل في إطاره، وهي على أي حال لا تلقى بأي ظلال أيديولوجية على رؤية السودان الجديد.
اعتبارات منهجية: مصدر اللبس والتشويش
الإخفاق في التمييز منهجياً بين رؤية السودان الجديد من جانب، والحركة الشعبية (على المستوى التنظيمي، والمستويين الاستراتيجي والتكتيكي) ومتطلبات العملية السياسية لبناء السودان الجديد في مسيرة الكفاح ( سياسياً وعسكرياً وتفاوضياً)، من جانب آخر؛ يشكل أحد الأسباب الرئيسة في إرباك المفهوم. فبعض المنتقدين والمتشككين دأبوا على الانشغال، ومنذ أن طرح الراحل زعيم الحركة الشعبية فكرة السودان الجديد في النصف الأول من الثمانينات، بتساؤلات حول أصل وبذور تكوين الحركة الشعبية ومكوناتها العرقية وأدائها السياسي والعسكري بينما أولوا قليلا من الاهتمام، إن لم يهتموا أصلا، لاختبار الحركة بشكل موضوعي أو تمحيص ما ظلت تبشر به وتدعو له من رؤية.
فالوحدة مثلاً، في ذاتها قيمة جوهرية تتكامل تماما مع، ولا تنفصل عن رؤية السودان الجديد‘ كما هي هدف كبير تطمح فيه وتتطلع إليه قطاعات عريضة من المجتمع السوداني في كل أنحاء البلاد. هذه الدعوة الأصيلة، على أي حال، لم تجد حظها من القبول الجاد كونها صادرة عن "جنوبي" بل تم ازدرائها وتحقيرها ربما لحين ظهور د.قرنق في الخرطوم ثم رحيله المفاجئ والمأساوي. ورغم أن حق تقرير المصير أصبح مطلباً للحركة الشعبية لتحرير السودان فقط في 1991 تجاوباً مع شروط موضوعية في الخرطوم والجنوب، إلا أنه غالباً ما يتم تصويره وكأنه دليل دامغ على الميول الانفصالية للحركة الشعبية وقائدها. وحقيقة، يجب أن ينظر إلي حق تقرير المصير باعتباره وسيلة أو آلية لتحقيق الوحدة الطوعية في ظل بيئة غير مؤتية وعدائية، فهو ليس من المبادئ الأساسية للسودان الجديد. و هذا ببساطة ما يفسر عدم ظهوره في أدبيات الحركة إلا بعد 9 سنوات من تأسيسها وفي لحظة تاريخية من العملية السياسية للصراع من أجل بناء السودان الجديد .
كما إن فصل الدين عن الدولة هو أيضا أمر جوهري في بناء دولة المواطنة وجزء لا يتجزأ من رؤية السودان الجديد. وهذا بدوره قد شابه الالتباس مع الإستراتيجية السياسية للحركة الشعبية، وبمعنى آخر تم خلط الرؤية مع العائد السياسي للمفاوضات. ربما لذلك استشعر بعض الناس أن الحركة الشعبية بقبولها لمسألة الإبقاء على، وتطبيق الشريعة في الشمال قد ارتدّت عن موقفها فيما يختص بالعلاقة بين الدين والدولة. ولكن، لابد أن ندرك أنه في سياق الظروف التي كانت تحيط بالمفاوضات كان هناك اختياران فقط على الحركة الأخذ بأحدهما. أحد الخيارات كان أن تتمسك الحركة بفصل الدين عن الدولة في جميع أنحاء السودان مما سيؤدي إلى تجميد أو انهيار المفاوضات، ولم يكن ذلك ليبدو سائغاً لقواعد الحركة في الجنوب أو مقبولا للشعب السوداني ولا للوسطاء. أسوأ من ذلك أنه كان ممكناً أن يعود بالبلاد إلى دائرة الاحتراب. الخيار الثاني يتمثل في السعي من أجل الوصول إلى حلول عملية من شأنها إنهاء الحروب دون التفريط في حقوق المواطنة لغير المسلمين، ليس في الجنوب فقط، إنما في عموم السودان. لذلك فإن ما تم إنجازه عبر التفاوض كان مجرد خطوة للأمام في العملية السياسية الطويلة والشائكة لبناء السودان الجديد.
وكما ألمحنا أعلاه، فإن نموذج الدولة الواحدة بنظامين كان رد فعل مباشر لموقف الحكومة المتشدّد حول فصل الدين عن الدولة. وقام النموذج على مقترح الترتيبات الكونفدرالية الذي طرحته الحركة منذ بداية المفاوضات، والتفكير الذي ساور البعض بأن النموذج صنيعة أمريكية أو أجنبية فيه مجافاة للحقيقة ومطاوعةً للظنون. ولذلك استهدف المقترح تأكيد الوحدة الوطنية دون الحط من قدر غير المسلمين وتحويلهم إلى مواطنين من الدرجة الثانية في وطنهم. والواقع أن مقترح الكونفدرالية كان يمثل النموذج الثاني من النماذج الخمسة المطروحة في ورقة (وسائل حلّ النزاع السوداني) التي قدمها زعيم الحركة في عام 1993 أثناء مفاوضات أبوجا. ولم يكن د. قرنق تحت تأثير أي وهم بأن النموذج الثاني (دولة واحدة بنظامين)- والذي تمخض عن اتفاقية السلام الشامل- يمثل أو يرقى إلى السودان الجديد الذي تصبوا إليه الرؤية. ولذلك أطلق على هذا النموذج (السودان الجديد في حدّه الأدنى) ويستند إلى فرضية أن الترتيبات الكونفيدرالية ستوفر مساحة لتطوير وتعزيز رابطة سودانية جامعة خلال فترة انتقالية قد تقود إلى (سودان متحّول ديمقراطيا) كما يشير (النموذج الأول) أو إلى تقسيم البلاد إلى دولتين مستقلتين ( النموذج الخامس). أما النموذج الثالث فيقوم على فرضية سودان عربي إسلامي يسيطر على الجنوب (وضعية ما قبل اتفاقية السلام الشامل) والذي يفضي بالتأكيد إلى انفصال الجنوب. و(النموذج الرابع) هو نموذج نظري بحت يقوم على افتراض سيطرة دولة علمانية افريقية محلية تؤدي إلى تكوين دولة مستقلة في الشمال. أما الطريقة المثلي للمحافظة على الوحدة فتتمثل في التحول مباشرة من النموذج الثالث (السودان القديم) إلى النموذج الأول (سودان متحّول ديمقراطيا)، وهذا لا يمكن تحقيقه إلا بهزيمة نظام السودان القديم المسيطر هزيمة حاسمة ونهائية. وعلى أي حال، إن لم يكن ذلك ممكناً واختارت الحركة المفاوضات كطريق تسوية النزاع، فإن الخيار الأفضل الثاني يتمثل في التوجه نحو السودان الجديد عن طريق النموذج الثاني (السودان الجديد في حده الأدنى، الكونفيدرالي) أو نموذج (دولة واحدة بنظامين). والواضح أن هذا الخيار يعني القبول بمخاطرة احتمال الانزلاق نحو النموذج الخامس (الانفصال) باعتباره مساوياً لتكلفة فشل القوى الداعية لسودان جديد وديمقراطي في تحقيق انتصار حاسم ونهائي على النظام. وهذا بالتأكيد ليس خياراً انفصاليا. ولكن السير إلى نهاية الطريقً حتى يتحقق السودان الجديد فليس بمسئولية الحركة الشعبية بمفردها ولوحدها، وإنما يمثل تحدياً لكل قوى التغيير الأخرى، خصوصا في شمال السودان‘ والتي يفترض أن تقوم بكل ما هو ضروري وأن تلعب الدور المطلوب لتحريك الأوضاع من النموذج الثاني إلى النموذج الأول، بدلاً من السماح لها بالانحدار نحو النموذج الخامس. وهذه كلها عملية سياسية في سياق الصراع من أجل التغيير ويجب أن لا نخلط بينها وبين رؤية السودان الجديد.
هناك اعتبار منهجي آخر تجدر ملاحظته وهو أن السودان الجديد ليس بنقيض للسودان القديم، كما أن الرؤية لا تهدف إلى هدم السودان القديم كليةً وبناء سودان جديد على أنقاضه. فبناء السودان الجديد هو بالأحرى عملية "تحويلية" قوامها إحداث تغييرات اقتصادية واجتماعية جوهرية وإعادة هيكلة سياسية تستصحب كل العناصر الإيجابية في السودان القديم مسترشدة بكل تجاربنا التاريخية والمعاصرة، ومدركة بل ومؤهلة لمجابهة التحديات الضخمة للقرن الحادي والعشرين. وستكون مهمة الحركة الشعبية وقوى التغيير الأخرى، خصوصاً في الشمال، والتي نشأت وترعرعت في السودان القديم نفسه، الأخذ من أفضل مكوناته وأكثرها إيجابية ورقيا في سياق التجارب الخاصة لكل من هذه القوى لقيادة عملية التحوّل صوب سودان جديد.
من جانب آخر، فهنالك بعض القوى التي استفادت ومازالت تستفيد من السودان القديم وهي تعي جيداً أن في السودان الجديد تهديدا لمصالحها سواء كانت تلك القوى في سدة الحكم أم كانت معارضة له. وهذه القوى ماضية في عزمها على تضليل قواعدها وبث الخوف في صفوفها بأن مفهوم السودان الجديد ما هو إلا اسم مستعار وتجميل لفكرة تكرّس دولة إفريقية مسيحية مناهضة للإسلام والعروبة وتعمل بالتنسيق مع الصهيونية على استبدال الهوية الأسلاموعربية للسودانيين (خصوصاً في الشمال). إن هذه الادّعاءات غير المؤسسة والتي تذكي جذوتها النعرة العنصرية والهوس الديني قد تم التصدّي لها بصلابة في أماكن أخرى وتجاوزها الزمن تماماً؛ وحتى في ورقة (وسائل حلّ النزاع السوداني) التي طرح فيها زعيم الحركة الشعبية نماذج الحل الخمسة في عام 1993 أثناء مفاوضات أبوجا، أكّد الراحل على أن النموذج 4 (حيث السيادة لدولة أفريقية علمانية) هو نموذج افتراضي ونظري بحت. وفى حقيقة الأمر، إذا كان النموذج الأول، سودان ما قبل اتفاقية السلام الشامل (السودان العربي-الاسلامى) تستحيل استدامته فكيف يستقيم عقلا أن يفكر صاحب هذه الرؤية الثاقبة في سودان على (النموذج 4) غير قابل للحياة، على حد سواء!
ومثال صارخ للالتباس والخلط بين رؤية السودان الجديد والحركة الشعبية، كتنظيم سياسي، مقال نشر مؤخرا في صحيفة "سودان تريبيون" والذي اعتبر خطأ استخدام عبارة "السودان الجديد" لوصف المناطق الواقعة تحت سيطرة الجيش الشعبي في الجنوب، جبال النوبة والانقسنا، وكأنها تتطابق مع تعريف جغرافي لمفهوم السودان الجديد من قبل الحركة الشعبية. وبالطبع ليس هذا بصحيح ومن السذاجة بمكان أن يصدر من حركة ظلت تقاتل أكثر من عقدين من الزمان من أجل التغيير
السودان الجديد: إطار قومي لإعادة بناء الدولة السودانية السودان القديم: ما خطبه؟
اتساقاً مع تعريف الأزمة السودانية بأنها "مشكلة السودان" وليست "مشكلة الجنوب" فحسب، فإن تصور الحل يكمن في تحوّل السودان ككل، وذلك بعد إجراء تحليل متعمق ودراسة متأنية للسودان القديم. ويتجلى المدخل لهذا الحل في تكشّف أزمة الهوية الوطنية التي أفرزتها أطر الحكم بعد الاستقلال في أغلب أنحاء القارّة الأفريقية. فأزمة الهوية هي نتاج لتطوُّر تاريخي. فقد تشكلت الدولة الأفريقية (أو السودانية) تاريخياً من عدة عناصر وتنويعات إثنية وعرقية وثقافية وسمتها بتركيبة تعدّدية. فكانت الدولة الأفريقية، ولا تزال، تتألّف من وحدات عرقية متمايزة، لدرجة أنه كان من الممكن لغالبيتها أن تزعم إبان الاستعمار بأنها قومياتٌ قائمةٌ بذاتها. وفيما درجت السلطات الاستعمارية على تطبيق سياسات تفاضلية تمايز سياسياً واقتصادياً بين المجموعات والأقاليم المختلفة، لازم تلك التعددية تفاوتاً كبيراً في صوغ معادلة السلطة وتقسيم الثروات القومية والخدمات الاجتماعية وفرص التنمية. وأفضى هذا التنوع الغزير مقروناً مع تلك التباينات الشديدة إلى زرع بذور النزاع والشقاق بين العناصر المكونة لهذا التنوع. وبدلا عن أن تنشد حلولا بعينها لمعالجة هذه التباينات عبر انتهاج نظام تمثيل عادل وتوزيع منصف للثروات، فإن غالبية حكومات ما بعد الاستقلال آثرت فقط الركون مجملاً إلى تبنّي الأنماط الدستورية التي خلّفها المستعمر. وباتّخاذها ذاك المنحى أرست تلك الحكومات مفاهيم أحادية جامدة للوحدة تمّخض عنها قمع أشكال التنوّع العديدة، منتقصةً بذلك حقوق العديد من الأفارقة، تاركةً إيّاهم بلا حول ولا قوة، يتطلعون ليس فقط للاعتراف بخصوصية هوياتهم إزاء هيمنة الأغلبية بل لتمثيل كياناتهم عبر الأطر الدستورية وأنظمة الحكم في الدول التي يعيشون في كنفها. أفضت هذه السياسات في العديد من الأقطار الأفريقية إلى النزاع المسلح والمطالبة بحق تقرير المصير بشتى الصيغ والدرجات .
لا يستثنى السودان من هذا الواقع، إذ أن القطر عانى طيلة سبعة عشر عاماً حرباً انفصالية اشتعل فتيلها قبل أربعة شهور فقط من الاستقلال. توقفت تلك الحرب مؤقتا نتيجة لاتفاقية سلام هشة دامت عقدا من الزمان اشتعلت بعده الحرب مجددا بسبب نقض الحكومة، من جانب واحد، للاتفاقية. ومن هنا جاءت تساؤلات الراحل قرنق حول كنه المشكلة ولماذا يعرض أي مجتمع نفسه لأجيال من المعاناة والاقتتال على امتداد البلاد؟ إن محاولات الأنظمة المتعاقبة على الحكم في الخرطوم منذ 1956 إقامة وحدة تقتصر على اثنين فقط من مكونات التنوع التاريخى والمعاصر مع إقصاء محددات التنوع الأخرى لهو أساس مشكلة السودان الذي ينبغي تعريف الأزمة السودانية على ضوئه. هكذا عمدت الدولة السودانية إلى إقصاء الغالبية العظمى لأهل السودان من المشاركة في الحكم وبالتالي تهميشها في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية مما حرض المهمشين للجوء إلى المقاومة. ولطالما كان السودان ولا يزال يرزح تحت نير الحروب، كما برهن على ذلك مؤخراً النزاع المسلح والاقتتال الدائر في دارفور وشرق السودان. ومرد ذلك ببساطة هو أن الأغلبية في السودان لم تعد مشاركة أو صاحبة حق في حكومات يفترض أنها تمثلها. ويكمن الحل لهذه المشكلة الأساسية في بناء دولة سودانية تسع الجميع بلا استثناء؛ أي دولة مواطنة حقة وإدارة حكم سياسية جديدة يتساوى فيها السودانيون في الحقوق والوجبات بغض النظر عن الدين والأصل والعرق والقبيلة والنوع.
دعائم السودان الجديد
خلافا للإستراتيجية السياسية والمواقف التفاوضية للحركة الشعبية لتحرير السودان، فإن المرتكزات النظرية للسودان الجديد المفصلة في مارس 1985 ظلت ثابتة لم تتغير، وإنما استفيض في بيانها وتفصيلها، نورد حيثياتها فيما يلي.
بلورة الهوية السودانية
بلا شك أن السودان مجتمع متعدد الأعراق والثقافات. وإن إحدى مشاكل السودان القديم أنه كان، وما زال، يبحث عن ذاته ويطرح تساؤلات مضنية حول هويته الحقيقية، فنحن قطر عربي كما أننا قطر أفريقي، ولكن هل نحن هجين؟ هل نحن عرب أم أفارقة؟ فمن نحن؟ وحينما نفشل في تعريف هويتنا، بسبب أننا لا نبحث عنها داخل السودان بل نبحث عنها بالخارج، "يلوذ البعض بالعروبة وإذ يخفقون في ذلك يلجأون إلى الإسلام كعامل موّحد، بينما يصيب الإحباط البعض الآخر حال إخفاقهم في إدراك كيف يكونون عرباً بينما اقتضت مشيئة الخالق خلاف ذلك؛ فيلجأون للانفصال". أما السودان الجديد فتتساوى في الإنتماء إليه كل القوميات التي تقطنه الآن؛ وما تاريخه وتنوعه وثرواته إلاّ تراثاً مشتركاً بينها. إذن فلن يصح تعريف الهوية السودانية وفقاً لعاملين اثنين فقط (العروبة والإسلام) مع استبعاد بقية المحددات الجوهرية المتجذرة في تنوع السودان التاريخي والمعاصر. لذلك فإن عملية البناء الوطني تستوجب إمعان النظر داخل القطر واستصحاب تجارب الآخرين وصولاً لتكوين أمة سودانية متفردة. وهناك العديد من الأقطار والشعوب والأمم ممن فعل ذلك. "فقد هاجر الإنجليز إلى أمريكا وأنشئوا ثلاثة عشر مستعمرة، ولكن ظلوا كما هم ذات الإنجليز يتحدثون الإنجليزية ويدينون بالمسيحية كما اضطروا إلى محاربة إنجلترا لنيل استقلالهم. وهاهم الآن الولايات المتحدة الأمريكية، ولا يدّعون أنهم إنجليز رغم تحدّثهم بالإنجليزية. الإنجليزية هي لغة أمريكا ولكن تلك البلاد هي أمريكا وليست إنجلترا. مثال آخر جيد ساقه البرتغاليون والأسبان. والأسبانية هي لغة الأرجنتين وبوليفيا وكوبا، مع ذلك يظلون نفس الدول وليس أسبانيا. وبالمثل لا يمكن الزعم بأن العربية في السودان هي لغة العرب وإنما لغة السودان وأهل السودان" .
الوحدة على أسس جديدة
أن الوحدة التي تأسس عليها السودان القديم ليست حيوية وغير قابلة للبقاء أو الاستدامة. فهذه الوحدة متجذرة في الهيمنة السياسية والثقافية والاقتصادية لبعض النخب والمجموعات بينما أستبعدت مجموعات أخرى أساسية من عملية صياغة أسس المجتمع السوداني وتم عزلها عن المشاركة الفاعلة في السلطة السياسية وعن التعبير عن هوياتها القومية والثقافية وعن قسمة نصيبهم في الثروة القومية، وتم كل ذلك في إطار نموذج تنمية غير متكافئة. إن للسودان تاريخ عريق وغني منذ أيام الحضارة الكوشية التي ترجع إلى آلاف السنين قبل ميلاد المسيح، وهذا ما نعته الراحل قرنق بالتنوع التاريخي. بينما يشكل سودان اليوم محصلة ناقصة ونتاج غير مكتمل لعملية تفاعلات وتحولات تاريخية طويلة ومعقدة أنتجت هذا المزيج المتنوع عرقيا وثقافيا ودينيا ولغويا واقتصاديا وجغرافيا. وتمثل هذه التشكيلة التنوع المعاصر للسودان. اقتصر السودان القديم وحدة البلاد على محددات وعناصر انتقائية من المجموع الكلي للعناصر التي تشكل جميعها التنوع التاريخي والمعاصر للسودان، بينما تم إهمال وتجاهل مكونات حيوية ومفتاحيه أخرى.
إن الوحدة التي تأسست على هذه المكونات الجزئية وما صاحبها من تبعات سياسية واقتصادية واجتماعية ستظل دوما هشة وغير قابلة للاستمرار. فلابد للترتيبات الدستورية والمؤسسية وبرامج وسياسات السودان الجديد من أن تعكس هذين النوعين من التنوع التاريخى والمعاصر. وهذا من المتطلبات الضرورية لبناء أمة عظيمة موحدة طوعيا في تنوعها بدلا عن أمة منقسمة على نفسها بسبب التنوع. بل إن الإصرار والمثابرة على تماثل دين واحد مع الدولة، وبالتالي إقامة دولة دينية لا يقود إلا لإحداث شروخ عميقة في نسيج المجتمع السوداني مفضيا في آخر الأمر إلى تشظى البلاد وتفسخ الدولة السودانية. ومرد ذلك ليس فقط لأن كل السودانيين لا يدينون بالإسلام، بل لا يوجد إجماع حول قوانين الشريعة حتى وسط المسلمين أنفسهم. ولذلك يجب أن لا نسيء تفسير المقصود بفصل الدين عن الدولة، سواء كان ذلك عمدا أو عن جهل، ليعنى إبعاد الدين عن الحياة والمجتمع ولو بأي شكل من الأشكال. فهذا ليس بممكن لأن الدين جزء أصيل من الإنسانية. علاوة على أن كل السودانيين لهم معتقداتهم، سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين أو يعتقدون في الديانات الأفريقية التقليدية. فكل ما تقترحه رؤية السودان الجديد هو أن الدين ينظم العلاقة بين البشر وخالقهم وهى علاقة بطبيعتها محكومة بالتشريعات الدينية في المجال الخاص. بينما الدولة مؤسسة اجتماعية وسياسية استنبطها البشر وينتمي إليها الجميع بغض النظر عن معتقداتهم الدينية المختلفة. ولهذا كان الراحل د. قرنق يتساءل في تعجب: لماذا نغرق أنفسنا في خلط المواضيع و نفرق بين شعبنا فينقسم الناس ويحصدون الشقاق نتيجة لذلك !!
إعادة هيكلة السلطة
وهذا يعنى ابتداء إعادة هيكلة السلطة المركزية بصورة تضع في الاعتبار مصالح كل المناطق والقوميات المهمشة، سواء أولئك الذين حملوا السلاح أو الذين ظلوا يعارضون بصبر وفى صمت. وهذه هي الطريقة الوحيدة لإنهاء احتكار السلطة في يد فئة قليلة أيما كانت خلفياتهم وسواء جاءوا في زى الأحزاب السياسية أو أسر حاكمة أو طوائف دينية أو ضباطا في الجيش. فقد كان تمثيل الجنوبيين والمجموعات المهمشة الأخرى في الحكومات المركزية دائما رمزيا وبدون استشارة أو مشاركة فعالة في عملية تكوين هذه الحكومات، فغالبا ما تتم دعوة هذه المجموعات للانضمام إلى الحكومات "الوطنية" كطفيليين أو متفرجين وليس كشركاء متساوين وأصليين. وقد دفع هذا الإقصاء بالنخب والمتطلعين إلى السلطة في هذه المناطق للرجوع إلى، والاتكاء على قواعدهم الاثنية والإقليمية والى تكوين حركات وتنظيمات سياسية إقليمية. وهذا ما وصفه الراحل قرنق "بالصدف التي لا تحدث صدفة!" إذ دائما ما تنتهي السلطة بيد مجموعة أو مجموعات معينة من شمال السودان. وثانيا، التشديد على لامركزية السلطة وذلك بإعادة تعريف العلاقة بين المركز في الخرطوم والأقاليم ومنح سلطات أوسع لهذه الأقاليم في شكل فدرالي أو حكم ذاتي، أين ومتى ما كان ذلك ضروريا، حتى تتمكن الجماهير، وليس النخب الإقليمية، في ممارسة سلطات حقيقية من أجل التنمية الاقتصادية والاجتماعية وترويج وتطوير ثقافاتهم المختلفة.
الحكم الديموقراطى وحقوق الإنسان
وما يجب التطلع إليه والترويج له وحمايته هو سودان جديد ديموقراطى لا تكون فيه المساواة والحرية والعدالة الاقتصادية والاجتماعية مجرد شعارات بل واقعا ملموسا يعيشه الناس. فالديمقراطية في السودان الجديد ليست هي ديمقراطية الماضي الصورية والإجرائية والتي كانت بمثابة تمويه لإدامة المصالح المكتسبة لبعض المجموعات. فقد خضعت الحقوق المدنية في تلك الديمقراطية الصورية لأهواء الحكام، بينما ظلت الأغلبية في الأقاليم على هامش السلطة المركزية والتي تعاملت معها وكأنها تابع يسهل التخلص منه أو مناورته بالتحايل والنفاق السياسي. يمثل التحول الذي تنشده رؤية السودان الجديد نقلة في المنظور الاقتصادي والاجتماعي يستلزم الاعتراف بالتنوع السياسي وذلك بضمان الحرية الكاملة للتعددية السياسية. وهذا بالضرورة يستدعى تعميق حقوق الإنسان وكافة الحقوق الدستورية واحترام استقلال القضاء، بما في ذلك محكمة دستورية لا تنتهك حرمتها والالتزام بحكم القانون من قبل الحكومة والمحكومين وتأسيس خدمة مدنية ذات كفاءة واستقلال حقيقي على كل مستويات الحكم. كما تسعى رؤية السودان الجديد إلى إعادة صياغة النظام التشريعي بأسلوب يضمن تحقيق التوازن والضبط ويكفل السلطات الممنوحة للأقاليم لكي لا يتم سحبها أو إضعافها بواسطة مراكز السلطة الأخرى. فيجب أن لا تؤخذ الديمقراطية كوسيلة للصراع من أجل السلطة واستحقاقاتها فحسب، بل لابد من فهمها كنظام تنافسي لترسيخ الحكم الراشد وضمان توفير وتطوير الخدمات الاجتماعية ووصولها لأهلنا في كل أنحاء السودان بدون الخدش في كرامتهم أو الانتقاص من قيمتهم الإنسانية.
التنمية المتوازنة والمستدامة
لا يكتمل مشروع السودان الجديد بدون تطوير منظومة اقتصادية يتم من خلالها الاستخدام العقلاني والرشيد لموارد البلاد الطبيعية والبشرية الوفيرة لوقف التنمية غير-المتكافئة ولوضع حد لكل أشكال التهميش والحرمان وللتوزيع العادل لثمار النمو والتنمية. ويمثل الاقتسام الملائم والعادل للثروة بين شعوب وقوميات السودان المختلفة جزءا لا يتجزأ من منظومة التنمية المتوازنة.
خاتمة
إن الأزمة الوطنية التي أبتلى بها السودان منذ استقلاله في 1956 هي في الأساس أزمة هوية أساسها عجز السودانيين عن التصالح مع واقعهم الثقافي والاثنى والذي يجعل منهم أمة. فجاءت رؤية السودان الجديد في جوهرها كإطار قومي ورابطة اقتصادية واجتماعية وسياسية متجذرة في ومستوعبة للتنوع المتعدد الذي يتميز به السودان. فهي، إذن، إطار لإعادة تشكيل كل السودان وصوغ الديمقراطية وتحقيق المساواة والحرية والتقدم، وهذه كلها مكونات أساسية للاستقرار والديمقراطية الحقيقية. وهذا بالتحديد ما يميز السودان الجديد عن السودان القديم والذي تأسس على عنصرين فقط من مكونات التنوع التاريخى والمعاصر للسودانيين. فجوهر الرؤية هو الإدارة العادلة للتنوع واحترام هويات وثقافات كل المجموعات القومية. وبالرغم عن أن السودان هو منطلق وبؤرة اهتمام رؤية السودان الجديد إلا انه يمكن تطبيقها عالميا في الدول والمناطق الأخرى التي تمزقت أوصالها بسبب التنوع والتباين العرقي والاثنى والثقافي والديني. وبذلك، فان الرؤية ليست بعقيدة أو أيديولوجية للحركة الشعبية، ومن ثم يجب أن لا نخلط بينها وبين الهيكل التنظيمي للحركة أو استراتيجياتها وتكتيكاتها وما يصاحبها من عمليات سياسية تهدف إلى تحقيق الرؤية، ولو أن كل هذه مواضيع مشروعة للنقاش والحوار والتقييم النقدي.
توسيع دائرة الحوار
إن حالفني التوفيق في توضيح رؤية السودان الجديد من خلال هذا العرض، فإن قاعدة إتحاد الكتاب السودانيين وكل المشاركين في هذا المؤتمر العام سيوافقونني الرأي على الآتي:
• هذه الرؤية هي بمثابة مشروع قومي لبناء سودان موحّد وقابل للحياة يجنّب البلاد خطري التفكك والانشطار. فالرؤية للسودان القديم المنافسة في كلتي نسختيه، منذ الاستقلال وحتى 1989 ومن 1989 إلى 2005، قد أخفقت في صون وحدة البلاد واستدامتها؛ بينما رؤية السودان الجديد ترتكز على مفهوم المواطنة الذي لا شك عندي أن غالبية الحضور في هذا المؤتمر يساندونه.
• الحركة الشعبية لتحرير السودان هي التي تقدمت برؤية السودان الجديد. ولكن، مثلما أن السودان القديم يتعرض لتغيّرات جذرية في مسيرة انتقاله نحو السودان الجديد فإن الحركة الشعبية لتحرير السودان نفسها لابد أن ينالها التطوير وتخضع بذلك لتحولات أساسية. ورغم أن الحركة ظلت تحتفظ بمضمونها الرئيسي، إلا أنها شهدت تحولات عبر السنين، وفي غضون تلك التحولات بدت الحركة مختلفة في المراحل المختلفة للكثير من الناس وجماعات المهتمين مما يفسر اللبس- القائم عند البعض- حول طبيعة ومضمون الحركة الشعبية. إن اتفاقية السلام الشامل، والتي أفضت إلى أكثر التحولات الدستورية جذرية بعد الاستقلال، قد أدخلت الحركة الشعبية لتحرير السودان في مرحلة جديدة (جمهورية ثانية) تتسم بالعديد من حالات الانتقال وما تستدعيه من إدارة فاعلة لهذه التحولات. فبانتقالها من مربع الحرب للسلام فان الحركة الآن مواجهة بإدارة تحول دقيق ثلاثي المسارات: أي من تنظيم سياسي-عسكري إلى حركة سياسية، ومن حركة إقليمية إلى حركة قومية ، ومن خانة المعارضة إلى الشراكة في الحكومة. أضف إلى كل هذا الرحيل المفجع والمفاجئ لزعيمها والذي بلا شك قد زاد وضاعف من أعباء الحركة في التعامل مع هذه التحوّلات المتعددة.
• رؤية السودان الجديد ليست برنامجاً تحتكره الحركة الشعبية وحدها أو أي كيان سياسي آخر منفرد، وإنما كما قدمنا، هي إطار قومي من شأن الأحزاب والتنظيمات السياسية وضع سياساتها وبرامجها الخاصة على ضوئه.
• كان الراحل زعيم الحركة الشعبية لتحرير السودان مدركاً منذ تأسيس الحركة أنها لن تكون قادرة بمفردها على تحقيق التحوّل من السودان القديم صوب السودان الجديدً. لذلك، كان الراحل حريصاً منذ البداية على خلق صلات مع ومد يديه إلى مختلف القوى السياسية والاجتماعية في الشمال. كما كان له دورا محوريا في جمع هذه القوى في وقت مبكر في كوكا دام-إثيوبيا في مارس 1985. كما كانت الحركة الشعبية عضوا فاعلا في التجمع الوطني الديموقراطى وتبوأ قائدها رئاسة القوات المشتركة للتجمع. وهكذا، فإن الحركة الشعبية أقامت تحالفات مع جميع القوى السياسية الحديثة والتقليدية بغرض المضي قدماً بعملية البناء الوطني. ورغم أن أوضاع ما بعد اتفاقية السلام الشامل قد خلقت واقعا سياسياً جديداً إلاّ أن الحركة الشعبية عازمة على التفاعل مع القوى السياسية الأخرى بإقامة تحالفات تخدم أهداف ومرامي السودان الجديد.
إن منظمي هذا المؤتمر جديرون بالثناء لطرحهم رؤية السودان الجديد للمناظرة والنقاش في هذا المنبر المعتبر. ولكن من الأهمية بمكان أن نمضي قدما بهذا المجهود وذلك بتوسيع دوائر الحوار عن طريق الدراسات والأبحاث الجادة وبإشراك كل قوى التغيير، خصوصا في الشمال. أولاً: من المهم تحديد المواضيع والقضايا الملحة التي طرحتها الرؤية وما تستدعيه من بيان وتفصيل. إن قائمة مختصرة بهذه القضايا تشمل ضمن أخريات: ثنائيات السودان القديم/الجديد، الحداثة/التقليد، مفهوم التهميش، قضية العرق والطبقة، التعددية الديمقراطية والثقافية، قضايا المرأة والحقوق المتساوية، الديمقراطية وحقوق الإنسان، الدستور وحكم القانون، الثقافة ووسائل الإعلام، اقتصاد السوق وتطوير القطاع الخاص. ثانياً: يبدو أن الوقت قد حان بأن تدخل قوى التغيير والسودان الجديد في الشمال والحركة الشعبية في حوار صريح وبناء حول الانتقال نحو السودان الجديد في سياق اتفاقية السلام الشامل. في هذا السياق يبرز سؤال هام حول كيف لنا أن نوظف الوضع الجديد الذي أرست قواعده اتفاقية السلام الشامل لصالح الدفع بمشروع السودان الجديد إلى الأمام، وهو سؤال يشكل في حد ذاته مجالا خصبا للبحث والتفاعل والحوار. فان كان البعض يرى بأن الحركة الشعبية قد تراجعت عن رؤية السودان الجديد وتقزمت إلى محض حركة إقليمية جنوبية فما هو موقف قوى التغيير الأخرى في الشمال؟ إن السؤال الذي يغلب تأطيره بشكل خاطئ في الشمال حول مصير الشماليين في الحركة بعد رحيل د. قرنق يجب إعادة صياغته ليكون: ما هو مصير كل الشماليين وليس فقط المنتسبين للحركة إذا تراجعت إلى كيان سياسي جنوبي؟ هل لهذه القوى أي مشروع بديل لرؤية السودان الجديد؟ أليس من صميم مصلحة السودانيين في الشمال، خصوصا المتطلعين إلى سودان جديد موحد، مؤازرة الحركة عبر المشاركة الفاعلة في تحولها إلى حركة سياسية قومية وذلك باعتبارها الضمان الوحيد لمحاصرة الأجندة الانفصالية والاتجاهات القائمة على الانتماءات الضيقة للتيارات المنكفئة على ذاتها؟ كيف يمكن مناقشة ومعالجة كافة هذه القضايا المطروحة؟ ومن ناحية أخرى، إذا أخفقت الحركة الشعبية في تحويل نفسها إلى حركة قومية قوية، فالتنظيمات السياسية ليست بمعصومة عن الفشل، فما هي الإستراتيجية- فكريا وتنظيميا- التي أعدتها (أو ستقوم بإعدادها) قوى التغيير في الشمال لتحقيق أهداف السودان الجديد- أو لنقل أهداف التحول الديموقراطى؟ ففي سياق تطورها طرحت الحركة "مشروعا وطنياً ديمقراطياً" هو الوحيد، في رأي، القابل للتطور والتطبيق. ويحمل هذا المشروع كل ما هو ايجابي وثمين في تجربة الحركة الشعبية، كما يأخذ من قوى السودان الجديد في شمال السودان أرقى وأكثر مكونات تجاربها السابقة ايجابيةً، إضافة إلى العناصر الايجابية للسودان القديم. إذن، فالسؤال الأهم الذي يطل برأسه (سؤال المليون دولار): ما هي الاستراتيجيات بعيدة المدى لقوى التغيير في الشمال إذا صوت الجنوبيون لصالح الانفصال في الاستفتاء المقرر بنهاية الفترة الانتقالية؟ وما هي طبيعة "دولة شمال السودان" التي يطمحون لبنائها؟ أوليس ذلك احتمال يلوح في الأفق؟
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السودان الجديد (Re: خالد الطيب أحمد)
|
سلام
من مابديت الموضوع بالحمام والزراع المناضلين طوالى ذكرتنى طلائع مايو واتحاد الشباب السودانى
بعدين شايفك خدمت البوست براك وانا خايف الموضوع دة يكون كتصويت من القراء على موضوع السودان الجديد وهنا باتذكر قصة جديرة بالذكر - بعد اتفاقية نيفاشا بدات الحركة الشعبية بالدعوة لتوسيع القواعد وفتحت مكاتب فى شتى مدن الشمال واذكر فى افتتاح مكتب الحاج يوسف بدا احد قيادات الحركة بالتبشير بمولد السودان الجديد ثم اعطى الفرصة للمشاركة فانبرى له احد الحضور وقدم نفسه كاستشارى فى طب النساء والولادة ثم ذكر بانهم لايريدون من الحركة سودانا جديد بل يودون لو ارجعت لهم الحركة السودان القديم سودان البهجة والهجيج
الخلاصة : شبعنا شعارات وامنيات
لك ودى
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السودان الجديد (Re: Adrob abubakr)
|
الغالي د.أدروب ..
تحياتي
هناك من ربط الفكرة نفسها (السودان الجديد) والتي توارثتها أجيال وشخصيات عديدة -آخرها الراحل د.جون قرنق- بالوحدة فقط , أما إذا آل مصير للتقطع و للإنفصال فسوف ينهار مشروع سوادننا الجديد.
هذا واحد من دواعي قيام حزب السودان الجديد وله رأي واضح بصدده.
كن دوما بخير..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السودان الجديد (Re: خالد الطيب أحمد)
|
Quote: العزيز خالد المحترم أؤهنك أولا علي هذه المبادرة منك لهي الشجاعة التي عهدناك فيك ودلالة علي الشعور الوطني فيك
شايف في بوست شبيه يناقش مقال للأستاذ علي إبراهيم
جاييك بعض أن أكمل بعض الأمور.. |
تحياتي د.ادروب..وشكرا علي التنبيه بمقال الأستاذ إبراهيم علي إبراهيم
Quote: السودانيون الجدد: من هم؟
إبراهيم علي إبراهيم*
المحامي/واشنطن [email protected]
copied fromsudanile ترمز فكرة السودان الجديد إلى حزمة من المشروعات السياسية ومجموعة من الأفكار التي بدأت في الظهور على فترات متباعدة ، وتبلورت في شكلها الحالي في بداية الألفية الثانية كثمرة لنضالات طويلة مثلت نقلة نوعية في الرؤية العامة للازمة السودانية وسبل معالجتها. ويرجع الفضل في ذلك إلى د. جون قرنق مؤسس الحركة الشعبية لتحرير السودان، ومواثيق التجمع الوطني الديمقراطي.
ما أن ظهرت رؤية السودان الجديد إلى السطح واكتملت ملامحها حتى تلقفها الكثير من الناس للتعبير عن مظالمهم ومطالبهم العادلة لدرجة أصبحت معها البرنامج الأساسي للحركات الإقليمية السياسية والعسكرية المطالبة بإلغاء سياسات التمييز والتهميش الاقتصادي والسياسي والاجتماعي التي سادت في السودان لحقب طويلة.
يسود إجماع شبه تام وسط قوى السودان الجديد المختلفة على تعريفهم لطبيعة ونوع الأزمات التي تواجه السودان وعاني منها الشعب طويلا وأسبابها التي يرجعونها إلى سيادة الدولة المركزية التي ورثتها الحكومات الوطنية من المستعمر وظلت على مر التاريخ تتبع سياسات مركزية باطشة تعمل على التمييز بين المواطنين، وإقصاء الأقاليم وتهميشها سياسيا واقتصاديا وتنمويا، للدرجة التي أعلنت فيها هذه الدولة الحروب والجهاد على ثلاثة أقاليم أساسية من مكونات السودان.
والأزمة الحالية بنظر السودانيين الجدد ما هي إلا نتاج لتراكم تاريخي طويل كشفت عن عجز الحكومات الوطنية المتعاقبة بمختلف أنواعها في ممارسة العدل والمساواة بين مكونات الدولة، وفشلها في بناء أجهزة حكم تستطيع استيعاب التنوع العرقي والديني والتعدد الإقليمي الذي يمتاز به السودان. ومؤخرا قادت هذه الأزمة إلى احتكاك بين الهويات الفرعية نتج عنه أزمة عميقة في الهوية الوطنية السودانية. هذا الفشل وتراكماته قاد إلى تشكيل مركز للسلطة والثروة تكون نتيجة لاختلاطات تاريخية بين ورثة الاستعمار من أفندية وطائفية ورؤوس إدارة أهلية قبلية-افريقية كانت أم عربية- بغيرهم ممن تم إلحاقه مؤخرا من النخب السياسية التي أفرزتها الحكومات اللاحقة. فمركز السلطة هو المسئول تاريخيا عن ممارسة هذه السياسات الخاطئة، وهو ليس جماعة محددة ثابتة بل هو حالة ذهنية مصطنعة ومستمرة.
ومن الخطأ اختزال السودانيون الجدد في مجموعة صغيرة من سياسي الحركة الشعبية ومفكريها والكتاب الآخرين المعبرين عن هذا التيار من خارج الحركة. فمشروع السودان الجديد ليس حكرا على الحركة الشعبية وحدها وإنما هو رؤية سياسية واسعة وفضفاضة ذات قدرة تنويرية حاشدة، لا يجوز الخلط بينها وبين أفكار الحركة إجمالا التي لها بعض الخصوصيات الجنوبية(حق تقرير المصير مثلا)، وليس بالضرورة أن كل من امن بها أصبح عضوا في الحركة الشعبية.
ويترتب على هذا الاعتقاد الاختزالي السابق تصور البعض أن مقتل جون قرنق واختفائه عن المسرح السياسي تكون نخب السودان القديم والنظام الحاكم قد تخلصت من نفوذ السودانيين الجدد بشكل كلي إلى الأبد. صحيح أن مقتل د. قرنق شكل صدمة مأساوية للجميع ودفع الكثيرين إلى اعتزال المسرح السياسي في صوفية نادرة، ولكن السودانيون الجدد ليسوا ساسة نشطين فقط، فتأثيرهم القوي يكمن في أنهم كتاب ومفكرين ومثقفين وأصحاب رؤية متجددة وقدرة لا تنتهي على الجدل وتصميم، مما يعني صعوبة تحجيم نفوذهم فالأفكار لا تقتل ولا تموت.
وتبعا لذلك لابد من الاعتراف بصعوبة تحديد أنصار السودان الجديد أو من نطلق عليهم السودانيون الجدد، فهم لا يتبعون لحركة سياسية واحدة، ولا يعتنقون ايدولوجيا واحدة، كما أن منطلقاتهم وخلفياتهم السياسية في الأصل مختلفة، فهم هذا الجيل الجديد من السياسيين والمفكرين الذين امنوا بهذه الرؤية والأفكار وحملوها معهم، لذلك تجدهم منتشرين في تنظيمات وتشكيلات سياسية مختلفة، إقليمية كانت أم قومية، سياسية أم عسكرية، يسارية أم يمينية، ديمقراطية أو ثورية، ومنهم أيضا الليبراليون والمحافظون، والمستقلون والإسلاميون المعتدلون، والاتحاديون، والوسطيون، وغيرهم، ممن تجد آثارهم الفكرية ظاهرة للعيان.
وخلال السنوات الماضية روج السودانيون الجدد عبر المقالات والكتب ومنابر الحوار في الانترنت لعدد من الأفكار التي اكتسبت رواجا واسعا في السودان وعلى رأس هذه الأفكار الإيمان بأن أمام السودان فرصة أخيرة غير مسبوقة وفرها اتفاق نيفاشا لإعادة صياغة النظام السياسي المطبق وتفكيك الدولة المركزية على أسس من اللامركزية والعدالة والمساواة والحقوق لتصبح أكثر قدرة على استيعاب التعدد الإقليمي والتنوع العرقي. كما نادى السودانيون الجدد بتطبيق وتبني الهوية الوطنية السودانية التي تؤمن بالمساواة في حقوق المواطنة بين الجميع.
وبهذا الفهم تهدف رؤية السودان الجديد إلى تفكيك أركان النظام المركزي السائد والموروث تاريخيا، وبناء سودان جديد ديمقراطي لا مركزي مكانه. هذا يجعل من مشروع السودان الجديد رؤية تمزج بين الهيكلة والمبادئ السياسية. فالسودانيون الجدد يؤمنون بأن وحدة السودان القديم آيلة للسقوط والتفكك إذا قدر لها الاستمرار بهذا النهج، فهذه الوحدة التي قامت على أسس التهميش والتمييز الاقتصادي والاجتماعي والسياسي لن يكتب لها الدوام، ولن تستمر ولن تنجح بما تشهده الآن من حروب أهلية. فهم بذلك يسعون إلى صون وحدة السودان عن طريق تفكيك السلطة المركزية وأجهزتها وإعادة هيكلة الدولة على أسس جديدة وعادلة، وإحداث نقلة نوعية في بناء دولة حديثة تستند إلى هذا التراث الثقافي والتاريخي الذي يميز هوية السودان والسودانيين. وهذا هو الطريق الوحيد الذي يحفظ وحدة السودان في المستقبل. وتسود قناعة وسطهم بأن الوحدة هذه المرة لا يجب أن تأتي أو تفرض من المركز، بل يجب أن تعطى الأقاليم المكونة للدولة الفرصة لتقرر في نوع الوحدة الذي تريد ونوع الرابطة الوطنية التي تربط بينهم على أسس من العدالة والمساواة والاحترام، على ما يمكن أن نسميه اصطلاحا بالوثيقة الفدرالية.
وبالطبع مثل هذه الرؤية ستقود بالضرورة إلى الدخول في مواجهات وصراعات فكرية وسياسية طويلة ومرة مع قوى السودان التليد وأقطابه، لأن هذه القوى بالطبع لا تزال تؤمن بضرورة وحتمية استمرار الدولة المركزية القديمة في حكم السودان وذلك صونا وحفاظا على مكتسباتهم التاريخية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، التي تؤمنها لهم تلك الدولة.
وقوى السودان القديم - سواء كانت في الحكم أو المعارضة - على وعي تام بأن مشروع السودان الجديد هو الخطر الماحق الذي يهدد بقاءها، لذلك ظلت تحيك المؤامرات ضده باستمرار وتسعى جادة لتشويه فكرة السودان الجديد وإلصاق تهم العنصرية بمفكريه وقياداته، وتصوره بأنه الخطر الماحق الذي يهدد الهوية السودانية. وعلى السودانيين الجدد في شتى مناحيهم الانتباه إلى حتمية وقوع مثل هذا الصراع وفهم طبيعته وأبعاده التي لا تحتمل التسويف، وان يتحلوا باليقظة ويبتعدوا عن الغفلة السياسية التي أضاعت نضالات سابقة لسلفهم.
ولكي تنجح رؤية السودان الجديد في ظل أوضاع الصراع الحالي وتنتصر، فعلى القوى الثورية المتصدية لها حاليا ألا تغفل دور القوى الاجتماعية الحديثة في بناء وتأسيس الدولة الجديدة. وعليها النأي عن التوجهات العنصرية التي تعتبر اكبر مهددات الوحدة الوطنية السودانية لأنها تنشر روح الانقسام والنعرات والعصبيات القبلية التي اندثرت منذ زمن بعيد.
كذلك على السودانيين الجدد الاستفادة من الواقع الجديد الذي أفرزته اتفاقيات السلام في نيفاشا وابوجا والتي لوحدها تشكل تحدياً آخر أمام بقاء ووحدة الدولة السودانية، وإدراك التحديات الكبيرة التي وضعها هذا الواقع أمام العمل المعارض بصفة عامة، بصورة نكاد نجزم معها بأن الوضع لن يكون على ما هو عليه، فإما وحدة عادلة لجميع مكونات الدولة، أو تمزق الوطن وتفتته.
في ظل هذا الوضع المتضارب والمتناقض يصبح ملحاً أن يعي السودانيون الجدد حقيقة التحالف الصامت بينهم، هذا التحالف الذي ساعد على انجاز نيفاشا، وشكّل قبولا شعبياً لهذه الأفكار الجديدة وخلق تفويضا لهذه القوى للعمل باسم الجماهير. وعليهم أن يمدوا بساط الحوار وسط الناشطين السياسيين والقيادات الواعدة والمفكرين السياسيين والمختصين من الاجتماعيين والاقتصاديين والقانونيين، بصورة تستطيع من خلالها استبيان القوى الشابة التي تتفق على رؤية السودان الجديد، ثم حثها للانتظام للدفع بها والقوى التي تقف خلفها لفضاء الواقع السوداني لتشكيل وحدة إقليمية قوية لتلعب دورها الحاسم في تشكيل مستقبل السودان القريب.
|
وهو مقال جدير بالقراءة عدة مرات أيضا ذلك لعمق الرؤيا و التحليل العميق الذي أتي به ..
لك خالص الود.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السودان الجديد (Re: خالد الطيب أحمد)
|
العزيز خالد المحترم أؤهنك أولا علي هذه المبادرة منك لهي الشجاعة التي عهدناك فيك ودلالة علي الشعور الوطني فيك
شايف في بوست شبيه يناقش مقال للأستاذ علي إبراهيم
جاييك بعض أن أكمل بعض الأمور..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السودان الجديد (Re: Adrob abubakr)
|
Numeiri once tried to de-centeralize government in Sudan!
Now this guy is trying to create a "New Sudan" in New Sudan, wossap wid' dat? i
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السودان الجديد (Re: تبارك شيخ الدين جبريل)
|
تبارك ..
تحياتي..
Quote: Numeiri once tried to de-centeralize government in Sudan!
Now this guy is trying to create a "New Sudan" in New Sudan, wossap wid' dat? i |
من مداخلتك الأولي..أحسست بعودتك للبوست مرة أخري ..
هنالك كثيرون قد حكموا علي مشروع السودان الجديد بالفناء , أو البقاء وفق معطيات محددة ,ربما من أهمها قضية الوحدة والإنفصال والتي أخذت حيزا ووقتا طويلا حتي وصلت للحالة التي هي عليها اليوم..وهي حتما حسب توقعات الكثيرين سوف تذهب بمشروع السودان الجديد المطروح من قبل الحركة الشعبية- أدراج الرياح..
هذا أيضا ليس بعيدا ولم يغب أبدا عن حسابات (حزب السودان الجديد ) القادم.
سنعود تفصيلا..فكن بالجوار
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السودان الجديد (Re: خالد الطيب أحمد)
|
الجديد شنو؟
التنجيد ولاّ الكيس الجديد؟
كل مرّة يجينا نبى جديد يطرح لينا راى حزبو الجديد فى وجهة نظر النعامة!
النعامة تطير عيشتا انشالله!
وحزب الأمة المعرّب نحن يا الله قادرين نهضموا، كمان جابت ليها انجليزى؟ مساكين اهلنا الجنوبيين حيركّبوا اكبر دش باسم محاربة التهميش والسودان الجديد.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السودان الجديد (Re: اندرو كوات)
|
Quote: الاخ خالد تحياتي لو تكرمت بالايضاح: ما هي اوجه الاختلاف بين الحركة الشعبية و حزب السودان الجديد من حيث النواة و المرتكز الفكري؟ لك الود اندرو |
الأخ العزيز أندرو
لك التحية.. هنالك ما إستدعي فعليا قيام حزب سياسي جديد يحمل إسم "السودان الجديد",بعضها -وقطعا ليس كليا- نبع من تتبع ودراسات عميقة إستمرت ردحا من الزمن لمستقبل الحلم "السودان الجديد" , نتج عنها بالتالي قناعة تامة بضرورة بروزه في الساحة السودانية في هذا الوقت تحديدا!
سنجد سويا عزيزي أندرو التفاصيل الكاملة قريبا جدا..كما ويجب علينا أن نثمن الدور التأريخي النضالي الكبير للحركة الشعبية ممثلة في قائدها العظيم الراحل المقيم د.جون قرنق ودوره في تطوير مفهوم السودان الجديد وكذلك تبنيه له حتي فقدنا العظيم له.
لك الود وكن بالجوار.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السودان الجديد (Re: خالد الطيب أحمد)
|
Quote: الاخ خالد تحياتي لو تكرمت بالايضاح: ما هي اوجه الاختلاف بين الحركة الشعبية و حزب السودان الجديد من حيث النواة و المرتكز الفكري؟ لك الود اندرو |
الأخ العزيز أندرو
لك التحية.. هنالك ما إستدعي فعليا قيام حزب سياسي جديد يحمل إسم "السودان الجديد",بعضها -وقطعا ليس كليا- نبع من تتبع ودراسات عميقة إستمرت ردحا من الزمن لمستقبل الحلم "السودان الجديد" , نتج عنها بالتالي قناعة تامة بضرورة بروزه في الساحة السودانية في هذا الوقت تحديدا!
سنجد سويا عزيزي أندرو التفاصيل الكاملة قريبا جدا..كما ويجب علينا أن نثمن الدور التأريخي النضالي الكبير للحركة الشعبية ممثلة في قائدها العظيم الراحل المقيم د.جون قرنق ودوره في تطوير مفهوم السودان الجديد وكذلك تبنيه له حتي فقدنا العظيم له.
لك الود وكن بالجوار.
| |
|
|
|
|
|
|
|