|
الحزب الشيوعي اكثر المستفيدين من انفصال الجنوب ، بشرط..
|
هب ان الجنوب انفصل . فما هو مصير الحركة الشعبية قطاع الشمال ؟ وما هو مصير الجنوبيين الذين ارتبطوا وجدانيا بالشمال ؟ نتوقع والله اعلم ما يلي: الحركة قطاع الشمال ستصبح يتيمة بلا اب وبلا ام، وستفقد الدفع والسند الروحي والمادي المستمد من القادة التاريخيين في الجنوب . ستبحث عن اعادة توازن وهيكلة لنفسها، وستكون قواعدها المضمونة ( اعني الجنوبيين الذين يناهز عددهم المليونين في الشمال ) متنازعة دستوريا بين البقاء في كمواطنيين شماليين ، او ان يتم ترحيلهم لوطنهم الاصلي الذي هو دولة حديثة الآن ( سيخطئ البشير سياسيا وفي غير صالح حزبه اذا استمر في وعده بأن يعتبرهم شماليين بعد الانفصال) لأنه ومنطقيا سوف لن يجدوا اطارا سياسيا يحمي حقوقهم بشكل قوي وحقيقي في ظل انبتات الحركة الشعبية المنفصلة الرأس . هنا سيبرز السيناريو الذي اتوقعه انهو اندماج الحركة الشعبية قطاع الشمال مع الحزب الشيوعي الذي سوف لن يجد غضاضة ولا تناقضا فيما اذا تبنى قضاياهم التي في مقدمتها : علمانية الدولة والغاء الشريعة الاسلامية وتنمية لهجاتهم المحلية والسماح لهم بممارسة حياتهم بحرية كاملة دون قيود مرتبطة بدين او عادات او تقاليد لا ناقة لهم فيها ولا جمل . هؤلاء مع تزايد الوعي والشعور بالخطر كأقلية سيصبحون اكبر واضمن قواعد موالية للحزب الشيوعي على نحو اكثر فاعلية من بعض كوادره الشماليين الذين يتحولون احيانا بفضل الهداية الى اسلامويين !، طالما انهم مسلمون في الاصل ، بل ويتحولون الى حجة قوية لدعم مطلب العلمانية ومحاربة تطبيق الشريعة الاسلامية عند غلاة العلمانيين. ولكن الأمر ليس بهذه السهولة لأن غضب الشماليين وشعورهم بخيبة الأمل تجاه اخوتهم الجنوبيين بعد تفضيلهم للانفصال في الاستفتاء سوف لن يسمح ببقاء امتدادهم هنا بما قد يعتبره البعض حصان طروادة او القنبلة الموقوتة أو على الأقل الوسيلة المتوفرة دائما لفرض اية اجندة غربية أو اهداف منظمات اجنبية قد تستهدف الاسلام والمسلمين الملتزمين ، او كوقاية لحماية خيارات الليبراليين واليساريين وسط هيمنة الطروحات ذات الطابع الديني التي تنتجها باستمرار الاحزاب الشمالية الكبرى. حراس الطائفية المتنفذين واذكياء الاسلاميين سوف يفطنون الى هذا ويمنعون حدوثه. واما اذا لم يحدث ذلك فان مجرد تغيير اسم الحزب الشيوعي الى شئ من قبيل ( الحركة الشعبية الشيوعية ) مثلا سيكون مناسبا لادماج الحزبين في حزب كبير ومستقر العضوية ومسنود ماديا ومعنويا من جوبا والغرب ودول الجوار معا ، واما تغيير الاسم الى صيغة من نوع ( الحركة / الجبهة الشعبية الاشتراكية) فسوف يكون كافيا- بعد اجراء المعالجة الهيكلية والمضمونية اللازمة طبعا - لتمهيد الطريق نحو الجمع بين معظم اطراف اليسار السوداني وحركات الهامش العلمانية في حزب واحد او قل جبهة واحدة ضاربة وقوية تهدد نفوذ الاحزاب الطائفية والحركة الاسلامية كل على حدة ، اللهم الا اذا اتحدوا جميعا وهذا يبدو ضربا من خيال . ولكن يبقى الرهان الصعب او قل المعترك الحقيقي هو استبقاء هؤلاء الجنوبيين الشماليين شمالا وحمايتهم من استحقاق الترحيل. وهذه بالقطع معركة ضخمة تنتظر السودان في المرحلة القادمة فيما اذا لم يتم وضع صيغة جامعة بديلة للوحدة، واعني بذلك اللجوء مثلا الى خيار الكونفدرالية الذي يلوح في الأفق. كلام البشير في احتفالات ذكرى نيفاشا الأخيرة كما قلنا يصب في صالح الحزب الشيوعي الذي يعد الأقرب ايدولوجيا الى الحركة الشعبية ، ولكن سيادة الرئيس لا يدري انه اذا سمح باستمرار الجنوبيين الشماليين في مستقراتهم الراهنة فانه سيفقد الجنوب كسوداني وايضا معه الشمال كسياسي اسلامي. اما اذا كان قد ضمن الكونفدرالية مسبقا من شريكه ( الحركة ) وعلى هذا الاساس يتكلم فهذا امر آخر ارجحه. هذا والله اعلم. ________________ ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار
|
|
|
|
|
|