سلسلة المبدعون في بلادي -يحيى فضل الله

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-05-2024, 09:55 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2010م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-03-2010, 01:12 AM

Khalid Osman
<aKhalid Osman
تاريخ التسجيل: 04-25-2010
مجموع المشاركات: 261

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
سلسلة المبدعون في بلادي -يحيى فضل الله

    في الحلقة السابقة كتبت عن المبدع مصطفى سند، اليوم يشرفني أن اكتب عن يحيى فضل الله وهو علم من علوم ألروية السودانية ، الذين حاولوا كتابة القصه يعرفوا مدى صعوبة الابحار في مدارات الحكايه كي يشعر القاري

    أنه في دخل ألقصه، يشعر أنه في عالم أخر، لا يحتاج الأستاذ يحيى لتعريف ، لذلك أترككم مع هذا العمل القصصي الجميل ، وكعادة الأستاذ يحيى فهو يعالج مواضيع كثيرا من خلال هذا العمل



    ارتباكات التفاصيل المحرجة ـــــــــ
    يحيي فضل الله
    ــــــــــــــ
    ارتباكات التفاصيل المحرجة
    ـــــــــــــــــــــــــــ
    لا كثر من شهر لم يكن الوالد يستطيع النظر في عيني الابن.
    لاكثر من شهر لم يكن الابن يستطيع النظر في عيني الوالد .
    لاكثر من شهر كان الوالد حين يدخل البيت يخرج منه الابن.
    لاكثر من شهر كان الابن حين يدخل البيت يخرج منه الوالد.
    لاكثر من شهر كان الوالد يتحاشي الابن و الابن يتحاشي الوالد.
    لاكثر من شهر كان يحدث ما يحدث بين قسم السيد النعيم المهندس الميكانيكي بالمحلج التابع لمؤسسة جبال النوبة الزراعية وبين ابنه عطا الطالب في الصف الثاني في مدرسة كادقلي الثانوية العليا ـ تلو ـ
    لاكثرمن شهر كان كل منهما يهرب من الاخر.
    لاحظت علوية زوجة قسم السيد ووالدة عطا هذه الهروبية الواضحة وهذا التفادي المعلن الي درجة انها افتقدت نوع من ذلك الاحساس بالسعادة حين كان قسم السيد يحكي لابنه حكايات متفرقات متنوعات عن طفولته وصباه في الصعيد ،كان ذلك يحدث دائما وهما يرتشفان شاي ما بعد الغداء.
    لاحظت علوية ولاكثر من شهر ان صينية الغداء قد فشلت تماما في ان تجمع بين الوالد والابن ، وجبة الغداء هي الوجبة الوحيدة التي تجتمع فيها الاسرة وحين تساءلت ذات غداء ابنتها زلفي عن حالة كون عطا غائب دائما عن وجبة الغداء لاحظت علوية ارتباك قسم السيد وذلك حين ارتجفت يده وسقطت منه اللقمة ليتسخ جلبابه الابيض بلزوجة ملاح الورق الاخضر فكان ان هرب من المائدة و عرفت علوية ان قسم السيد قد هرب من تساؤل زلفي التي لاحظت ايضا ارتباك والدها فهمست لامها ـ يمه هو في شنو؟ ـ فردت علوية وهي تتابع هروب قسم السيد بحيرة واضحة في عينيها ـ يخربني يا بتي كان عارفا حاجه ـ
    المرة الوحيدة التي كان فيها عطا حاضرا وجبة الغداء في البيت ـ هكذا لاحظت علوية ـ حين كان والده مدعو لغداء خاج البيت .
    تاكدت علوية تماما من هنالك امر خطير بين ابنها و زوجها و ذلك حين تصادفا امام باب الحوش ، كان قسم السيد خارجا وعطا كان داخلاوبين هذا الخروج وذاك الدخول حدث ذلك التدافع الهروبي بينهما فالتحما متصادمين فتخلي باب الصفيح عن مكانه وسقط علي الارض بدوي ارتجفت له علوية التي كانت وقتهاتغسل الملابس تحت شجرة النيم الكبيرة فلاحظت ان الاب استمر مهرولا الي الخارج والابن استمرمهرولا الي الداخل و لم ينشغل اي منهما بامر الباب المنكفي علي الارض مما جعل علوية تترك مكانها امام طشت الغسيل لانها اصبحت مكشوفة امام الغاشي والماشي علي الشارع.
    بينما كان قسم السيد يحاول ان يعيد الباب الي مكانه مر به جاره سليمان الشيخ فساله ـ الرمي الباب شنو يا قسم ؟ ـ فرد عليه قسمالسيد ـ تصور ضربتو صاعقة ياود الشيخ ـ فهز سليمان رأسه متعجبا من تلك الصاعقة التي هي خارج سياق الطقس
    لم يترك قسم السيد الحال كماهو عليه بعد الذي كان قد حدث بينه وبين ابنه عطا ، حاول ان يتخلص من هذا التوتر الهروبي كان يحس بان الامر لايستحق كل الذي يحدث ، كان يفكر في مواجهة ابنه و حين مرحلة الفعل يتردد و من ثم يتراجع عن المواجهة.
    داهم مرة غرفة ابنه في الصباح و كان صباحا فيه من ملامح الشتاء بداياته ، دخل قسم السيد غرفة عطا مقررا ان يوقظه من النوم ويساوي معه الامر قبل ان تصحو علوية التي ادمنت ارهاقه بملاحظاتهاالمتسائلة و قد كلفه هذا القرار الكثيف من الارق ، وقف قسم السيد بقرب سريرعطا و لكنه تراجع فجأة عن ما كان ينوي فعله وخرج من الغرفة و لكنه حين عاد الي الغرفة محرضا قراره بسجارة الصباح وجدعطا قد هرب و حين كان خارجا للعمل صادفه عطا و هو راجع الي البيت و لكن ما ان لمحه سرعان ما تواري عطاعن انظاره بحركة مفاجئة.
    في ذلك الصباح حين داهم والده الغرفة كان عطا قد احس بدخوله و حين كان قسم السيد يقف بالقربمن سريره بذلك التردد كان عطا قد تصبب منه غزير العرق ،كان يعرف تماما انه لا يستطيع مواجهة والده بعد ذلك الذي حدث فكان ان هب عطا من سريره و فرهاربا الي الخارج.
    حكي قسم السيد لصديقه و زميله في العمل جبرئيل التوم ماحدث بينه وبين ابنه و كيف انه حاول التخلص من تلك الحالة الهروبية ، اوصاه صديقه بان يكتب مذكرة ويدسها تحت مخدة ابنه ربما حين يقرأ ابنه تلك المذكرة تكون بمثابة خطوة اولي للمواجهة و لم ينس جبرئيل التوم ان يعلق علي الحدث قائلا ـ بعدين يا قسم بصراحة كده، انت دنيء ـ .
    حاول عطا ان يؤسس لذلك الهروب فقابل مدير المدرسة كي يتم قبوله للسكن بالداخلية الا ان مدير المدرسة رفض طلبه متعللا بان اسرته تقيم في المدينة ولكن اصبح عطا ضفا مؤقتا علي منزل صديقه كودي بحي الرديف ، اصبح يقضي الليل هناك خوفا من ان يكرر والده مداهمته الصباحية ويأتي الي البيت في اوقات يتاكد فيها تماما ان والده خارج البيت.
    كانت تلك المذكرة التي كتبها قسم السيد لابنه قد اتعبته كثيرا , كتبها عدة مرات لانه كان مرتبكا و لايدري بجدوي ما يكتب فكان ان كتب و مزق كثيرا حتي استقر
    اخيرا علي صياغة اعتبرها مناسبة وفي غياب عطا وضع قسم السيد المذكرة تحت المخدة وحرص ان يظهرجانب منها حتي يراها عطا ولكنه اكتشف في اليوم التالي ان المذكرة كانت في مكانها لان عطا قد تمادي في هروبه الي درجة عدم المبيت في البيت و حمد الله ان المذكرة لم تقع علوية او زلفي ، وفي الصباح مر علي جاره سليمان الشيخ ليعطي ابنه الشيخ الذي يزامل في المدرسة الثانوية تلك المذكرة ليوصلها لابنه بعد ان سجنها داخل مظروف ابيض.
    سافرت علوية الي قرية ـ البرداب ـ شمال كادقلي لمقابلة فكي موسي كي يخلص بيتها من ذلك الارتباك في التفاصيل وتلك الجفوة بين الزوج والابن الذي خافت ان تفقده وهو متمادي في هروبه اولا من والده واخيرا من البيت ، لجأت علوية الي ذلك الحل بعد ان فشلت تماما في حل ذلك الاشكال وبل في معرفة السبب وراء الذي يحدث ، اعطاها فكي موسي بخرات و محاية وحجاب اوصاها بان يعلق علي مكان في وسط البيت و في اتجاه القبلة .
    قبل اكثرمن شهرين ونصف و في ليلة ساهرة بحي السوق ، حفل زواج ، وحين كان يغني المغني وثيردباك فريق الهلال الفنان ـ آدم علي انقاطو ـ في اغنية
    امانة عليك يا تايه الخصل
    كانت نوال تشعل دواخل عطا بنظراتها الملغزة ، كان عطا علي جانب الحائط من حيث كانت نوال تجلس علي كرسي ملتصق بذلك الحائط وحينترجع برأسها الي الوراء ـ رأسها المتفي بذنب حصان ـ و تدير وجهها ناحية اليمين وترسل نظراتها وابتساماتها نحو عطا وهكذاحتي لمح عطا اشارة خفية من نوال بعدان وقفت وهمت بالتحرك بين الكراسي و اكدت نوال اشارتها لعطا ودخلت بباب يؤدي الي اقرب بيت من حيث مكان جلوس البنات في الحفل

    تردد عطا في ان يلحق بنوال ولكنه هزم تردده ودخل وراءها ليجدها تقف امام راكوبة امام مطبخ البيت واشتبكت بينهما التفاصيل وعرف انها من بنات ـ ابو كرشوله ـ وانها طالبة تقيم بالداخلية في مدرسة كادقلي الثانوية للبنات الواقعة بين حي الرديف وحي الموظفين حيث يسكن عطاوانها جاءت الي هذا الحفل بدعوة من صديقتها التي تسكن حي السوق واشتبكت بينهما حمي التفاصيل وافترقاعلي موعد هو يوم الخميس اليوم المتاح لخروج طالبات الداخلية وبعد تكررت وتراكمت بينهما اللقاءات وتنوعت بينهما خطابات و مذكرات والكتب المتبادلة ,
    قبل اكثرمن شهر و في مساء يقترب كثيرامن تفاصيل الليل تعطر عطا بعطر واضح الرجولة و خرج ليلتقي بنوال بالقرب من دروة ضرب نار خلف مصلحة الاشغال ، هكذا كانت لقاءتهما مختلفة الاماكن حسب خروج نوال من الداخلية مع صديقة كل خميس و هذه المة لانهاخرجت مع صديقة لها تسكن حي الموظفين فكان الاتفاق علي اللقاء في هذا المكان ـ دروة ضرب نار حيث يتدرب الجيش علي النيشان ـ وكان علي نوال ان تنتظره خلف مصلحة الاشغال .
    حين اقترب عطا من حيث يجب ان تنتظره نوال في ذلك الشارع المظلم خلف مصلحة الاشغال ، لاحظ عطا ان نوال ليست وحدها ، كان هنالك شخص يتحدث معها ، احس عطا بان هنالك مشكة ، وهو يقترب سمع نوال تقول بحدة لذلك الشخص
    ـ لو سمحت انا ما بعرفك
    ـ طيب مالو ما ممكن نتعارف هسه
    رد ذلك الشخص بينما عطا قرر ان يقترب اكثر ويحسم الامر وحين اقترب اكثر قالت نوال لذلك الشخص
    ـ لو سمحت ما عايزين مشاكل اهو اخوي جاء
    وداهم عطا ذلك الشخص ليجد ان ذلك الشخص الملحاح ما هو الا قسم السيد النعيم ، والده الذي كان في طريقه الي استراحة الزراعة القريبة من موقع المشكلة حيث يجب ان ينضم الي شلة انسه لقعدة الخميس المعتادة .
    نظر قسم السيد الي نوال ونظر الي ابنه عطا قائلا باستنكار الواثق
    ـ ده اخوك ؛؛؛؟
    وخرج عطا مضطرا من هامد ارتباكه و بتحدي اجاب علي سؤال والده الواثق جدا
    ـ ايوه اخوها عندك شك ؟؟
    نظر قسم السيد الي نوال ونظر الي ابنه عطا وقذف بجملة تعلن عن هزيمة معلنة
    ـ لا ابدا ما عندي شك ، ماعندي شك مطلقا
    و ترك قسم السيد ابنه عطامع نوال واتجه نحو استراحة الزراعة .
    و هكذا لاكثر من شهركان الاب يتفادي الابن و كان الابن يتفادي الاب .
    في الظهيرة التي كانت فيها علوية تبخر البيت بعد ان علقت الحجاب علي سقف الراكوبة في ناحية اختارها لانها في اتجاه القبلة ، في تلك الظهيرة سلم الشيخ سليمان الشيخ عطا المظروف الذي بداخله المذكرة التي كتبها قم السيد الي ابنه.
    فض عطا المظروف ليجد ورقة صغيرة مكتوب عليها الاتي
    ـ ابني عطا
    انا فخور لانك حسمتني
    وبعدين انت عزال
    و بدون حرج ارجع البيت ياود يا فتك
    والدك قسم السيد ـ
    و فجر عطا ضحكة صاخبة و ممتدة .
                  

06-03-2010, 02:28 AM

Khalid Osman
<aKhalid Osman
تاريخ التسجيل: 04-25-2010
مجموع المشاركات: 261

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سلسلة المبدعون في بلادي -يحيى فضل الله (Re: Khalid Osman)

    و ملأت شادية شباكها بالابتسامات

    ـــــــــــــــــــــــــــــــ
    خرج من السوق الشعبي يحمل معه كيس الفواكه ويحمل أحلامه وأمانيه ، أستلقي علي مقعد في الحافلة المتجهة إلى السوق العربي ،عادة ما يحب الجلوس علي القرب من إحدى النوافذ، أستدعي مستغلا انسياب الحافلة المتهادية وكأنها تحرض ذاكرته نحو الدواخل ، استدعي تلك الابتسامة الممتدة حيث لا غبن ولا مواجع ، شعرها الطويل المتناثر علي عنقها بفوضي تحبب في الانطلاق ،صوتها تنصت إليه الملائكة ، محاطة بورود فستانها الزاهية كانت " شادية " تقبع هناك في عنبر عليه لافتة مضللة اكثر مما يجب - كانت اللافتة لا تحمل غير هذا الوصف عنبر حريمي - كان سريرها بقرب النافذة، استطاع الشباك أن يتيح لــ"شادية الجلوس بحيث تصبح بكل حيويتها أمام المارين عبر الشبابيك ، دائما لا تتخلي عن حالة كونها موحية لذلك ، يفضل حاتم الجلوس بقرب النوافذ ، حين كانت الحافلة قد نوعت راكبيها هناك في محطة "بانت" استطاع"حاتم" ان يمزج ، بل وتمكن ان يمزج نافذة الحافلة بنافذة "شادية "

    المصادفة وحدها هي التي اعتقلت كل كيان "حاتم" أمام ذلك الشباك ، جاء "حاتم" في زيارة لإحدى الزميلات في الجامعة ضمن وفد ، بل لا يعرف حتى هذه الزميلة المريضة، غير مهتم بالمسألة إلا أن الملل وحده هو الذي حشره داخل هذا الوفد ،دخل إلى العنبر محايدا ، صافح كما فعل الآخرون ست مريضات في ذلك العنبر- دون أن يحتفظ بأي ملمح منهن ، خرج مسرعا الي الخارج ، اتكأ علي درايزين البرندة ساهما ، صادق فيه الملل تلك الرهبة وذلك الخوف من المرض ، حين فكر في الهروب من هذا العالم متخلصا من انتظاره للزملاء حتى يفرغوا من ممارسة الثرثرة و المجاملة ،هم بالتحرك ، قبل أن يتجاوز العنبر اعترضت طريقه تلك النافذة ، بانتباه عادي نظر في اتجاه النافذة ، كانت "شادية" وقتها تبحث عن نسمة "عليلة" ، في أثناء تلك النظرة ذات الانتباه العادي نظرت إليه "شادية" وأضافت إلى وجهها ابتسامة ملأت المكان كله بعد أن اكتفي بها أولا ذلك الوجه الذي يعلن عن العافية ولا يتفق مع المرض ، بعدها سري في " حاتم " شئ يفوق الكهرباء ، أحس بحركة الشرايين و الأوردة والشعيرات الدموية الدقيقة ، أحس بالامتلاء و العذوبة، عرف لماذا دائما ما تحال مسائل العشق إلى القلب ، خفق منه القلب و ازدادت ضرباته، رغم ذلك استمر متجاوزا العنبر لينزوي في الركن الأخر منه وكأنه يخفي ما ألم به ،تمالك نفسه قليلا ، رجع متفاديا النظر إلى الشبابيك ،اتكأ علي الدرابزين، كانت "شادية" تملا الشباك بوهجها ، نظر إليها خلسة ، وجدها تنظر في اتجاهه ، نظر مرة أخرى، لامسته نظرتها، نسي "حاتم" الزملاء و الزميلة المريضة ،اختفي ذلك الحياد، هرب من داخله الملل ، نظر أليها استطاع هذه المرة أن يلاحظ أن شعرها طويل ،بتحريض شجاع من عاطفته التي انجذبت تجاه ذلك الشباك، توكل "حاتم" علي الله وعلي ما تبقي من تماسك ، قرر أن يشبع نظرته من وجهها
    نظر أليها بحيث لاحظت "شادية" انه تعمد ذلك ،لذلك واجهت "شادية" ذلك الترتيب بتلك الابتسامة لتمتلك فوضي المشاعر كل كيان "حاتم" الذي ارتعش وسري في دواخله
    ما لا يوصف من انفعال ، تحرك كهارب مدرب إلى ذلك الركن من العنبر ،حاول أن يعيد تماسكه حاول الرجوع إلى ذلك الشباك ، كان وفد الزملاء يبحث عنه فصادفهم في رجعته وخرج معهم بدون اختيار كما دخل معهم ذلك العنبر بدون اختيار ، لم يسعف "حاتم" الحياد تجاه الوفد ، اخفي تلك الرغبة باعتذار محكم :" عن أذنكم يا اخوانا أنا ماشي لي مشوار " لم ينتظر الأذن منهم أنطلق مسرعا نحو الاتجاه المضاد للمسشتفي محاولا أن يخفي تلك العودة المريبة .
    حين حاول الدخول مرة أخري وجد أن زمن الزيارة قد أنتهي ، حاول وبجهد خارق أن يقنع خفير الباب دون جدوي ، حاول أن يدخل عبر باب أخر ولكن تساوي عنده الخفر ، اخترق "حاتم" بنار رغبته أصبحت عودته الي ذلك الشباك من ضمن الأحلام ورجع الي خفير الباب الرئيسي الذي زمجر فيه ورفض دخوله بعنجهية ملاحظة هرب من امامها "حاتم" حاملا معه حلمه وقراره الجاد جدا بالعودة في الزيارة القادمة .
    لاحظت "بتول" ممرضة العنبر وزميلتها "سوسن" وقفة "حاتم" المريبة أمام العنبر ،تهامستا ، تمادت بهما الإثارة حتى تفرغتا تماما الي مراقبته دون أن يحس هو بذلك ، بل أن " سوسن " خرجت ووقفت بجانبه علي الداربزين مدة ليست بقصيرة فاكتشفت أن مجهود مراقبته مهدر حتي ولو لاصقت كتفها بكتفه ، ورجعت الي "بتول" تسبقها ضحكة مكتومة وقالت: " لا يا اختي ده كان خلعتي ما اظنو يتخلع غاطس في البطاطس" .
    ضحكت "بتول" ضحكة صاخبة لتصمت ناظرة الي "شادية" التي كانت تلون ابتسامتها وقالت بأسي "مسكين البنيه جهجهتو "

    وصل حاتم في اليوم الثاني قبل موعد الزيارة بمدة ليست بقصيرة ، انتظر أمام الباب حاول أن يتقرب إلى الغفير مستغلا انتظاره فتح الباب للزيارة .
    " أنت يا حاج من البلد دي ؟ "
    "لا أنا من فرنسا "
    "لا كان قصدي يعني "
    "قصدك شنو يعني؟ أما سؤال غريب"
    "أنت زعلان يا حاج ؟"
    "و البفرحني شنو ؟"
    "معليش "
    معليش دي شنو يا زول هوي ،زح من هنا ، ما تتعبني معاك ساكت ،الدخول وقت الزيارة بس "
    وانتظر فتح الباب للزيارة ليجد ذلك الشباك مفتوحا ، دخل "حاتم" العنبر سلم علي كل المريضات ، اقترب من سرير "شادية" ، ارتبك اكثر حين التقت كف "شادية" بكفه فتلعثم بحروف مختلطة :"كفارة ،أنتي هسه كويسة ؟"
    * " الحمد لله شكر جزيلا "
    ضاعت انفعالات "حاتم" حين سمع صوتها ، امتد ذلك الصوت في دواخله فقد القدرة علي التعبير ، خرج سريعا من العنبر ، اتكأ علي الدرابزين ، "شادية" أصلحت من وضعها علي الشباك و أمطرته بوابل من الابتسامات وبعض الإشارات الخفية والتي لا يلتقطها إلا العاشق ، وفي غمرة غيبوبته عن العالم وفي غياب ملاحظته كانت "بتول" و "سوسن" تستمتعان بمراقبة تجليات عشقه دون الحاجة إلى عناصر الخفاء ، كان"حاتم" يحس بالدنيا في هذه اللحظة ، كان شباك "شادية" في عنبر
    الحريم بمثابة كون من الانفعالات الحميمة و الدافئة و المتدفقة غامرة مكان اللحظة وزمانها لجذب الأماني وضجة العواطف وعذوبة الأحلام ، المسافة من حيث يقف
    "حاتم" وحتى شباك"شادية" لا تتعدي الأمتار ولكنها مسافة تزيد علي الألف بل ملايين الفراسخ بقياس الرغبة في ميزان العشق .
    تواصل " شادية " برنامج الابتسامات وتجتهد في إيصال تلك اللغة السرية ، تلك الدلالات والعلائق الخفية إلى حيث ترتبك في دواخل "حاتم" العواطف وتشتبك ، يضج العنبر بالزوار ، مراقبة "بتول" و "سوسن" للموقف مستمرة بهمساتهما وضحكاتهما ، جاء أهل" شادية" زائرين والتفتت إلى الجانب الأخر بعد أن أشارت إليه بكفها مودعة ،لم يتحرك "حاتم" من مكانه إلا بعد أن ملأت" شادية" الشباك بوجهها المتعافي وبابتسامة يبدو أنها الأخيرة هنا تشجع :"حاتم" وأشار إليها بيده مودعاً وخرج من المستشفي مقررا عودته غدا ، مفكرا في كيفية إلغاء تلك المسافة بينه وبين شباك" شادية " كان يرتب في ذهنه الكلمات التي يجب أن يقولها غدا ، الإشارات التي يمكن أن يستخدمها معلنا عن انتمائه لتلك الابتسامات ، كان يسترجع صوتها ويحلم بالاستماع إليه في محادثة طويلة مشغولا بالبحث عن خطوات اعمق نحو عالم " شادية " نحو شباكها المفتوح تجاه المتعة.
    إمعانا في الفضول ، استطاعت كل من "بتول" و"سوسن" أن تلغي كل واحدة منهن وعلي طريقتها الخاصة ذلك الغياب الذي يحكمه برنامج الوردية ، تعدل الوردية حتى يتسنى لهما التمتع بمراقبة ذلك العاشق المسكين .
    * "اهو داك جاء - مواعيدو مضبوطة خالص ، قالت "سوسن" وهي تنظر إلى ساعتها ، " بتول " اقتربت منها وتبرعت بملاحظتها الدقيقة :عليك النبي شوفي لو ما خجلان كان جا جاري جري " ، لكزت "سوسن" "بتول" لتأخذ موقعها في برنامج المراقبة .

    دخل "حاتم" العنبر سلم علي كل المريضات ،اقترب من سرير "شادية" ،مد إليها يداً مرتجفة تعبر عن ارتجاف عواطفه ، مدت "شادية" يدها ، اهتزت كفه داخل كفها، اختلجت دواخله قال بصوت مهتز : " كيف الليلة ، أنتي كويسة ؟ "
    * " الحمد لله - شكرا ليك "
    لاذ "حاتم " بمكانه المألوف مخفيا ارتباكه ، ملأت "شادية" الشباك بكل ذلك الوهج والتألق ، أضافت إلى هذا السيناريو حركة جعلت شعرها الطويل ينزل علي صدرها ،لم يلاحظ "حاتم" أنها وضعت علي آذنيها أقراط تلمع ،يتحسس ابتسامتها بعيونه و يعبث بدواخله الوجد…" ، بتول" في محاولة كسر رتابة تلك المراقبة ، اقتربت منه وترنمت متعمدة بحيث يجب أن يسمعها :
    " حبيبي آه
    وقلبي تاه في يوم الزيارة "
    عادت " بتول " داخل العنبر تحمل يأسها من عدم عثورها على إضافة جديدة لهذا العشق الصامت ، أعلنت عن ذلك قائلة " يا ختي هوي ، ده اظنو ما بتحرك اكتر من كده " .
    انتهت الزيارة الثالثة وخرج " حاتم " من المستشفى منتشياً ، لم يتقدم خطوة تجاه ذلك العالم الساحر وكان فرحا بانتمائه الحميم إلي ذلك الشباك ، إلي تلك الابتسامة التي قتلت ذلك الملل ، يحس بجدوى المستقبل حين يفكر في التوغل ويعيد ترتيب هذا التوغل نحو " شادية " في ذهنه مرات ومرات .
    نزل " حاتم " من الحافلة ، كيس الفواكه في يده اليمنى ،اتجه نحو المستشفى ، خطوات متلهفة ، ذهنه يعيد ترتيب مشروع توغله ، يتحسس قراره خوفاً من التنازل عنه ،استطاع أن يحصل على تلك النقود التي اشترى بها كيس الفواكه كمغامر جديد في عالم الديون ، كيس الفواكه خطوة أولى نحو التوغل ، وصل الى العنبر

    اعلنت ,, بتول ,,عن مجيئه ، جهاز المراقبة بدأ استعداده ، دخل " حاتم " العنبر سلم على كل المريضات ، اقترب من سرير شادية ، وضع كيس الفواكه على المنضدة ، هنا لكزت
    " سوسن " " بتول " لم تنتظر " شادية " أن يمد " حاتم " يده مصافحاً ، مدت يدها أولا قائلة " شكراً جزيلاً " ، ضجت دواخل " حاتم " بالارتباك ،أخذ كفها في كفه ، قشعريرة من الوجد والتلاقي .
    " أنتي الليلة كويسه ؟ "
    " الحمد لله - شكرا ليك "
    لم يحتمل حاتم اقترابه من كل ذلك الوهج الأنثوي الشفاف ،لاذ بمكانه المعتاد على الدرابزين ، سوسن " امتعضت من هروبه،" بتول" صفقت بيديها دهشة ، ملأت " شادية " شباكها بالابتسامات بينما وقف " حاتم " مندمج العواطف تجاه شباك الأحلام والعواطف المتأججة وتوالت الابتسامات والإشارات الخفية وجهاز المراقبة يبحث عن تطور جديد للموقف وأخيراً قرر " حاتم " وبشجاعة تحسسها كثيراً ، قرر أن يتوغل أكثر ومن على البعد ، من تلك المسافة ذات الفراسخ العاطفية ، أشار " حاتم " بيده إلي " شادية " وقال بصوت متأجج ومتردد : " تعالي "
    " انتفضت " بتول " وكتمت " سوسن " ضحكتها ، كانت شادية " تنظر إلي تلك الإشارة وقد تخلت عن ابتسامتها ، كرر " حاتم " الإشارة واقترب من الثقة في صوته " تعالي " ، بدأ وجه " شادية " يتخلى عن ألقه ، " بتول " و " سوسن " ترقبان الموقف بقرني استشعار لا
    يخطئان أبداً ، إشارة " حاتم " تكررت للمرة الثالثة بينما كان صوته هذه المرة قوياً " تعالي " .
    " فجأة أشاحت " شادية " بوجهها الذي فقد التوهج وبكت بصوت مسموع ، بكت " شادية " بصوت يحمل كل العذاب ، ارتبك " حاتم " ، فقد القدرة تماماً على التصرف ، كانت " شادية " تبكي بعمق ، " بتول " و " سوسن " اقتربتا منها مما زاد بكائها أكثر ، حاتم تمثال مجمد في مكانه ، ملأ بكاء " شادية " المكان كله ليعلن " حاتم " بجموده عن حيرته ، خرجت " بتول " من العنبر حزينة ، كانت تخاف أن ينتهي أمر هذه العلاقة بهذا الشكل المحزن ، اقتربت من " حاتم " الذي ظل ساهما مرتبكا ، وقفت " بتول " أمام " حاتم " الذي عاد من أسئلة حيرته العميقة .
    " يا شاب البت دي مشلولة "
    كأنه سقط من علو شاهق واصبح معلقا بين السماء والأرض ، ارتجفت أطرافه بينما تحول بكاء " شادية " إلي صراخ هستيري ، نظر حاتم إلى شباك العواطف والأحلام بأسى عميق ، صراخ " شادية " الهستيري اعتدى على توهج الشباك .
    حين حاول : " حاتم " أن يقترب من الشباك بما تبقى له من أسى أقفلت شادية الشباك في وجهه بصرخة عالية وممتدة "

    (عدل بواسطة Khalid Osman on 06-03-2010, 03:21 AM)

                  

06-03-2010, 03:23 AM

Khalid Osman
<aKhalid Osman
تاريخ التسجيل: 04-25-2010
مجموع المشاركات: 261

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سلسلة المبدعون في بلادي -يحيى فضل الله (Re: Khalid Osman)

    عميري يضمد في اخر الصيد جرح الغزال
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
    اكون كضاب
    لو اترددت
    شان استقبلك جواي
    و لو قاومت حد السيف
    بريقو يلخبط الهداي
    صحيح قبلك
    شراع الدهشة ما صفق
    و لا كان العرق وداي
    دي حتي الاغنيات قبلك
    حروف ابياتا كانت ساي
    عبد العزيز عبد الرحمن العميري ـ ذلك العصفور المسمي مجازا العميري ـ كما قال الشاعر ازهري الحاج ، طاقة فنية متعددة الجوانب ،قلق دائم يبحث عن جناحين يحلق بهما في سماء الحرية بين شفافية الروح و حصار الراهن اليومي ، ممثل متمرد علي الثوابت ، علي الاكلشيهات ، شاعر صاحب ذائقة خاصة ، ضجة من الصور الشعرية ، ضجة تعرف كيف تتقمص الدور
    في نواصي الليل نشدتك
    اقصي حته من السكون
    الاحد الخامس و العشرون من يونيو العام التاسع و الثمانين من القرن المنصرم ، الاحد الذي سبق موته ، كان العميري يتجول داخل الاستديو ، استديو التلفزيون ، ليسجل اول حلقة في برنامج جديد و كان قد نجح يومها ان يسجن ثنائي النغم داخل الاستديو بعد غيبة غنائية طويلة ، تري كيف خطرت ببالك تلك الفكرة ايها المشاكس ؟ ، فكرة ان تجمع الثنائيات الغنائية ، تعطل التسجيل و تم تأجيله الي الاحد القادم ـ لكن ـ
    كان العميري قد ذهب الي حيث لا رجعة مودعا صناعة الافكار الجميلة
    في مايو من العام الثالث و التسعين ، امام شجرة اللبخ التي تجمل مدخل المسرح القومي سلطنا كاميرا التلفزيون علي خضرتها الداكنة من اعلي و تحركت الكاميرا الي شجرة لبخ اخري كانت قد تعرت من خضرتها و اعلنت يباسها فبدت عجفاء لا توحي بغير الموت ، عندها بدأت حديثي عن العميري في برنامجي المخصص لذكراه ، تحدثت نادية احمد بابكر ، حسبو محمد عبد الله ، خالد جاه الرسول صاحب بوفيه المسرح القومي هرب من الكاميرا من حزنه العميق تجاه هذا الفقد ، اوقفنا عدد من المارة في شارع النيل ، سألناهم عن عميري
    كنت احلم بتقديم سهرة تلفزيونية عن العميري ، كنت احلم
    داخل استديو اسماعيل الازهري بالاذاعة او استديو ـ الف ـ ، دارت اشرطة التسجيل داخل المكنات ، التقطنا مسامع درامية فيها ذلك الصوت العميق ، التقطت الكاميرا دوران الاشرطة ، ومن داخل الاستديو كان خطاب حسن احمد يحاول ان يحرض ذاكرته و بحزن خاص ، محمد عبد الرحيم قرني يتحدث عن العميري و متأكد ، متأكد تماما من وجوده الحي الخواطر الجميلة ، في الغناء العذب ، في بحث عن نكتة ،في اشهار الامكانيات الجمالية ضد القبح و اعلن قرني اعجابه الشديد بروح العميري الساخرة و المتأملة ، محمد السني دفع الله يتحدث عن ـ شريط كراب الاخير ـ تلك المسرحية التي تخرج بها العميري في المعهد العالي للموسيقي و المسرح من تاليف الكاتب العالمي صموئيل بيكيت ، هكذا دائما العميري يميل الي حيث التضاد ، لم ينس السني ان يتحدث و بعذوبة عن عشق العميري للمدن ، مصطفي احمد الخليفة اقتحم الاستديو و نثر تلقائيته المميزة علي الجميع ، كانت محطة التلفزيون الاهلية قد اعلنت عن ملامح كوميديا جديدة فجرها ذلك الجيل ، من داخل الاستديو كان معتصم فضل يتحدث عن العميري ، خارج الاستديو صلاح الدين الفاضل يتداعي الي درجة البكاء امام الكاميرا ، تذكرت ان محمد نعيم سعد لم يحضر و ان الرشيد احمد عيسي متوقع حضوره ، حرضت الكاميرا علي النيل ، قذفنا علي موج النيل بعض الحجارة بحثا عن تلك الدوائر المائية التي تكثف معني الزمن
    في استديو التلفزيون تحدث فاروق سليمان عن العميري ، تحدث عصام الصائغ ، في ابروف كانت اميرة عبد الرحمن العميري ـ شقيقته ـ تعجز امام الكاميرا ، تعجز عن ان تحكي من نكات عميري ، في الحتانه ابو عركي البخيت تتجاذبه الذكريات و عفاف الصادق لا تستطيع الحديث عن عميري ، و نحن نتاكد من التسجيل داخل الاستديو ، احسست بفقد حقيقي حين غني عركي هذا المطلع من اشعار عميري
    فصلي التيبان مرايل
    لي طفل قاسي العيون
    و ابقي قدر الدمعة دي
    و نوحي في الجنب الحنون
    حين كان معي شكرالله خلف الله داخل مكتبة التلفزيون نحاول ان نجمع ارقام الشرائط التي تحوي روح العميري داخلها كان هنالك همس حول هذه السهرة ، تحول الهمس الي وسواس و اتفق علي مشاهدة مواد هذه السهرة و يبدو ان الاتفاق كان سريا للغاية و حين بدأنا نجهز للمونتاج فقدنا بعض الاشرطة التي كنا قد اودعناها المكتبة ، في بحثي عن الحقيقة تلك التي دائما تكون في التلفزيون بين القيل و القال عرفت ان شخصية مهمة في التلفزيون قد اخذ هذه الاشرطة و انكر ذلك ، هكذا اخطبوط من العراقيل ، متاريس للقبح ، كنت اتحدث في هذه السهرة المعتدي عليها عن ان العميري هو تلك الحيوية ، حيوية الروح ، انه ذلك الشفاف ، وجود في الذاكرة ، حضور في الوجدان و في ختام السهرة قرأت هذا المقطع من شعر العميري
    اديني سمعك في الاخير
    انا عمري ما فاضل كتير
    شالوهو مني الامنيات
    الضايعة في الوهم الكبير
    و الدنيا ما تمت هناء
    لسه فاضل
    ناس تعاشر
    وناس تضوق طعم الهناء
    بكرة اجمل من ظروفنا
    و لسه جايات المني
    كنت اتحدث عن هذا التفاؤل المعترف بالموت ، تفاؤل يصر علي ان الحياة لا تتوقف كما ان الموت لايتوقف ، سمعت بعد ذلك ان السبب الاساسي في اعدام هذه السهرة هو هذه الجملة الشعرية
    بكرة اجمل من ظروفنا
    العميري يعرف كيف تكون السخرية عميقة ، يبحث دائما عن الضحكة و حين لا يجدها يتعب و لكنه لايعدم حيلة في ان يخترعها ، يعرف كيف يمارس الحياة ، ممارسة الحياة تحتاج الي بصيرة نافذة تعرف كيف تنسجم مع التناقضات ، كتلة من النشاط و الحيوية ، لايعرف فراغ الذهن ، يملأ كل الاماكن بظله المتمرد دوما علي الاصل ، قلق جدا و لكن رغم ذلك يدمن التأمل ، كنا نناقش مفهوم الحبيبة في الشعر الغنائي ، الحبيبة التي تداخلت في النسيج اليومي للحياة و حين نقول ـ اليومي ـ سرعان ما يفكر اولئك المتشاعرون و النقاد اصحاب الذائقة المرتبكة و اللغة المطلسمة انه حين يكون اليومي حاضرا في نسق القصيدة يكون الشعر غائب و تكون الشاعرية ضعيفة و لكن العميري وحده الذي يستطيع ان يرد علي ذلك
    ليكي مليون حق تخافي
    ما جبت ليكي شبط هدية
    و انا طول الدنيا حافي
    من الابيض ـ حي القبة ـ حيث ولد العميري بعث لي شقيقه احمد العميري رسالة تضج بحزن التساؤلات
    ـ لقد ذهب و لكن من للصغار الذين يطيرو كالنحل فوق التلال؟
    من للعذاري اللواتي جعلن القلوب قوارير عطر تحفظ رائحة البرتقال ؟
    من يسقي الخيل عندما يجف في رئتيها الصهيل ؟
    من يضمد في اخر الصيد جرح الغزال ؟؟؟؟؟؟؟؟؟
    كلما احتفل الزبديون بتراكم عام في نسيج هذا الخراب
    ساتذكر ان عميري وثق برحيله المتزامن جدامع انتهاكهم ، وثق العميري برحيله ذلك التضاد الجميل مع اخطبوط القبح و الظلام
    ارتعشت مني الاطراف و انا اتسامر مع عوالم خليل فرح في ديوانه المحقق من قبل الراحل المقيم و الوناس العذب علي المك و ذلك لاني اكتشف ان خليل فرح قد رحل عن هذا الدني في يوم ثلاثين يونيو من العام الثاني و الثلاثين من القرن المنصرم ، هل تراني اصطاد المصادفات كي اؤكد تشاؤمي بهذا اليوم ؟؟؟؟؟؟
    ان الحزن علي العميري ، حزن يرفض الخصوصية ، انه حزن عام ، حزن رمزي جدا ، ان نحزن بفرح و نفرح بحزن هي خاصية يملكها العميري كما يملك الطفل لعبته و
    ده كلو من السواحل ديك
    و من ظلم المعدية
    انا البعت الفرح لليل
    و غشوني المراكبية
    عميري يضمد في اخر الصيد جرح الغزال
                  

06-04-2010, 00:09 AM

Khalid Osman
<aKhalid Osman
تاريخ التسجيل: 04-25-2010
مجموع المشاركات: 261

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سلسلة المبدعون في بلادي -يحيى فضل الله (Re: Khalid Osman)


    ـــــ
    تداخلات
    ــــــــ
    يحيي فضل الله
    ـــــــــــــــــــ
    في عينيه ركضت هواجس ، معالم لا تحد ، خربشات عميقة بين الذاكرة والرؤية ، حدق في كل الناس ، التف بهم ، تداخل مع نبضاتهم ، امتص معهم لحظات الانتظار ، اختنق مثلهم بضوضاء المحطة و لم يقل شيئا لمن داس علي اصابع رجليه بنعلين ثقيلين ، كان واقعيا ، ليس هناك مفر من ان تكون رجلاه جزء لايتجزء من ارضية ممر الدرجة الثانية الممتازة ، حاول ان يجلس انها الممتازة ، عدل عن الفكرة لان تكوينه الجسماني لا يسمح له بالجلوس ، حاول ان يمتص انفعالاته بان يقرأ شيئا من الشعر ، رن جرس المحطة .
    ـ انت يا خي القطر ده حقك ـ
    ـ ما قلنا مافي طريقة ، الله ـ
    ـ الطريقة بعرفا براي ، بس انت اتحرك من الباب ـ
    ـ والله ما في طريقة ، شوف العربية التانية ـ
    ـ ما في زمن ، انت ما سامع الجرس ؟ ـ
    ـ ....................... ـ
    ـ احسن تتحرك من الباب بالحسنة ـ
    ـ ......................... ـ
    ـ خلي عندك دم في وشك ـ
    ـ يعني داير تعمل شنو ؟ ـ
    اختلطت الاجساد علي الباب ، غابت الاسلحة البيضاء ودخلت السن في اللحم ، عراك في مساحة ضيقة ، تدخل المطيباتية وانتصر القادم الجديد بينما الآخر يصدر انينا ويصرخ ـ راجل كبير تعضي بي سنونك ـ
    رن الجرس للمرة الثانية .
    ـ ـ ـ ـ
    الدرجة الثانية
    ...............
    العرق علي كل جبين ، صرخات الباعة ، ضجيج المزدحمين داخل العربة ، اقدام تبحث عن موضع بين العفش المتناثر في كل مكان.
    ـ يا اخوانا الناس القاعدين في الشباك ما يرحمونا شوية ـ
    ـ هبوبك يا الله ـ
    والكل في انتظار نسمة تهب عند تحرك القطار .
    سقطت شنطة حديدية ثقيلة علي عجوز كانت تقف بقرب احد المقاعد آملة في فعل المروءة ، صرخت وانفجرت ثائرة ـ الله يلعن سفر الزمن ده ويلعن ناس الزمن ده ، ناس ما فيها رحمة ، لا يعاينو لي صغير ولا لي كبير ، غير الكترة ما عندهم شئ ، ناس مسافرة ، ناس راجعه ، ناس مسافرة ـ و تنفست الصعداء وقالت ـ الله يهون القواسي ـ
    ـ معليش يا حبوبه ـ
    قالها شاب كان يجلس وعلي فخذيه جهاز تسجيل ، تحسست هي أثار سقوط الشنطة علي يدها و انفعلت ـ احسن تمسك شنطتك عليك وتمسك لسانك كمان ، عندك نفس تقول لي حبوبه والله مساخر ، ما تعاين لي والله اقوم عليك الا اخليك تتململ فوق جمرا حي ، عليكم الله شوفوا محن الزمن ده ـ
    آثر الشاب السلامة بعد ان رأي في عينيها عنفا يرغب ان يضع لنفسه موضعا .
    ـ ما تتكلم تاني ، افتح خشمك تاني عشان احشي ليك تراب ، يا خايب الرجال يا ما مربي ـ
    التفت الشاب الي الناحية الاخري و تحدث الي جاره .
    ــ ــ ــ ــ
    رن الجرس للمرة الثانية
    انها السابعة ، لاشئ سوي الضجةالمختلطة بالسكون المميت ، السابعة مساء ، كانت هذه اللحظة حتي البارحة القريبة مليئة بالعبق ، لحظة لها انسيابها دون ادني متاعب سوي ذلك العبء الحميم الذي يتسرب بين الانفاس المخترقة لاضواء النيون الخافتة ،حركة الكافتيريا تنبض بالحياة ، يكون هو قد فرغ من احتساء الشاي بتمهل مفتعل رغبة منه في سجن الزمن داخل نشوته و داخل تلك التفاصيل التي تعامل بها ـ رحاب ـ اناملها ، لابد ان الانامل لهاالقدرة علي الحديث ، بل حتي علي الصراخ من خلال اللون الذي طليت به الاظافر
    ـ ،، ايديك ما محتاجة لي منكير
    ايديك محتاجة لي ايديا ،،
    ـ ,, انت ليه مصر علي القصيدة دي بالذات ؟ ،،
    ـ ,, بس اللون الاحمر ، اسمعي البيت ده بس ، بس ، لاحظي بس دي اعتراضية كيف ، بس اللون الاحمر ، لون حارتنا وكل بيوتا ،،
    ـ ,, انا افتكر ده اعتراض علي الزينة عند المرأة ،،
    ـ ,, لا ، ده اصرار علي الزينة ، لكن ياتو زينة ، اسمحي لي اسميهاالزينة التلقائية مش الارتفشيل ،،
    ـ ,, يعني هسه انت معترض علي المنكير العاملة انا ؟ ,,
    ـ ,, معترض شنو ؟ انا منحاز لي اللون ده بالذات ,,
    ـ ,, انا بفتكر انو صارخ ,,
    ـ ,, ميزتو انو صارخ ، درجات البنفسجي كلها جميلة ,,
    ـ ,, هيي ، الساعة سبعة و ربع ، انا ماشة الداخلية ,,
    ـ ماشة تنومي يعني ؟ ، ما نقعد شوية ,,
    ـ انت ناسي ولاشنو ؟ ، مفروض احضر لي سمنار بكره و ما عملت حاجة غير جمع المعلومات ,,
    ـ ,, لا ،كده معليش ,,
    ـ ,, عندك حق الفول ,,
    ـ ,, لا ، ماخلاص حاتعشي في الداخلية ,,
    ـ ,, خلاص ، هاك اشتري سيجاير ,,
    ـ,, ياخوانا ، التوليت ما بختوا فيهو عفش ,,
    ارتدت خيالاته ، اختناق ، عدل وضع رجليه ، اليسري تنملت ، احس بانه مجبر علي سفر لم يحن اوانه بعد ، يرغب في التدخين ، تحسس السيجارة التي قبعت داخل جيبه ، تلفت حوله ، لكز احدهم في رجله ، نظر الاخر اليه من فوق ،
    ـ,, سفه ، ممكن سفه ؟ ,,
    ـ ,, ابدا ما بستعمل يا ظريف ,,
    ...........
    دوت صفارة القطار
    صليل الحديد حين يحتك بالحديد ، الحركة لها فعلها في الناس فالارتياح دب في النفوس ، بدأ اهتزاز القطار يتزايد بينما اختلطت اصوات الناس و افكارهم بايقاع منسجم مع سيمفونية المعادن الناتجة من حركة القطار ، التقت عينان لاحت فيهما معالم مدينة يتناثر فيها الخلق من احياء يصطخبون واموات يمشون عليها من زمن يأتي و لا يأتي ، مدينة تغلغلت فيها مدارات الانتباه المزمن وارتحالات القلق المميت و جرثومة النزلات المعوية ،التقت هذه العينان بعينين جنح فيهما الهدوء و لونت الرغبة فيهما الدفءوالخصوبة ، اصلحت هي ثوبها ، لاحظ هو تنفسها حين نظر الي صدرها الناهد ، ابتسم ، شكل عينيه بحديث مذاب ، حرك فمه بحركة تقول بدون صوت ـ ،، نازلين وين يا سكره ،،
    احس بكف ثقيلة علي كتفه ، رجل ناهز العقد الرابع ، نظر اليه بخبث و قال ـ ،، ذوقك جميل ،، ـ ، دهش ،ماتت علي لسانه الكلمات ، احس بالخوف ـ ،، الحلوين نازلين كوستي ،، ـ ، ضحك الرجل امتد الحديث بينها ، كان الرجل ثرثارا لايخلو من ظرافة و طرافة ، حكي عن مغامراته ، دون كيشوت في عقلية دون جوان ، اخرج الرجل من جيبه مجموعة من الصور لفتيات اينع الحسن فيهن واختلف و كانت هناك صورة عليها ختم لشفائف حمراء .
    ............
    تك .. تك .. تك
    ضربات حادة و متقطعة
    ـ ،، التذاكر يا جماعة ،، ـ
    تململ الركاب ، حاول بعضهم الهروب فنجح و فشل البعض فتكاثرت علي جيب الكمساري النقود و قلت علي ايدي الركاب الايصالات الصفراء ـ ايصالات الغرامة ـ
    ـ ،، انتي يا حاجه تذكرتك ،، ـ
    ـ ،، تذكرة شنو ؟ ،، ـ
    ـ ،، الله يا حاجه ، انتـي مش راكبه في القطر ده ؟ ،،
    ـ ،، آجي يا اخواتي ، هسه انت شايفني قاعده في مقعد ؟،، ـ
    ـ ،، في مقعد ، في الواطه ، طايره ،ياحاجه المهم تذكرتك ، تذكرتك ،، ـ
    ـ ،، هـي ، كدي ،، ـ
    ـ، ماشه وين حاجه ؟ ،،
    ـ،، ودعشانا ،، ـ
    ـ ،، طيب ودعشانا ، تدفعي حكاية ...... ،، ـ
    ـ ،، لا بتدفع و ما عندي ،، ـ
    ـ ،، ده كلام شنو يا حاجه ؟،، ـ
    ـ ،، ياهو كلامي و ما بزح من هنا شبر ،، ـ
    صمت الكمساري هنيهة ، نظر اليها بيأس ثم تحرك للأخرين متخطيا غابة السيقان علي الممر .
    ..........
    الحصاحيصا
    أرق لا تمتصه الا الحركة ، عاد الاختناق بتوقف القطار ، تبدو الوقفة ابدية ، احتراس ،هكذا يقولون ، فكر في الخروج واستخدم الشباك كباب رغم ضخامة جسمه ، لامست قدماه الارض ، رغبة عنيفة ان يطلق ساقيه للريح ، تجول في انحناءالمحطة ، دار حول القطار بالجهتين ، احساس بالكأبة يشوبه ارتياح جسماني حيث تحرر الجسم من عقاله و قوقعته داخل الممر ، تمـدد علي التراب ، حدق في السماء ، تململ علي جنبه الايمن ، وخزة حادة ، انه الخنجر ، لازال في مكانه مثبتا علي حزام البنطال ، لابدمن التسلح داخل فناء الجامعة ، احداث العنف الاخيرة تبعها هوس التسلح ، يتذكر الان ،كان يقلب في كتاب ـ تقويم السودان للعام 1945 م ـ ، كان ممتنا للجهد الذي بذله ـ الريح العيدروس ـ في تقديمه لمعلومات اراد ان يستعين بهافي بحثه عن العلاقات المصرية السودانية آنذاك ، كان يقرأ بالتحديد عن اتفاقية 1899م ـ ،، ولما كان السودان جزءا لا ينفصل عن مصر فان وجود الجنود البريطانيين في السودان يقوم علي نفس الاساس الذي يقوم عليه وجود جنود بريطانيين في مصر نفسها و علي ذلك فان الحكم علي وجود الجنود البريطانيين في السودان كحكم وجود الجنود البريطانيين في مصر ، هذا والخلاف بين الطرفين المصري والبريطاني بشأن السودان قد وصل الي عقدة يقدر كل المراقبين السياسيين بانها لا تحل بالمفاوضات والرأي المصري ..... ،،ـ
    خبط علي الباب ، ترك الكتابة ، فتح الباب ، ادفع ـ قدوره ـ يلهث متعبا ـ ،، جاطت ، خبط تقيل ، النور و عبيد في المستشفي ،،ـ
    ـ ،،المستشفي ؟؟ ،،ـ
    ـ ،، النور مطعون ، حالتو خطره ، عبيد مفلوق ،نزف شديد ،،ـ
    ـ ،، وين الكلام ده ؟ ،، ـ
    ـ ،، قدام صناديق الاقتراع ، كدي هسه قوم ،، ـ
    ـ ،، مؤسف ،نمشي وين ؟ ،، ـ
    ـ ،، اجتماع لازم نستعد ،، ـ
    ـ ،، حتكون حرابه يعني ؟ ،، ـ
    ـ ،، ما معروف ، لازم كلو زول يحمي نفسو ،،ـ
    اتفق الاجتماع علي ضرورة التسلح الفردي ، لم يقتنع بالفكرة تماما ، لم يكن ميالا الي العنف ،لكن ـ رحاب ـ اجبرته علي التسلح و اشترت خنجرين ، اعطته واحدا و علي عينيها جسارة و تمرد .
    ـ ،، انتي ما محتاجة لي خنجر يا رحاب ،، ـ
    ـ ،، برضو ؟ ، زي المنكير ،، ـ
    ـ ،، عندك سلاح اقوي من كده ،، ـ
    ـ ،، لا عليك الله اقنعني لامن اروح في شربة مويه ،، ـ
    ـ ،، عيونك يا رحاب ، عيونك اخطر من القاذفات ،، ـ
    ـ ،، اولا ، دي رده ، لانو ناس الحقيبة قالوها قبلك ،،
    ـ ،، عارف ،جوز عيونو مدافع السواحل ،، ـ
    ـ ،، ثانيا ، دي رومانسية ثورية ساكت ،، ـ
    لا زال الخنجر في مكانه ، ربما لانه من رحاب ، البحث عن طوطم متعلق بها ، سفر اجباري ، هي الي بورتسودان وانا الي الابيض وبين شرق و غرب انهزم الزمن العاطفي امام الزمن السياسي ، لم يبق الا التفلسف ، الجامعة تقفل ابوابها ولاجل غير مسمي ، اخذ نفسا عميقا ، جلس ، تفحص ارجاء المحطة بنظرة لا مبالية ،هب واقفا ، دوت صفارة القطار ، هرول الركاب ، حصل علي ـ سفه ـ من احدهم ، كورها علي راحة كفه ، وضعها علي لثة شفته العليا وبصق مفكرا في امكانية الصعود الي مكانه .
    ..........
    السطوح
    .........
    كان مكتظا بالركاب ،منهم من تعود علي معانقة النسمات علي السطح و منهم من ضاقت به ذات اليد فلاذ بالسطح هربا من عيون الكمساري وبديلا عن مطاردات الشرطة و منهم من جعل التسطيح هواية له هربا من الزحمة في الداخل فاذا السطح يضيق و تتلاصق عليه الاجساد.
    انتفض احدهم هاربا لانه حظي بنظرة قاسية من الشرطي الذي كان يهم الصعود ، ركض مسرعا ليتخطي العربة التي داهمها البوليس ، تجمد فجأة بعد ان قابل شرطيا آخر علي جانب العربة العربة الثاني ، حوصر سطح العربة شرطيين ، اخرج احدهم مسدسه و ضخم صوته ـ ،، يا سلام ، يا سلام علي النسيم العليل ، يا الله اتحركوا انزلوا علي الحراسة وبدون فوضي ،، .
    اقترب احد الركاب من الشرطي وبعد ممانعات وصلت حد الدلال والغنج ، همس له الشرطي واتحه الراكب الي بقية الركاب الذين صاروا حجارة صامتة الا ان دواخلهم كانت تفكر في المصير ، قابل لسان الراكب اذن بقية الركاب
    ـ ،، شوفوا ليهم حاجة ياجماعة وارتاحوا ،،
    دأت النقود تتوافد علي يد الراكب ، جمعها ، ناولها للشرطي الذي جال بنظره علي الركاب ، حولهم سريعا الي ارقام ونظر الي النقود قائلا ـ ،، خلصت منهم كلهم ؟ ،،
    ـ ،، كلهم ، كلهم يا جنابو ،،
    ـ،، بس دي بسيطة ،،
    ـ ،، معليش ، قدر الحال ،،
    ـ ،، وانت متأكد انو كلهم دفعوا ،،
    ـ ،، طبعا ، متأكدة ،،
    ـ ،، لا ، معليش ، نسيت ،،
    و ادخل الراكب يدا مرتجفة في جيبه و ناول الشرطي ورقة من فئة الخمسة جنيهات وارتاح الركاب علي السطح و تعالي شخير بعضهم طاغيا علي احاديث البعض .
    ..........
    سنار ـ التقاطع
    .................
    صراخ حاد ، ولولة مكثفة ، هرول بعدها الناس الي عربةمن عربات النوم ، استطاع احد الاذكياء ان يسرق شنطتين عادت بهما ـ ست النفر ـ من القاهرة انها ـ شيلة ابنها حسن الذي اهتدي اخيرا الي الزواج بعد ان اقترب من الاربعين ، تفرق الناس مع صفارة القطار ، الكل يجري الي مكانه خوفا من ان يضيع .
    ...........
    عربة البوفيه
    ..............
    انزل عمامته علي فخذه وخلع نظارته و مسح علي رأسه ثم نظر الي عبدالقيوم قائلا ـ ،، شوف يا عبدالقيوم هي المسألة هي المسألة كلها ما محتاجة غير انك تكون متابع ، لانو المتابعة للامور البتحصل في السوق بتخليك تضبط استخدام السلعة التجارية ، يعني ياتو السلعة ممكن تفكها هسه وياتو صنف ممكن تخزن دلوكت وبعدين تفهم حاجة مهمة انو ما كل سلعة قابلة للتخزين ، يعني في سلع ما ممكن تتخزن اكثر من شهرين وسلعة تانية تستحمل تتخزن لمدة سنة يعني لابد من فهم قوانين التخزين الخاصة بالسلع ، انا هسه المخزن بتاعي تقريبا شوالات العيش حوالي عشرة الاف ،،
    ـ ،، فتريتة ،،
    ـ ،، لا ، ابدا ، مايو و حانتظر انتاج هبيلا باذن الله ،،
    ـ ،، والله هسه انا مفكر في الزيت ،،
    ـ ،، ما انا متكل علي كوتات التموين ،ده طبعا بمساعدة عباس ,,
    ـ ،،عباس الرسمي ، باللاهي ، ده راجل مفيد،،
    واحضر الساعي عشاء فاخر ، وضع عبدالقيوم مسبحته الصغيرة ذات الحبيبات المزركشة اللامعة في جيبه و شمر كم جلابيته السكروتة بعد ان وضع مرفق اليد اليسري علي التربيزة ، مصطفي يعلو نفسه حين يأكل مصدرا اصواتا نهمة ، قال و فمه ملئ بثلاثة لحمات و خمشة من الجرير
    ـ ،، بعد ما اشوف ارباح السنة دي، بعد الجرد طوالي حاكون عريس ،،
    ـ ،، يا راجل ، بعد ده انت عندك نية عرس ؟ ،،
    ـ ،، هو البعرس غيرنا منو ؟ ، نحن بس الممكن نعرس و بعدين القروش اصلها ضايعة فاحسن الواحد فينا يستمتع بزينة الحياة الدنيا ، ولاشنو ؟ ،،
    ـ ،، والعروس ؟ ، نقيتا ؟ ،،
    وتغير صوت مصطفي الي همس مشحون ـ ،، نازك ، نازك بت حسنين ، يا دوبك كده في كادوقلي العامة ،،
    ـ ،، في الثانوية العامة بنات ؟ ،،
    ـ،، يعني حتكون في العامة بنين ؟ ،،
    وانتشر في عربة البوفيه ضحك متخم و صفيق .

    ــــــــ
    كوستي
    .........
    اختلط ضجيج الباعة و المسافرين ، كوستي تلك المدينة ذات الحيوية العالية ، كان قد تمدد علي الارض مدة ارتاحت فيه عضلاته من التقلص ، بعدها اخذ يتجول بين ارجاء المحطة ، احس بانتعاش بعد ان شرب كوبين من الشاي علي التوالي ، الرغبة في المشي ازدادت ،تابع خطواته دون هدف ، اصوات البوابير من الورشة تختلط برائحة الزيوت القديمة التي تمتزج برائحة السمك ، هربت خطواته من الضجة والرائحة بحثا عن نسمة عليلة ، ادخل يده في جيبه ، اخرج سيجارة من العلبة التي اشتراها في المحطة ، اتجه صوب شجرة نيم ظليلة تقابل شارع الاسفلت المجاور للمحطة ، جلس تحتها واشعل سيجارته ، اخذ نفسا عميقا وهو يتابع عربات الكارو واللواري والعربات الصغيرة و عربات التاكسي البيضاء و هي تخرج او تتوغل داخل المدينة ، احس بوخز الخنجر علي جنبه ، قفزت الي ذهنه الهراوات والدماء التي سالت ، عدل من وضع الخنجر ، انها رحاب تلك المتمردة الجميلة ، انها تتجلي لي ن خلال هذا الخنجر ، تتعمق صورا في داخلي ، كلما احس بالخنجر اشك في انني اصبحت طوطميا ، تري هل كانت محقة حين اشترته لي ؟
    ـ ،، الخنجر معاك ؟ ،،
    ـ ،، خليتو في الداخلية ،،
    ـ ،، ليه يعني ؟ ، تقيل ؟ ، ما بتقدر تشيلو معاك ؟ ،،
    ـ ،، رحاب ،ما ضروري كل يوم الواحد يشيل معاهو خنجر ، يعني بس .... ،،
    ـ ،، بطل التنظير الكثير و حقو ترجع لداخلية تجيبو ،،
    ـ،، رحاب ، ما ضروري ،،
    ـ ،، شنو الماضروري ، ممكن تحصل اي كعة ،،
    ـ ،، نحن وين؟ ، في تكساس ؟ ،،
    ـ ،، في تكساس ، في الفسطاط ، المهم لازم تكون مسلح ،،
    ـ ، رحاب ، انتي ايفة علي ؟ ،،
    ـ ،، عليك الله بطل الرومانسية بتاعتك دي وارجع الداخلية ،،
    ـ ،، انت مدياني فرصة اكون رومانسي ؟ ،،
    ـ ،، يا ود خليك قدر الموقف ،،
    ـ ،، طيب ، القاك وين ؟ ،،
    ـ ،، في الكافتيريا ، طبعا ،،
    لا ادري كيف اصبح الخنجر مألوفا لدي ؟ ، رحاب لديها القدرة علي جعل كل الاشياء تبدو اليفة و منسجمة ، حتي السلاح ، قدرة متميزة في التعامل مع الاشياء ، كل الاشياء ، انا مصر علي انها تستطيع ان تكون مركزا لكل الكون ، يبدو انني اعطيها مميزات خارقة ، طبعا انه الحب ، الحب يفعل العجائب .
    صفارة طويلة ، ركض مسرعا نحو القطار .
    ..........
    الغبشه
    .........
    تناثر الركاب علي الارض ، رمال ناعمة و مغرية للنوم خاصة ان كثرة الامطار في المحطات القادمة اوقفت القطار.
    ـ ،، اطعن بي هنا ،،
    تجمع بعضهم يلعبون ـ الضالة ـ
    ،، خلي يطعن هنا وانت اطعن هناك ،،
    ـ ،،انت راجل راك ، هنا ،،
    و جاءت صرخة جميلة
    ـ ،، ايــوه الشاي
    الشاي السخن يا ،،
    وتحول الصوت الي غناء مبحوح
    ـ،، الشاي جميل
    هبهانو تقيل
    و مويتو من النيل ،،
    و دوت صفارة القطار فاهتزت جوانب بائع الشاي و بصق ـ السفه ـ بعد ان وضع براده علي الارض
    ـ،، الله يلعنك يا الشؤم ،،
    داعبه احد الركاب و هو يركض ـ ،، معليش يا عمو المره الجايه ،،
    ..........
    الدرجة الثانية الممتازة
    .........................
    كانت هناك علي الممر الذي هو فيه يدان تعبثان بنهدين لم يتذوقا اللمس بعد ، وتضايقت الصبية و قالت بصوت احتواه الأنين ـ ،، يمه ، يمه ، القاعد معاك فوق الكرتونه منو ؟ ،،
    ـ ،، يا مني مالك ؟ ،، ، ردت الوالدة التي كانت قرب التوليت
    ـ ،، الحته دي ضيقة يمه ،، ـ قالت مني و الأنين لا زال في صوتها ، قام صاحب اليدين العابثتين من شنطته التي شاركته فيها الصبية الجلوس و قال بصوت مرتبك ـ ،، طيب ، ارتاحي كويس ،،
    ـ ،، لا ، لا ،، قالت مني بغضب .
    و من بعد بعيد قالت والدة مني ـ ،، يامني مالك يابت ، يا حماد ، شوف اختك مالا ،،
    ـ ،، اقعدي خلاص ،، قال صاحب اليدين العابثتين وانفجرت مني ـ ،، ما تتكلم معاي يا وسخ يا صعلوك ،،
    وتدخل حماد بعد ان فهم من عيون اخته ما الذي حدث و صفع صاحب اليدين العابثتين واشتبكا حتي ان المسافة الضيقة في الممر صارت اوسع علي بقية الركاب ،عاد هو من افكاره المتشعبة ليراقب الموقف الذي يحدث الان ، صرخة حادة من احد المشتبكين وارتطم جسمه بارضية الممر بينما وقف حماد و في يده سكين تسيل منها الدماء ، تلتخطت ارضية الممر بالدماء وتجمهر الركاب واحس هو بالغثيان والدوار ،انتابته رغبة عنيفة للانفلات من هذا المكان ، تجمدت افكاره علي شئ واحد هو الخنجر ، تحسسه جيدا ، اخرجه من مكانه ، الاشتباكات امام صناديق الاقتراع ، السكين في يد حماد ، عصي من السيخ ، عيون رحاب المتمردة ،الخنجر في يده ، شعارات انتخابات الجامعة ، الدماء علي الممر ، القطار يبطئ السرعة ، الخنجر في يده ، اخرج رأسه من الشباك ، بدأت ملامح المحطة تبدو ، الغثيان ، الدوار ، ضجة الركاب ، الدماء علي الممر ، القطار يبطئ السرعة ، شعارات الانتخابات ، ضحكة رحاب الساخرة ، الخنجر في يده ، رأسه يطل من الشباك ، الرمال بدأت تنمو عليها الخضرة ، صبية و اطفال يركضون ، يسألون القطار خبزا ، غثيان ، دوار ، قذف بالخنجر ، انغرز علي الرمال التي بدأت الخضرة تنمو عليها ، تسابق الاطفال نحو الخنجر يحسبونه خبزا واستطاعت صبية ان تفوز به لكبر سنها ولخفتها ، اخذت الخنجر واتجهت نحو القرية و هي تصرخ ـ
    ,, يـمه ، يـمه
    البشاره
    البشاره
    يـمه
    البشاره ،،
    وابتسم هو من خلال دموعه .
                  

06-05-2010, 07:19 AM

هاشم محمد الحسن عبدالله
<aهاشم محمد الحسن عبدالله
تاريخ التسجيل: 08-10-2009
مجموع المشاركات: 1989

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سلسلة المبدعون في بلادي -يحيى فضل الله (Re: Khalid Osman)

    الاخ خالد عثمان ، تحياتى ، أشكرك جدا على هذه الاضاءة الجميلة عن هذا المبدع الرائع يحيى فضل الله، فهو من الكتاب المميزين وفنان متعدد الهويات ، قاص وشاعر ومسرحى عملاق، ورجل محدث لبق يملك صوتا جهورا بليغا، يعرف كيف يفكر عن دواخله، لكننى أفتقده فى المنبر فهو عضو فى البورد ولكن لانشاهد له نشاط، نأمل ان نسعد بمشاركاته، مودتى .
                  

06-05-2010, 05:20 PM

Khalid Osman
<aKhalid Osman
تاريخ التسجيل: 04-25-2010
مجموع المشاركات: 261

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سلسلة المبدعون في بلادي -يحيى فضل الله (Re: هاشم محمد الحسن عبدالله)

    الأخ هاشم، شكراً على مرورك ، أتمني أن نساهم نحن في تسليط النور أكثر على المبدعين في بلادي
                  

06-05-2010, 11:26 PM

Khalid Osman
<aKhalid Osman
تاريخ التسجيل: 04-25-2010
مجموع المشاركات: 261

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سلسلة المبدعون في بلادي -يحيى فضل الله (Re: Khalid Osman)

    تداعيات


    تداعيات

    هجمة خميس الشرهة



    بنات الحلة الصغيرات كنسن الساحة في ذلك العصر

    الاطفال الصغار بمتعة متناهية تنتمي الي اللعب رشوا رمل تلك الساحة بالماء داخل البيوت كانت النسوة يقمن بتجهيز تفاصيل الافطار الذي سيخرج الي تلك الساحة في الصواني المغطاة بالاطباق الملونة دائما النسوة يتنافسن في افطار يوم الجمعة يوم الجمعة يوم خاص في ايام رمضان لذلك لابد من توسيعة فيه اطباق طعام خاصة في ذلك اليوم مشروبات خاصة تكسر ديمومة مشروب الحلومر و الابري الابيض في الايام العادية. اقتربت الشمس من مغيبها و قد رصت البروش علي تلك الساحة بدأت صواني الطعام تتوافد من داخل البيوت الي الساحة الشيخ عبد التواب كان اول من جلس في الساحة يعترض طريق المارين في الشارع داعيا اياهم للافطار و بالحاح سوداني تلقائي لا علاقة له بالموائد المفتعلة جدا هذه الايام آذن الاذان و بدأت الحلوق تستقبل المشروبات الرمضانية الاصابع تتلقف البلح الملين بالماء و كعادة الشيخ عبد التواب اكل بلحتين و شرب القليل من الماء و نادي في ذلك الجمع و كأنه يحاول التخلص من عبء الامامة الصلاه يا اخوانا وهم الجميع ابعدت صواني المشروبات ووضعت بجانب صواني الاكل المتنوع و الشهي في ذلك اليوم الجمعة رصت كل الصواني خلف البروش و اقام محمدين الصلاة بصوت قوي. اثناء اصطفاف الجمع و حين كبر الشيخ عبد التواب لتكبيرة الاولي كان خميس قد اقترب من تلك الساحة بعد ان خرج من مخبئه خلف صريف بيت صلحة الدلالية خميس عادة ما يداهم موائد الافطار في رمضان و يداهم ملمات العوازيم بمناسباتها المختلفة كان خميس ابله لا يؤاخذ علي افعاله و هي افعال ادمنت اقتحام العزائم لان به شرها مجنونا للطعام يستطيع خميس ان يقضي علي عزومة كاملة تكفيلاكثر من عشرين شخصا المهم اقترب خميس من صواني الطعام و المشروبات و المصلون كانوا ينحنون للسجدة الاولي من صلاة المغرب القريبون من تلك الصواني الموضوعة خلف البروش احسوا باقتراب خميس هكذا كان الوضع خميس خلف المصلين و امامه الصواني متاحة خميس يقترب اولا من الصواني التي بها ال مشروبات الرمضانية يرفع غطاء كورة و يصيح بانفعال كركدي لا اله الا الله و يسمع المصلون حركة مشروب الكركدي و هو يمر بحلق خميس بقرطعة عالية الشيخ عبد التواب يحس بمداهمة خميس و يرفع صوته عاليا بالتكبير و محمدين يكرر ذلك بصوت اعلي و كأنه يحاول بذلك ايقاف فعل خميس خميس يرفع غطاء سلطانية و يصيح فرحا
    قمر دين لا اله الا الله و يعلو صوت الشيخ عبد التواب بالتكبيرمتماهيا مع محاولة ابعاد خميس و يعلو بدرجة اعلي صوت محمدين مقيم الصلاة و هي محاولة ايضا لابعاد خميس عن الصواني و لكن علي طريقة اياك اعني يا جارة قدو قدو لا اله الا الله المصلين يتململ منهم من يتململ برية داخلية تحاول ادعاء الخشوع خميس ينتقل الي صواني الطعام يرفع طبقا عن صينية و يصيح متهللالحمه محمره لا اله الا الله و يتداخل صوت الشيخ عبد التواب العالي اكثر من اللازم وهو يقرأ سورة صغيرة من القران مع صوت مضغ خميس النهم حمام محشي لا اله الا الله محمدين يهدد بصوته خميس و هو يقول سمع الله لمن حمده كمونية لا اله الا الله الصلاة تضطرب و الخشوع بهتز بهذا المهدد الخطير باميه مفروكة لا اله الا الله احدهم في الصف الاخير لا يملك الا ان يلتفت ليري خميس و هو يشرب ملاح لبامية بطريقة غريبة و يرجع الي صلاته خائفا من فضيحة انفلات خشوعه جداده محمره لا اله الا الله و هنا لم يحتمل الامام الشيخ عبد التواب هجمة خميس الشرسة و الشرهة علي صواني الطعام و بعد ان فقد خشوعه ما كان منه الا ان قطع الصلاة صائحا ما ما معقول يا خميس و هجم بقيةالمصلين علي خميس الذي فر و هويحمل بين يديه صحن فته كبير مزينا بالارزواللحوم و كان يضحك بطريقة غريبة و بغضب جائع قال نور العين الترزي للشيخ عبد التواب يا شيخ عبد التواب تاني ناكل اول حتي نصلي و هكذا تغيرت طريقة الشيخ عبد التواب في اداء صلاة المغرب في رمضان و ذلك خوفا من هجمة خميس الشرهة
    يحى فضل اللهشاعر و قاص سوداني مقيم بكندا
                  

06-06-2010, 02:21 AM

باسط المكي
<aباسط المكي
تاريخ التسجيل: 01-14-2009
مجموع المشاركات: 5475

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سلسلة المبدعون في بلادي -يحيى فضل الله (Re: Khalid Osman)

    ساسلام عليك ياااااااااااخ
    ريجحتني فغي حناني
                  

06-06-2010, 02:45 PM

Khalid Osman
<aKhalid Osman
تاريخ التسجيل: 04-25-2010
مجموع المشاركات: 261

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سلسلة المبدعون في بلادي -يحيى فضل الله (Re: باسط المكي)

    تسلم يا ولدنا ، ولسة الجاي كتير انشا الله
                  

06-06-2010, 04:25 PM

Khalid Osman
<aKhalid Osman
تاريخ التسجيل: 04-25-2010
مجموع المشاركات: 261

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سلسلة المبدعون في بلادي -يحيى فضل الله (Re: Khalid Osman)

    ــــــــــ
    يحيي فضل الله
    ـــــــــــــ
    اللافتــة
    ــــــــــــــ




    صباح لا يراهن إلا على التعاسة ، هكذا كان هذا الصباح بخطوات تحاول أن تجد لها مبرراً من الذهاب في الاتجاه الذي سجنه الملل وافقده التكرار معنى أن يتجدد ، بهذه الخطوات المرغمة جداً على فعل متكرر خرج " يوسف " من المنزل متجهاً إلي حيث يعمل ، على شارع متسع وفي ركن يتميز بحسن تجاري يوجد كشك الجرائد الذي يديره شراكه مع صديق قديم لم يفعل شيئاً سوى أنه تخلى عن جزء من ماله كي يكون " يوسف " سجيناً مثالياً لهذا الكشك الذي أعلن عن نفسه بلافتة متواضعة تقول " مكتبة الأمل " . اكثر ما يغيظ يوسف هو اختياره هذا الاسم .

    عادة ما يضحك " يوسف " ضحكة مكتومة كل صباح حين يفتح الكشك وتلقائياً تقع نظراته على هذه اللافتة ، يضحك تلك الضحكة المكتومة لانه يتذوق بلسانه حروف كلمة "الأمل" بينما تتذوق دواخله اليائسة تناقضها مع هذا المعنى المشرق ، يفكر " يوسف " في أنه ستتبدل كلمة " الأمل " بكلمة أخرى تعمل على الأقل على نفي هذا العكس وتذوقه الداخلي لمعنى النقيض .

    لم ينس " يوسف " أن يضحك ضحكته المكتومة تلك وهو يفتح باب الكشك هذا الصباح ، ألقى نظرة عميقة على اللافتة الجديدة التي تقع في زاوية من زوايا الكشك بالداخل ، رتب بعض الترتيبات ، نفض الغبار ، رفع باب الكشك . وثبت عليه القوائم بحيث تسلل الضوء إلي الداخل ، أعاد مرة أخرى نفض الغبار تلك العملية التي فعلها من قبل كعملية سابقة لأوانها مستسلماً إلى مهمته الصباحية المعتادة ، رفع اللافتة الجديدة ونظر إليها ملياً وكأنه يتحسس خروجه المنفلت من سجن ذلك المعنى ، معنى الأمل الذي فقد الرغبة في أن يتالف معه ، ارتاحت نظراته على اللون الأخضر الذى سيطر على اللافتة الجديدة ، أشعل سيجارة " برنجي " اشتراها بـ "150" جنيهاً ، إنها سيجارته الوحيدة خلال اليوم وهذا ليس اقتناعاً بتلك الحكمة الصحية التي تقول أن التدخين ضار جداً بالصحة ولكن لأسباب تتعلق بضيق ذات اليد ، تلك التي فقدت مساماتها روح الاحتفاء بالحياة ، هكذا تخلص " يوسف " من إدمانه الممتع للتدخين واكتفى بسيجارته الصباحية المكلفة جداً ، ومن بين فتحة أنفه يخرج دخان " البر نجي " متمهلاً حذراً من مغبة أن تضيع منه متعته المختزلة كلها في سيجارة واحدة فقط

    في اليوم ، عادة ما يحس " يوسف " حين يطفئ هذه السيجارة أنه سيواجه صداعه الخاص بالحرمان حتى يأتي صباح جديد بسيجارة جديدة .

    زحمة قراء الصحف الرياضية على باب الكشك ، عادة ما تتواري الصحف السياسية خجلاً أمام الصحف الرياضية خاصة حين يكون الدوري في حرارة التنافس

    · " أخبار الرياضة لو سمحت "

    · " الشبكة من فضلك "

    · " احجز لي نجوم الرياضة بمر عليك بعدين "

    · " حوار كاريكا نزل لو سمحت "

    زحمة لا تفعل في دواخله سوى الغثيان ولا يملك إزائها إلا وضع ابتسامة زائفة على فمه لزوم مواجهة " الزبائن "، من بين زحمة هذا الصباح لمحه " يوسف " بزيه الكاكي على كتفيه علامة تعلن عن رتبة " صول " في البوليس ، وجه وقور تدل ملامحه على تجاوزه الخمسين ، يقف بعيداً عن الزحمة بصرامة عسكرية معروفة ، حاول " يوسف " ان يخصه باحترام خاص :

    · " أيوة يا حضرة الصول "

    · " معليش يا بني مش الناس ديل "

    · " ما في مشكلة ينتظروا "

    · " أنا عايزك أنت "

    ورجع " يوسف " إلي زحمة الطلبيات بينما ازدحم عقله بالتساؤلات تلك التي تحاول ان تفسر أن يقف صول في البوليس ويطلب شخصاً بعينه وسط زحمة المشترين في هذا الصباح وان يكون هو ذلك الشخص ، كان يلبي طلبات الزبائن بالية مألوفة ذهنه يمارس شروده الذي يتحد مع الخوف من حالة كونه مطلوبا من البوليس ، تتقاطع أصوات المشترين مع تساؤلات " يوسف " الداخلية

    · " النجوم لو سمحت "

    · " يا ربي في مشكلة ولا شنوا ؟ "

    · " خليك معاي بقولك الكورة "

    · في زول اشتكاني للبوليس "

    · يابني آدم بقولك الهدف تديني ألوان ؟ "

    · " أكون عامل مشكلة وما عارف ؟ "

    · " خفف يدك يا ابن العم نجوم الرياضة "

    · " معقول بس ، بوليس عديل كدة "

    · أنا ما عايز الأنباء ، أديني القون ، القون يا راجل "

    · " منو الممكن يشتكيني للبوليس ؟ "

    · " ما تفوتني يا أخوي ، أي الكورة "

    وتختلط الطلبات ويفقد يوسف " تركيزه والصول لا يزال يقف هناك محرضاً " يوسف على التساؤلات الداخلية التي أورثته هذا الشرود ، ينظر "يوسف " خلسة إلي وقفته العسكرية الصارمة ، ويلاحظ أن الصول يحمل في يده اليمنى ملفاً يعلن عن ضخامته فيزداد شعوره بالخوف من أن يكون ملفا للقضايا ، يحاول " يوسف " مرة أخري أن يخرج حضرة الصول من جمود هذا الانتظار المخيف .

    · " طلباتك يا حضرة الصول "

    · " معليش عايزك براك "

    وتضج دواخل " يوسف " بالخوف ويتصبب منه العرق ، ترتجف أصابعه وهو يناول الزبائن ما يريدون ، يستسلم لفكرة واحدة وهي أنه مطلوب للذهاب إلى القسم ، تعزيه رغبته في معرفة أسباب ذهابه إلي هناك . حين بدأت الزحمة

    في التلاشي ، لم يبق أمام " يوسف " سوى ثلاثة أشخاص ، حاول يوسف الصول مرة أخرى كي يخرج عن هذا الانتظار المخيف .

    · " وقفت كثير يا حضرة الصول "

    · " ما في مشكلة ، أنا عايزك براك "

    ألان لم يعد هناك أحد أمام الكشك ، نظر " يوسف " إلي حضرة الصول نظرة لم تستطع التخلص عن معان متعددة للخوف والتساؤلات ، اقترب الصول بهدوء نحو " يوسف " حاول أن يتكلم لاذ بصمت مريب لبرهة قليلة " يوسف " يتكثف الخوف في دواخله كنتيجة حتمية لهذا الصمت ، الصول ينظر إلى " يوسف " وتتراجع نظراته عنه بطريقة غريبة .

    · " أبوة طلباتك يا حضرة الصول "

    · " معليش يا أبني بس "

    · " ما في مشكلة . عايز حاجة "

    · " بس الحقيقة يا أبني أنا "

    · " عايزني في القسم ولا حاجة "

    · " لا أبدا .. بس لو سمحت يعني . لو ممكن بس .. أنا عايز .. معليش ب أنت عارف الظروف .. أنا يعني .. عايز ..

    آسف للإزعاج يا ابني ، لكن .. أنا .. محتاج .. بس معليش أوع أكون أزعجتك ؟ "

    · " ما في إزعاج أبدا ما في إزعاج "

    · " شكرا يا أبني . الحقيقة أنا انقطعت وعايز لو ممكن يعني .. ألف جنيه "

    · " جداً ما في مشكلة "

    ببقية ارتجاف في اليدين ناول "يوسف " حضرة الصول ورقة من فئة الألف جنيه ، وتبدد ذلك الخوف الغريب ليحتل مكانه وبكثافة متناهية وممتدة ذلك الأسى

    العميق ، نظر "يوسف " إلي حضرة الصول وهو يذهب متباعدا ويتلاشى في تقاطع ذلك الشارع البائس بؤس هذا الصباح ، طاقة غريبة تلك التي دفعت بـ يوسف كي ينزع تلك اللافتة التي تقول " مكتبة الأمل " وبطاقة أزيد وتقترب من الحماقة يعلق في مكانها لافتة تقول " مكتبة الشتات "

    في صباح البوم التالي استطاع " يوسف " أن يتخلص من ضحكته تلك المكتومة وذلك حين مر به أحد الأصدقاء ، لاحظ الصديق اللافتة الجديدة وضحك بمتعة وصرخ في وجه " يوسف " بنفس تلك المتعة قائلاً :"-

    * " شتات يا فردة "
    اللافتــة
                  

06-18-2010, 03:26 AM

Khalid Osman
<aKhalid Osman
تاريخ التسجيل: 04-25-2010
مجموع المشاركات: 261

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سلسلة المبدعون في بلادي -يحيى فضل الله (Re: Khalid Osman)

    up
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de