دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
Re: الراحل محمّد عبد الحي أوّل من أسس مثلث حمدي !! (Re: إسماعيل وراق)
|
لغير المتابعين.. أدناه استعراض مختصر لمثلث حمدي..
Quote: وجدتها مُنَاسَبة وقضية الانتخابات تبرز للسطح كمحطة تناول إعلامي بعد إستهلاك قضية المحكمة الجنائية الدولية إعلامياً، وأن المفوضية تدرس تعجيل انتخابات رئاسة الجمهورية حين لم يتبقَ على الإستحقاق الانتخابي كثير وقت، وهدد تجمع أحزاب المعارضة بمقاطعة الانتخابات إذا ما تم الاتفاق على قيامها قبل موعدها، معتبرة ذلك مؤشراً لعدم نزاهة الانتخابات ومخالفاً لنصوص اتفاقية السلام الشامل. وجدتها مناسبة أن أتعرض لورقة حمدي الشهيرة والتي قدمها في المؤتمر العام للمؤتمر الوطني عام 2005م وبسببها تعرض لاتهامات من جنس العنصرية والجهوية... وواجه تنظيماً مضاداً بعد شهر من نشرها بواسطة حملة يسارية مضادة عليه على شبكة الانترنت وفي الصحف المحلية بقيادة الكتاب اليساريين، ظناً منهم في ذاك الوقت أن الورقة التي قدمها حمدي سوف يتبعها المؤتمر الوطني وكانت الورقة بعنوان (مستقبل الإستثمار في الفترة الانتقالية) ويبدو أن هذه الرؤية فآجأت حتى المؤتمر الوطني.ويقول الدكتور (عبد الرحيم حمدي) حضر إلىّ أثنين من الأخوة الكرام من منظمي المؤتمر، طلبا مني أن أكتب ورقةً أقدم فيها رؤية عن كيف يمكن للمؤتمر الوطني أن يوظف الاستثمار كبرنامج للانتخابات، وقالوا أن هذا تكليف لشخصي، ورغم اعتذاري واعتراضي أصرا وألحّا إلحاحاً شديداً، فأجبتهما بأنني سوف أكتب رأيي، ويبدو أنهما يعرفان أنني في أوقات سابقة شاركت في إدارة عمليات انتخابية للحركة الإسلامية ولديّ خبرة واسعة في هذا المجال، فكان أن كتبت الورقة وسميتها (مستقبل الإستثمار في الفترة الإنتقالية) وقلت لهما شفاهة أن هذه الورقة صريحة جدا وقد تكون مصادمة، وقلت لهما إذا كنتم تريدون أن تعلنوها فلكم الخيار، وفوجئت بأنهم أعلنوها، وفي المقدمة (الشفاهية) قبل عرض الورقة.فتحدثت الورقة بصراحة عن مستقبل الاستثمار في السودان وأثره في كسب العملية الانتخابية، وقالت عن الإستثمار بالنسبة لنا في الحزب لا بد أن يكون خادماً لبرنامجنا الانتخابي، وتحدثت عن ضرورة الصراحة في هذا الأمر، وقال لهم أن الحركة الشعبية صريحة وواضحة في طرحها، وفي موقعهم الإلكتروني ثمة عدد كبير من المنشورات والمقالات التي تتحدث عن فلسفة الحركة الشعبية القائمة على بناء سودان جديد، ولكي نبني السودان الجديد لابد أن نحطم السودان القديم، فهم واضحون وصريحون، فالوضوح والصراحة مهمان جداً في هذه الظروف، ولأسباب اقتصادية ولوجستية ذكرت الورقة أنه يجب أن نوظّف الإستثمار فيما يخدم أغراضنا الإنتخابية على نحو مباشر، وأن نوجه هذا الاستثمار في المناطق التي نضمن لنا فيها قاعدة انتخابية وأصوات لصالح حزبنا، وقال إنني أقدّم هذه الورقة بتكليف من الحزب الحاكم وليس من الدولة. الطريف في نهاية الورقة وقف الزبير أحمد الحسن وزير المالية وقتها، وقال إن هذه الورقة لا تمثل سوى رأي حمدي فقط. وقال إنه من واجبه، هو، كوزير للمالية أن يستقطب استثمارات توظف لمصلحة التنمية في كل البلاد دون النظر لعدد الأصوات لمصلحة الحزب، فالإستثمار حق للسودانيين جميعهم، وأشار إليّ بأنه لايقصد مهاجمتي، فقلت له: وأنا لوكنت أيضاً وزيراً للمالية الآن لكان موقفي هو موقفك هذا.ولكن أهم ما في الموضوع أن في هذه الورقة (مناطق المحور) 25 مليون نسمة كانت تُعبّر عن رأي شخصي وليس هو رأي المؤتمر الوطني وإنما رأي ووجهة نظر (حمدي) ظناً منه أن الإستثمار في هذه المناطق هو حجر الزاوية في كسب القطاعات والفئات الوسطى والشعبية والتي ستحسم أية انتخابات في الشمال الجغرافي وهذه افتراضاته وأن الجسم الجيوسياسي في المنطقة الشمالية المطلق عليه اختصاراً محور دنقلا سنار كردفان أكثر تجانساً. والملفت للنظر في ورقة حمدي أن مُعد ومُقدم الورقة ذات نفسه استغرب لردة فعل المؤتمر الوطني وإستخلاصه منها بعض التوصيات كتخفيض الأسمنت والخشب والزنك وتوصيات أخرى سكت عنها فلا هو رفضها ولا هو قبلها، فقط أهملها. وهنا لابد من إشارة إلى أن الدكتور عبد الرحيم حمدي من الذين حضروا الاجتماعات الأولى التأسيسية لمنبر السلام العادل.
|
المصدر: الوسط الإقتصادي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الراحل محمّد عبد الحي أوّل من أسس مثلث حمدي !! (Re: إسماعيل وراق)
|
الاخ الاعلامي صاحب القلم المتميز اسماعيل وراق
تحياتي
شكرا لاختيارك هذا المقال الذي اتمنى ان يتصفحه المهتمون بالهوية السودانية .
اعجبني هذا التعليق من احد قراء المقال .
Quote: افضل ما قراته عن الهوية السودانية ووافق فهمي و تصوري وقراءتي للواقع من حولي مقال نشرته جريدة الشرق الوسط بقلم الكاتب السوداني الكبير احمد محمد الحسن .حيث قال ضاعت الهوية السودانية بين الافرقة و التعريب ..وعندما انظر لهذا المقال و افسره بقرائن الاحوال اجد هناك نظرة دونية من كثير للعرب السوداني انه زنجي الاصل عربي اللسان والبعض يٌشك في الانساب التي يحتفظ بها السودانيون {جعلي من صلب العباس ..كاهلي قرشي ..من صلب الزبير بن العوام وقس على ذلك } والشاهد على ما اقول عندما انضم السودان لجامعة الدول العربية و اعتراض لبنان .... اما الافارقة ينظرون الينا اننا انسلخنا من اصلنا وتعلقنا باصول غير اصولنا {وما ادراكم بالرجل الاسود و نظرته تجاه البيض لما ذاق من ويلات الرق }...والحقيقة التي اصدقها ان السوداني تمازج بين عرق افريقي و عربي ساد العرق الافريقي في السحنات و ساد العرق العربي في اللسان و الثقافة ذات المصدر الاسلامي و انا مسلم اتمنى ان تتشكل الهوية السودانية على هذا المزيج ... |
التحية عبرك للاستاذ ابو شوك
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الراحل محمّد عبد الحي أوّل من أسس مثلث حمدي !! (Re: الطيب شيقوق)
|
العزيز الطيب شيقوق وعبرك تحياتي لكل الجميلين بسلطنة عمان.. .. .. هذا الموضوع اخي الطيب فيه تشابك خطوط عديدة .. الإجتماعي بالإقتصادي والفلسفي بالثقافي.. وخلاصة الأمر هي دعوة للإبحار في مكنون الهوية السودانية.
السؤال: هل بالفعل يعتبر الراحل المقيم محمد عبد الحي هو من اسس نظرياً لمثلث حمدي.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الراحل محمّد عبد الحي أوّل من أسس مثلث حمدي !! (Re: إسماعيل وراق)
|
Quote: هل بالفعل يعتبر الراحل المقيم محمد عبد الحي هو من اسس نظرياً لمثلث حمدي. |
لا اعتقد اخي اسماعيل فالراحل محمد عبد الحي كان احد اركان مدرسة الغابة والصحراء التي ترمز الغابة فيها الى العنصر الافريقي والصحراء الى العنصر العربي فهي تحكي عن اتحاد الهوية رغم تباين الالوان والغرافيا ولا غرو فهو القائل :
الليلة يستقبلنى أهلى : أهدونى مسبحةَّ من أسنان الموتي إبريقاً جمجمةً ، مُصلاَّة من جلد الجاموسْ رمزاً يلمع بين النخلة والأبنوسْ لغةً تطلعُ مثلَ الرّمحْ من جسد الأرضِ وعبَر سماء الجُرحْ. الليلة يستقبلنى أهلى. وكانت الغابة والصحراءْ
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الراحل محمّد عبد الحي أوّل من أسس مثلث حمدي !! (Re: الطيب شيقوق)
|
Quote: لا اعتقد اخي اسماعيل فالراحل محمد عبد الحي كان احد اركان مدرسة الغابة والصحراء التي ترمز الغابة فيها الى العنصر الافريقي والصحراء الى العنصر العربي فهي تحكي عن اتحاد الهوية رغم تباين الالوان والغرافيا |
بالضبط عزيزي الطيب اذن ربط البروف أبو شوك لرؤية مدرسة الغابة والصحراء بمثلث حمدي بمفهومه الماثل أمامنا فيه ظلم واجحاف.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الراحل محمّد عبد الحي أوّل من أسس مثلث حمدي !! (Re: إسماعيل وراق)
|
الاستاذ وراق
لك التحية و التقدير
حكاية مثلث حمدى و مثلها من النظريات التى تظهر هنا و هناك
لم و لن تقدم للسودان شيئا غير الشتات و الفرقة
لان المسألة فى الاخر فى رائى هى مصلحة تتأرجح بين الحزبية و الشخصية
و لا علاقة لكل هذا بالانسان الاغبش ..
لكم تمنيت ان يكون السياسى السودانى صادق و مخلص و يعمل لمصلحة الوطن و المواطن.[/B] اعجبنى الاقتباس ادناه
Quote: اما الافارقة ينظرون الينا اننا انسلخنا من اصلنا وتعلقنا باصول غير اصولنا {وما ادراكم بالرجل الاسود و نظرته تجاه البيض لما ذاق من ويلات الرق }...والحقيقة التي اصدقها ان السوداني تمازج بين عرق افريقي و عربي ساد العرق الافريقي في السحنات و ساد العرق العربي في اللسان و الثقافة ذات المصدر الاسلامي و انا مسلم اتمنى ان تتشكل الهوية السودانية على هذا المزيج ... |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الراحل محمّد عبد الحي أوّل من أسس مثلث حمدي !! (Re: الطيب رحمه قريمان)
|
Quote: حكاية مثلث حمدى و مثلها من النظريات التى تظهر هنا و هناك
لم و لن تقدم للسودان شيئا غير الشتات و الفرقة
لان المسألة فى الاخر فى رائى هى مصلحة تتأرجح بين الحزبية و الشخصية
و لا علاقة لكل هذا بالانسان الاغبش .. |
الحبيب الطيب قريمان لك التحية على النظرة الثاقبة ودون شك فإن المصلحة القومية مقدمة على المصلحة الحزبية والشخصية.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الراحل محمّد عبد الحي أوّل من أسس مثلث حمدي !! (Re: إسماعيل وراق)
|
إسماعيل وراق
تحياتي
من الإجحاف النظر مشروع العودة لسنار الذي طرحته مدرسة الغابة والصحراء من ناحية جغرافية ومحاولة ربطه بالأزمة السياسية الخانقة التي نعانيها حالياً وذلك لأن مشروع الشاعر الفذ الراحل محمد عبد الحي ورفاقه كان موضوعه الأساسي الهوية السودانية من ناحية هوية فقط بدون تحديد وجود جغرافي لهذه الهوية عكس موضوع مثلث حمدي المبني أساساً على نظرة سياسية بحتة ويقصد به تحديد جغرافي لمنطقة محددة من أجل كسب سياسي آني . من مقال أبوشوك الذي أوردت رابطه أعلاه قد تلاحظ رؤيته الموضوعية لمشروع العودة لسنار
Quote: ويشير بروفيسور أبوشوك إلى أنّ إشكاليّة قضيّة الهويّة قد بلغت ذروتها في مشروع "إنسان سنار" الذي نصبَّه الدكتور محمد عبد الحي ورفاقه الخُلاسيون إنساناً معيارياً لهُويَّة أهل السودان، لأن السلطنة الزرقاء من وجهة نظرهم كانت تجسد معالم التلاقح السياسي، والاجتماعي الذي حدث بين العبدلاب (العرب) والفونج (الزنوج)، والذي أفضى بدوره إلى تشكيل هُويَّة أهل شمال السودان ذات السحنة الخلاسية. |
وكذلك إلإشارة إلى وصف ومقارنة ومقاربة الناقد الأستاذ / عبد المنعم عجب الفيا لأطروحة الغابة والصحراء مع نظرية السودانوية التي طرحها الدكتور جون قرنق مما يدحض النظرة الجغرافية الضيقة لأطروحة الغابة والصحراء
Quote: ويورد البروفيسور أبوشوك وصفاً للأستاذ عبد المنعم عجب الفيا يصف فيه أطروحة "السودانوية" بأنها مماثلة لأطروحة "الغابة والصحراء" من حيث الجوهر، ولا تختلف عنها سوى أنها طرحت الاصطلاح الجديد خروجاً عن ثنائية الأفروعربية، وبذلك اكتسبت أعضاءً جُدداً في الساحة السودانية، مثل: البروفيسور أحمد الطيب زين العابدين، والأستاذ كمال الجزولي، والدكتور نور الدين ساتي، والبروفيسور أحمد محمد علي حاكم، والدكتور عبد الهادي صديق. |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الراحل محمّد عبد الحي أوّل من أسس مثلث حمدي !! (Re: السيد أحمد إبراهيم)
|
Quote: من الإجحاف النظر مشروع العودة لسنار الذي طرحته مدرسة الغابة والصحراء من ناحية جغرافية ومحاولة ربطه بالأزمة السياسية الخانقة التي نعانيها حالياً وذلك لأن مشروع الشاعر الفذ الراحل محمد عبد الحي ورفاقه كان موضوعه الأساسي الهوية السودانية من ناحية هوية فقط بدون تحديد وجود جغرافي لهذه الهوية عكس موضوع مثلث حمدي المبني أساساً على نظرة سياسية بحتة ويقصد به تحديد جغرافي لمنطقة محددة من أجل كسب سياسي آني .
|
الأخ السيد أحمد إبراهيم تحياتي هذا بالضبط ما وددت الإشارة إليه ولذا كان فتح البوست. محاولة خنق رؤية محمد عبد الحي بمحيط جغرافي محدد بتقاطعاته المختلفة فيه قتل لرؤية مدرسة الغابة والصحراء.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الراحل محمّد عبد الحي أوّل من أسس مثلث حمدي !! (Re: Baha Elhadi)
|
الأخ بهاء تحياتي
اتفق مع ما اوردته من وجهة نظر ودفوعات عن محمد عبد الحي
يعتبر مثلث حمدي على طرف النقيض من رؤية مدرسة الغابة والصحراء، اذ ان المثلث المذكور فيه ضرب لوحدة وهوية وتجانس الشعب السوداني لحصره الإستثمار والتنمية في محور جغرافي محدد مما يتنافي مع القيم الكلية لوحدة السودانيين والتوزيع العادل للسلطة والثروة.
بهاء.. اكرر شكري.،
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الراحل محمّد عبد الحي أوّل من أسس مثلث حمدي !! (Re: إسماعيل وراق)
|
Quote: هل بالفعل يعتبر الراحل المقيم محمد عبد الحي هو من اسس نظرياً لمثلث حمدي |
الاخ وراق مساء الخير الفرق بينما ساق الراحل عبد الحى وما عرفناه من حمدى ان الاول حاول وبمثابره عبر الغابه والصحراء ان يؤسس لنقاش مسئول حول الهويه وهو موضوع شائك لا يجوز اخذه بخفه فبناء على الخلاصات التى سنتوصل اليها سنحسم كثيرا من القضايا . الفرق بين ما ذكرت وبين موقف حمدى ان الاخير بنى موقفه على الاستعلاء العرقى والدينى وهو موقف يؤسس لفرقه وشتات واحتراب . مع الاخذ فى الاعتبار الخصائص الشخصيه وطرائق التفكير لدى حمدى ليس من الصعب لأى متأمل ان يدرك ان حمدى ومن ورائه جيش من النازيين الجدد واصحاب المصالح الصغيره لا يريدون خيرا بهذا الوطن بينما سكب راحلنا عبد الحى اخر مداده لاجل هذا الوطن ورفعته ودمتم.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الراحل محمّد عبد الحي أوّل من أسس مثلث حمدي !! (Re: Baha Elhadi)
|
(((وربط محمد عبدالحي بحمدي فيه اجحاف وتجني بائن لمحمد عبدالحي فشتان ما بينهما في مناح كثيرة أولها أن حمدي ليس رجل علم مشهود له ولا منظر ولا صاحب مشروع يخدم مصلحة البلد والناس الغبش وليس مبدعا ولا مهموم بما كان يؤرق محمد عبدالحي فالربط مجحف ابتداءا واللغط الكثير الدي يدور في المنتديات حول هدا المثلث الشؤم لا يقدم ولا يؤخر بقدر ما يجعلنا ندور في فلكه باعتباره أصبح واقعا وعلينا تقبله والأمر ليس كدلك فهدا البلد بما فيه ومن فيه ليس ضيعة لحمدي ليقرر فيه ويقرر في مصيره المستقبلي فأرى صادقا أن لوك هدا الأمر وتكراره يعطيه مصداقية وواقعية هو أبعد ما يكون عنها)))
أؤمن على كلام الأخ بهاء!!!! سؤال بريئ: ما هي علاقة الشاعر الراحل محمد عبد الحي بهذا المثلث؟؟؟ أعتقد أن لا علاقة بينهما مطلقاً، بل تنافي واضح بين أطروحة الغابة والصحراء، المتعلقة بالهوية (الآفروعربية)، ومثلث يريد أن يقسم السودان..... والحديث عن محمد عبد الحي وهمه يدخل في دائرة الهوية السودانية المتعددة الأعراق والثقافات والأديان (الوطن العريض)، وهذا ما يمكن استنباطه من أعمال الشاعر المختلفة، والأمثلة من الشعر كثيرة بحيث لا يتسع المقام لسردها كلها... ولكن يصلح أن تكون أنشودة العودة إلى سنار مانفيستو للهوية ولدولة التعايش وقبول الآخر: كل شيء مقطع وإشارة ولا شيء نشاز على قيثارة الأرض العظيمة!!! والكثير من الإشارات التي تسعى إلى مزج (النخيل مع الأبنوس)، كما مزج الثقافات دون تذويبها، ولكن تآلفها في سلام... ويشكل المشروع المستقى من أدبيات محمد عبد الحي إشارات ثقافية وسياسية لقضية (الوحدة والتنوع)، وقد كتب عنها مقالات شتى.. هذا بخلاف المدلولات الشعرية التي تشكل نسفاً لمثلث حمدي المزعوم.... وهذه هي سنار الرمز الذي تدور حوله رؤية محمد عبد الحي للهوية وللسودان!!! فلا يمكن لشاعر تعمق في الجذور التاريخية للوطن الكبير أن يكون عرابا أو داعية لمثلث صغير..... وسنار عند محمد عبد الحي تشكل تاريخ التمازج والتعايش،، كما هنالك رموز أخرى مثل (مروي)، هي أيضاً ضاربة في الجذور التاريخية. هذه الدولة التي سينام هاجروهاالعائدون إليها كما( ينام على الحصى المبلول طفل الماء)!!!
المجحف في الأمر حقاً تنميط شاعر وأديب ومثقف وأستاذ بقامة محمد عبد الحي على هذا النحو الضيق والمنظور وتلك الثقافة التي لا تنظر إلا تحت أقدامها... وعن الشعر والشاعر الحديث يطول.... فهو شاعر وضع لنفسه مكاناً عالياًبشعره الأكثر رصانة وعمقا.. وهو شاعر عالي المقام تتطوع عنده اللغة تلك القوية الرصينة والراسخة(لغة تطلع مثل الرمح)... يستطيع أن ينحت اللغة نحتاً وأن ينسج الحروف نسجاًوأن يرسم المدائن والممالك المذهلة.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الراحل محمّد عبد الحي أوّل من أسس مثلث حمدي !! (Re: عبد اللطيف عبد الحفيظ حمد)
|
شكراً لك اخي عبد الحفيظ، ولذا كان اندهاشي من حديث البروف أبو شوك أن الدكتور محمد عبد الحي هو من اسس لمثلث حمدي نظرياً.. هنا يجب محاصرة بروف أبو شوك حتى يصحح هذا الفهم الخاطئ.
Quote: ولكن يصلح أن تكون أنشودة العودة إلى سنار مانفيستو للهوية ولدولة التعايش وقبول الآخر: كل شيء مقطع وإشارة ولا شيء نشاز على قيثارة الأرض العظيمة!!!
|
اعجبني هذا الإقتباس.،
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الراحل محمّد عبد الحي أوّل من أسس مثلث حمدي !! (Re: إسماعيل وراق)
|
أدناه مادة وردت بصحيفة الأخبار بتاريخ 10 فبراير 2009م
Quote: مثلث حمدي .. هو خلاصة المشروع الحضاري لجماعة الإخوان المسلمين في السودان .. مشروع لوضع مسلمي المثلث ( على الجادة)!.. لكن تجد في ثناياه أن هذه الجماعة .. بعد أن وصلت إلى حقيقة أن الحرب ( ما جابت حقها) أرادوا- أو أراد أهل الحل والعقد منهم- أن يضربوا جداراً عازلاً على المثلث ، مثلث حمدي ، ويؤسسوا لبقاء سلطتهم فى المثلث ، بعيداً عن مناوشات الجنوب ، ومطالب الغرب ، وبؤس الشرق.. وللسيد حمدي ، إسهامات كثيرة في سودان الإنقاذ ..هو الذي وضع ( إجراءات) سياسة التحرير الاقتصادي .. وفتح أسواق السودان على واردات بكين ، وسنغافورة وسريلانكا.. وكل النمور الآسيوية .. بعد أن كان السوق السوداني يستقبل ما صنع فى اليابان ، ومانشستر ، وسويسرا.. الخ .. هذه هي مساهمة حمدي في ( أسلمة ) التجارة ، وهكذا حرر الأسواق من ربقة استعمار الاستكبار .. وأصبح ــ من يريد ــ قِطع الغيار اليابانية ، أو البريطانية يبحث عن حلول في الرابش .. أو يستعين بصديق ! أو قريب من الخليج ليرسل له البوبينا والكربريتر ! من خميس مشيط ، أو من عجمان.. (حكمة الله فى خلقو).. فأنا لم أر طوال العشرين سنة الماضية التي سمحت لنا الإنقاذ بالحياة فيها ( بين ظهرانيها )، لم أر أحد هؤلاء ( الإخوان) يتعاطى مع بضائع السنغافور ، أوالهندوس أو بضاعة أهل العيون التي تشبه ( قد الجلد) .. هم أهل الياباني عديل ، والبريطاني عديل ، والطلياني وبس! لكن لهم الفضل فى أن وفروا للشرائح الضعيفة ما يناسبها من بضائع تتماشى مع ذوقهم ، ويستوعب أحوالهم ( على قدر ظروفهم )!.. وخرجت علينا نظرية مثلث حمدي ، وتم إجلاس الشعب السوداني تحت ظل من ثلاث شُعب .. في الوقت الذي تم فيه تعبئة الأسواق من منتجات شنغهاي ! التي تستخدمها ليوم واحد، أو لأسبوع ، وتشتري بديلها غداً.. فى الوقت الذي يريد حمدي لأسواقنا أن تتحرر ، وتنفتح على أسواق العالم .. تجده يؤسس لإغلاق أسواق الداخل من أن تنفتح على الداخل .. وإذا اعتمدنا على رؤية (السبابة والجلابة ) الاقتصادية .. نجد أن هؤلاء السَّبابة، باعة الأغنام ، قد تعاهدوا على أن تكون التجارة بين الأقاليم السودانية هي أحد أواصر الوحدة .. يأخذون ( بت تموده ) من الشمال فى مقابل التمباك من الغرب ، ويتاجرون فى فول الحاجَّات في مقابل سكاكين الهدندوة من شرق السودان ، ويبيعون الفيتريتة في أويل في مقابل البفرة، والأناناس وخشب المهوقني .. وقبل حمدي كان السُّكسُك في مقابل ريش النعام! . . هكذا كانت تسير خطوط التجارة السودانية .. حتى جاء حمدي بقاعدة التثليث .. وشاء القدر وبقي حاكماً علينا.. حتى بعد رحيله من الوزارة ، ورأينا عجائب الدنيا السبع ، من نوع آخر .. رأينا جمركة العماري من دارفور ، وقبانات عند رأس كل كيلو متر على ودلقاي والقنديل .. وبهذا العمل الاقتصادي البطولي ينفع حزبه ، ويؤسس لدولته ( الدينية ) ..بينما تجد أن فقه ( السّبّابة) الاقتصادي ..يمارس التجارة السودانية وفق قانون العرض والطلب، الذي يشاع فى التلفزيون القومي أن حمدي هو الذي ابتدعه للعالم ..فقه السبابة التجاري ينص على أن من يستأنسون بعصير البركاوي الليلي ،إذا وجدوا أسعاره قد تجاوزت الغزالة جاوزت !، وأصبح بفضل قبانات ، وإتاوات ، وضرائب ورسوم حمدي.. قد قافت الحد المعقول ونافست وارد بلاد النصارى ..فإن خيار قانون العرض والطلب هو شراء ( أصلي بلادو) .. وبهذا يدخل أهل المثلث في مشروع دعم اقتصاديات دول الاستكبار عن طريق التهريب ، والسوق الأسود ، والسوق (البصلي) !.. وصحيح والله ما قاله الكابلي .. فى حكاية الشيخ سيرو.. الذي ( دخل البقعة زارا.. كمّل قماش النصارى)!.. ولكن كيف لنا أن نجادل حمدي دارس الاقتصاد! وحمدي .. ( حمدو فى بطنو)؟!..
|
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الراحل محمّد عبد الحي أوّل من أسس مثلث حمدي !! (Re: إسماعيل وراق)
|
أدناه إقتباس من مقال للأستاذ صلاح شعيب ورد بسودانايل
Quote: يقول الاستاذ حمدي مدافعا عن فكرة محوره"تلك استراتيجية انتخابية إذ طلب مني المؤتمر الوطني أن أضع استراتيجية انتخابية مبنية على الاستثمار الخارجي، كيف نستغل الاستثمار الخارجي لكسب الانتخابات".
إن الفصل التكتيكي الذي يمارسه الاستاذ حمدي هنا بين الآني والإستراتيجي لقيادة الجماعة الإسلاموية لشاطئ أمان ينم عن فشل حقيقي لسلطة الإسلاميين في الإستثمار في الهوامش التي يسأل الله عنها السلطان لا بد، مهما كان ما في هذه الهوامش ما يؤكد على أنها غير مخولة (تاريخيا وعربيا وإسلاميا) لإعتبار التضمن الإسلامي في المحور التنموي المذكور. وإذا كانت إسترتيجية حمدي تستبطن أمرا براغماتيا/ناسوتيا أكثر من كونه أخلاقيا/لاهوتيا في الدعوة للتركيز على هذا المحور خلافا لما هو مفترض من محاور أخرى، فإن السؤال الاساسي هو ما هي (حدود إنجاز عدل الشرع، أو إبراء ذمة الموظف حكوميا لوضع الاستراتيجيا الخدمية) في التفريق بين تنمويات تبذل لمسلمين في قطر واحد دون آخرين بدافع حصد أصواتهم بعض (مصالح) ناسوتية مفروغة من مضامين لاهوتية؟.
|
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الراحل محمّد عبد الحي أوّل من أسس مثلث حمدي !! (Re: إسماعيل وراق)
|
بعد ادراج بعض الإقتباسات التوضيحية لمثلث حمدي وملخصه تقسيم السودان إلى محاور جهوية وأثنية محددة مما يضرب في عمق الوحدة وبالتالي مزيد من الإشكال السياسي والثقافي والإقتصادي والإجتماعي، سأحاول نشر فلسفة رواد تيار الغابة والصحراء بالتركيز على شعر الدكتور محمد عبد الحي.. وبعد ذلك سوف نأتي لتفكيك خطاب الدكتور أبو شوك. في انتظار مساهمة اصحاب الإختصاص.،
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الراحل محمّد عبد الحي أوّل من أسس مثلث حمدي !! (Re: إسماعيل وراق)
|
الاخ اسماعيل وراق تحياتي
Quote: أعلاه لم يقله شخصي الضعيف: اسماعيل وراق.. إنما رأي البروفيسور أبو شوك، أستاذ التاريخ والحضارة بماليزيا..
|
فات عليك أن تذكر أن البروف ابو شوك ذكر هذه الفقرة ضمن حديثه الماتع بمنتدي رابطة الاعلاميين بالرياض والذي أقيم الجمعة 18/6/2010 بفندق الستين بالملز
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الراحل محمّد عبد الحي أوّل من أسس مثلث حمدي !! (Re: علي الكرار هاشم)
|
Quote: فات عليك أن تذكر أن البروف ابو شوك ذكر هذه الفقرة ضمن حديثه الماتع بمنتدي رابطة الاعلاميين بالرياض والذي أقيم الجمعة 18/6/2010 بفندق الستين بالملز |
الأخ علي الكرار تحياتي ان أوردت رابط التغطية كاملاً وتركت الأمر للقراء. .. .. أود سماع وجهة نظرك حول ربط البروف أبو شوك لمثلث حمدي بكتابات وآراء وأفكار وأشعار الدكتور محمد عبد الحي.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الراحل محمّد عبد الحي أوّل من أسس مثلث حمدي !! (Re: Baha Elhadi)
|
الأخوة الأعزاء أشكركم على ملاحظاتكم الكريمة، تعليقاتكم القيمة عن الندوة التي قدمتها بمدينة الرياض في 18 يونيو 2010. أتفق مع الأخوة القراء أنه ليست هناك علاقة بين إنسان سنار المعياري الذي وضعه الدكتور محمد عبد الحي أو الأفروعربية ومثلث حمدي، ورد ذكر مثلث حمدي في إطار نظرة النخبة الجنوبية لمشروع الغابة والصحراء والتي رفضت المشروع بحجة أنه لا يمثل الجنوب ويرمز إلى إطار جغرافي يمثله ما يعرف حديثاً بمثلث حمدي أي الإطار الجغرافي للسلطنة الزرقاء. وهذه وجهة نظرهم وليست وجهة نظري.
وتعميماً للفائدة إثراء للنقاش إليكم النص الكامل للمحاضرة الذي يخلو تماماً من ذكر مثلث حمدي الذي ورد عرضاً في المحاضرة.
*****
الهُويَّة والسُلطَة والنُّخبة في السُودان
أجرى الأستاذ صلاح شعيب سلسلة من الحوارات الصحافية الحاذقة مع نخبة من ألوان الطيف السياسي والأكاديمي في السودان، تناول فيها قضايا محورية، ترتكز محصلتها الوسطى على قاعدة المُشكل السوداني، وتدور جزئياتها حول قضية الهُويَّة، والإسقاطات الأثنية والجِهَويَّة على واقع الدولة القطرية في السودان، وطبيعة العلاقة الجدلية بين السلطة الحاكمة، والنُّخبة المثقفة، وآفاق حلّ مشكلة دارفور، وقراءة مستقبل الانتخابات القومية القادمة في السودان. ومهَّد الأستاذ شعيب لهذه الحوارات باستهلال جيد الصنعة، مفاده أن: "الأسئلة التي يثيرها تهدف إلى معرفة آراء الخبراء، والأكاديميين، ونشطاء المجتمع المدني في بعض القضايا والموضوعات التي فرضت نفسها على واقع الجدل السياسي، بعضها منذ الاستقلال، وأخرى جاءت في السنين الأخيرة، ولا تزال معلقةً، ولم تجد حلولاً ناجعة من قبل الحكومات المتعاقبة." ووضَّح أن غايته المبتغاة من الحوار تتبلور في خلق "مساحة لحرية التداول، تتنوع فيها الآراء، ليحدد القُرَّاء مواقفهم من الإجابات المطروحة بكل حرية وموضوعية، سواء من المنتمين إلى هذه التيارات السياسية، أو تلك." وكان شعاره المرفوع لهذا التداول الفكري "الحرية لنا ولسوانا"، وذلك من منطلق يقضي بـ"تعزيز ثقافة الحوار الديمقراطي حول هموم المهتمين بالقضايا الوطنية وأسئلتها الملحة، وتعميق أمر الاعتراف بالآخر، والاستنارة برؤى الناشطين في حقول الحياة السودانية مهما كان الاختلاف الفكري حولها." لا جدال أن الأستاذ شعيب قد أفلح في تحقيق جزءٍ كبيرٍ من هذا الهدف المنشود، عندما نشر الطرف الأيسر من حواراته مسلسلاً في صحيفة الأحداث السودانية التي تعهدت ببثه للناس أجمعين، والطرف الأعسر، الذي لم يكن مهضوماً لأهل السلطان، عبر وسائط صحافية إلكترونية أخرى مثل سودانايل، والسودان للجميع؛ لأنَّ هيئة الرقابة الصحافية منعت نشر الحوارات ذات الخطاب السياسي الصارخ في وجه السلطة وسدنتها، ونذكر من تلك الحوارات المحظورة الحوار الذي أجراه مع الدكتور حيدر إبراهيم علي، مدير مركز الدراسات السودانية (الخرطوم). تحاول هذه القراءة أن تحلل مادة تلك الحوارات؛ لأنها تعكس الأشباه والنظائر عن مشكلات جوهرية تمثل ذروة سنام الحراك السياسي في السودان، وتشكل طرفاً من جدلية الصراع القائم حول السلطة وعلاقتها بالنُّخبة المثقفة، وإسقاطات ذلك الصراع على المشهد السياسي السوداني. وتسعى القراءة أيضاً إلى توطين مادة تلك الحوارات المفيدة في واقع البيئة السودانية، وتضاريسها السياسية والاجتماعية والفكرية المعقدة، وجدلها الذاهل عن مقاصد الحلول المرجوة. وعلنا بذلك نصيب هدفاً في تحقيق الغاية التي ينشدها الصحافي النابه صلاح شعيب، ومَنْ سار في ركابه سعياً وراء ترسيخ مبدأ الحرية أولاً، وتوسيع دائرة الحوار مع الآخر ثانياً، ليكون الحوار حواراً هادفاً ومقنعاً حول معطيات المشكل السوداني المتنازع حولها، وكيفية معالجتها معالجة موضوعية فاحصة. وسيكون عرضنا لهذه الحوارات مسلسلاً في حلقتين إحدهما عن الهُوية والسُلطة والنُخبة، والثانية عن العلاقة الجدلية بين المثقف في السلطة في السودان.
مفهوم الهُويَّة السُودانيَّة وتداعياته يشير مصطلح الهُويَّة إلى وعاء الضمير الجمعي الذي يستند إلى ثلة من القيم، والعادات، والتقاليد، والمعتقدات التي تميز كلّ مجموعة بشرية عما سواها، وتُسهم في الوقت نفسه في تكيف وعيها الذاتي وتشكيل طبيعة وجودها المادي والمعنوي في الحيز الجغرافي الثابت الذي تشغله، والبُعد الزماني المتغير الذي تعيش فيه. ولا يعني هذا التعريف المجمل أن قضية الهُويَّة قضية ثاوية لا تتبدل، بل يؤكد أنها في حراك ديناميكي مع المؤثرات الخارجية المحيطة بها، والمرتبطة بالجدل الفكري حول ماهيتها الوظيفية، وكيفية تفعيلها في إطار صراع السلطة، وجدلها السياسي الماكر. فلا غرو أن هذه التوطئة تبرز وضعية الهُويَّة المحورية لأية جماعة بشرية تنشد الاستقرار والسكون، وتسعى لتأطير وجودها المادي والمعنوي داخل إقليمها الجغرافي وحدوده السياسية المتعارف عليها. وبهذه الكيفية نلحظ أن قضية الهُويَّة ترتبط بمصطلحين مفتاحيين هما: الوطنية والقومية. وكثير من الباحثين، كما يرى البروفيسور مدثر عبد الرحيم، لا يدرك كنه هذين المصطلحين، ويعاملهما من منطلق أنهما مصطلحان مترادفان، وبهذا الفهم الخاطئ يحدث نوع من الخلط المنهجي عند مناقشة قضية الهُويَّة؛ لأن الوطنية ترتبط ارتباطاً عضوياً بالحيز الجغرافي الذي يمثل الركن الأول لبناء الدولة القُطرية، والقاعدة التي يستند إليها الركنان الآخران: الشعب والسيادة (السلطة العامة). أما القومية فهي بمثابة الخيط الناظم لأفراد المجموعة البشرية (الشعب) ذات التاريخ المشترك، واللغة الجامعة، والانتماء العرقي، والاعتقاد الديني، علماً بأن قاعدة القومية أحياناً تتجاوز حدود الدولة القُطرية الواحدة، وتتعداها إلى أكثر من دولة، وأحياناً أُخر تضيق داخل وعاء الدولة القُطرية الذي يحمل بين ثناياه جملة من القوميات المتباعضة. فمفهوم الوطنية بهذه الكيفية يمثل المرجعية الأنسب لتوصيف الهُويَّة القائمة على إقرار مبدأ الوحدة داخل حدود الدولة السياسية، وتثمين التنوع القومي الناسج لشبكة العلاقات الوحدوية في نهاياتها العليا، واحترام الآخر في نهاياتها الدنيا. في ضوء هذه التوطئة يمكننا القول إن سؤال الهُويَّة السودانية سؤال قديم ومتجدد في أوساط القطاعات المثقفة السودانية؛ إلا أن آليات طرحه الأدبية-الأكاديمية من طرف، والسياسية من طرف ثانٍ كانت تنطلق من قومية الأغلبية الخُلاسية، كوعاء جامع لمفهوم الهُويَّة العام دون استصحاب لمفهوم الوطنية كإطار أكثر رحابة في دولة متعددة الأعراق والثقافات والأديان. وهنا مربط الفرس، حيث انطلق دعاة الهُويَّة السودانية في شقها الأدبي من فضاء قومية متأثر بمخرجاته الأدبية وواقعه الثقافي المتدثر عن واقع القوميات الأخرى التي لا تشاركه الشعور نفسه والهموم الأدبية ذاتها. وفي هذه البيئة المثقلة بإرث الثقافة العربية صدع صوت الشاعر المجدد حمزة الملك طنبل، الذي نادى بإحياء الروح السودانية في المنتج الأدبي الثقافي؛ ليكونَ له ذاته المميزة عن ذوات الآخرين، وخصَّ بالدعوة الشعراء الإحيائيين، أمثال محمد سعيد العباسي، ومحمد عمر البنا، وأحمد المرضي؛ لأنهم كانوا مولعين بتقليد العرب القدامى في مطالع قصائدهم، وفي مفاخرهم، ومبالغاتهم الوصفية في حقِّ الموصوف، والتي كانت لا تعكس واقع البيئة السودانية بصورة جليَّة، ولا تجسد قومية الشعر السوداني. فلا جدال أن هذه الدعوة القومية انتقلت من قومية الشعر إلى قومية الذات السودانية التي تَشكل طرفٌ من معالمها في أدبيات جماعة الفجر، وتحديداً في نزر من كتابات محمد أحمد المحجوب، وعرفات محمد عبد الله، ومحمد عشري الصديق، وفي أشعار محمد المهدي مجذوب لاحقاً. ونستوثق لتلك البشائر الداعية لبناء سياج وطني يستوعب جملة أهل السودان بنص مقتبس من مقال الأستاذ محمد عشري الصديق، الموسوم بـ "ماذا وراء الأفق؟"، والذي تفاءل فيه بمستقبل السودان الوطن الواحد، قائلاً: "مَنْ قال إنه ليس بأمة. فليس هناك ما يمنع أن يكون كذلك في وقت قريب، فلا اختلاف أديانه، ولا اختلاف عاداته، ولا اختلاف شعوبه، ولا اختلاف أجوائه، وظروف المعاش فيه، بحائلة دون تحقيق هذه الأمنية العذراء. ليس يمكن أن تكون الأمم في بدء تكوينها غير ذلك: فالمصالح المشتركة، والتفاهم المتبادل، وأحداث التاريخ، وتُقرِّب شقة الاختلاف، وتصل الأبعدين برباط متين". وبهذا التوجه الوطني حاول الأستاذ محمد عشري الصديق أن يضع إطاراً فضفاضاً لمفهوم الأمة السودانية الذي كان مفقوداً آنذاك، ولايزال البحث عنه جارياً وفق مضامين سياسية معاصرة. وتجلت بعض إشراقات هذا التوجه القومي في "تيار الغابة والصحراء" الذي برز إلى حيز الوجود في العقد السادس من القرن العشرين، والذي يصفه الأستاذ محمد المكي إبراهيم بأنه ليس "مجرد دعوة للأدب القومي، على غرار دعوة المحجوب، أو نداءات حمزة الملك طنبل، فقد كان أولئك يريدون أدباً عربياً بقسمات محلية، ولكننا مضينا أبعد قليلاً، ونادينا بتوطين ما هو سوداني داخل الأدب العربي. بكلمة أخرى كان المحجوب يرى نفسه شاعراً عربياً يريد أن يكون أميناً للبيئة السودانية، ولكنني شخصياً أريد أن أكون شاعراً سودانياً قبل كل شيء، وأن أفرض ذاتي على اللغة العربية، وأن اتخذ لنفسي مقعداً خاصاً في محفل الثقافة العربية. وقد عبَّرت عن ذلك مراراً بالرغبة في نحت بلاغة جديدة من جسم اللغة العربية للتعبير عن قيم وأحلام كاملة الصلة بالحيز الوجودي السوداني." هكذا أُسس تيار الغابة والصحراء وفق منطلقات شعرية وثقافية، تنشد التصالح بين الثقافة العربية والثقافة الإفريقية في السودان. فالغابة كانت تعنى لرواد هذا التيار رمزية العنصر الزنجي، والصحراء رمزية العنصر العربي، وبلغت هذه الرمزية ذروتها في مشروع "إنسان سنار" الذي نصبَّه الدكتور محمد عبد الحي ورفاقه الخُلاسيون إنساناً معيارياً لهُويَّة أهل السودان؛ لأن السلطنة الزرقاء من وجهة نظرهم كانت تجسد معالم التلاقح السياسي، والاجتماعي الذي حدث بين العبدلاب (العرب) والفونج (الزنوج)، والذي أفضى بدوره إلى تشكيل هُويَّة أهل شمال السودان ذات السحنة الخلاسية. إلا أن نجم الغابة والصحراء بدأ يخفت بعد مضي سنوات التكوين الأولى ذات النزعة الثقافية، ولاح في الأفق مصطلح الأفروعربية كمصطلح بديل فرضته إفرازات الصدامات الإثنية في داخل السودان وخارجه، وطرحه بعض المتأثرين بتداعيات ذلك الواقع ليكون بمثابة حلٍّ إثني واجتماعي وسياسي لمأزق الهُويَّة السودانية. وصاحب نشوء الأفروعربية تياران آخران، تواضعا على التشكيك في حجيَّتها، ومدى صلاحيتها كأسس للهُويَّة السودانية، بل وصفها أحدهما بأنها "تحالف الهاربين" ؛ لأنها تتوارى خلف المكون الإفريقي لتنال من قسط الثقافة العربية الإسلامية الأوفر حظّاً في السودان. وينفي أنصار هذا التوجه الرافض لشرعية الأفروعربية أهلية الأصل الإفريقي في شمال السودان الذي تسوده الثقافة العربية الإسلامية، متعللين بمناهج علم الإثنوغرافيا أو الأنثربولوجيا التي درجت على عدم مغالطة أهل الأنساب في أنسابهم، بغية حملهم على صواب يحسبه الباحث حقيقة مطلقة، وذلك وفق قراءات أكاديمية قائمة على أدوات بحثية وفرضيات تناقض في بعض الأحيان الموروثات الشائعة والمتداولة بين معظم قبائل شمال السودان التي تدعي النسب العربي. وفي الاتجاه المعاكس قدح بعض المثقفين الجنوبيين في التركيبة الثنائية لتيار الأفروعربية، بحجة أنها لا تنطبق عليهم وعلى واقعهم المعيش؛ لأنهم قد احتفظوا بإفريقيتهم في صورها كلها، ولا يريدون أن يكونوا طبعة لاحقة لإنسان سنَّار الذي يمثل أساس التركيبة الهجينة للسودانيين الشماليين، وأن التمازج الثقافي بهذه الكيفية، من وجهة نظرهم، هو نوع من "الغش الثقافي لا الحوار". تجاوزاً لإشكالات الأفروعربية ظهر في مطلع الثمانينيات من القرن الماضي مصطلح "السودانوية"، الذي تبنته الحركة الشعبية لتحرير السودان في وثيقة إعلان تأسيسها عام 1983م، وشرحه الدكتور جون قرنق دي مبيور في شكل معادلة رياضية، تتكون من: (س = أ + ب + ج)، حيث تعني "س" الهُويَّة السودانية، و"أ" التنوع التاريخي، و"ب" التنوع المعاصر"، و"ج" المؤثرات الخارجية والتداخل الثقافي العالمي. وبذلك حاول مُنظِّر الحركة الشعبية أن يخرج من ضيق القوميات وإشكالاتها المصاحبة إلى سعة الإطار الوطني الخالي نسبياً من إيماءات التعقيدات الإثنية. وعلق الدكتور منصور خالد على هذا المنحى الإيجابي بقوله: "الحاضنة الثقافية للشخصية السودانية ليست هي العروبة ولا الزنوجة، وإنما السودانوية. كما أن القاع الاجتماعي للوطنية السودانية ليس هو الاستعراب أو التزنج، وإنما هو أيضاً السودانوية. السودانوية نتاج عروبة تنوبت وتزنجت، ونوبة تعربت، وإسلام وشته على مستوى العادات لا العبادات شية من وثنية". ثم يمضي في الاتجاه ذاته، ويقول: "السودانيون، إذن، ليسوا قومية واحدة بالمفهوم الأنثروبولجي أو السلالي، وإنما هم شعب واحد –بالمفهوم السياسي- تمازجت عناصره في فضاء جغرافي محدد، وأفق تاريخي معين، ولكل واحد منها مزاج. فالخيار أمام مثل هذه المجموعات هو إما الانتماء للوطن انتماءً مباشراً عن طريق المواطنة ودستورها، أو الانتماء له انتماءً غير مباشر عن طريق هُويَّاتها الصُغرى، دينية كانت، أم عرقية، أو ثقافية. الانتماء الأخير وصفة لا تنجم منها إلا الكارثة؛ لأن التحصين بالهُويَّات الصغرى يفضي، بالضرورة، إلى إقصاء الآخر الذي لا ينتمي لتك الهُويَّة، وإقصاء الآخر يقود بالضرورة أيضاً إلى تقوقعه في هُويَّته المحلية المحدودة، وربما إلى إنكار كل ما هو مشرق في ثقافة من أقصاه، وسعى للهيمنة عليه. فالفريق المقصي لن يرى – بمنطق ردِّ الفعل- في إبداعات الآخر أكثر مِنْ إنها وجهة من وجوه الهيمنة والإلغاء". وصف الأستاذ عبد المنعم عجب الفيا أطروحة "السودانوية" بأنها مماثلة لأطروحة "الغابة والصحراء" من حيث الجوهر، ولا تختلف عنها سوى أنها طرحت الاصطلاح الجديد خروجاً عن ثنائية الأفروعربية، وبذلك اكتسبت أعضاءً جُدداً في الساحة السودانية، مثل: البروفيسور أحمد الطيب زين العابدين، والأستاذ كمال الجزولي، والدكتور نور الدين ساتي، والبروفيسور أحمد محمد علي حاكم، والدكتور عبد الهادي صديق. ربما يكون الأستاذ عجب الفيَّا محقاً فيما ذهب إليه؛ إلا أننا نختلف معه في توصيف النقلة الاصطلاحية المشار إليها؛ لأنها لا ترتبط فقط بتحسين صورة المصطلح الجاذبة، وإنما تدعو إلى انتقال معياري من وعاء القومية الضيق إلى وعاء الوطنية الأرحب، الذي ربما يُسهم في إصدار تشريع دستوري، يتواضع أهل السودان عليه لتجاوز خصوصياتهم المحلية، والعرقية، والدينية لحساب الوطنية العامة، وذلك بهدف الارتقاء بالهُويَّة الوطنية حضارياً وقيمياً، ثم إفساح المجال لمفهوم المواطنة القائم على حق الدم أو الأرض لينبسط بين الناس، ويكون وسيط تآلف بين المتنافرات. الهُويَّة والدولة في حوارات صلاح شعيب في خضم هذه الرؤى المتعارضة والأطروحات المتخاصمة حول مفهوم الهُويَّة السودانية طرح الأستاذ صلاح شعيب سؤال الهُويَّة بصفة متكررة على رهط من الأكاديميين، والسياسيين، ونشطاء المجتمع المدني الذين حاورهم، وجاء سؤاله على صيغة استفهام فردي للطرف المُحَاوَر وفي جدلية مركبة من الهُويَّة والنُّخبة والدولة: "هل ترى أن هناك أزمة في فهم الهُويَّة السودانية مما دعا النخب المتعلمة إلى الفشل في إنجاز مشروع الدولة السودانية؟" أجمع المجيبون عن هذا السؤال بأنه سؤال مأزوم، يدلّ على فشل متأصل في قدرة النُّخبة المتعلمة على إنجاز مشروع الدولة السودانية. وتراوحت إجاباتهم في انبساطها بين طرح صدامي، أُسست مفرداته على فرضيات تقود إلى حتمية انهيار الدولة السودانية، وطرح توفيقي تشبث بخيوط الأمل وفق قراءة جديدة لمفهوم الهُويَّة، وكيفية توظيفها لإنجاز مشروع دولة السودان الجديد. يأتي في مقدمة أنصار الطرح الصدامي الدكتور حيدر إبراهيم الذي يرى أن "الأزمة ليست في فهم الهُويَّة، ولكن في طرح سؤال الهُويَّة كأولوية في المشروع القومي السوداني، وأيضاً تكمن الأزمة في الطريقة التي طُرح بها السؤال، والظروف التاريخية التي جاء ضمنها. فالإجابات عن السؤال خاطئة؛ لأن السؤال في أصله خطأ. فمن البدء لا يوجد تعريف جامع، ومانع، وشامل، وعقلاني، وعملي للهُويَّة، ولابد من الوقوف على تعريف جوهري، وتجريدي، ولا تاريخي [كذا] وثقافي". ومن ثم يرى الدكتور حيدر أن النسبة إلى عروبة اللسان "حل هروبي"؛ لأنها لا تلبي متطلبات العقل الشعبي الذي نسب نفسه جزافاً إلى العباس، وأن الدعوة للأفريقانية دعوة جوفاء؛ لأنها تتخذ من الجغرافيا واللون أساساً لتعريف ذاتها، "فالهُويَّة الدينكاوية أكثر تماسكاً من أفريقانية بلا ضفاف". وبذلك يجرح الدكتور حيدر في مشروعية الأفروعربية كأساس لبناء الهُويَّة السودانية. وعليه يرى في وجود السودان على الخارطة السياسية مجرد وجود وهمي؛ لأن السودان من وجهة نظره لم تتبلور هُويَّته المزعومة عبر تراكم ثقافي تاريخي يصب في وعاء الوحدة والتوحد، بل جمع بين ثناياه متناقضات واقعه السياسي، والاجتماعي، والثقافي، والديني، فضلاً على أن النُّخبة المتعلمة لم تكن في مستوى ذلك التحدي لتحول "الوهم إلى حقيقة وواقع" ؛ لأنها أضاعت فرص المستقبل والانطلاق نحو الغد الأفضل في أكثر من مرة، ويذكر منها: الاستقلال، وثورة أكتوبر 1964م، وانتفاضة أبريل 1985م، واتفاقية السلام الشامل يناير 2005م. وفي ضوء هذا المشهد الكئيب يصل الدكتور حيدر إلى القول: بأن "التاريخ لا يعيد نفسه، دعنا نكمل دورة الانهيار بلا نقصان، ونفكر منذ الآن في إعادة البناء، فالموجود الآن لا يمكن إصلاحه. لقد سرق الإسلامويون المستقبل، وتمَّ تأميم الإنسان السوداني تحت شعار إعادة صياغة الإنسان السوداني. المستقبل أدواته العقل، والمعرفة، والاقتصاد، والقيم، وكل هذه المكونات خُرِّبت، أو استولى عليها نظام تعليمي يعتمد الجهل بشهادات من كل المستويات، عقل غيبـي خرافي حيث يعالج الطبيب نفسه بالأعشاب والمحاية، كما أن الشياطين تتجول معنا وتجالسنا وتنافسنا، واقتصاد طفيلي فاسد أقرب إلى مصباح علاء الدين، حيث يأتي الثراء في ليلة واحدة! هل تعرف مستقبلاً لا يصنعه العقل، والعلم، والتكنولوجيا، والإنتاج، والإبداع؟ وهذه هي الفروق بين اليابان، وماليزيا، وكوريا الجنوبية من جهة، والسودان، واليمن، وموريتانيا، والصومال من جهة أخرى". ويشترك مع الدكتور حيدر إبراهيم في رؤيته الصدامية أولئك الذين يطعنون في شرعية الهُويَّة السودانية المنشودة وفق هدي المشروع الحضاري، الذي يعُدُّونه مشروعاً إقصائياً وكارثياً على وحدة السودان؛ لأنه يجعل الدين الإسلامي إطاراً معيارياً لتحديد الهُويَّة، وبذلك يتم إقصاء التنوع الثقافي، والاجتماعي، والديني، وآليات طرحه الحرة في فضاء وحدة السودان السياسية. ويرى الدكتور أسامة عثمان "إن الفشل في التوفيق بين رؤيتي السودان الذي يسع الجميع وتكون المواطنة أساس العلاقات فيه ورؤية دولة الشريعة هو الذي قاد إلى تبني فكرة دولة واحدة بنظامين، حيث جرت مقايضة مبدأ تقرير المصير بالإبقاء على الشريعة في الشمال عندما تبين من موقف المتشددين من الإسلاميين الذين لا يتورعون في التفريط بوحدة السودان إذا صارت الوحدة عقبة في [سبيل] تطبيق الشريعة الإسلامية". ويشاطره في الرأي الدكتور النور حمد الذي يعتقد أن "مخطط فرض الهُويَّة العربية الإسلامية على القطر برمته عملاً معوقاً لمشروع الدولة السودانية، ولقيام أمة سودانية موحدة تحتكم إلى دستور يعطي الحقوق علي أساس المواطنة، وليس على أساس الانتماء الديني، أو السياسي، أو العرقي، أو الجندري، أو الجهوي، أو الطبقي. لقد قادنا مخطط الاستعراب والأسلمة القسريين وإلباس اللبوس الإسلامي الفقهي السلفي لجهاز الدولة بواسطة النخب النيلية بمختلف توجهاتها عبر عقود ما بعد الاستقلال [إلى واقع أصبحنا فيه] قاب قوسين أو أدني من خطر انفصال الجنوب عن الشمال"، والذي سيتبعه انفصال أجزاء أخر من السودان. وعلى الضفة اليمني المقابلة يقف بعض الإنقاذيين الذين ينظرون إلى خصومهم على ضفة النهر اليُسرى بعين الريبة والتشكك، بل أن عرَّاب الإنقاذ السابق، الدكتور حسن الترابي، يصفهم بقوله: "إن مناصري العلمانية منافقون، مارقون من بين صفوف المسلمين، لا يستطيعون الجهر بمعارضتهم للإسلام، بل يتصنعون الغيرة على حقوق المواطن السوية، وأنهم بحماية الأقلية غير المسلمة في الجنوب يريدون أن يلقِّنوا تلك الأقلية، لتعبَّر عن أهوائهم التي لا يستطيعون أن يفصحوا عنها". فلا مندوحة أن مثل هذا الخطاب السياسي الجارح في شأن الآخر يغلق أبواب الحوار أمام الخصوم، ويفتح نوافذ للخصومة الفاجرة التي تتمترس في مصالحها القطاعية دون النظر إلى المصلحة العامة. أما التيار التوفيقي فينقسم إلى عدة تيارات ثانوية. يتصدرها تيار الدولة الوطنية والتنمية الذي يرفض سدنته صهر الهُويَّة السودانية في بوتقة الوسط التي تمثل بالنسبة لهم عملة واحدة، لها وجهان، هما: العروبة والإسلام. فثنائية العروبة والإسلام لم تكن من وجهة نظرهم وعاءً جامعاً لاستيعاب قوميات السودان المختلفة في فضاء وحدوي شامل، قوامه المواطنة وسداه احترام الآخر؛ فضلاً عن ذلك فإن هذه الانتقائية قد أفضت إلى تجاهل أهمية العلاقة الجدلية الرابطة بين الهُويَّة الديناميكية والتنمية المتوازنة. علماً بأن الحكومات الوطنية المتعاقبة قد تجاهلت وضع سؤال الهُويَّة في نصابه "السوسيولوجي والمعرفي لقياس العلاقة المتبادلة ودرجة الانتماء بين المواطن والدولة، لتحديد نصيب الفرد من الدولة - ثروة وسلطة وثقافة - ونصيب الوطن من عطاء بنيَه؟" وذروة سنام قولهم إن استقصاء كُنه الهُويَّة بهذه الكيفية سيؤدي إلى "تنمية الوطن، والمواطن، والدولة" تنمية مستدامة، ويعزز فُرص التوحد داخل وعاء الوطن الجامع، ويفعِّل تصالح المواطنين مع أنفسهم واعتزازهم بوطنهم الذي ينتمون إليه، بعيداً عن سجال النُّخبة المتعلمة حول مفهوم الهُويَّة القائم على ثنائية العروبة والإسلام، والذي أفضي إلى تفضيل السودانيين على بعضهم درجات فوق بعض. ويتوافق مع هذا الطرح التنموي للدكتور عبد السلام نور الدين موقف الدكتور أحمد عثمان، الذي يصف جدل الهُويَّة بتياراته المتخاصمة بأنه ترف ذهني، لا يخدم مشروع الدولة السودانية، وتطلعاتها إلى النهضة والرُقي. ومن ثم يرى أن الارتقاء بالوعي الجمعي يجب أن يكون من خلال توسيع قاعدة التعليم بدرجاته المختلفة، والخدمات الاجتماعية الأخرى، والبحث العلمي الذي يؤطر لقيام "دولة حديثة، قوامها العدل والمساواة، واحترام حقوق الإنسان من حيث هو إنسان"، فالنتيجة الحتمية لمثل هذا التوجه المعرفي والخدمي ستتبلور، حسب وجهة نظره، في قيام "دولة المواطنة" التي تربو بنفسها عن "دولة العرق، والحسب، والنسب" الموروثة، وانسحاباً على ذلك ستنحسر مشكلة الهُويَّة وترف جدلها الفكري، وتغيب عن الواجهة السياسية حركات الهامش والأطراف المطلبية. والتيار التوفيقي الثاني يتمثل في تيار الهُويَّة والديمقراطية، والذي يعزي أحد أنصاره، الأستاذ عبد العزيز الصاوي، فشل إنجاز مشروع الدولة السودانية في المقام الأول إلى فشل "النُّخبة السودانية في تأسيس مشروع الديمقراطية، الذي هو صنو لمشروع التنمية، كما أثبتت التجارب العالمية في الهند وماليزيا". ويرى أن تمكين الديمقراطية وفق متطلباتها المتعارف عليها يُسهم في ترسيخ "الولاء للدولة السودانية في عواطف وأمزجة الجميع مهما اختلفت هُويَّاتهم، فليست وحدة الهُويَّة شرطاً لازماً للوحدة" ، ويعلل هذه الفرضية بواقع الحال في الصومال، حيث تتوفر المقومات الأساسية للهُويَّة الواحدة، لكن مشروع الدولة الصومالية لم ينجز بعد. ويبرئ الأحزاب السياسية والانقلابات العسكرية من ضعف التجارب الديمقراطية في السودان؛ لأنه يرى أن أسباب الضعف الأساسية تكمن في "انعدام البنية التحتيَّة للديمقراطية التي [تتمثل] في سيادة العقلانية والتنوير في المجتمع"؛ لأنهما يمثلان الركيزتين اللتين قامت عليهما الديمقراطية في الغرب، وأثبتت نجاحها في محيط الممارسة السياسية. وبهذه الكيفية يختلف موقف الأستاذ عبد العزيز الصاوي عن موقف البروفيسور فرانسيس دينق الذي يرى أن أس المُشكل السوداني يرتبط بأزمة الهُويَّة؛ لأنها الأساس الذي يجب أن يستند إليه النظام الديمقراطي الرشيد، ومن ثم يجب أن يكون حسم أزمة الهُويَّة سابقاً لإنجاز مشروع الديمقراطية في السودان. أما التيار التوفيقي الثالث فيتجلى في تزاوج الهُويَّة والمواطنة، إذ يقول أحد أنصاره، الدكتور نور الدين ساتي، الهُويَّة السودانية هي "سودانوية"، لا تميز فيها لأحد بسبب العنصر، أو الدين، أو اللغة، أو الثقافة، أو الجهة، وإن السودانوية هي البوتقة التي تتفاعل فيها كافة الانتماءات، وتتم فيها بلورة كافة الرؤى والمآلات. وبهذا التصور يكون التنوع مصدراً من مصادر الثراء، وليس سرطاناً ينخر في عظم الأمة، ويفت في عضدها". وبذلك يرى الدكتور ساتي أن "الحلّ النهائي لقضية الهُويَّة هو الانتقال من التركيز المفرط على هذه المسألة كمسألة ثقافية إلى كونها ترتبط عضوياً بالمواطنة التي يتساوى فيها الجميع في الحقوق والواجبات. ودولة القانون هي الفيصل في ذلك، فالمواطنة هي حلقة الوصل اللازمة بين الحقوق الثقافية، والدينية، والاجتماعية، وبين الحقوق السياسية، والدستورية، والقانونية. ولذا فإني أرى أن يأتي الحديث عن الهُويَّة دائماً مرتبطاً بالحديث عن المواطنة، وذلك لأنهما يتكاملان تكاملاً منطقياً، ويدعم أحدهما الآخر". ويمضي في الاتجاه ذاته ويقول: إذا فشل السودانيون "في توصيف جدلية (الهُويَّة/المواطنة) توصيفاً صحيحاً بوصفها الوحدة البنائية الأساسية للمجتمع والدولة، فإنه يترتب على ذلك انهيار المشروع الوطني لهشاشة العنصر الأول من عناصره الأساسية، ألا وهو ما يمكن أن نسميه الحزمة البنائية (هُويَّة- مواطنة)، ولا يجدي بعد ذلك إن كان المشروع جذاباً في صياغته، أو أطروحته الأدبية، أو الأكاديمية، أو في مرجعياته الفكرية، أو المذهبية، أو السياسية إذا كانت تلك لا تستند إلى واقع معاش، أو تعوزها العناصر الأساسية الصالحة للبناء الاجتماعي". في خاتمة عرضنا لمحور الهُويَّة ومشروع الدولة السودانية يمكننا القول إنَّ النصوص المختارة من الحوارات التي أجراها الأستاذ صلاح شعب قد تدثرت ببعض الإسقاطات الأيديولوجية التي انعكست سابقاً في مداولات نيفاشا، وأفضت إلى تشريع دستور انتقالي لعام 2005م، نحسبه قد أجاب عن معظم الإشكالات التي أثارها ضيوف صلاح شعيب بشأن الهُويَّة وإنجاز مشروع الدولة السودانية؛ لأن المبادئ العامة الموجهة لهذا الدستور قد تصدت لكثير من الإشكالات المثارة وعالجتها بموضوعية. ويأتي في مقدمة هذه الإشكالات تحديد طبيعة الدولة السودانية بأنها "دولة مستقلة ذات سيادة، ديمقراطية لامركزية، تتعدد فيها الثقافات، واللغات، وتتعايش فيها العناصر، والأعراق، والأديان". وتلتزم الدولة من جانبها "باحترام وترقية الكرامة الإنسانية، وتُؤسس على العدالة، والمساواة، والارتقاء بحقوق الإنسان وحرياته الأساسية، وتتيح التعددية الحزبية". ويصف الدستور القُطر السوداني بأنه "وطن واحد جامع، تكون فيه الأديان والثقافات مصدر قوة وتوافق وإلهام"، والسيادة فيه للشعب، "وتُمارسها الدولة طبقاً لنصوص هذا الدستور والقانون دون إخلال بذاتية جنوب السودان والولايات"؛ وإن وحدة السودان تُؤسس "على الإرادة الحُرة لشعبه وسيادة حكم القانون والحكم الديمقراطي اللامركزي والمساءلة والمساواة والاحترام والعدالة"، و"الأديان والمعتقدات والتقاليد والأعراف هي مصدر القوة المعنوية والإلهام للشعب السوداني"، و"التنوع الثقافي والاجتماعي للشعب السوداني هو أساس التماسك القومي، ولا يجوز استغلاله لإحداث الفرقة". وأن "تكون الشـريعة الإسلامية والإجماع مصدراً للتشـريعات التي تُسنُّ على المستوى القومي وتُطبق على ولايات شمال السودان"، وأن "يكون التوافق الشعبي، وقيم وأعراف الشعب السوداني وتقاليده ومعتقداته الدينية التي تأخذ في الاعتبار التنوع في السودان، مصدراً للتشريعات التي تُسنُّ على المستوى القومي، وتُطبق على جنوب السودان أو ولاياته". و"تكون المواطنة أساس الحقوق المتساوية والواجبات لكل السودانيين"؛ و "جميع الُلغات الأصلية السودانية لغُات قومية يجب احترامها وتطويرها وترقيتها"؛ وأن تكون العربية والإنجليزية هم اللغتان الرسميتان لأعمال الحكومة القومية ولغتي التدريس في التعليم العالي؛ و"يجوز لأي هيئة تشريعية دون مستوى الحكم القومي أن تجعل من أي لغة قومية أخرى، لغة عمل رسمية في نطاقها، وذلك إلى جانب اللغتين العربية والإنجليزية". ويبدو أن هذه النقلة النوعية في الصناعة الدستورية ومستلزمات السلام الشامل المصاحبة لها هي التي دفعت الدكتور حيدر إبراهيم إلى القول بأن "اتفاقية السلام الشامل لعام 2005م" كانت واحدة من الفرص الضائعة في تاريخ السودان الحديث؛ لأن المبادئ التي يقوم الدستور عليها لم يُروَّج لها بالصورة المرجوة في أوساط السواد الأعظم من أهل السودان، ولم تخضع للتقويم الموضوعي من قبل القطاعات المثقفة، ولم يقم طرفا نيفاشا (المؤتمر الوطني والحركة الشعبية) بترجمتها على صعيد الواقع بنوع من الشفافية والروح المحاسبية. إذاً مشكلة السودان الأساسية لا تكمن في صياغة الدساتير والنُّظم السياسية، أو تحديد المواطنة أساساً للانتماء للدولة، وإنما تتبلور في عجز النُّخب الحاكمة في إدارة الدولة ومؤسساتها إدارة تصبّ في وعاء المصلحة الوطنية العامة، والتمهيد للتحول الديمقراطي المنشود؛ وفي عجز المعارضة في إدارة الصراع بطريقة حضارية تُسهم في تمكين الوعي الديمقراطي، وتفعيل الحوار السوداني-السوداني الذي ينعكس عائده المادي في إعداد الدراسات والخُطط الاستراتيجية الجادَّة لتنمية موارد السودان البشرية، والاقتصادية، والسياسية، دون أن يكون همُّ الحكومة والمعارضين لها منصباً حول التضخم الذاتي المرتبط بتسنم المناصب الدستورية، أو الاعتماد الطفيلي على موارد الخزينة العامة التي تضخُّ معظم بنود صرفها في مصروفات الفصل الأول للميزانية العامة لحكومة السودان، أو في عقد التحالفات السياسية باهظة الكُلفة وقليلة العائد، أو في الاحتماء بالآخرين لوضع حلول آنية مدفوعة الأجر لمعالجة مشكلات السودان المزمنة.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الراحل محمّد عبد الحي أوّل من أسس مثلث حمدي !! (Re: Ahmed Abushouk)
|
Quote: الأخوة الأعزاء أشكركم على ملاحظاتكم الكريمة، تعليقاتكم القيمة عن الندوة التي قدمتها بمدينة الرياض في 18 يونيو 2010. أتفق مع الأخوة القراء أنه ليست هناك علاقة بين إنسان سنار المعياري الذي وضعه الدكتور محمد عبد الحي أو الأفروعربية ومثلث حمدي، ورد ذكر مثلث حمدي في إطار نظرة النخبة الجنوبية لمشروع الغابة والصحراء والتي رفضت المشروع بحجة أنه لا يمثل الجنوب ويرمز إلى إطار جغرافي يمثله ما يعرف حديثاً بمثلث حمدي أي الإطار الجغرافي للسلطنة الزرقاء. وهذه وجهة نظرهم وليست وجهة نظري.
|
الأخ البروفيسور ابو شوك تحية طيبة
اشكرك على التوضيح وما كنا نريد أن نظلم الدكتور محمد عبد الحي في قبره.. علي أي حال تغطية الندوة ومن خلال بحثي بالنت وجدتها بعدد من المواقع، وهنا يلزمك كتابة مقال توضيحي إزالة للغموض واللبس. كما لم يرد البتة في تغطية الندوة أن الأمر يتعلق بنظرة الأخوة الجنوبيين لرؤية تيار الغابة والصحراء.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الراحل محمّد عبد الحي أوّل من أسس مثلث حمدي !! (Re: إسماعيل وراق)
|
البروفيسور أبو شوك نفى تطرقه لمقولة أن الدكتور محمد عبد الحي في قصيدتة العودة لسنار يعتبر أول من أسس نظرياً لمثلث حمدي.. أدناه.. تغطية للندوة وردت في صحيفة الرأي العام.. وهنا يا دكتور نصدق من!!! وعلي أي حال أنت مطالب بكتابة توضيح أشمل. أنظر للفقرة المكتوبة باللون الأحمر.
Quote: دعا أكاديمي متخصص المثقفين السودانيين للقيام بدور كبير في تعزيز الهوية الموحدة للدولة القطرية السودانية وهي مقبلة على مرحلة تقرير المصير، وقال أستاذ التاريخ والحضارة بماليزيا البروفيسور أحمد إبراهيم أبو شوك ان اتفاقية نيفاشا التي انبثق عنها دستور السودان 5002م قد وفرت الأساس النظري لتعزيز هوية سودانية موحدة تقوم على التراضي وتحل كل إشكالات الثروة والسلطة وتباين الأديان والأعراق، لكنها لم تجد الإعلام اللازم. وتناول بروفيسور أبو شوك في ورقة «قراءة في تشكيل الهوية السودانية» التي قدمها في المنبر الدوري لرابطة الإعلاميين السودانيين بفندق الستين بالعاصمة السعودية الرياض أمس مفهوم الهوية والمراحل التاريخية التي ظهر وتطور فيها المصطلح، وأبان أن مصطلح الهوية يشير إلى وعاء الضمير الجمعي الذي يستند إلى ثلة من القيم، والعادات، والتقاليد، والمعتقدات التي تميز كل مجموعة بشرية عما سواها، وتسهم في الوقت نفسه في تكيف وعيها الذاتي وتشكيل طبيعة وجودها المادي والمعنوي في الحيز الجغرافي الثابت الذي تشغله، والبعد الزمني المتغير الذي تعيش فيه». --- القومية والوطنية وقال أبو شوك في تحليل التعريف: «إننا بهذه الكيفية نلحظ ان قضية الهوية ترتبط بمصطلحين مفتاحيين هما: الوطنية والقومية. وكثير من الباحثين، كما يرى البروفيسور مدثر عبد الرحيم، لا يدرك كنه هذين المصطلحين، ويعاملهما من منطلق أنهما مصطلحان مترادفان، وبهذا الفهم الخاطئ يحدث نوع من الخلط المنهجي عند مناقشة قضية الهوية، لأن الوطنية ترتبط ارتباطاً عضوياً بالحيز الجغرافي الذي يمثل الركن الأول لبناء الدولة القطرية، والقاعدة التي يستند إليها الركنان الآخران: الشعب والسيادة «السلطة العامة». أما القومية فهي بمثابة الخيط الناظم لأفراد المجموعة البشرية «الشعب» ذات التاريخ المشترك، واللغة الجامعة، والانتماء العرقي، والاعتقاد الديني، علماً بأن قاعدة القومية أحياناً تتجاوز حدود الدولة القطرية الواحدة، وتتعداها إلى أكثر من دولة، وأحياناً أخرى تضيق داخل وعاء الدولة القطرية الذي يحمل بين ثناياه جملة من القوميات المتباعضة». أول من نادى بهوية موحدة وأوضح أبو شوك ان سؤال الهوية السودانية سؤال قديم ومتجدد في أوساط القطاعات المثقفة السودانية، وان الشاعر المجدد حمزة الملك طمبل يعتبر أول من طرحه، حيث نادى بإحياء الروح السودانية في المنتج الأدبي الثقافي، ليكون له ذاته المميزة عن ذوات الآخرين، وخص بالدعوة الشعراء الإحيائيين، أمثال محمد سعيد العباسي، ومحمد عمر البنا، وأحمد المرضي، لأنهم كانوا مولعين بتقليد العرب القدامي في مطالع قصائدهم، وفي مفاخرهم، ومبالغاتهم الوصفية في حق الموصوف، والتي كانت لا تعكس واقع البيئة السودانية بصورة جلية، ولا تجسد قومية الشعر السوداني، وقال بروفيسور أبو شوك ان الدعوة لهوية سودانية خالصة انتقلت من قومية الشعر إلى قومية الذات السودانية التي تشكل طرفاً من معالمها في أدبيات جماعة الفجر، وتحديداً في قليل من كتابات محمد أحمد المحجوب، وعرفات محمد عبد الله، ومحمد عشري الصديق، وفي أشعار محمد المهدي المجذوب لاحقاً. «ماذا وراء الأفق؟» ويشير بروفيسور أبو شوك إلى أن مقالة محمد عشري الصديق «ماذا وراء الأٌُفق؟» التي نشرها في صحيفة «حضارة السودان» في نهاية أكتوبر 9291م كانت تدعو للتفاؤل بوطن واحد وهوية موحدة حيث جاء في المقالة عن الوطن بهذه الكيفية: «من قال إنه ليس بأمة؟ فليس هناك ما يمنع ان يكون كذلك في وقت قريب، فلا اختلاف أديانه، ولا اختلاف عاداته، ولا اختلاف شعوبه، ولا اختلاف أجوائه، وظروف المعاش فيه، بحائلة دون تحقيق هذه الأمنية العذراء. ليس يمكن ان تكون الأمم في بدء تكوينها غير ذلك: «فالمصالح المشتركة، والتفاهم المتبادل، وأحداث التاريخ، وتقرب شقة الاختلاف، وتصل الأبعدين برباط متين «وبالتالي فإن الدعوة لهوية سودانية موحدة كانت أمنية قديمة قبل الاستقلال بعقود.. ويشير البروفيسور أبو شوك إلى أن التطور اللاحق لدعوة التوجه القومي لدى حمزة الملك طمبل كانت قد تجلت إشراقاتها في «تيار الغابة والصحراء» الذي برز إلى حيز الوجود في العقد السادس من القرن العشرين، بزعامة النور عثمان أبكر ومحمد المكي إبراهيم ومحمد عبد الحي وآخرين، وقد أسس تيار الغابة والصحراء وفق منطلقات شعرية وثقافية، تنشد التصالح بين الثقافة العربية والثقافة الأفريقية في السودان، فالغابة كانت تعني رمزية العنصر الافريقي، والصحراء رمزية العنصر العربي. سنار ومثلث حمدي ويشير بروفيسور أبو شوك إلى أن اشكالية قضية الهوية قد بلغت ذروتها في مشروع «انسان سنار» الذي نصبه الدكتور محمد عبد الحي ورفاقه الخلاسيون إنساناً معيارياً لهوية أهل السودان، لأن السلطنة الزرقاء من وجهة نظرهم كانت تجسد معالم التلاقح السياسي، والاجتماعي الذي حدث بين العبدلاب «العرب» والفونج «الزنوج»، والذي أفضى بدوره إلى تشكيل هوية أهل شمال السودان ذات السحنة الخلاسية. ويؤكد أبو شوك بأن قصيدة «العودة إلى سنار» كانت قد وضعت الاطار النظري لمثلث حمدي قبل ان يظهر مصطلح المثلث بسنوات طويلة. «تحالف الهروبيين» ويرى بروفيسور أبو شوك إنه وبعد تراجع وأفول نجم الغابة والصحراء بعد مضى سنوات التكوين الأولى ذات النزعة الثقافية، انتقل تطور مفهوم الهوية إلى ظهور مصطلح الأفروعربية كمصطلح بديل فرضته إفرازات الصدامات الإثنية داخل السودان وخارجه، وطرحه بعض المتأثرين بتداعيات ذلك الواقع ليكون بمثابة حل إثني واجتماعي وسياسي لمأزق الهوية السودانية. وصاحب نشوء الأفروعربية تياران آخران، تواضعا على التشكيك في حجيتها، ومدى صلاحيتها كأسس للهوية السودانية، بل وصفه بروفيسور عبد الله علي إبراهيم بأنها «تحالف الهاربين» لأنها تتوارى خلف المكون الأفريقي لتنال من قسط الثقافة العربية الإسلامية الأوفر حظاً في السودان. وينفي أنصار هذا التوجه الرافض لشرعية الأفروعربية أهلية الأصل الأفريقي في شمال السودان الذي تسوده الثقافة العربية الإسلامية، متعللين بمناهج علم الإثنوغرافيا أو الانثربولوجيا التي درجت على عدم مغالطة أهل الأنساب في أنسابهم، بغية حملهم على صواب يحسبه الباحث حقيقة مطلقة. وفي الاتجاه المعاكس قدح بعض المثقفين الجنوبيين في التركيبة الثنائية لتيار الأفروعربية، بحجة أنها لا تنطبق عليهم وعلى واقعهم المعيش، لأنهم قد احتفظوا بإفريقيتهم في صورها كلها، ولا يريدون أن يكونوا طبعة لاحقة لإنسان سنار الذي يمثل أساس التركيبة الهجينة للسودانيين الشماليين، وأن التمازج الثقافي بهذه الكيفية، من وجهة نظرهم، هو نوع من «الغش الثقافي لا الحوار». نظرية قرنق ويرصد الباحث محاولات لتجاوز إشكالات الأفروعربية أظهرت في مطلع الثمانينيات من القرن الماضي مصطلح «السودانوية»، الذي تبنته الحركة الشعبية لتحرير السودان في وثيقة إعلان تأسيسها العام 3891م، وشرحه الدكتور جون قرنق دي مبيور في شكل معادلة رياضية، تتكون من: «س=أ+ب+ج»، حيث تعني «س» الهوية السودانية، و«أ» التنوع التاريخي، و«ب» التنوع المعاصر، و«ج» المؤثرات الخارجية والتداخل الثقافي العالمي. وبذلك حاول مُنظر الحركة الشعبية أن يخرج من ضيق القوميات وإشكالاتها المصاحبة إلى سعة الإطار الوطني الخالي نسبياً من إيماءات التعقيدات الأثنية. ويورد أبو شوك تعليقاً للدكتور منصور خالد على هذا المنحى الإيجابي بقوله: «الحاضنة الثقافية للشخصية السودانية ليست هي العروبة ولا الزنوجة، وإنما السودانوية. كما ان القاع الاجتماعي للوطنية السودانية ليس هو الاستعراب أو التزنج، وإنما هو أيضا السودانوية. السودانوية نتاج عروبة تنوبت وتزنجت، ونوبة تعربت، وإسلام وشته على مستوى العادات لا العبادات شية من «وثنية». ثم يمضي في الاتجاه ذاته، ويقول: «السودانيون، إذن، ليسوا قومية واحدة بالمفهوم الأنثروبولجي أو السلالي، وإنما هم شعب واحد -بالمفهوم السياسي- تمازجت عناصره في فضاء جغرافي محدد، وأفق تاريخي معين، ولكل واحد منهم مزاج «...» فالخيار أمام مثل هذه المجموعات هو إما الأنتماء للوطن انتماء مباشراً عن طريق المواطنة ودستورها، أو الانتماء له انتماء غير مباشر عن طريق هوياتهم الصغرى، دينية كانت، أم عرقية، أو ثقافية. الإنتماء الأخير وصفة لا تنجم منها إلا الكارثة، لأن التحصين بالهويات الصغرى يفضي، بالضرورة، إلى إقصاء الآخر الذي لا ينتمي لتلك الهوية، وإقصاء الآخر يقود بالضرورة أيضاً إلى تقوقعه في هويته المحلية المحدودة، وربما إلى إنكار كل ما هو مشرق في ثقافة من أقصاه، وسعى للهيمنة عليه. فالفريق المقصي لن يرى- بمنطق رد الفعل- في إبداعات الآخر أكثر من إنها واجهة من وجوه الهيمنة والإلغاء». أطروحة قرنق ويورد البروفيسور أبو شوك وصفاً للأستاذ عبد المنعم عجب الفيا يصف فيه اطروحة «السودانوية» بأنها مماثلة لأطروحة «الغابة والصحراء» من حيث الجوهر، ولا تختلف عنها سوى أنها طرحت الاصطلاح الجديد خروجاً عن ثنائية الأفروعربية، وبذلك اكتسبت اعضاء جدد في الساحة السودانية، مثل «البروفيسور أحمد الطيب زين العابدين، والأستاذ كمال الجزولي، والدكتور نور الدين ساتي، والبروفيسور أحمد محمد علي حاكم، والدكتور عبد الهادي صديق. يقول بروفيسور أبو شوك: ربما يكون الأستاذ عجب الفيّا محقاً فيما ذهب إليه، إلا أننا نختلف معه في توصيف النقلة الاصطلاحية المشار إليها، لأنها لا ترتبط فقط بتحسين صورة المصطلح الجاذبة، وإنما تدعو إلى انتقال معياري عن وعاء القومية الضيق إلى وعاء الوطنية الأرحب، الذي ربما يسهم في إصدار تشريع دستوري، يتواضع أهل السودان عليه لتجاوز خصوصياتهم المحلية، والعرقية، والدينية لحساب الوطنية العامة، وذلك بهدف الارتقاء بالهوية الوطنية حضارياً وقيمياً، ثم إفساح المجال لمفهوم المواطنة القائم على حق الدم أو الأرض لينبسط بين الناس، ويكون وسيط تآلف بين المتنافرات. تيار تصادمي ومن خلال متابعته لآراء الباحثين إزاء أزمة الهوية والدولة وفشل النخبة السياسية صنف البروفيسور أحمد إبراهيم أبو شوك الآراء ضمن تيارين أحدهما تصادمي، أسست مفرداته على فرضيات تقود إلى حتمية انهيار الدولة السودانية، وطرح توفيقي تشبث بخيوط الأمل وفق قراءة جديدة لمفهوم الهوية، وكيفية توظيفها لإنجاز مشروع دولة السودان الجديد. ويأتي في مقدمة أنصار الطرح الصدامي -بحسب بروفيسور أبو شوك- الدكتور حيدر إبراهيم الذي يرى أن «الأزمة ليست في فهم الهوية، ولكن في طرح سؤال الهوية كأولوية في المشروع القومي السوداني، وأيضاً تكمن الأزمة في الطريقة التي طرح بها السؤال، والظروف التاريخية التي جاء ضمنها. فالاجابات عن السؤال خاطئة، لأن السؤال في أصله خطأ. فمن البدء لا يوجد تعريف جامع، ومانع، وشامل، وعقلاني، وعملي للهوية، ولا بد من الوقوف على تعريف جوهري، وتجريدي، ولا تاريخي وثقافي. «ومن ثم يرى الدكتور حيدر ان النسبة إلى عروبة اللسان «حل هروبي»، لأنها لا تلبي متطلبات العقل الشعبي الذي نسب نفسه جزافاً إلى العباس، وأن الدعوة للأفريقانية دعوة جوفاء، لأنها تتخذ من الجغرافيا واللون أساساً لتعرف ذاتها، «فالهوية الدينكاوية أكثر تماسكاً من أفريقانية بلا ضفاف». وبذلك يجرح الدكتور حيدر في مشروعية الأفروعربية كأساس لبناء الهوية السودانية. وعليه يرى في وجود السودان على الخارطة السياسية مجرد وجود وهمي، لان السودان من وجهة نظره لم تتبلور هويته المزعومة عبر تراكم ثقافي تاريخي يصب في وعاء الوحدة والتوحد، بل جمع بين ثناياه متناقضات واقعه السياسي، والاجتماعي، والثقافي، والديني، فضلاً على أن النخبة المتعلمة لم تكن في مستوى ذلك التحدي لتحول «الوهم إلى حقيقة وواقع» لأنها أضاعت فرص المستقبل والانطلاق نحو الغد الأفضل في أكثر من مرة، ويذكر منها: «الاستقلال، وثورة أكتوبر 4691م، وانتفاضة ابريل 5891م، واتفاقية السلام الشامل يناير 5002م. وصف الترابي ويشترك مع الدكتور حيدر إبراهيم في رؤيته الصدامية- بحسب أبو شوك- الدكتور أسامة عثمان والدكتور النور حمد الذي يعتقد أن «قيام أمة سودانية موحدة تحتكم إلى دستور يعطي الحقوق على أساس المواطنة، وليس على أساس الانتماء الديني، أو السياسي، أو العرقي، أو الجندري، أو الجهوي، أو الطبقي بينما يصف الدكتور حسن الترابي أصحاب هذا التيار بقوله: «إن مناصري العلمانية منافقون، مارقون من بين صفوف المسلمين، لا يستطيعون الجهر بمعارضتهم للإسلام، بل يتصنعون الغيرة على حقوق المواطن السوية، وأنهم بحماية الأقلية غير المسلمة في الجنوب يريدون ان يلقنوا تلك الأقلية، لتعبر عن أهوائهم التي لا يستطيعون ان يفصحوا عنها فلا مندوحة، ان مثل هذا الخطاب السياسي الجارح في شأن الآخر يغلق أبواب الحوار أمام الخصوم، ويفتح نوافذ للخصومة الفاجرة التي تتمترس في مصالحها القطاعية دون النظر إلى المصلحة العامة». الدولة الوطنية والتنمية أما التيار التوفيقي- بحسب مقدم الورقة- فينقسم إلى عدة تيارات ثانوية. يتصدرها تيار الدولة الوطنية والتنمية الذي يرفض سدنته صهر الهوية السودانية في بوتقة الوسط التي تمثل بالنسبة لهم عملة واحدة، لها وجهان، هما: العروبة والإسلام. فثنائية العروبة والإسلام لم تكن من وجهة نظرهم وعاءً جامعاً لاستيعاب قوميات السودان المختلفة في فضاء وحدوي شامل، قوامه المواطنة وسداه احترام الآخر، فضلاً عن ذلك فإن هذه الانتقائية قد أفضت إلى تجاهل أهمية العلاقة الجدلية الرابطة بين الهوية الديناميكية والتنمية المتوازنة. علماً بأن الحكومات الوطنية المتعاقبة قد تجاهلت وضع سؤال الهوية في نصابه «السوسيولوجي والمعرفي لقياس العلاقة المتبادلة ودرجة الانتماء بين المواطن والدولة، لتحديد نصيب الفرد من الدولة- ثروة وسلطة وثقافة- ونصيب الوطن من عطاء بنيه؟» وذروة سنام قولهم إن استقصاء كنه الهوية بهذه الكيفية سيؤدي إلى «تنمية الوطن، والمواطن، والدولة» تنمية مستدامة، ويعزز فرص التوحد داخل وعاء الوطن الجامع، ويفعل تصالح المواطنين مع أنفسهم واعتزازهم بوطنهم الذي ينتمون إليه، بعيداً عن سجال النخبة المتعلمة حول مفهوم الهوية القائم على ثنائية العروبة والإسلام، والذي أفضى إلى تفضيل السودانيين على بعضهم درجات فوق بعض. ويتوافق مع هذا الطرح التنموي للدكتور عبد السلام نور الدين والدكتور أحمد عثمان، الذي يصف جدل الهوية بتياراته المتخاصمة بأنه ترف ذهني، لا يخدم مشروع الدولة السودانية، وتطلعاتها إلى النهضة والرقي، ومن ثم يرى ان الارتقاء بالوعي الجمعي يجب أن يكون من خلال توسيع قاعدة التعليم بدرجاته المختلفة، والخدمات الإجتماعية الأخرى، والبحث العلمي الذي يؤطر لقيام «دولة حديثة، قوامها العدل والمساواة، واحترام حقوق الإنسان من حيث هو إنسان «فالنتيجة الحتمية لمثل هذا التوجه المعرفي والخدمي ستتبلور، حسب وجهة نظره، في قيام «دولة المواطنة» التي تربو بنفسها عن «دولة العرق، والحسب، والنسب» الموروثة، وانسحاباً على ذلك ستنحسر مشكلة الهوية وترف جدلها الفكري، وتغيب عن الواجهة السياسية حركات الهامش والأطراف المطلبية. الصومال دولة متشظية! وبحسب الورقة فإن التيار التوفيقي الثاني يتمثل في تيار الهوية والديمقراطية، والذي يعزي أحد أنصاره، الأستاذ عبد العزيز الصاوي، فشل إنجاز مشروع الدولة السودانية في المقام الأول إلى فشل «النخبة السودانية في تأسيس مشروع الديمقراطية، الذي هو صنو لمشروع التنمية، كما أثبتت التجارب العالمية في الهند وماليزيا». ويرى أن تمكين الديمقراطية وفق متطلباتها المتعارف عليها يُسهم في ترسيخ « الولاد للدولة السودانية في عواطف وأمزجة الجميع مهما اختلفت هوياتهم، فليست وحدة الهوية شرطاً لازماً للوحدة». ويعلل هذه الفرضية بواقع الحال في الصومال، حيث تتوافر المقومات الأساسية للهوية الواحدة، لكن مشروع الدولة الصومالية لم ينجز بعد. ويبرئ الأحزاب السياسية والانقلابات العسكرية من ضعف التجارب الديمقراطية في السودان، لأنه يرى ان أسباب الضعف الأساسية تكمن في «انعدام البنية التحتية للديمقراطية التي «تتمثل» في سيادة العقلانية والتنوير في المجتمع»، لأنهما يمثلان الركيزتين اللتين قامت عليهما الديمقراطية في الغرب، وأثبت نجاحها في محيط الممارسة السياسية. وبهذه الكيفية يختلف موقف الأستاذ عبد العزيز الصاوي عن موقف البروفيسور فرانسيس دينق الذي يرى أن أس المشكل السوداني يرتبط بأزمة الهوية، لأنها الأساس الذي يجب ان يستند إليه النظام الديمقراطي الرشيد، ومن ثم يجب ان يكون حسم أزمة الهوية سابقاً لانجاز مشروع الديمقراطية في السودان. المزاوجة بين الهوية والمواطنة أما التيار التوفيقي الثالث- بحسب الباحث- فيتجلى في تزاوج الهوية والمواطنة، إذ يقول أحد أنصاره، الدكتور نور الدين ساتي، الهوية السودانية هي «سودانوية»، لا تميز فيها لأحد بسبب العنصر، أو الدين، أو اللغة، أو الثقافة، أو الجهة، وإن السودانوية هي البوتقة التي تتفاعل فيها كافة الانتماءات، وتتم فيها بلورة كافة الرؤى والمآلات. وبهذا التصور يكون التنوع مصدراً من مصادر الثراء، وليس سرطاناً ينخر في عظم الأمة، ويفت في عضدها «وبذلك يرى الدكتور ساتي ان «الحل النهائي لقضية الهوية» هو الانتقال من التركيز المفرط علي هذه المسألة كمسألة ثقافية إلى كونها ترتبط عضوياً بالمواطنة التي يتساوى فيها الجميع في الحقوق والواجبات. ودولة القانون هي الفيصل في ذلك، فالمواطنة هي حلقة الوصل اللازمة بين الحقوق الثقافية، والدينية، والاجتماعية، وبين الحقوق السياسية، والدستورية، والقانونية. ولذا فإني أرى أن يأتي الحديث عن الهوية دائماً مرتبطاً بالحديث عن المواطنة، وذلك لأنهما يتكاملان تكاملاً منطقياً، ويدعم أحدهما الآخر». ويمضي في الاتجاه ذاته ويقول: إذا فشل السودانيون في توصيف جدلية «الهوية/ المواطنة» توصيفاً صحيحاً بوصفها الوحدة البنائية الأساسية للمجتمع والدولة، فإنه يترتب على ذلك انهيار المشروع الوطني لهشاشة العنصر الأول من عناصره الأساسية، ألا وهو ما يمكن ان نسميه الحزمة البنائية «هوية- مواطنة»، ولا يجدي بعد ذلك إن كان المشروع جذاباً في صياغته، أو أطروحته الأدبية، أو الأكاديمية، أو في مرجعياته الفكرية، أو المذهبية، أو السياسية إذا كانت تلك لا تستند إلى واقع معاش، أو تعوزها العناصر الأساسية الصالحة للبناء الاجتماعي». أجابات نيفاشا وفي ختام ورقته توصل البروفيسور أبو شوك إلى أن اتفاقية نيفاشا ودستور 5002م قد أجابا على معظم الإشكالات الواردة في قضية الهوية ومشروع الدولة السودانية لأن المبادئ العامة الموجهة لهذا الدستور قد تصدت لكثير من الإشكالات المثارة وعالجتها بموضوعية. ويأتي في مقدمة هذه الإشكالات تحديد طبيعة الدولة السودانية بأنها «دولة مستقلة ذات سيادة، ديمقراطية لا مركزية، تتعدد فيها الثقافات، واللغات، وتتعايش فيها العناصر، والأعراق، والأديان». وتلتزم الدولة من جانبها بـ «احترام وترقية الكرامة الإنسانية، وتؤسس على العدالة، والمساواة، والارتقاء بحقوق الإنسان وحرياته الأساسية، وتتيح التعددية الحزبية». ويصف الدستور القطر السوداني بأنه «وطن واحد جامع، تكون فيه الأديان والثقافات مصدر قوة وتوافق وإلهام»، والسيادة فيه للشعب، و«تمارسها الدولة طبقاً لنصوص هذا الدستور والقانون دون إخلال بذاتية جنوب السودان والولايات»، وإن وحدة السودان تؤسس «على الإرادة الحرة لشعبه وسيادة حكم القانون والحكم الديمقراطي اللا مركزي والمساءلة والمساواة والاحترام والعدالة»، و«الأديان والمعتقدات والتقاليد والأعراف هي مصدر القوة المعنوية والإلهام للشعب السوداني»، و«التنوع الثقافي والإجتماعي للشعب السوداني هو أساس التماسك القومي، ولا يجوز استغلاله لإحداث الفرقة». وأن «تكون الشريعة الإسلامية والإجماع مصدراً للتشريعات التي تسن على المستوى القومي وتطبق على ولايات شمال السودان»، وأن «يكون التوافق الشعبي، وقيم وأعراف الشعب السوداني وتقاليده ومعتقداته الدينية التي تأخذ في الاعتبار التنوع في السودان، مصدراً للتشريعات التي تسن على المستوى القومي، وتطبق على جنوب السودان أو ولاياته». و«تكون المواطنة أساس الحقوق المتساوية والواجبات لكل السودانيين»، «وجميع اللغات الأصلية السودانية لغات قومية يجب احترامها وتطويرها وترقيتها»، وان تكون العربية والإنجليزية هم اللغتان الرسميتان لأعمال الحكومة القومية ولغتا التدريس في التعليم العالي، و«يجوز لأىة هيئة تشريعية دون مستوى الحكم القومي أن تجعل من أية لغة قومية أخرى، لغة عمل رسمية في نطاقها، وذلك إلى جانب اللغتين العربية والإنجليزية». ويبدو أن هذه النقلة النوعية في الصناعة الدستورية ومستلزمات السلام الشامل المصاحبة لها هي التي دفعت الدكتور حيدر إبراهيم إلى القول بأن «اتفاقية السلام الشامل لعام 5002م» كانت واحدة من الفرص الضائعة في تاريخ السودان الحديث، لأن المبادئ القائم الدستور عليها لم يروج لها بالصورة المرجوة في أوساط السواد الأعظم من أهل السودان، ولم تخضع للتقويم الموضوعي من قبل القطاعات المثقفة. تفاعل مستمر وقد شهد المنتدى الاستثنائي، تفاعلاً مستمراً من الجمهور النوعي الذي أم القاعة، حيث تناول بروفيسور أحمد حسن محمد رئيس المجلس الاستشاري لرابطة الإعلاميين مفهوم «الهوية الإسلامية» ووافقه على طرحه دكتور عمر الأمين عضو المجلس الإستشاري للرابطة والأستاذ بجامعة الملك سعود الذي دعا للفصل بين الثابت والمتغير في مفهوم الهوية لأن الدين ثابت والعادات متغيرة، وتداخل عدد كبير مثل الباحث المهتم هاشم محمد سعيد والدكتور توفيق الطيب البشير المدير المؤسس لبوابة التوثيق الشامل والدكتور ابو بكر محمد أحمد المتخصص في المناهج وإسلامية المعرفة والخبير القانوني الأستاذ حسن البيلي والإعلامية هويدا عبادي والإعلامي هارون الشريف وعدد كبير من الصحافيين والمهتمين. |
المصدر: http://www.rayaam.info/News_view.aspx?pid=660&id=51414
للمقارنة.. أدناه توضيح البروف أبو شوك.. ولعل القارئ يلاحظ تناقضاً بين التغطية وما ذكره البروف أبوشوك من توضيح..
Quote: الأخوة الأعزاء أشكركم على ملاحظاتكم الكريمة، تعليقاتكم القيمة عن الندوة التي قدمتها بمدينة الرياض في 18 يونيو 2010. أتفق مع الأخوة القراء أنه ليست هناك علاقة بين إنسان سنار المعياري الذي وضعه الدكتور محمد عبد الحي أو الأفروعربية ومثلث حمدي، ورد ذكر مثلث حمدي في إطار نظرة النخبة الجنوبية لمشروع الغابة والصحراء والتي رفضت المشروع بحجة أنه لا يمثل الجنوب ويرمز إلى إطار جغرافي يمثله ما يعرف حديثاً بمثلث حمدي أي الإطار الجغرافي للسلطنة الزرقاء. وهذه وجهة نظرهم وليست وجهة نظري.
|
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الراحل محمّد عبد الحي أوّل من أسس مثلث حمدي !! (Re: عبدالله الشقليني)
|
Quote: وتجربة القصيدة المتلألئة " العودة إلى سنار " عمل إبداعي تجاوز تاريخه كملاءة عمل فني شعري حشد فيه الشاعر تراثه ومعارفه التي نهل منها وأخذ من ثقافات العالم ما شاء ، وأخذت بصيرته أنوار " سنار " ، وأثارت فيه أداه الخلق ، فكتبها وعدلها أكثر من سبعة عشر مرة ، فكانت قصيدة تعلقت ببيت ثقافتنا ، واضرمت النار في الهوية الملتبثة ، ليست بمنظور أهل السياسة الضحل ، الذي راوح أزمة وطننا بلا رؤيا ، وسكب في وجه الوطن ماء النار ، ليشوهه ويحرق الأرض بمن عليها .
|
الله.. الله .. .. عبد الله الشقليني.. الرجل الذي تطربني كلماته.، من يحاول أن يفصّل للشعر قميص من حديد أو أن يحجمه بأطر أيدولوجية مميتة أو إفراغه عن محتواه العميق الرصين فهو شخص واهم. مثلث حمدي عبارة عن تجسيد لمفهوم آني وإنتهازي فيه محاولة واضحة لتقسيم السودان وبالتالي تلاشي ثقافته وتاريخه وإرثه العظيم.. بينما العودة إلى سنار تحلق بنا في عوالم لا يدرك كنهها إلا من إرتوى بعشق تراب الوطن بكل تفاصيله الجميلة. .. .. أكرر شكري استاذي عبد الله وأنت تضيف للبوست بعداً آخر.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الراحل محمّد عبد الحي أوّل من أسس مثلث حمدي !! (Re: Al-Mansour Jaafar)
|
Quote: مدرسة "الغابة والصحراء" في التفكير والجمال الإجتماعي تراث كبير لا يقبل الحكم القاطع بالقول المفرد أو الجماعي فهي شؤون وشجون شتى، وأيا كان موقع سنار في النظرة المتولدة منها فإن ما جمعه الشعراء والأدباء فرقه الآن أهل المال والثراء |
Quote: كانت كينونة الشاعر الأديب والعالم في اللغة من حيث هي خطاب ومن حيث أن الخطاب رؤية ومعنى وموقف جمالي [تحكمه ظروف] وقد حلق عبد الحي بشعره الرقيق وحسه الإنساني عائداً إلى سنار الوحدة الإنسانية بين البشر وسؤددهم وهم آنذاك المهمشين العرب والمهمشين الفونج في وحدة إنتفاضهم وتواشجهم ضد الحكم الفرعوني الذي كان قائماً متهالكا، |
Quote: عبد الرحيم حمدي رجل المال والإعمال والبنوك والنفط والمضاربة الرساميل والعملات الإسلامي المسؤول في جريدة "الميثاق" الإسلامي في ستينيات القرن العشرين التي كانت تروج لمشروع دستور سمته "الإسلامي" خالي من أي نظم موضوعي لوجود وهيئات الدولة ولتشكلات حقوق المواطنين وحقوق الإنسان فيها؛ كان كلامه عن حصر الإستثمارات والتنمية في منطقة ضيقة من السودان مناسباً لعقليته التنظيمية الرأسمالية الأصيلة في جنى الأرباح الكبيرة ومراكمتها من أقل مساحة ومجهود دون إلتفات إلى الخسائر والتهميشات التي يحدثها تركيز الإستثمارات ومشروعات الإنتاج في منطقة ضيقة من بلد واسع متنوع ومختلف القوميات، غافلاً حقوقهم، |
أخي المنصور .. نصرك الله أينما كنت.
ممتن على الإضافة القيمة، وقطعاً لي عودة إن شاء الله.،
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الراحل محمّد عبد الحي أوّل من أسس مثلث حمدي !! (Re: إسماعيل وراق)
|
أشكرك جزيلاً الأستاذ إسماعيل وراق وضيوفك الكرام على تناولك الجاد لموضوع المنتدى الخامس لرابطة الإعلاميين السودانيين والذي استضاف الضيف الكبير القادم من ماليزيا بروفيسور أحمد إبراهيم أبوشوك الجمعة 18 يوليو الجاري بمدينة الرياض عن موضوع عميق وشائك هو موضوع الهوية السودانية كما ظلّت مطروحة على الدوام بين النخب السودانيّة في كافة الحقب. وأود أن أتداخل بحكم تواجدي في المنتدى :
أولاً : ماورد في التغطية هو "تلخيص" للورقة بطريقة صحفيّة،إذ لايمكن نقلها بالكامل في تقرير مهما كان موسّعاً. ولذلك أضطر الآن لآتيكم بالنص الحرفي كماهو في التسجيل الكامل للمحاضرة القيّمة التي قدّمها البروفيسور أبوشوك، وقد حضرتها مستمتعاً مثل كل الحضور، وهو يطوف بنا في استعراض علمي ممنهج ومفيد.
ثانياً : ورد ذكر العلاقة بين مثلث حمدي ومشروع العودة إلى سنار، ضمن حديث البروفيسور أحمد أبوشوك عن مدرسة الغابة والصحراء ، وإليكم النص حرفياً من التسجيل : " إلا أنّ مدرسة الغابة والصحراء لم تجد الترويج اللازم ، ولم تحقق النجاح المتوقع من أساطينها في ذلك الوقت. وبرز إلى حيّز الوجود مصطلح آخر، هو مصطلح الآفروعربيّة. لكن قبل الحديث عن مصطلح الآفروعربيّة، يجب ألا نتجاوز الدكتور محمّد عبد الحي رحمه الله، لأنّ الأستاذ محمّد عبد الحي جاء بمشروع العودة إلى سنار، وسنار تعني المكوّن العربي والمكوّن الإفريقي أيضاً، لأنها جمعت العلاقة بين العرب القواسمة وجمعت بين الفونج. وأيضاً هي مكوّن ثنائي يرمز لقوميّة أهل السودان في ذلك الوقت، وحاول محمّد عبد الحي ورفاقه أن يتحدثوا عن إنسان سنار المعياري ، لكن إنسان سنار المعياري أيضاً له إشكالاته، لأنّه يمثل اليوم مايشاع بين الصحفيين بمايعرف بمثلث حمدي."
وعليه : ـ
(1) فإنّ "العودة إلى سنار" بحسب بروفيسور أبوشوك، لاتمثّل فقط الأساس النظري لمثلث حمدي، إنما تطابقه تماماً، وتحمل ذات الإشكالات التي يقع فيها المثلث اليوم.!!
ما قاله البروفيسور عن مشروع الراحل محمد عبد الحي أنّه : " يمثل اليوم مايشاع بين الصحفيين بمايعرف بمثلث حمدي.""
(2) المشكلة الآن ليست في تلخيص و تغطية الندوة ، فالتغطية الصحفيّة ليست "نشر كامل أو حرفي لوقائع المنتدى" والمشكلة ليست في توضيحات البروفيسور أبوشوك في هذا البوست، .. ليست هناك مشكلة في التغطية أو المحاضرة، إنما المشكلة قائمة في حقيقة علاقة مثلث حمدي بمشروع العودة إلى سنار، سواءً بفهم النخبة الجنوبيّة التي رفضت مشروع الراحل عبد الحي كما أبان بروفيسور أبوشوك، أو بفهم المتداخلين الآن أو بفهم من يأتي بعدنا.!
(3)أوافق البروف أنّ مثلث حمدي يطابق مشروع الراحل عبد الحي ، لأنه يقوم حقاً على العودة إلى سنار، مثلث حمدي يبدأ ضلعه من دنقلا وينتهي في سنار. هذه حقيقة لماذا نراوغ فيها ؟! بل ربما مثلث حمدي أشمل وأوسع من "مثلث عبد الحي" لأنّ حمدي اتسع الحيز الجغرافي عنده ليشمل كردفان، بينما مشروع الراحل عبد الحي ينحصر فقط في "تزاوج الفونج والعبدلاب" وينحصر حيزه الجغرافي إلى أقل بكثير من مثلث حمدي.!!
(4) أرى أنّ تمجيد الناس للراحل الكبير عبد الحي، وبُغض البعض للاقتصادي الشهير حمدي، هو أمر آخر، كما أرى أنّ "الحُب والكُره" يفسد الموضوعيّة تماماً في التفكيك العلمي للمشروعين.!!
والله الموفق
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الراحل محمّد عبد الحي أوّل من أسس مثلث حمدي !! (Re: التيجاني عبد الباقي)
|
الأخ التجاني عبد الباقي تحياتي
قلت:
Quote: ما قاله البروفيسور عن مشروع الراحل محمد عبد الحي أنّه : " يمثل اليوم مايشاع بين الصحفيين بمايعرف بمثلث حمدي.""
|
اذن البروف أبو شوك لم يقصد ربط مشروع حمدي بالعودة لسنار.. وهو أيضاً نفي هذا الربط وقال تطرقت إلى ذلك عرضاً.. السؤال.. لماذا أبرزت تغطية الندوة هذه الجزئية(الراحل محمّد عبد الحي أوّل من أسس مثلث حمدي !!) وافردت لها عنوان فرعي.. وهذه التغطية تم نشرها في الصحف السودانية وعدد من المواقع الإلكترونية. هنا يجب على رابطة الإعلاميين السودانيين، الإعتذار أولاً للدكتور محمد عبد الحي ومناصريه، والإعتذار الثاني لبروف أبو شوك.. فقط هذا من باب الأمانة العلمية والمصداقية.
Quote: (3)أوافق البروف أنّ مثلث حمدي يطابق مشروع الراحل عبد الحي ، لأنه يقوم حقاً على العودة إلى سنار، مثلث حمدي يبدأ ضلعه من دنقلا وينتهي في سنار. هذه حقيقة لماذا نراوغ فيها ؟! بل ربما مثلث حمدي أشمل وأوسع من "مثلث عبد الحي" لأنّ حمدي اتسع الحيز الجغرافي عنده ليشمل كردفان، بينما مشروع الراحل عبد الحي ينحصر فقط في "تزاوج الفونج والعبدلاب" وينحصر حيزه الجغرافي إلى أقل بكثير من مثلث حمدي.!!
|
كيف توافق البروف أبوشوك وانت تنفي أنه لم يقل ذلك.. راجع الفقرة السابقة المقتبسة.. كما يبدو أن فهمك لرؤية الدكتور محمد عبد الحي مختزلة تماماً.. سأعود لهذه النقطة تحديداً بمزيد من التفصيل وأنا الآن على عجلة من أمري.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الراحل محمّد عبد الحي أوّل من أسس مثلث حمدي !! (Re: إسماعيل وراق)
|
أشكرك مرة أخرى أستاذ إسماعيل
أما بعد
أخي إسماعيل ما قاله البروفيسور أحمد أبوشوك عن مشروع الراحل محمد عبد الحي أنّه : " يمثل اليوم مايشاع بين الصحفيين بمايعرف بمثلث حمدي." هذا وصفه هو لمشروع إنسان سنار الذي نادى به عبد الحي ..!! "يمثل" مثلث حمدي ..!!
هو لايتبنى مشروع عبد الحي ولايتبنى مشروع حمدي ولا أي أطروحه، هو تناول كل ما لازم إشكالات الهويّة، وهو وجد الربط التام بين هذين المثلثين، البروفيسور لاغضاضة عليه، والتغطية لاغضاضة عليها، الربط بين المثلثين واضح جداً في حديث بروفيسور أبوشوك، ولاغضاضة البتة، فهما يتحدثان عن مثلث واحد من منطلق الهويّة، هذه حقيقة ، فبلناها أو رفضناها، هذا أمر آخر ..
أعود وأقول لك إنّ ما قاله البروفيسور أحمد أبوشوك عن مشروع الراحل محمد عبد الحي أنّه : " يمثل اليوم مايشاع بين الصحفيين بمايعرف بمثلث حمدي." "يمثل" مثلث حمدي .. هذا وصفه هو لمشروع إنسان سنار الذي نادى به عبد الحي ..!! واضح جداً.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الراحل محمّد عبد الحي أوّل من أسس مثلث حمدي !! (Re: احمد الامين احمد)
|
ما أجمل مداخلة الأستاذ أحمد الأمين أحمد وهو يسهم في نقاش موضوعي علمي جاد، بعيداً عن المماحكات التي يريدها البعض في مثل هذه البوستات. وإن كانت سنار العاصمة في مشروع الراحل عبد الحي تقترب من منطقة الجزيرة أو تدخل في نطاقها، بحسب مداخلة الأستاذ أحمد الأمين أحمد ، فإنّ مثلث الراحل محمّد عبد الحي لايزال حيّزه الجغرافي أضيق من مثلث حمدي، وإن كان حيّزه الثقافي ــ بحسب قصيدته العودة إلى سنار ــ هو أوسع وأشمل بكثير، وهو فضاء عبد الحي الأساسي. هذا من ناحية عامة، ولكن من ناحية أكثر دقة، فإنّ تأسيس الهُويّة السودانيّة ــ كما طالب عبد الحي ــ على أساس العودة إلى دولة سنار، هو تأسيس قاصر، والغريب أنّ هذا الطرح طرح في الستينيات والسودان مكتمل الأركان على وضعه الحديث !! والحديث عن الميثولوجيا اليوناينة لايسعفنا هنا في شيء ..!! ومهما تحدثنا عن نبوغ عبد الحي، وهو بالفعل كذلك، ومهما تحدثنا عن شخصه، فإنّ تأسيس الهُويّة السودانيّة على أساس دولة سنار فقط، هو تأسيس قاصر، وذلك بدليل ماذكره بروفيسور أبوشوك عن رفض النخبة الجنوبيّة لهذا الطرح .. شاعريّة الشاعر هذا أمر آخر .. يمكن أن يتناول النقاد قصيدة عبد الحي من عدة نواح، قد يتحدث البعض عن نبوغه وموسوعيّته وإلمامه بالأساطير الإغريقيّة، وبأساطير ومعتقدات الشعوب، وغيرها مما حوته القصيدة، قد يشيد البعض بأسلوبه وطريقته في التعبير الرمزي، وقد يعارضه البعض باعتباره موغل بدرجة مفرطة في الرمزية للدرجة التي تغيب فيها معاني القصيدة وغايتها إلا لدى قلّة تعرف الاجتهاد للتحصّل على معنى كل كلمة ومدلولاتها لأنها تعود لأساطير قديمة أو غايات ينطوي عليها الشاعر ويدركها أصدقاؤه !! الرمزيّة المفرطة ــ كما هو معلوم ــ تعتبر منقصة!! تناول عبد الحي وشاعريته موضوع آخر مختلف تماماً، وموسوعيته وتمكنه من اللغة هو موضوع آخر، ولو لم يكن أهلاً للمنصب لما عمل مع نميري مديراً لمصلحة الثقافة !! ولذلك كنت أتمنى أن يبتعد البعض عن تناول عبد الحي في شخصه وشعره وموسوعيته، وكذلك حمدي ، لأنّ المطلوب الحديث عن المثلثين، مثلث حمدي ومثلث عبد الحي وأوجه التشابه أو الاختلاف بينهما. ومهما حاول البعض أن يبعد البعد الجغرافي عن مثلث عبد الحي، فإنّه لابد حاضر!! كيف لا، وعبد الحي نشر قصيدته في العام 1963م ، أي بعد أن تشكّل قطر السودان الحالي "جغرافياً" وتنادى الناس لصياغة هويّته، فاختار عبد الحي هويّة ترجع إلى ما قبل دولة السودان الحاليّة !! أراد أن يؤسس الهُويّة على أساس الدولة السناريّة ..!! فكيف يكون البعد الجغرافي غائباً ؟! وفي تقديري أوجه التشابه والاختلاف يمكنني أن أوجزها في الآتي : ــ
(1) مثلث عبد الحي يعود بنا إلى "دولة سنار" بينما مثلث حمدي يتوسّع كثيراً عن دولة سنار ليشمل كردفان.
(2) الفضاء الذي حكم عبد الحي هو فضاء ثقافي بحت، بينما الفضاء الذي كان ولايزال يحكم حمدي هو فضاء سياسي بحت، الأوّل تتأسس عليه "الهويّة" وهي الأخطر لأنها غير قابلة للتعويض !! بينما الثاني تتأسس عليه التنمية وهي قابلة للتعويض !!
(3) عبد الحي مشروعه يلفه بعض الغموض لأنّه لم يقدّم له التفصيل اللازم ، ودعوته العودة لدولة سنار تحتاج المزيد من الشرح والتوضيح ــ يصعب إبعاد البعد الجغرافي عنها وهو إشكال رفضت بموجبه النخبة الجنوبيّة المشروع كما سبقت إشارة البروف ــ وغموض مشروع عبد الحي يقابله وضوح في مشروع حمدي الذي طالب حزبه بتركيز التنمية بعيداً عن مناطق الحروب بسبب محاباة المستثمر الغربي لمناطق دون مناطق بحسب فلسفة المثلث، وهو منشأ سياسي بحت كما تلاحظ.
(4) المقارنة بين الشخصين، باعتبار خلفياتهما ومواقفهما السياسية والثقافية، فإنّ الأستاذ عبد الرحيم حمدي، لايختلف اثنان ــ يحتكمان للموضوعيّة ــ على تمكّنه من علم الاقتصاد، وتفرّده بقدرات ذاتيّة واضحة تجعله يستعرض التفاصيل والأرقام والتحليل بطريقة مدهشة، سواءً اتفقنا معه أو اختلفنا، وقد سلّم له البروفيسور محمّد هاشم عوض بذلك في مناظرة بجامعة الخرطوم مطلع التسعينيات، وهو في هذا الجانب أشهر من أن تسعفه شهادة بروفيسور محمّد هاشم، ومن ناحية مواقفه السياسيّة، فهو قد عانى في سجون نميري ، ولكنه انخرط في حكومة البشير مستجيباً لنداء حزبه فترك موقعه المرموق بلندن، وقد قام بتغيير جذري في الاقتصاد السوداني، وهنا يختلف الناس حول تقييم أدائه، وهذا أمر طبيعي، فالذين ينتقدونه، يرون أنّه سحب الدعم عن السلع وترك آلية السوق هي التي تتحكم في الأسعار، كما أنّه طرح مشروع الخصخصة بحجّة أنّ الحكومات لاينبغي أن تهيمن على أداء المجتمع، والصحيح أن يتملّك المجتمع مؤسساته، وفي هذا وقف البعض من هذا الطرح والتنفيذ، مواقف مختلفة، فريق يرى بصحة النظرية وسوء التطبيق، والبعض يرفض النظريّة من أساسها، وفريق يدافع عن النظريّة وعن التطبيق. أما مؤيدو حمدي، فإنّهم يرونه قد أنقذ الاقتصاد السوداني، وحوّله من اقتصاد عاجز مشلول يعتمد على الدعم الخارجي "80%" إلى اقتصاد معافى يعتمد على نفسه، بل يرو أنّ الاقتصاد قد تضاعفت الموازنة فيه أضعافاً كثيرة "من 800 مليون دولار إلى 13 مليار دولار" واستخرج البترول وتوسّعت الرقعة الزراعيّة من 20 مليون فدان إلى أكثر من 40 مليون فدان وقامت الصناعات إلى درجة تصنيع السيارات والجرارات وغيرها. والحكم الجمعي في تقييم اقتصاد حمدي متروك للرأي العام الجمعي "الشعب الرموز والعوام" وليس لفئة مناصرة أو فئة مخاصمة.
أما الراحل الكبير الدكتور محمّد عبد الحي، فإنّه لايختلف اثنان على نبوغه وتمكّنه من تخصصه، وقد برز في الجامعة كطالب نابه نابغ، وكشاعر مشهور بين شعراء الجامعة، وقصيدته العودة إلى سنار "ذات الألق والضجيج وقتها" قالها وهو في السنة الثانية بالجامعة، وتناولتها الدوريات والمنتديات كقصيدة متوهّجة، وبعد تخرجه في قسم اللغة الإنجليزية بمرتبة الشرف الثانية العليا ، استوعبته الجامعة مساعد تدريس، ويمتد نبوغه وهو بالمملكة المتحدة، حيث نال درجة الماجستير في الشاعر البريطاني أدوين مويير، ونال درجة الدكتوراة عن " التفكير والتأثير الإنجليزي والأمريكي على الشعر العربي الرومانتيكي" وهو لاشك نابغة وكنز من كنوز السودان، وقد حزن له الوسط الأدبي والعلمي والأكاديمي وهو يفارق الحياة في السادسة والأربعين من عمره . أما موقفه السياسي، فهناك حكم عام ــ لايضبطه ضابط ــ يصنفه على أنّه من مدرسة اليسار، وذلك ربما لطبيعة صداقاته الأدبيّة، ولكن الراحل شارك في حكومة نميري من موقعه المرموق ، ولو كان له موقفاً سياسياً لما شارك مع حاكم دكّ الجزيرة أبا بالطيران، وقتل عشرات الآلاف، وشرّد العاملين في الدولة وبطش بالخصوم، فلو أنّ عبد الحي كان يسارياً لما شارك في حكومة نميري الذي نكّل بالحزب الشيوعي وأعدم قادته عبد الخالق محجوب والشفيع أحمد الشيخ وهاشم العطا ورفاقه في مجزرة تاريخيّة بشعة . والراجح أنّ عبد الحي لم يكن له موقفاً سياسياً، وقد زاد تديّنه في العقد الأخير من عمره بعد أن تعرّض للجلطة الأولى في العام 1980م، وسافر بعد استشفائه للعمرة، ثمّ أصبح مداوماً على تلاوة القرآن.
وهذه القراءة في الجوانب الشخصيّة لحمدي وعبد الحي، أوردتها الآن، لأنّ البعض له شغف كبير بسحب الظلال الشخصيّة على القضايا الموضوعيّة، وهو سلوك أضر بالتجربة الصحفيّة الماثلة في الصحف وفي المواقع الإلكترونيّة، لأنّ الجمهرة الغالبة تستسهل الكتابة، وتسعى للكسب السريع على حساب القيمة، فتنزع للإثارة واستدرار عاطفة العامة.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الراحل محمّد عبد الحي أوّل من أسس مثلث حمدي !! (Re: احمد الامين احمد)
|
شكراً على الجهد المتميّز منك أخي أحمد الأمين، ومن مداخلتك استوقفتني النقاط التالية: ــ
(1) فى رسالة خاصة لصديقه الشاعر عمر عبدالماجد انه عقب الانتفاضة قدم طلبا لحزب الامة لكن طلبه رفض !!! يعني الراحل عبد الحي من مدرسة اليسار كما سيأتي لاحقاً لكنه انعتق ويؤثر أن يعمل داخل أحد الأحزاب اليمينية، فاختار حزب الأمة فرفضوه، ثمّ انتقل للوطني الاتحادي .. هذه تحتاج لتثبيت اضافي لرسالته لصديقه عمر عبد الماجد.
(2)( السيد)الصادق المهدى مفكر وسياسى "ميكافيليى -ملحوظة ميكافيليى دى من عندى واتحمل الدفاع عنها فى وجه من لا يرى ذلك" حسب النص
هذه متروكة للأستاذ صاحب هذا البوست .
(3) عبدالله على ابراهيم فى ندوة حروف 1990 تقريبا ذكر ان عبدالحى قد خرج باكرا عن الحزب الشيوعى .. هذه شهادة ثمينة وسمينة، لأنّ الدكتور عبد الله علي إبراهيم كان أحد قيادات العمل الشيوعي يومذاك..
(4) اصدر بيانا يؤكد فيه عدم صلته بابادماك الواجهه الثقافية لليسار عموما والشيوعى خصوصا نهاية الستين من القرن الماضي.
هذه الشهادة تؤكد كثافة صلة عبد الحي باليسار، سواءً بالانتماء العضوي أو الانتماء العاطفي، أو أي صيغة أخرى للانتماء..
(5) (( اما مسألة عمله مع مايو فتره وتاسيسه لمصلحة الثقافة التى تعد احد اشراقات مايو على قبحها فالمعلوم ان عبدالحى استقال وانهى انتدابه وعاد للجامعه وفى شعره يتضح عداء سافر ورمزى لمايو تحديدا فترتها الاخيرة بل قصائد حديقة الوردالاخيرة طبع 1984 برمزيتها العالية وحضور القرندل والسمندل والتنين والذئب والغراب كلها اسقاطات لقبح مايو رغم كثافة الرمز اكثر من ذلك من تابع الاعداد الاولى لصحيفة الصحافة بعد الانتفاضة مباشرة يجد 12 قصيدة للوطن كتبها عبدالحى فى هجاء مايو لكنها لم تكن تنشر لولا الانتفاضة وبعض هذه القصائد ظهر فى ديوان "الله زمن العنف" صدر 1993 بعد وفاته وكل تلك القصائد شعر سياسى واضح لمن يتأمل ذلك بوضوح...)) بالنسبة لعمله في مايو وقصائده في هجاء مايو الذين أرادوا أن يجاهروا بعداوتهم لمايو فعلوا ذلك دون رهبة .. شعراً ونثراً، وذاقوا مرارات سجونها !! أما أن يلتحق بمايو وسيوفها تقطر من دم عبد الخالق والشفيع ولم تمض سوى خمس سنوات، فهو أمر لا يحتاج لتبرير !! مهما كانت قصائده بعد الانتفاضة !! والحق أنّ الرجل حر فيما اختار، ولكن ينبغي أن تكون الحقائق واضحة !!
ودام الود... وعلى قبر شاعرنا الكبير شآبيب الرحمة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الراحل محمّد عبد الحي أوّل من أسس مثلث حمدي !! (Re: التيجاني عبد الباقي)
|
الأخ التجاني تحية طيبة حتى لا نحرف البوست عن مجراه الحقيقي، فالهدف الأساس من فتحه هو فك الربط الغريب الذي ورد في الندوة بين رؤية تيار الغابة والصحراء ومثلث حمدي. عليه.. أرجو التركيز على هذه النقطة.. أما ميكافيلية السيد الصادق المهدي التي ذكرها الأخ أحمد الأمين أو أين كان يعمل الدكتور محمد عبد الحي، فهذه تفريعات جانبية للموضوع.
ولذا سأواصل طرح رؤية رواد الغابة والصحراء بالتركيز على الراحل المقيم دكتور محمد عبد الحي، والهدف كما ذكرت في مداخلة سابقة هو إعطاء القارئ الكريم المعلومة الكافية التي تبين خطل وخطأ الربط بين مثلث حمدي وأن قصيدة العودة لسنار تمثل الأساس النظري لذلك المثلث البغيض.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الراحل محمّد عبد الحي أوّل من أسس مثلث حمدي !! (Re: إسماعيل وراق)
|
(1)
Quote: عاصر الفنلن التشكيلي حسين جمعان بلندن فترة هامة ومضيئة في مشروع عبد الحي العودة إلى سنار كما قام ايضا برسم وتصميم ديوان شاعرنا حديقة الورد الاخيرة. كما يقول جمعان الاتي: اعترف ان عبد الحي في لندن كان يستمع كثيرا للموسيقى الاسيوية وبالذات الهندية، وقد انكب على قراءة الكتاب المقدس، وقرأ عدة اشياء تتعلق بالحيوان وسلوكه ووقف على التاريخ القديم وقفة تأمل، ودرس الاجرام والافلاك، ووقف على الرسوم الايضاحية القديمة للمجرات والنجوم، ودرس حياة وعادات الانسان القديم في الحضارات المختلفة، وخاصة النوبية وتحرى في حركة التشكيل المعاصرة والقديمة ولعل هذا ما جعل شعر محمد عبد الحي بمثابة لوحة تكاد تنصهر وتتوحد فيها كل الفنون. وفي هذا الاطار نجد ان قصيدة شاعرنا المطولة العودة إلى سنار يصنفها البعض بأنها مسرحية، في حين يصنفها البعض الآخر بأنها رواية شعرية. ايضا وفي ذات السياق والمعاني يقول الدكتور عمر عبد الماجد الصديق الحميم لشاعرنا وزميله في الدراسة عن رفيق دربه الاتي: (كان محمد عبد الحي موسوعة في الثقافة اذ كان متعدد الاهتمامات يتحدث حديث العارف المتبحر في التاريخ، السياسة، الشعر، الفلسفة، المسرح، الموسيقى، الرسم، التصوف، والفلك.. كما يتحدث ايضا عن وضاح اليمن، الشيرازي، المتنبئ، الخيام ، ابن سينا، ابن رشد، ابن خلدون، شكسبير، بودلير، حمزة الملك طمبل، والتجاني يوسف بشير.. الخ، حديث العارف الملم وكأنه عاش مع هؤلاء النفر وعايشهم عن قرب وعرف اسرار ودقائق فنونهم وصناعتهم. وقد كست هذه الثقافة الرفيعة شعره بعمق عميق الغور ومن ثم جعلت منه شعرا عصيا الا على من ثابروا على الاطلاع الواسع والمتنوع). - كتب الشاعر محمد عبد الحي رائعته العودة إلى سنار في بداية سنوات الستين من القرن الماضي، وقد اثارت القصيدة منذ ان تم نشرها على صفحات صحيفة الرأي العام في عام 1963 ولا تزال- وستظل كما احسب- كماً هائلاً وكبيراً من النقاش، اضافة لكونها اصيحت محوراً للعديد من الدراسات والابحاث التي تطرقت لها عبر شتى الرؤى والمحاور. جدير بالذكر ان القصيدة ذاتها قد نشرت في العام (1965م) على صفحات مجلة حوار اللبنانية وهي مجلة متخصصة في الابداع الادبي، وقد قالت الدكتورة سلمى الخضراء عن هذه القصيدة الاتي: انها اي -العودة إلى سنار- تعكس التصاقا حميما بالبيئة وبالتراث الشعبي وتاريخ الحضارة في السودان، ان الشاعر بانهماكه في معالم البيئة السودانية، انما يكتب في العرف الشعري الذي بدأه المجذوب ايضا يوم كتب قصيدة المولد في سنة (1957م) فرسم كما بريشة رسام صورا لاحتفالات المولد النبوي في الخرطوم.
|
المصدر: صحيفة الأيام العدد رقم9170 بتاريخ 29/7/2008م.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الراحل محمّد عبد الحي أوّل من أسس مثلث حمدي !! (Re: إسماعيل وراق)
|
Quote: كتب محمد عبدالحي ملحمته الذائعة الصيت العودة إلى سنار واعاد كتابتها مرات عدة، قام خلالها واثنائها بالتنقيح والتشذيب، والاضافة والاسقاط، واعادة النظر في القصيدة بصورة مستمرة إلى ان استقرت على شكلها النهائي والاخير، الا انها وفي مراحل كتابتها العديدة، واعادة النظر بشكل مستمر فيها وفي صياغاتها وتركيبها نجدها قد استغرقت شاعرنا لسنوات طوال، ومن ثم اخذت منه الكثير والكثير جدا، الامر الذي جعله يخشى ان يدور في فلكها، ويصعب عليه (من بعد) الانفلات من اسرها وقد عبر شاعرنا عن هذه المعاني بالقول الاتي: (لقد اصبحت هذه القصيدة مركزا جاذبا لقواي الشعرية واذا لم اتخلص منها تماما فستظل تجتذبني وذلك مضر) إلى قوله (ربما كانت العودة إلى سنار دفعة في كيان الفنان في شبابه حينما رغب في ان يشكل في مصهر روحه ضمير امته، الذي لم يخلق بعد وربما كانت (اي القصيدة) فتحا اخر والا فكيف افسر انها كتبت سبع مرات او نحو ذلك وكأنها تدرج من مقام إلى مقام، حيث تاريخ الذات وتاريخ القبيلة شئ واحد). غني عن القول ان القصيدة كتبت ثماني مرات اخر تالية لحديث عبد الحي هذا، وبذا تكون كتبت خمسة عشرة مرة، يذكر ان سنار بكل ما تشيعه من معاني وتوحي به من دلالات جد عميقة قد شغلت مجمل امتنا وحظيت بكبير اهتمامها بذات القدر الذي شغلت فيه شاعرنا والتصقت بوجدانه ودواخله، وصارت بالتالي محورا لبعض فنه وابداعه ممثلا في رائعته العودة إلى سنار وغيرها من ابداعه الشعري: سنار تسفر في بلاد العرب جرحا ازرقا، قوسا حصانا اسود الاعراف فهدا قافزا في عتمة الدم معدنا في الشمس مئذنة نجوما من عظام الصخر رمحا فوق مقبرة كتاب ان محمد عبد الحي، الشاعر، الفذ، الاديب المتميز، والمبدع الجهير الصوت، والاكاديمي الغزير المعرفة، رفد المكتبة الثقافية والابداعية وامدها بالعديد من الروائع النفيثات نورد منها الاتي: اجراس القمر، رؤيا الملك، العودة إلى سنار، معلقة الاشارات، السمندل يغني، حديقة الورد الاخيرة، واقنعة القبيلة.. الخ. ان هذا الشاعر، رفيع الطراز، والمثقف المرموق، بل قل هذا الطود الشامخ سيظل معلما بارزا ولافتا في الساحة الثقافية والابداعية ببلادنا وهو كما قبل عنه لم يعش سوى ستة واربعين عاما، قضى منها ستة وثلاثين عاما في الصحة الكاملة، ورغما عن ذلك تراكم انتاجه تراكما يلاحظ المتأمل فيه صعوبة الاحاطة به من حيث الكم والكيف، اضافة لذلك فقد اثبت شاعرنا، كما تحدث المتحدثون، ان الابداع ارادة وعزيمة .. الخ، وبهذه المعاني الطيبات ظل محمد عبد الحي ينتج وينتج، بالرغم من مرضه ووهن جسده وضعفه وقد تواصل انتاجه، ربما، بنفس الوتائر التي تواصل بها وهن الجسد وضعفه، إلى ان جاءت ساعة الرحيل عن هذه الفانية: هو الموت يسعى الينا بلا قدم في الدجى والنهار ولدنا له ناضجين استدرنا له فلماذا البكاء، اتبكي الثمار اذا اقبل الصيف يحقنها في الخلايا بنار الدمار
|
المصدر: صحيفة الأيام العدد رقم9170 بتاريخ 29/7/2008م.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الراحل محمّد عبد الحي أوّل من أسس مثلث حمدي !! (Re: إسماعيل وراق)
|
Quote: ويرجع اختيار مملكة سنار أو السلطنة الزرقاء (1504-1821م) كنموذج معادلة الهوية السودانية إلى أنها أول مملكة سودانية تكونت بتحالف القبائل العربية والقبائل الإفريقية. وقد أسقط هذا التحالف الممالك المسيحية التي كانت تحكم سودان وادي النيل, وأقام مكانها أول مملكة إسلامية عربية - إفريقية كانت النواة الحقيقية للسودان المعروف الآن. ولعل الفضل في رواج مفهوم سنار كنموذج لهذا التمازج يعود إلى الشاعر المرهف د.محمد عبدالحي الذي يعتبر أحد أبرز رموز الحداثة الشعرية في العالم العربي وديوانه المشهور (العودة إلى سنار) خير دليل على ذلك.
|
الأستاذ عبد المنعم عجب الفيا - مجلة العربي 2006م.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الراحل محمّد عبد الحي أوّل من أسس مثلث حمدي !! (Re: إسماعيل وراق)
|
Quote: أما قول محمد عبد الحي في قصيدة " العودة إلى سنار " الذي يكثر الاستشهاد به للإشارة للهوية السودانية التي ليست عربية صرفة ولا زنجية صرفـة .
- بدوى أنت ؟ - لا . - من بلاد الزنج . - لا . - أنا منكم تائه ، عاد يغنى بلسان ويصلي بلسان .
هذا التوصيف الشعري للهوية السودانية ينبغي أن يؤخذ في عمومياته . فلا خوف فيه لمن أراد أن يبقى بدوى كامل العروبة أو أن يلحق نسبه بالعباس أو بسبطى النبي الكريم الحسن والحسين . كما لا خوف فيه لمن أراد أن يحتفظ بزنوجته كاملة . فالشاعر هنا يتحدث عن القواسم المشتركة التي توحد الأمة السودانية لا عن الخصائص التي تميز القبائل بعضها عن بعض . ولعل أكبر دليل على ذلك أن محمد عبد الحي نفسه ينتمي إلى أرومة لا تخالطها قطرة دم زنجي واحدة ومع ذلك يتحدث عن نفسه كسوداني يجمع بين خصائص الزنوجية والعروبة . والوعي الأممي ( نسبة إلى أمة ) وعى متقدم على الوعي العشائري والقبلي ، لكن الانتساب إلى الأمة لا يلغي الانتساب إلى القبيلة بالطبع .
|
عبد المنعم عجب الفيا - الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الراحل محمّد عبد الحي أوّل من أسس مثلث حمدي !! (Re: إسماعيل وراق)
|
Quote: لقد كان عبد الحي صاحب رؤية في الشعر .. وتجلت تلك الرؤية في شعره وبصورة ادق في قصيدته المطولة (العودة الى سنار) التي حققت قدرا كبيرا من جمع المتعدد الثقافي ، في ملامسة جادة لتاريخ السودان وحضاراته .. التي هي ليست بالعربية المطلقة ، ولا هي دعوة للزنوجة ، بقدر ماهي مزج وتصاهر بين العنصرين في ادراك تام لخصوصية الثقافة السودانية على خلفيتها العربية الاسلامية الممتدة في العمق الافريقي ، وتمكن محمد عبد الحي بلغته ومجازاته ، ومسارب واغوار فلسفته ان يجعل من القصيدة تعبيرا عن الجوهر الديني في النفس البشرية كما اشار بذلك «عبده بدوي» في كتابه «الشعر السوداني» وبهذا يمكن القول بأنه تجاوز مدرسة «الغابة والصحراء» وذلك من خلال تطوره الفكري الذي ميزه عن بقية اقرانه من الشعراء الذين ذهبوا في البحث عن الهوية السودانية من خلال اللون والعرق |
المصدر: فضل الله أحمد عبد الله - الصحافة: العدد رقم: 5297
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الراحل محمّد عبد الحي أوّل من أسس مثلث حمدي !! (Re: إسماعيل وراق)
|
أتفق معك أستاذ إسماعيل على تحري الموضوعيّة في الطرح والتناول
ولذلك رأيتني رفضت التعليق على توصيف السيد الصادق المهدي بأنّه ميكافلي كما وصفه الأستاذ أحمد الأمين، وتركتها له ولك، لأنّه أوردها وقال إنّه مسؤول عنها، وبالتالي فهي ليست مكان تعليق مني.
أما الحديث عن عبد الحي، فقد جاءت ضرورة الحديث عنه في موازاة الحديث عن حمدي، ليس حلالاً الحديث عن أحدهما وحراماً الحديث عن الآخر، وكلاهما رمز في تخصصه، وكلاهما صاحب مشروع. وأنت تلاحظ أنّ الحديث عن عبد الحي جاء بعد الحديث عن حمدي.
أما الربط بين المثلثين، فقد وجدتني قدّمت رؤيتي حول أوجه التشابه والاختلاف بينهما.وأيهما أسوأ من الآخر، وأيهما أوسع وأشمل من الآخر؟ أيهما ارتكز على التنمية والاستثمار؟ وأيهما ارتكز على الرجوع بالهُويّة إلى قرون خلت؟..وبالتالي : أيهما أكثر نكايةً بالهُويّة. !!
ولك التقدير ..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الراحل محمّد عبد الحي أوّل من أسس مثلث حمدي !! (Re: التيجاني عبد الباقي)
|
يورد الأكرم : التيجاني عبد الباقي :
Quote: ثانياً : ورد ذكر العلاقة بين مثلث حمدي ومشروع العودة إلى سنار، ضمن حديث البروفيسور أحمد أبوشوك عن مدرسة الغابة والصحراء ، وإليكم النص حرفياً من التسجيل : " إلا أنّ مدرسة الغابة والصحراء لم تجد الترويج اللازم ، ولم تحقق النجاح المتوقع من أساطينها في ذلك الوقت. وبرز إلى حيّز الوجود مصطلح آخر، هو مصطلح الآفروعربيّة. لكن قبل الحديث عن مصطلح الآفروعربيّة، يجب ألا نتجاوز الدكتور محمّد عبد الحي رحمه الله، لأنّ الأستاذ محمّد عبد الحي جاء بمشروع العودة إلى سنار، وسنار تعني المكوّن العربي والمكوّن الإفريقي أيضاً، لأنها جمعت العلاقة بين العرب القواسمة وجمعت بين الفونج. وأيضاً هي مكوّن ثنائي يرمز لقوميّة أهل السودان في ذلك الوقت، وحاول محمّد عبد الحي ورفاقه أن يتحدثوا عن إنسان سنار المعياري ، لكن إنسان سنار المعياري أيضاً له إشكالاته، لأنّه يمثل اليوم مايشاع بين الصحفيين بمايعرف بمثلث حمدي." |
Quote: أخي إسماعيل ما قاله البروفيسور أحمد أبوشوك عن مشروع الراحل محمد عبد الحي أنّه : " يمثل اليوم مايشاع بين الصحفيين بمايعرف بمثلث حمدي." هذا وصفه هو لمشروع إنسان سنار الذي نادى به عبد الحي ..!! "يمثل" مثلث حمدي ..!!
هو لايتبنى مشروع عبد الحي ولايتبنى مشروع حمدي ولا أي أطروحه، هو تناول كل ما لازم إشكالات الهويّة، وهو وجد الربط التام بين هذين المثلثين، البروفيسور لاغضاضة عليه، والتغطية لاغضاضة عليها، الربط بين المثلثين واضح جداً في حديث بروفيسور أبوشوك، ولاغضاضة البتة، فهما يتحدثان عن مثلث واحد من منطلق الهويّة، هذه حقيقة ، فبلناها أو رفضناها، هذا أمر آخر .. |
براءة الشاعر محمد عبد الحي من مكر السياسيين (2)
(1) الأحباء هنا تحية طيبة وبعد ، في ( الحُلم السناري ) و ( العودة إلى سنار ) : إن الشعر غيم يطور اللغة ، ورزمة أحاسيس لا يصلُح تفتيتها بلغة الحساب أو لغة الخسارة والربح أو باللغة المباشرة . تعتمل في نفس الشاعر أبخرة عالم مُتَخيَّل ، قميصٌ للروح في سعيها الدءوب لتخطي حوائط الواقع وحُجبه التي تخفي العوالم المسفوحة دواخله تحت ظل العواطف والعواصف . لحظة من برهة وقوف الروح شاخصة ، يأخذها نورٌ نبأ في الوجدان من سنار القديمة . لن يسع ذلك الإطلاق الخلاق بركة ضحلة كبركة السياسة ، وأكثرها ضحالة هي المسودة السياسية " مثلث حمدي " التي تسعى لتصور دولة لا تتآلف فيها الأعراق بسقف مشترك من الحقوق والواجبات . هذا الخلط بين القصيدة ومكر السياسة هو خلط بين النظر إلى الشعر الخلاق الذي يرسل بريقه من التاريخ إلى الحاضر والمستقبل وبين ضحالة الرؤى . إن ما يناسب ما يقال في برنامج المنظمة التي تحكم السودان هو : سقط الغناء : ( رجال الدفاع .........) ورقص القادة على إيقاعه ، وليس الشعر الخلاق الذي حفر فيه الشاعر الفخيم عبد الحي وقدّ فيه سماء الشعر وكتب قصيدته للخلود . (2) أذكر الآن أحد الرفاق التقيته صدفة ذات زمان وهو الشاعر والكاتب والمُترجم الأستاذ ( إبراهيم الكامل عكود ). سيكون ممتعاً لو علمنا أن ( إبراهيم آل عكود ) قد كان رفيق دراسة للشاعر محمد عبد الحي !! للشاعر ( عكود) ترجمة صقيلة للنص الذي سنورده لمحمد عبد الحي ، وهو قطف من ( العودة إلى سنار ) قام الأستاذ ( إبراهيم الكامل آل عكود ) بترجمة روح النص من العودة إلى سنار ، وفق ما ورد في سفره الأول : ( المدارات والمعابر ) ( ديوان في الترجمة الشعرية ) الطابعون دار مصحف إفريقيا 2002 م نورد لكم النص ثم تحته الترجمة آملين أن لا نحرم القُراء من وهج أصحاب الغابة والصحراء ، الذي كاد الدارسون والمُنقبون ، وهم يُجلسون بمباضع التشريح أن يأخذهم في غُبار الهوية اللولبي ، كل هذا السحر ( الهُيولي ) ، كما قال شاعرنا الفخيم محمد عبدالحي . لن يستطع فك ضفائر هذا العمل الشعري الخلاق مكر الآباء الروحيين للمنظمة الإسلامية التي تحكم السودان ، ولو تمكنوا ورفعوا سقف معرفتهم الشعرية لهجروا هذا الخراب الذي حاكوا مشاعل ناره لتحرق اليابس والأخضر في وطن لم تجف فيه الضروع إلا بوصولهم سُدة الحكم .
أدناه نص الشاعر محمد عبد الحي : (3) من ديوان ( العودة إلى سنار ) :
مَرحى .. تُطِلُّ الشمسُ هذا الصُبحُ من أُفقِ القبول لُغةً على جسد المياه و وهْجُ مِصباحٍ منَ البكور في ليلِ الجذورْ و بعضُ إيماءٍ و رمز مستحيلْ اليومَ يا سنار ُ أقبل فيكِ أيامي بما فيها من العُشب الطفيليِّ الذي يهتزُّ تحتَ غصونِ أشجار البريقْ اليوم أقبل فيكِ أيامي بما فيها منَ الرُعبِ المُخمِّرِ في شراييني وما فيها من الفرح العَميق . اليوم أُقبلُ فيك كلَّ الوحلِ واللَّهبِ المُقدسِ في دمائِكِ ، في دمائي أحنو على الرملِ اليبيسِ كما حنوتُ على مواسمكِ الثريةِ بالتدفُق والنماءِ وأقولُ ، يا شمسَ القَبول توهَّجي في القلبِ ، صفيني ، وصفي من غبارِ داكنٍ : لُغتي غِنائي سنارْ ..تُسفرُ في بلاد الصحو جُرحاً .. أزرقاً ، قوساً ، حصاناً .. أسود الأعراف ، فهداً قافزاً في عتمة الدم ، معْدناً في الشمس ، مئذنةً نُجوماً في عظام الصخر ، رُمحاً فوقَ مقبرةٍ كتاب رجعَتْ طيورُ البحر فجراً من مسافات الغيابْ البحرُ يحلُمُ أحلامه الخضراء في فوضى العباب البحرُ إن البحرَ فينا خُضرةٌ حلم هيوليٌّ في انتظار طلوعها الأبدي في لُغة التُراب
******
وترجمة الأستاذ/ إبراهيم آل عكود للنص :
My Sennar..! At sunset..! Blinks in the homeland, Of sacred revival anew, And winks in a bow In a wound dyed blue, In a horse with black manes, An' grass sparce; yet a dew. In the leap of a leopard, In blood opaque; but flew. In a m e t al in the sun eyes, With a scarlet ray as clue. In stars with the marrow, Of a spear on an epitaph, Where martyrs souls just flew. In a book shone with holy verse, Where wisdom pearls blew. In a minaret to spin lighter, The spirits of the true. In a spire to stick tighter, Splinters of the pew
(عدل بواسطة عبدالله الشقليني on 06-28-2010, 04:12 PM) (عدل بواسطة عبدالله الشقليني on 06-28-2010, 04:15 PM) (عدل بواسطة عبدالله الشقليني on 06-28-2010, 04:23 PM)
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الراحل محمّد عبد الحي أوّل من أسس مثلث حمدي !! (Re: إسماعيل وراق)
|
الأمر الذي يدل على جهل مدقع هو الجمع بين مشروعين ينسف كلاهما الآخر... فالمشروع الإنفصالي المسمى (مشروع حمدي) هو سعي لتفتيت هذا التناغم الذي مجده محمد عبد الحي في شعره وفي أنشودة (ديوان) العودة إلى سنار وفي الدواوين الأخرى كما ذكرنا سابقاً وقلنا أنها يمكن أن نستقي منها مشروعاً للهوية والثقافة، وحلاً لمعضلات الوحدة والتنوع. وهذا التصريح اتسم بالغباء لأنه لم يستوعب البون الشاسع بين هذين المشروعين، والتنافر الحاد بينهما، ثم أن الشعر ليس مانفيستو سياسي إلا إذا كان شعراً هتافياً رخيصاً يأتي من أنصاف المواهب. "وكانت الغابة والصحراء أمرأة عارية تنام على سرير البرق في انتظار ثورها الإلهي الذي يزور في الظلام"" هل يستطيع القائل أن يوحد بين الثور الإلهي وبين مثلث حمدي!!! أم كما يقول في "السمندل يغني": حين أبحرنا إلى سنار عبر الليل كانت سدرة التاريخ تهتز بريح قادم من جزر الموتى وكان الكروان الأسود الريش يغني في غصون الشوك صوتاً كان غناه على شرفة "تهراقا" قديماً!!!! تأملوا معي تلك الرموز: سنار، ترهاقا المتأمل في شعر محمد عبد الحي يدرك هذه المفاهيم جيداً وكيف سعى محمد عبد الحي إلى تنغيم هذا الواقع في لغة شعرية رصينة، مزجت بين ما قد يكون مستنكراً في ثقافة ومقبولاً في أخرى دون تغول ثقافة على أخرى. هذا هو الحلم أن تتحقق دولة المواطنة التي تترفع عن صغائر العرقية. وكيف رسم محمد عبد الحي مدناً وممالكاً يوتوبية حالماً بأن تتحقق دولة التمازج دون تمييز وعنصرية. كما أتمنى أن يأتينا أحدهم بمقالات محمد عبد الحي في مجلة الخرطوم حول الوحدة والتنوع، لتقطع جهيزة قول كل خطيب. مع تحياتي للجميع.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الراحل محمّد عبد الحي أوّل من أسس مثلث حمدي !! (Re: عبد اللطيف عبد الحفيظ حمد)
|
أشكرك جزيلاً أستاذ أحمد الأمين أحمد على مداخلاتك القيّمة التي تزيد من ثراء الموضوع بالنسبة للذين دفعوا أثمان انتقاداتهم لمايو، فهم أكبر من أن يشار إليهم،ألايكفيك الإمام الهادي وآلاف الأنصار وكتائب الحركة الإسلاميّة معه؟ الذين دفعوا حياتهم ضد مايو من داخل القطر، منهم الشهيد الإمام الهادي ومنهم الشهيد الدكتور محمّد صالح عمر والراحل محمّد محمّد صادق الكاروري واخرين كانت لهم معاناة من خارج الحدود الشهيد الدكتور عمر نور الدائم والدكتور غازي صلاح الدين ومهدي ابراهيم وشهداء الإسلاميين في دار الهاتف شقيق عثمان ميرغني وشقيق حسين خوجلي ومجموعتهم المعروفة والذين تأذوا في السجون بسبب مواقفهم من مايو كثيرين يصعب حصرهم، منهم الأساتذة محجوب شريف ومحمّد وردي وبابكر حنين والبروفيسور أحمد مجذوب والأستاذ عبد الرحيم حمدي وقامات مثل السيّد الصادق المهدي والدكتور الترابي وغيرهم ومواقف المرحوم محمّد طه محمّد أحمد مشهورة في وجه العسكر كذلك الراحل محمود محمّد طه واخرين لا يسع المجال لذكرهم أما الراحل عبد الحي فقد اكتفى بالمنصب الكبير حين كان الناس يصارعون مايو !! أليس هذا هو الواقع حقاً؟ فهل جمال مصلحة الثقافة مع قبح مايو يكفي كمبرر؟ كل الوزارات يمكن أن نجد فيها جمالاً أكبر !! وزارة الصناعة نجحت نجاحات باهرة في مصانع النسيج ومصانع السكر وغيرها!! وكذلك وزارة الطرق وغيرها؟ وهكذا أما انتقادك لطريقة السيد الصادق على أنه ميكافيلي ــ رفض حزبه قبول عضوية عبد الحي بسبب رؤيته في مسألة الإمام الغائب والمهدي المنتظر ــ فهذه ــ برغم أنها كبيرة وخطيرة وتتصل بموضوعنا عن مشروع عبد الحي ــ أجدد أنني أتركها لك مع صاحب البوست أجدد سعادتي بمداخلاتك القيّمة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الراحل محمّد عبد الحي أوّل من أسس مثلث حمدي !! (Re: احمد الامين احمد)
|
الأخ الأستاذ أحمد الأمين بالفعل سعيد بمداخلاتك القيّمة أما بعد فيا أخي أنا لا أدافع عن هذا الخليط من الذين شاركوا في مايو، ولا أنتقص منهم، هذا أمر آخر، ما أوردته جاء فقط في سياق الذين ذاقوا ويلات مايو.. د.الترابي مثلاً شارك في مايو وزيراً ومستشاراً، ولكنه أيضاً خاصمها بفهم ومواقف دفع ثمن ذلك مايصل إلى سبع سنوات في السجن وهو ثمن باهظ جداً .. كذلك وردي غنّى لها، وخاصمها ودفع ثمن ذلك، وهكذا البقيّة، صالحوها بفهم وخاصموها بفهم، المسألة ليست أن تكون مايو حلالاً لهذا أو حراماً على ذاك، غير أنّ عبد الحي لم يسجّل موقفاً ضدها ..!! ولم يدفع أي ثمن مثل الذين دفعوا .. ولكن بالمقابل رضي بالمنصب الكبير .. هذا واقع لامجال للجدال فيه .. وكما سبق القول فإنّ عبد الحي كان حراً فيما يختار واختار، والموقف هنا ليس موقف تجريم هذا أو مدح ذاك، إنما هو توضيح للحقائق في سياق الحديث عن حمدي وعبد الحي ومشروعيهما ومواقفهما من السلطة والهُويّة ..
أما ورود الصادق "كميكافلي" بحسب وصفك، فلست مركزاً عليها البتة، بل العكس رفضت التعليق عليها، وحين عادت مرّة أخرى جددت رأيي حولها فقط .
أما حذف الياء من اسمي كما ذكرت، فالكسرة كما نعلم تولّد الياء، ولكن فوق كل ذي علمٍ عليم، وبالتأكيد الأستاذ الراحل له مسوغه الذي قاده لحذف الياء.
أخي الأستاذ أحمد الأمين، أود أن تتداخل معي حول مشروع عبد الحي وإشكالاته في مسأل الهويّة، وهو الموضوع الرئيسي :
(1) إما مشروع العودة إلى دولة سنار الإسلاميّة هو خالٍ من الإطار الجغرافي، وهذه يصعب التسليم بها بسهولة، لأنّ الدكتور عبد الحي طرح المشروع "نشره" في العام 1963م كما تعلم، والسودان وقتها مكتمل المعالم الحاليّة، وقد مضت قرون وعقود على دولة سنار، يصعب علينا أن نعود في العام 1963م إلى العام 1505م دون مراعاة للحيّز الجغرافي والثقافي والاجتماعي والدمغرافي والسياسي ..الخ. يصعب علينا أن نعود في العام 1963 إلى العام 1505م ونحن نعرف أننا سنعود دون ممالك تقلي والمسبعات وغيرها، ونتخلى عن كل ــ أو معظم ــ ولايات الجنوب !! ثمّ يأتي أحدهم ليقول :" والله إنتو مابتفهموا .. العودة إلى سنار هي فقط مشروع ثقافي، تعني انصهار الفونج والعبدلاب كنموذج، ولكنها أبعد من ذلك لأنها احتوت على أبيات ما استطعتم فهما بفهمكم القاصر، لأنّ " الغابة والصحراء أمرأة عارية تنام على سرير البرق .. في انتظار ثورها الإلهي .. الذي يزور في الظلام"" !! ولأنّ فهمكم القاصر لم يستوعب "اتساع دولة سنار لأنها "سنارْ ..تُسفرُ في بلاد الصحو جُرحاً .. أزرقاً ، قوساً ، حصاناً .. أسود الأعراف ، فهداً قافزاً في عتمة الدم ، معْدناً في الشمس ، مئذنةً نُجوماً في عظام الصخر ، رُمحاً فوقَ مقبرةٍ كتاب." سنار كانت تشمل كل هذا التهويم الذي فات عليكم فهمه ..!! والله عجيب .. دولة سنار معروفة ، هي لاتشمل كردفان ولا ولايات دارفور ولا ولايات الجنوب، ثمّ تقولون ــ استناداً على هذا التهويم ــ إنها الأشمل ؟ والغريب أنّكم تقولون أنها الأشمل بمعزل عن الحيز الجغرافي ..!!
(2)إذا ألغينا الجدال في النقطة السابقة، وأبقينا على مشروع العودة إلى سنار على أنه مشروع ثقافي يعالج الانصهار فقط، يعني انصهار العروبة والزنوجة في دولة إسلاميّة، هكذا كنت دولة سنار .. السؤال هو : أليست هذه هي أنشودة الحركة الإسلاميّة ذاتها التي كتبها سيّد الخطيب في بداية السبعينيات، ثمّ أحالوها إلى "جلالات عسكريّة" وهم يتدربون التدريب العسكري ضد مايو يرددون :" سنار موعدنا .. ياباغون .. سنار موعدنا يا باغون ...سنار موعدنا...جئناك يا سنار بالجحفل الجرار كالوابل المدرار نعدوا لهم عدواً ..الخ" إن كان مشروع عبد الحي خالٍ تماماً من الحيز الجغرافي، ويعني فقط انصهار القوميات في دولة سنار "الإسلاميّة كما هو معلوم" فإنّ مشروعه يتطابق تماماً مع مشروع الحركة الإسلاميّة ..
وإن كان مشروع عبد الحي بالعودة إلى دولة سنار هو فقط مشروع الانصهار القومي داخل الدولة الإسلاميّة، فإنّه هو ذاته مشروع دولة المدينة، حيث تعايش فيها غير المسلمين، وانصهرت القوميات داخل الدولة الإسلاميّة، صهيب الرومي مع بلال الحبشي مع أبي بكر القرشي .. هل هذا هو مشروع العودة إلى سنار؟ سواءً كان بالحيّز الجغرافي؟ أو بدونه؟ نرجو تفكيك المشروع بدون عصبيّة أو تهويم .. ولك الود والاحترام
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الراحل محمّد عبد الحي أوّل من أسس مثلث حمدي !! (Re: عبدالله الشقليني)
|
Quote: على ذاك، غير أنّ عبد الحي لم يسجّل موقفاً ضدها ..!! |
تحيه تجانى عبدالحى كشاعر وأكاديمى ومفكر سلاحه أبدا يظل الكلمة فى محاربة القبح والتعسف السياسى وإذا اعدت مداخلاتى الاولى بهذا البوست تجدنى احلتك الى 12 قصيدة نشرت فى الصحافة عقب زوال مايو مباشرة الى جانب الكثير من قصائد حديقة الورد الاخيرة ويمكنك ان تضف لها مسرحيته الشعرية "رؤيا الملك" التى استلهمت المعمدان وسالومى كل ذلك لمن يتامله بذهن مفتوح يندرج فى باب شعر المقاومه للقهر السياسى لفترة مايو وهذا هو السلاح الوحيد الذى يملكه عبدالحى الكلمة الحية التى تجعل سياسى عتيد كونستون شرشل يؤكد استعداد امته للتخلى عن مستعمراته كلها مقابل عدم التخلى عن بيت شعر لوليام شكسبير إيمانا منه بقيمة الكلمة فى بناء الامة ومستقبلها وهذا ماتركه عبدالحى لإمته... تحيه وتقدير للمهندس المحترم الاخ عبداللة الشقلينى...ومابدأ خروجا عن المتن الى الحواشى ربما مبعثه محمد عبدالحى الذى يثرى الحوار بتراثه الذى حلفه....
| |
|
|
|
|
|
|
|