|
الطيران المدني..قراءة في قرار الاتحاد الأوربي
|
تقرير : أبراهيم عدلان
غياب الإستراتيجية واضحة المعالم وضبابية الرؤية ومن ثم الغياب الكبير عن المحافل الدولية كانت السبب الأساسي والأول وراء قرارات الاتحاد الأوروبي, حول إدراج الشركات السودانية فيما يعرف باللائحة السوداء أو قائمة الشركات التي لا يسمح لها بالتحليق أو النزول داخل المجال الجوي الأوروبي, ولكن مع إيماني القاطع بتقصير السودان في ما آلت إليه الأوضاع إلاّ أن الأمر لا يخلو من تآمر مستتر, أطرافه جنوب أفريقيا ومنظمة الطيران المدني الدولية بجانب لجنة الاتحاد الأوروبي لشؤون الطيران.
شكلت فعالية الاتحاد الدولي للنقل الجوي والتي انعقدت بمدينة صن سيتي بجنوب أفريقيا في نوفمبر 2005 ضربة البداية في تغول (الاياتا) على حقوق الدول الأعضاء, التي نصت عليها اتفاقية شيكاغو بالإعلان عن مشروعها المسمى البساط الأحمر والذي يهدف إلى تحويل مسار الحركة الجوية العابرة إلى جنوب أفريقيا, من مسارها التاريخي بشرق ووسط أفريقيا إلى المجال الجوي لدول غرب أفريقيا, حيث أعلن يومها جيوفاني بسجيناني المدير التنفيذي لـ(الاياتا) أن مسار شرق ووسط أفريقيا يشكل عبئاً مالياً لعضوية الاتحاد, حيث أن السودان يجبي رسوماً عالية مقارنة بما يقدمه من خدمات للحركة العابرة. وأضاف ـ في هجوم غير مسبوق على الطيران المدني السوداني ـ أن مساراته الجوية تفتقر لأدني مقومات الملاحة الجوية, ووصفها بالمعقدة ذات الانحناءات غير المبررة مما يضيف أعباءً مالية جراء استهلاك الوقود مما يكلف مبالغ طائلة تقترب من مليون دولار سنوياً, و أضاف أن تعقد المسارات الجوية السودانية يضيف ما قيمته 27 دقيقة إضافية لزمن الرحلة الواحدة.
د. جون فولينهوفن مدير شركة الملاحة الجوية لجنوب أفريقيا كان من أشد المسؤولين تحمساً للمشروع, حيث يتطلع لتمدد شركته شمالاً في دول غرب ووسط أفريقيا, حيث يسيطر ضعف الإمكانات البشرية علاوة على انعدام البنية التحتية لمساعدات الملاحة الجوية بالأساس, مما يشكل سوقاً رابحةً لشركته إذا ما سارت في فلك السيد بسجناني.
لم يحرك السودان ساكناً غير محاولاته لإعادة تخطيط المجال الجوي التي لم تثمر حتى الآن, واكتفت مصر برسالة لـ(الإيكاو) لم تخرج عن نطاق الاستنكار وتم إسكاتها عبر استثناء مصر للطيران من عقوبات كانت تنتظرها لمخالفات ببعض الدول الأوروبية, إلاّ أن رد الفعل الكيني كان الأعنف, حيث شكلت سلطات الطيران المدني الكيني ورشة عمل لمتابعة مشروع تحويل المسار الجوي وسارت في اتجاهين, الأول تمثل في إثارة نعرة الإنجليز باعتبار أن مسار شرق ووسط أفريقيا يمثل بعداً تاريخياً لدول الكومنويلث, علاوة على أن مشروع البساط الأحمر يمر عبر الدول الفرانكفونية, أما المسار الثاني فكان تهديدياً للسيد فولينهوفن حيث تمت برمجة إغلاق مؤقت للأجواء الكينية إبان انطلاق دورة كأس الفيفا لعام 2010 بجنوب أفريقيا, مما قد يطيح بخطط الاستضافة وبرمجة المباريات, مما يشكل أعباءً مالية وضغوطاً تنظيمية تشكل تهديداً مباشراً للدورة, إلاّ أن السيد فولينهوفن ومعاونيه نجحوا في تحييد الكينيين, حيث وعدهم بأنه و(الاياتا) سوف يقومون بعمل اللازم لتكون نايروبي مقراً لمركز الملاحة الجوية لشرق ووسط أفريقيا, ضمن خطة تقسيم وعولمة الحركة الجوية, الأمر الذي كانت كينيا تخشى إقامته بالخرطوم ذات المركز الجاهز والذي يضاهي أعتي المراكز.
تعتبر منظمة الطيران المدني العالمية شريكاً أساسياً في عمليات الدول الأعضاء, حيث تتعهد بالرعاية والتطوير وإرساء القواعد الأساسية للنهضة في هذا المجال, وكان من الطبيعي أن تلقي بثقلها إبان عام الحزن السوداني جراء الحوادث الأخيرة, ووفاءً لالتزامها الأخلاقي شخَّصت المنظمة العالمية داء الطيران المدني وخرجت بتوصيات كان من أهمها:-
أن السودان يحتاج إلى مساعدات عاجلة في مجالات تدريب المفتشين لكافة قطاعات الطيران
وأن السودان يحتاج إلى إعادة تخطيط مجاله الجوي
وأن السودان يحتاج إلى إيجاد آلية للتحقيق في الحوادث تتسم بالشفافية والمهنية, مع إشراك المجتمع الدولي في ما يتوصل إليه من حقائق ومن ثم إيداعها في بنك المعلومات الدولي
وأن السودان يحتاج إلى إخضاع العاملين في حقل الطيران المدني لدورات مكثفة لرفع حاجز اللغة (اللغة الإنجليزية هي اللغة الرسمية للتعامل)
وأن السودان يحتاج إلى إيجاد آلية محلية للمعلومات تعمل على تحليل وتوثيق عمليات التراخيص, مثل تراخيص التشغيل للشركات وتراخيص السماح بالطيران للأفراد, علاوة على تراخيص صلاحية الطائرة للطيران وإخضاع كل الشركات العاملة لبرامج صيانة صارمة, تخضع للتفتيش الدوري والتفتيش المفاجئ لتطابق معايير السلامة العالمية
تم الاتفاق على أعلاه في سمنار السلامة الجوية الذي انعقد بالخرطوم في أكتوبر 2009 على أن يتم إنفاذه في مدة لا تتجاوز الأربع سنوات, على أن تتم مراجعته بعد عامين.
ونناقش لاحقاً لماذا نكصت (اللإيكاو) على عقبيها ودور الغياب الإقليمي للطيران المدني وقانون الطيران المدني الجديد.
صحيفة الحقيقة
http://www.alhagiga.com/news.php?view=795
|
|
|
|
|
|