كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
|
|
 " شـاي دم دكـاترة " . . في صحة الوطن والنضال!
|
.
شاي دم دكاترة . . في صحة الوطن والنضال(1)
في صباح مختلف بطعم غرنفل النضال الوطني، أرشف شاي هذا الصباح، وأنا أطالع نص بيان اليوم السادس لإضراب أطباء السودان ..
يقول : ( .. الإخوة الأطباء في كل جزء عزيز من بلادنا.. لكم منا التحية و التجلة، وأنت تدخلون في مرحلة جديدة من مراحل النضال من أجل صناعة واقع جديد لكم كأطباء . واقع تتوفر فيه كل ملامح الكرامة و الإكتفاء.. مادياً و معنوياَ .. هذا أبسط ما يجب على الدولة أن توفره لكم، إذ انحاز كل فرد منكم لهذا الوطن الأبي، مقاطعاً لكل خيارات الحلول الفردية ،من هجرة لخارج البلاد أو تكسب متهالك على كل دنيا بداخله ..
( .. و اليوم نعلن لكم قرارنا بتمديد الإضراب بشكل مفتوح دون سقف مالم تتم الإستجابة لمطالبنا بقرار لا لبس فيه و لا تسويف قبل ختام اليوم السابع و الأخير من الإضراب الحالي..)
أطالع بيان أطباء بلادي كحال الذي عثر على أحد أسفار حضارة المايا، فتعبرني من الجانب الآخر عشرات البيانات الحزبية الباهتة والمخزية التي لم تتجاوز بنا حدود الأدانة والشجب والمطالبة، وضروب القيام بواجب رزق اليوم السياسي، فيتعكر من فرط تهافتها مزاج الوطن، بما تبدد تحت وابل النكوص على المواثيق، وكذب الوعود، فتضيع القضايا، يلفها صمت الجماهير التي أحالت صبرها على جحود النخب الحزبية، سعياً ولهاثاً خلف لقمة العيش وسبل الرزق ما أستطاعت الى ذلك سبيلا، من فرط الجبايات والضرائب وصنوف محاربة الرزق الحلال، وسياسات التخويف والحرمان والتشريد في منافي الأرض وبلاد الإغتراب ..
فأستطعم المرار في لساني وينكسر في داخلي ألف خاطر في أحوال الوطن، فأعود على صحو بيان الأطباء، فيطيب خاطري، على رشفة أخرى أستطعم فيها قول النساء عندنا وهن يضعن هبهان المعزة والواجب والترحاب بالضيوف حتى تقول إحداهن: تفضلوا .. سويت ليكم شاي ما شاء الله، دم دكاترة!
وأقرأ في بيان الأطباء .. فتتداعى المشاهد ما كان في أحوال أهلنا .. يلوح على صفحة قلبي وميض لبسمة جدتي أطال الله عمرها وهي تصنع كل صباح لأحفادها بكامل المهارة افطارا على تخوم شاييها الصباحي المحبب، مزيدا من الغرنفل يا أمي يعدل المزاج وينعم علينا برضاك، عسى أن لا يشغلن فؤادك ما كان من صروف حياتنا البائسة، الآن عرفنا اي تحفيز كان يصون العبارة: "شاي دم دكاترة" . . رعى الله تلك الديار وحفظ أهلها .. ويواصل البيان (اليوم يكمل إضرابكم يومه السادس، وأنتم أكثر قوة و تماسكاً و وحدة، لمسناها بجلاء مبهج في اجتماع جمعيتكم العمومية اليوم الأحد 21 مارس.. لقد أكد لنا اجتماع اليوم ما نحن على يقين به، من أن القضية قد صارت في قلب كل طبيب و عقله .. هذا اليقين الذي يدعنا لا نبالي أي مصير نمضي إليه، ما دام الحق صار بيد أصحابه ، الذين صاروا أكثر و عياً و تمسكاً به من أي وقت مضى، و أكثر استعداداً لكل تضحية و بذل.. )
أنا على ثقة لا يداخلها أدنى شك، بإنتصار هذه السطور الصادقة ، مثلما كان أهلنا وبكامل الثقة ينتظرون عودة الطبيب الجراح الأشهر زاكي الدين من رحلاته العديدة حتى يجري لهم العمليات الجراحية، يراهنون على مهارته وإخلاصه ولايستبدلونه بأي جراح من زملائه الكرام الأماجد، وقد كان شفاؤهم على يديه واجباً يعززه كرم النفس والتفاني بعد رعاية الله وفضله .. فأمثالهم أهل ثقة ومحل تقدير وإفتخار .. فالمهنة التي قدمت د. خالدة زاهر والهادي أحمد الشيخ وعبد السلام جريس وعلي فضل وناهد محمد الحسن على سبيل المثال لا الحصر، لاتخون العهد ولن تفرط في القسم.
قلت في نفسي: لزمان طويل لم اتذوق طعماً للشاي على هذا النحو، فهل كان ذلك بعضاً من ملاحة وجدتها في صدر هذا البيان في مقابل المخازي السياسية التي لاتعد ولا تحصى؟!
أم أنه محض تعاطف مخصوص أكنه لأهل مهنة الطب، إحدى أسبابه ما ظل يختبئ من رغبة اليفاعة الباكرة بدراسة الطب ؟ أم يا ترى هو بعضا من أخلاق العرفان ورد الدين وحفظ الجميل، لمن بذلوا نفسهم لشفاء الناس في المدن والأصقاع والقرى البعيدة النائية على طول البلاد وعرضها؟! أم أنه يا ترى يكون فضلا من باب إعجابي حد الدهشة بالعالم الكبير (الكسندر فليمنغ) مكتشف البنسلين يرمي بظلاله على الموقف من إضراب الأطباء في هذا البلد المنكوب؟! أم أنه كان ولابد هو بذات النكهة "شـاي دم دكاترة" كما تقول تلك العبارة الفريدة.
نواصل
سيف اليزل
.
|
|
 
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: " شـاي دم دكـاترة " . . في صحة الوطن والنضال! (Re: سيف اليزل الماحي)
|
.
رشفة أخرى تعدل مزاج البلاد،أو لعلها تتكيف على تجليات الواقع بمفرزة تمايز بين الحق والباطل،
الصدق والكذب، بين الشرف والخيانة، بين الممكن والمستحيل .. وأنا أقرأ بيان الأطباء تتداعى بالأسف
من أمامي أن ترهن الأحزاب السياسية مواقفها"الإيجابية" من قضية الأطباء العادلة، لفرية "تسيس القضية" ليتركوا الأطباء في مواجهة مفتوحة مع "النظام الحاكم" .. لكن حكمة الله أن الأطباء إنتصروا لإرادتهم
ذلك لأن أوجه الحق الكثيرة ليس من بينها وجهاً للخوف أو الخذلان.
ونواصل
سيف اليزل
.
| |
|
|
|
|
|
|
| |
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست