|
Re: "ماذا لو توقف الموت عن العمل" ! وفاة صاحبها ساراماغو (Re: معاوية الزبير)
|
جوزيه ساراماغو "يودّع أشجاره"
توفي اليوم عن 87 عاما الكاتب البرتغالي الفائز بجائزة نوبل جوزيه ساراماغو، بعد مشوار أدبي طويل لم يكرّسه في الساحة العالمية إلا وهو يشارف العقد السادس. وتوفي ساراماغو متأثرا بمرض أدخله المستشفى عدة مرات في المرحلة الأخيرة، قبل أن ينطفئ في جزيرة لانزاروتي الإسبانية حيث يعيش مع زوجته الإسبانية بيلا ديل ريو المترجمة الرسمية لأعماله إلى الإسبانية والتي تزوجها في 1988. ووصف رئيس الوزراء البرتغالي جوزيه سوكراتس فقدان ساراماغو بـ"خسارة كبيرة للثقافة البرتغالية". اختار ساراماغو اللجوء إلى إسبانيا طواعية في 1992 بعد أن استثنت حكومته من قائمة ترشحياتٍ لجائزة أدبية عملَه المثير للجدل "الإنجيل حسب المسيح"، وهي رواية أثارت غضب الكنيسة الكاثوليكية البرتغالية والفاتيكان. هذا الجدل هو ما دأب ساراماغو على إثارته طيلة عقود، سواء في رواياته كما في "الإنجيل حسب المسيح" أو في "قابيل" حيث يبرئ قابيل من قتل أخيه هابيل، أو بمواقفه السياسية كما في 2006 خلال حرب لبنان حين شبه الأراضي الفلسطينية المحتلة بمعسكرات أوشفيتز. الأدب والسياسة لستة عقود تقريبا زاوج ساراماغو بين الكتابة والنضال السياسي عضوا في الحزب الشيوعي البرتغالي حتى آخر أيامه، ومساهما في الانتفاضة التي أطاحت بالدكتاتورية في 1974. ولد ساراماغو في 1922 في بلدة ريفية وسط البرتغال، وفي 1924 انتقلت عائلته إلى لشبونة. غادر المدرسة في الثانية عشرة وعمل ميكانيكيا، كما عمل لاحقا في حياته مترجما وصحفيا قبل أن يكرس نفسه كاتبا في مسيرة توجت في 1998 بجائزة نوبل للأدب. أصدر ساراماغو وهو في الخامسة والعشرين روايته "أرض الخطيئة"، لكنه لم يستأنف الكتابة إلا بعد 19 عاما بديوان شعري، غير أنه لم يُكرّس عالميته إلا في 1982 برواية "بالتزار وبليموندا"، وهي قصة حب تدور في برتغالِ القرن السابع عشر. اختار ساراماغو لأعماله مواضيع خيالية، ففي "الطوف الحجري"، التي نشرت عام 1986، تنفصل الجزيرة الإيبيرية عن أوروبا وتسبح عائمة في المحيط الأطلسي، وفي رواية "العمى" التي نشرت في 1995 يصاب بلد بأكمله بالعمى الأبيض. بهذا الأسلوب عالج ساراماغو أكثر المواضيع جدية. ركّز دائما على الوضع الإنساني والعزلة التي تفرضها الحياة الحضرية الحديثة، وانتقد بشدة ودون مواربة التاريخ البرتغالي والمؤسسة الدينية والمحافظين. وداعًا أيتها الأشجار في خطابه بمناسبة فوزه بنوبل، تحدث ساراماغو عن سنوات الطفولة واستذكر وفاة جده جيرونيمو بهذه الكلمات: "ذهب إلى حديقة بيته. هناك بضع شجرات: أشجار تين وزيتون. ذهب إليها واحدة واحدة واحتضن الأشجار ليقول لها وداعا، لأنه كان يعرف أنه لن يعود. إن رأيت شيئا كهذا وإن عشته ولمْ يترك فيك ندبا إلى آخر العمر، فإنك رجل بلا إحساس". اليوم جاء الدور على ساراماغو ليقبّل أشجار حديقته هو الآخر ويقول لها: وداعا.
الجزيرة نت
| |
|
|
|
|