|
خوجلي شكر الله ,الأديب القاص الذي رحل في صمت عن دنيانا
|
منذ أن تفتحت عيناي علي دنيا الأدب والشعر والثقافة,سمعت به ولكني لم أراه أو أقابله شخصيا,رغم قرابتي به,فهو من أهلنا ناس الكلاكلة ولكنه رحل عنها باكرا,ولي معرفة باخوانه وابنائهم,غير ان الفة نشأت بيني وبينه دون لقاء وهي فقط من صفحات الكتب والمقالات,وكنت أحتفظ بصورة له هو والشاعر صلاح أحمد ابراهيم ومعهم الاثينية الباهرة(ماريا)وكنت قد اقتطعتها من بعض الصحف.
وجاء يوم في اخريات شهر سبتمبر للعام 2004 وكنت اقف امام دكاني الكائن علي ساحل زلط الكلاكلة القبة وجاء الخبر بوفاته,ثم بعد قليل لمحت جثمانه وحواليه الاهل في بوكس كاشف في رحلته الاخيرة نحو مقابر جده جاد الله أبوشرا,تملكني حزن شديد وكنت أمني النفس بلقاء معه,وكانت هي النظرة الاولي والاخيرة لأديب عاش بصمت ورحل بصمت.
ألا رحم الله خوجلي شكرالله أحمد خوجلي, بقدر ما أعطي لهذا الوطن من فن وأدب.
(عدل بواسطة Seif Elyazal Burae on 01-15-2009, 03:51 AM)
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: خوجلي شكر الله ,الأديب القاص الذي رحل في صمت عن دنيانا (Re: Seif Elyazal Burae)
|
رحل قبل ايام في صمت الأديب القاص خوجلي شكرالله كتب عن رحيله الاستاذ مجذوب عيدروس قائلا " رحل خوجلي شكر الله، القاص والمترجم بهدوئه المعهود، وهو الذي عرفته الساحة الثقافية منذ أن أطل في أواخر الخمسينات من القرن الماضي، وعبر مجموعته المشتركة مع صديقه القاص الزبير علي (النازحان والشتاء). وترجم عدداً ضخماً من القصص والروايات الاجنبية الى اللغة العربية آخرها هذه الرواية التي خص الملف الثقافي للصحافة بنشر بعض فصولها (من الادب الباكستاني). رحم الله خوجلي شكر الله (الأب والاخ والصديق) والأديب المبدع.. الجم التواضع الكثير العطاء وألهم آله وقراءه الصبر الجميل."
رحمه الله والعزاء لأسرته
------------------ وكانت صحيفة الخليج الاماراتية قد اجرت معه حوارا قبل وفاته بشهر ونصف تقريبا تحدث فيه عن تجربته الادبية وعن جيله وفي ما يلي هذا الحوار
------------
القاص خوجلي شكر الله: جيلنا توقف عن الكتابة لعدم الاستقرار السياسي والفكري والمعيشي
الخرطوم - سلوى غالب:
اقتحم الحقل الإبداعي كاتبا للقصة في بداية الخمسينات متزامنا مع روادها خليل عبد الله الحاج، عثمان علي النور، والزبير علي، وصنف ضمن آخرين برواد الواقعية الاشتراكية في الأدب ومن تصاريف القدر الغريبة في السودان أن خوجلي شكر الله يكتب من نصف قرن ومع ذلك فلم يستطع حتى الآن نشر كتاب خاص به عدا تلك التجربة المشتركة مع القاص الزبير علي “النزحان والشتاء”، هنا حوار معه:
* حدثنا عن تأسيس البدايات.
بداية الهواية الأدبية كانت مبكرة جدا بدءا بالجمعية الأدبية في المدرسة ثم مواصلة الاطلاع الكثيف منذ سن مبكرة خاصة في مجال الأدب، بداية من مجلة “الرسالة” وكانت تستوعب كتابا كبارا متميزين إلى جانب قراءات في القصة لإحسان عبد القدوس ويوسف السباعي وآخرين.
وفي منتصف الخمسينات وردت كتب من المعسكر الاشتراكي لكتاب القصة ومنهم جوركي، تشيخوف، ومن الغرب هيمنجواي، ارسكيني كالدويل والبرتو مورافيا وقد أتيحت لي فرصة للمزيد من الاطلاع لبعض القصص باللغة الإنجليزية، شكسبير، برناردشو وغيرهم، وكذلك متابعة مجلة “الآداب”، وقد لعبت دورا مهما جدا في تلك الحقبة، وكان السودانيون في مقدمة قراء هذه المجلة، وكذلك أيضا مجلة “الثقافة الوطنية” التي كانت تمثل التيار اليساري لكنها كانت جادة في أمر الثقافة، وتهتم بآداب الدول العربية وقد أصدرت عددا خاصا عن القصة العربية وكان لنا نصيب في المساهمة في هذا العدد مع إخوة منهم إنصاف الزبير علي، حسن الطاهر زروق، محمد يسن معروف، صلاح احمد إبراهيم، وعلي المك وآخرون.
وكانت تلك الحقبة زاخرة بالنشاط الثقافي، مما مكننا من مواكبة كافة التيارات الأدبية يسارها ويمينها، وكان همنا الأول هو الانحياز لجودة المادة بصرف النظر عن كاتبها وانتمائه.
وفي منتصف الخمسينات كان الشاعر جعفر حامد البشير يصدر ملحقا خاصاً باسم “سامر الأديب”، في جريدة “صوت السودان”، وهو الذي شجعنا على نشر قصصنا.
تضاف إلى ذلك مساهمتنا في جريدة “الصراحة” وكانت تصدر عددا خاصاً عن الأدب شهريا، وكان صاحبها الراحل عبدالله رجب يطلق على جريدته “لسان حال الأهالي الغبش”، مما تكيف مع التزامنا بخط الانحياز للشرائح الضعيفة، وكان عدد من أساتذة الجامعات نذكر منهم د. النويهي، إحسان عباس يسهمون في الكتابة في “الصراحة” ويوجهون صغار الأدباء إلى النهج القويم واستمرت هذه المساهمة، وفي منتصف الستينات تمكن د. إحسان عباس من طباعة أول كتاب لنا مع الأخ الزبير علي بعنوان “النزحان والشتاء” وقد تناوله بعض النقاد، منهم من أشاد به ومنهم من اشتط في النقد، ولم يراع أن هذه كانت بدايات، لا بد من تقبلها والإشارة إلى ما هو مفيد للمستقبل.
إذن ما الهموم والقضايا الملحة آنذاك، والتي تناولها إنتاجكم الأدبي؟
في تلك الفترة كان الاستعمار في أواخر أيامه والمد السياسي على أشده وقطاعات الشعب تجأر بالشكوى من هموم العيش وسوء المعاملة في بعض الحالات خاصة من الأجهزة الأمنية، التي كانت جائرة لا ترحم من يتناول قضايا المجتمع وكنا نرقب ذلك بعين يقظة وحيث إننا نشأنا في بيئة متوسطة الحال، وكنا نعايش أهلنا الطيبين ونلتصق بهمومهم، وقد سهل علينا ذلك تناول الأشخاص في سهولة ويسر.
أما على الصعيد السياسي، فقد كان الجو مشحونا بأنماط ذات جذب شديد الوطأة فكانت الجبهة المعادية للاستعمار لها شعارات جاذبة تتسق مع واقع الحال لتلك الحقبة، فالتصقنا بها، ولكن ليس التصاقا شموليا، بل هو التصاق فكري أفادنا في تعميق أفكارنا، خاصة وأن جريدة “الميدان” كانت تصدر ملفا ثقافيا جيدا أسهمنا فيه إيمانا منا بأن الفكر ليس محدود الوجهة إنما هو وعاء كبير.
كيف تقيم تجربة الشاعر صلاح احمد إبراهيم بحكم معرفتك به؟
كانت محدودة تمثل في قصة البرجوازية الصغيرة وقصص أخرى في نطاق محدود مع بعض التزاحم لقصص الزنوج، وقد كان صلاح شاعرا فذا مما جعله ينصرف إلى الشعر، وقد أبلى فيه بلاءً حسناً ليس على الصعيد الداخلي بل في العالم كله فهو يكتب بعمق شفيف يهز الوجدان.
مثل تياركم في الكتابة الإبداعية في تلك الفترة تيار الواقعية الاشتراكية ما أهم ملامح هذا التيار في الكتابة الإبداعية؟
برز رأي في الأوساط الأدبية يرى أننا من كتاب الواقعية الاشتراكية، وفي الواقع أن تلك الحقبة قد شهدت تحولا كبيرا على صعيد العالم العربي ولكن من وجهة نظرنا إننا تأثرنا بالكتّاب الروسّ ومنهم ماكسيم غوركي على وجه الخصوص الذي كان يكتب بإحساس وإيماءات موحية لعظمة الإنسان، وقد كانت روايته “الأم” هي مثلنا في الواقعية أما تعريف كتاباتنا بأنها تنتمي الى الواقعية الاشتراكية فهو لفظ غير دقيق، لأننا كنا نستقي أشخاصنا من واقع مجتمعنا وليس تصورا لأشخاص تأثرنا بكتاباتهم، وإيماننا بأن الواقعية الاشتراكية لا تختلف عن اتجاهنا للواقعية في قصصنا السودانية إضافة إلى أن المجتمع السوداني نفسه هو مجتمع اشتراكي بالسليقة، يلهم الكاتب الملتزم إلى أن يصور الواقع بصدق، وليس هناك خلاف إن كانت كتاباتنا تنتمي لهذا التيار، لكن ليس بالمعنى السياسي الأيديولوجي.
لم أكن يوما سياسيا محترفا أو متابعا أيديولوجيا لأية جهة بل كنت وعاءً يبتلع في جوفه كافة الثورات ويخلص إلى ما هو مفيد للشعب، هذا الشعب الصابر المحتسب الذي ظل متماسكا عبر تاريخه الطويل، ولم يتزحزح عن مبدئه في الكفاح، وصولا إلى تحقيق الغايات المنشودة. وأحسب أني أحد الجنود الذين أسهموا بقدر ما أتيح لهم من فرص وكنت طوال تاريخي منحازا لأهلي ولم يمتد بي التفكير إلى الماديات.
فخذ مثلا عثمان علي نور، فهو كاتب عصامي جريء اقتحم الميدان مجردا من السلاح لكنه استطاع بكفاحه واعتماده على نفسه أن يصبح معلما بارزا في القصة السودانية وهو الرائد الأول بلا منازع، ومثلا آخر هو خليل عبدالله الحاج هو كاتب روائي أيضا من الرواد وصاحب مدرسة خاصة تميزت بمفردات ذات نسق واضح، وقد احتل الرقعة الأدبية لفترة، لكنه ظل حبيس إنتاجه السابق ولم نعد نقرأ له جديداً، ومثلا ثالثا هو الزبير علي زميل الصبا والدراسة والنهج المشترك في كتابة القصة، ويتميز بأنه ذو أسلوب صارخ في تناوله لشرائح المجتمع، وقد تأثر بتشيخوف الكاتب الساحر الذي تتصف أشخاصه بالبساطة والجرأة في مواجهة الصعاب وكان الزبير يكتب القصة ويسكب مشاعر بين الأسطر فيحس المتلقي بدبيب الشخصي بين الأسطر حيا يسعى.
وقصصه تطفح بالشخصيات المنسية التي لا يذكرها إلا من التزم بصدق التوجه، وليس معنى ذلك أن الأخ الزبير يكتب قصصا مصورة من الواقع المعاش، بل هو يصيغها في أسلوب شفيف يشد المتلقي ويجعله يتعاطف مع تلك الشخصيات ومن المحزن أن الأخ الزبير توقف عن الكتابة لعقد من الزمان، وقد كان من الضروري أن يواصل كتاباته.
ماذا عن ظاهرة التوقف عن الكتابة في جيلكم؟
لو بدأنا بعدم الاستقرار السياسي والفكري والمعيشي والضائقة التي تحيط بالرقاب والسعي الى كسب العيش يمكن أن يكون ذلك أحد الأسباب أما عدم مجاراة تاريخ الكتابة فلا يحول دون الاستمرارية بل هو نافذة مضيئة تشيع البهجة في نفس الأديب، ولا أتفق مع من توقفوا عن الكتابة، لأنهم أضروا بتواصل الأجيال، كما قد نرى أن ضيق مجال النشر وغياب المجلة الثقافية واستحالة نشر كتاب مكتمل قد تكون أحد أسباب الإحباط الذي أحاط بهؤلاء الأدباء وأضر بتاريخهم الذي لا تعرف عنه الأجيال الحالية إلا بعض الشذرات.
بالرغم من اجتهادكم ك”جيل الخمسينات” في إيصال إبداعكم إلا أن جيل الستينات الذي تلاكم سرق الأضواء منكم، ما تقييمكم لذلك؟
اتسمت حقبة الستينات بانفتاح كبير ثقافيا وسياسيا بداية من ثورة أكتوبر التي فتحت الباب على مصراعيه للتصارع الفكري، إضافة إلى الثقافات الوافدة من الخارج وبداية تيار الحداثة الذي استفاد منه ذلك الجيل إضافة إلى إتاحة فرص النشر في الملاحق الثقافية المتعددة التي كانت تقودها نخبة من الشباب الذين التزموا بمواصلة إحياء الحركة الأدبية على وجه الخصوص في القصة، كما وأن التقنية الحديثة قد استجلبت تيارات فكرية لها مداولات جاذبة.
http://www.alkhaleej.ae/articles/show_article.cfm?val=94937 ==================
خوجلي شكر الله الكتابة حتى النفس الأخير
مجذوب عيدروس رحل خوجلي شكر الله، القاص والمترجم بهدوئه المعهود، وهو الذي عرفته الساحة الثقافية منذ أن أطل في أواخر الخمسينات من القرن الماضي، وعبر مجموعته المشتركة مع صديقه القاص الزبير علي (النازحان والشتاء). وترجم عدداً ضخماً من القصص والروايات الاجنبية الى اللغة العربية آخرها هذه الرواية التي خص الملف الثقافي للصحافة بنشر بعض فصولها (من الادب الباكستاني). رحم الله خوجلي شكر الله (الأب والاخ والصديق) والأديب المبدع.. الجم التواضع الكثير العطاء وألهم آله وقراءه الصبر الجميل.
فصل من رواية أطياف شجرة الرمان
للروائى الباكستاني طارق علي
ترجمة: خوجلي شكر الله--
ü على مسافة من منحدرات الجبال، منازل القرية البيضاء لا تبدو ظاهرة للعيان، لكن مصابيح الغاز المتعلقة في الخارج، تبدو كالخيال في نظر يزيد حيث كان يجلس. هو يعلم أن الاضواء لن تخمد حتى يعود الرجال والنساء الذين يحيطون به، يعودون لمنازلهم. ردهة المنزل مكتظة بالزوار، يجلسون على حصيرة في شكل دائري بين لحظة واخرى واللهب المتصاعد يكشف وجه الذنديق وميجيل، يجلسان في وسط الحلقة نيران الفحم تدفء الاجساد، عدد الحضور تجاوز المائتين، جاءوا لحضور المناقشة. هذه العائلة ظلت لقرون لم تفكر بأي شئ غير رحلات الصيد، وتناول لحم الحملان المشوي، ولبس الحرير الذي يأتي من الصين. لكن اليوم تواجه التاريخ. ميجيل يسيطر على الموقف، في البداية كان ساخراً ومرير الحديث. ظل يحدق في الحضور، وهم في غيبوبة، يتطلعون إليه في دهشة، وفي لهجة ناعمة اعادهم الى الماضي ليس فقط بعظمة الاسلام، بل بالهزائم والدمار. فاذا كان الخلفاء والسلاطنة رغبوا في ان تظل الامور على ماهي عليه، لبدلوا من كيفية حكمهم للبلاد.. انا احب هذا المنزل وهذه القرية واود ان تظل وان يعم الخير، واطلب منكم التفكير مرة اخرى، فات الاوان، ولكن اذا اصغيتم لحديثي نجوتم. انا لا الزمكم ولكن من يتبعني يكون خيراً. رغم ان ما يقوله لا يستساغ، فقد احس الجميع بأنه قد اوضح الحقيقة بعض من يحبون أطفالهم غادروا المكان، لكن يزيد كان يقظاً يجلس الى جوار امه واخته هند، ذات السلوك البربري الذي ورثته عن امها. قاطعت عمها عدة مرات في ضحكات ساخرة لكن الهواء اعاق سيماتها. ميجيل معجب بشجاعتها وهو يحبها. إنزعج عمار وهو يرى عمه يبكي وزبيدة تهمس لهند مهددة بزواجها إلى ابن ميجيل، اذا لم تخرس لسانها في الحال. هند لم تتضجر طالما أنها عبرت عن وجهة نظرها بوضوح للجميع، وخاصة ذلك الغريب الذي يتوسط الحلقة، ابن داود بعينيه الخضاراوين، القادم من القاهرة، وقد اعجب بهند، لسانها اللاذع وملامحها الخبيثة، سحرته لكنه انشغل بالنقاش. تأثر عمار بميجيل والذنديق، لكنه يحس بالتعب، ولديه امور عاجلة تشغله، وعاقت تركيزه لمتابعة مجريات الحوادث هذا المساء، ويرغب في إنهاء النقاش. لكن التقاليد والاعراف تحول دون ذلك، وفي لهجة هادئة قال: السلام عليكم ويحفظكم الله، ولكن احب ان اوضح لكم ان هزيمتنا بدأت منذ مائة عام. بدأ الجمع في الانقضاض، صحب عمار يزيد الى المنزل وقبلها لاحظا ان عدداً من القوم يحيون ميجيل بحرارة غير معهودة، على عكس والده وجده، كانت علاقة عمار مع الفلاحين حميمة يخالطهم في افراحهم واتراحهم، وبالطبع هو يستفيد من العمال لكنه سيد عاقل، حسناً: قال عمار وهو يستقبل ابنه لماذا تغيبت عن النقاش، ابن حصد والنساج استفسرا عن صحتك، السلام عليك يا ابي كنت مع الاصدقاء في أنس برئ، نظر عمار الى ابنه ولم يقاوم الابتسام فهو الذي دربه على ركوب الخيل وفنون الصيد والسباحة بل وصحبه الى المحكمة في الحمراء، لكنه للآن يشعر بالابتعاد عنه لفترة طويلة، منذ ولادة يزيد، اجلس يا زهير، والدتك اخبرتني انك رسمت خطة ماهي؟ صار وجه زهير صارماً وبدت عليه سيماء الارهاق. انا مغادر يا ابي في الصباح الباكر، وجئت لوداعك هذا المساء. يزيد نائم، ولن اغادر قبل القاء نظرة وداع. اني متجه الى غرناطة لن نسمح للقردة دفننا احياء. انها معركة مع المسيحية، ومن الافضل ان نقاتل بدلاً عن العيش عبيداً: يا ابي قلب عمار ينبض بعنف بدت له رؤية جنود الجنرال، السيوف مشرعة، طلقات الرصاص، وابنه زهير ملقى على الارض، وقد اخترقت رصاصة رأسه انها خطة مجنونة، يا ابني اغلب هؤلاء الفتية الذين تنطعوا في حمامات غرناطة سليولو الابرار بمجرد رؤية الفاستليانز، انا لا اشك انك ستجد المئات من الشباب للحرب معك، التاريخ ملئ بالاغبياء عقل زهير لم يكن قد تخلص من الشك لكن لن يصرح بذلك لوالده، انه لا يرغب في الجدال حول الخطة التي انتوها مع اصدقائه. عكس ما تتخيله يا ابي، انا لا ارى آمالاً كبيرة للنجاح، لكن المحاولة ضرورية لماذا؟ من اجل ان تظل الامور في غرناطة على ما كانت عليه، بدلاً من تسليمها للتركمان الحيوانات، فاذا كان سلطاننا الاخير - عليه اللعنة، لم يستسلم من دون قتال، لكان الامر مختلفاً بدلاً من معاملتنا مثل الكلاب المطاردة. قال تحدينا سيردهم تصميمنا في شبه الجزيرة ان نموت واقفين لا راكعين، انه لا تزال هناك حياة تحت ركام حضارتنا. ولد غبي! اسأل اين داود ماذا رأى في ساركوستا وبالانسيا وهو في طريقه الى غرناطة، وكل مسلم فر من المسيحيين قال نفس الكلام. ورغماً عنه فإن عمار احس بالفخر، فهو قد قلل من شأن زهير. عماذا تتحدث يا ولد، تتحدث بالالغاز. أنا اتحدث عن نظرات القساوسة وهم يراقبون تعذيب الابرياء، والايتام في السجون، اذا لم نحارب الآن فكل شئ الى زوال. كل شئ يا ابي: وقد يهلك كل شئ على اي حال اذا حاربتم ام لا: ربما. عمار يدرك ان زهيراً يتعذب في قرارة نفسه. انه يتعاطف مع مشكلته، تكلم في المسجد ومجَّد تاريخ الاجداد، واكد على ثقته في الانتصار. انه في ورطة عمار يصمم على منعه: انت لا تزال صغيراً يا زهير، لن ادعك تهدر حياتك مهما يحدث لي، فإن الحديث عنه غير ذي جدوى. ومن يرعى امك واخواتك. يزيد؟ لقد سلبونا السلطة، لكن ما زلنا نتمتع بثرواتنا وبكرامتنا، انا امنعك من المغادرة، لم يسبق لزهير ان خاض معركة قتال، وكل خبرته التدريب المكثف وهو ماهر بالسيف، وركوب الخيل، لكن لا ينبغي ان ينسى انه سيواجه عدواً. عندما نظر الى وجه ابيه المقطب احس انها الفرصة الاخيرة لتغيير رأيه ويمكنه ببساطة ان يخبر اصحابه ان والده منعه من السفر فعمار محترم في الاوساط ورأيه مطاع لكن قد يحسبونه جبناً. ابي قال زهير بوضوح: لا يهمني شيئاً غير سلامة ارضنا، وذلك مدعاة للذهاب. فاذا امرتني بالبقاء فان ذلك يكون ضد رغبتي وتصميمي وقد لا اعصيك، ولكن سأكون تعيساً، وقد افكر في الموت كفرار، ألا ترى أن القردة يدمرون كل شئ عاجلاً ام آجلاً يأتون الى الهديل، يحولون الاندلس الى صحراء. يغيبون ذاكرتنا، فكيف يتركون شخصاً واحداً حياً وتريد انت ان ترغمني على البقاء، عليك ان تدرك ان ما سأفعله هو الوسيلة الوحيدة لانقاذ بلدنا وايماننا، لم يقتنع عمار وظل الجدل متصلاً، وزهير اكثر اصراراً واخيراً ادرك عمار ان ابنه لن يتراجع. تهدل وجه عمار، فادرك زهير انه كسب المعركة فهو يعرف مزاج والده وقف الاثنان، قبَّل عمار ولده وتوجه الى خزانة واخرج منها سيفاً جميلاً مطرزاً بالفضة، هو سيف ابن فريد. امسك بالسيف وسلمه لولده اذا كان لابد من القتال فليكن بهذا السيف. تخضلت عينيَّ عمار: هيا بنا نذيع النبأ على القوم واولهم أمك، زهير ممتشقاً سيفه يصحب والده الى داخل الفناء الرحب حيث ميجيل وزهراء: السلام عليكم. لمح ميجيل السيف وادرك كل شئ هو وزهراء.. ادركت هند انه لا فائدة في الحديث، قبلت زهراء وغادرت المنزل، السلام عليكم خالتي. ارجو لك نوماً هادئاً بعدها احست زهراء بالذكريات تترى، عندما كانت في المورستان في غرناطة لفترة امتدت لاربع سنوات تستحق ان تسكب على الورق لكنني قبل حضورها الى الهديل اتلفت كل شئ هى الآن تشعر بالسعادة والغبطة فالليلة عند تناول العشاء مع ابن زيدون، احس بقلبها ينتفض مثل طائر محبوس في قفص واحس هو بعاطفتها الجياشة، وركع على ركبتيه (يقول لها إنه لم يكف عن حبه لها، ولم ينظر لغيرها من النساء، ادرك ابن زيدون ان الامر قد انتهى فودعها، وهو يرمق نظراتها التي اوحت له بسوء الموقف في هذا المنزل اللعين، أنا لا شئ غير امرأة كانت تخدمهم الى ان قتلتها الآلام. دلت زهراء المشبك الذي كان يمسك بالبروش، وتدثرت بمعطف سميك مطرز بالحرير، وكانت هذه نهاية فك الارتباط بابن زيدون وفجأة جال بخاطرها طيف امرأة شابة تشبه محيا عبد الله. هى امهم فصاحت يا الله. كنت في انتظارك لفترة طالت. وترقبت عودتك لا اتحمل الشوق اكثر من ذلك. -خالتي زهراء- خالتي زهراء- فتحت عينيها ليطالعها وجه زبيدة المتعب. هل اقدم لك شيئاً؟ تبسمت زهراء بخفوت، وهزت رأسها ورفعت البروش وسلمته لزبيدة. انا هالكة وهذا لابنتك هند، وتأكدي ان ذلك الفتى القادم من القاهرة يحبها فزوجيها له وقولي لعمار إنها وصية امرأة تحتضر. هل ابحث عن ميجيل: قالت زبيدة وهى تمسح دموعها. دعيه ينام في سلام سيحاول ان يخفف عني، وانا احب ان اموت مسلمة صابرة، قولي لاسماء ان تغسلني بطهارة كانت زبيدة تمسد ارجل زهراء فوجدتها دافئة من سمع عن محتضر بقدمين دافئتين؟ انت طفلة يا زبيدة وهل سمعت عن أبرياء يحرقون، تبسمت زهراء ولكن سرعان ما خفتت وفارقتها نضارة الحياة، قبضت زبيدة على وجهها وضمتها الى حضنها. ليس بعد خالة زهراء لا تتركيني.. ولكن لم تكن هناك اجابة.. المــــــــؤلـــــــف ولد في الباكستان ثم انتقل للالتحاق بجامعة اكسفورد. ويقيم في لندن. وهو روائى وله عدة مؤلفات في السياسة وسير الشخصيات.. غاندي - نهرو، وله العديد من المؤلفات ونشرت هذه الرواية في العام 1992م.
http://alsahafa.info/news/index.php?type=3&id=2147491915
| |
|
|
|
|
|
|
Re: خوجلي شكر الله ,الأديب القاص الذي رحل في صمت عن دنيانا (Re: Seif Elyazal Burae)
|
إبننا العزيز سيف اليزل كل عام وانت والأسرة بخير شكرا جزيلا على تسليط الضوء على إبن الكلاكلة البار الأستاذ الراحل خوجلي شكرالله. كان آخر لقاء لي معه في الكويت في يناير 1973. ومنذ ذلك التاريخ لم نلتق..أمضى فترة بالكويت مغتربا وظللت في اليابان منذ ذلك التاريخ .. نسأل المولى عز وجل أن يتقبله فبولا حسنا في أعلى جنات الفردوس.
تحياتي ومودتي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: خوجلي شكر الله ,الأديب القاص الذي رحل في صمت عن دنيانا (Re: Seif Elyazal Burae)
|
Quote: نحو مقابر جده جاد الله أبوشرا, |
هذه نهاية رحلتنا جميعاً نحن (الفتاياب) نأبى أن ندفن إلا بجوار جدي (جادالله حمد علي فتاي العلوم) الشهير (بأبي شرا) لكنني للأسف يا(سيف) رغم أن الرجل إسمه (شكرالله) وهذه نسبة لجدي المباشر (الناظر شكرالله ود مدمني ودجادالله) ناظر الخرطوم في عزها .. إلا أنني لأول مرة أسمع عن الرجل .. رغم أنني أحسب نفسي من المهتمين (بالأدب) ..
بجيك تاني ..
محبتي ..
| |
|
|
|
|
|
|
|