نهر النيل يتلوث-مأساة جديدة

Quote: ?? بتاريخ 2010/2/16م، نشرنا تحت عنوان «نهر صرف صحي يصب في النيل بأمدرمان»، كشفنا من خلاله بالصورة تدفق كمية كبيرة من مياه الصرف الصحي الذي ينبع من مدينة الشهيد «علي عبدالفتاح» الجامعية للبنات، أمدرمان، ويصب في النيل على بُعد أمتار قليلة جنوب محطة مياه بيت المال.. فتصدت وزارة البيئة والآثار، ولاية الخرطوم، للقضية البيئية والصحية وزارت موقع نهر الصرف الصحي، وأخذت ثلاث عينات منه من مناطق مختلفة، والتقت بمسؤولي المدينة الجامعية الذين دافعوا عن فعلتهم أن المياه «مُعالجة».. والسؤال هنا: هل مياه الصرف الصحي الخاصة بداخلية الشهيد علي عبدالفتاح الجامعية للطالبات معالجة فعلاً؟ وإذا كانت معالجة هل يجوز صحياً التخلص منها داخل النيل؟ ---- التحليل المختبري «الرأى العام» تحصلت أخيراً على نتيجة التحليل المختبري لعينات مياه «نهر الصرف الصحي..» من ثلاثة مواقع حتى تصريفها في النيل، وثبت أنها تفوق المعدل المسموح به، طبقاً لمعايير الصرف الصحي، والمياه العادمة الصادرة من منظمة الصحة العالمية، وفقاً للمادة 25 «1» من قانون حماية وترقية البيئة لسنة 2008م.. وعبارة «تفوق المعدل المسموح به» تعني صراحة أن مياه الصرف الصحي لداخلية الطالبات «ملوثة»، حيث أثبت التحليل المعملي احتواءها على كمية عالية «جداً» من البكتيريا المسببة للإسهال المعوي، التي يطلق عليها علمياً «بكتيريا القولون».. وللأسف هذه الكمية التي تتدفق على نيل أمدرمان وتختلط بمياهه كفيلة بقتل الإنسان الذي يتناولها، إذ تبلغ نسبتها في المياه حوالى «900»!! «400» لتر يومياً معلوم أن مدينة الشهيد «علي عبدالفتاح».. الجامعية للطالبات بأمدرمان، تأسست منذ العام 1998م وتعد أكبر مجمع سكني طلابي، بمساحة «24» ألف متر مربع، وتسع «4200» طالبة، وتعاني منذ فترة من عيوب في آبار السايفون، لذلك تفتق ذهن إدارة المدينة على هذا الحل السهل والخطر بتصريف مياه الصرف الصحي داخل النيل، علماً أن كمية مياه الصرف الصحي التي تخرج من مدينة الطالبات وتصب في النيل مباشرة تقدر بحوالى «400» لتر يومياً!! تأكيد التلوث بتاريخ 2010/3/30م، بعث د. عمر مصطفى عبدالقادر المدير العام لوزارة البيئة والآثار، ولاية الخرطوم، خطاباً للسيد مدير داخلية علي عبدالفتاح الجامعية للطالبات، بأمدرمان، خطاباً يوضح تلوث مياه الصرف الصحي التي مصدرها المدينة الجامعية وتصب في النيل، هذا نصه: «بالإشارة للموضوع أعلاه - مياه الصرف الصحي- وبعد الزيارة الميدانية، وإجراء التحليل المختبري لعينات مياه الصرف الصحي بالداخلية من ثلاثة مواقع حتى تصريفها بالنيل، ثبت بأن هذه المياه تفوق المعدل المسموح به طبقاً لمعايير الصرف الصحي، والمياه العادمة الصادرة من منظمة الصحة العالمية، ووفقاً للمادة 25 «1»، من قانون حماية وترقية البيئة للعام 2008م. عليه يمنع منعاً باتاً تصريف تلك المياه في النيل، ويجب إجراء معالجة سليمة، وإعادة استخدامها في الري وفق ضوابط استخدام مياه الصرف الصحي، وذلك في فترة لا تتجاوز أسبوع من تاريخه، حتى لا نضطر لإتخاذ الإجراءات القانونية». د. عمر مصطفى عبدالقادر المدير العام لوزارة البيئة والآثار - ولاية الخرطوم خطاب تحذيري واستناداً إلى نتيجة تحليل عينات المياه، التي أثبتت معملياً تلوث مياه الصرف الصحي، توجهت الإدارة العامة للبيئة، وزارة البيئة والآثار، ولاية الخرطوم، بخطاب تحذيري لإدارة المدينة السكنية الجامعية بإيقاف تدفق مياه الصرف الصحي فوراً في النيل، سواء أكانت معالجة أم لا، مع تنويرها بالكيفية التي يمكن التخلص منها دون أضرار صحية أو بيئية كاستخدامها لري الأشجار والحدائق القريبة منها، بالتنسيق مع الجهات ذات الصلة.. يؤكد ذلك تقرير وزارة البيئة الآتي: «بعد التأكد من عدم سلامة مياه الصرف الصحي المتدفقة من داخلية «علي عبدالفتاح» في مياه النيل، قامت وزارة البيئة والآثار، ممثلة في الإدارة العامة للبيئة بالآتي:- ? تم إخطار إدارة الداخلية بوقف تدفق مياه الصرف الصحي الى النيل، وفقاً لقانون حماية وترقية البيئة لسنة 2008م. ? تم إخطار هيئة مياه ولاية الخرطوم بإجراء اللازم. ? الدعوة لاجتماع مع الجهة المعنية للإتفاق على كيفية استخدام مياه الصرف الصحي - بعد معالجتها- عن طريق ري الأشجار والحدائق العامة بالتنسيق مع الجهات ذات الصلة. المياه المعالجة قد يتساءل القاريء: ما هي المياه المعالجة؟ وكيف تتم معالجتها؟.. تبدأ خطوات المعالجة بعمل ترسيب لعزل الأشياء العالقة، وترسيب المواد الثقيلة، ثم تصب عليها مواد كيميائية لامتصاص الروائح والغازات، بعدها تأتي مرحلة المعالجة البيولوجية بالكلور لقتل الميكروبات والديدان وبالتالي تصبح المياه معالجة وشبه نظيفة، وخالية من الأحماض والقلويات، غير أن التحليل المختبري لعينات مياه الصرف الصحي لداخلية الشهيد علي عبدالفتاح أثبتت احتواءها الزائد في معدل الأحماض والأس الهيدروجيني، والأكسجين الكيميائي والحيوي فوق الحدود المسموح بها. ?? أخيــــراً ?? ? نتساءل أخيراً: أين نتيجة عينات مياه نهر الصرف الصحي التي أخذتها هيئة مياه ولاية الخرطوم لتحليلها بالمعمل الخاص بها، بحكم أن المياه الآسنة تصب في النيل على بعد أمتار قليلة جنوب محطة مياه بيت المال، التي يشرب منها آلاف المواطنين من سكان أحياء أمدرمان الشرقية؟ تساؤل أخير: لماذا هذا الصمت من وزارة الصحة ولاية الخرطوم؟ ?? اختتمت هذا التحقيق بزيارة ميدانية لنهر الصرف الصحي بنيل أمدرمان بشارع النيل أمدرمان عصر السبت الماضي، وتحديداً في تمام الخامسة، واندهشت لاستمرار جريانه داخل النيل، بل إنه بكميات أكبر، إذ أن منظر المياه وهي تتدفق من أعلى المصرف أسفل الكوبري الذي يجتاز شارع النيل، يخال لك أنه شلال نياجارا.. كما لحظت كثافة الزبد الأبيض على سطح المياه.. فهل «يتحدى» نهر الصرف الصحي الجميع؟!!