دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
مواطناً في مدينة القضارف صعد الى قمة برج التلفزيون هناك وظل ينادي لمدة ربع ساعة مطالباً بمساعدت
|
حاطب ليل سمسم القضارف
يحكي عن أحد أعمامنا انه (هج) أي ترك البلد في أيام شبابه، واتجه الى جهة (الصعيد) والصعيد بالنسبة لمنطقتنا هو منطقة سنار، فلحقه رهط من الاهل (فازعين) له، وعندما عثروا عليه سألوه عن مشكلته أي سبب فراره، فأخبرهم انه يريد الزواج وطلب من والده مراراً وتكراراً ان يزوجه ولكنه ظل يماطله فلم يطق صبراً على ذلك فهرب من البلد (ربما كان هروبه وسيلة ضغط)، فقيل له ان مشكلته محلولة وطلبوا منه ان يعين لهم من يريد الزواج بها فقال لهم قولاً سارت به الركبان في منطقتنا اذ قال (افردوا الضكر بس) - أي ابعدو الذكور - وبعد ذلك أي انثي هو قابل بها وهذا كناية على انه يريد الزواج مطلق الزواج ولا يمانع من أية امرأة (ابو الزفت)، فهؤلاء كانت قاعدتهم الاجتماعية هي (الراجل كله ود عم المرأة) و(الفحل مو عواف) وبالمناسبة الأدب الكلاسيكي الانجليزي فيه مثل يتفق تماما مع هذه النظرة ولكن ترجمته قبيحة جداً اذ يقول (طالما ان هناك..... فهذا هو كل المطلوب). مناسبة هذه الرمية هو ما حملته لنا صحف الخرطوم في مطلع هذا الاسبوع من ان مواطناً في مدينة القضارف صعد الى قمة برج التلفزيون هناك وظل ينادي لمدة ربع ساعة مطالباً بمساعدته على الزواج باحدى النساء وذلك بتوفير مبلغ خمسة آلاف جنيه (جديد) فتجمهر الناس حوله وخفت نحوه قوة من الدفاع المدني ولكنه باغتها وقفز من البرج ولقى مصرعه في الحال (لاحول وقوة الابالله العلي العظيم) في اتصال خاص أخبرني أحد الاصدقاء من القضارف ان احدهم كان ضمن الحضور عرض عليه مبلغ اثنين مليون اخرجها له من جيبه ووعده بأن يكمل له المبلغ اذا نزل ولكنه أصر على ان يستلم المبلغ كاملاً وفي رواية اخرى طالب بأن يأتيه والي الولاية. يبدو لي اننا في السودان عثرنا على فالنتاين سوداني فان كان العالم الغربي وبعده العالم الشرقي أصبح يحتفل في 14 فبراير من كل عام بيوم الحب العالمي تخليداً لذكرى فالنتاين الذي يقال انه كسر اوامر الامبراطور الفرنسي بمنع الزواج حتى يتفرغ الناس للحرب فكان فالنتين يقوم بعقد الزيجات سراً فأكتشفه الامبراطور واعدمه، فخلد المحبين يوم مقتله بالاحتفال بها كل عام فها هي القضارف تعطينا شهيداً للحب والزواج في منتصف مارس اذ بينما كان كل السودان (قائم وقاعد) مع اوكامبو ومحكمة الجنايات الدولية كان صاحبنا الراحل متسلقاً برج التفلزيون مطالباً بتسهيل امر زواجه ممن يحب بالطبع لن ينطبق عليه المثل الشهير (بتاع الناس في شنو....... ) فلن يقول احد (ان الناس في شنو وزول القضارف في شنو) لانه دفع حياته ثمناً لمطلبه وفي هذا قمة الايمان بقضيته. كل الذي اتمناه ان لا يمر علينا هذا الحادث المأساوي الاجتماعي مروراً عابراً، فياحبذا لو قمنا بتطويره واتخاذه مناسبة لتسهيل الزواج وبشتى السبل مادياً وفقهياً (في داعي نجيب سيرة البحر) اقصد زواج المسيار والايثار؟؟ على العموم الفرنسيون ليسوا احسن منا فلو خلدوا ذكرى شهيدهم ينبغي ان نفعل نحن نفس الشيء ولنبدأ باغنية (ياسمسم القضارف الزول صغير مو عارف) واسألكم بالله ان ترفعوا أكفكم في هذه الجمعة سائلين الله ان يغفر لزول القضارف زلته وانتحاره وينزل شآبيب رحمته على قبره. Abdelatif Elboony
rayaam.info
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: مواطناً في مدينة القضارف صعد الى قمة برج التلفزيون هناك وظل ينادي لمدة ربع ساعة مطالباً بمس (Re: Seif Elyazal Burae)
|
الشباب فى السودان و كل الدول ذات الثقافة العربية لديهم مشكلة كبيرة فيما يتعلق باشباع الغريزة الجنسية مما يتسبب لهم فى معاناة كبيرة منذ بلوغهم و حتى يهون الله لهم الزواج فى مجتمع يعقد عملية الأرتباط لدرجة تجعل الزواج مستحيلا الا فى سن متأخرة. هذه المعاناة تأخذ حيزا كبيرا من تفكير الشباب و تعطل جزء كبير من قدراتهم و قد تحد من تحصيلهم الدراسى بدرجة كبيرة، وقد تؤدى بهم الى ارتكاب مخالفات مضرة بالمجتمع أو بأنفسهم و صحتهم. للأسف ينبغى للبالغين أن يكبتوا هذه الغريزة لمدة طويلة حتى يكملو تعليمهم و يكونوا أنفسهم للزواج حسب أعراف المجتمع، وبالتالى تكون سنوات طويلة و مهمة قد مرت و هم فى سجن جنسى يغتال غريزة هى من أقوى الغرائز البشرية على الإطلاق.
فى الماضى لم يكن هناك مشكلة لأن كلا الجنسيين كانوا يتزوجون فى سن صغيرة قد لا تتعدى ال 17 عام للأنثى و 20 عام للذكر.
ثم حدثت تغييرات مرتبطة بمستجدات العصر أهما التعليم و حياة المدينة. هذه التغييرات أرغمت الناس على تأخير سن الزواج الى ما بعد اكمال التعليم و تأسيس بيت.
نفس هذه التغييرات حدثت فى المجتمعات الغربية من قبل و لكن لم يكن لها أثر فيما يخص اشباع الغريزة الجنسية و ذلك لأن تلك المجتمعات تمتلك أداة تحفظ التواذن. هذه الأداة هى ما يعرف ب "بوى فرند" و " قيرل فرند".
نظام ال "بوى فرند" و " القيرل فرند" غير مقبول فى مجتمعاتنا لأسباب دينية. و لكن و ببساطة يمكن تطبيق نظام شرعى و مقابل له فقط بإضافة عقد زواج بشهود. و لحسن الحظ فقد أباح رجال الدين مثل هذا النظام. فقد أفتى الشيخ الزندانى بجواز ما يسمى ب "زواج فرند" و شجع عليه. و رغم أننى انتقد فتاوى مجمع الفقه الإسلامى و هيئة علماء السودان فى كثير من الأمور، إلا أننى سعدت كثيرا بفتواهم بتحليل نظم زواج مثل ما يسمى بزواج الإيثار و غيره. كل فتوى تحليل تصدر من رجال الدين هى فى نظرى مكسب حتى لو كنت مخالفا للفكرة. مثل هذه الفتاوى توسع هامش الحريات فى مجتمع مرتبط ارتباطا كبيرا بآراء رجال الدين. و بعد ذلك من يقتنع بالفكرة فليعمل بها ومن لا يقتنع بها أو أو يرى فيها انتهاكا لحقوقة فلن يجبره أحد عليها. كل واحد حر فيما يرى و كل واحد حر فى أن يقبل أو يرفض. و أجمل ما فى الموضوع أن رجال الدين لم يصبحوا عقبة فى طريق هذه الحرية.
أنا شخصيا أعتبر أننا فى حوجة ماسة لوجود نوع من أنواع الإرتباط يسد الفجوة التى حدثت لأننا تبعنا العصر فيما يخص التعليم والدراسة و حياة المدنية، ولم نتبعه فيما يخص العلاقات بين الجنسيين فى سن صغيرة. فلنسد هذه الفجوة بعمل علاقات ذات طابع شرعى و فى نفس الوقت تحقق الغرض المطلوب.
و أود هنا أن أضرب بعض الأمثلة التى يمكن أن يكون فيها مثل هذا الإرتباط مفيدا:
مثال (1): ولد و بنت يدرسون فى الثانوى أو الجامعة، يحبون بعضهم، لديهم رغبات جنسية من الصعب السيطرة عليها. يمكنهم ان يتزوجوا بعقد شرعى بحضور أهلهم و الشهود. البنت فى منزل أهلها أو فى الداخلية، و كذلك الولد. يتقابلون متى ما و أينما سمحت الظروف. فى حالة عدم الرغبة فى الإنجاب المبكر يمكن استخدام أى وسيلة لمنع الحمل. بعد أن يتخرجوا و يعملوا سوف ينتقلون الى منزلهم الخاص.
مثال (2): بنت فوق الأربعين من عمرها، ولم تتزوج. و هى تريد أن تنجب طفلا قبل أن تنقطع الدورة . تعرفت على رجل و هو يريد أن يتزوجها و لكنه غير جاهز فى الوقت الحاضر. يمكنهم أن يتزوجوا مؤقتا بالطريقة المذكورة لحين إكمال المتطلبات الأخرى لاحقا. بعد ما البنت تنجب ولدها الباقى كلو ملحوق. الزواج التكاملي التفاهمي (المسيار) طريق لمعالجة مشكلة العنوسة
د/ محمد عبد العزيز الطالب *
لا يختلف أثنان في أهمية الزواج بالنسبة للفرد وللمجتمع الاسلامي، وفي الحق الطبيعي والفطري لهذا الفرد في الزواج والانجاب والتوالد والأمومة والأبوة، الأمر الذي حث عليه الدين ورعاه بالضوابط الكافية التي من شأنها أن تحقق تلك المقاصد وغيرها . كما لا يساورالمسلمون عامتهم وعلماؤهم شك في قدرة الاسلام الفعّالة في مواكبة مشكلات كل العصور ومرد ذلك الي مرونته العالية وشمول أحكامه لكافة مناحي الحياة. فعلي مستوي العلاقات الاجتماعية عامة والزواج علي وجه الخصوص نجد انه نظمها وضبطها ويسرها وفق لموجهات وقواعد شرعية عامة تتنزل علي مستوي كافة تعاليمه مثل قاعدة لا ضرر ولا ضرار ، وأخف الضررين ، ودفع الضرر مقدم علي جلب المصلحة، وقواعد أخري خاصة بالحالة الحكمية المحددة كحالة الزواج والتي للاسلام فيها تشريعات صارمة وواضحة باعتبار أن الزواج هو الأس الذي تقوم عليه الأسر ، وهو التعاقد الذي يؤسس عليه البناء الاجتماعي ، فإن صح صحت هي بالتلازم. فالشرع له احكام من شأنها ان تعالج مشكلات الناس الحالية، واختلاف المذاهب الاسلامية رحمة للمسلمين وتظهر فيها مرونة الدين، وأحد أسباب وجودها هو نزوع الاسلام نحو الخصوصية البيئية باختلاف الأمصار الاسلامية لذا فيمكن القول ان الجوهر ثابت والاختلاف فرعي بحسب إحتياج المجتمع المعين ، وهذا ما جعل الاسلام صالح لكل زمان ومكان ، فلكلهم رؤي للشافعية وللمالكية وللاحناف .... هكذا . والناظر اليوم يري ان هناك تحولات كبري حدثت في مجتمعاتنا الاسلامية منها ما هو إيجابي ومن ما هو سلبي ومنها ما يحمل الوجهين، مما استوجب النظر مرة اخري في كيفيات وصيغ مقبولة شرعياً ومضبوطة بقواعد الدين كافة والترويج لها والتشجيع عليها في التعاطي مع تلك المستجدات . فمشكلة العنوسة، وعجز الشباب عن الزواج وعزوفهم عنه ، والضائقة الاقتصادية، والمغالاة في المهور، وخروج المراة للعمل وتميزها الإقتصادي، وارتفاع سن الزواج، وانخفاض النمو السكاني، والحروب والصراعات المسلحة، والهجرة والاغتراب الطويل، والزواج بالاجنبيات .... وغي ذلك من مشكلات اجتماعية ذات مردود خطير علي المجتمع ومضاعفات مخيفة علي أفراده . هل كل ذلك لا يستوجب النظر والاستفادة مما أحله الشرع ، أولا تدعو تلك الأزمات لتوظيف مرونة الدين الاسلامي وقدرتها في استيعاب أزماتنا وحلها . ما هو زواج المسيار: عرّفه عدد من العلماء علي انه :" عقد شرعي بين الزوجين مستوفياً جميع الأركان والشروط المطلوبة في العقد من وجود المهر والولي وشاهدي عدل والاشهار والفرق فيه ان الزوجة يمكنها التنازل عن كل او بعض حقوقها كالحق في المبيت والسكن والنفقة." اذن علي ذلك هو زواج تشاركي يقوم علي الرضا والتفاهم والتقبل المتبادل . ويستوعب الضرورات الفطرية والحقوق الاساسية للفرد في تكوين أسرة وفق الهدي الاسلامي الحنيف.
صيغ زواج المسيار : تتعدد صور زواج المسيار حسب نوع الحقوق المتنازل عنها من قبل المرأة وترتبط بحالة الزوج إذا كان أعذباً أو له زوجة أخري ويمكن ان نحددها وفق المصطلحات الآتية: الصيغة الأولي: الزواج التكاملي: وفيه يكون الزوج ليس له زوجة أخري أعذباً كان، أو أرملاً أو مطلقاً تتنازل المراة عن حقها تجاهه في السكن والنفقة طالما هي قادرة علي ذلك وهو غير قادر. حيث يمكن ان يقيم معها ويحقق شرط السكن معنوياً ، فالسكن المقصود في الآية " لتسكنوا اليها " يتحقق بالمودة والرحمة وليس بوجوب صرف الرجل ، وإن لم يكن مستطيعاً . الصيغة الثانية: الزواج التفاهمي: وفيه يكون الزوج له زوجة اخري وتمنعه ظروف ترتبط ببيته الأول من المبيت وفق ضوابط الشرع في العدل في القسمة في ذلك ، فيشترط علي الزوجة الثانية أن تتنازل له عن حقها في ذلك ، كما يمكن ان تتنازل عن باقي الحقوق الأخري السكن والنفقة حسب الاتفاق فربما لا تكن لديه قدرة علي الانفاق والسكن لبيتين . آراء العلماء وفتاواهم : : ان زواج المسيار زواج مباح حسب فتاوي العديد من كبار علماء السنة والشيعة ومراكزهم العلمية والإفتائية علي رأسهم : فضيلة الشيخ عبد العزيز ابن باز، فضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ مفتي عام المملكة العربية السعودية، ورئيس هيئة كبار العلماء، ورئيس إدارة البحوث العلمية والدعوة والإرشاد، فضيلة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين - عضو الإفتاء والدعوة والإرشاد بالمملكة العربية السعودي ، فضيلة الشيخ يوسف محمد المطلق- عضو الإفتاء والدعوة والإرشاد بالمملكة العربية السعودية، فضيلة الشيخ إبراهيم بن صالح الخضيري -القاضي بالمحكمة الكبرى بالرياض بالمملكة العربية السعودية، فضيلة محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر ، الشيخ نصر فريد واصل مفتي جمهورية مصر العربية السابق، فضيلة الشيخ عبدالمحسن العبيكان فقيه ومستشار قضائي في وزارة العدل السعودية، فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي، الدكتور علي جمعة أستاذ الأصول بجامعة الأزهر، الشيخ عبد الباري الزمزمي عضو رابطة علماء المغرب ، مجمع الفقه الاسلامي في مكة المكرمة، ومن الشيعة سماحة المرجع الديني آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني، سماحة آية الله العظمى الشيخ محمد تقي بهجت، سماحة المرجع الديني آية الله العظمى السيد محمد مفتي الشيعة ، سماحة المرجع الديني آية الله العظمى السيد محمد علي الأبطحي ، وغيرهم من العلماء الأفاضل ولعل من جوزه مع الكراهة وحرمه نظروا الي بعض الأوجه السلبية فيه والتي يمكن تلافيها بضبطه واستصحاب منافعه، وقد اورد العلماء العديد من الادلة علي جوازه أهمها كقوله عز وجل:" وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَّرِيئاً ". قالت عائشة في هذه الآية: الرجل تكون عنده المرأة المسنة ليس بمستكثر فيها يريد أن يفارقها فتقول: أجعلك من شأني في حل فنزلت هذه الآية (رواه البخاري)، وقد تنازلت سودة بنت زمعة زوج النبي صلى الله عليه وسلم عن يومها لعائشة وذلك لما كبرت فقبل النبي صلى الله عليه وسلم منها ذلك(رواه الشيخان)، وقال السيوطي في الإكليل: الآية أصل في هبة الزوجة حقها من القسمة وغيرها، يعني لزوجها. وقد رأوا أن التنازل عن الحقوق حق للمرأة يمكنها استخدامها وفق ظروفها وارادتها. فمن حق المرأة في الإسلام أن تتنازل عن حقوقها المُقَرَّرة لها شرعًا. علي تلك الإفادات ينبغي التأكيد والتفريق بين هذه الصيغة وصيغ اخري مختلف حولها وهي محل شك مثل الزواج العرفي، والزواج السري، وزواج المتعة وغيرها. علي كل ما تقدم فإننا ندعو الي توظيف هذه الصيغة في حل مشكلة العديد من الفتيات والشبان ويمكن حصر التنازل في الحقوق علي حق النفقة والسكن بالنسبة للشباب غير المتزوج بأمراة أولي، ويمكن اضافة التنازل عن المبيت للرجال المتزوجين بأخريات، وفي نظري ان أننا بذلك نكون قد سهلنا لقطاع واسع تقف عقبة السكن أمام تكوينه لاسرة، ويمنعه العجز المالي عن تأمين ما يعول به أسرة، فهناك الكثيرات من النساء ممن يتمتعن بأوضاع إقتصادية تمكنهن من توفير السكن وإعالة أنفسهن وأسرهن فلماذا نحرمهن من حقهن الفطري بسبب العقلية الذكورية التي تحصر الزواج علي الرجال ذوي القدرة المالية ، فإذا قل عددهم في المجتمع نتيجة لمنافسة المرأة لهم في سوق العمل، نتج النقص وأثمر أعداداً من النساء ذوات الدخل الجيد اللائي يعانين من الحرمان والازمات بسبب تهديد شبح العنوسة لهن، ونظرة الازدراء من قبل المجتمع الذي يري أن كمال المرأة بزواجها ، وهناك أيضاً العديد من الأرامل والمطلقات ممن تناقصت فرصهن بسبب خوف الشباب وعجزهم وعزوفهم من وعن الزواج . أبناء هذه الصيغة من الزواج : يتسآل الكثيرون عن مصير أبناء هذه الصيغة من الزواج ونقول اننا لا ندعو لاسقاط الحق في المبيت في الصيغة السودانية حيث أن دعوتنا هذه تتركز علي التنازل عن حق النفقة والسكن بالنسبة للعذاب من الشباب مع ورود التنازل عن المبيت للمتزوجين باخريات، وعلي كل فإن رعاية الاطفال في مثل حالة مجتمعنا السوداني عموماً يعود عادة للأسرة الممتدة (أسرة أهل الزوجة) فالسكن في الغالب يكن بمنزل أسرة الزوجة ، والا فمن يرعي أبناء المغتربين فالأمهات هن الراعيات بالدرجة الاولي يعاونهن أفراد آخرين من العائلة. وهناك ابناء الأرامل والمطلقات الذين يمكن أن يستعيضوا عن أبائهم بازواج أمهاتهم الذين يساكنوهم بمنزلهم. وعموماً فنحن لا نعفي الزوج من حق الأبناء عليه ونشدد عليه باعتباره ليس من حقوق الزوجة فتتنازل عنه بل هو حق للأبناء فقط. وأعتقد أن ثورة الاتصالات يمكن ان تسهم في تسهيل عملية متابعة الأبناء ورعايتهم خخصوصاً في حالة الرجال المتزوجين، كما يمكن القول بان الصيغ التي نطرحها سواءا أكانت تفاهمية أو تكاملية ليس لها مردودا سالبا علي الابناء . إن للعنوسة سواء اكانت للنساء أو الرجال آثاراً خطيرة ومضاعفات مخيفة تؤدي الي تفكك المجتمع، وهدر القيم، وتهرئي نسيج الاخلاق، فلندفع الضرر عن بناتنا وابنائنا ، ولنحميهم ولنقدم لهم ما في الدين من أوجه تستوعب مشكلاتهم وتقدم لهم الحلول. ولنستدعي الحكمة الشعبية المصرية الشهيرة "ضل راجل ولا ضل حيطة" وزوج مسيار تنجب منه المرأة قبل فوات الأوان خير من عنوسة تأكل أعصابها ، وترهق ذويها، وتكثف حرمانها ، وخير من شيخوخة لا تجد فيها أبناً يرعي ولا بنتاً تساند . إن الدعوة لاستنباط واستخدام الاحكام الإسلامياً في الشأن الاجتماعي والحض علي التفاعل الايجابي مع الشمول والمرونة التي يتحلي بهما الاسلام تظل أحد الطرق الاساسية والمطلوبة في هذا العصر المتسم بالتعقيد والمشكلات الشائكة ، فكل جوهريات الدين وكثير من مفاهيمه وتعاليمه تحث علي إنزاله لحل مشكلات الناس اليومية ، وتتعارض مع الاصرار علي تناوله وفق معطيات ومقتضيات أوان فات ومكان نأي.
لماذا الدعوة الآن لزواج المسيار بشقيه : يمر مجتمعنا السوداني بمرحلة انتقالية خطيرة تتطلب وعياً عميقاً بها ، وإدراكاً شاملاً لتحولاتها ، ومعرفة أشمل بتناقضاتها ، فالمجتمعات تنمو عبر مراحل البدائية ، ثم البداوة ، حتي الحداثة ، ولكل مرحلة مواصفاتها وظروفها وطرق كسب العيش فيها ، ونظم علاقاتها ، ومنظومة قيمها وغير ذلك ، وفي نظري أن مجتمعنا السوداني في خانة بين البداوة والحداثة في كثير من جوانب حياته لن نفصل فيها ولكننا نتاول ما يلينا في هذا الطرح، اذ نجده يحمل من صفات البدوية من سيادة عقلية ذكورية ، وفصل حاد في الادوار بين الجنسين ، ووجوب ان يقع علي الرجل والرجل وحده لا غير الواجبات المادية في تكوين وإدارة الاسر ، نجده في ذات الوقت يسمح للمرأة بالعمل والكسب والتعليم ، وتتجلي صور التناقض هذه في صورة الزوجة العاملة حيث انها توفر مصدر دخل للأسرة وتعاني مثلما يعاني الرجل من مشقة العمل ولكن عند العودة الي المنزل تنصرف هي الي المطبخ والاطفال والنظافة والاعمال المنزلية المختلفة ، ويبتعد الرجل عن ذلك لانه ليس شانه أو اختصاصه ، اذن فالمرأة تلعب دورين والا فلماذا سمحنا لها بالعمل فطالما الشراكة كانت في العمل يجب أن تكون في الأعمال المنزلية. وطالما الشراكة كانت في الاعمال المنزلية يجب أن تكون في العمل ، كل حسب كسبه وجهده في جو يسوده التفاهم والتكامل والمودة والرحمة والقبول المتبادل. بل يتعدي الأمر الي صيغ الزواج نفسها فإذا كان المراة لها سكن لها قدرة علي الانفاق علي نفسها لماذا لا تقبل أن تتكامل مع رجل ليس لديه هذه الامكانيات ، ولماذا لا يقبل هو ذلك ، ولماذا يرفض المجتمع هذه الصيغة ويستنكرها، وهي صيغة تتجاوز الحاجز الاجتماعي القائم علي العقلية البدوية التي تشدد علي حتميات وفرضيات تجاوزها معطي الواقع. من ناحية أخري لا سبيل لحل مشاكل العنوسة، وعجز الشباب عن الزواج وعزوفهم عنه ، والضائقة الاقتصادية ، والمغالاة في المهور ، وانخفاض النمو السكاني ، ومشاكل إفرازات الحروب والصراعات المسلحة ، والهجرة والاغتراب الطويل، والزواج بالاجنبيات .... الا بتسهيل الزواج ، وبذله للراغبين فيه دون قيود اجتماعية عقيمة ، ودعم بنية العقلية التشاركية في المؤسسة الزوجية. ويري البعض ان صيغة زواج المسيار تهدد استقرار الاسرة أو لا تضعه في اعتبارها ، ونري أن الاستقرار يكون بالثقة وكذلك بالاحترام وبالمودة والرحمة كما في الآية التي ربطتت بينهما والسكن وليس بمن يدفع اللهم الا اذا كان البشر يقيمون بالمال وهي عقلية مادية نرفضها. ويري البعض ان فيه إهانة للمرأة ونري انه يحفظ كرامة المرأة ويصونها من عدة نواحي منها أنه يقوم علي فكر تقديس الرباط الزوجي والنظر اليه كرباط انساني وجداني تكاملي تحركه فكرة من لديه يدفع أكثر من كونه ارتباط قائم علي من يدفع لمن ؟ ، وفي ذات الوقت يكافح العقلية التي تسلع المرأة وتجعلها سلعة لمن يدفع ، فالزواج شراكة قائمة علي الحب والرضا والتفاهم وليس علي ( دفعت لي ودفعت ليك)، من ناحية أخري فانه يسهم في احصان وعفاف شريحة واسعة من الموظفات وصاحبات الاعمال والعاملات يكفيهن شر العنوسة ونظرات العاطفين والشامتين ، كما أنه حينما يصير عرفاً إجتماعياً، ومفردة من منظومة الثقافة السائدة يرفع الحرج عن أولياء الأمور والراغبين والراغبات في مساعدة أصهارهم وفي السكني معهم . من ناحية أخري فإن الزام الرجل بالنفقة والسكن وهو غير قادر عليهما وحده ، دفع بالكثيرين الي الإغتراب والهجرة لسنوات طويلة فاضحت المرأة كالمعلقة لا هي مطلقة ولا هي متزوجة ناهيك عما حلّ ويحلّ بالأبناء ، فالاغتراب مسياراً مقنعاً ، فايهما أكرم ؟ كذلك فان زواج المسيار في نمطه التفاهمي وهو يرتبط بظاهرة إنحسار التعدد في الزوجات حيث كان سائداً الي وقت قريب، الأمر الذي نرجعه الي طغيان الإعلام المصري الذي يتخذ من التعدد خصم ويعتبره مشكلة يقوم بعرضها ككارثة، والمصريون لهم دوافعهم فمصر بلد تعاني من الانفجار السكاني ، بينما السودان يعاني من الفجوات السكانية ، ولكن تأثر المجتمع بتلك الآلة الاعلامية الضخمة وتشكلت اتجاهاته السلبية جداً نحو التعدد وأصبح التعدد أمراً مرعباً لا يفعله الا الصناديد الابطال ، مضافاً الي ذلك الظروف الاقتصادية وارتفاع مستوي طموحات الاسرة ومتطلباتها ، ولكي نخفف حدة الأمر ونخفف ردة فعل الزوجة الأولي ندفع بان تتنازل الزوجة الثانية عن حقها في المبيت الدوري والراتب ، كما يمكن ان نساعد من يعجزه المال علي التعدد. وعلي كل فإن الدعوة لزواج المسيار تعد حلاً مناسباً لمشكلة قطاع كبير من الشباب ذكوراً واناث، ذلك بإعتباره :" عقد شرعي بين الزوجين مستوفياً جميع الأركان والشروط المطلوبة في العقد من وجود المهر والولي وشاهدي عدل والاشهار والفرق فيه ان الزوجة يمكنها التنازل عن كل او بعض حقوقها كالحق في المبيت والسكن والنفقة." وتتعدد صوره بحسب الحقوق التي يتم التنازل عنها. أشياء لم و لن نقلها : هناك بعض النقاط الهامة التي تتعارض مع هذا الطرح لم ولن نقل بها ويمكن أن نجملها في الآتي: • لم ولن نقل التنازل عن أي شرط من شروط صحة الزواج الشرعية. • لم ولن نقل بان يكن زواجاً سرياً ، أو عرفياً أو غيره بل هي صيغة أمرها مختلف وقد أقره الشرع . • لم ولن نقل احلال صيغ التفاهم والتكامل( المسيار) علي حساب الصيغة العادية المتعارف عليها ، واشاعة نمط المسيار في كل الحالات ، بل يطبق فقط في حالة إمرأة مستطيعة وقادرة ورجل فقير محدود الدخل، أو رجل متزوج وليس بمقدوره العدل مع الزوجة الأولي أو الانفاق علي البيتين. • لم ولن نقل القبول باي رجل والسلام ، بل يجب التأكد من أخلاقه وسمات شخصيته . • لم ولن نقل أن يكون الرجل عاطلاً دون عمل ، بل مجتهد وساعي في تحسين أوضاعه. • لم ولن نقل ان صيغة المسيار بشقيها الطريق الأوحد لحل مشاكل العنوسة ، ولكنها طريقة من جملة طرق ، يمكن ان تحل مشكلة قطاع كبير من الجنسين. • لم ولن نقل أن تهدر حقوق الأبناء ، وان تخلط مع حقوق الزوجة فلكلٍ حقه . • لم ولن نقل ان يبتعد الزوج عن الزوجة ويسير اليها متي سمحت ظروفه حتماً، بل نأخذ من صيغة المسيار تنازل المرأة عن بعض حقوقها بدرجة تسمح لقيام المؤسسة الزوجية .
* استاذ علم النفس جامعة ام درمان الإسلامية كلية الآداب ـ قسم علم النفس عضو الرابطة العالمية لعلماء النفس المسلمين لا لسجن جنسى يغتال غريزة هى من أقوى الغرائز البشرية على الإطلاق.
| |
|
|
|
|
|
|
|