|
إضراب الأطباء والثالوث: قسم أبقراط، المَطالب، وبطش النظام
|
ظل العمل النقابي في السودان، منذ نشأته الأولى، مُرتبطاً بالعمل السياسي ومَوْسوما بِجَرائِره! ومِن العبث أن يُجادل، أيّاً كان، في استقلالية النقابات والعمل النقابي عن السياسة في السودان. وطبيعة هذا الارتباط تعود لأسباب غاية في البساطة، إن لم نقل البديهيّات: فالمطلب الأوّل والأساسي، للعاملين في شتى ضروب المِهَن والأشغال العامّة والخاصّة، هو: حقّ العاملين في تكوين نقابة لهم، ولتعبّر عن مطالبهم بالأجر المُجزي والعادل، وتهيئة بيئة العمل لشروط الخدمة الإنسانية، وحقهم في التظاهر السلمي والإضراب عن العمل. فهذا المطلب/المطالب، هو، أيضا، ما تنادي به الأحزابُ السياسية، ومُنظمات العمل المدني وحقوق الإنسان في السودان؛ فهي تناضل من أجل أن تعمل بحريّة، وتكوين تنظيماتها دون حجْر. فهذه المطالب السياسية/النقابية، أو النقابية/السياسية، لا مجال لقيامها إلا في ظلّ دولة ديمقراطية تتمتّع بقوانين نابعة مِن دستور دائم، ومؤسسات الدولة الضامنة لكل ذلك. فالعمل النقابي والعمل السياسي أصبحا يتشاركان المصلحة العامة في بُناء مثل تلك الدولة الحديثة. ولكنّ التشابه، والتشارك في بعض الأساليب والوسائل، يجب أن لا يُنسينا طبيعة العمل النقابي، والنضال من أجل المطالب العاجلة/الآنية للأطباء، تلك التي يُمكن تحقيقها في ظل، أو هجير، هذا النظام. كما يجب أن نؤكد على أنّ تلك المطالب إنّما تهدف إلى مصلحة الطبيب والمريض على حدّ سواء؛ فتحسين الأجور والبَدَلات وحقّ الطبيب/ة في العلاج.. إلخ، مَقرون بشرط تحسين بيئة العمل، التي هي توفير كلّ مستلزمات المستشفيات والمراكز الصحيّة العامة، بالأدوات والمُعدّات والمعامل والأجهزة.. إلخ، والتي هي مِن صميم مطالب نقابة الأطباء ولجنة الإضراب. إنّ المُعاناة التي يتكبّدها المُداوي، حين يكون هو نفسه في حاجة إلى دواء، ويتهدّده الفقرُ والجوع، وحين تغلبه الحيلة في تقديم أيّ خدمة أو ترياق لمُعاودهِ، سوى الكلام ،لا حدّ لها.وليس من السهل وصفها لمَن لم يكتوي بها. ومِن المُؤكد أن المريض، وجزعِه وجزع أهله وذويه، أضعاف ذلك بدرجات. ومن هنا يستغل "النظامُ الفاسد" الغضب الشعبي للمرضى وأهلهم، بشُبهة تخلي المضربين عن أخلاق المهنة، وبالقسوة وعدم المبالاة والأنانية. ومما يزيد البلبلة، لهذا الوضع البائس، هي "الشفقة" التي جرّت الكثيرين للكتابة ضدّ هذا الإضراب، وبحسن نيّة أو سوءها، إلى جانب الذين يتضامنون معه برفع الشعارات السياسية غافلين عن أهدافه ـ دون النظر إلى الأسباب الموضوعية التي أجبرت الأطباء لاتخاذ مثل هذا القرار المؤسف. وهو مؤسفٌ، ليس لأنه كان من الممكن تفاديه، بل لأنه لا مناص منه، أو فيه، أو مُجير!
فبنظرة سريعة، وبدون تأمّل، إلى آخر ميزانية (مُوازنة؟!) وضعها مُهندسو صرف موارد البلاد والعباد، ومُراكمي فاتورة ديونه، يُمكن أن نرى ونفهم إلى أيّ درجة من الوضاعة والخسّة وصل لها أولئك المُتشدّقون ببرامج "إنقاذ الوطن" من وهدَته، والسيرَ به إلى رحاب التقدّم والرفاهية! فتلك "النِسب المئوية" المخصّصة للدفاع عن تراب وطننا العزيز، وأمنه، تشي لكلّ مَن يقرأها مِن أجناس بني آدم وحواء في مشارق الأرض ومغاربها، بأنّ هذا البلد/السودان يخوض حروباً كونيّة ضدّ الطامعين فيه مِن دول الجوار، والقارة الأفريقية والآسيوية، ورأس الحيّة الاستعمارية ـ أمريكا وأذنابها التابعين للإتحاد الأوروبي.. تشي لهم بكل ذلك، وتحضهم على الإسراع إلى إرسال القوافل البحرية والجوية والبرية ـ لفكّ الحصار عنّا!
كتبَ "أمجد إبراهيم":
Quote: يستعرض الاستاذ علي محمود حسنين ملامح من ميزانية العام 2010 في ندوته في لاهاي كلاتي
77% لمقابلة الأمن والدفاع والمؤسسات السياديه. 23% لبقية مواطني السودان البالغ عددهم حاليا 39 مليون مواطن
الارقام ادناها بالجنيه القديم ميزانية وزارة الصحه 122 مليار ميزانية وزارة التربية والتعليم 31 مليار ميزانية القصر الجمهورى 235 مليار جنيه. من ناحية اخرى ميزانية مشروع توطين العلاج بالداخل 4 مليار ميزانية مجمع الفقه الأسلامى 1,288 مليار و لنتأمل دعم العلاج بالمستشفيات. 18 مليار ميزانية دعم العلاج بالحوادث 19مليار ميزانية الرعاية والتنمية الأجتماعية 6 مليار ميزانية تأهيل مبانى وزارة الدفاع 121 مليار
و لنتعجب سوياً ميزانية بنك الدم 18 مليون جنيه مصلحة الملاحه النهريه 632 مليون جنيه. جملة مشروعات المياه القوميه 2,5 مليار تنمية الملاحة النهريه 8 مليار ميزانية رئاسة مجلس الوزراء 24 مليار نُذر الحرب الأهلية الشاملة في السودان تلوح في الافق ...!
|
ولو حقق المُضربون الحد الأدنى، لا الأعلى، لمطالبهم ـ سيكون من حقنا أن نطالبهم بأن يقسموا ويُردّدوا مع "أبقراط"، من جديد:
Quote: "أقسم بأبولو وأسكليبيوس وهيجيا وبانكيا وجميع الأرباب والربات وأشهدهم، بأني سوف أنفذ قدر قدرتي واجتهادي هذا القسم وهذا العهد. وأن أجـعل ذلك الذي علَّمني هذا الفن في منزلة أبويّ، وأن أعيش حياتي مشاركًا إياه، وإذا صار في حاجة إلى المال أن أعطيه نصيبًا من مالي، وأن أنظر بعين الاعتبار إلى ذريته تمامًا كنظرتي إلى إخواني وأن أعلمهم هذا الفن ـ إذا رغبوا في تعلمه ـ دون مقابل، وأتعهد أن أعطي نصيبًا من التعاليم الأخلاقية والتعليمات الشفهية وجميع أساليب التعليم الأخرى لأبنائي ولأبناء الذي علَّمني وللتلاميذ الذين قبلوا بالعهد وأخذوا على أنفسهم القسم طبقًا لقانون الطب، وليس لأي أحد آخر. ولن أعطي عقارًا مميتًا لأي إنسان إذا سألني إياه، ولن أعطي اقتراحًا بهذا الشأن. وكذلك لن أعطي لامرأة دواءً مجهضًا. وسوف أحافظ على حياتي وفني بطهارتي وتقواي. ولن أستخدم الموسى حتى مع الذين يعانون من الحصوات داخل أجسامهم. وسوف أتراجع لمصلحة الرجال المشتغلين بهذا العمل. وأيا كانت البيوت التي قد أزورها، فإنني سأدخل لنفع المريض، على أن أظل بعيدًا عن جميع أعمال الظلم المتعمَّد، وجميع الإساءات وبخاصة العلاقات الجنسية سواء مع الإناث أو مع الذكور أحرارًا كانوا أو عبيدًا. وسوف أظل حريصًا على منع نفسي عن الكلام في الأمور المخجلة، التي قد أراها أو أسمعها أثناء فترة المعالجة وحتى بعيدًا عن المعالجة فيما يتعلق بحياة الناس، والتي لايجوز لأحد أن ينشرها. فإذا ما وفيت بهذا القسم ولم أحِدْ عنه، يحق لي حينئذ أن أهنأ بالحياة وبالفن الذي شَرُفت بالاشتهار به بين جميع الناس في جميع الأوقات؛ وإذا ما خالفت القسم وأقسمت كاذبًا، فيجب أن يكون عكس هذا نصيبي و جزائي."
http://www.marefa.org/index.php/قسم_أبقراط
|
|
|
|
|
|
|