|
يا وردي؟
|
قبل عام، او أكثر.. غاب الأستاذ فكري سليم الكاشف، وقبلها بسنين فقد شعب النوب المغني محمد حمام، وغاب قبلهما المغنواتي الكبير "بحر أيو جريشه " .. ويرحل عنا هذا المساء الفنان محمد وردي، مضخة الغناء الحميم، نذر العاشقين ومحبي الحياة: غاب.
سكن " وردي " افئدة من شعوب الناس قاطبة، في إفريقيا وسواحل البحر الاحمر، وصحراء المهاجرين، ووجدان الناس السُمر بكل ألسنتهم البهيجة، مُعبراً عن حالات عشقهم الملتاع وصباباتهم الفتية. كما عبر عن خلايا الثوار الناقمين، على ناصية اليسار، فخربشت أغانيه جدار سجون عديدة وغذت قلوب ما كانت لتصبر لولا صوته المريود. عمر طويل يا وردي، حملت فيه زمان الناس وأحلامهم بحسن تدبير. فكنت رئة وسيعة الشعاب للنفس والفال الحسن. أحزاب شيوعية طال عمرها بك، وأحلام شديدة النزق إستعان بأغانيك على الحياة. حنجرتك العجيبة شالت كلام الشعراء من الوادي القصي لغاية حوش الفعل، فغنت لك وبك ثوراتنا الأولى التي لن تنتهي في الستينيات والثمانينيات والتسعينيات. لقد كان محمد وردي حاجه مختلفه، ليس فقط على مستوى الطرب، بل، كذا كان وردي مختلفاً على مستوى الطباع، كبيراً كما يجب للفنان أن يكون، كبيراً في الإحساس بالذات. كان في شغل وردي إبداع بديع، الموسيقى والشعر والأداء.. شيء لا يخلص. شيء ممتد: فيه من الموسيقى حنان ومن الاداء قوة ومن الإختيار للكلمات حصافة ونجاعة مأوى. :::::::::::::: الفنان داخل وردي كان أكبر من أي مساجلة، الفنان بداخله والخارج إلينا كان عجيب الكبرياء، طوال الوقت. حاولنا إدانته، مرات عديدة، لمواقف سياسية، لكننا لم نستطع أبداً أن نبتعد عن كوننا نستخف طرباً لحلاوة وطلاوة هذا المغني الكبير. أبداً لم نستطع. "بإسمك الأخضر يا أكتوبر الأرض تغني" "بناديها" "الوُد" هل يستطيع الواحد منا أن ينسى؟ هل ننسى ذلك الجمال وتلك الطاقة الخلابة التي تأخذنا حين نسمع: بإسمك الشعب إنتصر؟ ..... لقد غادرنا لرحاب آخر، فنان كبير.. جدير على السودانيين الحزن لرحيله.
فسلامات يا وردي وشكراً كتير..
... طلال
|
|
|
|
|
|