الحبيبة رباح الصادق المهدي ترد على محمد حسنين هيكل1-3

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-08-2024, 07:39 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2010م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-14-2010, 08:37 AM

عمر عبد الله فضل المولى
<aعمر عبد الله فضل المولى
تاريخ التسجيل: 04-13-2009
مجموع المشاركات: 12113

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الحبيبة رباح الصادق المهدي ترد على محمد حسنين هيكل1-3

    1-3

    ليست مجرد نزهة تلك التي نزمعها معا حول حلقة الصحفي المصري الكبير محمد حسنين هيكل المبثوثة يوم الخميس 3 يونيو الجاري بقناة الجزيرة وقد أعيد بثها بالجمعة وبالسبت للمرة الثانية، والتي تطرق فيها لأحداث الجزيرة أبا ومقتل الإمام الشهيد الهادي المهدي (1970م) ولا كنا حولها نجمع بين الغضب والدهشة –كحال الأستاذ ضياء الدين بلال وربما كثير من المشاهدين لها والقراء لما دار فيها- بل هو شعور مرير يلف الروح ويغم القلب، مزيج من جيشان الذاكرة بالأيام المرة وطعم نكء الجراح التي لم ولن تندمل، الجراح التي سنحملها معنا حتى النهاية فتحلق مع روحنا يوم ترفرف مارقة من الجسد الفاني الذاهب مع أوراق السدر ورائحة الصندل، يدفنون جميعا وقد حملوا في ذلك البرش الأبيض والعنقريب!

    سنقدم اليوم لحديثنا حول حلقة هيكل بأسئلة، ونأتي في الحلقة القادمة على بعض الحقائق وبعض الأفكار!

    علينا أن نقول في البداية إن الأستاذ محمد حسنين هيكل هو اسم كبير في سماء الإعلام العربي من قلبه النابض- مصر.

    ونحن السودانيون قد وصفنا من قبل بلسان الدكتور –الكيني الأمريكي- علي مزروعي بالهامشية المتعددة فنحن هامش العالم العربي وهامش أفريقيا وهامش العالم الإسلامي، وحينما أخرج المؤرخ البريطاني ريتشارد هل مذكرات بعض الرحالة الأجانب في ديارنا في القرن التاسع عشر سمى كتابه (على تخوم العالم الإسلامي). نحن السودانيون إذن من التخوم – من الهامش.

    أما الأنصار –أهل أبا- فمع كونهم أكبر كتلة إسلامية بالبلاد إلا أنها مهمشة في كتابة التاريخ، يكتب بقوافل تدك سنابكها رؤسهم، وآلامهم من كتابته تتضاعف. حتى أننا مرة ونحن نزور مكتب الأستاذ كمال الجزولي دهشنا لأنه يعلق في حائط مكتبه مثلا يقول: إن الروايات ستظل تمجد صيادي الأسود حتى تتعلم الأسود الكتابة! أو ما معناه! نعم، قلنا في نفسنا هذا المثل ينطبق علينا نحن! فالتاريخ دائما يكتبه صيادو الأنصار، ولم يتعلموا بعد الكتابة! ولكن قوم الجزولي –الشيوعيون- شاركوا دائما في كتابة التاريخ وهم لنا في بعضه صائدين، أحداث أبا وودنوباوي والكرمك التي نحن بصددها خير دليل، وهذا شأن آخر لنا له عودة بإذن الله! وللاستدراك نقول، إن الأستاذ الجزولي قد أثبت لنا لاحقا في كتابه (الشيوعيون والديمقراطية: للشراكة الحقيقية أم لذود الطير من مر الثمر) بأن انطباعنا ذلك لم يكن سليما، فللشيوعيين أيضا أوجاع لم يؤرخ لها كما يجب! إذن كلنا لنا أوجاع. والتاريخ لم يكتب بعد بشكل يظهر لكل ذي حق حقه، الدعوة لهيئة الحقيقة والإنصاف التي كررناها ربما سدت الحاجة، ولكن لماذا يسد الناس عنها الآذان بطينة وبعجينة؟ وحتى تقوم هذه الهيئة فلا بد للكتاب الصادقين أن يبعثوا الحقيقة.

    سؤال أول: ترى متى نتعلم الكتابة؟!!

    إذن، حينما يهجم هيكل الذي تسنم ذروة الإعلام العربي في قلب ذلك العالم النابض (حسب تعريف ذلك العالم لنفسه) بمقالاته، وكتبه ألفية الصفحات، والذي حينما اعتزل الكتابة في 2003 ظل على تلك الذروة ببرنامجه التلفزيوني الذي يبث كل خميس ويعاد كل جمعة من قناة الجزيرة بقطر، ظل يروي تجربة حياته ويحلل أحداث التاريخ ويأتي بالوثائق والأفكار. هيكل، الذي حتى حينما كان يمس دول القلب العربي كان أهلها يتضيمون من سهمه النافذ.. اشتكى منه الأرادنة يوم قال ما قال حول الملك حسين رحمه الله متهما إياه بالعمالة للمخابرات الأمريكية، واشتكى منه المغاربة يوم قال ما قال حول تعاون الملك الحسن رحمه الله مع إسرائيل، واشتكى منه العراقيون وغيرهم، وفي كل مرة كان صوت هيكل هو الأعلى.

    (ساعة مع هيكل.. تجربة حياة): جرعة أسبوعية تجعل هيكل يخاطب الملايين العربية عبر نافذة شاهقة هي قناة الجزيرة تحوز برغم شانئيها الكثر على درجة مشاهدية هي الأعلى في العالم العربي. فماذا سيفعل السودانيون عامة؟ والأنصار خاصة، حينما يتعرض هيكل لتاريخهم عوسا فيه بغير الحق؟ هذا هو السؤال الثاني!

    في الساعة قبل الماضية تعرّض هيكل لأحداث الجزيرة أبا الدامية في مطلع سبعينات القرن العشرين، حينما دكت الجزيرة أبا الآمنة والتي كانت قد حمدت ربها أن أزمة المواجهة مع النظام المايوي قد انقضت، ولكنها فجأة قصفت بالمدافع وبالطائرات ودفن مواطنيها بالمئات. قال هيكل إنه وبسبب استماع الرئيس الراحل جمال عبد الناصر لنصحه فإن الطيران المصري لم يشارك في القصف وعدل عن ذلك في اللحظات الأخيرة. وتعرض بعدها لحادثة استشهاد الإمام الهادي المهدي (1922-1970م) إمام الأنصار ذي الأعوام الثمانية وأربعين وقال إنه مات مسموما بمانجو ملغومة قدمت له!

    سؤال ثالث: ترى ما هي حقيقة الأحداث؟

    هيكل، وصفه بعض كتاب مصر بأنه نجيب محفوظ الإعلام المصري. ولكن ما يكتبه يصدق عليه كثيرا ما قاله أبو الطيب رحمه الله حول شعره:

    أنام ملء جفوني عن شواردها ويسهر الخلق جراها ويختصموا!

    وقد اطلعنا على مقالة منشورة في عدد من المواقع الإسفيرية للكاتب د محمد عباس بعنوان: نخبة مدمَّرة في أمة مخدَّرة: هل يتنبأ هيكل أم يؤلف أم يخرف؟ وفيها عنوان جانبي: رسالة خطيرة يسرّبها هيكل!

    يعلق الكاتب على حديث قاله هيكل في حلقته يوم الخميس 25 مارس 2010م وهو يعرض لمشاهديه صورة قديمة جمعت الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر بالرئيس الحالي حسني مبارك مع بعض قادة الجيش المصري ويقول إن الصورة تحمل في طياتها نبوءة مستقبل مذهلة، ففي خلال أشهر مات أو أبعد كل من فيها وبقي الرئيس مبارك، مشبها لموقفه وهو ينظر للصورة (كأن عرافة دلفي بتديني نبوءة عن شكل المستقبل في مصر في السنين الطويلة القادمة، طول ما أبص في هذه الصورة أنا لأنها صورة في لحظة خطيرة في وقت حرج لكنها صورة منبئة عن الكثير جدا مما كان خافيا ومما جرى ولا يزال يجري. تصبحوا على خير(! ثم طفق الكاتب يذكر نبوءات دلفي في الأساطير اليونانية، وهي التي تقول نبوءات لا يفهما إلا الكهنة. قال عباس: (محمد حسنين هيكل ذكي وحصيف. دعنا الآن من الصواب والخطأ والصدق والكذب بل ومن الحلال والحرام. ولنكتف بالاتفاق على أنه ذكي وحصيف. وأنه لا يتسم بالرعونة والحماقة والطيش. لذلك لن يتورط كما تورط مصطفى الفقي عندما أعلن أن موافقة أمريكا وعدم ممانعة إسرائيل شرطان أساسيان لاختيار الرئيس القادم). وأوّل عباس كلام هيكل بأنه ربما كان يشير لنبوءة دلفي حينما قالت لسائليها عن الحروب الفارسية: ويحكم لا يوجد أمل! أو ربما كان يشير لنبوئتها الأخرى حول أوديب الذي قتل أباه وتزوج أمه بأنه ربما كان يشير للمؤامرات في وسط النخبة الحاكمة وللتوريث في مصر!

    ينام ملء جفونه عن شواردها.. ونسهر ونختصم؟ إن خصومتنا نفسها ليس مما يأبه له هيكل.

    إنه كان أكثر (رعونة وحماقة وطيشا) معنا من موقفه حين ذكر طرف الحديث وصمت يوم الصورة وقال: تصبحون على خير! هنا، عن السودان وعن الأنصار، فإن هيكلا يجري وحده، والقوم لا يُخشى منهم!

    مكثنا في مصر التي آوتنا سنين وفتحت أبوابها لنا بعد أن ضاقت بنا بلادنا بيد العسكر الإنقاذي، وهناك أذهلنا ما في مصر من مؤسسات ضخمة ومنها الأهرام المؤسسة الإعلامية الراسخة، ووجدنا في مصر أخوة تاريخية متجذرة، ووجدنا مجتمعات تكاد تكون استنساخا للسودان في النوبة، مجتمعات مضطهدة اطلعنا على أدب كتابها فكأنهم ناسلون منا أو نحن منهم يتحدثون عن (دوامات الشمال) وهذا اسم رواية للأديب النوبي حسن نور، يذكر كيف يستخف أهل شمال مصر بهم.. وقرأنا كتابا ممهورا باسم الدكتور ع.ع بعنوان: تراث العبيد في حكم مصر المعاصرة. يحلل الدكتور -الذي أخفى هويته خوفا من غضب مواطنيه وبطش السلطة – تاريخ بلاده مستندا لأثر فترة المماليك في المجتمع المصري، ويقول إن من أثرهم –وقد كانوا ينشأون في جماعات من الرقيق الأبيض المجلوب من جنوبي أوربا- فكرة البتوع فلكل قائد تبع، وفكرة الرئيس والمرئوس في التعامل بين الناس على أدنى مستوى!

    ويقر في ذهن كثير من أهل شمال مصر أن النوبة السفلى والعليا من أهل جنوب مصر والسودان تبّع لهم وعبيد لا غير. كما يقر في ذهن النخبة الحاكمة أن أهل شمال الكرة الأرضية غربيها أو شرقيها للدنيا رؤساء!

    هيكل، حينما يؤرخ لأسياد الدنيا بالتصنيف المذكور –الأمريكان- يحرص ويدقق، ويطلع حتى على آخر وثيقة ويعرف التطورات وينبه لها الغافلين عما جرى من مياه تحت الجسر منذ أيام عبد الناصر وحتى الآن. لكنه حينما يؤرخ للعبيد في عرفهم، لا يهم.. هل مات الإمام الذي يدين له الملايين بالولاء بالمانجو، بلدغة عقرب أم بسلاح ناري؟!

    يروى عن هيكل قوله: "سلامك مرتبط بمعرفة الآخرين أنك قادر على المواجهة".

    هيكل يعرف أننا لسنا قادرون على المواجهة! لا نملك الأهرام ولا الجزيرة، ولا دور النشر البراقة، نحن نقرأها ونشاهدها فقط! كان يعرف يوم عيّر الرئيس أنور السادات بدمائه السودانية أننا لسنا قادرون على المواجهة.

    ويوم كذب في تاريخنا ذلك الكذب الفاضح. كان يعرف أننا لسنا قادرون على المواجهة!

    سؤال رابع: متى يُخشى منا؟

    والسؤال الخامس: لماذا يذكر هيكل ما يذكره الآن؟

    هذه الأسئلة الخمسة ملقاة على قارعة الطريق، وسنحاول فقط الإجابة على السؤالين الثالث والخامس لأن بقية الأسئلة تتعلق لا بالحقائق التي جرت بل بالأوجاع والآمال! وهي مما لا تحده عبارة!

    نواصل بإذن الله.

    وليبق ما بيننا
                  

06-14-2010, 08:42 AM

عمر عبد الله فضل المولى
<aعمر عبد الله فضل المولى
تاريخ التسجيل: 04-13-2009
مجموع المشاركات: 12113

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الحبيبة رباح الصادق المهدي ترد على محمد حسنين هيكل1-3 (Re: عمر عبد الله فضل المولى)

    الحبيبة صديقة الهادي المهدي

    قراءة في شهادة للأستاذ محمد حسنين هيكل صديقة الإمام الهادي المهدي

    تابعت مثل كثيرين جلقة الأستاذ محمد حسنين هيكل بقناة الجزيرة ليوم الجمعة 4/6/2010م والسبب تخصيصها لروايته ورؤية مصر الرسمية يومئذ، للوضع في السودان بعد إنقلاب جعفر نميري وإقدامه على ارتكاب مجازر الجزيرة أبا وود نوباوي. ففي حديثه عن جزئية المجازر التي أرتكبها النظام الإنقلابي السوداني، قال الأستاذ هيكل أن إنقلاب جعفر نميري تطلع لمساعدة من مصر وقد أوعدهم جمال عبد الناصر بدعم ومساندة ولكن هيكل نصح القيادة المصرية وقتئذ بعدم الانخراط في أي نزاع داخلي سوداني لما قد يترتب على ذلك من ردود فعل شعبية سلبية يكون لها ما بعدها من تأثير مستقبلي ضار بالعلاقات بين البلدين. ولهذا كف الرئيس عبد الناصر عن الوفاء بوعد المساعدة، وألغى على الأثر فكرة الإسناد الجوي المصري. والحق يقال أن الأستاذ هيكل حين نصح وحين تناول الأنصار وحزب الأمة مال للموضوعية ولكن هذا لم ينفي اعتقاد جازم لدى كثير من السودانين بأن قيادة الطيران المصري شاركت في ضرب الجزيرة أبا وأن أيدي مصرية لطخت بدماء أشقاء لهم في جنوب الوادي. فالدول وقياداتها في عالمنا تعودت أن تقول وأن تفعل الشئ وضده.
    ولهذا تظل مشكلة التاريخ ليست في إيراد وقائعه ولكن في إدخال الرأي الذاتي فيه. وفي هذا المقال وددت تصويب حقائق غابت عن حلقة الأستاذ هيكل وإن لم تغب عن إرشيفه المصري الحكومي، ومن بعد أترك للقراء الحكم واستنباط الحقائق التاريخية من الآراء في التاريخ لأن الرأي سيظل رأيا منقطع الصلة بما هو تاريخ. والمقصد النهائي أن تسود حقائق التاريخ كما هي وأن لا تؤول وتستبطن وتوظف لتصبح حقائق. الذي يدركه أي سوداني أن إسناد مصر الرسمية لإنقلاب جعفر نميري منذ الإعداد له يكاد يكون مسلمة تاريخية وهو الأمر الذي لم ينفه الأستاذ هيكل بل أكد عليه. هذا الربط بين تدبير الإنقلاب وبين مصر أكد حقيقة حاسمة وفاصلة وهي أن تبني الإنقلاب يحمل القيادة المصرية وقتئذ أخلاقيا جزءا من جرائمه. وقد تكشفت وثائق تؤكد أن إنقلاب نميري إنما تم لأسباب تتصل بالحرب الباردة العربية العربية. وأن مصر في ستينات القرن الماضي كانت في سجال مع المملكة السعودية الشقيقة في اليمن (السعيد). مثلما كانت في حال حرب باردة مع أكثر من جبهة عربية. ولهذا رأت مصر عبد الناصر أن دعم مجموعة إنقلابات عسكرية يعيد التوازن لدورها ومنها ما تم في السودان. هذا يعني أن خيارات مصر بعد أن تم الإنقلاب هي الاستمرار في دعمه لأنه نظام جاءت به ولهذا تبني خياراته ضرورة وبالذات في مواجهة من يقاومون التدخل (الخارجي) في بلدهم. ولدى الأنصار حساسية من التدخل الأجنبي في بلادهم وهناك حقائق تشير إلى أن مصر ورطت سفير السودان في الإنقلاب من الإعداد والإسناد إلى كتابة التقارير عن خيارات إنقلاب جعفر نميري، ولكن للمفارقة كانت قيادة الأنصار في الجزيرة أبا على صلة وثيقة بمصر وخصوصا في حربها ضد إسرائيل مما لا يبرر أي عداء ناهيك عن تدبير إنقلاب. صحيح أن قيادة الأنصار وحزب الأمة كانت على صلة أوثق بالمملكة العربية السعودية وصحيح أن علاقة الإمام الهادي المهدي مع الملك فيصل كانت تتسم بالأخوية والشخصية ولكن يصح أيضا أن صداقة الإمام الهادي وظفها في تضامن عربي حقيقي تبلور في الدعوة لمؤتمر القمة العربية في الخرطوم في 1967م. وهو المؤتمر الأهم في تاريخ الجامعة العربية من حيث تحديده لخيارات المواجهة مع إسرائيل ومن حيث إصداره اللاءات الثلاث المشهورة والتي سمي بها المؤتمر والأهم دفعه العرب لدعم حكومة عبد الناصر بالمال والدعم المعنوي والنفسي مما بدد الإحساس بالهزيمة المرة التي تعرضت لها الشقيقة مصر في حرب الأيام الست في يونيو 1967م. وقد أشار الأستاذ هيكل لذلك بصورة لا تخلو من إيجابية في أكثر من ملمح وفي أكثر من حلقة سابقة.
    ولهذا تبرير الخطاء يناقض واقع الأمور على الأرض فبعد إنقلاب النميري مباشرة زار عبد الناصر السودان وقصد أن يوفر غطاء للإنقلابين ويشرعن إنقلابهم على الحكومة المنتخبة وقتها. وكان الإمام الهادي وقيادة الأنصار قد لاحظ أن الرئيس عبد الناصر في سبيل تبرير الإنقلاب ركز في حديثه عن الرجعية في السودان وربط بينها وبين الاستعمار ولما كانت المهدية أول ثورة تحرر في بلد عربي وأن حملة رايتها من الأنصار وحزب الأمة ضد الإستعمار في المطلق أضطر الإمام لتوجيه خطاب شديد اللهجة لناصر في فبراير 1970م وفيه نبه الرئيس عبد الناصر لحقائق أساسية تتصل بالثورة المهدية ورؤيتها التحررية وذكره بضرورات أساسية تتصل (بالسيادة) الوطنية للدول ومنها كف يد التدخل في الشأن السوداني وأن معارضة إنقلاب مايو إنما تنطلق من بواعث وطنية بحته تمليها على الإمام مسئوليات موقعه ومقام حراسة عقيدة أهل السودان وخصوصا أن الإنقلاب رفع في وجه أهل السودان رايات الإلحاد والشيوعية بل الاحتفال بعيد ميلاد لينين. ولهذا معارضة هذا التوجه لا تحتاج لدرس في الوطنية أو تحددها الصلات بأي دولة مهما كانت علاقتها بالسودان. ومن المؤلم أن الرد الرسمي المصري على خطاب الإمام مضى لغايات نكأت جراح قديمة لم تراعي تنبيه الإمام ولم تلتف لمشاعر السودانين حتى بعد ضحى الغد على أن كل السودانين فوجئوا بعدم إلتفات عبد الناصر للطريقة التي تخلص بها النظام الإنقلابي من الرئيس أزهري لأن الرئيس أزهري حليف تاريخي قديم لمصر.
    وحيث أن لكل فعل رد فعل، فإن رد الفعل الطبيعي على هذا التدخل الرسمي السافر لقيادة يوليو في الشأن السوداني، هو شروع الأنصار بقيادة الإمام الهادي ومعه الجبهة الوطنية للإحتمالات الأسوأ ،والتماس خيار المواجهة المفتوحة وقد كان خيارا صحيحا الأمور بمقدماتها ولهذا لم يلبث الأنصار أن وجدوا أنفسهم تحت وابل قصف الطيران الأجنبي لقراهم وأبرياءهم وتدمير مساجدكم في أم درمان. بل إن الإذاعات الموجه كانت تعطي أدلة مادية على المشاركة إذ كانت تذيع بنشوة لا تخطئها عين إقتياد الرجال للإعدامات الجماعية وإلى وصف تصفيات تمت بجوار دور القرآن، بما تهوى. هكذا تعقد الوضع في السودان وهكذا اتجه الإمام وصحبه لخيارات إضافية لم تكن ضمن أجندة الأنصار والجبهة الوطنية ولكنهم دفعوا دفعا لمواجهة عسكرية وكان قرار أن يهاجر الإمام ومن معه لدولة غير عربية وغير إسلامية ، بكل أسف ولكن العزاء أنها (الحبشة) بلد الهجرة الإسلامية الأولى.
    وفي الطريق إلى بلد هجرة الصحابة وصل موكب الإمام لخطوات من الحدود الحبشية السودانية وتحديدا عند قرية أونسا الحدودية وهي قرية قريبة من نقطة الكرمك الحبشية. وحسب الخطة رأى الموكب ولأسباب أمنية بحثه أن ينقسم الموكب لمجوعات وأن يكون موكب الإمام أصغرها. وكان في الموكب رموز وطنية من كل الجسم السياسي السوداني شملت الإتحادين والأخوان المسلمين وبالطبع الأنصار. توجهت المجموعة الأولى صوب الحدود وعبرت أخرى من نقطة مقابلة وكان في الانتظار هناك الشريف حسين ووالي الدين الإمام الهادي والدكتور عمر نور الدائم، وهؤلاء كانوا قد وصلوا للحبشة منذ حين. طلب من موكب الإمام الانتظار ريثما تأتي إشارة بوصول المجموعة الأولى ولكن القدر كان أسرع ففي تلك اللحظات تسرب خبر إلى نقطة بوليس الكرمك السودانية. وكان مع الإمام الهادي نفر قليل فيهم ابنه الفاضل وخاله العمدة مصطفى محمد أحمد عمر وملازمه سيف الدين الناجي. وعلى أي حال أثناء الانتظار وحين التقطت قوة الشرطة المحلية الخبر سارعت بتتبع المجموعة الأولى لمنعها من عبور الحدود. ففي أجواء كهذه من السهل انتشار الخبر ومن السهل التحفز،لأن الإنقلاب الدموي أعلن حال الطوارئ والاستعداد العسكري وتم تتبع حركة السيارات وهي تعبر المنطقة ولكن مجموعة من الشرطة يتقدمها المتهم مختار طلحة وزميله أحمد حسين بامسيكة وزميلهم وداعة علي سيد أحمد وأيضا عبيد كمبال الأمين وعبد الله إبراهيم حبيب الله وتيراب الغالي نوار وأفراد من مركز الشرطة المحلي وبالصدفة عثروا على مجموعة الإمام. وقد روى شقيقي الفاضل الهادي المهدي كشاهد عين حضر اللحظة التي أصيب فيها الإمام وحنى لحظة استشهاد والده. أفاد – الفاضل- بأن المدعو مختار طلحة وضع نفسه ومن معه في وضع الاستعداد وشرع يصيح بأعلى صوته وصوب مسدسه تجاههم وشرع يطلق النار بكثافة وبصورة عشوائية عندها حاول الإمام الهادي إخراج مسدسه الشخصي ولكنه أصيب بطلقة من مسدس مختار طلحة وعندما تأكد لمختار طلحة إصابة الإمام الهادي في أعلى الفخذ وأن من معه من أشخاص غير مسلحين وأن أحد في محيط المنطقة تقدم نحو خال الإمام العمدة محمد أحمد مصطفى عمر وملازمه سيف الدين الناجي للقبض عليهما وتقييد أيديهم لم يستجيب سيف الدين وقاوم الفاضل لأن الفاضل وسيف الدين كانا يربطان في جرح الإمام الهادي وأمكنه في وقت قصير وقف جزء كبير من النزف. أوضح خال الإمام محمد أحمد مصطفى عمر للقاتل مختار طلحة أن هذا هو الإمام الهادي وأن أهم خطوة هي إسعافه ولكن للمفارقة تم عزل محمد أحمد مصطفى عمر من الإمام وتم ضرب الفاضل الإمام الهادي والتنكيل به بحجة مقاومته للاعتقال وتقيد يديه وتعذيبه وبعثه لوحده مكتوف اليدين والرجلين مع قوة الشرطة التي حملته للكرمك. وفي مركز شرطة الكرمك وجد الفاضل المجموعة الأولى من وفد الإمام وقد تم القبض عليها عند محاولتها عبور الحدود إلى الحبشة. وعندما سألوه حسب شاهد الإتهام في المحكمة المدعو عبد الله إبراهيم حبيب الله قال الفاضل أن الإمام أصيب وأن سيف الدين الناجي قتله الضابط الإداري والذي اتضح أن اسمه بامسيكة أما الشيخ محمد أحمد مصطفى عمر فقد كان حيا ومقيد بجوار الإمام. ومن هنا نشأ سؤال المحكمة الجنائية التي شكلت في عام 1986م لماذا لم يعطي الإنقلابيون الأولوية لإسعاف الإمام الهادي بل نقلوا بدلا عنه ابنه الفاضل الذي طالب بإسعافه؟ لعل مسانديهم في الخارج سواء في شمال وادي النيل أو في موسكو أملوا عليهم فعل ذلك. وإلا المنطق يملي أن الأولى بالإسعاف الإمام الهادي المجروح وليس اقتياد ابنه الفاضل الهادي المهدي لمركز شرطة الكرمك؟ لأنه في الحالات المماثلة تكون الأولوية للمصاب حتى لو كان عدوا. والإجابة يدركها كل من لم يدرس أبجديات الأخلاق العسكرية أثناء الحرب بل أبجديات التعامل مع الأسرى ومختار طلحة على عكس ما قال به وزير دفاع جعفر نميري في الصحافة(8/6/2010م)كان ضابط شرطة تخرج من كلية البوليس في السودان. ولهذا كان يدرك ويعرف أبعاد عدم إسعاف مصاب أثناء مواجهة ولكنه استجاب لأوامر أعلى بترك الإمام الهادي ينزف حتى تتم تصفيته بتلك الوحشية مع سبق الإصرار والتعمد, الخارجي في الحقيقة فالنظام كله تدبير وصناعة أجنبية ولم يكن إلا واجهة خانت الإرادة الوطنية في السودان.
    لا ريب أن هناك روايات تشير لكيفية التخلص من الإمام الهادي وإغتياله ولكن لم نسمع رواية الأستاذ هيكل إلا في حلقة الجزيرة في 4/6/2010م ويكفيها ضعفا أنها قالت أن الإمام مات مسموما بعصير مانجو في كسلا. بينما (كسلا ) وإن كانت قريبة من الحدود الحبشية إلا أن الطريق الذي عبر به الإمام الهادي تحرك من الجزيرة أبا في النيل الأبيض ويصعب عبورها إلى كسلا وهو أمر لا يتخيله أي سوداني لأن موكب الإمام يبعد من تلك النقطة التي أشارت إليها روايات هيكل مئات آلاف الكيلومترات بل أن دفن الشهداء تم في مكان إغتيالهم واعترف القتلة بفعلتهم حتى أن المتهم الرئيسي مختار طلحة حين سئل لماذا ترك الإمام ينزف حتى الموت انفجر باكيا وكان ذلك بحضور كل أولياء الدم وبحضور أمين عام هيئة شئون الأنصار الشيخ خالد محمد إبراهيم. والصحيح كما ثبت لاحقا أن هناك أوامر عليا من قيادة إنقلاب مايو أمرت بترك الإمام دون إسعاف وفي نفس الوقت تصفية جميع الشهود الأحياء ولهذا صفي سيف الدين الناجي والشيخ محمد أحمد مصطفى عمر. وهذه أرجح الروايات وهي التي قال بها شاهد الاتهام في المحكمة عبد الله إبراهيم حبيب الله الذي روى كيفية تصفية الشهيد محمد أحمد مصطفى والشهيد محمد أحمد مصطفى كما يعرف كل الناس عرض على شاشة التلفزيون السوداني مساء يوم 3أبريل 1970م وقال في حديث مسجل أنه محمد أحمد مصطفى خال الإمام الهادي وأكد بأنهم الآن أسرى لدى الشرطة وأنه تم القبض عليهم في قرية أونسه وأن الإمام بخير ثم بعده ظهر سيف الدين الناجي في مقطع من الصورة وهذه الأدلة لا تزال موجودة لدى التلفزيون السوداني ونأمل أن تكون لدى إرشيف المحكمة. وبعد ظهور الشيخ محمد أحمد مصطفى عمر تمت تصفية ودفن في مكان غير معلوم يبعد حوالي عشر كيلو عن مكان دفن الإمام. وفي المحكمة روى المدانين الكيفية التي صفوا بها الشيخ محمد أحمد مصطفى حين قالوا بأنهم أمروا جندين واحد من أبناء الجنوب والآخر من الشمال بقتله فرفض الجنوبي أو (تردد) وقتله الجندي الشمالي. أما سيف الدين الناجي فقد أكدوا أن قتله تم بمبرر أن سيف الدين رفض ترك الإمام الهادي وظل يردد في وجه أحمد حسين بامسيكة هتاف الأنصار الشهير:(الله أكبر ولله الحمد). هذه الأدلة والإقرارات تنفي أي شهادات (رسمية) من أي إرشيف آخر، لأنها أي هذه الروايات تمت في عام 1986م بعد إعادة دفن رفاة الإمام الهادي وخاله الشهيد العمدة محمد أحمد مصطفى عمر والشهيد سيف الدين الناجي. ومن المعروف أنهم أعيد دفنهم في أم درمان بجوار الإمام المهدي بالقبة الشهيرة، بناء على رؤية دينية وبحضور الطب الشرعي السوداني وبوجود طبيب الإمام الشخصي الدكتور عبد الحميد صالح وبحضور ابنيه نصر الدين والدكتور الصادق الإمام الهادي والأخير طبيب وأستاذ بكلية الطب.
    يضاف لهذه الشهادات القطيعة الورود والدلالة، أن المؤرخ السوداني وصديق مصر وحليفها الأستاذ أبو القاسم حاج حمد سجل حقائق هامة عن حقيقة أن الإنقلاب كان (تدبيرا) أجنبيا بكل معنى الكلمة. حيث أشار إلى وقائع تؤكد أنه جاء لتصفية العلاقة بين حزب الأمة والمملكة العربية السعودية. ولقد كان دافع مصر حسب حاج حمد، ما اعتبرته القيادة المصرية تمدد تأثير المملكة العربية السعودية على جوارها السوداني وشرح أبو القاسم أن دعم المملكة لليمن أدمى الأنف المصرية في حرب اليمن، ويجب أن تقطع أي حبل بين الأنصار والرياض وبكل أسف التدخل في اليمن يؤكد حقيقة أن مصر الناصرية تدخلت باستمرار في خيارات الشعوب ومنها اليمني في محاولة لتجريعنا (الناصرية) وإنزال نموذج حكم في واقع مختلف كليا من حيث التطور التاريخي عن حال الشقيقة مصر وعلى كل حال يصعب الدفاع عن الموقف الأخلاقي للثورة المصرية في دعمها لإنقلاب جعفر نميري وخصوصا من مجازر الجزيرة أبا وود نوباوي. وكم يحس الأنصار وحزب الأمة بأنهم تلقوا طعنة نجلاء فيها جرعة هائلة من (الغدر) الذي لا يشبه مصر أو على الأقل ما كان يجب أن يحدث من الرئيس عبد الناصر. لأن مجازر الجزيرة أبا وإغتيال الإمام الهادي أحدثت جرحا لم ولن يندمل وأثر في العلاقة الشعبية وخصوصا حين توفرت في المجزرة أركان الإبادة الجماعية (القانونية، من حيث استهدافها لجماعة تعتنق فكرة واحدة هي الإسلام ومن حيث أنها تقيم في منطقة محددة هي الجزيرة أبا ومن حيث أنها تقف موقفا فكريا وسياسيا واحدا من نظام تعارضه. وحين يكتمل توصيف الإبادة الجماعية وتتكشف حقائق مساندة سلاح جو أجنبي فإن الأمر يصبح أكثر تعقيدا. ولنا أن نستعيد يوم الجمعة 30مارس 1969م وأجساد ثمانمائة رجل وطفل ومرأة عزل من السلاح تمتلئ بهم شوارع قرية صغيره هي الجزيرة أبا وتستبيحهم قوة غاشمة برية وجوية وتتقدمتهم في الشهادة بكل عزة وكرامة الشهيدة ثريا بنت الزاكي التي كانت على بعد أمتار منا وشقيقاتي.
    هذا المشهد في قسوته وغلظته ووحشيته دفع لاستنتاج بتكرار مجازر كرري والشكابة وأن القوى الوطنية والإسلامية أمام إنقلاب هو (تدبير أجنبي) ولهذا لم يضف إنقلاب جعفر نميري شيئا لمصر ولا للجبهة العربية بل كان خصما على التضامن العربي الذي تم انجازه في مؤتمر اللاءات الثلاثة في 1967م فرد الفعل الوطني تجاههه دفعه للانخراط في سلسلة قتل وإغتيالات لم توفر أحدا بل إن أجنحة النظام شرعت في فناء متبادل فيما بينها وقد أشر (لتهافتها) أحد قادة الإنقلاب وهو بابكر عوض الله في حلقاته في التلفزيون السوداني في عام 2007م حين قال أنهم كانوا يختلفون حول من (يزوره عبد الناصر في منزله). وبسبب ذلك انخرطوا في عداءات قادت ربما لإغتيالات وإبعادات. وتظل الجقيقة أن كل من اشترك في التخطيط لإغتيال الإمام الهادي وضرب الجزيرة أبا وود نوباوي وجد جزاؤه بعد أقل من سنة من ضرب الجزيرة أبا وتصفية الإمام الهادي وصحبة. حدث هذا على مستوى الخارج والداخل فقد تم إعدام عبد الخالق محجوب وإغتيل الشفيع أحمد الشيخ وتم تصفية قيادة الحزب الشيوعي جميعا من اشترك في حركة هاشم العطا من لم يشترك هذا هو العدل الإلهي: من قتل يقتل ولو بعد حين.
    ولقد تأكد لمصر قبل وفاة عبد الناصر في 1970م أن إنقلاب النميري أضحى (عالة) على مصر وخصوصا حين بدد طاقات السادات في كيفية انتشاله من سقوطه وعزلته وفي النهاية انخرط في عمالة دولية (تهريب اليهود الفلاشا) إلى إسرائيل والأخطر تأجيره لأجهزته الأمنية للأجانب (حلقة قناة الجزيرة مارس 2009م) وأيضا تجديده لدورة حرب منفلتة جديدة في جنوب السودان وهي اليوم ستنتهي بالسودان إلى الإنفصال والتمزيق.
    في ظل هذا التدخل الأجنبي ورؤية مآلات نظام الوصاية كان موقف قيادة الأنصار الأصح إذ لا يمكن لأي وطني قبول دور المتفرج بل لابد حمل وصية الإمام الهادي (لا سلام بلا إسلام فلنمت ويحيا الدين والوطن)وحملت أمانة في الأعناق وانخرط أبناء الوطن والأنصار في سلسلة منازلات مدنية وعسكرية زلزلت أقدام عملاء التدخل الأجنبي إذ لم يأبهوا لإعدام ثوار الثاني من يوليو 1972م ولم يرعبهم دفن الناس أحياء في الحزام الأخضر جنوبي الخرطوم ولم يقعدهم عن هدفهم إعدام الشهيد عباس برشم والتمثيل بجسده الطاهر مثلما لم تخفهم الرصاصات التي سددت لحماد الإحيمر وحسن حسين وصحبهما (لابد من صنعاء وإن طال السفر). هكذا تم قبر إنقلاب مايو 1969م في السادس من أبريل 1985م وعلى أيدي الجيل الذي ولد يوم إغتيال الإمام وصحبه. هؤلاء من أكمل حلقات المنازلة حين أشعلوا إنتفاضة أبريل 1985م السلمية التي انطلقت من جامعة أم درمان الإسلامية بقيادة إتحاد الطلاب الأنصار وبانتفاضتهم تلك انضمت غليهم جماهير الشعب السودانى التى دقت آخر مسمار فى وجه الطغيان المايوى وبه غسل عار التدخل الأجنبي في السيادة السودانية وتم تنظيف القرار الوطني.
    وكم نتمنى في ختام هذا المقال التوضيحي أن يشير الأستاذ هيكل لبعض حقائق وردت في خطاب الإمام الهادي ويتوقف عند بعض فقراته لأنها كانت أصح قراءة لمستقبل العلاقة بين مصر والسودان بل وبين مصر وسائر أشقائها العرب والأفارقة.
                  

06-14-2010, 08:43 AM

عمر عبد الله فضل المولى
<aعمر عبد الله فضل المولى
تاريخ التسجيل: 04-13-2009
مجموع المشاركات: 12113

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الحبيبة رباح الصادق المهدي ترد على محمد حسنين هيكل1-3 (Re: عمر عبد الله فضل المولى)

    الحبيب مهندس جبريل حسن

    شهادة الشهيد المجاهد ابراهيم احمد عمر في اغتيال الشهيد الامام الهادي المهدي

    تستحق الشهادة التي أدلى بها محمد حسنين هيكل في يوم الجمعة 4يونيو الحالي توقفا مطولا عند إشارات الكاتب رغم أن المتاح من المساحة والوقت لا يسمحان لي إلا بشهادة هامة سمعتها من الشهيد إبراهيم أحمد عمر وإبراهيم لمن لم يعرفه رجل أمضى الشطر الأعظم من حياته مجاهدا وثائرا ضد نظام جعفر نميري وكان ضابطا إداريا فيه ولكنه ظل نظيف اليد وشجاع في مواقفه. وقد كان وثيق الصلة بحامد السقدي الانصاري الفارس الذي لا يعرف الخوف طريقا إلى قلبه والسقدي أصابته كما نعرف رصاصة في حوادث المولد في عهد الفريق ابراهيم عبود ، صار بسببها معاقا واعرج ، قال لي إبراهيم إن حامد السقدي كان رجلا مجاهدا لا يهاب موقفا ومقداما وكان لصيق الصلة بقيادات الأنصار وعامة الناس ومع الفارق في التعليم بين حامد وإبراهيم رحمهما اللله، الا ان حامد كان قدوة لابراهيم وربطتهما علاقة متينة هي أنهما دائما مع الحق

    وعندما حدثت مجازر الجزيرة ابا وودنوباوي كان ابراهيم أحمد عمر ضابطا مسئولا عن مجلس الكرمك . لكنه فوجيء ببرقية من الخرطوم الى الكرمك تطلب اعتقال ابراهيم ويبدوا انها كانت من ابي القاسم محمد ابراهيم حسب تقديرات الشهيد لأن أبو القاسم كان يكره ابراهيم كراهية شديدة لا مبرر لها . ادخل ابراهيم في غرفة مخصصة للمساجين المجرمين الذين يرتكبون جرائم جنائية ، وكان يصفها بأنها تتميز بجردل لقضاء الحاجة وكان في نصف الغرفة . وفي أوائل شهر أبريل من عام 1970م وبينما ابراهيم في هذه الغرفة سمع صياح أحد العساكر وهو يردد بأعلى صوته وهو فرح : (قتلته.. قتلته). علم ابراهيم بان هذا العسكري هو من اغتال الامام الشهيد الهادي المهدي.
    كانت رواية إبراهيم هذه في مناسبة في منزل المجاهد حامد وقد كانت بيننا مجموعة من الانصار مصرة بان الامام لا يزال حيا ولكن ابراهيم اكد لي بان الامام قتل وأن الشخص الذي قتله هو يعرفه جيدا .

    لهذا رواية الأستاذ هيكل مع تقديري لها لا تستند لأرض صلبة على نحو روايات سماعية أكيدة تشهد باغتيال الإمام وتجزم باعترافات أدلى بها من قتل الإمام فيما بعد أمام المحكمة حوادث الجزيرة أبا وودتنوباوي في عام 1986م وقد أفاد المتهم الرئيسي مختار طلحة أنه أقدم على ارتكب فعلته الشنيعة تلك.
    أعود وأتساءل لماذا اعتقل ابراهيم أحمد عمر وهو ضابط مجلس الكرمك وأجيب بأن النظام المايوي كان يدرك بأن إبراهيم رحمه الله كان انصاريا لا يخاف في الحق لومة لائم وانه كان مستعدا ان يساعد أي انصاري خرج مهاجرا من مجزرة الجزيرة ابا وأن ابرهيم لو كان حرا طليقا وسمع بمحاولة الامام الهادي الخروج من السودان لبذل اقصى ما عنده من جهد لاخراج الامام وحمايته حتى اذا دعى الامر ان يكون هو فداء للامام المحبوب من أبناء الأنصار بلا استثناء.

    بعد استشهاد الإمام والتأكد من ذلك أفرج عن ابراهيم ونقل الى شندي ، وقد سافرت معه في نفس القطار وكان هو في طريقه لشندي و انا في طريقي الى حلفا القديمة . كان ابراهيم رجلا مهذبا ذرب اللسان ورجلا ذاكرا لله،نزلنا في احد المحطات لتناول الافطار ،طلبنا من احد الباعة وكان رجل ابيض اللون ضخم الجسم سندوتشات و عندما سالته عن السعر قال سعر سندوتش (بالكبدة) خمسة قروش فاندهش ابراهيم لغلاء السعر وقال هذا كبد شنو؟ فرد الرجل وعيونه تتطاير شررا من الغضب هذا كبد امك ؟ ، فاستنكرت قول الرجل ، فجذبني ابراهيم أن دعه ، وقال لي: هذا مستواه .

    كان رجدلا سمحا وحليما وأنصاريا صادقا . وفي يوم خميس من عام 1976 عرفت من الحبيب عمر سليمان بان الجبهة الوطنية المعارضة ستقتحم في يوم غد الجمعة العاصمة وستستلم السلطة وانه سيكون في وسط المعركة وكنت على موعد ان اتناول الغداء مع حامد السقدي. وكان الخطة أن أذهب مع الصادق السقدي للثورة الحارة العاشرة للبحث عن منزل للايجار ولكنني بدلا من تناول الغداء مع حامد ذهبت بقدرة قادر الى ام بدة لعلي أجد بها منزل للإيجار وفي العصر حضرت الى منزل حامد فعرفت ان كل الذين تناولوا الغداء في منزل حامد اعتقلوا ، فذهبت الى منزل الصادق السقدي ومن هناك مررنا على بعض معارفه الذين يعملون في الامن للاستفسار عن المعتقلين وبعدها ذهبنا للمنزل المراد معاينته في الثورة الحارة العاشرة ثم عدنا الى سوق ام درمان ومنه ذهبت الى امبدة مرة أخرى وذهب الصادق الى العباسية وفوجئت به وقد تم اعتقاله .وعرفت مباشرة أن ابراهيم احمد عمر تم اعتقاله وسيق إلى معتقل خاص إنفرادي وفي تلك الايام كانت الأمطار تنزل مدرارا وبغزارة في الخرطوم واثناء الامطار ظل ابراهيم معلقا من رجليه في العراء ليلة كاملة وكان الجلاوزة يعذبونه عذابا شديدا وفي ظل التعذيب الشديد أسلم الروح إلى بارئها وأنه من لحظة الإعتقال حتى لحظة وفاة لم يقدم لمحاكمة ولم يعدم بل عذب حتى الموت .

    وفي عام 1978 نقلت الى نيالا وكنت مهموما بقصة تعذيب إبراهيم وإغتياله وإغتيال الإمام الشهيد وفي نيالا حدثني ابن عمتي استاذ التاريخ اسماعيل توم ابلح بان ابراهيم كان ضابط مجلس بنيالا وكان على اتصال دائم بالمعارضة في ليبيا وكان مطلع على كل كبيرة وصغيرة وكانت التعليمات التي تاتيه يطلع عليها اسماعيل توم وضابط المجلس (د) وكان يترك الاوراق مع الضابط (د).

    على اعتبار أن (د) عضو منظم في الحزب والكيان، وعندما جاءت ساعة الصفر كان ابراهيم في زيه الرسمي على راس العربات المحملة بالسلاح وبعض المحاربين المتجهين الى الخرطوم وهو ذكي وقدير وقد اكمل دوره بكل نجاح واستطاع ان يتخلص من اصعب المواقف دون ان تنكشف المهمة التي يسعى اليها . وعندما فشل الثوار وانهزموا رجع ابراهيم الى منزله وزاول حياته العادية بكل هدوء ولكن حسب قول اسماعيل ان زميله (د) خاف وسلم كل الخطابات والاوراق التي سلمها له ابراهيم للامن القومي فتم القبض على ابراهيم .

    ومن الروايات الموثوقة أنه اثناء وجود ابراهيم في نيالا حجز ابراهيم مقعدا في طائرة متجهة للخرطوم وبعد صعوده الطائرة صادف ان عدوه اللدود كان مسافرا فيها فامر أبو القاسم السلطات بانزال ابراهيم حيث ان الطائرة لا يمكن تسعهما معا .

    وفي رواية حكاها لي الحبيب الاخ الدكتور سعيد نصر الدين بانه في عام 1976 كان مع ابراهيم احمد في عنبر واحد وأنه رأى إشارة وتعليم على صدر ابراهيم لاخذه للاعدام ولكن احد كبار المايويين وقد يكون ابو القاسم محمد ابراهيم رفض ان بغادر ابراهيم الحياة بهذه السهولة ، ولهذا تم تعذيبه حتى الموت .

    إن حديث الصحفي اللامع (في الماضي) محمد حسنين هيكل بأن الامام الهادي مات مسموما بشرب عصير مانجو في شرق السودان لا تسعفه المعلومات وعلينا أن نجد له العذر، فالاستاذ اختلط عليه البقر إذ ليس ثمة عصير مانجو في قرية أونسة أو في الكرمك مثلما لا يوجد من يسمم الإمام وعلى أي حال لدورة الحياة فعلها في إضعاف الذاكرة، فالإنسان يولد في ضعف ثم يصير كبيرا ثم يعود طفلا.

    جبريل حسن احمد
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de