|
Re: أمير الحسن لم يمت ... لكنه توارى !! (Re: محمد كابيلا)
|
Quote: عادل كلر
ولأن (العمر زادت غلاوتو معاك) يأبى الزمان وأن يصحالنا، لمرةٍ، كيما نجيئك عابرين فراسخ الدمع، وفؤاد حرقته يد (الفرقة والتجريح).. فإسمك كم تغنَّت الأرض، وكم إشتعلت حقول قمح الأمنيات، بالوعد الوقف ما زادْ! محمد عثمان وردي.. أو خمسون عاماً من التبتل في محراب حب ربوع الوطن، حيث رقاع تشمل الجميع (عرباً ونوبا) أحفاد ألماظ البطل والقرشي الشهيد، حملنا بعضاً من (الحزن القومي) سؤالاً خجولاً على فئات مختلفة من المبدعين، عن “النوبي الصميم” و(آخر الفراعنة العظام)، فإستجابوا على مضض من الأسى، وكانت هذي الحصيلة..
سفير الثقافة النوبية:
بصوتٍ متهدج ومتأثِّر، قال فنان الجاز كمال كيلا أن وردي فقد عظيم للسودان فقد كان فناناً عملاقاً تغنى للسودان الحبيب ولاستقلاله وللحريات ولكل شيءٍ جميلٍ فيه، مضيفاً بأنه ضمن جيل تعلَّم من وردي حب الوطن عبر أغنياته الخالدة خلود النيل، وهو صاحب القدح المعلَّى في معترك إرساء القيم لهذه البلاد، وقد أفنى روحه من أجل البلاد، وكان شجاعاً لا يخاف في الحق إلا الله، معتبراً بأنها بعضٌ من سمات تكفل لوردي الخلود أبداً بيننا. وقال كيلا لـ(الميدان) أن الراحل على المستوى الفني قد أتى وافداً للثقافة النوبية من أقصى الشمال، كمثقف حامل لتراثه بمعناه الكلي، وبذلك أستطاع فرض نفسه على الساحة الفنية بـ”الربابة” والإيقاعات الساحرة والتراث النوبي الأصيل.. “القمر بوبا” و”نور العين”، كما تناول أغنية الوسط والحقيبة وأضاف لها جديد الألحان، مشيراً لإستفادة الراحل من مزج غناء الوسط والحقيبة بتراثه النوبي والشمالي، مما فتح الباب أمام أجيال جديدة زكي عبد الكريم وإدريس إبراهيم، حيث أثروا إذاعة السودان بأعمالهم، وأضاف بأن وردي يبقى فنان السودان الأول بتحركه عبر كافة إيقاعات الثقافات السودانية.
سادن الفكر والجمال:
بدوره قال الشاعر عبد الله شابو بأن يذكر مجيء وردي إلى تجمع الفنانين والكتاب التقدميين (أبادماك) رفقة محمد الأمين، مبيناً بأن الراحل كان شعلة من النشاط ولصيقاً بالناس، وصديقاً للشعراء والكتاب على عبد القيوم ومبارك بشير وعلى الوراق وكثيراً ما كان يدعوهم إلى بيته ويناقش أشعارهم ويتغنَّى بها، كما رافق عبد الله على إبراهيم وعثمان خالد.
ويرجع الناقد والمسرحي السر السيد ذكرياته مع وردي إلى فترة مبكرة جداً من حياته، حيث قال بأنه تعرَّف عليه منذ أن عرف التعامل مع فن الغناء، كأحد الفنانين الأساسيين، وربما للإهتمام بالثقافة والسياسة كان يرى السر السيد بأن وردي (معبِّر) عن تلك الرؤى والأخيلة التي يتبناها، مضيفاً بأن وردي بزَّ الآخرين بحساسيته المختلفة في انتقاء الشعر والمضامين، وقال بأن ذاكرته مع وردي هي الذاكرة الجمالية ذات الأبعاد الفكرية والثقافية والسياسية، وأشار إلى أن التعاطي مع هذه الذاكرة يحيل بدوره إلى سؤال مهم، وهو أن وردي أحد رواد التنوير وبنية من البنيات الأساسية للوجدان السوداني، مضيفاً بأننا إذا تحدثنا عن سياسيين ومفكرين من قبيل بابكر بدري، فإن وردي يجيء من موقع الغناء وصناعة الوجدان أحد بنيات هذا الوجدان، ضمن كثيرين يمكن أن يكونوا قد ساهموا في صياغة الوجدان لكن الراحل وبتقاطعاته الجذرية في مشروع الغناء ذات الأبعاد الفكرية والثقافية. مضيفاً بأن هنالك جانباً لا يقل أهمية في مسيرة الفقيد، وهي شخصية الفنان العالمي المتخطي للحدود، وهو الشاهد على العصر ككل في الزمن الراهن، بتماساته التي تحققت مع ناظم حكمت وغيره، وررد السيد بأن وردي صاحب ثقافة ذات أبعاد كونية أثَّرت على مسار التغيير في العالم أجمع.
إمبراطور الوجدان السوداني:
ويعود المسرحي وخبير مسرح العرائس محمد نور الدين بذكرياته القهقرى مسترجعاً ذكريات الطفولة، وقال أن (القمر بوبا) كانت من أغاني “رقيص العروس” كما يذكر عن سنوات الطفولة، مضيفاً بأنه تعرف على أغنيات وردي في المرحلة المتوسطة وعقب الإنتفاضة حيث كان يبث أثير الراديو أغنياته، ومنها إستمرت العلاقة مع درر (الفرعون)، ويضيف نور الدينم بأن وردي يجيء بعد الكاشف تماماً في الجانب الموسيقي، حيث إهتم ومبكراً بالمقدمة الموسيقية الطويلة، وأوضح بأنها ربما كانت لتأثير الموسيقى المصرية (كوكب أم كلثوم) غير أن السودانيين لم يعرفوا هذا الضرب إلا لدى الكاشف. وجاء بعدها إهتمامه بالأغنية الوطنية، معتبراً بأن الفترة التي سبقت وردي كانت تضم أغنيات وأعمال وطنية غاية في البراعة لكن وردي هو الذي أضاف الجديد من الغناء الثوري إلى مكتبة الأغنيات الوطنية، معتبراً أن أغنياته الوطنية كانت أغنيات “عندها موقف فكري وآيديولويجة بتعبِّر عنها”، وقال أن محمد الأمين يشاركه في هذه الريادة، وهو الأمر الذي فتح الباب من بعد لأجيال مصطفى سيد أحمد وأبو عركي البخيت، وردد: “وردي هو عرَّاب هذا الجيل الجديد”..
الفنان الشاب عضو فرقة (راي) الخطيب الشفيع أشار إلى أن الفقيد قدم عطاءاً ثـرَّاً للسودان، وهو رائد من رواد التجديد في الأغنية الحديثة، وحتى أخر تسجيل له في حياته كان حريصاً على تقديم إنتاج وألحان جديدة، مضيفاً بأن ألحانه صاغت وجدان الناس، مؤكداً على أن معين الراجل في تجديد الألحان والتوزيع وتذوق النصوص لم ينضب، معتبراً أن إرثه سيظل محفوراً في تاريخ الأمة السودانية وسيسكن قلوب الناس ما حييت، فهو صاحب مساهمة مليئة بالنضال والوطنية والأحاسيس المترعة بمشاعر وعواطف العمال والمزارعين والمستضعفين، فهو عطاءٌ باقٍ، وثابتْ..
الميدان
|
| |
|
|
|
|