|
|
 Re: وتظل الوحدة ممكنة (Re: محمد فرح)
|
الصادق الرزيقي
3-5-2010
أطلق السيد سلفا كير ميارديت رئيس الحركة الشعبية قبل أيام، تصريحات حول الوحدة وسعي الحركة وعملها الإيجابي من أجل وحدة السودان، ولم تمضِ ساعات حتى رد السيد علي عثمان محمد طه، نائب الرئيس ونائب رئيس المؤتمر الوطني، التحية بأحسن منها، ورأى في حديث السيد سلفا كير تعبيراً عن إدراك واعٍ لما يمكن أن توفره الوحدة للسودان من تطوير وتقدم وقدرة على مغالبة المصاعب التي تعوق التطور والتقدم المنشود.. ووصفها أيضاً بالدراية وبعد النظر لمستقبل السودان، وأن قضايا ما بعد الاستفتاء ستتم مناقشتها بذات الروح الوطنية السابقة لتعزيز الوحدة.
٭ ولا جدال هنا حول النوايا الطيِّبة وحسن الظن في الوحدة، وما يقوله رئيس الحركة الشعبية والنائب الأول للرئيس حولها، كما لا تنتطح عنزان حول الرغبة الجامحة لقيادات المؤتمر الوطني في الوحدة، التي لا تتوافر مقوماتها ومشروطاتها، ولا يلوح من طلائعها ما يهدأ به جنان الحزب الحاكم الذي يلهث خلف شريك لا يود الوحدة ولا يسعى لها ولا يعمل من أجلها، وغير مقتنع بها أصلاً..
وفي سياق العمل السياسي وضروراته، يقول المؤتمر الوطني ما يحسبه أنه القول الصحيح في أوانه المريح، مجاملاً أو صادقاً، ويحسب هذا الموقف الذي عبر عنه الأستاذ علي عثمان محمد طه، بأنه المكان الذي لا بد أن يطل منه المؤتمر الوطني من تلة الراهن السياسي على كل الخيارات المطروحة أمامه، وهي خيارات ضيقة وضئيلة للغاية، أو قل هما خياران فقط، إما الوحدة بكل حملها الثقيل وركام عواقبها وتاريخها ومترتباتها، أو الانفصال باحتمالات آثاره ورجحان قدره السيئ على الفأل الحسن كما يقول البعض.
والواقع لا يدعم أقوال طرفي نيفاشا، ولا يسند قفا شريكي الحكم وهما يجاملان بعضهما، فالسيد سلفا كير في قرارة نفسه وفي حقيقة دواخله وفي صميم تعبيراته عن الموقف الحقيقي، هو ضد الوحدة. ويذكر الناس له تصريحات في مناسبات مختلفة آخرها في يناير الماضي في إحدى كنائس جوبا، عندما خاطب مواطني جنوب السودان، بأنهم إذا أرادوا أن يكونوا مواطنين درجة ثانية عليهم اختيار الوحدة، وإذا أرادوا الحرية والانعتاق والاستقلال فعليهم اختيار طريق الانفصال.
ولا يجد رئيس الحركة مناسبة إلا وحقن الجسد الجنوبي كله بعقار ومصل الانفصال وحض الجنوبيين عليه، وهو ينطلق في ذلك من نقطة مركزية جوهرية متأصلة في مفاهيمه ومشاعره الميَّالة نحو الانفصال النافرة من الوحدة..!!
ثم أنه خلال الخمس سنوات اللائي تصرَّمن من عمر الشراكة، لم يفعل وهو يقود حكومة الجنوب، ما يعزز هذه الوحدة ويقوي عودها، ويملأ أشرعتها بالهواء الوحدودي قوي التيار.
وظل السيد سلفا مركوز الأرجل غائص القدمين في الجنوب، لا تساوره أدنى مشاعر وحدوية، للوجود في الخرطوم، حتى لممارسة دوره الدستوري باعتباره نائباً أولاً للرئيس، وفي ذلك منذ البداية إشارة واضحة للموقف الحقيقي له ولحركته من الاتحاد مع الشمال، فقد استعصم بجوبا ورضي من اتساع رقعة السلطة بالجزء الذي يليه، كمن يأكل مما يليه لا تساوره نفسه لمد يده أكثر.
وهيمنت أفكار ومفاهيم الانفصاليين الجنوبيين على مسارات العمل السياسي وخطاب الحركة الذي جرى على لسان السيد سلفا كير، ولذلك تعمدت أو اختارت حكومة الجنوب، ألا تنشط وتعمل مع الحكومة الاتحادية لجعل الوحدة جاذبة، وحصرت حكومة جنوب السودان نفسها في الجنوب، تعزز اتجاهها نحو الاستقلال عن الشمال، ويصف قادة الحركة الشعبية الشماليين بالمستعمرين، واضعين كل أهل الشمال في المرتبة الثانية والرديفة للاستعمار الانجليزي، وبلغ من ذلك أنهم يعتبرون قادة تمرد توريت 5591م أبطالاً، وكل من خاض الحرب ضد الشمال رمزاً وطنياً للجنوبيين.
وفوق ذلك تغافلت حكومة الجنوب عن أية مساعٍ ومشاريع تدعم الوحدة، مثل مشروعات البني التحتية، وعمل المؤسسات الاتحادية في الجنوب، والربط الإعلامي، واتساع رقعة شبكات الاتصال، ووحدة الرمز البريدي ورمز الاتصال الدولي، ومناهج التعليم، والضرائب والجمارك والشرطة الموحدة، وقوانين المرور ونظمه، وكل ما من شأنه تعزيز الوحدة المرتجاة وبرقها وسحابها الخُلَّب..!!
إن الطريق الطويل نحو الوحدة الذي لم تنجزه الدولة بحكومتيها الاتحادية وحكومة الجنوب في السنوات الخمس الماضية، لن تقطعه خلال ثمانية أشهر بغال الأحلام العجفاء التي ستنفق في أول الطريق
| |
 
|
|
|
|
محمد فرح
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست