جيل غاب عن ذاكرته "شهيد اكتوبر الاول "القرشي" فهل يعرف صاحب صحيفة اكتوبر "صالح محمود اسماعيل؟ "

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-13-2024, 02:32 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2010م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-23-2010, 07:09 PM

abubakr
<aabubakr
تاريخ التسجيل: 04-22-2002
مجموع المشاركات: 16044

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
جيل غاب عن ذاكرته "شهيد اكتوبر الاول "القرشي" فهل يعرف صاحب صحيفة اكتوبر "صالح محمود اسماعيل؟ "

    رغم ان شعرت ببعض دهشة وانا اقرء ما اتي به الاخ الامين محمد علي عن الخريج الذي لم يعرف من هو شهيد اكتوبر 21 الاول شهيد الجامعة احمد القرشي طه لكن اجابه الخريج جعلتني اشعر بمرارة ما حدث له ولكثير من جيله الذي غيب السلطان عن ذاكرتهم تاريخ ما قبل يونيو 1989 فاعاد صياغة فكرهم وفق اجندته كما وعد حين قدومه بحيث لم يعد يفكر حتي لماذا حديقة "القرشي" وربما هو قد مر بها مرات وجلس تحت احدي شجراتها مرة ...
    خريج من جامعة الخرطوم: الزبير محمد صالح هو أول شهيد سقط...ة في ثورة أكتوبر !!!
    قبل ايام قليلة كان اسم الراحل "صالح محمود اسماعيل" مدار حديث بيني وبين احد اشقائي ونحن نسال لماذا ذاكرتنا صارت خربة حتي عن وفاء بذكر اسماء كانت حقيقة نجوما في سماء بلادنا واحترقت كالشمعة وهي تدافع وتنافح بصدق عن كل حق لشعوب اهل السودان منذ باكر شبابها ثم رحلت بهدوء الذي ادي واجبه الي اخر نفس في حياته ....
    وقبل ثلاث شهور كتب "مامان" مشكورا في هذا المنبر عن "الطبيب أب لهجا حلو: شاعرة تمدح طبيبا عمل بمستشفيات الريف"
    الطبيب أب لهجا حلو: شاعرة تمدح طبيبا عمل بمستشفيات الريف
    وبعد عقود كثيرة ربما جاوزت ثلثي عمري اسعدني اتصال من ذات الطبيب اب لهجا حلو بلدياتي وقريبي الدكتو امير نواف احمد عباس والذي قالت فيه الشاعرة الشول وهو مفارق منقولا من مروي :

    دوبة لأب سفرا بالنهار
    في الشمال ختالو تذكار
    عالج الشابات والكبار
    علي الجماهير طعامو دار

    والطبيب اب لهجا حلو هو صهر لعظيم كان "طعامه من مواقف ونضال وكلمة يدور علي الجماهير" منذ ان تخرج من كلية غردون في منتصف ثلاثينات القرن الماضي وعين محاسبا ونقل الي بورتسودان فازال هو ورفاق له سورا فاصلا بين نادي الخريجيين والسواكنيين وكانو قبلها قد حولو اسم نادي المستخدميين الي نادي الخريجيين (او خريجي السودان ) واتي بالكتب من مصر وبريطانيا يحث الشباب علي المطالعة مما اغضب الانجليز فنقلوه الي عطبرة ثم فصلوه من العمل وهو لم يكمل عامين منذ تخرجه والتحاقه بالعمل فانشا مكتبا للمراجعة في الخرطوم وكان له عمود راتب في صحيفة الاخبار وفي فترة الحكم العسكري الاول وجه قلمه الي ان تلغي الحكومة الرتب التركية المصرية من باشا وبيه وبك حتي استجابت الطغمة العسكرية وعند هبوب رياح اكتوبر كان احد قادتها وحداتها وعين وزيرا للاعلام في حكومة اكتوبر فانشا مجلس الاداب والعلوم والفنون وعندما خرج من الوزارة اصدر صحيفة اكتوبر *** .
    وعند انقلاب مايو طلب منه النميري ان يعود وزيرا فرفض بان لا يكون وزيرا لحكومة انقلاب عسكري .. احبه كل من عرفه كونه رجل مثل ومبادئ صادق مع نفسه ومع الاخريين لا يمالي احد وكانت كتاباته الصحفية الناقدة والمحلله دون شطط وبصدق تستقطب اجيالا من القراء ولقد نفحني دكتور امير اليوم ببعض من كتاباته ومنها اقتبس بعض سطور هنا عما كتب عن حكومة اكتوبر بوضوح ورؤية العارف وهو كان احد وزرائها علي وعد ان اجمع كل كتاباته ان تيسر واطال الله في الاجال في "مدونة صالح محمود اسماعيل" :

    Quote: من حق الشعب أن يعرف
    كيف تدار شئونه أو بالاحرى لا تدار!
    حكومة ال Terms of Reference
    (1)
    ومن حق من لا يعرفون الإنجليزية علينا أن نشرح التعبير الإنجليزي المذكور شرحا يرسخ معناه في الأذهان ذلك أن لهذا التعبير أهمية كبرى فيما نحن بسبيله من تحليل سيقدم الإجابة على كثير من التساؤلات التي ثارت حول إنجازات أو بالاحرى (عدم إنجازات) حكومتي سر الختم الخليفة الأولى والثانية, تلك التساؤلات التي بلغت حد الأسى عند كل الوطنيين الذين كانوا يعلقون آمالا كبارا طال تطلع الشعب لها وكثرت مطالبته للحكومات المتعاقبة بتحقيقها ولكن دون جدوى.
    عندما تكون لجنة أو يعين شخص للقيام بمهمة معينة توضع صلاحيات معينة محددة تحديدا يكون في الغالب الأعم لا يسمح للجنة أو الشخص المعين بتجاوزها – فإذا تجاوزها فقد استحق المؤاخذة والاتهام بعدم الكفاءة أو بعدم تقدير المسؤولية فكلمة (صلاحيات) هي الترجمة المتعارف عليها للتعبير الإنجليزي ولكننا نفضل أن نصفها وصفا يوضح غرضنا من استخدامها في هذا التحليل كما سيلي, فنقول أنها (الصلاحيات المحددة المكتوبة) نقطة هامة نود أن نوضحها وهي أننا نكتب للتاريخ ولن نسمح للصلات الخاصة من صداقة أو زمالة أو عطف بان تنحف بقلمنا عما نراه حقا وصوابا.
    رجعة إلى الوراء:-
    الشعب الأصيل يحقق المعجزة الثانية التي لم يسبقه إليها شعب في الأرض بعد ثمانين عاما تماما من موقفه على مشارف معجزته الأولى التي لم يسبقه إليها شعب في الأرض, كانت الأولى دحر جيوش الاستعمار وهو في عنفوان قوته وقسوته وصلفه – كانت الأخرى وليست الأخيرة – إسقاط حكم عسكري وهو في عنفوان قسوته وصلفه وفي القمة من فقدان أعصابه.
    الشعب الأصيل تهدر ثورته في الشارع ثورة شجاعة منطلقة غير عابئة بالمدافع ولا بالدبابات مصرة على بلوغ غايتها القصوى.
    الشعب الأصيل يفتقد القائد الأصيل فيقود ثورته بنفسه, المثقفون يجتمعون في جبهة وطنية قوامها أساتذة الجامعة والقضاة والمحامون وممثلو المهن والموظفين ثم ممثلو العمال والمزارعين مشكلة بذلك قيادة جماعية للثورة اقتضاها فقدان القائد المؤهل والزعيم الملهم.
    وكنتيجة حتمية للعجلة وضغط الظروف فقد ضمت الجبهة الوطنية للهيئات أنماط من الناس وأشكالا من الخلق وألوانا من الاتجاهات لا يجمع بينها سوى الرغبة في أنها الحكم العسكري, بل ولقد وجد طريقه إليها من لم يسبق له الشعور بالضيق من الحكم العسكري, بل ولعلك واجد واحدا أو أكثر ممن أفادوا من الحكم العسكري أو ممن اشتركوا في نهب أموال الشعب فوجدوا في الجبهة امن من ملجأ من السفينة الغارقة ووجدوا في أنفسهم أروع شجاعة أو فلنقل أندر جرأة لهذا اللجؤ.
    بالغ بعض الناس – بعد يوم 26 أكتوبر – في اصطناع الثورية تغطية لماضيهم في التعاون مع الحكم العسكري والاشتراك مع أقطابه في الفساد الخلقي والإفساد الرسمي.
    وعندما تحقق الهدف المشترك بحل المجلس الأعلى (المزعوم انه) للقوات المسلحة ومجلس وزرائه زاد اختلاط الحابل بالنابل بإضراب من لم يكن قد اضرب وظهور من كان متخفيا وما كان مختفيا وتزاحم هؤلاء وأولئك بالمناكب محاولين الزحف إلى مراكز الصدارة.
    ومما كان مختفيا عواطف صداقات وصلات فكرية وشخصية واتجاهات حزبية كان لها أثر طاغ على ترشيحات الوزراء للوزارة الانتقالية, وتضمنت قائمة الترشييحات أسماء أشخاص منهم من نظم قصيدة في مدح عبود وعهده ومنهم من كان طيلة ليالي الثورة غارقا في متعة ومنهم من انقطع عن البلاد سنوات لا يعلم مما يدور فيها سوى ما تنقله إليه الصحف وما اقل ما كان يسمح للصحف بنقله عن شؤون البلاد في تلك السنوات!!

    *كان من المؤهلات العظيمة التي اكتشفت في تلك الأيام ألا يكون للمرء لون أي لا يكون له رأي في شان من الشؤون التي تثور الشعوب لحمايتها إذا تعرضت للخطر والتي ثار الشعب السوداني لاستردادها بعد ضياع دام ست سنوات, فإذا كان لك لون أو بالاحرى سابق اشتغال بمثل هذه الشؤون أو ربما مجرد انشغال بها فأنت لا تصلح مرشحا للوزارة.
    *عوامل كثيرة أدت إلى قبول عبود رأسا للدولة عقب ثورة شعبية كان أول أهدافها التخلص من حكم عبود, ومهما كانت تلك العوامل وأثرها في نفوس المفاوضين فان النتيجة التي انتهت إليها المفاوضات لم تكن طبيعية ولا متمشية مع منطق الأحداث.
    ومما كشف الستار عنه من تلك العوامل اثر مجزرة شارع القصر على مندوبي الجبهة القومية الموحدة مما حدا بهم إلى التساهل حقنا للدماء وكان المفروض أن يكون لتلك المجزرة عكس الأثر الذي أحدثته فأثرت به على سير المفاوضات, كان المفروض أن تثقل ضمير الطرف الآخر فتدعوه إلى نفض يده من الأمر بالتسليم غير المشروط, وكان المفروض أن تقوى حجة ممثلي الشعب فيطالبوا بمزيد من المكاسب للشعب تعويضا عن عشرات القتلى والجرحى الذين سقطوا بيد القدر أمام القصر.
    ومما قيل أيضا أن الضباط المفاوضين طالبوا بان يظل عبود رأسا للدولة صونا لكرامة الجيش, ولا شك أن هذه حجة مبنية على عاطفة شخصية نابعة من زمالة طويلة وصداقة وثيقة ولا علاقة لها بكرامة الجيش فالجيش ولاؤه للشعب لا لشخص وكرامته من كرامة الشعب لا من كرامة شخص وخاصة إذا كان هذا الشخص ممن لم يرعوا للشعب حرمة ولا للجيش كرامة وعندما أعلن العهد الجديد وعلى رأسه عبود وأعلن تشكيل الوزارة لم يبتهج الشعب ولم يهتف ولكنه أيضا لم يحتج ولم يثر لقد قيدت الدهشة عواطفه اثلمت مشاعره, لم يعد يحس بما هو كائن قطعا لو كانت النتيجة سارة لاحس بالسرور يملأ نفسه والبهجة تغمر جوانحه ولكن النتيجة كانت مؤلمة ولكنه لم ينفعل له أو يحس به لان الم عدم الثقة في مندوبية كان أعظم ففضل أن يثق فيهم ثقة, عمياء عما جاء في اتفاقهم من عيوب, متغاضية عما انتقصوا من آماله وأمانيه في ثورته الفريدة, واكتفى بالشيء الذي هو خير من لا شيء.
    وهكذا فرض على الثورة عهد وفرض على العهد رئيس حكومة وفرض على رئيس الحكومة وزراء.
    صالح محمود اسماعيل
    21/8/1965




    ___________
    *** موسوعة القبائل والانساب في السودان واشهر اسماء الاعلام والاماكن - الجزء الثالث - الدكتور عون الشريف قاسم
                  

05-24-2010, 08:29 AM

abubakr
<aabubakr
تاريخ التسجيل: 04-22-2002
مجموع المشاركات: 16044

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جيل غاب عن ذاكرته "شهيد اكتوبر الاول "القرشي" فهل يعرف صاحب صحيفة اكتوبر &qu (Re: abubakr)

    اربعون عاما منذ ان رحل صالح محمود اسمعيل عن الفانية عليه الرحمة وخمس واربعون عاما منذ ان كتب المقال الذي اقتبسه ادناه وكأنه كان يستشف مستقبلا سيؤول اليه ما بني علي باطل .. اليوم الامن العام كبر علي ما وضعه المستعمر علي مراقبة الشعب وصار خبيرا في تروييعه وتكبيله وخنق صوته وخنق نفسه ان دعي الامر ....

    Quote:

    (4)
    بوليس الأمن العام (المباحث)

    قلت في العدد الماضي أنني سأقطع سلسلة التاريخ لفترة الانتقال لأتناول بعض الأمور السائرة اليوم في محولة لردها إلى أصولها لتبيان عيوبها حتى يسهل التشخيص ويتيسر العلاج.
    ومن تلك الأمور ما لم يزل سائرا على نفس الأسس التي وضعها الاستعمار وقد زادتها الدكتاتورية ضغثا على اباله وقد اتصل بعض الأصدقاء ناقلين إلي رأيهم ورأى آخرين في أن أستمر في السلسلة التاريخية حتى نهايتها. لذا فإنني أعد بمتابعتها قريبا محاولا التوفيق بينها وبين تعجلي العرض لهذه المسائل ذات الأثر البعيد على حياتنا اليومية وعلى مستقبل البلاد السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
    وقد رأيت أن أبدأ بموضوع الأمن العام لسببين الأول أن في استمرار السياسة القديمة خطرا على النظام الديمقراطي الذي استرده الشعب بدماء شبابه والثاني أن بعض الصحف نشرت ما يفيد بأن اللجنة التي شكلت لدراسة وضع البوليس واقتراح الوسائل المؤدية إلى رفع مستواه قد قدمت مشروعا يتطلب تنفيذه مليوني جنية فخشيت أن يتخيل المسؤلون أن هذا المبلغ ضخم فيصرفوا النظر عن المشروع أو يبتروه والواقع أننا لو أنفقنا هذا المبلغ على رفع مستوى البوليس منذ سنوات لوفرنا أضعافه كل سنة أموالا عامة تنهب أو تهرب وخاصة تسرق أو تحرق وأرواحا تزهق وعدالة تهدر بسبب النقص الكلي والنوعي في صفوف رجال الضبط والتحري أو التحقيق.
    رجعة إلى الوراء
    في عهد الاستعمار لم يكن هناك شيء – في نظر الحكومة – اسمه الشعب. كانت هناك حكومة و .. أهالي. أما كلمة - شعب فلم يكن لها وجود رسمي ولا اعتراف صريح أو ضمني بل لعلها كانت من الكلمات المحظورة نطقا وكتابة.
    قامت الحكومة الأجنبية في البلاد بعد غزو وحرب اختير مزيجا لهما اسم – فتح – وكان طبيعيا أن يعتبر كل سوداني – عند الحكام – عدوا بحكم كونه سودانيا حتى يثبت العكس قولا وفعلا. وكل أجنبي صديقا وليا حتى يثبت العكس وهيهات.
    ومضت سنوات لم تكن كلها شهدا للحاكم الأجنبي ولكنه أصاب في معظمها قدرا من الأمن على نفسه فعدل في سياسته تعريفه للموالي من أبناء البلاد بأنه الذي يلزم السكوت فالسكوت رضا. وحيث لا يكون سكوت فالإسكات يكون والكلام الذي فرض السكوت عنه لا بد له من سميع. فالسكوت لم يشرط بأن يكون في حضرة الحكام فقط وإنما في كل مكان وأي مكان, في المنازل .. في المساجد .. في المقابر .. في المجالس .. في السوق .. في الأنادي الخ. هذه الأمكنة التي تتسع لأكثر من رجل وبإشراف رجال جيء بهم من أحد الأقطار العربية أنشء – قلم المخابرات -.
    وجند أتباع – وتقاضي الثمن متبوعون – وعين أعيان وأشياخ ومشايخ .. وتطوع آخرون هواية وزلفى. وحتى المستأجرون كانوا يجهدون أنفسهم فوق ما يتقاضون من أجر عاجل .. مبالغة في الولاء أو أملأ في أجر يربو مع الصبر وانتهاز المناسبات الاستراتيجية أضعافا مضاعفة.
    وأنشئت لقلم المخابرات فروع في المديريات والمراكز يرعاها رجال الإدارة من المدير نزولا إلى نائب المأمور أصالة ومن بعض الموظفين الآخرين تنافسا على الولاء وتكالبا على الرضا السامي.
    كان المفتش يعرف أين قضي فلان سهرته وكم كأسا شرب وأن الشيخ علان أغضب زوجته فانتقلت إلى منزل أهلها وأن زوجة ترتان ضبطت في منزل فرتكان أفندي ولكن المسألة سترت لأن الزوجة من – بيت كبير –
    أما من يرى في منزله وهو يقرأ جريدة مصرية – أتت مهربة مع قادم من مصر – أو عددا قديما – يا للهول – من مجلة العروة الوثقى التي كان يصدرها بالعربية في باريس السيدان جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده في الثمانيات الأولى من القرن الماضي وفيها تأييد للثورة المهدية وتمجيد لقائدها المظفر .. وكانت هذه المجلة أبشع جرما في نظر الحكام من حيازة الأفيون والحشيش يسمع وهو يتحدث عن سعد زغلول أو علي عبد اللطيف فأنه يتيح لمن رآه أو سمعه الموقف الاستراتيجي الذي طال ما ترقبه ليحصل به على مغنم كبير .. ترقية أو قطعة أرض حكومية بدون ثمن أو شيئا من هذه الأمور التي تهبط بنفوس بعض الناس إلى ما دون أحذيتهم.
    ولم يكن لجهاز البوليس استقلال أو شبه استقلال في تفكير أو تنفيذ وإنما كان خاضعا كل الخضوع للسلطة الإدارية وحتى عندما تطور قلم المخابرات فأضحى – مكتب الأمن العام – ظل قسما من أقسام السكرتير الإداري وظل البوليس بمديره خاضعا في شئون الأمن العام لهذا المكتب.
    بعد الاستقلال
    بكل هذه الرواسب وهذه التبعية وهذا – النظام والتقليد – انتقل جهاز الأمن العام من عهد الاستعمار إلى عهد الاستقلال.
    كان لابد إذا وقد انتقلت سلطات الأمن من السكرتير الإداري إلى وزير الداخلية أن يرسم وزير الداخلية بعد قيام الحكم الوطني سياسة جديدة تتفق والعهد الجديد عهد الاستقلال والديمقراطية وتولي الشعب أموره بنفسه, كان لابد من سياسة جديدة قائمة على أن السودان أصبح سيد بلاده. وأن كل سوداني مخلص حتى يثبت العكس وأن كل أجنبي غير صديق حتى يثبت العكس. وهذه هي السياسة القائمة عليها قوانين الأمن وإجراءاته في كل بلاد العالم المستقلة.
    ولكن وزيرا من وزراء الداخلية المسؤولين عن رسم السياسة لم يفعل شيئا من ذلك والتبعية التاريخية التي أشرنا إليها لم تكن تسمح لأي ممن تولوا رئاسة هذا القسم مهما ارتفع مستوى إدراكه واتسعت ثقافته أن يغير هذه السياسة قبل أن تصدر إليه – التعليمات – بذلك.
    ومن ثم قد كان طبيعيا من بوليس الأمن أن تدور كل تقاريره السرية حول المواطنين وأن تبدو في – عهد ديمقراطي – وكأنها نشرة أخبار عادية مصادرها مخبرون صحفيون لا مخبرون سريون. ولا أعلم كم من أموال الشعب تنفق على جمع وإعداد تلك – النشرة – ولكنها على أي حال كافية لأن تحقق مطلبا أو أكثر من مطالب المواطنين في جزء من أقليمة المتخلفة يعتذر عن عدم تلبيتها بضيق ذات اليد.
    دهشت أبلغ دهشة عندما اطلعت لأول مرة على تلك التقارير السرية التي يحملها إلى الوزراء بوليس سري, مغلقة في شنطة حديد بقفل سري يفتح بأرقام لا يعرفها إلا الوزراء والضباط المسؤولون دهشت عندما اطلعت على تقارير عن سياسي من السياسة سافر إلى مدينة من المدن حيث أقام ليلة سياسية حضرها كذا مستمع – وقد كان أول تقرير عن ليلة سياسية أقامها السيد نصر الدين السيد في الفاشر – وعن اجتماع عقدته لجنة نقابة من النقابات راجعت فيه حسابات النقابة وحددت يوم للاجتماع العام وهكذا معظم التقارير السرية لا تخرج منها بشيء ذي بال سوى حقيقة واحدة هي أن كل سوداني ما زال مراقبا كما كان في عهد الدكتاتورية وبأسوأ مما كان في عهد الاستعمار حيث كان التجسس على المواطنين أقل نفقة ومتروكا أغلبه للصدف.
    أمام أول تقرير اطلعت عليه كتبت الآتي أو فيما معناه – أن مهمة بوليس الأمن الأولى في كل بلاد العالم هي مراقبة الجانب والمشبوهين ومعتادي الإجرام.
    وأشرت بعلامات استفهام وتعجب على كل ما أورده التقرير دليلا قويا على أن الاعتداء على حريات المواطنين وحقوقهم الدستورية مازال مستمرا.
    وفي معظم التقارير اللاحقة كتبت الملاحظات المناسبة معبرا فيها عن استعجالي لتلك التقارير فقد بدا لي غريبا أن يرسل بوليس – سري – أو أكثر على حساب الدولة لمراقبة اجتماع أو ليلة سياسية يدعى إليها ويعلن عنها في الصحف وتقام في العراء مفتوحة لكل من أراد شهودها.
    أبديت هذه الملاحظة لزميل في مجلس الوزراء فقال أن هذه الليالي السياسية قد يحضرها أناس من أحزاب مختلفة وقد يحدث فيها ما يعكر صفو الأمن ولذلك فإن البوليس السري يراقب هذه الليالي! وعجبت لهذا الرد لأن هذه مهمة البوليس العلني الذي يمنع ما يعكر صفو الأمن مجرد تواجده بملابسه الرسمية. والبوليس العلني هو الذي يحفظ النظام ويلقي القبض على المتشاجرين بينما السري مفروض منه عدم الظهور.


    31/8/1965
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de