رحل سيد الغابة والصحراء...(حــــق) تودع النور عثمان أبكر

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 12-15-2024, 04:34 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة د.شذى بله محمد(شذى بله محمد&أيزابيلا)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-07-2009, 05:08 AM

أيزابيلا
<aأيزابيلا
تاريخ التسجيل: 11-26-2004
مجموع المشاركات: 2385

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
رحل سيد الغابة والصحراء...(حــــق) تودع النور عثمان أبكر

    رحل سيد الغابة والصحراء ... خبا النور المضيء

    حركة القوى الجديدة الديمقراطية (حق) تودع النور عثمان أبكر



    برحيل الشاعر الكبير النور عثمان أبكر إنثلمت قمة ثقافية شاهقة، وسقطت شجرة وارفة و مثمرة، وغابت عنا روحا عذبة وجميلة.

    كان النور رائداً عملاقاً لجيل جسد وطنه فتوة وتوثباً وطموحات وأشرعة مفتوحة لرياح التجديد، وظل وفياً لدور المثقف الوطني، مهموماً

    بالضعفاء والبسطاء والمساكين الذين وهبهم أعذب شعره، منحازاً لقضايا الشعب، مسكوناً بالوطن، عاشقاً لنسيجه المتنوع، وهويته المتعددة

    المركبة التي اصطلى بتشظيها وانعجم عوده في أتون حرائقها.

    رحل النور عنا، وله أن ينام قرير العين بعد أن حفر إسمه في سجل الخلود. فقد كتب "شعراً لا تخطئه العين الحرة، لا تطفئ جذوته غيلة

    أبناء السوء"، و وضع قضية الهوية في مركز دائرة الحوار الوطني . رحل النور شاهداً "إن الشمس الشارقة اليوم على أوجاع الشعب، شمس

    شوهاء، والشرفاء..., يجنون الزمن الطارق أبواب الشهداء"، ورحل النور مغنياً "مولاي الشعب الأسمر .. خذني، فأنا المعشوق العاشق، وأنا

    الحادي والناي .. ونبض الريح الخلاقة ..، ما بي من تيه الدنيا حكر، لا أطمع في شيء بيديك، لا أحمل غلاً أو أملاً، أملي لقياك .. وسعادة

    يومين كبيرين بين يديك .. ما زلت عزائي يا وطني".

    في حركة القوى الجديدة الديمقراطية "حق" إذ نعزي أنفسنا، وإذ نقدم تعازينا لأسرته، ولأصدقائه، ولزملائه، وللكتاب والشعراء والفنانين

    والأدباء السودانيين، ولشعبنا المكلوم، نقول للنور عثمان أبكر وداعاً .. وداعاً يستحضر كل الكلمات المنسية، مضمخاً بالعشب والزهر،

    رياناً من نهر ليس كما السحب. ألا طبت حياً وميتاً يا سيد الغابة والصحراء
    .

    حركة القوى الجديدة الديمقراطية (حق)
    الخرطوم 6 فبراير 2009
                  

02-07-2009, 05:30 AM

Tariq Mohamed Osman

تاريخ التسجيل: 03-23-2007
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
وداعا (Re: أيزابيلا)

    سلام
    على النور
    فى العالمين
                  

02-07-2009, 05:39 AM

Emad Abdulla
<aEmad Abdulla
تاريخ التسجيل: 09-18-2005
مجموع المشاركات: 6751

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رحل سيد الغابة والصحراء...(حــــق) تودع النور عثمان أبكر (Re: أيزابيلا)


    ( روعة الفن الأصيل أن يُحيل العفن الجاري :
    منارات .. قممْ .
    ربِ هب لي تاج عُريٍ .. خلني أفني لذاذاتي ..
    أغني : سفر تكوينٍ جديد ) .


    ......
    إن لم يكن سيد الغابة و الصحراء .. و رائد التنوير و التجديد ..
    إن لم يكن المُبَشِر و الثوري المتمرد و المفكر و الإنسان صنيع هذه الهوية السودانية المتاهة الأجمل و الأعلى ..
    و ابن هذا الكون الإنساني البهي المتسع .
    إن لم يكن كل ذلك و اكتفي بالمنفستو الشعري أعلاه .. لكفاه .

    وداعاً جميلاً سيدي النور .

                  

02-07-2009, 05:41 AM

قاسم المهداوى
<aقاسم المهداوى
تاريخ التسجيل: 11-26-2004
مجموع المشاركات: 8640

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رحل سيد الغابة والصحراء...(حــــق) تودع النور عثمان أبكر (Re: أيزابيلا)

    ايزا ...
    (سلفاتور الليندى )

    عميق حزنى
    و.... ياكلنا الزمن القاسى
    انا لله وانا اليه راجعون





    قاسى المهداوى
    هامش
    فقط خالص عزائى وعميق حزنى !!!!!

    (عدل بواسطة قاسم المهداوى on 02-07-2009, 05:45 AM)

                  

02-07-2009, 08:22 AM

سمير شيخ ادريس
<aسمير شيخ ادريس
تاريخ التسجيل: 01-14-2009
مجموع المشاركات: 1162

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رحل سيد الغابة والصحراء...(حــــق) تودع النور عثمان أبكر (Re: قاسم المهداوى)

    رحم الله الشاعر الكبير النور عثمان أبكر ...
    هل هذه تعزية شخصية أم بيان تعزية بتكليف من حركة حق ..
    لنفهم شيئا ليسهل لنا المخاطبة
                  

02-07-2009, 10:21 AM

بدر الدين الأمير
<aبدر الدين الأمير
تاريخ التسجيل: 09-28-2005
مجموع المشاركات: 23222

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رحل سيد الغابة والصحراء...(حــــق) تودع النور عثمان أبكر (Re: سمير شيخ ادريس)

    Quote: رحل سيد الغابة والصحراء...(حــــق) تودع النور عثمان أبكر


    شكرا (لحق)الحركة الصغيرة التى تدرك مقام النور .. ومقامات النور...
                  

02-07-2009, 05:31 PM

مدثر محمد ادم

تاريخ التسجيل: 12-17-2005
مجموع المشاركات: 3016

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رحل سيد الغابة والصحراء...(حــــق) تودع النور عثمان أبكر (Re: بدر الدين الأمير)

    احر التعازي للشعب السوداني

    وكل مبدعي بلادي في فقيد الفن والروعة


    الاستاز الشاعر الهامة النور عثمان ابكر


    مدثر تيف تيف
                  

02-07-2009, 05:44 PM

Yassir Bainwi

تاريخ التسجيل: 09-13-2008
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رحل سيد الغابة والصحراء...(حــــق) تودع النور عثمان أبكر (Re: مدثر محمد ادم)

    سلاما سلاما سلاما
    النور في الخالدين

    ونحن يتامي الشعر نبكيك
    بالدمع الثخين



    يا ايزا النور يتمنا ورقد
                  

02-07-2009, 06:03 PM

حيدر حسن ميرغني
<aحيدر حسن ميرغني
تاريخ التسجيل: 04-19-2005
مجموع المشاركات: 27722

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رحل سيد الغابة والصحراء...(حــــق) تودع النور عثمان أبكر (Re: مدثر محمد ادم)

    قالت الأزهار

    هذي الارض للشعر ولي

    وإذا ما شاعر عنها رحل

    نصف عطر الأرض .. نصف الماء

    نصف الظل والضؤ رحل

    سليمان العيسى في رثاء نزار قباني


    نسأل الله أن ينزل شأبيب رحمته ورضوانه على روح الشاعر الراحل النور عثمان أبكر

    شكرا لحق ولمخاليقها الوفيين
                  

02-07-2009, 10:16 PM

بدر الدين الأمير
<aبدر الدين الأمير
تاريخ التسجيل: 09-28-2005
مجموع المشاركات: 23222

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رحل سيد الغابة والصحراء...(حــــق) تودع النور عثمان أبكر (Re: حيدر حسن ميرغني)

    حياة النور غابة وصحراء
    نشأة النور غابة وصحراء
    مواقف النور غابة وصحراء
    سلوك النور غابة وصحراء
    جاسرة النور غابة وصحراء
    وجودية النور غابة وصحراء
    رحيل النور غابة وصحراء وولخ...


    تنهدات:معرفة النور صحراء تغيب العارفين
    وهو غابة لايمكنك دخولها من غير معرفة ...
                  

02-08-2009, 00:39 AM

Masoud

تاريخ التسجيل: 08-11-2005
مجموع المشاركات: 1623

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رحل سيد الغابة والصحراء...(حــــق) تودع النور عثمان أبكر (Re: بدر الدين الأمير)

    رحم الله النور.
    البركة فيكم يا ناس حق وفي السودان الذي أنجب النور وسينجب أنواراً أُخَر قادمات إن شاء الله.
                  

02-08-2009, 09:33 AM

بدر الدين الأمير
<aبدر الدين الأمير
تاريخ التسجيل: 09-28-2005
مجموع المشاركات: 23222

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رحل سيد الغابة والصحراء...(حــــق) تودع النور عثمان أبكر (Re: Masoud)

    مازلت عزائى ياوطنى
    هذه القصيدة للنور كانت في طور وضع فكرة اللحن لها من قبل مصطفى سيداحمد
    تجد فيها الكثير من روح اغنية خليل فرح ( ماهو عرف قدمو المفارق)

    مازلت عزائى ياوطنى
    أقف اليوم برأس حاسر
    وبقية شىء من نفسى
    ونقاء وجيبى:
    لك أن تسلخ جلدى
    وأن تغسل كل جراحات الأيام
    بدمى
    أن تلبسنى
    تطعم من كبدى
    أن تلقمنى أطفالك
    مولاى الشعب الأسمر خذنى
    فأنا المعشوق العاشق
    وأنا الحادى والناى
    ونبض الريح الخلاق
    ما بى من تيه الدنيا حكر
    لا أطمع فى شىء بيديك
    لا احمل غلا أو أملا
    أملى لقياك
    وسعادة يومين كبيرين
    بين يديك
    ياوطنى
    لاتشك الحال من الأبناء
    خرجوا للقاء
    ويعود العشاق الشرفاء
    مازلت قويا ياوطنى
    وفتيا مثل شراستنا
    وصفاء ليالى بهجتنا
    مازلت عزائى ياوطنى
                  

02-09-2009, 10:26 AM

بدر الدين الأمير
<aبدر الدين الأمير
تاريخ التسجيل: 09-28-2005
مجموع المشاركات: 23222

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رحل سيد الغابة والصحراء...(حــــق) تودع النور عثمان أبكر (Re: بدر الدين الأمير)
                  

02-09-2009, 11:45 AM

أيزابيلا
<aأيزابيلا
تاريخ التسجيل: 11-26-2004
مجموع المشاركات: 2385

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رحل سيد الغابة والصحراء...(حــــق) تودع النور عثمان أبكر (Re: بدر الدين الأمير)
















    تحياتى للجميع

    - لى عودة
                  

02-09-2009, 10:00 PM

محمد أبوجودة
<aمحمد أبوجودة
تاريخ التسجيل: 08-10-2004
مجموع المشاركات: 5265

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رحل سيد الغابة والصحراء...(حــــق) تودع النور عثمان أبكر (Re: أيزابيلا)



    تحيتي ،، إيزابيلا ..

    وأصدق العزاء في الفقيد الراحل الشاعر والمثقف الأستاذ/ النورعثمان أبـكر ..

    تحية للجميع ، هاهنا، وللأعزاء والعزيزات بحركة القوى الجديدة الديمقراطية - حق .

    وأصدق آيات التعازي للأجـلاّء صُحبة ورِفقة العزيز الراحل "النور" عارفي فضلِـه وذاكري مزاياه ومؤبـِّنيه بـجميل الذّكر والإبداع وبالحديث ذي الشـجون، طارفِه وتليده : كمال الجزولي، محمد المكي ابراهيم، عبدالله علي إبرهيم، عالم عباس ، فضــيلي جمـّاع، مبارك بشـير ، إبراهيـم اسـحق و كمال الجزولي .


    غابة المساء تحمل العشاق للنجوم .. بقلم كمال الجزولي *

    kamalgizouli{at the rate of}hotmail.com

    (1)
    أخطر الصداقات تلك التي تكون مع من يكبرك بسنتين أو ثلاث، فإنه يجنح، عندئذٍ، لأن يكون بطلاً وليس صديقاً .. تراه كبيراً ويراك نفس ذلك الصغير! ثم تأتي يد الزمان القاسية لتمسح تقاسيم وجهه ووجهك، فلا تعدم من يسألك: أيُّكما الأكبر سناً! كنت ولا أزال محباً للنور عثمان أبَّكر، عليه الرحمة، فيكفي أن يكتب سطراً واحداً من شعر أو نثر ليعود زماني القهقرى، وأعود نفس المعجب القديم. ومثل كل العشاق لا أحتمل منه ما يحمل دلالة الهجران! كان أسطورة منذ ابتداء أمره .. أسطورة رياضية، ثم أسطورة اجتماعية، ثم أسطورة أدبية. كان مبدعاً في كرة السلة حتى سنته النهائية بالجامعة، وبعدها لم أره يقترب منها! وكان ناقداً أبدياً للسلوك الاجتماعي التقليدي، لا يهمه رضاء من يرضى ولا عتب من يعتب. وكان شاعراً وكاتباً طليعياً لا يأبه لمن يتهمه بالغموض! دخل كلية القانون، وبعد عامها الأول استأذن منصرفاً عنها إلى حيث هواه في دراسة الآداب. أكملها في أربعة أعوام، وعرضوا عليه عاماً خامساً لدرجة الشرف، فاختار أن يقضيه في ألمانيا بدلا من المدرج الجامعي! ثمَّ ما لبث أن أعداني أنا أيضاً بالسفر إلى هناك. كان يتعشق مسيحية أو ربما بهائية سودانية. وكما هو الحال في كل قصص الجامعات نهض بينهما حاجز الدين، ولم يبرأ جرح حبه إلا حين وجد مارغريت! كانت طويلة، رشيقة، بعينين زرقاوين، وسمت ملائكي؛ وباختصار كانت حسناء جداً. وبعد تعارفهما الأول لم يُعرِّفها على أحد غيري من بني جلدته!
    سألتني: ـ "هل أتزوجه؟ هل أذهب معه إلى السودان"؟! قلت: ـ "نعم، سيكون ذلك مغامرة ممتعة"!
    وفي أيام كفاحهما الأولى كانت تقول لي ضاحكة: ـ "إنها نصيحتك، أنت الذي نصح بكل هذا"! وبعد عشرين عاما صرت أقول لها:ـ "أنا الذي ساق إليك كل هذا الهنا"! كان يغني مع شاعر البلوز: "أكره أن أرى شمس المساء تجنح للمغيب I hate to see that evening sun go down"؛ ويغني من حواري بورسودان: "اليشيه صبي لينا دوما"؛ ويغني لشرحبيل: "ودوِّر ودوِّر ودوِّر .. في رقصة المامبو"! وكان، عليه رحمة الله، يعرف أشياء كثيرة جدا لا يعرفها السوداني، عادة، إلا بعد طول رهق! فمنذ شهرنا الأول في أوربا كان يشرح استخدام الشوكة والسكين، وطريقة أكل الاسباجيتي بالشوكة والملعقة، والفرق بين البفتيك والاستيك، والرقص على طريقة (إتحرك ولا يهمك)! كان مغرماً بالأشياء الغريبة الجديدة مثل عصيدة الدم، والسجق الأبيض، ولحم الغزلان المطبوخ، وأشعار محمد الماغوط وخليل حاوي ويوسف الخال. وفي مفكري السودان كان هواه منصرفاً إلى اثنين:عبد الله زكريا والشهيد محمود محمد طه، وكان حبه لزكريا شبيها بمحبتي له، ففارق العمر بينهما بضع سنوات.
    في شهورنا الأولى بألمانيا اشتغلنا عند أحد المقاولين، وكان الجو رديئاً، فالربيع في بافاريا لا يأتي إلا بعد سل الروح. وفي أبريل ينزل مطر وجليد، وتخرج شمس ملثمة عمياء. وخلال ذلك تطل علينا الشقيقة الصغرى للمقاول في ثياب صفر وبيض، ملتمعاً وجهها بنظافة بهيجة، ومستمتعة بشبابها الغض وشعرها الهفهاف، فأنبِّه النور إليها ببيت شعر المتنبي: "يا أختَ خير أخ/ يا بنتَ خير أبِ/ كِناية بهما عن أشرفِ النَّسَبِ"! وذات يوم أطلت الحسناء الصغيرة فصاح أحد رفاق العمل بفصاحة ما بعدها فصاحة:
    - "النور .. أهتا هيرا"! .. لا شيء يدوم في هذه الدنيا .. لا الصحة، ولا الشباب، ولا الرفقة الجميلة، ولا الذكريات الحسان، فهي أيضا تتغبر في ركام الأشياء المنسية، وفي خيانات الذاكرة وهي تهتريء وتشيخ، وفي انقلابات العمر التي تشبه في عبثيتها انقلابات السودان. ولذلك لا ينبغي أن نشدد قبضتنا على الأشياء لأنها زائلة .. لا أعني الأشياء وإنما أعني القبضة ذاتها!
    محمد المكي ابراهيم
    لوس انجلوس ـ كاليفورنيا


    (2)
    جاء النور إلى جماعة الكتاب والفنانيين التقدميين (أبادماك) في كبرها. كان ذلك نحو عام 1970م، بعد عودته من بعثة بمدينة (ليدز) بإنجلترا، وكانت بعثة من تلك البعثات المعلومة لمدرسي اللغة الإنجليزية بالمدراس الثانوية ضربة لازب. لم يأتنا النور في وقت شبيبتنا حين كنا في "يوم المهرجان" كما غنى الكاشف، وأعني به برامجنا التي نفذناها في 1969م وأوائل السبعينات، وقد وفرت لنا فيها حكومة نميري "التقدمية" فضاءات للحركة، فعقدنا (مدينة الثقافة) بالمقرن، ومن مواردها موَّلنا قافلتنا الثقافية لقرى الجزيرة، وانشغلنا من تلك القري بقرية (برتبيل)، فأقام بين أهلها نفر منا يدربونهم على فنون المسرح والرسم. جاءنا النور وقد بدأنا نواجه ردة "النظام التقدمي" عن حرية التعبير للثوريين على الأقل. فقد احتججنا على تأميم الصحف بطريقتنا. ثم استنكرنا قيام (المجلس الأعلى للفنون والآداب) علي سُنة مصر التي جعلت الدولة منتجاً للفنون لا راعية لها! ثم احتججنا على اعتقال الأستاذ عبد الخالق محجوب ونفيه إلى مصر. وظللنا نحتج ونحتج حتى كتبنا في دفتر الحكومة متمردين لحوحين! جاءنا النور طويلاً كالرمح، كأبنوسة مياسة من الجوغانة الزرقاء. أدهشني بحضوره بيننا هكذا في تلك الأيام المدلهمة التي جفانا فيها حتى عتاة الصحاب سأماً من قحاحتنا السياسية، أو انقساماً من مترتبات الشقاق العظيم، وقتها، في الحزب الشيوعي. واستغربت لوفوده إلينا بالذات، فقد عاصرته في جامعة الخرطوم. كنا في طابق الصف الشمالي الأول من داخلية النيل الأبيض، أي كلية القانون الحالية. كان في ركن الصف الجنوبي، وكنت على بُعد غرف منه قليلة. كان (وجودياً) سافراً نلقاه في (رابطة أدباء الجامعة) لماماً. ثم هو رياضي تزود لصنوف الرياضة المختلفة بحراب ومحجان وشباك وكور مختلف ألوانها أكاد أراها بعين الخيال متكئة على الحائط الغربي للغرفة حيث سريره. وانطبع عندي، أنا (كلبُ حرِّ) الشيوعيين والجبهة الديمقراطية وما شئت، بأنه نبت (براجوازي) في الظل، حتى علمت أنه ابن سوَّاق ما من جملة الناس!
    جاءنا ثم صار واحداً منا في سكرتارية (أبادماك). وهي سكرتارية في حالة انعقاد يومي وليلي أيضاً! كنا في قول خليل فرح "الزملا النجاب"! كان أنيساً جداً، وبه (لجَنَة) يلثغ بها في براءته الجذرية. لم يكن ليتحسب للأشياء مثلنا نحن الذين دبغتنا الشيوعية بفراكشناتها واجتماعات سلخ ناموسها! كان لا يري صعباً في الذي نستصعبه، وكان يري مطلبنا بالحق بداهة تستقيم نحوها خطوطه بينما تتعرج خطوطنا! ولا أدري حتى اليوم كيف أمن النور للشيوعيين ورفاق طريقهم هكذا! لربما أعدته ثورة الستينات الأوربية فأخرجته من مجرد الإبداع إلي تأمين شروطه من مثل كفالة حرية التعبير وكرامة المبدع وبلوغ الناس بالإبداع.
    يقيم كثير من النقاد حاجزاً بين (الغابة والصحراء)، والنور فارس مغوار مؤسس من فرسانها، وبين (أبادماك). ويقرأ بعضهم من موقفي من الهوية السودانية، الموصوف بـ (العروبي) على أيامنا هذه، تناقضاً بين الغابيين الصحراويين الأفروعروبيين و(أبادماك). ولعل في رحلة النور من (الغابة والصحراء) إلى (أبادماك) ما يفكك اللغز. فكلنا في ذلك الجيل كنا (غابة وصحراء) نظراً لمعطيات ثقافية لا يتسع لها المقام هنا. بل كان يمكن لتجمعنا أن يسمى بـ (سنار)، كما اقترح أحدهم في اجتماعنا الأول، لولا استظرافنا لاسم (أبادماك) بحيثيات أضحت معروفة. فلم يكن شغل (أبادماك) عقيدة إبداعية، ولو كان كذلك لربما أهمله النور، ولكننا اشتغلنا بحرية الإبداع. نشأنا باكراً، في شتاء 1968م، في سياق التعبئة لنصرة هذه الحرية ضد تعدِّي الاتجاه الإسلامي على (حفل العجكو) المعروف. وكان من بين المحتجين ود المكي الغابي الصحراوي. وكان عبد الحي وقتها في غيبة أكاديمية بلندن. فالعازل الذي يقيمه الناقدون بين (الغابة والصحراء) وبين (أبادماك) وهمي ولا سند له في أصل الأشياء. فقد جاءنا النور الغابي الصحراوي وأبلى بلاء حسناً في قضية حرية التعبير. واذكر أننا عقدنا اجتماعات مناقشة مذكرتنا ضد قيام (المجلس الأعلى للآداب والفنون) بمنزله أكثر من مرة. وكنت، بعد تجهم نميري في مارس 1971م على الشيوعيين، أغشى تلك الاجتماعات بشيء من التحفظ والستر! كان النور إضافة مميزة لـ (أبادماك). كان موطأ الأكناف، عذباً، بـ (لجَنَته) تلك التي تحلى عفويته الجذرية. رحمه الله.
    عبد الله علي ابراهيم
    ضاحية الحاج يوسف ـ الخرطوم بحري


    (3)
    كنّا كأفراخ النسور نتحلق حوله في بواكير السبعينات العامرة، وكان نسراً كامل البهاء يطعمنا المعرفة. كانت داره بالصافية تتلقى أرتالاً منا نحن ناشئة الأدباء، زغب الحواصل، أقلامنا طرية، ومحاولاتنا تنهض وتكبو. كان يرى في البذور براعم مبشِّرة، وفي الزند المتساقط ناراً مقدسة على وشك الاشتعال. حفاوته وإيمانه بالشباب لا يماثله فيهما إلا العرَّاب الأكبر محمد المهدي المجذوب!
    لم نكن شباناً صرفاً، وإن كان أغلبنا، يومئذٍ، بين الثامنة عشر والخامسة والعشرين. وحين كان الكبار يملأون الساحة، كان النور يفرد لنا حيِّزاً معتبراً في الصفحة التي كان يشرف عليها في جريدة الأيام، حيث كانت محاولاتنا تجد مجالاً للنشر والتقويم، يستل منها ما يرى انه لا يستقيم، وينشر منها المفيد، ويعلق عليه، ويحاججك فتقتنع. كنا عجينة من صلصال ثقافاتنا السودانية المتنوعة، رمت بأكثرنا الأقدار في بوتقة العاصمة، ريثما نتشكل في مصهرها العظيم. جمعَنا حوله حبُّ الفن والأدب. ربما ذهبنا برفقة من كان سبقنا إليه، أو أرسلنا لبريده بعض أعمالنا فاحتفى بها ونشرها، فسعينا، بالفرحة، نتعرف عليه.
    في سمته مهابة، طرمَّاحاً مديد القوام في غير نحافة. لونه يغرق في سمرة داكنة لطيفة. يقبل عليك بكليَّاته، مصغياً بجميع حواسه، تشرق عيناه، ويضيء وجهه، فإذا تكلم أبان وأوضح. تخرج كلماته واثقة النبرة بلثغة محببة. حين ينطق (الرَّاء) فكأنما يقضم منها قضمة يملأ بها فمه فتخرج (راءً) ضلت طريقها نحو (اللام)! نسمعه بالعربية فنظنه لا يجيد سواها، والألمانية فلا يخالطها بغيرها. وهو أستاذ اللغة الإنجليزية، يدخل الصفَّ فينسي أية لغة إلاها. روَّض نفسه على انضباط لغوي صارم. وأتعجب أننا نلقم حديثنا عبارات إنجليزية كانت، أول أمرها، تنطعاً وادعاء معرفة، حتى استحكمت فصارت عادة ذميمة لازمتنا إلى اليوم! علمنا كيف نصغي، ونتحاور، ونتلمس مواضع الجودة في كتاباتنا، ونحتفي بها، ونصبر على النقد دون تنافس أو حسد أو تباغض! كان في الرفقة شمو والزبال وأبو كدوك وابراهيم اسحاق ومهدي بشرى وعثمان الفكي وعيسى الحلو وكمال الجزولي ومبارك بشير وصلاح حسن والسر مكي وسامي سالم وكثيرون يذهبون ويجيئون في داره الدافئة، وكرمه الندي، بين أسرته، وما أدراك ما أسرته، ومكتبته ويا لمكتبة النور! هنالك قرأنا لإليوت وباوند وشوينكا وأشيبي وواثيونق وسنجور ويوسف الخال وأنسي الحاج وأدونيس وسعدي يوسف وريلكه ونيرودا وبودلير وأوزبورن وناظم حكمت. ومن كنوز اسطواناته وتسجيلاته الأثيرة تعلمنا طقوس الاستماع إلى الموسيقى: من بيتهوفن وموزارت وباخ وهولدرلين وأرمسترونق وكولترين وجيمي هندركس وآيزاك هيز وبوب مارلي واستيفي وندر وديانا روس، وإلى المغنيين الشعبيين الذين لا يعرفهم أحد! وفي الأثناء كلبه باسط ذراعيه بالوصيد، يستمع إلى الشعر والموسيقى .. ويشاركنا الشواء النضيد! كان يرى في الشباب أعمق مما يرى الآخرون، ولديه الصبر والطاقة للغوص عميقاً في عوالمهم ووجدانهم. كان يشجعهم على الإفصاح والبوح والكتابة في الشعر والرواية والمسرح والموسيقى والرياضة، وفي كلٍّ أسهم بنصيب.
    إنتقل النور إلى نور أكبر في رحاب الرحمن الرحيم، وسنفتقده كثيراً، وسنحزن، لكنا لا نقول إلا ما يرضي ربنا: إنا لله وإنا إليه راجعون.
    عالم عباس
    ضاحية الجريف غرب ـ الخرطوم


    (4)
    كل من عرف النور، عليه الرحمة، يدرك أن كراسة الأدب السوداني وساحة الترجمة والنقد فقدت أحد أهمِّ أعلامها. وإذا كان الإبداع يعني، في جوهره، التمرد على النمطية، وكسر المألوف وابتكار غير العادي، فإن شخصية الراحل ذاتها انعكاس لهذا المعنى. ففي حين كانت الوظيفة إغراءً يسيل له اللعاب، كان أول ما فعل، عقب تخرجه في قسم اللغة الإنجليزية بجامعة الخرطوم في بواكير ستينات القرن الماضي، أن حمل حقيبته ودفتر أشعاره، وضرب، بصحبة صديقه الشاعر محمد المكي ابراهيم، طالب السنة قبل النهائية، آنذاك، بكلية القانون، في عمق المجهول، ليستقر بهما المقام في ألمانيا. فأيُّ أنموذج مبكر للرفض، وأيُّ خروج غير عادي على المألوف؟! هناك أخذ الفتيان المتمردان حظهما من السياحة، والتسكع، واكتناز المعرفة، وفضيلة الاندغام في عالم عمال الحوانيت والمصانع. عاد مكي بعد عام ليكمل دراسته في القانون وبمعيته ديوانه (أمتي) الذي صار أهزوجة الشباب من محبي الشعر. عاد مكي ومعه (الشرف الجديدة)، بينما بقي النور ليعود للوطن عشية 21 أكتوبر 1964م، والسودان يشهد تلك الانتفاضة التي بشر لفجرها النور ومكي وجيلهما. عاد النور ورفيقة دربه مارغريت التي أخلصت لوطن أنجب النور وشهد مولد بناتهما الثلاث.
    خصلتان ما فارقتا النور إلا برحيله الحزين: ضحكته المجلجلة، وقراءاته الموسوعية في ثلاثة ألسن يجيدها: العربية والإنجليزية والألمانية. كان يتحدث عن غيتة وشيلر ووردزورث، ثم يقارن بينهم وبين رصفائهم في الشعر العربي قديمه وحديثه، فلكأنه عاش زمان كل واحد منهم. كانت ذائقته النقدية رفيعة، وكان يجالس الكتب في لغاتها الأصلية بلا كلل. كان وفياً لأصدقائه، ودوداً، عطوفاً، متفقداًً لأدق أحوالهم، لا يتحدث عنهم سلباً قط. كان يثور متى تحدث أحدٌ عن صديق بما لا يسر. وليس نادراً ما كان هذا الرفض يبلغ مرحلة التضامن السالب مع الصديق متى أحسَّ النور، ولو خطأ، أن الحديث قد تجاوز محض التقييم النقدي. أذكر أننا اجتمعنا، ذات أمسية من أبريل عام 1995م، حول مأدبة أقامها على شرفي الشاعر الراحل علي عبد القيوم بمناسبة زيارتي للدوحة، وكان النور واسطة عقدنا. ودار الحديث عن دور الشعر في ثورة أكتوبر، وديوان (أمتي) وود المكي. فجأة ثارت ثائرة النور لِما ظنه حديثاً سالباً عن صديق عمره! لاحظ الجميع أن النور كان يخلط في دفاعه عن مكي بينه كصديق وبينه كشاعر يمكن تناوله بالنقد. حاولت تهدئة الموقف، إذ خشيت أن يؤثر غضبه المفاجئ على جمال جلستنا تلك، فقلت له ممازحاً: ـ "مكي البعرفو ذاتو لو كان موجود ما بزعل قدر دا يا أستاذنا .. أرجوك .. دي وجهة نظر عادية جداً"! وعقب مضيفنا على كلامي قائلاً: ـ "اليشوفك يا النور يقول الناس بتكره مكي .. شنو الحكاية ياخي"؟! لم تهدأ ثائرته إلا بعد أن أكدنا قيمة مكي في دفتر الإبداع السوداني. ورغم أنها كانت لحظات حرجة، إلا أنها أكبرته في نظري. وطننا اليوم أضعف من أن يتحمل رحيل قافية وكراسة نقد بحجم صاحب (صحو الكلمات المنسية)، فالتعازي لزوجه وبناته وأحفاده وذويه، ولشعبنا كله، ولأصدقائه في الدوحة وفي السودان وفي كل بقاع العالم، وتعازيَّ الخاصة لمكي.
    فضيلي جمَّاع
    مسقط ـ سلطنة عُمان

    (5)
    ما، تراه، حمل هذا الشاعر الضخم، فارع الطول والقصيد، إلى الحفاوة، فى عقد السبعين من القرن المنصرم، بأيفاع الشعر وأشبال الكتابة بقلمِ البوصْ، ضمن زمرة تلاميذ أشقياء ما سعدوا بتذوق الإنجليزية على يديه في (وادي سيدنا) أو (المؤتمر) سنوات ما قبل الزلزال المدرسي؟! وأي حظ جميل جمعنا، زمنَ التقاطعات المفصلية، بجيل (الشَّهابَيْن): النور عثمان ابَّكر وعبد الله علي ابراهيم، يُذكران، عليهما صلاة الحبيب المصطفى، فى مقام النديهة، هكذا ثلاثياً؟! بل كيف النور الذى مضى، نهار الأربعاء الفائت، بمشفى حمد بالدوحة، ما يزال بيننا على (كيفه) الخاص، بقامته السامقة كجبل التاكا وفنار سنجانيب، وبلباسه المبسَّط الأنيق الذي هو بعض علاماته الرياضية، وسماحته الأفريقية، وفي النفس شئ، ما يزال، من "لست عربياً.. ولكن"! كان قريباً من أهازيجنا الطفلة وأحلامنا الصبية. يتقصَّانا كان، ويتسقط أخبارنا، في حله وسط أسرته الطيِّبة، كما وفي ترحاله زمان اغترابه المديد. (يتعلمُ وجْهَنا) فى بيته الأليف ذاك بالصافية، يرعى حديقته بأنامله (عُشباً وزَهْراً)، وحلقة سمره عامرة دوماً يزيِّنها حضور المجذوب البهي، حيث (للكَلِماتِ صَحْوٌ) من سباتها العميق، وللقوافي قدرة على (الغناء) الجميل الجديد!
    كيف ترى المِحْنَة يا .. كمال؟! كيف، ترانا، قادرين على تجرُّع هذا الفقد المتواتر، عزيزاً وراء عزيز .. من العيار الثقيل؟! كيف والوداع يفضح ضيق أمد (التأشيرات)، والوقت ينذرنا بالرحيل؟! كيف والأحباب يلملمون أحزانهم في الغسق .. ويمضون؟! كيف قبل ختم ألواحهم المجدلية .. يمضون! بين صَهد المهاجر وعسف المنافى .. خلسة يمضون! وها هو النور في ركابهم يمضي! (يتعلم وجه الوطن) .. ويمضي! فى الإشارات والإيماءات .. يمضي، وفي الترميزات التي اختزلها شيخنا المجذوب فى كلمات ثلاث: "النور شاعر كوني"! الآن جاء يوم شكرك يا حبيب الأطفال والشعراء الشباب والحناجر الصوادح. يا عاشق الموسيقى الكلاسيكية والمحدثة فى صعودها الباذخ إلى حيث تنغلق دائرة المستحيل، ويكتمل القصيد الكوني عميق الأغوار، وتشتبك هجرة الغريب الباكرة إلى مدائن الأنجم الزرق بتذكارات الطفولة الندية في مراتع الشرق .. جاء يوم شكرك! ويا أيها السابح باللغة الشاعرة، العابر (نهراً ليسَ كالسُّحب)، المفجِّر الوسيم لابتدارات الدهشة والألق .. جاء يوم شكرك! فلكم أنت عزيز علينا يا من كنت قطب دائرتنا الرحبة، محباً لغمارنا، ورأساً على أخيارنا، وصديقاً حميماً لصغارنا، وأباً حانياً لناشئة مبدعينا، وصدوقاً مع الذات فى أحوالها المتغيرة، متى وكيفما صفا المزاج الشاعري أو احتدم! وإنا لفقدك لمحزونون، الآن وإلى الأبد، إنساناً جميلاً، وشاعراً حداثياً مبدعاً، ورمزاً ثقافياً عظيم الفاعلية والعطاء.
    مبارك بشير
    شمبات الجنوبية ـ الخرطوم بحري

    (6)
    ذكرته بامتنان شديد في ثلاثة كتب صدرت لي. المرة الأولى عام 1977م في معرض العرفان بالعون الذي قدمه لي هو وعبد الله حامد الأمين ومحمد عبد الحي وقيلي أحمد عمر، يرحمهم الله جميعاً، وذلك في خروج مؤلفي (الحكاية الشعبية في أفريقيا). وفى 2001م كتبت إهداء (أخبار البنت مياكايا) للنور. وفى 2004م نوّهت في التوطئة لرواية (فضيحة آل نورين) بأن أصولها ضاعت بعد اغترابى عام 1983م حتى وجد النور النسخة الخطية المبيضّة في منزله عام 2002م فبعث بها اليَّ بريدياً من الدوحة إلى الرياض، حيث نشرت.
    فماذا يستطيع شخصٌ مثلي غير أن يعترف بأنه إنما وصل إلى ما وصل إليه، بعد منن الله عزَّ وجل، من خلال العناية والرعاية التى قدمها إليه رجال مثل هؤلاء الأربعة. كان النور في 1973 ـ 1978م رئيساً لشعبة اللغة الإنجليزية في ثانوية محمد حسين بأم درمان، يتدردق بتلك الفولكسواجن الحمراء العتيقة التي فى قزامتها لا تخفي تناقضها مع عملاقية النور! وكان من الفوادح أن يخرج من الفلوكس الرقم عشرة كما يسموننا، النور وشخصي الضعيف! ولأن المسؤلية التعليمية كلها على رئيس الشعبة فقد تدلعت كما ينبغي لي فى مكاتبنا بالدور الأول من المبنى، أؤدى حصصي الست عشرة، وتفترش طاولتي الضخمة المسودات التي خرجت منها على الأقل تسع قصص قصيرة وروايتا (ميكايا) و(الفضيحة).
    وهناك الضيافة الأسبوعية لأبناء جيلي من الشعراء والقصاص فى بهو وحديقة منزل النور بالصافية فى ظل الترحيب من أسرته الكريمة. هناك تعلمنا أصول النقاش الثقافي، ولقيت الفراغات المفاهيمية لدينا شواغل معرفية تمددت على الساحة العالمية وحفرت فى السودانيات. ثم أبقى النور عنايته بى وهو فى الدوحة، فالأعمال التى نشرت لى فى مجلتي (الدوحة) و(المأثورات الشعبية) كلها أزال قلمه منها قشور النقص العلمي.
    سأفتقد بشدة ذلك الصوت الأجش الذى ظل لعقدين من الزمان يأتيني عبر الهاتف وأنا فى الرياض أو في أم درمان، وشاء الله تعالى ألا نلتقى منذ 1982م. وستكون مثلي في الامتنان للنور جمهرة من مبدعي السودان. وعطاء النور الإبداعي والنقدي والفكري يمكنه من مقام رفيع في الإرث السوداني. ويبارك الله تعالى فى عقبه، وفى مارجريت الألمانية السودانية التي شرفتنا بمرافقتها في عطاء العمر لأكبرنا قامة وجدانية. إنه إن يذهب عنا هذه الأيام، فإننا نراه يترك بيننا نتاج ذهنه الوقاد، وما زرعه فينا من فهم وتحسس، ثم يأتمننا على إيزيس ولالا وماجدولين .. ومُوّرث مثل هذا يُفتقد كيانه، وتخلد مآثره.
    إبراهيم إسحق
    الثورة ـ أم درمان

    (7)
    إلى أينْ،
    يا حُداةَ القافِلةْ؟!
    إلى أينْ؟! يَنسَلُّ واحدُكم من خلفِ واحدِكم،
    لكأنَّ الموتَ عُرسٌ في ..
    فضاءاتِ النَّشيج القاحِلةْ
    وكأنَّ الأغنياتِ، وهيَ تستديرُ ..
    في رَمادِها، لا تستديرُ إلا جَذوة .. للإنكِسار،
    الاعتذار والأسى،
    أنظروا ..
    تَسَنَّهَ الطعامُ،
    يا أحبَّتي،
    والخبزُ في السِّلال
    صار يابسا، وفي الجِّرار غاضَ الماءْ!
    ........................
    ........................
    إلى أينْ، يا حُداةَ القافِلةْ؟!
    ناءَتْ ظهورُ الخَيْل بالوُجُوهِ الخضر،
    والأسماءْ، وبالذكرياتِ الآفِلةْ!
    كمال الجزولي
    الهجرة ـ الخرطوم بحري



    ----------------

    * منقول من " سـودانايل".. تحت الرابط التالي:

    http://www.sudanile.com/arabic/index.php?option=com_con...:aaaaaa&Itemid=55[/B]
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de