الخاتم عدلان نبض المنافى والوطن

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-07-2024, 05:25 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2010م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-09-2010, 02:23 PM

mohmmed said ahmed
<amohmmed said ahmed
تاريخ التسجيل: 10-25-2002
مجموع المشاركات: 8800

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الخاتم عدلان نبض المنافى والوطن

    إعداد: محمد عبد العزيز

    (أنا قروي.. من أم دكت الجعليين، من قرى المناقل، ألبس العراقي والسروال مع أهلي، وأعمل مع أبي في الحواشة، ويحلف هو أن أرجع لأن النهار راح، وأصر على الرجوع سوياً رِجلاً برجل، أدخل على أهل بيتنا في العيد، أدخل بيوت البجا التي لا يدخلها الجعليون، وأدخل بيوت الكمبو التي لا يدخلها البجا، وآكل هناك وأشرب، وأصطحب إخوتي الصغار في مسيرة تستمر عدة ساعات ليسلموا على خالاتهم وعماتهم, ويتسللوا الواحد إثر الواحد لمواعيد أكثر إغراءً يكونون قد ضربوها بليل، وأنهي الجولة وحدي، ولكن لا أترك بيتاً لا أدخله).

    شعر الخاتم عدلان وهو على مشارف قريتهم، بتجمهر غريب من أهالي المنطقة، وما أن ترجل عن البص حتى بدا الجميع مشدوهاً، والوجوم يسيطر على محياهم، لينفجر المشهد دون مقدمات، ويتفرق الحشد بصورة درامية، أثارت في نفسه الكثير.. انشغل الخاتم بلقاء والده الذي استقبله في صمت ـ على غير العادة ـ وفي المنزل قال له: (هل صحيح أنك أصبحت شيوعياً)؟!، فرد عليه: نعم. وواصل والده في أسئلته: (هل تؤمن بذلك)، رد عليه باقتضاب: نعم.. ابتسم والده لأول مرة في ذلك اللقاء وربت على كتفه، ثم احتضنه وقال: (إن كان ذلك عن إيمان فقاتل من أجل مبدئك).

    تفاجأ الخاتم بوصية والده، ولكنه حملها معه لبقية حياته وهو يواجه بطش السلطات الأمنية لحكومتين عسكريتين.

    اختار الخاتم لنفسه وبوعي مبكر عناصر محددة لبناء شخصيته، فكان التفكير المنهجي هو الأساس والثورية هي الإطار, فحشد في هذا الإطار وعلى هذا الأساس مجريات حياته الخاص منها والعام، فحتى عندما فارق الشمولية كانت الثورية تكتنف عالمه اللبرالي الجديد، أما التفكير المنهجي فهو على طول الخط وكل المراحل، فقد ظل يتمثله دوماً في كبير الأمور وفي التفاصيل، ربما كفل هذا للخاتم التصالح مع ذاته، لكن العالم خارج الذات ليس كذلك ولا يتعامل بصرامة منهجية مع أمور حياته، بل يخالطها بعناصر أخرى لا تتألف معه كيميائياً, لتعبر الحياة في خاتمة المطاف عن أوضاع عامة وليس انتقائية.

    عجمته سنوات الدراسة الجامعية كقيادي شيوعي في جامعة الخرطوم التي أطاع فيها تعليمات حزبه، فتعمد الرسوب ليقود الصراع المستعر بين حركتي الإخوان المسلمين والحزب الشيوعي في ذلك الصرح، ليعود ويحرز أفضل النتائج الدراسية متى ما استكمل فرص الرسوب التي تتيحها لوائح الجامعة في كل فصل دراسي، كان اسمه ضمن قائمة من الطلاب الذين تقرر عدم تعيينهم بالجامعة مهما كانت مؤهلاتهم. ولكن أساتذته واعترافاً بنبوغه خصصوا له منحة من قسم الفلسفة لنيل درجة الماجستير, فاعتقله جهاز الأمن من داخل نادي الأساتذة عام 1980 ولم يطلق سراحه إلا في الانتفاضة. ولم تكن تلك هي المرة الأولى التي يعتقل فيها الخاتم, فقد اعتقل من قبل ذلك ثلاث مرات، لينال بذلك (صك النضال) ضريبةً أبيةً من سنوات أودعه فيها نظام جعفر نميري السجن وهو طالب دراسة, مثلما فعل معه نظام الإنقاذ وهو خريج. وحين أطلق سراحه برع (الزملاء) في فنون الإخفاء التي يجيدونها، فأخفوه في (سطوح) منزل مجاور لمباني أمن الدولة إلى أن نجح وتسلل هارباً ليسلم نفسه إلى المنافي ثائراً ومثقفاً. حلم الخاتم داخل حزبه الشيوعي بالتغيير وأضاء بكثافة على إنائه وأوانه, بل نهض الرجل يبتدر المسير ولما استيأس، خرج عن الحزب.

    ويكشف جعفر عباس (رفيق الراحل) عن تسلمه رسالة الخاتم عام 1991 عن خروجه من الحزب الشيوعي، وجاء فيها: (استغليت فرصة الاختفاء، وتصالحت مع ضميري الفلسفي). وهنا عرف عباس أن تلك العبارة كانت شفرة مفارقة الحزب الشيوعي وأنه لم يعد مقتنعاً بالماركسية، ولذا عندما نعاه الشيوعيون، حفظوا له خروجه، وموقفه، إذ قالوا: (لم يخن، ولم يبع أسرار الحزب).

    ويرى البعض أن خروج الخاتم من الحزب جاء بعد أن فقد الحظوة التي كان يجدها في الحزب من قبل قياداته ما قبل نكبة الشيوعي، وهو ما أوغر عليه صدور زملائه فكادوا له. إلا أن ذلك يبدو تقليلاً من اجتهاد الخاتم الذي كان واضحاً جداً, وهو يعلن على رؤوس الأشهاد أن الماركسية لم تعد إطاراً مناسباً لحل مشاكل البشر عموماً والسودان على وجه الخصوص، فعقد مؤتمراً صحفياً بلندن أعلن فيه خروجه عن الحزب وعن أساسه النظري نفسه الأمر الذي لا يعني انشقاقاً، بل خروجاً كامل الدسم.

    ورغم أن خروج عدلان كان صاعقاً، إلا أن الرجل لم ينشغل بالخوض في صراعات انصرافية مع رفاق الأمس.. ويقول د. صدقي كبلو (عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعى): (انا لا أشك في قدرات الخاتم, والخاتم خرج من الحزب ولكنه لم يخرج من النضال من أجل الديمقراطية وحقوق الوطن والفرد فيه, وكان مناضلاً ضد الفكر الإسلامي اليميني الرجعي طيلة حياته حتى وفاته, وهو ناقد حاد في هذا الموضوع, ولهذا السبب فقد اصطفاه عبد الخالق محجوب, وهو ما زال طالباً بالسنة الثالثة في الجامعة, وجعله عضواً في لجنة الدراسات الإسلامية بالحزب الشيوعي السوداني)، ويمضي كبلو في حديثه ويضيف أن الخاتم كان يتمتع بإرادة صلبة, وكمثال على ذلك كان مدخناً خطيراً جداً, وقد ترك التدخين في نقاش مع صديق حياته خالد الكد بأن يترك التدخين, حيث أن الطبيب طلب من خالد أن يترك التدخين, وفي النقاش تحدى خالد الخاتم أنه لن يستطيع أن يترك التدخين, كانت في يد الخاتم سيجارة فقام بدهسها وقال له: (يا خالد أنا خليت التدخين هسع). وحتى لحظة وفاته لم يدخن مرة أخرى.. ويزيد أيضاً أن الخاتم كانت لديه قدرة فريدة على حفظ الشعر, كان يقرأ القصيدة مرتين ويحفظها, كان لديه حب عميق لشعر محمد المكي إبراهيم.

    الخاتم عدلان بعناده المعروف واعتزازه بشخصيته، وما حظي به من جراءة في طرح أفكاره وصياغتها, حلم بعد استقالته من الشيوعي بوحدة القوى الحديثة, ولكن انكسارات الماضي وسطوة الشمولية وغلواء الصفوة عطلت الفكرة.

    ثم سعى الراحل للحاق بركب التجمع الوطني بأسمرا، ولكن مكايدات السياسة حالت دون ذلك، رغم أنه كان من الموقعين الأساسيين على ميثاق التجمع بالداخل ممثلاً للحزب الشيوعي، ويرى العميد (م) عبد العزيز خالد (رئيس المجلس المركزي للتحالف الوطني), أنه لعب دوراً هاماً في التجمع الوطني الديمقراطي, عندما كان الناس في السجون وهو تحت الأرض, عندما ساهم مساهمة كبيرة مع آخرين في ما عرف بميثاق التجمع الديمقراطي, بل هناك من يقول إن الخاتم هو مهندس ميثاق أسمرا للقضايا المصيرية, لكن عندما خرج للخارج, وقدم طلب للانضمام للتجمع, تم رفض هذا الطلب. ويقر أبو خالد بأن ذلك لم يكن موقفاً صحيحاً من التجمع، ويطالب أبو خالد قوى التجمع الآن بالاعتراف بخطئها والاعتذار عنه.

    ويلفت أبو خالد إلى أن الخاتم كان مفاوضاً صبوراً, وكانت لديه المقدرة على أن يتفاوض سنة كاملة يتفق ويختلف معك ويستمر في التفاوض, ويزيد أيضاً أن الخاتم رغم تميزه بالنظرة الاستراتيجية إلا أنه كان ملك التكتيك, لذلك فإنه كان يتمتع بالقدرة على الربط بين التكتيكي والإستراتيجيي.

    ورغم كل ما مر به الخاتم إلا أنه ظل مرحاً، ولا تفارق الدعابة مجلسه، وبطريقته الفريدة في التعامل مع الناس يشعر كل شخص بأنه فريد ومميز، الأمر الذي يجعل الذين من حوله ـ لا إرادياً ـ ينجذبون له، ويتعلمون منه.

    ويقول المحامى التيجانى حسن (أحد أصدقائه): إن الخاتم عدلان تمتع بكاريزما خاصة وقدرة على القيادة واختراع الحلول بشكل مدهش وبسيط.. ويضيف: لم يكن فاجراً في خصومته..! ويعود التيجاني بذاكرته للوراء ليروي أن الخاتم كان يخاف من المطر في صباه الباكر, ويعود ذلك لوفاة والدته وهو صبي صغير جداً في يوم ممطر, ومنذ ذلك الوقت أصيب بالرعب والهلع من البرق والرعد والأمطار, الغريب في الأمر أنه تخلص من هذا الخوف وهو طفل صغير بطريقة غريبة, فعندما تهطل الأمطار كان يخرج من الغرفة ويظل واقفاً تحت الماء المنهمر من السماء, كرر هذا الأمر مرة ومرتين حتى اكتشف أن المطر غير مخيف, وهذه الواقعة كشفت بجلاء عن امتلاك الخاتم منذ وقت مبكر القدرة على الاقتحام وقهر الأشياء المخيفة.

    ويرى مقربون من الخاتم منذ دراسته بالجامعة أنه كان جنتلمان حقيقي بكل ما تحويه الكلمة, فمثلاً كان يقف عندما يصافح أحداً ما، شاداً على يد مصافحه بحرارة وترحيب، ناظراً في عينيه بود وحياء. وأثناء الحديث يصبح ذلك الفتى الريفي ذو الابتسامة الحيية جاد الملامح مصغياً بكل جوارحه لمن يحادثه, حتى ليشعرك وكأن مصير العالم كله يعتمد على هذه المحادثة.. وإذا وقف جليسه أو أحد ممن في المجلس مغادراً كان الخاتم يقف أيضاً مصافحاً بنفس الاهتمام والحرارة, حتى ولو كان قد قابل ذلك الشخص للمرة الأولى في حياته. ويضيفون أيضاً أنه كان يتمتع بنشاط متقد وقدرة هائلة على الاستفاقة مبكراً حتى ولو حظي بقسط قليل من النوم، فقد كان يصحو دائماً عند الفجر يجلس إلى كتبه قارئاً كاتباً لعدة ساعات يومياً. والأمر الأكثر إدهاشاً هو قدرته على النوم بمثل السهولة التي يستفيق بها، يضع رأسه وينام من فوره، مضجعاً أو جالساً على كرسي يغط في النوم وكأنه طفل رضيع. صفة أخرى تميز بها الخاتم، وهي عاطفته وحنوه الزائدان ويرجحون أن مرد ذلك لفقده أمه باكراً.

    وتكشف زوجته وصديقته تيسير مصطفى عن جوانب أخرى في حياته لا سيما الجانب الإنساني, حيث تكمن شخصية بسيطة ومرحة وعطوفة. وتضيف أيضاً أنه كان كثير الصبر والتفاؤل, يحب الحياة ويستمتع بالموجود والمتاح أمامه, كانت كتب الفلسفة والشعر هي الأكثر تفضيلاً عند الخاتم وعلى وجه الخصوص أشعار المتنبئ, وتعتقد أن هناك وجه شبه بين المتنبئ والخاتم في الكاريزما، كما كانت كتابته النثرية بها روح شعرية عالية خاصة في كتاباته الخاصة.

    المتنبئ لم يكن وحده مسيطراً على عوالم الخاتم عدلان، فلقد زاحمه ابن رشد، الذي تطابقت الكثير من فصول حياته مع الخاتم، بدءاً من دراسة الفلسفة، وانتهاءً بإنكار قومه له، علاوة على حيواتهم التي قضوها في إعلاء العقل المستنير, الأمر الذي جعل حياة الخاتم متنازعة بين عوالم المنفى والوطن بتجسيداتهم المعنوية والمادية. ويقول فيصل محمد صالح (الكاتب الصحفي): إن الخاتم لم يخرج فعلياً من السودان إلا في بداية التسعينيات، ولكنه قضى الكثير من عمره بين المعتقلات وبيوت الإخفاء, مما فرض عليه عزلة جعلته يعيش في منفى مكاني ومعنوي، وتضاعف الأمر أكثر بعد كفره بالفكر الماركسي, وهو ما سبق خروجه من السودان ومن ثم من الحزب الشيوعي، ليدخل في منفى جديد خارج الوطن بسبب الأوضاع السياسية في تلك الفترة.

    ويشير د. الباقر عفيفي (رئيس مركز الخاتم عدلان للاستنارة والتنمية البشرية), إلى أن الخاتم كان يُحب الحياة, يُريد أن يعيشها, وأن يوظفها, وكان الخاتم يوظف الحياة توظيفاً غريباً جداً, بين الفكر وإنتاج الفكر وبين النضال, ومن أجل تحسين الحياة للآخرين, وبين الاستمتاع بالحياة، ويضيف بنبرة حزينة: كان كثيراً ما يردد: (يا سلام الحياة حلوة) كان يقولها باللغة العربية واللغة الإنجليزية, وأيضاً في أيامه الأخيرة قال لي: (أنا بحب الحياة, وح أصارع الموت لآخر ثانية, هو يجبد وأنا أجبد, عشان أنا بحب الحياة وعندي مشاريع كتيرة عايز أخلصها).

    والخاتم عدلان وهو على فراش الموت جعل وصيته التي سعى لإيصالها للجميع ترن طويلاً في الأفق قبل أن يسلم روحه: (أشهدوا مني.. وانشروا عني، أني عشت حياتي كلها أنشر الاستنارة وأحارب الخرافة. ولو تبقى من عمري يومان أو ساعتان أو دقيقتان، وأنا قادر لنشرت فيها الاستنارة).


    نقلا عن جريدةالحقيقة
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de