|
كم يكون عدد الوزراء لو لم يكن الحكم فدرالي - بقلم النعمان حسن
|
كم يكون عدد الوزراء لو لم يكن الحكم فدرالي - بقلم النعمان حسن غابت الحكومة ولم يحس مواطن بأنها غير موجودة أكثر من شهر لم تكن هناك حكومة ولم يحس بغيابها احد حتى تساءل الكثيرون عن مبرر وجودها ولما عادت بعد مخاض طويل غلبت عليه موازنات ليس فيها هموم الوطن وبلغ عدد وزرائها سبعة وسبعون وزيرا و جاءت لتطرح السؤال الكبير: كم كان سيكون عدد الوزراء فى الحكومة المركزية لو لم يكن النظام الفدرالي الذي ينتشر فيه 26 والى كل والى منهم له حكومة لا تقل عددا من الوزراء ولا يعرف بعد عدد المشتشارين على المستوى الإتحادى والولايات ثم كم هم اعضاء المجالس البرلمانية المركزية والولائية والإستشارية وأعضاء مجالس الإدارات في المؤسسات الاتحادية والولائية و كل عضو فيها يتقاضى ألوف الدولارات وكم عدد العربات والمنازل التي يشغرها هذا الجيش الجرار وكم هي عدد المنازل التي يملكونها بقروض من الدولة مؤجرة في سوق المواسير وكم هم عدد الحراس والعاملين في خدمة هذا الحشد الذي لا يحصى وكم هي المخصصات المختلف ألوانها خاصة ما يرتبط بالأسفار والترحال. لنغض الطرف عن الحديث عن الفساد المستشري وعن تعيين المحاسيب من الأهل والمعارف وما يتمتع به هؤلاء من مخصصات. حاولت أن امسك بورقة وقلم لإحصهم عددا ولكن المهمة تبدو مستحيلة ولعل إحصاء هذا العدد وتكلفته المادية على دولة من أفقر دول العالم وأكثرها استنزافا للمواطن من جبايات وضرائب وعوائد ونفايات وفاتورة مياه غير صحية تبلغ المائة جنيه شهريا في بعض الحالات وفواتير كهرباء وغيرها من الالتزامات التي يصعب حصرها وبدا لي الأمر في النهاية انه أمر يستحق أن يصدر فيه كتاب اسود ولكن من يهتم بإصداره وكبرى الأحزاب يتسابق قادتها بحثا عن نصيب في الكعكة وعن التعويضات الخ والتاريخ لا يعفيهم من المسئولية.. أما عدد المنظمات شبه الحكومية من طلاب وشباب ونساء التي أصبحت عبئا على الدولة لها ميزانيات وإستقطاعات وغيرها من (إبداعات) هذا الزمان ومن كوادر تدير الحزب الحاكم وما تستنزفه مؤسساته من ميزانيات لا تقل عن الحمل الثقيل لجهاز الدولة الرسمي إن لم تزيد عنها. ثم أم البدع هذه المنظمات الطوعية التي لم تترك مصطلحا خيريا ودينيا إلا وتصدر لوحاتها التي أصبحت نفسها مصدر استنزاف لموارد الدولة خاصة كلما كانت المؤسسة الخيرية يقف على رأسها من هو اقرب في الحسب والنسب. أما الأجهزة الإعلامية المرئية والمسموعة والمقروءة المسخرة فهي لا تقل استنزافا لخزينة الدولة حيث أصبحت مصدر غير مباشر وغطاء لصب الملايين في جيوب من يدعمون هذا الواقع بالكلمة والصوت والصورة حتى إن المرء يسمع أحيانا مرتبات أرقام فلكية يصعب تصديقها ولكنها حقيقة فهناك من لم نسمع به في ساحة الإعلام خاصة في الصحافة يتقاضى في الشهر ما يزيد عن مرتب عشرة صحفيين وربما يكون له مرتب في أكثر من جهاز إعلامي في وقت واحد. واقع مؤسف يدفع بالمواطن الأغبش المغلوب على أمره أن يتحسر على الاستعمار الإنجليزي والذي يسجل له التاريخ انه كان يدير الدولة بتسعة محافظين يقف كل محافظ منهم على رأس مديرية يساعده مجموعة من ضباط المجالس البلدية والريفية وجهاز للخدمة المدنية غير مطلق اليد كما هو الحال اليوم.فالعربات تحت سيطرة النقل الميكانيكي وبضوابط لا يجرؤ احد على الخروج عنها وأثاثات المكاتب تحت سيطرة مصلحة المخازن ولا زلت أذكر ذلك اليوم عندما تمت ترقيتي لدرجة مفتش فصرحت لي المخازن (بتربيزة )مصنعة في المصلحة وليس من محلات الأثاثات الفاخرة ويميزها عن التربيزة السابقة في الدرجة كيو انها بدرج وكرسي لضيف واحد في عهد الإنجليز لا تجد أكثر من ثلاثة سكرتيرين على الأكثر الوكيل ونائبه ومساعده(والوزير) في بداية الحكم الوطني إن وجد والآن يوازى عددهن عدد الموظفين وفى مكاتب لم يكن يتمتع بها وكيل الوزارة. واهم من هذا خلف الإنجليز قانون خدمة وتوظيف لا يعرف المحسوبية في التعيين والترقية ولجنة شكاوى تلغى أي تجاوز للوائح الخدمة تابعة لديوان الموظفين. كما تركوا نظام مالي لا يقبل توريد أي مال لا يدخل الخزينة ويخضه لأوجه الصرف حسب الميزانية ولا مجال لفتح الخزينة في مكتب كل مسئول يتبرع بها كيفما يشاء ولا تخضع التبرعات لمراجعة.. ليس هناك ما يمكن قوله عن هذا الواقع المؤسف ولولا الحياء ولولا الخوف من تهمة العمالة لقلت يا ليت عهد الإنجليز يعود إذا كان المعيار العدالة والمساواة بين المواطنين والانضباط المالي على كل المستويات وإذا كان المعيار التمتع بكافة الخدمات الضرورية بالمجان خاص التعليم والعلاج ولكن خرجنا يوما نهتف يسقط يسقط الإستعمار ولا اعرف من هو الذي سقط في النهاية. لا أنسى في نهاية هذه المقالة ان ابعث بالتحية لقادة احزابنا السياسية حاكمة ومعارضة فالحال على بعضه هذا ما يقوله المواطن الغلبان حتى لو كانت هناك فوارق نسبية بين عهد وعهد وحتى لو كان عهد الإنقاذ هو الأسوأ في تاريخ السودان.(معليش حتى الأن)
|
|
|
|
|
|